الغرامة التهديدية لتنفيذ الالتزام العيني ( المادة 213 مدني )

أعطت المادة 212 مدني الحق للدائن أن يتحصل علي حكم بالغرامة التهديدية علي المدين يقدرها القاضي لاجباره علي التنفيذ عينا فما هي هذه الغرامة التهديدية

نص المادة 213 مدني

الغرامة التهديدية لتنفيذ الالتزام

  1.  إذا كان تنفيذ الالتزام عيناً غير ممكن أو غير ملائم إلا إذا قام به المدين نفسه جاز للدائن أن يحصل على حكم بإلزام المدين بهذا التنفيذ وبدفع غرامة تهديدية إن امتنع عن ذلك.
  2.  وإذا رأى القاضي أن مقدار الغرامة ليس كافياً لإكراه المدين الممتنع عن التنفيذ جاز له أن يزيد في الغرامة كلما رأى داعيا للزيادة.

النصوص العربية المقابلة للمادة 213 مدني

هذه المادة تقابل نصوص القانون المدني بالأقطار العربية المادة 216 ليبي و 253 عراقي و214سوري و 211 كويتي و 251 لبناني و196 سوداني .

وقد ورد هذا النص في المادتين 291، 291 من المشروع التمهيدي على وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين  الجديد ووافقت عليها لجنة المراجعة تحت رقمي 219و 220 من المشروع النهائي ووافق عليها مجلس النواب وفي لجنة مجلس الشيوخ أدمجت المادتين في مادة واحدة وأصبح رقمها 213 وفسرت عبارة غير ملائم بالمثل الذي التزم بعدم التمثيل على المسرح آخر ثم أخل بالتزامه فالتنفيذ العيني هنا ممكن ولكنه غير ملائم ووافق مجلس الشيوخ على المادة كما أقرتها لجنته

( مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 536 – ص 538 )

وجاء بمذكرة المشروع التمهيدي أنه

وتسري قواعد الغرامات التمهيدية على كل التزام بعمل أو بامتناع عن عمل أياً كان مصدره متى كان الوفاء به عينا لا يزال في حدود الإمكان وكان هذا الوفاء يقتضي تدخل المدين نفسه والغرامة التهديدية هي مبلغ من المال يقتضي بإلزام المدين بأدائه عن كل يوم أو أسبوع أو شهر أو أية فترة معينة من الزمن أو عن إخلال يرد على الالتزام ويقصد من هذه الغرامة إلى التغلب على ممانعة المدين المتخلف ، ولهذا أجيز للقاضي أن يزيد فيها إزاء تلك الممانعة كلما آنس أن ذلك أكفل بتحقيق الغرض المقصود

الأعمال التحضيرية للمادة 212 مدني

لعل أهم ما عيب علي نظام الغرامات التهديدية في وضعه الراهن أنه لا يستند إلي نص التشريع بل هو وليد اجتهاد القضاء وقد تصدى المشروع إلي تدارك هذا العيب فأورد هذه المواد الثلاث بإعتبارها سنداً تشريعيا يركن إليه عند التطبيق وهي بعد ليست ألا تقنياً لما جري عليه القضاء من قبل

وتسري قواعد الغرامات التهديدية علي كل إلتزام بعمل أو بإمتناع عن عمل أيا كان مصدره متي كان الوفاء به عينا لا يزال في حدود الإمكان وكان هذا الوفاء يقتضي تدخل المدين نفسه والغرامة التهديدية هي مبلغ من المال يقضي بإلزام المدين بأدائه عن كل يوم أسبوع أو شهر أو أية فترة معينة من الزمن أو عن كل إخلال يرد علي الإلتزام

ويقصد من هذه الغرامة إلي التغلب علي ممانعة المدين المتخلف ، ولهذا أجيز للقاضي أن يزيد فيها إزاء  تلك الممانعة كلما آنس أن ذلك أكفل بتحقيق الغرض المقصود .

ويبدو أن الحكم الصادر بالغرامة التهديدية حكم موقوت تنتفي علة قيامة متي اتخذ المدين موقفاً نهائياً منه إما بوفائه بالإلتزام وإما بإصراره علي التخلف فإذا استبان هذا الموقف وجب علي القاضي أن يعيد النظر في حكمه ليفصل في موضوع الخصومة ، فإن كان المدين قد أوفي بإلتزامه حط عنه الغرامة إزاء  استجابته لما أمر به وإلزامه بتعويض عن التأخر ، لا أكثر

وأن اصر المدين علي عنادة نهائيا قدر التعويض الواجب عن الضرر الناشئ عند عدم الوفاء ولكن ينبغي أن يراعي في هذا التقدير ما يكون من أمر ممانعة المدين تعنتاً بإعتبار هذه الممانعة عنصراً أدبيا من عناصر احتساب التعويض وفي هذا النطاق يتمثل لب نظام الغرامات المالية معقل القوة فيه .

ويتضح مما تقدم أن الغرامة التهديدية ليست ضربا من ضروب التعويض وإنما عن طريق من طرق التنفيذ رسمها القانون وقصر نطاق تطبيقها علي الإلتزامات التي يقتضي الوفاء بها تدخل المدين بنفسه .

(مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني – جزء 2- ص 539و540)

الشرح والتعليق علي الغرامة التهديدية

الغرامة التهديدية لتنفيذ الالتزام

المقصود بالغرامة التهديدية

يقصد بالغرامة التهديدية أو التهديد المالي الحكم على المدين – بناء على طلب الدائن – بمبلغ معين عن كل يوم أو أية وحدة زمنية يتأخر فيها عن تنفيذ التزامه إلى ما بعد الوقت الذي يحدده القاضي للتنفيذ وتستمر الغرامة حتى يقوم المدين بالتنفيذ فهي ليست تعويضاً للدائن من جهة أخرى ولكنها وسيلة لحث المدين على تنفيذ التزامه عن طريق أثرها النفسي عليه

محمد كمال عبد العزيز ص 766

طبيعة الغرامة النهديدية

الغرامة التهديدية ليست تعويضاً فهي لا تقاس بمقياس الضرر ولا يتوقف عليه إطلاقاً وإذا حكم القاضي بغرامة تهديدية لا يسبب حكمه بخلاف الحكم بالتعويض فإنه واجب التسبيب كما أن الغرامة التهديدية ليست عقوبة خاصة وإن كانت تشبه العقوبة والفرق بينهما أن العقوبة نهائية يجب تنفيذها كما نطق بها أما الغرامة التهديدية فهي شيء وقتي قدمنا

ولا تنفذ إلا عندما تتحول إلى تعويض نهائي وهي في هذا التحول قد تنقض أو تلغي فالذي ينفذ في الواقع من الأمر ليس هو الغرامة التهديدية الوقتية بل هو التعويض النهائي وإنما الغرامة التهديدية وسيلة للضغط على المدين والتغلب على عناده حتى يحمل على تنفيذ التزامه فهي إذن وسيلة من وسائل التنفيذ العيني الجبري

وهي وسيلة غير مباشرة تتفق في هذا مع الإكراه البدني الذي هو أيضاً وسيلة غير مباشرة وتختلف عن التنفيذ القهري وهو وسيلة مباشرة ولما كانت الغرامة التهديدية وسيلة غير مباشرة فهي قد تنجح وقد لا تنجح تبعاً لما انتهى إليه المدين من تنفيذ التزامه والإصرار على عدم التنفيذ

( السنهوري ص 737 )

شروط الحكم بالغرامة التهديدية

يشترط للحكم بالغرامة التهديدية توافر الشروط الآتية

الشرط الأول :  أن يكون تنفيذ الالتزام عيناً لا يزال ممكنا

تفترض طبيعة الحكم بالغرامة التهديدية أن يكون هناك التزام لا يزال في الإمكان تنفيذه عيناً فإذا لم يكن هناك التزام أصلا فلا يتصور الحكم بالغرامة التهديدية وعلى ذلك لا يجوز الالتجاء إلى التهديد المالي لإجبار أحد الخصوم في دعوى على الخصوم أمام المحكمة لأنه ليس ملزما بالحضور ، كذلك لا يجوز الاستعانة به لحمل أحد الشركاء في جريمة على إفشاء أسماء شركائه لأنه ليس ملزما قانونا بذلك

أنور سلطان ص 181

على أن وجود الالتزام لا يكفي لتبرير الحكم بالغرامة التهديدية بل يجب أن يكون تنفيذه عينا لا يزال ممكنا أما أن أصبح التنفيذ العيني مستحيلاً كهلاك العين المطلوب تسليمها أو أصابة الرسام بشلل يمنعه من الرسم أو قيام المدين بالعمل الذي حظر عليه ، ففي هذه الحالات وما شابهها يمتنع القضاء بالغرامة التهديدية  لانتفاء محلها على أنه إذا قضى بها ثم قام المدين بتنفيذ التزامه عينا في الوعد الذي حددته المحكمة فلا تسري الغرامة المقضي بها لأنها مشروطة بعدم التنفيذ

أنور طلبة ص 206
الشرط الثاني :  أن يكون التنفيذ العيني غير ممكن أو غير ملائم إلا إذا قام به المدين نفسه

يشترط ثانيا أن يكون التنفيذ العيني غير ممكن أو ملائم إلا إذا قام به المدين نفسه وذلك كما في الالتزام بالقيام بعمل كالتزام المهندس بتقديم رسم هندسي أو رسام بعمل لوحة أو بإلزام شخص بتقديم مستندات تحت يده أو بإلزام وكيل بتقديم حساب ولا يجوز في هذه الحالات إكراه المدين على التدخل لما في ذلك من مساس بحريته الشخصية وهو غير جائز فلا يكون من سبيل إلا الغرامة التهديدية

وكذلك يجوز اللجوء للغرامة التهديدية في الالتزام بالامتناع عن عمل كالتزام ممثل بعدم التمثيل في فرقة معينة أو التزام مهندس  بعدم العمل بمصنع معين أو التزام تاجر بعدم فتح متجر خاص بتجارة معينة في منطقة معينة ، ففي هذه الحالات يجوز اللجوء للغرامة التهديدية حتى يكف المدين عن الإخلال بالتزامه

ولكن إذا تعلق الالتزام بنقل حق ملكية أو حق عيني آخر فإن الغرامة التهديدية لا يكون لها محل ذلك لأن تنفيذ هذا الالتزام تنفيذاً عينياً يكون ممكنا بدون تدخل المدين كذلك لا داعي إلى الحكم بالغرامة التهديدية إذا كان محل الالتزام مبلغاً من النقود لأن في مكنة التنفيذ على أموال المدين ما يغني عنها

الشرط الثالث : الإلتجاء إلى المطالبة بالغرامة التهديدية

يجب أن يطلب الدائن الحكم بالغرامة التهديدية ويخضع هذا الطلب متى توافر الشرطان السابقان لتقدير القاضي فقد يجيبه وقد يرفضه ويجوز إبداء هذا الطلب في أية حالة كانت عليها الدعوى حتى أمام الاستئناف دون اعتبار ذلك طلباً جديدا

أنور طلبه ص 207

ومن ثم يجب لصدور حكم بالتهديد المالي توافر الشروط الثلاثة التالية :

  • (1) أن يكون التنفيذ العيني للإلتزام ممكنا وأن يكون المدين ممتنعا عن التنفيذ اما إذا أصبح التنفيذ العيني مستحيلا كأن هلك الشئ المطلوب تسليمه أو أتي المدين العمل الذي إلتزام بالإمتناع عنه فلا محل للالتجاء إلي التهديد المالي إذا أصبح غير ذي موضوع .
  • (2) أن يكون تدخل الشخص واجباً التنفيذ وبغير هذا التدخل يكون التنفيذ غير ممكن أو غير ملائم .
  • (3) أن يطالب الدائن بالتهديد المالي فلا يجوز أن تقضي المحكمة من تلقاء نفسها بغرامة تهديدية وللدائن أن يطلب الحكم بالغرامة في أية حالة كانت عليها الدعوى ولو لأول مرة أمام محكمة الإستئناف وللمحكمة سلطة التقدير حتي لو كانت الشروط متوافرة ، ولا تخضع في تقديرها لرقابة محكمة النقض .

مميزات الحكم بالتعهد المالي

للحكم بالتعهد المالي المميزات التالية :

(أ) يقدر التهديد المالي عن كل وحدة من الزمن يتأخر فيها المدين عن تنفيذ إلتزامة ولا يقدر مبلغا إجمالياً دفعة واحدة حتي يتحقق معني التهديد بأنه كلما طال وقت تأخر المدين عن التنفيذ كلما زاد مبلغ الغرامة التهديدية .

(ب) التهديد المالي تحكمي فلا مقياس له إلا بقدر حمل المدين علي التنفيذ بل ينظر فيه إلي موارد المدين المالية وقدرته علي المطاولة ويجوز للقاضي أن يزيد في الغرامة التهديدية كلما رأي داعيا للزيادة فليس للحكم بالغرامة التهديدية صحية الأمر المقضي .

(حـ) تهديد المالي حكم وقتي وتهديد يجوز عند تحويله إلي تعويض نهائي أن ينقض منه أو يلغي .

 فالغرامة التهديدية ليست تعويضاً  فيه لا تقاس بمقياس الضرر وليست عقوبة خاصة لأنها لا تنفذ بل الذي ينفذ هو التعويض النهائي وإنما هي وسيلة للضغط علي المدين والتغلب علي عناده حتي يحمل علي تنفيذ إلتزامه فهي وسيلة غير مباشرة للتنفيذ العيني القهري شأنها في ذلك شأن الإكراه البدني

فإما أن يقلع المدين عن عناده ويغمد إلي تنفيذ إلتزامه أو أن يصر علي موقفة ويصمم علي عدم التنفيذ وعندئذ وجب تحويل الغرامة التهديدية إلي تعويض نهائي فيلجا الدائن إلي محكمة الموضوع طالباً تصفية الغرامة التهديدية والحكم بتعويض نهائي .

وعناصر التعويض النهائي هي نفس عناصر التعويض العادي :
  • ما أصاب الدائن من خسارة وما فاته من نفع من جراء عدم التنفيذ أو من جراء التأخر في التنفيذ إذا كان المدين قد رجع عن عناده وقام بتنفيذ إلتزامه
  • فضلاً عن عنصر أدبي يتمثل في العنت الذي بدأ في المدين وعناده وتعنته وإصراره علي عدم تنفيذ إلتزامه أو تأخره المتعمد في هذا التنفيذ .

ويجب علي القاضي في جميع الأحوال عند تحويل التهديد المالي إلي تعويض أن يسبب حكمه وأن يبين في الأسباب أن التعويض قد قيس بمقياس الضرر الذى أصاب الدائن ذلك أن الحكم بالغرامة التهديدية لا يسبب بخلاف الحكم بالتعويض فإنه واجب التسبيب .

( الوسيط -2-للدكتور السنهوري – ص 804 وما بعدها وكتاب الوجيز ص 783 وما بعدها النظرية العامة للإلتزام – الدكتور إسماعيل غانم – جزء 2 – ص 21 و ما بعدها )

تطلب التنفيذ لتدخل شخص من المدين

الغرامة التهديدية لتنفيذ الالتزام

قد يتطلب التنفيذ العيني للالتزام التدخل الشخصي من المدين فإن امتنع عن التنفيذ جاز للدائن أن يستصدر ضده حكماً بإلزامه بهذا التنفيذ وبدفع غرامة تهديدية أن امتنع عن ذلك وهذا الحكم هو ما نصت عليه المادة 213 مدني سالفة الذكر في فقرتها الأولى بقولها إذا كان تنفيذ الالتزام عينا غير ممكن أو غير ملائم إلا إذا قام به المدين نفسه جاز للدائن أن يحصل على حكم بإلزام المدين بهذا التنفيذ وبدفع غرامة تهديدية أن امتنع عن ذلك

وقد قضت محكمة النقض بأن

الغرامة التهديدية كما يدل عليه اسمها وتقتضيه طبيعتها هي – كالإكراه البدني – ليس فيها أي معنى من المعاني الملحوظة في العقوبة . كما أنه ليس فيها معنى التعويض عن الضرر وإنما الغرض منها هو إجبار المدين على تنفيذ التزامه على الوجه الأكمل وهي لا تدور مع الضرر وجوداً وعدماً

ولا يعتبر التجاوز عنها في ذاته تجاوز بالضرورة عن ضرر حاصل أو تنازلاً عن تعويض الضرر بعد استحقاقه خصوصاً إذا اقتضى عدم التمسك بها دواعي العدالة أو دوافع المصلحة كما أن ورودها في القيود الدفترية الحسابية للمنشأة لا يغير من طبيعتها التهديدية لا التعويضية هذه ،وذلك للعلة المتقدمة ،

ولأن من القيود الدفترية ما هو حسابات نظامية بحت لا تمثل ديوناً حقيقية ومنها ما هو عن ديون تحت التسوية  والمراجعة وإذا كان ذلك نتيجة الجريمة المسندة إلى المتهم هي الإضرار بمصالح الجهة صاحبة الحق في التمسك بالغرامة التهديدية

تعين ابتداء أن يثبت الحكم وقوع الضرر بما ينحسم به أمره لأنه لا يستفاد بقوة الأشياء من مجرد عدم التمسك بإيقاع تلك الغرامة ولا يستفاد كذلك بإدراج مبلغها في دفاتر المنشأة وذلك كله بفرض أن المتهم صاحب الشأن في إيقاعها أو التنازل عن التمسك بها

مجموعة محكمة النقض من 20ص1056 جلسة 13/10/1969

سلطة القضاء في الحكم بالغرامة التهديدية

الغرامة التهديدية لتنفيذ الالتزام

الحكم بالغرامة التهديدية يدخل في اختصاص كافة أنوع المحاكم من عادية أو استثنائية ، ومن مدنية أو تجارية أو جنائية إذا كانت تقضي في التزام مدني ، كما أن هذا الاختصاص ثابت لقاضي الأمور المستعجلة دون أن يصل إلى تحويل الغرامة التهديدية إلى تعويض حيث أن ذلك يخرج عن سلطته .

كذلك من المسلم به أن طلب الحكم بالغرامة التهديدية يجوز إبداءه في أية حالة كانت عليها الدعوى ولو لأول مرة أمام محكمة الاستئناف ويعلل البعض ذلك بأن هذا الطلب لايعتبر طلباً جديداً بل طلباً تابعاً المطلب الأصلي ويعلله البعض الأخر

ورأيهم الراجح بأنه إذا كان للمحكمة سواء كانت ابتدائية أم استئنافية أن تقضي من تلقاء نفسها بالغرامة التهديدة لمساندة حكمها بالتنفيذ العيني

ولضمان تنفيذه فليس هناك ما يمنع إبداء هذا الطلب لأول مرة أمام محكمة الاسئناف خاصة وأن هذا الطلب لا يعتبر في الحقيقة طلباً قضائيا بالمعنى المعروف والحكم بالغرامة التهديدية أمر جوازي لمحكمة الموضوع تقديره بحسب ظروف الدعوى ،ولا يخضع تقديرها في هذا الشأن لرقابة محكمة النقض أما توافر شروط الحكم بهذه الغرامة فمسألة قانونية تدخل في اختصاص هذه المحكمة

أنور سلطان ص 185

خصائص الحكم بالغرامة التهديدية

يتميز الحكم بالغرامة التهديدية بالخصائص الآتية:

أولا : أنه وسيلة تهديدية يقصد بها التغلب على المدين وامتناعه عن تنفيذ التزامه

ولذا يكون تقدير الغرامة تقديراً تحكمياً يراعى فيه القاضي المركز المالي للمدين ودرجة تعنته دون نظر إلى الضرر ويزيد القاضي من هذه الغرامة كلما طال تعنت المدين تحقيقاً للغرض منها ، ألا وهو ارهاب المدين لحمله على تنفيذ تعهده (م 213/2)

أنور سلطان ص 184

 وقد قضت محكمة النقض بأن

حكم الإلزام بدفع الغرامة التهديدية – وهي لا تعدو بدورها وبحسب طبيعتها أن تكون حكماً  تهديدياً بتعويض مؤقت للتغيير والتقدير طبقاً للمادة 213 من القانون المدني ومن ثم لا يجوز التنفيذ به جبراً عن المدين

الطعن رقم 10 لسنة 43ق جلسة 25/1/1983
الطعن رقم 232 لسنة 54ق جلسة 5/6/1991
ثانياً : الحكم بالغرامة التهديدية حكم وقتي

ويترتب على أن هذا الحكم وقتي أنه لا يجوز حجية الأمر المقضي ولو صار انتهائياً فيجوز للمدين أن يطلب إعفاءه من الغرامة أو خفضها إلى القدر المناسب ،

ولا يتعرض عليه في ذلك بأن الحكم صار انتهائياً ولا يجوز نظر موضوعه من جديد ، وكذلك يجوز للدائن إذا لم يتمثل المدين في وقت قريب أن يطلب إلى المحكمة زيادة الغرامة التهديدية بالقدر الذي يكفي للتغلب على عناد المدين ولا يعترض عليه في ذلك بحجية الأمر المقضي

ويترتب على أن هذا الحكم تهديدي أنه لا يعتبر سنداً تنفيذاً يخول الدائن أن يباشر التنفيذ على أموال المدين بالمبالغ المحكومة بها على سبيل التهديد

وإنما يتعين على الدائن أن يلجأ إلى المحكمة مرة أخرى بعد أن يتكشف موقف المدين من التنفيذ الذي أمرت به لكي يحصل منها على حكم جديد بتصفية قيمة الغرامة التهديدية في ضوء مسلك المدين ويكون هذا الجديد هو السند الصالح للتنفيذ

( سليمان مرقص  ص 102)
ثالثاً : أن الغرامة التي يحكم بها ليست تعويضاً عن ضرر وقع ، بل هي وسيلة لتوقي ضرر مستقل من طريق حمل المدين على تنفيذ التزامه

ومن ثم لا يراعى فيه أن يكون متناسبا مع الضرر الذي يحتمل وقوعه مستقبلاً بسبب عدم التنفيذ ، بل يراعى فيه أن يكون كافياً لحمل المدين على الوفاء فلا يتقيد القاضي في ذلك بقواعد تقدير التعويض بل يكون له فيه سلطة تحكمية وإنما يراعى فيه قدرة المدين المحتلة على المقاومة ،

أي على التمادي في رفض التنفيذ العيني فإذا كان المدين شركة قوية مثلاً وجب على القاضي أن يحكم بغرامة مرتفعة وعلى العكس إذا كان المدين شخصاً ضعيفاً ولأن الغرض من هذه الغرامة منع المدين من الاستمرار في عدم الوفاء كان من المتعين تقديرها والحكم بها عن كل فترة معينة يستمر فيها تأخير المدين في الوفاء عن الأجل الذي عين له

كأن تكون الغرامة عن كل يوم أو عن كل أسبوع أو عن كل شهر يمضي على المدين دون تنفيذ التزامه ولما كان الحكم بالغرامة التهديدية يختلف عن الحكم بالتعويض إذ التعويض لابد أن يبكون قدر الضرر فإنه يجب دائما تفسير حكم القضاء هل هو حكم بغرامة تهديدية أم حكم بالتعويض حتى ولو أخطأت المحكمة وأعطت حكمها وصف الغرامة التهديدية

( عزمي البكري ص 568 )

الغرامة التهديدية لتنفيذ الالتزام

فمثلاً إذا التزم شخص بتسليم سيارة لآخر جاز للمحكمة أن تقضي بتعويض يومي عن كل يوم يتأخر فيه المدين عن تسليمها ويحرم فيه بالتالي الدائن من استعمالها والمرجع لمعرفة هل نحن بصدد تعويض أو غرامة تأخيرية يتلخص في معرفة هل المحكمة قضت بالمبلغ الذي قضت به مراعية الضرر الذي يصيب الدائن من التأخر في التنفيذ وبقدر هذا الضرر

إذا كان الأمر كذلك كنا بصدد حكم بالتعويض وإن كان التعويض محسوباً على أساس كل يوم من أيام التأخير أما إذا كان بصدد حكم يبدو فيه ارتفاع المبلغ المحكوم به عن الضرر الذي يصيب الدائن من التأخير في التنفيذ  كان الحكم بغرامة تهديدية

( عزمي البكري ص 569 )
Print Friendly, PDF & Email
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض

الأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض خبرات قضائية فى القانون المدنى والملكية العقارية ودعاوى الإيجارات ودعاوى الموظفين قطاع حكومى وخاص وطعون مجلس الدولة والنقض ليسانس الحقوق 1997

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

لا يمكنك نسخ محتوى هذه الصفحة