التقادم الجنائي
هل التقادم الجنائي في جنح المباني هو نفسه التقادم بصفة عامة للجنح المنصوص عليه عليه في قانون الاجراءات الجنائية أم أن له تقادم خاص سنعرف ذلك في هذا البحث الى جانب بيان أثر الصلح في جرائم المباني علي التقادم .
محتويات المقال
لقد جعل النظام القانوني لمضي المدة أثراً على الحقوق التي يقررها القانون سواء في محيط القانون العام أو الخاص .
فقد راعى المشرع أن مضي مدة معينة يقف فيها صاحب الحق موقفاً سلبياً لا يطالب فيه بحقه هو نوع من التراخي في إستعمال الحق ولذلك حرم من إمكان الإلتجاء إلى القضاء بعد مضي المدة المقررة وذلك ضماناً للثبات القانوني الذي هو من أسس الأنظمة القانونية في المجتمع .
وتطبيقاً لذلك نظم المشرع الجنائي في المواد 15 ، 18 من قانون الإجراءات الجنائية حالات التقادم فقرر
أن مضي مدة معينة على الجريمة وعلى الدعوى الناشئة عنها دون إتخاذ إجراء فيها يعد سبباً مسقطاً لها ولذا فإذا تقاعست النيابة العامة عن تحريك الدعوى الجنائية أو مباشرتها في مدة معينة فإنه هذه الدعوى تنقضي بمضي المدة .
نطاق أحكام إنقضاء الدعوى بمضي المدة
تسري أحكام إنقضاء الدعوى بمضي المدة على كل جريمة سواء كانت معلومة للمجني عليه أم مجهولة وسواء حصل عنها تبليغ للسلطات المختصة أم لم يحصل وسواء كان منصوصا عليها في قانون العقوبات أم في قوانين خاصة وذلك ما دامت الدعوى قائمة لم تقدم إلى القضاء بعد ما لم يصدر فيها حكم نهائي .
ولا يغني عن الحكم النهائي حكم إبتدائي قابل للمعارضة أو للإستئناف ولا حكم إستئنافي قابل للمعارضة أو النقض وذلك لأن الحكم الإبتدائي أو الغيابي أو الإستئنافي القابل للطعن لا ينهي الدعوى بل هو مجرد من إجراءاتها
فإذا طعن في مثل هذه الأحكام وأهملت النيابة في تقديم الطعن إلى المحكمة المختصة ومضت المدة المطلوبة سقطت الدعوى الجنائية وإعتبر الطعن في الحكم المطعون فيه بمثابة آخر إجراء من إجراءات الدعوى يبدأ ميعاد السقوط في اليوم الثاني عملاً بالقاعدة المتبعة .
أما إذا أصبح الحكم نائياً حائزاً لحجية الشئ المحكوم فيه بإستنفاد طرفي الطعن أو لفوات مواعيده فإنه يسقط عندئذ بمضي المدة المقررة لسقوط العقوبة لا محل لسريان المدة المقرر لسقوط الطعن .
فتنص المادة 15 / 1 إجراءات على أن
تنقضي الدعوى الجنائية في مواد الجنايات بمضي عشر سنين من يوم وقوع الجريمة وفي مواد الجنح بمضي ثلاث سنين، وفي مواد المخالفات بمضي سنة ، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك.
بينما تنص المادة 528 إجراءات على أن
تسقط العقوبة المحكوم بها في جناية بمضي عشرين سنة ميلادية إلا عقوبة الإعدام فإنها تسقط بمضي ثلاثين سنة . وتسقط العقوبة المحكوم بها في جنحة بمضي خمس سنين . وتسقط العقوبة المحكوم بها في مخالفة بمضي سنتين .
وعلة هذا أن حكم الإدانة أعمق أثراً من مجرد الإتهام العادي الذي يصاحب الجريمة عند وقوعها ويبقى في أذهان الجمهور مدة أطول .
وإستثناء من القاعدة المتقدمة نصت المادة 394 إجراءات على أنه
لا يسقط الحكم الصادر غيابياً من محكمة الجنايات في جناية بمضي المدة ، وإنما تسقط العقوبة المحكوم بها ، ويصبح الحكم نهائيا بسقوطها .
حكمة الإستثناء
أن الحكم الغيابي الصادر بالعقوبة في جناية من محكمة الجنايات له طبيعته الخاصة ويوصف عادة بأنه حكم تمهيدي لأنه يسقط حتماً إذا حضر المحكوم عليه أو قبض عليه وقد أخضعه القانون لقاعدة إنقضاء الأحكام النهائية وجعل سقوطه رهناً بسقوط العقوبة المحكوم بها وهو إستثناء ليس في صالح المتهم لأن مدة سقوط الدعوى في الجنايات عشر سنوات في حين أن مدة سقوط العقوبة عشرون سنة أو ثلاثون سنة إذا كان الحكم بالإعدام .
ويشترط أن يكون الحكم صادراً من محكمة الجنايات في جناية أما إذا كان صادراً في جنحة غيابياً فهو يخضع للقاعدة العامة من ناحية سقوطه بالمدة اللازمة لسقوط المدعي .
المستشار عز الدين الدناصوري ، وعبد الحميد الشواربي – المرجع السابق ص 1706 وما بعدها ، والدكتور فتحي سرور – المرجع السابق ، آمال عثمان ، والدكتور مأمون سلامة – المرجع السابق
الدفع بإنقضاء الدعوى بمضي المدة
هو دفع يتعلق بالأهداف المنشودة من السياسة الجنائية الخاصة بالعقوبة التي تقوم على مصلحة المجتمع ذاته والتي ترمي إلى إصلاح الجاني وأنه طالما أن محاكمة الجاني قد مضى عليها المدة المحددة فلن تنتج آثارها من حيث الإصلاح المنشود من العقوبة ولذلك فمن مصلحة المجتمع ذاته إسدال الستار عن الجريمة المرتكبة بعد إنقضاء فترة زمنية معينة
(الدكتور مأمون سلامة – المرجع السابق ص 153)
وقد قضت محكمة النقض بأن
إن نصوص القانون الخاصة بالتقادم تتعلق بالنظام العام لأنها تستهدف المصلحة العامة لا مصلحة شخصية للمتهم، مما يستوجب إعمال حكمها على الجرائم السابقة على تاريخ صدورها وإن كان في ذلك تسوئ لمركزه، ما دام أنه لم يصدر في الدعوى حكم نهائي.
[الطعن رقم 2442 – لسنــة 24 ق – تاريخ الجلسة 01 / 02 / 1955 – مكتب فني 6 – رقم الجزء 2 – رقم الصفحة 500 – تم رفض هذا الطعن]
التقادم الجنائي دفع متعلق بالنظام العام
إنه وإن كان الفصل في الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم يسبق في الأصل الفصل في موضوع الدعوى لما قد يترتب عليه فيما لو ثبت للمحكمة رفع الدعوى بعد مضي المدة من القضاء بالبراءة دون ما حاجة لبحث مقومات الاتهام وتمحيص دلائله وباعتبار أن سقوط الدعوى الجنائية بمضي المدة من النظام العام مما يتعين معه على المحكمة أن تحكم – ولو من تلقاء نفسها ومن غير أن يدفع المتهم بالسقوط ببراءة كل متهم ترفع عليه الدعوى بعد مضي المدة
فإذا لم تفعل جاز الدفع به في أية حالة كانت عليها الدعوى، ولو لأول مرة أمام محكمة النقض – إلا أنه لما كان من المقرر أيضاً أن المحكمة غير ملزمة حتماً بأن تفصل في الدفوع الفرعية قبل فصلها في الموضوع وأن لها أن تضم هذه الدفوع إلى الموضوع وتصدر في الدعوى برمتها حكماً واحداً
فإنه لا يوجد قانوناً ما يمنعها من الحكم في موضوع الدعوى بالبراءة دون أن تلج الدفوع التي إنما رمى صاحبها من إثارتها بلوغ ذات النتيجة بإثبات انقضاء الدعوى الجنائية لأي سبب من أسباب الانقضاء وبما يؤدي بالضرورة إلى البراءة.
[الطعن رقم 50 – لسنــة 35 ق – تاريخ الجلسة 28 / 06 / 1965 – مكتب فني 16 – رقم الجزء 2 – رقم الصفحة 624 – تم رفض هذا الطعن]
إن الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم تجوز إثارته في أية حالة كانت عليها الدعوى، ولو لأول مرة أمام محكمة النقض لتعلقه بالنظام العام، إلا أنه يشترط أن يكون في الحكم ما يفيد صحة هذا الدفع.
[الطعن رقم 105 – لسنــة 28 ق – تاريخ الجلسة 06 / 05 / 1958 – مكتب فني 9 – رقم الجزء 2 – رقم الصفحة 475 – تم رفض هذا الطعن]
وقد قضت محكمة النقض بأن
من المقرر أن الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية من الدفوع المتعلقة بالنظام العام ويجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض مادامت مدونات الحكم ترشح له.
[الطعن رقم 1046 – لسنــة 42 ق – تاريخ الجلسة 22 / 04 / 1973 – مكتب فني 24 – رقم الجزء 2 – رقم الصفحة 538 – تم رفض هذا الطعن]
وبأنه من المقرر أن الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة دفع جوهري وهو من الدفوع المتعلقة بالنظام العام .
[الطعن رقم 1697 – لسنــة 48 ق – تاريخ الجلسة 08 / 02 / 1979 – مكتب فني 30 – رقم الجزء 1 – رقم الصفحة 231 – تم قبول هذا الطعن]
وبأنه أن مجال بحث انقضاء الدعوى الجنائية من عدمه يتأتى بعد أن يتصل الطعن بمحكمة النقض اتصالا صحيحا بما يبيح لها أن تتصدى لبحثه وإبداء حكمها فيه.
[الطعن رقم 906 – لسنــة 49 ق – تاريخ الجلسة 12 / 11 / 1979 – مكتب فني 30 – رقم الجزء 1 – رقم الصفحة 802 – تم رفض هذا الطعن]
وبأنه إن نصوص القانون الخاصة بالتقادم تتعلق بالنظام العام لأنها تستهدف المصلحة العامة لا مصلحة شخصية للمتهم، مما يستوجب إعمال حكمها على الجرائم السابقة على تاريخ صدورها وإن كان في ذلك تسوئ لمركزه، ما دام أنه لم يصدر في الدعوى حكم نهائي.
[الطعن رقم 2442 – لسنــة 24 ق – تاريخ الجلسة 01 / 02 / 1955 – مكتب فني 6 – رقم الجزء 2 – رقم الصفحة 500 – تم رفض هذا الطعن]
وبأنه إذا دفع لدى المحكمة الإستئنافية بسقوط الحق في إقامة الدعوى العمومية لمضي أكثر من ثلاث سنوات على تاريخ الواقعة المقامة هي من أجلها، ولم تفصل المحكمة في هذا الدفع، بل أيدت الحكم الابتدائي القاضي بالإدانة أخذاً بأسبابه غير المذكور فيها تاريخ الواقعة، تعين نقض حكمها.
[الطعن رقم 262 – لسنــة 3 ق – تاريخ الجلسة 21 / 11 / 1932 – مكتب فني 3 ع – رقم الجزء 1 – رقم الصفحة 21 – تم قبول هذا الطعن]
وبأنه لما كان من المقرر أن الدفع بانقضاء الدعوى بالتقادم الذي تمسك به المدافع عن الطاعن هو من الدفوع الجوهرية المتعلقة بالنظام العام مما يجوز إبداؤه لدى محكمة الموضوع في أي وقت وبأي وجه وعليها أن ترد عليه رداً كافياً سائغاً وإلا كان حكمها معيباً بما يستوجب نقضه.
ولما كان ما أورده الحكم المطعون فيه رداً على الدفع المبدى من الطاعن بانقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم قد جاء قاصر البيان فاسد التدليل ذلك أنه أعتبر الجريمة المسندة إلى الطاعنة وقد وقعت في تاريخ اكتشافها وهو تاريخ الإبلاغ بها دون أن يبين من الحكم أن المحكمة قد حققت واقعة تقاضي الطاعنة المبلغ وتاريخ وقوعها وأنها عجزت عن معرفة ذلك حتى يصح فيها اعتبار الجريمة قد وقعت في تاريخ اكتشافها والبدء في احتساب مدة التقادم من هذا التاريخ ومن ثم فإن الحكم يكون معيباً بما يستوجب نقضه والإحالة.
[الطعن رقم 3577 – لسنــة 54 ق – تاريخ الجلسة 15 / 11 / 1984 – مكتب فني 35 – رقم الجزء 1 – رقم الصفحة 778 – تم قبول هذا الطعن]
وبأنه من المقرر أن الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم تجوز إثارته في أية حاله كانت عليها الدعوى ولو لأول مرة أمام محكمة النقض لتعلقه بالنظام العام، طالما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه على ما سبق إيضاحه يفيد صحته.
[الطعن رقم 782 – لسنــة 58 ق – تاريخ الجلسة 20 / 04 / 1989 – مكتب فني 40 – رقم الجزء 1 – رقم الصفحة 531 – تم قبول هذا الطعن]
وبأنه الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم . جوهري لتعلقه بالنظام العام وجوب رد المحكمة عليه بما يسوغه
(نقض 6/4/1989 طعن رقم 8923 لسنة 58ق)
التقادم الجنائي في جرائم المباني
الأصل أن تبدأ مدة التقادم اعتبارا من تاريخ وقوع الجريمة (المادة 15 أ . ج) وتعيين هذا التاريخ تتقيد به محكمة الموضوع فإذا لم ينقطع فإن سريان المدة يبدأ من تاريخ آخر إجراء من الإجراءات التي قطعت التقادم (المادة 17/2 إجراءات جنائية)
وبالنسبة لحساب مدة التقادم لا يحتسب اليوم الذي وقعت فيه الجريمة وإنما يبدأ من اليوم التالي لوقوعها وذلك تطبيقاً للقواعد العامة في قانون العقوبات والتي تقضي بأنه إذا رتب القانون الجنائي أثراً قانونيا على زمن يحسب ذلك الزمن بالتقويم الميلادي ولا يدخل يوم البدء في حسبان المدد
غير أن المشرع إستحدث بالقانون رقم 63 لسنة 1975 حكماً جديداً بإضافة فقرة ثالثة للمادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية وهو
أنه لا تبدأ المدة المسقطة للدعوى الجنائية في الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات ، وكذلك جرائم المباني لأنها المتتابعة الأفعال .
(أ) جريمة البناء بدون ترخيص من الجرائم الوقتية المتتابعة الأفعال :
الجريمة المتتابعة الأفعال هي جريمة تقوم بأفعال متعددة متماثلة يجمع بينها وحدة الحق المعتدي عليه ووحدة الغرض الإجرامي المستهدف بها وكل فعل من الأفعال التي تقوم بها الجريمة المتتابعة الأفعال هو جريمة في ذاته ولو إكتفى بها المتهم لعوقب من أجلها
ومن ثم كان الوضع الطبيعي مقتضياً أن تتعدد جرائم المتهم بقدر عند أفعاله ولكن الشارع إعتبرها جريمة واحدة لما يجمع بين أفعالها من وحدة في محل الإعتداء والغرض المستهدف منه ، وبناء على ذلك فإن التقادم تراخى بدايته إلى اليوم التالي لإنتهاء آخر فعل داخل في تكوين الجريمة .
(الدكتور محمود نجيب حسني – المرجع السابق ص 216 بند 220)
وعلى ذلك فالجرائم المتكررة والمتتابعة هي التي تتكون من عدة أفعال يصلح كل منها لتكوين الجريمة إلا أنها نظرا لتتابعها وإرتباطها فيما بينها بغرض إجرامي واحد فإنها تعتبر جريمة واحدة .
مثال ذلك مالك العقار الذي يقوم بناء الدور الخامس والسادس على مراحل فيقوم كل يوم ببناء جزء من الدورين في هذه الجريمة لا يبدأ التقادم إلا من تاريخ إرتكاب آخر فعل يكون لها .
والضابط الأساسي لها هو وحدة الغرض الإجرامي لدى مرتكب الأفعال المتعددة وتقدير توافر عناصر هذه الوحدة أمر متروك لقاضي الموضوع إلا أن تكييف هذه العناصر يخضع لرقابة محكمة النقض بإعتبارها مسألة قانون لا واقع .
وقد قضت محكمة النقض بأن
جريمة البناء بغير ترخيص تعتبر جريمة متتابعة الأفعال متى كانت أعمال البناء متعاقبة متوالية، إذ هي حينئذ تقوم على نشاط – وإن أقترف في أزمنة متوالية – إلا أنه يقع تنفيذاً لمشروع إجرامي واحد والإعتداء فيه مسلط على حق واحد
وأن تتكرر هذه الأعمال مع تقارب أزمنتها وتعاقبها دون أن يقطع بينها فارق زمني يوحي بإنفصام هذا الإتصال الذي يجعل منها وحدة إجرامية في نظر القانون
ومتى تقرر ذلك فإن كل فترة من الفترات الزمنية المشار إليها تستقل بنفسها ويستحق فاعل الجريمة عقوبة تستغرق كل ما تم فيها من أفعال ومتى صدر الحكم من أي منها يكون جزاء لكل الأفعال التي وقعت فيها – حتى ولو يكشف أمرها إلا بعد صدور الحكم.
[الطعن رقم 1814 – لسنــة 28 ق – تاريخ الجلسة 12 / 01 / 1960 – مكتب فني 11 – رقم الجزء 1 – رقم الصفحة 40 – تم قبول هذا الطعن]
وبأنه من المقرر قانوناً أن جريمة البناء بغير ترخيص إن هي إلا جريمة متتابعة الأفعال متى كانت أعمال البناء متعاقبة متوالية إذ هي حينئذ تقوم على نشاط – وإن اقترف في أزمنة متوالية – إلا أنه يقع تنفيذاً لمشروع إجرامي واحد، والاعتداء مسلط على حق واحد وإن تكررت هذه الأعمال مع تقارب أزمنتها وتعاقبها دون أن يقطع بينها فارق زمني يوحي بانفصام هذا الاتصال التي يجعل منها وحدة إجرامية في نظر القانون بمعنى أنه إذا صدر الحكم في أي منها يكون جزاء لكل الأفعال التي وقعت في تلك الفترة حتى ولو لم يكشف أمرها إلا بعد صدور الحكم.
ولما كان الحكم المطعون فيه إذ قضى بإدانة الطاعنة عن إقامة الأدوار المشار إليها على أساس أنهما غير الدورين الذي سبق أن حكم على الطاعنة من أجلهما وذلك دون تحقيق دفاعها من أن إقامة الأدوار جميعها كانت نتيجة قصد جنائي واحد ونشاط إجرامي متصل من قبل صدور الحكم في الدعوى رقم ……… لسنة 1982 مستأنف الجيزة. لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور متعيناً نقضه والإحالة.
[الطعن رقم 5095 – لسنــة 59 ق – تاريخ الجلسة 03 / 05 / 1990 – مكتب فني 41 – رقم الجزء 1 – رقم الصفحة 677 – تم قبول هذا الطعن]
وبأنه مخالفة البناء لأحكام القانون ليست واقعة مستقلة عن إقامة البناء ذاته بدون ترخيص، وإنما هما قرينان ملازمان لفعل البناء ومتداخلان في وصفه القانوني – فإذا كان المستفاد مما أثبته الحكم أن الواقعة التي كانت مطروحة أمام المحكمة الاستئنافية هي بذاتها التي رفعت لمحكمة أول درجة، وقد تناولتها المحكمتان في حكميهما، وكان من واجب محكمة ثاني درجة أن تمحص الواقعة المطروحة أمامها بجميع ما تتحمله من الكيوف والأوصاف وأن تطبق عليها حكم القانون تطبيقاً صحيحاً، فإن حكمها بإلغاء تصحيح الأعمال المخالفة إستنادا إلى أن واقعة مخالفة البناء للمواصفات القانونية لم ترفع بها الدعوى الجنائية مخطئ في تطبيق القانون.
[الطعن رقم 494 – لسنــة 29 ق – تاريخ الجلسة 26 / 05 / 1959 – مكتب فني 10 – رقم الجزء 2 – رقم الصفحة 579 – تم قبول هذا الطعن]
وقضت أيضاً بأن
يبين من نصوص المادة الأولى من القانون رقم 45 لسنة 1962 في شأن تنظيم المباني والمادة الأولى من القانون رقم 55 لسنة 1964 بتنظيم وتوجيه أعمال البناء في صريح لفظهما وواضح دلالتهما، كما يبين من استقراء نصوص القانونين كليهما ومن مطالعة مذكرتيهما الإيضاحيتين أن الجامع بينهما من حيث الموضوع الذي ينطبق عليه هو إقامة بناء أو تعديله أو ترميمه ، فكل من هذه الأعمال تخضع لهما معاً إذا كانت قيمتها تزيد على ألف جنيه.
فيشترط أن يحصل صاحب الشأن على موافقة اللجنة المشار إليها في القانون رقم 55 لسنة 1964 بالإضافة إلى الترخيص الذي أوجبه في القانون رقم 45 لسنة 1962 أما غير ذلك من الأعمال التي تتناول المباني فلا يسري عليها سوى الترخيص أو الإخطار الواجب في القانون الأخير وحدة بالغة ما بلغت قيمة هذه الأعمال.
[الطعن رقم 728 – لسنــة 37 ق – تاريخ الجلسة 22 / 05 / 1967 – مكتب فني 18 – رقم الجزء 2 – رقم الصفحة 694 – تم قبول هذا الطعن]
(ب) يجب إثبات تاريخ البناء لإحتساب مدة التقادم :
يجب إثبات تاريخ إقامة البناء وذلك لإحتساب مدة التقادم فإذا ما كانت الواقعة جنحة فإنه لا يحق للنيابة تحريك الدعوى الجنائية ضد المتهم إذا مر على البناء ثلاث سنوات لإنقضاء الدعوى الجنائية بمضي ثلاث سنوات وإذا كانت جناية فإن حق النيابة ينقضي بمرور عشر سنوات ويجوز إثبات إقامة البناء في أغلب الأحيان عن طريق كشف المكلفات الثابتة بالضرائب العقارية .
وقد قضت محكمة النقض بأن
قول المحكمة بأن كشف المكلفات لم يحدد به تاريخ تمام البناء وأنه يحرر كل ثماني سنوات لا يصلح سبباً للرد على دفاع المتهمين القائم على أن المبنى أقيم بالحالة التي شوهد عليها وقت تحرير محضر الضبط قبل سنة 1960 بمعرفة مورثهم الذي توفى عام 1955 وطلب ندب خبير لتحقيق هذا الدفاع
بل على النقيض من ذلك فإنه يعد قرينة تعززه ويستوجب تحقيقه بالنظر إلى ما قد يثبت من أن البناء قد تم تشييده بحالته المخالفة للقانون في ظل القانون رقم 93 لسنة 1948. بشأن تنظيم المباني – الذي كان معمولاً به قبل صدور القانون رقم 656 لسنة 1954 وبالتالي يمتنع القضاء بالإزالة أو تصحيح الأعمال المخالفة عملاً بحكم القانون رقم 259 لسنة 1956 المعدل بالقانون رقم 32 لسنة 1958.
[الطعن رقم 1078 – لسنــة 35 ق – تاريخ الجلسة 08 / 11 / 1965 – مكتب فني 16 – رقم الجزء 3 – رقم الصفحة 824 – تم قبول هذا الطعن]
وقضت أيضاً بأن
إن تاريخ وقوع الجريمة من البيانات الواجب ذكرها في الحكم لما يترتب عليه من نتائج قانونية، وخصوصاً في صدد الحق في رفع الدعوى العمومية. فإذا كان الحكم لم يبين تاريخ الواقعة التي عاقب عليها إلا بقوله إنه في تاريخ سابق على يوم كذا من شهر كذا من سنة كذا ، ولم يورد من البيان ما يستطاع معه تحديد التاريخ الذي وقعت فيه الواقعة ، فإنه يكون معيباً .
[الطعن رقم 1837 – لسنــة 16 ق – تاريخ الجلسة 23 / 12 / 1946 – مكتب فني 7 ع – رقم الجزء 1 – رقم الصفحة 261 – تم قبول هذا الطعن]
ويحق للمحكمة عند تقدير الأدلة الأخذ بأقوال شاهد وترجيحها على تقرير إستشاري “مخالفة البناء لأحكام القانون ليست واقعة مستقلة عن إقامة البناء ذاته بدون ترخيص، وإنما هما قرينان ملازمان لفعل البناء ومتداخلان في وصفه القانوني – فإذا كان المستفاد مما أثبته الحكم أن الواقعة التي كانت مطروحة أمام المحكمة الاستئنافية هي بذاتها التي رفعت لمحكمة أول درجة، وقد تناولتها المحكمتان في حكميهما
وكان من واجب محكمة ثاني درجة أن تمحص الواقعة المطروحة أمامها بجميع ما تتحمله من الكيوف والأوصاف وأن تطبق عليها حكم القانون تطبيقاً صحيحاً، فإن حكمها بإلغاء تصحيح الأعمال المخالفة إستنادا إلى أن واقعة مخالفة البناء للمواصفات القانونية لم ترفع بها الدعوى الجنائية مخطئ في تطبيق القانون.
[الطعن رقم 494 – لسنــة 29 ق – تاريخ الجلسة 26 / 05 / 1959 – مكتب فني 10 – رقم الجزء 2 – رقم الصفحة 579 – تم قبول هذا الطعن]
وقد قضت محكمة النقض بأن
إن كل عمل من الأعمال المتعلقة بالبناء – أياً ما كان نوعه – إنما هو موقوت بطبيعته وإن كان يقبل الامتداد، إلا أن الجريمة التي ترد عليه وقتية. وإذ كان القانون رقم 55 لسنة 1964 ليس له أثر رجعي رجوعاً إلى حكم الأصل المقرر في الدستور من أنه لا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لصدور القانون الذي ينص عليه، وكانت المادة 19 من القانون رقم 45 لسنة 1962 قد أوردت هذا الحكم صراحة، ومن ثم فإن تتابع العمليات المستقلة على المبنى الواحد – أياً كانت – لا يجعلها خاضعة لحكم القانون الذي يؤثمها فيما تم منها قبل نفاذه.
ولما كان الطاعن قد أقام دفاعه على أن المبنى الذي أقامه قد تم بناؤه قبل نفاذ القانون رقم 55 لسنة 1964 وأن البياض والتشطيب هما اللذان وقعا في ظله، وعلى الرغم من أن محرر المحضر قد شهد في جلسة المحاكمة بأنه لا يعرف تاريخ إقامة المبنى، وطلب الرجوع في هذا التحديد إلى قسم الحصر في المديرية،
وقدم الطاعن مستندات تدعم دفاعه، وطلب تعيين خبير لتحقيقه، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يبد منه تفطن إلى المعاني القانونية المتقدمة، فلم يقسط هذا الدفاع حقه، بل أطرحه جملة، ولم يحققه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه، أو يرد عليه بما ينفيه وأسس قضاءه على ما ورد في محضر الضبط وهو ما لا يصلح في تفنيده، فإنه يكون قاصر البيان معيباً بما يبطله ويوجب نقضه.
[الطعن رقم 728 – لسنــة 37 ق – تاريخ الجلسة 22 / 05 / 1967 – مكتب فني 18 – رقم الجزء 2 – رقم الصفحة 694 – تم قبول هذا الطعن]
وإنه وإن كان الفصل في الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم يسبق في الأصل الفصل في موضوع الدعوى لما قد يترتب عليه فيما لو ثبت للمحكمة رفع الدعوى بعد مضي المدة من القضاء بالبراءة دون ما حاجة لبحث مقومات الاتهام وتمحيص دلائله وباعتبار أن سقوط الدعوى الجنائية بمضي المدة من النظام العام مما يتعين معه على المحكمة أن تحكم – ولو من تلقاء نفسها ومن غير أن يدفع المتهم بالسقوط ببراءة كل متهم ترفع عليه الدعوى بعد مضي المدة
فإذا لم تفعل جاز الدفع به في أية حالة كانت عليها الدعوى، ولو لأول مرة أمام محكمة النقض – إلا أنه لما كان من المقرر أيضاً أن المحكمة غير ملزمة حتماً بأن تفصل في الدفوع الفرعية قبل فصلها في الموضوع وأن لها أن تضم هذه الدفوع إلى الموضوع وتصدر في الدعوى برمتها حكماً واحداً – فإنه لا يوجد قانوناً ما يمنعها من الحكم في موضوع الدعوى بالبراءة دون أن تلج الدفوع التي إنما رمى صاحبها من إثارتها بلوغ ذات النتيجة بإثبات انقضاء الدعوى الجنائية لأي سبب من أسباب الانقضاء وبما يؤدي بالضرورة إلى البراءة.
[الطعن رقم 50 – لسنــة 35 ق – تاريخ الجلسة 28 / 06 / 1965 – مكتب فني 16 – رقم الجزء 2 – رقم الصفحة 624 – تم رفض هذا الطعن]
(جـ) يجب تعيين تاريخ البناء
يبدأ تاريخ ميعاد إنقضاء الدعوى الجنائية في جريمة إقامة مبان بغير ترخيص من تاريخ إتمام البناء .
وقد قضت محكمة النقض بأن
لما كان من المقرر ان الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضى المدة من الدفوع الجوهرية المتعلقة بالنظام العام مما يجوز ابداؤه لدى محكمة الموضوع فى اى وقت وبأى وجه وعليها ان ترد عليه ردا كافيا سائغا والا كان حكمها معيبا بما يوجب نقضه وكان ما اورده الحكم المطعون فيه ردا على الدفع المبدى من الطاعن بانقضاء الدعوى الجنائية بالتقادم قد جاء قاصر البيان فاسد التدليل
اذ لم يحقق بالضبط تاريخ واقعة البناء لحساب المدة المسقطة للدعوى وتساند فى رفض الدفع الى عدم تقديم سنده مع ان تحقيق ادلة الادانة فى المواد الجنائية وكذا الدفوع الجوهرية لايصح ان يكون رهنا بمشيئة المتهم ولم يبين ان المحكمة عجزت عن معرفة تاريخ انشاء البناء حتى يسوغ لها رفض الدفع واعتبار الجريمة قد وقعت فى تاريخ اكتشافها والبدء فى احتساب مدة التقادم من هذا التاريخ ومن ثم فان الحكم يكون معيبا بالقصور فضلا عن اخلاله بحق الدفاع فيتعين نقضه .
[الطعن رقم 13208 – لسنــة 65 ق – تاريخ الجلسة 15 / 03 / 2004]
(د) تكييف الواقعة المنسوبة للمتهم عند أعمال قواعد التقادم :
إذا كانت جريمة المباني منظورة أمام محكمة الجنايات ثم رأت محكمة الجنايات بأنها غير مختصة بنظرها فأحالتها إلى محكمة الجنح فإنه يسري عليها عند إحتساب مدة التقادم المدة المقرة لإنقضاء الدعوى الجنائية في مواد الجنايات لأن هذه الإحالة لم تغير من طبيعتها فتظل صفتها قائمة .
وقد قضت محكمة النقض بأن
لما كانت المادة 160 مكرراً من قانون الإجراءات الجنائية وإن أجازت للنائب العام وللمحامي العام في الأحوال المبينة في الفقرة الأولى من المادة 118 مكرراً (أ) من قانون العقوبات أن يحيل بعض الجنايات إلى محكمة الجنح لتقضي فيها وفقاً لأحكام تلك المادة، إلا أن تلك الإحالة ليس من شأنها أن تغير من طبيعة الجناية المحالة بل تظل صفتها قائمة وتسري على سقوطها وانقضاء الدعوى الجنائية فيها المدة المقررة لانقضاء الدعوى الجنائية في مواد الجنايات،
وكانت الجريمة المسندة إلى المطعون ضده – وكما رفعت بها الدعوى – جناية مما نص عليه في الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات وقعت من موظف عام
ومن ثم تنقضي الدعوى الجنائية فيها بمضي عشر سنين تبدأ من تاريخ انتهاء خدمة هذا الموظف ما لم يكن التحقيق في الجريمة قد بدأ قبل ذلك.
لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر الجريمة المرفوعة بها الدعوى جنحة لمجرد أنها أحيلت إلى محكمة الجنح عملاً بالمادة 116 مكرراً من قانون الإجراءات الجنائية، وخلص إلى انقضاء الدعوى الجنائية فيها لمضي ثلاث سنين أسند بدايتها إلى تاريخ وقوع الجريمة، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يعيبه ويوجب نقضه.
[الطعن رقم 2053 – لسنــة 52 ق – تاريخ الجلسة 18 / 05 / 1982 – مكتب فني 33 – رقم الجزء 1 – رقم الصفحة 633 – تم قبول هذا الطعن]
وبأنه العبرة في تكييف الواقعة بأنها جناية أو جنحة هي بالوصف القانوني الذي تنتهي إليه المحكمة التي نظرت الدعوى دون التقيد بالوصف الذي رفعت به تلك الدعوى أو يراه الاتهام وذلك في صدد قواعد التقادم التي تسري وفقاً لنوع الجريمة الذي تقرره المحكمة.
ولما كانت الدعوى الجنائية وإن أحيلت إلى محكمة الجنايات بوصف أن الطاعن قد اقترف جناية شروع في قتل المجني عليه الأول وجنحة ضرب المجني عليه الثاني
إلا أن محكمة الجنايات بحكمها المطعون فيه انتهت إلى أن الواقعة جنحة ضرب ودانت الطاعن على هذا الأساس طبقاً للمادتين 241/1 و242/1 من قانون العقوبات، وكان الحكم المطعون فيه قد صدر في 19 مايو سنة 1963 وقرر الطاعن بالطعن فيه بطريق النقض في نفس اليوم
وقدم أسباباً لطعنه ولكن الدعوى لم يتخذ فيها أي إجراء من تاريخ الطعن إلى أن أرسلت أوراقها إلى قلم كتاب محكمة النقض لنظر الطعن بجلسة 21 أكتوبر سنة 1968 فإنه تكون قد انقضت مدة تزيد على ثلاث سنين المقررة لانقضاء الدعوى الجنائية في مواد الجنح دون اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق أو الدعوى. ومن ثم تكون الدعوى الجنائية قد انقضت بمضي المدة ويتعين لذلك الحكم بقبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه وبراءة الطاعن.
[الطعن رقم 1204 – لسنــة 38 ق – تاريخ الجلسة 04 / 11 / 1968 – مكتب فني 19 – رقم الجزء 3 – رقم الصفحة 896 – تم قبول هذا الطعن]
وبأنه إن قواعد التقادم خاضعة لما تقرره المحكمة عن بيان نوع الجريمة .
[الطعن رقم 307 – لسنــة 25 ق – تاريخ الجلسة 17 / 05 / 1955 – مكتب فني 6 – رقم الجزء 3 – رقم الصفحة 1025 – تم رفض هذا الطعن]
وقضت أيضاً محكمة النقض بأن
إذا كان الحكم قد قضى ببراءة المتهم لانقضاء الدعوى العمومية بمضي ثلاث سنين على الحكم الصادر غيابياً بعدم اختصاص محكمة الجنح بنظر الدعوى لكون واقعتها جناية على أساس أن هذا الحكم هو آخر عمل من أعمال التحقيق وأن الواقعة، على الرغم من صدور الحكم فيها بعدم الاختصاص لكونها جناية ومهما كانت حقيقة الواقع من أمرها تعتبر جنحة ما دامت قد قدمت لمحكمة الجنح بوصف كونها جنحة
فهذا الحكم يكون قد أخطأ من ناحيتين
الأولى أنه مع تسليم المحكمة فيه بأن الواقعة جناية من اختصاص محكمة الجنايات الفصل فيها قد قضي في موضوعها بالبراءة، وهذا ما لا يجوز بحال من محكمة الجنح
الثانية أن الدعوى العمومية في مواد الجنايات لا يسقط الحق في إقامتها إلا بمضي عشر سنين بمقتضى المادة 279 من قانون تحقيق الجنايات.
ووصف الواقعة خطأ في بادئ الأمر بأنها جنحة ليس من شأنه أن يغير من حقيقة أمرها، فإذا كانت حقيقة الواقع لا تزال معلقة لأن محكمة الجنح اعتبرت الواقعة جناية ومحكمة الجنايات لم تقل كلمتها في شأنها بعد فإن القول الفصل بأنها جنحة تسقط بمضي ثلاث سنين أو جناية مدة سقوطها عشر سنين لا يكون إلا من المحكمة صاحبة الاختصاص بالفصل في الموضوع حسبما يتبين لها عند نظره جنحة كانت في حقيقتها أو جناية.
[الطعن رقم 751 – لسنــة 16 ق – تاريخ الجلسة 08 / 04 / 1946 – مكتب فني 7 ع – رقم الجزء 1 – رقم الصفحة 122 – تم رفض هذا الطعن]
تقادم الجنح في قانون الاجراءات
مضي أكثر من ثلاث السنوات المقررة لإنقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة في مواد الجنح من تاريخ التقرير بالطعن بالنقض حتى تاريخ نظره أمام محكمة النقض دون إتخاذ أي إجراء قاطع للمدة ترتب عليه إنقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة
(25/2/1972 أحكام النقض س 23 ق 324 ص 144)
قضت محكمة النقض بأن
متى كان الثابت أن محكمة النقض قررت بجلسة 19 مارس سنة 1963 وقف السير في الطعن المرفوع من المتهمين الثاني والثالث حتى يصبح الحكم الغيابي الصادر ضد المتهم الأول (باعتباره الفاعل الأصلي) نهائياً.
وكان يبين من الأوراق أن الحكم الغيابي أعلن إلى المتهم الأول بتاريخ 11 نوفمبر سنة 1964 ولم يعارض فيه ولم يتخذ في الدعوى أي إجراء من هذا التاريخ إلى أن عرضت أوراقها على محكمة النقض بتاريخ 24 مارس سنة 1968 لتحديد جلسة لنظر الطعن.
وإذ كان يبين من ذلك أنه قد انقضى على الدعوى من تاريخ إعلان الحكم الغيابي الحاصل بتاريخ 11 نوفمبر سنة 1964 مدة تزيد على الثلاث السنوات المقررة لانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة في مواد الجنح دون اتخاذ أي إجراء قاطع لهذه المدة، فإن الدعوى الجنائية بالنسبة إلى الطاعنين تكون قد انقضت بمضي المدة ويتعين لذلك القضاء بنقض الحكم المطعون فيه وبانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة وبراءة الطاعنين مما أسند إليهما.
[الطعن رقم 2215 – لسنــة 32 ق – تاريخ الجلسة 13 / 05 / 1968 – مكتب فني 19 – رقم الجزء 2 – رقم الصفحة 543 – تم قبول هذا الطعن]
التصالح في جرائم المباني لا يؤدي الى الانقضاء
يقصد بالتصالح في قانون المباني معناً خاصاً يختلف عن معنى التصالح في غيره من التشريعات الجنائية الخاصة فليس المقصود به التغاضي عن جريمة موضوعية نظير مقابل معين ، بل المقصود به التغاضي عن جريمة شكلية نظير مقابل معين
ففي جريمة المباني يكون البناء صالحاً للبقاء من الناحية الفنية الهندسية وإن كل المخالفة الحاصلة هي أنه بني بدون ترخيص وأن التغاضي يكون عن شرط سابقة الحصول على الترخيص قبل البناء ، وبالتالي عدم تطبيق القواعد الخاصة بالإزالة والتصحيح فقط .
(الدكتور / حامد الشريف المرجع السابق ص 186)
وتتحد طبيعة التصالح في قانون المباني بأنه تصالح إختياري ليس فيه أي إجبار ، فيجوز للمخالف أن يتقدم أو لا يتقدم بطلب التصالح حسب مصلحته في ذلك ، على النحو الذي يجري به نص المادة 3/1 من قانون التصالح الأول 30/1983 ، سواء قبل أو بعد تعديله بقانون التصالح الثاني 54/1984 وذلك بقوله
“يجوز لكل من إرتكب مخالفة لأحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 أو لائحته التنفيذية أو القرارات المنفذة له ….. أن يقدم طلباً إلى الوحدة المحلية المختصة …..”
فقد يرى المتهم أن تقديم طلب وقف الإجراءات وسلوك طريق التصالح لا يحقق صالحه بل يضر به تأسيساً على أنه لم يرتكب الجريمة أصلا ، وبالتالي تنتفي التهمة في حقه ويستحق البراءة
وفي هذه الحالة أوجبت محكمة النقض على محكمة الموضوع إستظهار الركن للجريمة لمعرفة الجاني الحقيقي
(نقض جنائي 21/4/1969 مجموعة أحكام النقض 20 – 517 – 108)
ويلاحظ أنه بالرغم من طبيعة التصالح في قانون المباني أنه إختياراً وليس إجبارياً ، فيجوز للمخالف أن يتقدم أو لا يتقدم بطلب التصالح حسب مصلحته في ذلك ، إلا أن التصالح لا يعتبر سبباً لإنقضاء الدعوة الجنائية ، ويكون الحكم معيباً إذا قضى بإنقضاء الدعوى الجنائية لإقامة بناء بدون ترخيص للتصالح ، لأن القانون لا ينص إلا على الإعفاء من عقوبة الغرامة .
(الدكتور / محمد المنجي – المرجع السابق)
وقد قضت محكمة النقض بأن
من المقرر أن الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفه من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق – كما هو الحال في الدعوى المطروحة.
ومن المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
ومن المقرر أن تناقض أقوال الشاهد أو تضاربه في أقواله لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقواله استخلاصا سائغاً لا تناقض فيه.