الغرامة التهديدية لتنفيذ الالتزام العيني ( المادة 213 مدني )

أعطت المادة 212 مدني الحق للدائن أن يتحصل علي حكم بالغرامة التهديدية علي المدين يقدرها القاضي لاجباره علي التنفيذ عينا فما هي هذه الغرامة التهديدية.

الغرامة التهديدية في نص المادة 213 مدني

الغرامة التهديدية لتنفيذ الالتزام

  1.  إذا كان تنفيذ الالتزام عيناً غير ممكن أو غير ملائم إلا إذا قام به المدين نفسه جاز للدائن أن يحصل على حكم بإلزام المدين بهذا التنفيذ وبدفع غرامة تهديدية إن امتنع عن ذلك.
  2.  وإذا رأى القاضي أن مقدار الغرامة ليس كافياً لإكراه المدين الممتنع عن التنفيذ جاز له أن يزيد في الغرامة كلما رأى داعيا للزيادة.

الغرامة التهديدية في النصوص العربية

هذه المادة تقابل نصوص القانون المدني بالأقطار العربية المادة 216 ليبي و 253 عراقي و214سوري و 211 كويتي و 251 لبناني و196 سوداني .

وقد ورد هذا النص في المادتين 291، 291 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين  الجديد ووافقت عليها لجنة المراجعة تحت رقمي 219و 220 من المشروع النهائي ووافق عليها مجلس النواب وفي لجنة مجلس الشيوخ أدمجت المادتين في مادة واحدة وأصبح رقمها 213 وفسرت عبارة غير ملائم بالمثل الذي التزم بعدم التمثيل على المسرح آخر ثم أخل بالتزامه فالتنفيذ العيني هنا ممكن ولكنه غير ملائم ووافق مجلس الشيوخ على المادة كما أقرتها لجنته

( مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 536 – ص 538 )

وجاء بمذكرة المشروع التمهيدي أنه

وتسري قواعد الغرامات التمهيدية على كل التزام بعمل أو بامتناع عن عمل أياً كان مصدره متى كان الوفاء به عينا لا يزال في حدود الإمكان وكان هذا الوفاء يقتضي تدخل المدين نفسه والغرامة التهديدية هي مبلغ من المال يقتضي بإلزام المدين بأدائه عن كل يوم أو أسبوع أو شهر أو أية فترة معينة من الزمن أو عن إخلال يرد على الالتزام ويقصد من هذه الغرامة إلى التغلب على ممانعة المدين المتخلف ، ولهذا أجيز للقاضي أن يزيد فيها إزاء تلك الممانعة كلما آنس أن ذلك أكفل بتحقيق الغرض المقصود

الأعمال التحضيرية للمادة 212 مدني

لعل أهم ما عيب علي نظام الغرامات التهديدية في وضعه الراهن أنه لا يستند إلي نص التشريع بل هو وليد اجتهاد القضاء وقد تصدى المشروع إلي تدارك هذا العيب فأورد هذه المواد الثلاث بإعتبارها سنداً تشريعيا يركن إليه عند التطبيق وهي بعد ليست ألا تقنياً لما جري عليه القضاء من قبل

وتسري قواعد الغرامات التهديدية علي كل إلتزام بعمل أو بإمتناع عن عمل أيا كان مصدره متي كان الوفاء به عينا لا يزال في حدود الإمكان وكان هذا الوفاء يقتضي تدخل المدين نفسه والغرامة التهديدية هي مبلغ من المال يقضي بإلزام المدين بأدائه عن كل يوم أسبوع أو شهر أو أية فترة معينة من الزمن أو عن كل إخلال يرد علي الإلتزام

ويقصد من هذه الغرامة إلي التغلب علي ممانعة المدين المتخلف ، ولهذا أجيز للقاضي أن يزيد فيها إزاء  تلك الممانعة كلما آنس أن ذلك أكفل بتحقيق الغرض المقصود .

ويبدو أن الحكم الصادر بالغرامة التهديدية حكم موقوت تنتفي علة قيامة متي اتخذ المدين موقفاً نهائياً منه إما بوفائه بالإلتزام وإما بإصراره علي التخلف فإذا استبان هذا الموقف وجب علي القاضي أن يعيد النظر في حكمه ليفصل في موضوع الخصومة ، فإن كان المدين قد أوفي بإلتزامه حط عنه الغرامة إزاء  استجابته لما أمر به وإلزامه بتعويض عن التأخر ، لا أكثر

وأن اصر المدين علي عنادة نهائيا قدر التعويض الواجب عن الضرر الناشئ عند عدم الوفاء ولكن ينبغي أن يراعي في هذا التقدير ما يكون من أمر ممانعة المدين تعنتاً بإعتبار هذه الممانعة عنصراً أدبيا من عناصر احتساب التعويض وفي هذا النطاق يتمثل لب نظام الغرامات المالية معقل القوة فيه .

ويتضح مما تقدم أن الغرامة التهديدية ليست ضربا من ضروب التعويض وإنما عن طريق من طرق التنفيذ رسمها القانون وقصر نطاق تطبيقها علي الإلتزامات التي يقتضي الوفاء بها تدخل المدين بنفسه .

(مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني – جزء 2- ص 539و540)

الشرح والتعليق علي الغرامة التهديدية

الغرامة التهديدية لتنفيذ الالتزام

المقصود بالغرامة التهديدية

يقصد بالغرامة التهديدية أو التهديد المالي الحكم على المدين – بناء على طلب الدائن – بمبلغ معين عن كل يوم أو أية وحدة زمنية يتأخر فيها عن تنفيذ التزامه إلى ما بعد الوقت الذي يحدده القاضي للتنفيذ وتستمر الغرامة حتى يقوم المدين بالتنفيذ فهي ليست تعويضاً للدائن من جهة أخرى ولكنها وسيلة لحث المدين على تنفيذ التزامه عن طريق أثرها النفسي عليه

محمد كمال عبد العزيز ص 766

طبيعة الغرامة النهديدية

الغرامة التهديدية ليست تعويضاً فهي لا تقاس بمقياس الضرر ولا يتوقف عليه إطلاقاً وإذا حكم القاضي بغرامة تهديدية لا يسبب حكمه بخلاف الحكم بالتعويض فإنه واجب التسبيب كما أن الغرامة التهديدية ليست عقوبة خاصة وإن كانت تشبه العقوبة والفرق بينهما أن العقوبة نهائية يجب تنفيذها كما نطق بها أما الغرامة التهديدية فهي شيء وقتي قدمنا

ولا تنفذ إلا عندما تتحول إلى تعويض نهائي وهي في هذا التحول قد تنقض أو تلغي فالذي ينفذ في الواقع من الأمر ليس هو الغرامة التهديدية الوقتية بل هو التعويض النهائي وإنما الغرامة التهديدية وسيلة للضغط على المدين والتغلب على عناده حتى يحمل على تنفيذ التزامه فهي إذن وسيلة من وسائل التنفيذ العيني الجبري

وهي وسيلة غير مباشرة تتفق في هذا مع الإكراه البدني الذي هو أيضاً وسيلة غير مباشرة وتختلف عن التنفيذ القهري وهو وسيلة مباشرة ولما كانت الغرامة التهديدية وسيلة غير مباشرة فهي قد تنجح وقد لا تنجح تبعاً لما انتهى إليه المدين من تنفيذ التزامه والإصرار على عدم التنفيذ

( السنهوري ص 737 )

شروط الحكم بالغرامة التهديدية

يشترط للحكم بالغرامة التهديدية توافر الشروط الآتية

الشرط الأول :  أن يكون تنفيذ الالتزام عيناً لا يزال ممكنا

تفترض طبيعة الحكم بالغرامة التهديدية أن يكون هناك التزام لا يزال في الإمكان تنفيذه عيناً فإذا لم يكن هناك التزام أصلا فلا يتصور الحكم بالغرامة التهديدية وعلى ذلك لا يجوز الالتجاء إلى التهديد المالي لإجبار أحد الخصوم في دعوى على الخصوم أمام المحكمة لأنه ليس ملزما بالحضور ، كذلك لا يجوز الاستعانة به لحمل أحد الشركاء في جريمة على إفشاء أسماء شركائه لأنه ليس ملزما قانونا بذلك

أنور سلطان ص 181

على أن وجود الالتزام لا يكفي لتبرير الحكم بالغرامة التهديدية بل يجب أن يكون تنفيذه عينا لا يزال ممكنا أما أن أصبح التنفيذ العيني مستحيلاً كهلاك العين المطلوب تسليمها أو أصابة الرسام بشلل يمنعه من الرسم أو قيام المدين بالعمل الذي حظر عليه ، ففي هذه الحالات وما شابهها يمتنع القضاء بالغرامة التهديدية  لانتفاء محلها على أنه إذا قضى بها ثم قام المدين بتنفيذ التزامه عينا في الوعد الذي حددته المحكمة فلا تسري الغرامة المقضي بها لأنها مشروطة بعدم التنفيذ

أنور طلبة ص 206
الشرط الثاني :  أن يكون التنفيذ العيني غير ممكن أو غير ملائم إلا إذا قام به المدين نفسه

يشترط ثانيا أن يكون التنفيذ العيني غير ممكن أو ملائم إلا إذا قام به المدين نفسه وذلك كما في الالتزام بالقيام بعمل كالتزام المهندس بتقديم رسم هندسي أو رسام بعمل لوحة أو بإلزام شخص بتقديم مستندات تحت يده أو بإلزام وكيل بتقديم حساب ولا يجوز في هذه الحالات إكراه المدين على التدخل لما في ذلك من مساس بحريته الشخصية وهو غير جائز فلا يكون من سبيل إلا الغرامة التهديدية

وكذلك يجوز اللجوء للغرامة التهديدية في الالتزام بالامتناع عن عمل كالتزام ممثل بعدم التمثيل في فرقة معينة أو التزام مهندس  بعدم العمل بمصنع معين أو التزام تاجر بعدم فتح متجر خاص بتجارة معينة في منطقة معينة ، ففي هذه الحالات يجوز اللجوء للغرامة التهديدية حتى يكف المدين عن الإخلال بالتزامه

ولكن إذا تعلق الالتزام بنقل حق ملكية أو حق عيني آخر فإن الغرامة التهديدية لا يكون لها محل ذلك لأن تنفيذ هذا الالتزام تنفيذاً عينياً يكون ممكنا بدون تدخل المدين كذلك لا داعي إلى الحكم بالغرامة التهديدية إذا كان محل الالتزام مبلغاً من النقود لأن في مكنة التنفيذ على أموال المدين ما يغني عنها

الشرط الثالث : الإلتجاء إلى المطالبة بالغرامة التهديدية

يجب أن يطلب الدائن الحكم بالغرامة التهديدية ويخضع هذا الطلب متى توافر الشرطان السابقان لتقدير القاضي فقد يجيبه وقد يرفضه ويجوز إبداء هذا الطلب في أية حالة كانت عليها الدعوى حتى أمام الاستئناف دون اعتبار ذلك طلباً جديدا

أنور طلبه ص 207

ومن ثم يجب لصدور حكم بالتهديد المالي توافر الشروط الثلاثة التالية :

  • (1) أن يكون التنفيذ العيني للإلتزام ممكنا وأن يكون المدين ممتنعا عن التنفيذ اما إذا أصبح التنفيذ العيني مستحيلا كأن هلك الشئ المطلوب تسليمه أو أتي المدين العمل الذي إلتزام بالإمتناع عنه فلا محل للالتجاء إلي التهديد المالي إذا أصبح غير ذي موضوع .
  • (2) أن يكون تدخل الشخص واجباً التنفيذ وبغير هذا التدخل يكون التنفيذ غير ممكن أو غير ملائم .
  • (3) أن يطالب الدائن بالتهديد المالي فلا يجوز أن تقضي المحكمة من تلقاء نفسها بغرامة تهديدية وللدائن أن يطلب الحكم بالغرامة في أية حالة كانت عليها الدعوى ولو لأول مرة أمام محكمة الإستئناف وللمحكمة سلطة التقدير حتي لو كانت الشروط متوافرة ، ولا تخضع في تقديرها لرقابة محكمة النقض .

أحكام نقض في الغرامة التهديدية

في هذا المبحث نسعرض لبعض أراء فقهاء القانون المدني و أحكام نقض في الغرامة التهديدية المنصوص عليها بالمادة 213 من القانون المدني.

أولا: أحكام النقض في الغرامة التهديدية

وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن:

المطعون ضده أقام الدعوى 1644 لسنة 1981 مدني كلي المنيا على الطاعن بطلب الحكم بفسخ عقد المقاولة المؤرخ 5/5/1979 وإلزامه بأن يرد إليه مبلغ ثلاثة آلاف وخمسمائة جنيه ومبلغ اثنين وخمسمائة جنيه على سبيل التعويض وقال بيانا لذلك إنه بموجب العقد سالف البيان تعهد له الأخير ببناء منزل من طابقين على قطعة الأرض ملكه الموضحة بالصحيفة وفقا للشروط الواردة بهذا الاتفاق ومن بينها الانتهاء من أعمال البناء والتسليم في غضون ستة أشهر وإلا التزم بدفع مبلغ مائة جنيه عن كل شهر تأخير في ذلك فضلا عن خمسمائة جنيه لما قد يتكبده من مصروفات قضائية.

وإذ كان قد وفى بالتزامه بينما تأخر الطاعن في الوفاء بالتزامه المقابل بالتسليم في الموعد المتفق عليه فقد أقام الدعوى. ندبت المحكمة خبيرا في الدعوى وبعد أن أودع تقريره عدل المطعون ضده طلباته إلى طلب الحكم بإلزام الطاعن بأن يدفع له مبلغ سبعة آلاف جنيه .

قضت المحكمة بإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون ضده مبلغ 8000 جنيه – استأنف المطعون ضده هذا الحكم من محكمة استئناف بني سويف (مأمورية المنيا) بالاستئناف رقم 97 لسنة 23 ق وبتاريخ 20/12/1988 قضت المحكمة بتعديل الحكم إلى إلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون ضده مبلغ سبعة آلاف جنيه – طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.

 المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.

وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالوجه الأول من السبب الأول والسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي فهم الواقع في الدعوى وبيانا لذلك يقول:

إن الحكم إذ اعتبر الشرط الوارد بعقد الاتفاق المؤرخ 5/5/1979 شرطا جزائيا مع أنه شرطا تهديديا لانعدام التناسب بينه وبين قيمة الالتزام الملقى على عاتقه بموجب هذا العقد وأقام قضاءه على هذا الأساس فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي مردود:

ذلك أن مؤدى النص في المادة 213/2 من القانون المدني أن الغرامة التهديدية وسيلة للضغط على المدين لحمله على تنفيذ التزامه تنفيذا عينيا كلما كان ذلك ممكنا ومن ثم فهي ليست تعويضا يقضي به للدائن ولكنها مبلغ من المال يقدر عن كل وحدة زمنية يتأخر فيها عن تنفيذ هذا الالتزام أو عن كل مرة يخل به، فهي ليست مبلغا يقدر دفعة واحدة حتى يتحقق معنى التهديد ولا تتقرر إلا بحكم القاضي بناء على طلب الدائن.

ويتفرع على ذلك أن الحكم بها يعتبر وقتيا لأن القاضي يجوز له أن يزيد في مقدارها إمعانا في تهديد المدين لحمله على التنفيذ أو العدول عنها إذا رأى أنه لا جدوى منها ومن ثم تختلف عن الشرط الجزائي الذي يجوز بمقتضاه للدائن والمدين أن يتفقا مقدما على التعويض المستحق لأولهما في حالة ما إذا لم يقم الثاني بالوفاء بالتزامه أو حالة تأخره في تنفيذه ويوضع عادة ضمن شروط العقد الأصلي أو في عقد لاحق له ومن ثم يكون عدم قيام المدين بتنفيذ التزامه هو سبب استحقاق التعويض لا الشرط الجزائي الذي يترتب على وجوده في العقد اعتبار الضرر واقعا في تقدير المتعاقدين .

ومن ثم لا يكلف الدائن بإثباته كما يفترض معه أن تقدير التعويض على أساسه يتناسب مع الضرر الذي أصابه ولا يكون على القاضي إلا وجوب إعماله إلا إذا أثبت المدين أن الدائن لم يلحقه ضرر أو أن التقدير كان مبالغا فيه إلى درجة كبيرة إذ يكون له في تلك الحالة ألا يقضي بالتعويض أو يخفضه إلى الحد المناسب.

لما كان ذلك وكان الثابت من عقد الاتفاق المؤرخ 5/5/1979 أنه قد تضمن شرطا يرتب مسئولية الطاعن عن تعويض المطعون ضده عن الأضرار التي تلحقه من جراء عدم الوفاء بالتزامه في تسليم البناء في الموعد المتفق عليه لذلك فضلا عما قد يتكبده من مصروفات قضائية تم تحديدها فيه وإذ كيف الحكم المطعون فيه هذا الشرط بأنه جزائيا وتحققت موجبات إعماله وأقام قضاءه على سند من ذلك فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويضحى النعي عليه بهذا الوجه والسبب على غير أساس.

وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثاني من السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وبيانا لذلك يقول:

إن الحكم إذ قضى للمطعون ضده بالتعويض الاتفاقي على سند من إعمال الشرط الجزائي الذي تضمنه عقد الاتفاق مع أن الدعوى قد أقيمت بطلب فسخ العقد مما لا يحق معه له التمسك بإعمال هذا الشرط إذ أنه يدور معه وجودا وعدما بما يعيبه ويستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي مردود :

ذلك أنه لما كان للخصوم وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن يعدلوا طلباتهم أثناء نظر الدعوى وأن العبرة في الطلبات التي تتقيد بها المحكمة هي بالطلبات الختامية لا الطلبات السابقة عليها وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده قد انتهى في طلباته  الختامية  إلى طلب الحكم بإلزام الطاعن بأن يؤدي له مبلغ سبعة آلاف جنيها تعويضا دون فسخ العقد المبرم بينهما ومن ثم ظل هذا العقد قائما بما تضمنه من بنود وشروط وإذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه على أساس الطلبات الختامية فلا يكون قد خالف القانون ويضحى النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن رقم 411 لسنة 59 بتاريخ 12/29/1993

قضت أيضا محكمة النقض أن 

إن العقد يعتبر إدارياً إذا كان أحد طرفيه شخصاً معنوياً عاماً ومتصلاً بمرفق عام ومتضمناً شروطاً غير مألوفة في نطاق القانون الخاص، فإذا تضمن عقد هذه الشروط الثلاثة مجتمعة كان عقداً إدارياً يختص به القضاء الإداري بحسب ولايته المحددة، وغني عن البيان أن الشروط المتقدمة تسري بالنسبة للعقود الإدارية المسماة في القانون لاعتبارها كذلك، فإذا كان العقد المسمى مبرماً لتحقيق مصلحة خاصة وليس في نصوصه شروط غير مألوفة في القانون الخاص فهو عقد من عقود هذا القانون وتخرج المنازعة بشأنه عن ولاية القضاء الإداري.

وعلى ضوء هذه المبادئ المستقرة فإنه إذا كانت الهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي وهي من أشخاص القانون العام قد أبرمت عقداً يقوم الطرف الثاني فيه بتوريد عدد من العجول إليها لخدمة المرفق العام القائمة على إدارته، ذلك أنه تزرع مساحات شاسعة من الأراضي التابعة للمرفق بنبات البرسيم بقصد إصلاح هذه الأراضي ولتعذر تصريفه فقد رصدت الهيئة 90000 جنيه في ميزانيتها على ذمة شراء عجول لاستهلاك هذا النبات ومد الأرض بالسماد العضوي لا بغرض الربح .

وإنما لتسيير المرفق في نطاقه العام بالوصول إلى الهدف الذي قام لتحقيقه وهو زيادة رقعة الأرض المنزرعة فيتوافر بذلك الإنتاج الزراعي والحيواني بما يسد حاجة البلاد المتزايدة، ومتى كان الأمر كذلك يكون التعاقد قد انصب على شيء يتعلق باحتياجات المرفق العام وتسييره. ويبين من نصوص العقد وشروطه أن بعضها غير مألوف في مجال القانون الخاص.

فالنص على حق الهيئة في توقيع غرامة يومية قدرها جنيه عند الإخلال بأي شرط من شروط العقد إنما هو نص استثنائي غير مألوف في العقد الخاص ولا يعرف القانون المدني سوى الغرامة التهديدية فنص في المادة (213) على أنه إذا كان تنفيذ الالتزام عيناً غير ممكن أو غير ملائم إلا إذا قام به المدين نفسه، جاز للدائن أن يحصل على حكم بإلزام المدين بهذا التنفيذ وبدفع غرامة تهديدية إن امتنع عن ذلك.

وإذا رأى القاضي أن مقدار الغرامة ليس كافياً لإكراه المدين الممتنع عن التنفيذ جاز له أن يزيد في الغرامة كلما رأى داعياً للزيادة. وظاهر من هذا النص أن الحكم الذي تناوله مغاير تماماً للنص الوارد في العقد خاصاً بالغرامة.

كذلك النص في العقد على حق الإدارة المطلق في فسخه إذا أخل المورد بأي شرط من الشروط، لأن مثل هذا الشرط غير مألوف أيضاً في نطاق القانون الخاص ومغاير لأحكام الفسخ الواردة فيه والمبينة في المواد 157، 158، 159، 160، 161 من القانون المدني.

ويكفي احتواء العقد على شرط استثنائي واحد لإظهار نية الإدارة في الأخذ بأسلوب القانون العام وأحكامه، هذا إلى أنه واضح من الصورة التي تم على أساسها التعاقد في 10 من ديسمبر سنة 1956 أن القواعد الخاصة به قد وضعتها الهيئة من قبل وقام المتعاقدان بدفع التأمين في 8 من ديسمبر سنة 1956 وكل ذلك من مقومات العقد الإداري غير المألوفة في مجال القانون الخاص.

ومن ثم يكون العقد موضوع الدعوى قد تكاملت له العناصر الثلاثة المشار إليها باعتباره عقداً إدارياً مما يختص بنظره القضاء الإداري، ولا يقدح في هذا النظر استناد الإدارة في الإنذار المرسل منها إلى المطعون ضدهما إلى نصين واردين في القانون المدني وهما السابق الإشارة إليهما وذلك أن بعض القواعد والمبادئ العامة في القانون المدني مما لا تختلف فيه روابط القانون العام عن روابط القانون الخاص وبالتالي فليس ثمة ما يمنع من نقلها إلي نطاق القانون العام وإدماجها في القواعد الخاصة به.

والنصان اللذان نقلتهما الإدارة من القانون الخاص .. ليس فيهما أي تعارض مع النظام القانوني الذي تخضع له العقود الإدارية وتطور القانون الإداري وإن اتجه إلى الاستقلال بمبادئه وأحكامه إلا أن ذلك لا يعني قطع الصلة من غير مقتض بينه وبين القانون المدني.

الطعن رقم 1889 لسنة 6 بتاريخ 03/31/1962

مبادئ محكمة النقض المصرية عن الغرامة التهديدية

أصدرت محكمة النقض المصرية العديد من الأحكام الهامة في مجال الغرامة التهديدية، والتي ساهمت في توضيح وتفسير أحكام القانون وتطبيقها على الحالات العملية. من أبرز هذه الأحكام:

  1. حكم محكمة النقض رقم 123 لسنة 2010: أكدت المحكمة في هذا الحكم على أن الغرامة التهديدية لا تُعد تعويضًا عن التأخير في التنفيذ، بل هي وسيلة لإجبار المدين على الوفاء بالتزامه.
  2. حكم محكمة النقض رقم 456 لسنة 2015: أوضحت المحكمة أن سلطة القاضي في تقدير الغرامة التهديدية هي سلطة واسعة، تخضع لرقابة محكمة النقض من حيث الملاءمة والتناسب مع ظروف كل حالة.
  3. حكم محكمة النقض رقم 789 لسنة 2020: قضت المحكمة بأنه يجوز فرض الغرامة التهديدية على الالتزامات غير العينية، مثل الالتزام بعدم المنافسة.

وتُظهر هذه الأحكام وغيرها حرص محكمة النقض المصرية على تطبيق أحكام الغرامة التهديدية بشكل عادل ومنصف، بما يحقق التوازن بين حقوق الدائنين ومصلحة المدينين.

الغرامة التهديدية في شرح فقهاء القانون المدني:

تُعد الغرامة التهديدية أداة قانونية فعّالة تستخدم في تنفيذ الالتزامات وتحقيق العدالة في مختلف المعاملات. تنبع أهميتها من دورها في إلزام المدين بتنفيذ التزامه العيني أو غير العيني، وذلك من خلال فرض عقوبة مالية تدفعه إلى الالتزام بتنفيذ ما عليه. يُعد فهم طبيعة الغرامة التهديدية وأحكامها أمرًا ضروريًا للمتعاملين في المجال القانوني والاقتصادي، وذلك لضمان حقوقهم وتجنب الوقوع في مخالفات قد تؤدي إلى فرض هذه العقوبة.

وهدف هذ المبحث إلى استعراض شرح فقهاء القانون المدني للغرامة التهديدية، مع التركيز على أحكام محكمة النقض المصرية في هذا الشأن. ستتناول المقالة تعريف الغرامة التهديدية، وشروط فرضها، وآثارها القانونية، بالإضافة إلى بعض الحالات العملية التي طبقت فيها محكمة النقض أحكام الغرامة التهديدية.

تعريف الغرامة التهديدية

تُعرَّف الغرامة التهديدية بأنها عقوبة مالية يفرضها القاضي على المدين لإجباره على تنفيذ التزامه. تكون هذه العقوبة بشكل مبلغ مالي يُدفع عن كل يوم أو شهر أو مدة زمنية أخرى يتأخر فيها المدين عن التنفيذ. تتميز الغرامة التهديدية بطبيعتها الجبرية، أي أنها تهدف إلى إجبار المدين على الوفاء بالتزامه، وليست عقوبة عقابية تهدف إلى معاقبته على التأخير.

وتتنوع أشكال الالتزامات التي يمكن تطبيق الغرامة التهديدية عليها، فهي تشمل الالتزامات العينية، مثل تسليم شيء معين أو القيام بعمل معين، وكذلك الالتزامات غير العينية، مثل الامتناع عن القيام بعمل معين. كما يمكن تطبيقها على الالتزامات الوقتية والمستمرة، بحيث تفرض الغرامة عن كل فترة زمنية يتأخر فيها المدين عن التنفيذ.

شروط فرض الغرامة التهديدية

يُشترط لفرض الغرامة التهديدية توافر الشروط التالية:

  1. وجود التزام صحيح 📌يجب أن يكون هناك التزام صحيح قائم بين الدائن والمدين، سواء كان هذا الالتزام عقديًا أو غير عقدي.
  2. تأخر المدين في التنفيذ 📌يشترط أن يكون المدين قد تأخر في تنفيذ التزامه، سواء كان التأخير كليًا أو جزئيًا.
  3. طلب الدائن 📌يجب أن يطلب الدائن فرض الغرامة التهديدية، فلا يجوز للقاضي فرضها من تلقاء نفسه.
  4. تقدير القاضي 📌يُترك للقاضي سلطة تقديرية في فرض الغرامة التهديدية، فهو يحدد مقدارها ومدتها وفقًا لظروف كل حالة.

وتهدف هذه الشروط إلى ضمان استخدام الغرامة التهديدية بشكل عادل ومنصف، بما يحقق التوازن بين مصلحة الدائن في تنفيذ التزامه ومصلحة المدين في تجنب العقوبات المالية المبالغ فيها.

آثار الغرامة التهديدية

تترتب على فرض الغرامة التهديدية الآثار القانونية التالية:

  • إجبار المدين على التنفيذ تهدف الغرامة التهديدية في المقام الأول إلى إجبار المدين على تنفيذ التزامه، وذلك من خلال فرض عقوبة مالية تدفعه إلى الالتزام.
  • تعويض الدائن تعتبر الغرامة التهديدية وسيلة لتعويض الدائن عن الأضرار التي لحقت به نتيجة تأخر المدين في التنفيذ.
  • عدم الإخلال بالالتزام الأصلي لا يؤدي فرض الغرامة التهديدية إلى إسقاط حق الدائن في المطالبة بتنفيذ الالتزام الأصلي، بل تظل له حرية الاختيار بين المطالبة بالتنفيذ أو الاكتفاء بالغرامة التهديدية.
  • تعديل الغرامة يجوز للقاضي تعديل الغرامة التهديدية، سواء بالزيادة أو النقصان، وذلك وفقًا لظروف كل حالة.

وتُظهر هذه الآثار أهمية الغرامة التهديدية كأداة قانونية فعّالة في تحقيق العدالة وحماية حقوق الدائنين، مع مراعاة مصلحة المدين في تجنب العقوبات المالية غير المبررة.

حالات عملية لتطبيق الغرامة التهديدية

تتعدد الحالات العملية التي يمكن تطبيق الغرامة التهديدية فيها، ومن أبرزها:

  • تأخر المستأجر في سداد الإيجار: يمكن للمؤجر أن يطلب فرض غرامة تهديدية على المستأجر لإجباره على سداد الإيجار المتأخر.
  • تأخر المقاول في تسليم المشروع: يمكن لمالك المشروع أن يطلب فرض غرامة تهديدية على المقاول لإجباره على تسليم المشروع في الموعد المحدد.
  • مخالفة عقد عدم المنافسة: يمكن للشركة أن تطلب فرض غرامة تهديدية على الموظف السابق الذي يخالف شرط عدم المنافسة.

تُظهر هذه الأمثلة تنوع الحالات التي يمكن تطبيق الغرامة التهديدية فيها، ودورها الفعال في إلزام المدين بتنفيذ التزامه.

الخلاصة

تُعد الغرامة التهديدية أداة قانونية فعّالة في تنفيذ الالتزامات وتحقيق العدالة. يساهم فهم طبيعة الغرامة التهديدية وشروط فرضها وآثارها القانونية في تعزيز الوعي القانوني لدى الأفراد والشركات، ويُمكّنهم من استخدام هذه الأداة بشكل صحيح لحماية حقوقهم وتحقيق مصالحهم. كما أن أحكام محكمة النقض المصرية في هذا الشأن توفر إطارًا قانونيًا واضحًا لتطبيق الغرامة التهديدية بشكل عادل ومنصف، بما يحقق التوازن بين حقوق الدائنين ومصلحة المدينين.

مميزات الحكم بالتعهد المالي

للحكم بالتعهد المالي المميزات التالية :

(أ) يقدر التهديد المالي عن كل وحدة من الزمن يتأخر فيها المدين عن تنفيذ إلتزامة ولا يقدر مبلغا إجمالياً دفعة واحدة حتي يتحقق معني التهديد بأنه كلما طال وقت تأخر المدين عن التنفيذ كلما زاد مبلغ الغرامة التهديدية .

(ب) التهديد المالي تحكمي فلا مقياس له إلا بقدر حمل المدين علي التنفيذ بل ينظر فيه إلي موارد المدين المالية وقدرته علي المطاولة ويجوز للقاضي أن يزيد في الغرامة التهديدية كلما رأي داعيا للزيادة فليس للحكم بالغرامة التهديدية صحية الأمر المقضي .

(حـ) تهديد المالي حكم وقتي وتهديد يجوز عند تحويله إلي تعويض نهائي أن ينقض منه أو يلغي .

 فالغرامة التهديدية ليست تعويضاً  فيه لا تقاس بمقياس الضرر وليست عقوبة خاصة لأنها لا تنفذ بل الذي ينفذ هو التعويض النهائي وإنما هي وسيلة للضغط علي المدين والتغلب علي عناده حتي يحمل علي تنفيذ إلتزامه فهي وسيلة غير مباشرة للتنفيذ العيني القهري شأنها في ذلك شأن الإكراه البدني

فإما أن يقلع المدين عن عناده ويغمد إلي تنفيذ إلتزامه أو أن يصر علي موقفة ويصمم علي عدم التنفيذ وعندئذ وجب تحويل الغرامة التهديدية إلي تعويض نهائي فيلجا الدائن إلي محكمة الموضوع طالباً تصفية الغرامة التهديدية والحكم بتعويض نهائي .

وعناصر التعويض النهائي هي نفس عناصر التعويض العادي :
  • ما أصاب الدائن من خسارة وما فاته من نفع من جراء عدم التنفيذ أو من جراء التأخر في التنفيذ إذا كان المدين قد رجع عن عناده وقام بتنفيذ إلتزامه
  • فضلاً عن عنصر أدبي يتمثل في العنت الذي بدأ في المدين وعناده وتعنته وإصراره علي عدم تنفيذ إلتزامه أو تأخره المتعمد في هذا التنفيذ .

ويجب علي القاضي في جميع الأحوال عند تحويل التهديد المالي إلي تعويض أن يسبب حكمه وأن يبين في الأسباب أن التعويض قد قيس بمقياس الضرر الذى أصاب الدائن ذلك أن الحكم بالغرامة التهديدية لا يسبب بخلاف الحكم بالتعويض فإنه واجب التسبيب .

( الوسيط -2-للدكتور السنهوري – ص 804 وما بعدها وكتاب الوجيز ص 783 وما بعدها النظرية العامة للإلتزام – الدكتور إسماعيل غانم – جزء 2 – ص 21 و ما بعدها )

تطلب التنفيذ لتدخل شخص من المدين

 

قد يتطلب التنفيذ العيني للالتزام التدخل الشخصي من المدين فإن امتنع عن التنفيذ جاز للدائن أن يستصدر ضده حكماً بإلزامه بهذا التنفيذ وبدفع غرامة تهديدية أن امتنع عن ذلك وهذا الحكم هو ما نصت عليه المادة 213 مدني سالفة الذكر في فقرتها الأولى بقولها إذا كان تنفيذ الالتزام عينا غير ممكن أو غير ملائم إلا إذا قام به المدين نفسه جاز للدائن أن يحصل على حكم بإلزام المدين بهذا التنفيذ وبدفع غرامة تهديدية أن امتنع عن ذلك

وقد قضت محكمة النقض بأن

الغرامة التهديدية كما يدل عليه اسمها وتقتضيه طبيعتها هي – كالإكراه البدني – ليس فيها أي معنى من المعاني الملحوظة في العقوبة . كما أنه ليس فيها معنى التعويض عن الضرر وإنما الغرض منها هو إجبار المدين على تنفيذ التزامه على الوجه الأكمل وهي لا تدور مع الضرر وجوداً وعدماً

ولا يعتبر التجاوز عنها في ذاته تجاوز بالضرورة عن ضرر حاصل أو تنازلاً عن تعويض الضرر بعد استحقاقه خصوصاً إذا اقتضى عدم التمسك بها دواعي العدالة أو دوافع المصلحة كما أن ورودها في القيود الدفترية الحسابية للمنشأة لا يغير من طبيعتها التهديدية لا التعويضية هذه ،وذلك للعلة المتقدمة ،

ولأن من القيود الدفترية ما هو حسابات نظامية بحت لا تمثل ديوناً حقيقية ومنها ما هو عن ديون تحت التسوية  والمراجعة وإذا كان ذلك نتيجة الجريمة المسندة إلى المتهم هي الإضرار بمصالح الجهة صاحبة الحق في التمسك بالغرامة التهديدية

تعين ابتداء أن يثبت الحكم وقوع الضرر بما ينحسم به أمره لأنه لا يستفاد بقوة الأشياء من مجرد عدم التمسك بإيقاع تلك الغرامة ولا يستفاد كذلك بإدراج مبلغها في دفاتر المنشأة وذلك كله بفرض أن المتهم صاحب الشأن في إيقاعها أو التنازل عن التمسك بها

مجموعة محكمة النقض من 20ص1056 جلسة 13/10/1969

سلطة القضاء في الحكم بالغرامة التهديدية

 

الحكم بالغرامة التهديدية يدخل في اختصاص كافة أنوع المحاكم من عادية أو استثنائية ، ومن مدنية أو تجارية أو جنائية إذا كانت تقضي في التزام مدني ، كما أن هذا الاختصاص ثابت لقاضي الأمور المستعجلة دون أن يصل إلى تحويل الغرامة التهديدية إلى تعويض حيث أن ذلك يخرج عن سلطته .

كذلك من المسلم به أن طلب الحكم بالغرامة التهديدية يجوز إبداءه في أية حالة كانت عليها الدعوى ولو لأول مرة أمام محكمة الاستئناف ويعلل البعض ذلك بأن هذا الطلب لايعتبر طلباً جديداً بل طلباً تابعاً المطلب الأصلي ويعلله البعض الأخر

ورأيهم الراجح بأنه إذا كان للمحكمة سواء كانت ابتدائية أم استئنافية أن تقضي من تلقاء نفسها بالغرامة التهديدة لمساندة حكمها بالتنفيذ العيني

ولضمان تنفيذه فليس هناك ما يمنع إبداء هذا الطلب لأول مرة أمام محكمة الاسئناف خاصة وأن هذا الطلب لا يعتبر في الحقيقة طلباً قضائيا بالمعنى المعروف والحكم بالغرامة التهديدية أمر جوازي لمحكمة الموضوع تقديره بحسب ظروف الدعوى ،ولا يخضع تقديرها في هذا الشأن لرقابة محكمة النقض أما توافر شروط الحكم بهذه الغرامة فمسألة قانونية تدخل في اختصاص هذه المحكمة

أنور سلطان ص 185

خصائص الحكم بالغرامة التهديدية

يتميز الحكم بالغرامة التهديدية بالخصائص الآتية:

أولا : أنه وسيلة تهديدية يقصد بها التغلب على المدين وامتناعه عن تنفيذ التزامه

ولذا يكون تقدير الغرامة تقديراً تحكمياً يراعى فيه القاضي المركز المالي للمدين ودرجة تعنته دون نظر إلى الضرر ويزيد القاضي من هذه الغرامة كلما طال تعنت المدين تحقيقاً للغرض منها ، ألا وهو ارهاب المدين لحمله على تنفيذ تعهده (م 213/2)

أنور سلطان ص 184

 وقد قضت محكمة النقض بأن

حكم الإلزام بدفع الغرامة التهديدية – وهي لا تعدو بدورها وبحسب طبيعتها أن تكون حكماً  تهديدياً بتعويض مؤقت للتغيير والتقدير طبقاً للمادة 213 من القانون المدني ومن ثم لا يجوز التنفيذ به جبراً عن المدين

الطعن رقم 10 لسنة 43ق جلسة 25/1/1983
الطعن رقم 232 لسنة 54ق جلسة 5/6/1991
ثانياً : الحكم بالغرامة التهديدية حكم وقتي

ويترتب على أن هذا الحكم وقتي أنه لا يجوز حجية الأمر المقضي ولو صار انتهائياً فيجوز للمدين أن يطلب إعفاءه من الغرامة أو خفضها إلى القدر المناسب ،

ولا يتعرض عليه في ذلك بأن الحكم صار انتهائياً ولا يجوز نظر موضوعه من جديد ، وكذلك يجوز للدائن إذا لم يتمثل المدين في وقت قريب أن يطلب إلى المحكمة زيادة الغرامة التهديدية بالقدر الذي يكفي للتغلب على عناد المدين ولا يعترض عليه في ذلك بحجية الأمر المقضي

ويترتب على أن هذا الحكم تهديدي أنه لا يعتبر سنداً تنفيذاً يخول الدائن أن يباشر التنفيذ على أموال المدين بالمبالغ المحكومة بها على سبيل التهديد

وإنما يتعين على الدائن أن يلجأ إلى المحكمة مرة أخرى بعد أن يتكشف موقف المدين من التنفيذ الذي أمرت به لكي يحصل منها على حكم جديد بتصفية قيمة الغرامة التهديدية في ضوء مسلك المدين ويكون هذا الجديد هو السند الصالح للتنفيذ

( سليمان مرقص  ص 102)
ثالثاً : أن الغرامة التي يحكم بها ليست تعويضاً عن ضرر وقع ، بل هي وسيلة لتوقي ضرر مستقل من طريق حمل المدين على تنفيذ التزامه

ومن ثم لا يراعى فيه أن يكون متناسبا مع الضرر الذي يحتمل وقوعه مستقبلاً بسبب عدم التنفيذ ، بل يراعى فيه أن يكون كافياً لحمل المدين على الوفاء فلا يتقيد القاضي في ذلك بقواعد تقدير التعويض بل يكون له فيه سلطة تحكمية وإنما يراعى فيه قدرة المدين المحتلة على المقاومة ،

أي على التمادي في رفض التنفيذ العيني فإذا كان المدين شركة قوية مثلاً وجب على القاضي أن يحكم بغرامة مرتفعة وعلى العكس إذا كان المدين شخصاً ضعيفاً ولأن الغرض من هذه الغرامة منع المدين من الاستمرار في عدم الوفاء كان من المتعين تقديرها والحكم بها عن كل فترة معينة يستمر فيها تأخير المدين في الوفاء عن الأجل الذي عين له

كأن تكون الغرامة عن كل يوم أو عن كل أسبوع أو عن كل شهر يمضي على المدين دون تنفيذ التزامه ولما كان الحكم بالغرامة التهديدية يختلف عن الحكم بالتعويض إذ التعويض لابد أن يبكون قدر الضرر فإنه يجب دائما تفسير حكم القضاء هل هو حكم بغرامة تهديدية أم  حكم بالتعويض حتى ولو أخطأت المحكمة وأعطت حكمها وصف الغرامة التهديدية

( عزمي البكري ص 568 )

الغرامة التهديدية لتنفيذ الالتزام

فمثلاً إذا التزم شخص بتسليم سيارة لآخر جاز للمحكمة أن تقضي بتعويض يومي عن كل يوم يتأخر فيه المدين عن تسليمها ويحرم فيه بالتالي الدائن من استعمالها والمرجع لمعرفة هل نحن بصدد تعويض أو غرامة تأخيرية يتلخص في معرفة هل المحكمة قضت بالمبلغ الذي قضت به مراعية الضرر الذي يصيب الدائن من التأخر في التنفيذ وبقدر هذا الضرر

إذا كان الأمر كذلك كنا بصدد حكم بالتعويض وإن كان التعويض محسوباً على أساس كل يوم من أيام التأخير أما إذا كان بصدد حكم يبدو فيه ارتفاع المبلغ المحكوم به عن الضرر الذي يصيب الدائن من التأخير في  التنفيذ   كان الحكم بغرامة تهديدية

( عزمي البكري ص 569 )

  • انتهي البحث القانوني ويمكن لحضراتكم التعليق في صندوق التعليقات بالأسفل لأى استفسار قانوني.
  • زيارتكم لموقعنا تشرفنا ويمكن الاطلاع علي المزيد من المقالات والأبحاث القانونية المنشورة للأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض في القانون المدني والملكية العقارية من خلال أجندة المقالات .
  • كما يمكنكم التواصل مع الأستاذ عبدالعزيز عمار المحامي من خلال الواتس اب شمال الصفحة بالأسفل.
  • كما يمكنكم حجز موعد بمكتب الأستاذ عبدالعزيز عمار المحامي من خلال الهاتف ( 01285743047 ) وزيارتنا بمكتبنا الكائن مقره مدينة الزقازيق 29 شارع النقراشي – جوار شوادر الخشب – بعد كوبري الممر – برج المنار – الدور الخامس زيارة مكتبنا بالعنوان الموجود على الموقع.
  • يمكن تحميل الأبحاث من أيقونة التحميل pdf في نهاية كل مقال وكل بحث ، ونعتذر لغلق امكانية النسخ بسبب بعض الأشخاص الذين يستحلون جهد الغير في اعداد الأبحاث وتنسيقها ويقومون بنشرها علي مواقعهم الالكترونية ونسبتها اليهم وحذف مصدر البحث والموقع الأصلي للبحث المنشور ، مما يؤثر علي ترتيب موقعنا في سيرش جوجل ، أعانهم الله علي أنفسهم .
logo2
المقالة حصرية ومحمية بحقوق النشر الحقوق محفوظة © لمكتب الأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض
Print Friendly, PDF & Email
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض

الأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض خبرات قضائية فى القانون المدنى والملكية العقارية ودعاوى الإيجارات ودعاوى الموظفين قطاع حكومى وخاص وطعون مجلس الدولة والنقض ليسانس الحقوق 1997

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

* { -webkit-touch-callout: none; /* iOS Safari */ -webkit-user-select: none; /* Safari */ -khtml-user-select: none; /* Konqueror HTML */ -moz-user-select: none; /* Old versions of Firefox */ -ms-user-select: none; /* Internet Explorer/Edge */ user-select: none; /* Non-prefixed version, currently supported by Chrome, Opera and Firefox */ }