بحث حول الوعد بجائزة عن عمل بإعلان وتسمي أيضا بالجعالة المنصوص عليها في المادة 162 من القانون المدني وأثر اخلال الواعد بالجائزة وحق رفع دعوي المطالبة بالجائزة خلال ستة أشهر من تاريخ اعلان العدول عن الجائزة للجمهور

الوعد بجائزة في المادة 162 مدني

الوعد بجائزة عن عمل

تنص المادة 162 مدني علي
  1. 1- من وجه للجمهور وعدا بجائزة يعطيها عن عمل معين التزم بإعطاء الجائزة لمن قام بهذا العمل ولو قام به دون نظر إلى الوعد بالجائزة أو دون علم بها.
  2. 2- وإذا لم يعين الواعد أجلاً للقيام بالعمل جاز له الرجوع في وعده بإعلان للجمهور على ألا يؤثر ذلك في حق من أتم العمل قبل الرجوع في الوعد.
  3. وتسقط دعوى المطالبة بالجائزة إذا لم ترفع خلال ستة أشهر من تاريخ إعلانه العدول للجمهور.

الوعد بجائزة في النصوص العربية المقابلة

 هذه المادة تقابل من نصوص المواد العربية ، السوري م163 ، اللبناني م179 ، الليبي م164 ، العراقي م185 .
وقد جاء بالمذكرة الإيضاحية أنه

الجوهري في هذا الصدد هو إبراز وجع انفراد الإرادة بترتيب التزام الواعد فهو يلتزم بمشيئته وحدها إزاء من يقوم بالعمل المطلةب ولو كان يدهل صدور الوعد

كما جاء بمذكرة المشروع التمهيدي أنه يجب التفريق بصدد هذا الوعد بين ما إذا كان الواعد قد حدد مدة لوعده وبين ما إذا كان قد ترك المدة دون تحديد ففي الحالة الأولى يلتزم الواعد نهائيا بمشيئته وحدها دون أن يكون له أن يعدل عن وعده خلال المدة المحددة فإن انقضت هذه المدة ولم يقم أحد بالعمل المطلوب تحلل الواعد من وعده ولو أنجز هذا العمل فيما بعد إما إذا تم القيام بالعمل المطلوب قبل انتهاء المدة فيصبح من قام به دائنا بالجائزة من فوزه

أما في الحالة الثانية حيث لا يحدد أجل لأداء العمل المطلوب فيلتزم الواعد رغم ذلك بالوعد الصادر من جانبه ولكن يكون له أن يعدل عنه .. فإذا لم يكن قد بدأ في تنفيذ العمل المطلوب تحلل الواعد نهائيا من نتائج وعده وقال مندوب الحكومة في لجنة القانون المدني بمجلس الشيوخ .

ومتى تقرر مبدأ الالتزام بمجرد الوعد تعين سريان أحكام العقود عليه ويترتب على ذلك وجوب توافر أهلية التعاقد في الواعد وخلو إرادته مما يشوب الرضا من عيوب وقيام التزامه على سبب ومحل تتوافر فيهما الشروط اللازمة  ،

وجاء بقرار نفس اللجنة … تشمل الفقرة الأولى الصور التي تكون فيها جوائز يعلن عنها للجمهوري عن أعمال تمت قبل أو بعد الوعد … .

كما ذكر مندوب الحكومة بها

” … على أنه يجب أن يكون مفهوما أنه إذا لم يعين الواعد الجائزةفإنها تخضع لتقدير القاضي .. وأن ثمة فارقا جوهريا بين الإيجاب والوعد بالجائزة لأن الإيجاب وحده ليس هو الذي ينشئ الالتزام الخاص بموضوع ما أوجب به بل الذي ينشئ الالتزام هو العقد إذا صدر من الموجه له الإيجاب قبول لهذا الإيجاب

وهذا الالتزام إذا تم في حالة الإرادة المنفردة فتكون هذه الإرادة وحدها هى المنشئة له لا بصفة إيجاب لأن  الالتزام   الذي ينشئه الإيجاب وحده في بعض الصور هو البقاء على الإيجاب لا الالتزام بموضوعه .. ولما تساءل أحد الأعضاء عن مدة التزام الواعد بالجائزة أجاب مندوب الحكومة بأن “

مدد التقادم روعى في تحديدها التفرقة بين الالتزامات التي يكون مصدرها الإرادة ولو منفردة والالتزام يكون مصدرها غير الإرادة كالعمل غير المشروع وغيره من باقي المصادر ففي الحالة الأولى جعلت المدة 15 سنة ” وورد بتقرير نفس اللجنة تعليلا لإضافتها الشق الأخير من الفقرة الثانية ” ،

وقد راعت اللجنة في هذه الإضافة أن تقطع السبيل على كل محاولة مصطنعة يراد بها لااستغلال الوعد بالجائزة بعد إعلان العدول وحسم المنازعات التي تنشأ بسبب تقادم العهد على الجائزة وصعوبة الإثبات ولذلك جعلت مدة السقوط ستة أشهر ” .

الاعمال التحضيرية بشان الوعد بجائزة 

يجب التفريق بصدد هذا الوعد بين ما إذا كان الواعد قد حدد مدة لوعده وبين ما إذا كان قد ترك المدة دون تحديد:

ففى الحالة الأولى

يلتزم الواعد نهائيا بمشيئته وحدها دون ان يكون ان يعدل عن وعده، خلال المدة المحددة فإذا انقضت هذه المدة، ولم يقم أحد بالعمل المطلوب تحلل الواعد من وعده ولو انجز هذا العمل فيما بعد ما إذا تم القيام بالعمل المطلوب قبل انتهاء المدة فيصبح من قام به دائنا بالجائزه من فوره ولو لم يصدر فى ذلك عن رغبة فى الحصول عليها بل ولو كان جاهلا بالوعد وفى هذا ما ينفى عن الوعد بالجائزة صفته العقدية فهذة ليست فى رأى المشروع من مستلزماته.

اما فى الحالة الثانية

حيث لا يحدد اجل لاداء العمل المطلوب، فيلتزم الواعد رغم ذلك بالوعد الصادر من جانبه ولكن يكون له ان يعدل عنه وفقا للاوضاع التى صدر بها بان يحصل العدول علنا بطريق النشر فى الصحف أو اللصق مثلا

ولا تخلو الحال فى الفترة التى تمضى بين إعلان الوعد والرجوع فيه من احد فروض ثلاثة :

  • أ – فإذا لم يكن قد بدئ فى تنفيذ العمل المطلوب تحلل الواعد نهائيا من نتائج وعده.
  • ب- واذا كان قد بدئ فى تنفيذ هذا العمل دون ان يبلغ مرحلة الاتمام إلتزام الواعد ان يرد الى من بدأ فى هذا التنفيذ ما انفقه، على ان لا يجاوز فى ذلك قيمة الجائزة الموعود بها

ولا يعتبر الوعد الذى عدل عنه أساسا لهذا الإلتزام بل هو يرد فى أساسه الى أحكام   المسئولية التقصيرية   المقررة فى نصوص القانون

وتسقط هذه المسئولية فى حالتين:
  • اولاهما : حالة سقوط الدعوى باسترداد ما إتفق بانقضاء ستة اشهر من يوم إعلان الرجوع فى الوعد.
  • ثانيهما : حالة اقامة الواعد الدليل على ان النجاح المنشود لم يكن ليتحقق لو ان بدئ فى تنفيذه قد تم

اذ تنعدم فى هذه الحالة رابطة السبيبة بين الضرر الذى اصاب من يحمل النفقات ورجوع الواعد فى وعده، وكذلك يكون الشان فى حالة البدء فى تنفيذ العمل المطلوب قبل إعلان العدول واتمامه بعد هذا العدول.

  • ج – اما إذا كان العمل المطلوب قد تم بأسره قبل إعلان العدول، فغنى عن البيان ان الجائزة تصبح واجبة الاداء، بمقتضى الوعد المعقود بمشيئة الواعد وحده
(مجموعة الأعمال التحضيرية القانون المدني – الجزء 2- ص 239 وما بعدها)

شرح أحكام الوعد بجائزة المادة 162 مدني

يتبين من نص المادة 162 من القانون المدنى ان إلتزام الواعد بجائزة يقوم بتوافر الأركان الاتية :

  1. ان تصدر من الواعد إرادة باتة وهذه هى الإرادة المنفردة ويجب ان يكون الواعد ذا اهلية كاملة للإلتزام بما وعد به وان تخلو ارادته من العيوب من غلط وتدليس واكراه وان تقوم الإرادة على محل مستوف لشرائطه، وان تتجه الى سبب مشروع.
  2.  ان توجه الإرادة الى الجمهور فإذا وجهت الى شخص معين أو اشخاص معينين خرجت عن ان تكون وعدا بجائزة، وسرت عليها قواعد الايجاب، فلا بد من ان يقترن بها القبول وتصبح عندئذ عقد الإرادة منفردة.
  3.  ان يكون توجيه الإرادة الى الجمهور على وجه علنى، بطريق من طرق النشر المعروفة، كالإعلان فى الصحف أو الصاق التشريعات أو توزيعها أو المناداة فى الطرقات، ويجب ان تكون العلانية كافية حتى يتيسر لعدد كبير من الناس ان يعلم بهذه الإرادة.

4 – ان تتضمن الإرادة امرين على الاقل:

  • (اولا) جائزة معينة يلتزم الواعد بإعطائها للفائز بها وقد تكون مبلغا من النقود أو شيئا اخر له قيمة مإلية كأسهم أو سندات أو سيارة أو منزل أو كتاب أو دفع نفقات رحلة أو نحو ذلك ولا شئ يمنع من ان تكون الجائز قيمتها ادبية كوسام أو اشارة أو كأس أو اية علامة اخرى من علامات التقدير
  • (ثانيا) شيئا معينا يقوم به الشخص حتى يستحق الجائزة كالعثور على شئ ضائع أو وضع افضل تصميم هندسى أو النجاح فى امتحان أو الفوز فى مسابقة أو الاهتداء الى هواء أو كشف من اختراع أو نحو ذلك
نظرية الإلتزام في الشريعة الإسلامية والتشريعات العربية – الدكتور عبد الناصر العطار – ص 294 وما بعدها
2 – الجعالة ( او الوعد بجائزة )

هى إلتزام شخص بشئ معين لمن يتجر له عملا كإلتزام شخص بان يدفع جنيها لمن يعثر له على بعيره الشارد أو مائة جنيه لمن يضع افضل تصميم هندسى لبيت ( او مصنع ) يعتزم بناءه.

والجعالة جائزة شرعا جمهور الفقهاء فقد ورد فى القران الكريم قوله تعالى ” ولمن جاء به حمل بعير وانا به زعيم ” (الاية 72 سورة يوسف) كما ان السنة وردت بجوازها.

 وقد اجازت التشريعات العربية الجعالة ونصت عليها تحت عنوان ( الوعد بجائزة ) ولو انها سمتها بالتعهد بجائز لكانت التسمية ادق  ويذهب الشافعية والحنابلة الى ان الجعالة غير لازمة للجاعل والمجعول له، فله الرجوع فيها قبل تمام العمل، سواء شرع الجاعل فى العمل أو لم يشرع فيه، الا انه إذا شرع المجعول له فى العمل ورجع الجاعل عنها أو توفى، فإن للمجهول له اجر مثل ما عمل قبل الرجوع.

 فإذا تم العمل قبل الرجوع فى الجعالة استحق العامل الجعل ذاته أو الجائزة، لان الجعالة ملزمة وان كانت غير لازمة، وعلى هذا يجرى العمل فى  المملكة العربية السعودية   وإليمن.

 ويشترط لاستحقاق المجعول له الجعل فى الفقه الإسلامى ان يكون المجعول له عالما بالجعالة فإن كان جاهلا لها وقام بالمطلوب، فلا يستحق اجرا لانه قام به متبرعا لكنه لو علم بالجعالة ثم رجع الجاعل عنها ولم يعلم المجعول له برجوعه واستمر فى العمل حتى اتم المطلوب استحق الجعل عند بعض الفقهاء .

 اما فى مصر وسوريا وليبيا والعراق ولبنان فالوعد بجائزة غير لازم إذا لم تحدد مدة العمل المطلوب، فإذا حدث مدة كان لازما خلال هذه المدة حتى تنقضى كما لا يشترط لاستحقاق الجائزة علم العامل بها فيستحقها طالما أتم العمل المطلوب سواء اكان وقتئذ عالما بالجائزة أو جاهلا بها، ثم علم بما يعد ذلك.

تعريف الإرادة المنفردة

يقصد بالإرادة المنفردة اتجاه إرادة واحدة الى ترتيب آثار قانونية مختلفة ، فهى تصرف قانوني صادر من جانب واحد ، ينتج آثارا قانونية مختلفة فقد تكون سببا لكسب الحق العيني كالوصية أو سببا لانقضائه كالنزول عن  حق الارتفاق    أو عن حق الرهن ، وقد تكون سببا لبقاء الحق شخصي كإجازة العقد القابل للإبطال قد تكون سببا في إنهاء رابطة عقدية كعزل الموكل للوكيل أو نزول الأخير عن الوكالة ، كما أنها قد تكون سببا لانقضاء الحق الشخصي كما في الإبراء .

(السنهوري بند 574 ، شرف الدين بند 232)

دور الإرادة المنفردة في إنشاء الالتزامات

اختلفت الآراء حول الإرادة المنفردة وهل تستطيع أن تنشأ التزاما كما هو الشأن بالنسبة للعقد

فذهب اتجاه الى أن

الإرادة المنفردة لا يمكن أن تنشئ وحدها التزاما إذ يجب أن تقترن بإرادة أخرى ، فالالتزام الذي ينشأ من تصرف قانوني لا يكون مصدره إلا العقد ، والإرادة المنفردة إن كانت يمكن أن تنتج آثارا قانونية مختلفة ، كما في كسبه حقا دون حاجة الى صدور قبول منه

إلا أن الإرادة المنفردة لا تنشئ الالتزام إذ أن وجود هذا الأخير يقتضي التنفيذ وفي حالة العدول عنه يجب مساءلة الطرف الذي عدل عنه وهذه المساءلة تجد أساسها في أن إرادة هذا الطرف مقيدة بإرادة أخرى في إطار العقد ، فإن لم يوجد هذا الأخير فلا مساءلة عن العدول عن تنفيذ الالتزام ، ومادام أن إنشاء الالتزام يقتضي تنفيذه ومساءلة الطرف الذي يعدل عنه ، وهذا لا يكون إلا بوجود العقد

فإن الإرادة المنفردة لا تقوى على إنشاء الالتزام ، وقد استمد القانوني الفرنسي هذا الالتجاه من القانون الروماني ، وقد ساد هذا الرأة فقها وقضاء في فرنسا ومصدر في ظل القانون القديم

(جمال ذكي ص428 ، حسام الأهواني بند 688)
وعلى عكس هذا الاتجاه يذهب رأى الى أن

الإرادة المنفردة قادرة وحدها على إنشاء التزام شأنها شأن العقد ، وقد غالى بعض الفقهاء في رأيهم فاعتبروا الإرادة هى المصدر الوحيد للالتزام الإرادي وأن العقد ما هو إلا اجتماع إرادتين كل إرادة منهما مستقلة عن الأخرى

والرأى الغالب في الفقه

يذهب الى أن الإرادة لا تعتبر مصدرا للالتزام إلا في حالات تجيزها نصوص قانونية خاصة بها وذلك على سبيل الاستثناء ، وقد أخذ بهذا الرأى التقنين المدني المصري الجديد فلم يجعل الإرادة المنفردة مصدرا عاما للالتزام عاما للالتزام إلا في حالات استثنائية محدود وردت بشأنها نصوص خاصة

ومن هذه الحالات
  • ما تنص عليه المادة 93/1 مدني من أن الموجب يلتزم بالبقاء على إيجابه إذا عين ميعادا للقبول
  • وكذلك الوعد بجائزة الوارد بالمادة 162 مدني
  • وأيضا تظهير العقار المرهون رهنا رسميا حيث يتبين من نص المادة 1066 مدني أن الحائز يلتزم بإرادته المنفردة أن يوفى الديون المقيدة الى القدر الذي قوم به العقار وذلك بمجرد إعلان رغبته في تطهير العقار بتوجيهه الى الدائنين المقيدة حقوقهم إعلانات وذلك على النحو المبين في المادة 1065 مدني
(حسام الأهواني بند 689 ، مجموعة الأعمال التحضيرية ص339 ، السنهوري ص566)
وكان المشروع التمهيدي للقانون المدني

يتضمن نص المادة 228 التي تقي بجعل الإرادة المنفردة مصدرا عاما للالتزام كالعقد ، إلا أن لجنة المراجعة حذفت هذا النص عدولا عن وضع قاعدة عامة تجعل الإرادة المنفردة ملزمة ، واكتفاء بالحلالات المنصوص عليها في القانون من أن الإرادة المنفردة تنشئ التزاما ، وبذلك تم العدول عن أن تكون الإرادة المنفردة مصدرا عاما للالتزام ، واقتصر الأمر على جعلها مصدرا استثنائيا للالتزام لا تنشئه إلا في حالات معينة بنصوص خاصة

(مجموعة الأعمال التحضيرية ص333 ، جمال زكي ص430)
وقد استند البعض الى تلك الصفة الاستثنائية

للقول بأن الالتزامات التي تنشئها الإرادة المنفردة هى التزامات قانونية مصدرها المباشر هو القانون ذاته ، إذ أنها لا تقوم بأصل عام يقرره القانون وإنما تقوم بمقتضى نصوص قانونية خاصة ، فأصبح نص القانون هو المصدر المباشر لهذه الالتزامات ، ومن ثم فقد كان الواحب اعتبار أى التزام ينشأ من الإرادة المنفردة مصدره القانون مع حذف الفصل الخاص المعقود للإرادة المنفردة في المشروع التمهيدي وإدماجه في الفصل المعقود للقانون كمصدر مباشر للالتزام ، وهذا ما فات لجنة المراجعة وما تلاها من الهيئات أن تفعله

(السنهوري ص1788 وبند 576)
ولكن هذا التحليل لا يروق لبعض الشراح

على أساس أن القانون لا يعتبر مصدرا مباشرا للالتزام إلا إذا استقل القانون ، في إنشائه ، عن إرادة المدين فيه ، حيث أن الالتزام ، الذي ينشأ عن الإرادة المنفردة ، يعتبر التزاما إراديا لأن إرادة المدين هى التي تنشئه مباشرة في ذمته ، حتى ولو كانت تسند في إنشائه الى نص خاص

(جمال زكي ، مرجع سابق ص430)

ومن الواضح أن الخلاف المذكور لا يمنع من صلاحية الإرادة المنفردة لتوليد التزامات في حالات خاصة ينص عليها القانون ، ولعل من أهم هذه الحالات حالة الوعد بجائزة الموجه الى الجمهوري والذي نظمه المشرع في المادة 162 مدني .

الوعد بالجائزة الموجه للجمهور

 الوعد بجائزة هو تصرف قانوني يتم بإرادة منفردة واحدة هى إرادة الواعد الذي يعلن للجمهوري ويعده بجائزة عن عمل معين لمن يقوم بهذا العمل ومثاله الوعد بجائزة لمن يعثر على شئ ضائع أو شخص تائه أو لمن يقوم باختراع معين أو لمن يقدم أحسن تصميم لبناء معين أو غير ذلك فالواعد يرتب بإرادته المنفردة التزاما على نفسه إزاء من ينجز العمل المعلن عنه .

(الدكتور أحمد شرف الدين ، مرجع سابق)
وقد قضت محكمة النقض بأن

مؤدى نص الفقرة الأولى من المادة 162 من القانون المدني ، والمادة 220 من ذات القانون أن الواعد بالجائزة يرتب في ذمته التزاما بإرادته المنفردة

الطعن رقم 497 لسنة 57ق جلسة 28/3/1990  قضاء النقض في المواد المدنية ، قاعدة 1785 ص641

أركان الوعد بجائزة

يبين من النص أن التزام الواعد بجائزة يقوم على توافر أركان معينة تتمثل في أولا : صدور إرادة باتة جازمة نهائية من الواعد ، وهذه هى الإرادة المنفردة ، تتجه الى إحداث أثر قانوني هو إلزام صاحبها نفسه بالجائزة لمن يقوم بعمل معين يحدده ، فإذا تبين أنه لم يقصد إلزام نفسه وإنما يقصد الإعلان عن بضاعته والترويج لها كتاجر يعد بإعطاء جائزة لمن يجد أى عيب في بضاعته ، كانت إرادته غير جدية لا تنشئ التزاما في ذمته

إلا إذا تبين أنه رغم قصده هذه الدعاية إلا أن إرادته كانت جدية في هذا الشأن ، ولكى ترتب إرادة الواعد المنفردة آثرها فيجب أن تتوافر في الواعد الأهلية الكاملة للالتزام بما وعد بع بحسب ما إذا كان الوعد تبرعا أو معاوضة

فيجب أن تتوافر في الواعد أهلية التبرع إذا كان العمل الذي يبذله من وجه إليه الوعد تعود فائدته عليه وحده دون كسب للواعد ، كأن يوجه شخص الى الجمهور وعدا بجائزة لأحسن مؤلف في موضوع معين ، وقد يكون إعطاء الجائزة معاوضة كمن يفقد شئيا ويعد بجائزة لمن يعثر عليه

(حسام الأهواني بند 702)

أولا : يجب أن تكون   إرادة   الواعد صحيحة وسليمة وخالية من العيوب مع توافر المحل والسبب بشروطهما القانونية  ، والمقصود بالسبب هنا هو العمل الذي خصصت له الجائزة ، حيث يجب أن يكون عملا معينا يقوم به الشخص الذي يستحق الجائزة ، فلا يكفي أن يكون مجرد الوجود في مركز معين كمن يولد في يوم معين دون تطلب القيام بعمل محدد لمستحق الجائزة

وهذا واضح من نص المادة 162/1 التي تقرر أن

 من وجه للجمهوري وعدا بجائزة يعطيها عن عمل معين …

ثانيا : يجب توجيه الوعد الى الجمهوري أى الى أشخاص غير معينين ، فإذا وجهت إرادة الواعد الى شخص محدد أو أشخاص معينين فلا يكون وعدا بالمعنى المقصود بالمادة 162 مدني ، وإنما يعتبر إيجابا يجب أن يقترن به قبول فنكون بصدد عقد لا إرادة منفردة

ثالثا : يجب أن يتم توجيه الإرادة الى الجمهوري بطريق علني كالإعلان في الصحف أو الإذاعة أو التليفزيون أو بتوزيع النشرات ، وأن تكون العلانية كافية لإيصال الإرادة الى أكبر عدد ممكن من الناس

فهذه العلانية هى وسيلة علم الجمهوري بالوعد ، إضافة الى أنها تعد دليلا على أن الواعد ، عقد العزم نهائيا على الوعد الصادر عنه بحيث لم يكن هذا الوعد قد صدر دون نية جدية للالتزام

رابعا : يجب أن يتضمنالإعلان عن الإرادة ، الى جانب القيام بعمل معين يحدده الواعد ، جائزة معينة يلتزم الواعد بأن يعطيها لمن يقوم بالعمل والجائزة قد تكون مبلغا من النقود أو شيئا آخر كسيارة أو دفع نفقات رحلة معينة ، وقد تكون شيئا له قيمة معنوية كوسان أو كأس أو شهادات تقدير .

(الدكتور أحمد شرف الدين ، مرجع سابق ص472 وما بعدها ، حسام الأهواني ، مرجع سابق بند 477)

لا يشترط شروط معينة في الموجه إليهم الوعد

الوعد يجب أن يوجه الى الجمهوري أى الى عامة الناس دون تعيين ، وبالتالي لا يشترط توافر شروط معينة فيمن يوجه إليهم الوعد ، فإذا قام أحد الأشخاص بالعمل المطلوب فإنه يستحق الجائزة فلا يشترط إلا قيامه بهذا العمل سواء بنفسه أو عن طريق نائبه .

(حسام الأهواني ص672)

آثار الوعد بجائزة

إذا توافرت أركان الوعد بالجائزة فإنه طبقا للمادة 162/1 مدني التزام الواعد بإعطاء الجائزة لمن قام بالعمل الذي حدده ، حتى ولو تم القيام بالعمل دون نظر للجائزة أو دون العلم بها . فالواعد يلتزم بإرادته المنفردة من وقت توجيهه إرادته تلك للجمهور ، والتزام الواعد هذا نهائي تجاه من يقوم بالعمل

فهذا الأخير ، بمجرد قيامه بالعمل ، يصبح دائنا للواعد بقيمة الجائزة التي التزم بها الأخير ، والعبرة في استحقاق الجائزة بمجرد إنجاز العمل ، فمن ينجزه بقصد الحصول على الجائزة أو من ينجزه دون النظر الى الجائزة أو حتى من ينجزه دون علم بالجائزة فإنه يصبح دائنا للواعد بقيمة هذه الجائزة

ومن يقوم بالعمل يحق له الحصول على الجائزة ، فإن لم يرد ذلك أى إذا رفضها ، بعد قيامه بالعمل واستحقاقه إياها ، فإنه لا يجبر على أخذها ، غاية الأمر أن من حقه الحصول عليها إذا أراد

(السنهوري ص570 ، شرف الدين ، مرجع سابق ، الأهواني بند 703)

على أن في استحقاق من أنجز العمل المطلوب للجائزة تفصيل بحسب ما إذا كان الواعد قد حدد مدة لودعه أو لم يحدد له مدة .

تعيين مدة للوعد

إذا حددت للوعد مدة معينة للقيام بالعمل ، التزم الواعد بإرادته المنفردة بهذه المدة ولم يجز له الرجوع في وعده ، والواعد طوال هذه المدة يعد مدينا إلا أن الدائن غير معروف

ولا يصبح هذا الأخير معروفا إلا عندما يقوم شخص معين بإنجاز العمل المطلوب ، إذا بهذا يكتمل الالتزام ويصبح المدين ملتزما نحو هذا الشخص المعين الذي أنجز العمل في خلال المدة المحددة .

أما إذا انقضت المدة دون أن يقوم أحد بالعمل المطلوب فإن التزام الواعد ينقضي حتى ولو قام أى شخص بعد ذلك بالعمل المطلوب.

حسام الأهواني بند 70

فإن قام أحد بالعمل المطلوب قبل انقضاء المدة المحددة استحق الجائزة سواء كان يعلم بهذه الجائزة سواء كان يعلم بهذه الجائزة وقت قيامه بالعمل أم لم يكن عالما بها لأن مصدر التزام الواعد هو الإرادة المنفردة ، وكذلك سواء قام بالعمل بعد صدور الوعد أو قبل صدوره ، فإذا كان قد قام بالعمل بعد صدور الوعد .

أما إذا كان قد قام بالعمل قبل صدور الوعد كمن يعد بجائزة لمن يخترع جهاز معين في وقت يكون فيه أحد المخترعين قد توصل الى إنجاز هذا العمل.

فقد ذهب رأى الى عدم استحقاق الجائزة لأن الوعد بالجائزة لا يكون صحيحا إلا إذا كان في عمل لم يتم بعد ومطلوب إحداثه ، أما إذا كان موجودا فعلا ، بأن كان قد تم القيام به عند صدور الوعد ، فلا محل للالتزام بإعطاء الجائزة ، ويكون هذا الالتزام لغوا من القول لا يرتب أى أثر.

إلا أن الرأى الغالب يذهب الى أن من قام بإنجاز العمل قبل صدور الوعد من الواعد يستحق الجائزة ما لم يتضمن الوعد ما يخالف العمل الذي تم إنجازه.

فالذي يعم الواعد هو إنجاز العمل دون اهتمام من جانبه بما إذا كان إتمام هذا العمل كان قبل الوعد أو بعده ، إضافة الى أن ألفاظ المادة 162/1 مدني تثبت الحق في الجائزة لمن يقوم بالعمل ولو لم ينظر لها ، وعمومية تلك العبارة تسمح بأن تغطي حالة من يقوم بالعمل المطلوب قبل الوعد .

(مجموعة الأعمال التحضيرية ص345 ، حسام الأهواني ص675 ، شرف الدين ، مرجع سابق ص478)

عدم تعيين مدة للوعد

إذا لم يحدد الواعد مدة معينة يتم فيها العمل فإنه يلتزم بوعده ويعطى الجائزة لمن قام بالعمل سواء كان هذا الأخير عالما بالوعد وقام بالعمل رغبة في الجائزة أو حتى دون رغبة فيها  أو لم يكن عالما بهذا الوعد

إلا أنه يجوز للواعد أن يرجع في وعده مادام لم يقيد وعده هذا بمدة معينة ، حيث لا يعقل أن يكون وعده هذا مؤديا ، ويكون رجوعه بنفس الطريق الذي تم به الوعد أى بطريق العلانية على النحو السابق عرضه

وهكذا توجد فترة ما بين إعلان الواعد وعده بدون تحديد منه وبين رجوعه فيه

ولا يخلو الأمر من فروض ثلاثة في هذا الخصوص :

  1.  إذا لم يكن أحد قد بدأ في تنفيذ العمل المطلوب ، تحلل الواعد نهائيا من التزامه الانفرادي بمجرد رجوعه في وعده
  2.  إذا أتم شخص العمل قبل أن يعلن الواعد عدوله عن الوعد ، استحق هذا الشخص بالجائزة وله أن يطالب الواعد بها على أساس التزام الواعد الانفرادي ، سواء كان هذا الشخص قد أتم العمل رغبة في الحصول على الجائزة أو أتمه دون علم بها أو أتمه دون نظر للجائزة رغم علمه بها ، ولا يكون لرجوع الواعد عن وعده أى أثر في استحقاق هذا الشخص للجائزة
  3.  إذا بدأ شخص في تنفيذ العمل وصدر عدول من الواعد قبل أن يتم العمل ، كان لهذا الشخص أن يرجع على الواعد بتعويض عادل لا على أساس الالتزام الانفرادي الذي انقضى بالرجوع فيه وإنما على أساس المسئولية التقصيرية ، ويحكم له بتعويض عادل عن الضرر الذي أصابه دون أن يجاوز هذا التعويض مقدارالجائزة .
(شرف الدين ، مرجع سابق)

وقد قضت محكمة النقض في كل ما سبق بأن

إذا كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن الوعد بالجائزة قد صدر من المطعون عليها بعد إدلاء الطاعن بمعلوماته وأن هذا الوعد يخضع في تكييفه للقانون المدني لا يعترف بالإرادة المنفردة باعتبارها منشئة للالتزام وأن ذلك يقتضي الرجوع الى القواعد العامة لأحكام العقد التي توجب أن يتلاقى الإيجاب والقبول

 لما كان ذلك ، وكان التقنين المدني الملغي لم يورد نصا يحكم الوعد بالجائزة باعتباره صورة من صور الالتزام الناشئ عن الإرادة المنفردة ولم يكن من الممكن رد الوعد بالجائزة إلا أن أحكام العقد التي توجب أن يتلاقى القبول مع الإيجاب السابق عليه فإن الحكم المطعون فيه يكون صحيحا إذ التزم هذا النظر

(الطعن رقم 534 لسنة 25ق جلسة 30/3/1961)

وبأنه إذ كان مؤدى نص الفقرة الأولى من المادة 162 من القانون المدني والمادة 220 من ذات القانون أن الواعد بالجائزة يرتب في ذمته التزاما بإرادته المنفردة من وقت توجيه هذه الإرادة الى الجمهور لدائن غير معين يلتزم بإعطائه إياها إذا قام بالعمل المطلوب ، وأن إعذار الدائن مدينه لا يكون واجبا إذا أصبح التزام غير ممكن أو غير مجد بفعل المدين

(الطعن رقم 497 لسنة 57ق جلسة 28/3/1990)

وبأنه الوعد بالجائزة على ما تشترطه المادة 162 من القانون المدني ، يقوم أساسا على توافر أركان معينة منها أن توجه الإرادة الى الجمهور أى الى أشخاص معينين فإذا ما وجهت الى شخص معين خرجت عن أن تكون وعدا بجائزة وسرت عليها قواعد الإيجاب فلابد أن يقترن بها القبول وتصبح عقدا لإراداة منفردة ، وإذ كان الإقرار موضوع النزاع لا يعدو أن يكون اتفاقا بين الطاعن وموكليه على قدر الأتعاب المستحقة له فإن شروط المادة 162 سالفة الذكر تكون قد تخلفت ويكون الحكم فيما انتهى إليه قد صادف صحيح القانون.

(الطعن رقم 482 لسنة 39ق جلسة 23/2/1977)

سقوط الحق في المطالبة بالجائزة

الوعد بجائزة عن عمل

يتبين من نص المادة 162 مدني أن الواعد يلتزم بالجائزة في حالات ثلاثة

  • 1- إذا كان الواعد محددا له مدة وتم العمل خلال هذه المدة ،
  • 2- إذا لم يحدد مدة لإتمام العمل ولم يرجع الواعد في وعده وتم العمل المطلوب في هاتين الحالتين يسقط حق من قام بالعمل في المطالبة بالجائزة بمضى خمسة عشر سنة بالتطبيق للقواعد العامة ، وذلك اعتبارا من تاريخ إتمام العمل والذي يمثل الواقعة المرتبة للحق في المطالبة بالجائزة .
  • 3- إذا صدر الوعد دون تحديد مدة وعدل الواعد عن وعده ، وكان العمل قد تم قبل العدول ، في هذه الحالة الأخيرة يسقط الحق في المطالبة بالجائزة إذا لم ترفع الدعوى بهذه المطالبة خلال ستة أشهر من تاريخ إعلان العدول وذلك تطبيقا لحكم الفقرة الثانية من المادة 162 مدني.

وهذه المدة هى مدة سقوط لا مدة تقادم ، فلا تقبل الوقف أو الانقطاع ، وقد قصد بها قطع السبيل على كل محاولة مصطنعة يراد بها استغلال الوعد بجائزة بعد إعلان العدول ، وحسن المنازعات التي قد تنشأ بسبب تقادم العهد على الجائزة وصعوبة الإثبات.

(السنهوري بند 581 ، مجموعة الأعمال التحضيرية ص40 ، شرف الدين ص470)

  • انتهي البحث القانوني ( الوعد بجائزة عن عمل باعلان: شرح الجعالة المادة 162 مدني) ويمكن لحضراتكم التعليق في صندوق التعليقات بالأسفل لأى استفسار قانوني.
  • زيارتكم لموقعنا تشرفنا ويمكن الاطلاع علي المزيد من المقالات والأبحاث القانونية المنشورة للأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض في القانون المدني والملكية العقارية من خلال أجندة المقالات .
  • كما يمكنكم التواصل مع الأستاذ عبدالعزيز عمار المحامي من خلال الواتس اب شمال الصفحة بالأسفل ، أو الاتصال بنا من خلال ( طلب استشارة مجانية )
  • كما يمكنكم حجز موعد بمكتب الأستاذ عبدالعزيز عمار المحامي من خلال الهاتف ( 01285743047 ) وزيارتنا بمكتبنا الكائن مقره مدينة الزقازيق 29 شارع النقراشي – جوار شوادر الخشب – بعد كوبري الممر – برج المنار – الدور الخامس زيارة مكتبنا بالعنوان الموجود على الموقع.
  • يمكن تحميل الأبحاث من أيقونة التحميل pdf في نهاية كل مقال وكل بحث ، ونعتذر لغلق امكانية النسخ بسبب بعض الأشخاص الذين يستحلون جهد الغير في اعداد الأبحاث وتنسيقها ويقومون بنشرها علي مواقعهم الالكترونية ونسبتها اليهم وحذف مصدر البحث والموقع الأصلي للبحث المنشور ، مما يؤثر علي ترتيب موقعنا في سيرش جوجل ، أعانهم الله علي أنفسهم .
المقالة حصرية ومحمية بحقوق النشر الحقوق محفوظة © لمكتب الأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض

الأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض خبرات قضائية فى القانون المدنى والملكية العقارية وطعون النقض ليسانس الحقوق 1997- احجز موعد 01285743047