محتويات البحث
اختصام النيابة فى الدعوى المدنية
بحث شامل عن بطلان الحكم لعدم اختصام النيابة لوجود قاصر في الدعوى، فقد نص المشرع على دور النيابة العامة في القضايا المدنية، وحدد الدعاوى واجبة التدخل الوجوبي منها، كذلك التدخل الاختياري.
في هذا البحث نستعرض طبيعة بطلان الحكم لعدم اخبار النيابة العامة بوجود قصر فى الدعوى المدنية، وعما اذا كان بطلانا نسبيا، أم مطلقا، ومدي جواز تصحيح الدعوى بإدخال النيابة الحسبية، أو العامة في الدعوى.
البطلان النسبى والمطلق
- وفقا للمستقر عليه قانونا وقضاء، البطلان النسبي، يعنى أنه يجب على صاحب المصلحة الدفع به أمام محكمة الموضوع ، كذلك عدم جواز المحكمة القضاء بالبطلان النسبي من تلقاء نفسها لأنه بطلان غير متعلق بالنظام العام، كذلك لا يجوز التمسك به كسبب للطعن بالنقض، ان لم يطرح على محكمة الموضوع.
- أما البطلان المطلق فهو بطلان متعلق بالنظام العام بنص القانون، وتقضي به المحكمة من تلقاء نفسها ولو لم يدفع به امامها، ويحق التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض كسبب للطعن.
النص القانوني عن البطلان لعدم اختصام النيابة
تنص المادة 89 من قانون المرافعات علي انه:
فيما عدا الدعاوى المستعجلة يجوز للنيابة العامة أن تتدخل في الحالات الآتية:
- الدعاوى الخاصة بعديمي الأهلية وناقصيها والغائبين والمفقودين.
- الدعاوى المتعلقة بالأوقاف الخيرية والهبات والوصايا المرصدة للبر.
- عدم الاختصاص لانتفاء ولاية جهة القضاء.
- دعاوى رد القضاة وأعضاء النيابة ومخاصمتهم.
- الصلح الواقي من الإفلاس.
- الدعاوى التي ترى النيابة العامة التدخل فيها لتعلقها بالنظام العام أو الآداب.
- كل حالة آخري ينص القانون علي جواز تدخلها فيها .
وتنص المادة 92 من ذات القانون علي انه:
في جميع الأحوال التي ينص فيها القانون عي تدخل النيابة العامة، يجب علي قلم كتاب المحكمة إخبار النيابة كتابة بمجرد قيد الدعوى فإذا عرضت أثناء نظر الدعوى مسألة مما تتدخل فيها النيابة، فيكون إخطارها بناء علي أمر من المحكمة.
الدفع بالبطلان لعدم إخبار النيابة العامة بوجود قصر في الدعوى
يتبين من نصوص هذه المواد أن
المشرع قد أجاز للنيابة العامة التدخل في دعاوى حددها من بينها الدعاوى الخاصة بالقصر أو عديمي الأهلية واوجب علي كاتب المحكمة إخبار النيابة العامة في هذه الحالات بمجرد قيد الدعوى حتى تتاح لها فرصة العلم بالنزاع وتقدير مدى الحاجة إلي تدخلها وإبداء رأيها.
ويعد إخبار قلم كتاب المحكمة للنيابة العامة إجراء جوهري يترتب علي إغفاله بطلان الحكم، ولكن هذا البطلان بطلان نسبي مقرر لمصلحة القصر دون غيرهم من الخصوم.
قضت محكمة النقض بأن
أجاز المشرع للنيابة العامة في المادة 89 من قانون المرافعات التدخل في قضايا حددها، من بينها القضايا الخاصة بالقصر. واوجب في المادة 92 من هذا القانون علي كتاب المحكمة إخبار النيابة العامة في هذه الحالات بمجرد قيد الدعوى، حتى تتاح لها فرصة العلم بالنزاع، وتقدير مدى الحاجة إلي تدخلها، وإبداء رأيها فيه.
ويترتب علي إغفال هذا الإجراء الجوهري بطلان الحكم، إلا أن هذا البطلان وعلي ما جرى به قضاء هذه المحكمة – بطلان نسبي – مقرر لمصلحة القصر دون غيرهم من الخصوم.
وإذا كان الثابت من الاوراق، أن الولي الشرعي علي القاصر – رغم مثوله أمام محكمة اول درجة – لم يتمسك بوجوب إخطار النيابة العامة، إلا في المذكرة التي قدمها بعد قفل باب المرافعة وحجز الدعوى للحكم، والتي التمس فيها فتح باب المرافعة لإخطار النيابة العامة، فانه لا تثريب علي تلك المحكمة أن التفتت عن إجابة هذا الطلب.
(نقض مدني 20/3/1973 مجموعة محكمة النقض 24-1-452-81)
عدم إخبار النيابة العامة بالدعاوى الخاصة بالقصر – وفقا للمادة 92 من قانون المرافعات – يعتبر من الإجراءات الجوهرية، التي يترتب علي إغفالها بطلان الحكم. إلا أن هذا البطلان من النوع النسبي، مما لا يجوز معه لغير القصر أو من يقوم مقامهم التمسك به، ولا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
(نقض 6/12/1979 مجموعة محكمة النقض 30-3-171-372)
الدعاوى التي يجوز للنيابة العامة التدخل فيها
علي خلاف المادة السابقة – مادة 88 – فإن المشرع هنا – مادة 89 – أجاز للنيابة العامة التدخل في الدعاوى التالية :
- النوع الأول : الدعاوى الخاصة بعديمي الأهلية وناقصيها والغائبين والمفقودين.
- النوع الثاني : الدعاوى المتعلقة بالأوقاف الخيرية والهبات والوصايا المرصدة للبر.
- النوع الثالث : عدم الاختصاص لانتفاء ولاية جهة القضاء .
- النوع الرابع : دعاوى رد القضاة وأعضاء النيابة ومخاصمتهم .
- النوع الخامس : دعاوى الصلح الواقي من الإفلاس .
- النوع السادس : الدعاوى التي ترى النيابة العامة التدخل فيها لتعلقها بالنظام العام أو الآداب .
- النوع السابع : جميع الدعاوى التي ينص القانون علي جواز تدخل النيابة العامة فيها.
ويراعي في هذا الصدد ما يلى :
- أن المشرع استبعد الدعاوى المستعجلة ، والحكم واضحة من طبيعة هذه الدعاوى .
- أن المشرع لم يرتب البطلان ونعني تأكيداً بطلان الحكم ، إذا لم تتدخل النيابة العامة .
التدخل الاختياري للنيابة فى الدعاوى المدنية
التدخل الاختياري في القانون المصري فهو في طائفتين من الحالات:
أ – حالات محددة ينص القانون على جواز تدخل النيابة العامة فيها:
أهم هذه الحالات تلك التي تنص عليها المادة 89 مرافعات ومنها الدعاوى الخاصة بعديمي الأهلية وناقصيها والغائبين والمفقودين والهبات والوصايا المرصدة للبر ودعاوى رد القضاة وأعضاء النيابة ومخاصمتهم والصلح الواقي من الإفلاس
تنص المادة 89 مرافعات على جواز تدخل النيابة العامة في “الدعاوى المتعلقة بالأوقاف الخيرية” .
ولكن هذا النص تم نسخه بما نصت عليه المادة 6 / 2 من قانون 1 / 2000 من وجوب تدخل النيابة في دعاوى الوقف التي تختص بها المحاكم الإبتدائية مع ملاحظة أن المحكمة الإبتدائية وفقاً للمادة 100 من قانون 1 / 2000 تختص بجميع دعاوى الوقف وشروطه والاستحقاق فيه والتصرفات الواردة عليه . وبهذا أصبح تدخل النيابة العامة في جميع قضايا الوقف وجوبياً
وما تنص عليه المادة 6 / 1 من قانون 1 لسنة 2000 من أنه
يجوز للنيابة العامة التدخل في قضايا الأحوال الشخصية التي تختص بها المحاكم الجزئية .
ب – إذا تعلقت الدعوى بالنظام العام أو الآداب :
يرجع تقدير تعلق الدعوى النظام العام أو الآداب إلى النيابة العامة، وسواء كان التدخل وجوبياً أو اختياريا ، فإنه غير جائز بالنسبة للدعاوى المستعجلة (88 و 89 مرافعات) .
وعلة هذا
أن هذه القضايا تقتضي العجلة . فلا يجوز تأخير الفصل فيها إلى حين إبداء النيابة العامة رأيها ، ومن ناحية أخرى ، فإن المطلوب في هذه القضايا هو مجرد إجراء وقتي مما لا يتسم بالخطورة على المصلحة العامة التي تتدخل النيابة لحمايتها . ورغم أن المادة 90 مرافعات مصري لم تستثن هذه القضايا .
فإنه يجب القول – لنفس العلة – بأنه ليس للقاضي – في المواد المستعجلة – أن يأمر بإرسال ملف القضية للنيابة العامة لإبداء رأيها فيها .
د/ فتحي والي – ص 343 وما بعدها
قضت محكمة النقض فى هذا الصدد:
وحيث يخول القانون النيابة سلطة التدخل في حالة من الحالات وجوبياً أو جوازياً ، فإن لها هذه السلطة ليس فقط أمام محكمة أول درجة وإنما أيضاً أمام محكمة ثاني درجة . ولا يعفيها من واجب التدخل أمام المحكمة الإستئنافية – عندما يكون التدخل وجوبياً – أن تكون قد تدخلت أمام محكمة أول درجة في نفس القضية.
نقض مدني 23 مايو 1968 – مجموعة النقض 19 – 1402 – 148
فإن لم تتدخل أمام المحكمة الإستئنافية ، فإن الحكم يكون باطلا .
(نقض مدني 17 مايو 1972 – مجموعة النقض 22 – 949 – 147)
ومن ناحية أخرى ، فإن وجوب تدخل النيابة أو جوازه يكون قائماً ، سواء رفعت الدعوى المتعلقة به كدعوى أصلية أو كطلب عارض ، أو أثيرت كمسألة أولية في دعوى أخرى
نقض مدني 16 نوفمبر 1968 – مجموعة المكتب الفني 19 – 2 – 1402 – 212 ، د/ فتحي والي (مرجع سابق) صـ 344
ويلاحظ أن تدخل النيابة في الحالات المنصوص عليها في المادة 89 مرافعات يكون أمام محاكم الدرجة الاولى والثانية وسواء أكانت أمام محكمة جزئية أم إبتدائية . ويلاحظ أيضاً أنه إذا لم تتدخل النيابة في الأحوال المتقدمة فلا يترتب على ذلك أي بطلان.
د/ أحمد أبو الوفا – ص 101 ، 102
إجراءات اشتراك النيابة العامة في الدعوى المدنية وسلطاتها
إذا تدخلت النيابة العامة في الدعوى فإنها يجب ان تبدي رأيها في الدعوى وتتبع القواعد الخاصة بتدخل النيابة على النحو التالي :
تخلف إجراءات إشتراك النيابة العامة في الدعوى وسلطاتها بحسب ما إذا كانت النيابة العامة طرفاً أصلياً في الدعوى أو كانت متدخلة فيها .
فإذا كانت النيابة العامة طرفاً أصلياً أي خصماً في الدعوى يكون لها ما للمدعي من حقوق فتقوم بإعلان الأوراق ويكون لها إبداء الطلبات والتمسك بالدفوع . فإذا أبدت أقوالها في القضية يكون للخصوم أن يعقبوا على رأيها . ويكون للمحكمة عدم التقيد برأي النيابة ويكون إغفال المحكمة لهذا الرأي إطراحاً له .
ويكون للنيابة العامة الطعن في الحكم فضلا عما قرره لها المشرع من حق الطعن في الحكم لمصلحة القانون .
أما إذا كانت النيابة العامة طرفاً منضماً في الدعوى فلا يجوز لها أن تتمسك إلى بالدفوع المتعلقة بالنظام العام ، كما لا يكون لها أن تطعن في الحكم وإن كان لها أن تتدخل في الطعن المرفوع لإبداء الرأي .
وتخضع النيابة العامة كطرف منضم لقواعد عدم صلاحية القضاة وردهم ومخاصمتهم باعتبارها في مركز الحكم .
وإذا كانت النيابة العامة ممثلة فحسب في الدعوى فإن هذا التمثيل يكون ضرورياً وجوهرياً ويترتب على تخلفه البطلان . وهو بطلان من النظام العام ومع ذلك ، فإن الرأي في هذه الحالات ليس ضرورياً ولا يترتب على تخلفه البطلان .
فإذا كان تدخل النيابة العامة في الدعوى وجوبياً أو جوازياً ، يتعين على قلم كتاب المحكمة إخبار النيابة العامة كتابة بمجرد قيد الدعوى المرفوعة بصفة أصلية . فإذا كانت الدعوى مرفوعة بصفة عارضة فإن إخطار النيابة العامة بالتدخل يكون بناء على أمر من المحكمة .
وإذا كان تدخل النيابة العامة وجوبياً في الدعوى يكون عليها أن تتدخل في الدعوى في جميع درجات التقاضي وإلا ترتب البطلان .
أما إذا كان تدخل النيابة العامة اختياريا فإن التدخل في الدعوى يكون متروكاً لتقديرها ويجوز أن يكون أمام أية محكمة وفي هذه الحالة لا تلتزم بالحضور في الدعوى وإنما يكفي تقديم مذكرة بالرأي . فإذا لم تتدخل النيابة في الدعوى فلا يترتب البطلان . أما إذا تدخلت في الدعوى فيجب إبداء رأيها وإلا ترتب البطلان .
وتدخل النيابة العامة في الدعوى يكون في أية حالة تكون عليها الإجراءات قبل قفل باب المرافعة فيها سواء في ذلك كان التدخل وجوبياً أو جوازياً .
فإذا كان تدخل النيابة العامة وجوبياً وجب عليها أن تحضر جلسات المحكمة . أما إذا كان التدخل جوازياً فيكفي لاعتبار النيابة قد تدخلت في نظر الدعوى إلا إذا نص المشرع على خلاف هذا . ودون حاجة كذلك لإبداء رأيها في كل خطوة من خطوات الدعوى .
والنيابة العامة آخر من يتكلم في الدعوى إذا كانت طرفاً في الدعوى ولذلك لا يجوز للخصوم أن يطلبوا الكلام أو يقدموا مذكرات جديدة بعد تقديم النيابة لأقوالها وطلباتها ودفوعها وأن كان لهم تقديم بيانات كتابية لتصحيح الوقائع التي ذكرتها النيابة العامة أو تقديم مستندات جديدة ومذكرات تكميلية إذا كانت المحكمة قد أذنت لهم بهذا .
ولا يكون حضور النيابة العامة ضرورياً عند النطق بالحكم .
فإذا لم تتدخل النيابة العامة في الدعوى رغم إخبارها ، أو لم تبد رأيها في الدعوى يكون الحكم باطلاً . وكذلك يكون الحكم باطلا إذا لم تمكن النيابة العامة من إبداء رأيها بأن طلبت الكلمة ولكن المحكمة حالت بينها .
أما إذا أبدت النيابة العامة رأيها في الدعوى وأشير إلى ذلك في الحكم فإنه يكون صحيحاً ولو لم يذكر إسم عضو النيابة العامة الذي أبدى الرأي في الدعوى خلافاً لما كان مقررا في القانون السابق الذي كان يرتب البطلان على عدم ذكر إسم عضو النيابة في بيانات الحكم .
وبطلان الحكم لعدم تدخل النيابة العامة وعدم إبداء رأيها هو بطلان من النظام العام كما قدمنا .
فإذا صدر الحكم مخالفا للنظام العام يجوز للنيابة العامة أن تطعن فيه كما يكون لها هذا الحق إذا نص المشرع على هذا صراحة كما هو الشأن في حق النائب العام في الطعن على الأحكام الانتهائية بطريق النقض لمصلحة القانون في الأحوال الواردة في المادة 250 مرافعات
د/ أمينة النمر ، قوانين المرافعات ، الكتاب الأول ، صـ 128،132
أحكام النقض عن بطلان الحكم لعدم اختصام النيابة
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في
أن وزير الأوقاف بصفته – الطاعن الأول – ورئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف بصفته – الطاعن الثاني – أقاما الدعوى رقم 3683/ 1973 مدني كلي طنطا على المطعون ضدهم بطلب الحكم بفسخ عقد البدل المحرر لصالح المستبدلين – المطعون ضدهم الثلاثة الأول – عن مساحة 418.72 متراً مربعاً الصادر به حكم محكمة طنطا الابتدائية للأحوال الشخصية بتاريخ 13/3/1957 في مادة التصرفات رقم 237/ 1956 والمسجل برقم 5334 في 17/7/1961 .
وقالا بياناً لها أن المساحة المذكورة كانت مملوكة لوقف ……. الخيري واستبدلت للمطعون ضدهم الثلاثة الأول مقابل مبلغ 2262 جنيه و600 مليماً دفعوا منه مبلغ 452 جنيه و520 مليماً والتزموا بسداد الباقي على أقساط سنوية، وإذ لم يدفعوا باقي الثمن رغم تصرفهم في هذه الأرض إلى باقي المطعون ضدهم فقد أقاما الدعوى ليحكم بطلباتهما.
بتاريخ 26/1/1977 قضت المحكمة برفض الدعوى. استأنف الطاعنان هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا بالاستئناف رقم 130/ 27ق طالبين إلغاءه والحكم بطلباتهما. بتاريخ 4/2/1981 قضت المحكمة بالتأييد.
طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفضه. عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعي الطاعنان بأولها على الحكم المطعون فيه البطلان وفي بيان ذلك يقولان
أن الدعوى أقيمت بطلب فسخ عقد استبدال أعيان موقوفة بما يتعين معه إبداء النيابة الرأي فيها، وإذ صدر الحكم المطعون فيه دون تدخل النيابة فإنه يكون معيبا بالبطلان بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد
ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مفاد نص المادة الأولى من القانون رقم 628/ 1955 في شأن بعض الإجراءات في قضايا الأحوال الشخصية والوقف، والمادة 88/ 3 من قانون المرافعات أن تدخل النيابة في قضايا الوقف لا يكون وجوبياً .
إلا إذا كان النزاع متعلقاً بأصل الوقف أو بصحته أو بالاستحقاق فيه أو بتفسير شروطه أو بالولاية عليه مما كانت تختص به المحاكم الشرعية، أما في غير ذلك .
فإن تدخلها يكون جوازياً على ما جرى به نص المادة 89/ 2 من قانون المرافعات. وإذ كانت الدعوى الماثلة ليست من بين الحالات التي أوجب القانون تدخل النيابة فيها، فإن النعي على الحكم المطعون فيه – بهذا السبب – يكون على غير أساس.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور والخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولان
أنهما أقاما الدعوى بطلب فسخ عقد البدل لتخلف المطعون ضدهم الثلاثة الأول عن الوفاء بباقي الثمن إلا أن الحكم المطعون فيه إذ لم يتعرض لهذا الأساس الذي أقاما عليه الدعوى وقضي برفضها على سند من أن عقد البدل لم يتضمن شرطا مانعا من التصرف وأن امتياز البائع على العقار المباع لم يسجل.
وأن ملكية هذا العقار قد انتقلت بالتسجيل إلى المطعون ضدهم الثلاثة الأول، وأن فسخ العقد بعد نقل الملكية معناه نزعها من المشترين الذي لا يجوز إلا بإجراءات نزع الملكية المقررة في القانون يكون فضلا عن قصوره قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله
ذلك أن الاستبدال هو عقد تسري في شأنه القواعد العامة الواردة في القانون المدني، ومن بينها ما نصت عليه المادة 157 منه من جواز طلب فسخ العقد عند إخلال أحد طرفيه بالتزاماته التي نشأت عنه.
لما كان ذلك
وكان الثابت أن الاستبدال تم لقاء ثمن مقداره 2262 جنيه و600 مليما دفع منه 452 جنيه و520 مليما والباقي على أقساط، وأن الطاعنين أقاما دعواهما على سند من عدم الوفاء بباقي هذه الأقساط ومقداره 432 جنيه و80 مليما، وهو ما يجيز إجابتهما إلى طلب فسخ العقد، ما لم يقم المدين الدليل على الوفاء به.
وكان لا يحول دون ذلك مجرد نقل ملكية الأرض موضوع عقد البدل للغير أو خلو هذا العقد من الشرط المانع من التصرف أو احتفاظ الطاعنين بحق الامتياز.
فإن الحكم إذ خالف هذا النظر وقضى برفض الدعوى دون أن يبحث الأساس الذي أقيمت عليه يكون فضلا عن قصوره قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.
الطعن رقم 931 لسنة 51 بتاريخ 21/03/1985
عدم الاعتداد بالوصية
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى بصفتها أقامت على الطاعنين وباقي المطعون ضدهم الدعوى رقم …. لسنة 1995 مدني أسوان الابتدائية “مأمورية ادفو” بطلب الحكم بصحة ونفاذ الوصية الصادرة من المرحوم …………… لولديه القاصرين …..، …… بتاريخ 3/10/1989 والتي تضمنت إيصاءه لهما بثلث ما يمتلكه من أطيان زراعية
وقد تصدق على توقيعه بالحكم الصادر في الدعوى رقم …. لسنة 1993 مدني أسوان الابتدائية “مأمورية ادفو”, كما أقام الطاعنون على المطعون ضدهم الدعوى رقم …. لسنة 1994 مدني أسوان الابتدائية “مأمورية ادفو” بطلب الحكم بعدم الاعتداد بتلك الوصية لرجوع الموصى عنها بتاريخ 15/7/1990 بتوصيته تقسيم أعيان تركته على ورثته من بعده.
حكمت المحكمة في الدعوى الأولى بصحة ونفاذ الوصية المؤرخة 3/10/1989 وفي الدعوى الثانية برفضها. استأنف الطاعنون وأخرى هذين الحكمين بالاستئنافين رقمي …..، …. لسنة 14 ق قنا “مأمورية أسوان” وبعد أن أمرت المحكمة بضمهما قضت برفضهما وتأييد الحكمين المستأنفين.
طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه بعد أن أبدت سببا يتعلق بالنظام العام، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن النيابة تنعى بالسبب الذي أثارته على الحكم المطعون فيه بالبطلان وفي بيان ذلك تقول
إن النيابة العامة لم تتدخل في الدعوى رغم تعلق النزاع فيها بانعقاد الوصية وشروط صحتها ومنازعة الطاعنين برجوع الموصى عنها وهي من مسائل الأحوال الشخصية التي أوجب القانون تدخل النيابة العامة فيها وإلا بطل الحكم, وهو بطلان يتعلق بالنظام العام فيجوز التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن هذا النعي في محله
ذلك أن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أنه يجوز للنيابة كما يجوز لمحكمة النقض من تلقاء نفسها أن تثير في الطعن ما يتعلق بالنظام العام بشرط أن يكون وارداً على الجزء المطعون عليه من الحكم.
لما كان ذلك
وكانت الدعوى قد رفعت بطلب الحكم بثبوت صحة ونفاذ الوصية الصادرة من المرحوم …….. لولديه القاصرين …….، ……. والدعوى الثانية المرفوعة من الطاعنين بعدم الاعتداد بتلك الوصية لرجوع الموصى عنها وكان الفصل فيهما .
يتناول فضلا عن ثبوت صحة صدور الوصية من الموصى مدى توافر أركان انعقادها وشروط صحتها ونفاذها في حق الورثة طبقا للأحكام المنصوص عليها في قانون الوصية الصادر بالقانون رقم 71 لسنة 1946 .
وهو ما كان يدخل في اختصاص المحاكم الشرعية وصار الاختصاص به ينعقد وفقا للقانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والملية للمحكمة الابتدائية.
فإنها تكون من الدعاوى التي أوجب المشرع على النيابة أن تتدخل فيها بموجب نص المادة الأولى من القانون رقم 628 لسنة 1955 قبل استبداله بالقانون رقم 1 لسنة 2000 الصادر بشأن تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية.
وإذ رتب المشرع على عدم تدخل النيابة العامة في هذه الدعاوى بطلان الحكم وهو إجراء يتعلق بالنظام العام وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن النيابة العامة لم تتدخل في الدعويين حتى صدر فيهما الحكم المطعون فيه فإنه يقع باطلا بما يوجب نقضه.
الطعن رقم 5605 لسنة 66 ق – تاريخ الجلسة 17 / 12 / 2009 – مكتب فني 60
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في:
أن الطاعنين والمطعون ضدهن الثلاثة الأخيرات أصحاب الشركة …… للنسيج “…….” أقاموا على الشركة …….. المتحدة للغزل والنسيج – المطعون ضدها الأولى – والمطعون ضده الثاني الدعوى رقم 8 سنة 1971 تجاري كلي جنوب القاهرة يطلب الحكم بندب خبير لبيان سبب الدين المبين بعقدي الرهن رقمي 129 سنة 1964، 146 سنة 1964 – توثيق شبرا – وتصفية الحساب بينهم.
، ثم الحكم ببراءة ذمة شركة الطاعنين من الدين الوارد بالعقد الأول وبطلان الرهن وشطبه وإلزام المطعون ضدها الأولى بأن ترد إليهم السندات الإذنية الموقع عليها من شركتهم كضامنة والمبالغ المستحقة لديها الناتجة عن تصفية الحساب .
وقالوا بيانا للدعوى
أنه في أوائل سنة 1963 كان المطعون ضده الثاني يشتري الغزل لمصنعه من الشركة المطعون ضدها الأولى ويدفع لها الثمن نقدا أو بالأجل بمقتضى سندات إذنية يحررها وبعد فترة من التعامل كان المرحوم …… بصفته مديرا لشركة الطاعنين يوقع على بعض هذه السندات الإذنية كضامن للمطعون ضده الثاني.
ثم قام بعد ذلك بتظهير بعضها للشركة المطعون ضدها الأولى كطلبها ضمانا لاستمرار تعاملها مع المطعون ضده الثاني بالأجل، وإذ امتنع هذا الأخير عن سداد قيمة السندات الإذنية آنفة الذكر أوقعت المطعون ضدها حجزا تحفظياً على أموال شركتهم تحت يد الغير مما أرهقها، فسعت الأخيرة لدى الأولى لرفع الحجز وتقسيط الدين.
فاشترطت المطعون ضدها الأولى لذلك قيام كل من شركتهم والمطعون ضده الثاني برهن مصنعيهما لها فتم رهنهما بالعقدين المشار إليهما، كما أبرم بينهما عقد التزمت شركتهم بمقتضاه بتشغيل المصنعين المذكورين لحساب المطعون ضدها الأولى نظير أجرة تستوفى منها أقساط ديونها.
وأنه على الرغم من أن شركتهم لا تعدو أن تكون ضامنة للمطعون ضده الثاني إلا أن المطعون ضدها الأولى عمدت إلى إخفاء هذه الحقيقة بإيراد الدين كله البالغ 102827ج و 371 م في عقد الرهن رقم 129 سنة 1964 الخاص بشركتهم.
وقصره على مبلغ 65374ج و 543 م في عقد الرهن رقم 146 سنة 1964 الخاص بالمطعون ضده الثاني – المدين الأصلي – وذلك للإيهام بتعدد الدين خلافا للواقع، ولهذا فإن شركتهم بصفتها ضامنة تبرأ ذمتها بمقدار ما أبرئ منه المدين الأصلي.
كما تبرأ من باقي الدين بسبب الأضرار التي لحقت بها من الأخطاء التي ارتكبتها المطعون ضدها الأولى في إدارة وتشغيل مصنع المدين وإخلالها بعقد التشغيل المبرم بينهما مما أدى إلى فرض الحراسة الإدارية على هذا المصنع وتصفيته وحرمان شركتهم بذلك من مصدر تمويل الدين.
ندبت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية خبيرا حسابيا وبعد أن قدم تقريرا ثم تقريرا تكميليا حكمت بتاريخ 18/2/1973 برفض الدعوى. استأنف المحكوم عليهم هذا الحكم بالاستئناف رقم 182 سنة 90ق.
وبتاريخ 12/3/1974 حكمت محكمة استئناف القاهرة بتعديل الحكم المستأنف وذلك بالقضاء بشطب الرهن الوارد على مصنع الطاعنة الأولى وببراءة ذمتها من مبلغ 3150ج وتأييده فيما عدا ذلك.
طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعي الطاعنون بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه البطلان في الإجراءات مما أثر فيه ويقولون في بيانه
أن بعض المستأنفين كانوا قصرا ومشمولين بوصاية وولاية الطاعن الأول مما كان يقتضي تدخل النيابة في الدعوى لحماية مصالحهم وفقا للمادتين 89، 92 من قانون المرافعات، وإذ فات قلم الكتاب إخبار النيابة بذلك كما لم تأمر محكمة الاستئناف بهذا الإجراء فإن جزاء ذلك هو البطلان.
وحيث إن هذا النعي مردود
ذلك أن هدف الشارع من تدخل النيابة في القضايا الخاصة بالقصر إنما هو رعاية مصلحتهم، ومن ثم فإن البطلان المترتب على إغفال كاتب المحكمة إخطار النيابة بهذه القضايا يكون – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – بطلاناً نسبياً مقرراً لمصلحة القصر وبالتالي يتعين عليهم التمسك به أمام محكمة الموضوع.
وإذا فاتهم ذلك فلا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض، إذ كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن القصر المشمولين بوصاية وولاية الطاعن الأول لم يثيروا هذا البطلان أمام محكمة الاستئناف فإن إبداءه أمام محكمة النقض يكون غير مقبول.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله من وجهين:
(أولهما) أن الحكم رد على دفاعهم ببطلان عقد رهن محلهم التجاري لمخالفته لنص المادة 10 من القانون رقم 11 سنة 1940 الذي يحظر الرهن لغير البنوك وبيوت التسليف المرخص بها، بتقريره أن أحكام هذا القانون لا تنطبق إذا وقع الرهن على ذات العقار الذي يشغله المحل التجاري أو ما به من عقارات بالتخصيص، في حين أن حظر الرهن وفقا لأحكام القانون آنف الذكر هو حظر مطلق.
(ثانيهما) أن الحكم أطرح دفاعهم بانعدام آثار عقد القرض المشمول بالرهن لإبرامه من المدير السابق لشركتهم خارج حدود سلطاته ولصورية العقد، بتقريره أن المدير السابق لشركتهم قد ظهر للمطعون ضدها الأولى سندات إذنية قيمتها 29231ج، 53م، ووقع على سندات إذنية أخرى قيمتها 56542 ج و 272 م كضامن للمطعون ضده الثاني.
وأن ذلك التظهير وهذا الضمان مما يدخل في سلطة المدير فتنصرف آثاره إلى شركتهم وأن هذا الالتزام القديم قد تجدد باستبدال قرض به، في حين أن التجديد لا يصح وفقا للفقرة الأولى من المادة 353 من القانون المدني.
إلا إذا خلا كل من الالتزامين القديم والجديد من أسباب البطلان، والثابت من تقرير الخبير أن المدير السابق لشركتهم وقع على السندات الإذنية الأخيرة كضامن، وذلك بصفته الشخصية ولهذا فلا يجوز إلزامها بقيمة هذه السندات وفوائدها ولا أن تكون محلا للتجديد بقرض مع هذه الشركة.
وحيث إن النعي مردود في وجهه الأول بأنه
لما كانت قاعدة المصلحة مناط الدعوى وفق المادة الثالثة من قانون المرافعات تطبق حين الطعن بالنقض كما تطبق في الدعوى حال رفعها، ومعيار المصلحة الحقة سواء كانت حالة أو محتملة إنما هو كون الحكم المطعون فيه قد أضر بالطاعن حين قضى برفض طلباته كلها أو قضى له ببعضها دون البعض الآخر، فلا مصلحة للطاعن فيما يكون قد صدر به الحكم وفقاً لطلباته أو محققاً لمقصودة منها.
لما كان ذلك
وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بشطب الرهن الوارد على مصنع شركة الطاعنين تأسيسا على عدم سريانه في حقهم لإبرامه من المدير السابق لشركتهم خارج حدود سلطاته، بما يحقق مقصدهم من طلب بطلان عقد الرهن، وكان لا مصلحة لهم بهذه المثابة من النعي عليه فيما استطرد إليه من عدم انطباق أحكام القانون رقم 11 سنة 1940 بشأن بيع ورهن المحال التجارية، فإن نعيهم في هذا الخصوص يكون غير مقبول –
والنعي مردود في وجهه الثاني بأن
تجديد الالتزام بتغيير موضوعه وفقاً لما تقضي به الفقرة الأولى من المادة 352 من القانون المدني هو عقد يتفق فيه الطرفان على انقضاء التزام سابق وأن يحلا محله التزاما آخر يختلف عن الأول في محله أو في مصدره، واستخلاص تجديد الالتزام أمر موضوعي يستقل به قاضي الموضوع ومتى كانت الأسباب التي أقامت المحكمة عليها حكمها من شأنها أن تؤدي إلى القول بذلك.
ولما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه في هذا الخصوص بتقريره أن مديونية شركة الطاعنين نشأت أصلا من التزامها بسداد قيمة سندات إذنية مظهره منها للمطعون ضدها الأولى، وسندات أخرى صادرة من المطعون ضده الثاني للأخيرة بضمانه الشريك المتضامن مدير الشركة الأولى.
وأن تظهير هذه السندات وضمانها مما يدخل في أعمال مدير الشركة، ولا يقال أن الضمان يخرج منها لجوازه أن يتم بالتبادل مع تاجر آخر ليحرز كل منهما ائتمانه التجاري ويحتج بهذا الضمان على الشركة من المستفيد حسن النية، وأن مدير شركة الطاعنين قد اتفق مع المطعون ضدها الأولى على تجديد الالتزام واعتباره قرضا مضمونا برهن.
ومن شأن ذاك ترتيب التزام شركة الطاعنين بالدين وانتفاء ادعائها بصوريته، وإذ كان هذا استخلاصا موضوعيا وسائغا وله أصله الثابت من الأوراق وتقرير الخبير، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بذلك يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسببين الثالث والرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب ويقولون في بيانهما
أنهم تمسكوا في دفاعهم في الاستئناف ببراءة ذمتهم من مبلغ 65374ج، و343م تأسيسا على أن المطعون ضدها الأولى إذ أبرمت مع شركتهم عقد الرهن رقم 129 سنة 1964 توثيق شبرا تأمينا لقرض يشمل هذا المبلغ الذي يمثل دينها قبل المطعون ضده الثاني، ثم عادت فأبرمت مع الأخير عقد الرهن رقم 146 سنة 1964 توثيق شبرا تأمينا لهذا الدين في صورة عقد قرض .
مما يعتبر تجديدا مبرئا لذمة شركتهم من هذا المبلغ باعتبارها أحد المدينين المتضامنين عملا بحكم المادة 286 من القانون المدني، وقد طرح الحكم هذا الدفاع تأسيسا على نص المادة 282 من القانون المدني، مع أنهم لم يستندوا إلى هذا النص، وأغفل بذلك بيان أثر هذا التجديد.
وحيث إن هذا النعي مردود
ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعنين بأن محل إبراء ذمتهم بمقدار الدين الذي تجدد بالقرض المبرم مع المطعون ضده الثاني أن يحصل الاتفاق على التجديد في غيبة شركتهم المدينة المتضامنة الأخرى.
وأن الحاصل أن المطعون ضدها الأولى قد حرصت على تأكيد مديونية الشركة المذكورة كمدينة متضامنة بالاتفاق معها على تجديد الدين الملزمة به واعتباره قرضا، وكان هذا الرد قد واجه دفاع الطاعنين بما يتفق وحكم المادة 286 من القانون المدني التي استندوا إليها.
وأنه لا تأثير على سلامة قضاءه إشارته خطأ إلى المادة 282 من القانون المدني وحسب محكمة النقض أن تصحح هذا الخطأ، ومن ثم فإن النعي عليه بذلك يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه التناقض والخطأ في تطبيق القانون وتأويله وفي بيانه يقولون
أنه انتهى في تكييفه للقرض الوارد بعقد الرهن رقم 129 سنة 1964 توثيق شبرا بأنه تجديد لالتزام مدير شركة الطاعنين، ثم عاد وقرر أن أساس المديونية سندات بعضها مظهر والآخر موقع عليه من هذا المدير بصفته كفيلا.
كما قرر الحكم أن الكفيل ملزم بالتضامن مع المدين الأصلي في سداد قيمة هذه السندات عملا بالمادة 139 من قانون التجارة مع أنه لا محل لتطبيق هذا النص إذ الثابت من تقرير الخبير وملحقه ومن نماذج سندات الدين المقدمة في الطعن أن المدير السابق لشركة الطاعنين لم يوقع على هذه السندات سواء بصفته ضامنا أو بصفته الشخصية.
وحيث إن هذا النعي مردود
بأن التناقض الذي يفسد الحكم – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – هو ما تتماحى به الأسباب بحيث لا يمكن معه أن يفهم على أي أساس قضت المحكمة بما قضت به في منطوقه. ولما كان تجديد الدين يستوجب قانونا أن يكون الالتزام الجديد مختلفا عن الالتزام القديم في محله أو في مصدره.
فإن الحكم المطعون فيه إذ التزم هذا النظر ورتب قضاءه على هذا الأساس فإن النعي عليه بالتناقض يكون على غير أساس، ولا يقبل من الطاعنين التحدي لأول مرة أمام محكمة النقض بعدم انطباق حكم المادة 139 من قانون التجارة بمقولة أن مدير شركتهم لم يوقع أصلا على سندات الدين لأن هذا الدفاع يخالطه واقع لم يسبق عرضه على محكمة الموضوع.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
الطعن رقم 501 لسنة 44 بتاريخ 07/06/1982
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في
أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 3155 سنة 59 مدني كلي القاهرة طالباً الحكم بصحة ونفاذ عقود البيع الثلاثة المؤرخة 21، 22، 23/4/1959 الصادرة من المرحومة …….. وآخرين ببيعهم له 210م2 مشاعاً في العقار المبين بصحيفة الدعوى نظير ثمن قدره (1050) جنيه .
وتدخل الطاعنون الستة الأول ومورث الطاعنة السابعة – عن نفسها وبصفتها – طالبين الحكم بتثبيت ملكيتهم للقدر المبيع لأنهم يمتلكون المساحة المبيعة بموجب الحكم الصادر في القضية رقم 1435 سنة 50 تصرفات كلي مصر الشرعية بتاريخ 25/11/1951 الذي خصهم بالمنزل الذي تدخل فيه الحصة المبيعة.
وبجلسة 17/11/1960 قضت المحكمة بقبول التدخل وندب خبير في الدعوى، ثم قضت بجلسة 15/2/ لسنة 1965 برفض الدعوى الأصلية وبإجابة الخصوم المتدخلين إلى طلباتهم في الدعوى الفرعية،
فاستأنف المطعون ضده ذلك الحكم بالاستئناف رقم 610 سنة 1982. وبتاريخ 19/3/1966 قضت محكمة استئناف القاهرة بتأييد الحكم المستأنف،
فطعن عليه بالنقض بالطعن رقم 293 سنة 36 ق، وبتاريخ 26/1/1971 قضت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة استئناف القاهرة حيث عجلها المطعون ضده الأول .
وقضت محكمة استئناف القاهرة بجلسة 20/5/1975 بإلغاء الحكم المستأنف وبصحة ونفاذ عقود البيع الثلاثة في حدود النصيب الذي يملكه كل من البائعين شائعاً في مساحة العقار ورفض دعوى الطاعنين الفرعية،
طعن الطاعنون على هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعنون في السبب الأول منها على الحكم المطعون فيه بالبطلان لعدم إخطار النيابة العامة بوجود قصر في الدعوى وفي بيان ذلك يقولون
إن ………… المقضي لصالحه بالحكم الصادر في 19/ 4/ 1966 من محكمة استئناف القاهرة قد توفي أثناء نظر الطعن بالنقض السابق فاختصم المطعون ضده، الأول عند تعجيل الاستئناف ورثته – الطاعنة السابعة عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر .
كما توفي أثناء نظر الطعن السابق المرحوم . ………… اختصم المطعون ضده الأول ورثته في صحيفة التعجيل ومن بينهم بنته القاصر المشمولة بوصاية المطعون ضدها السادسة.
کما اختصم القاصرة …………. المشمولة بوصاية المطعون ضدها التاسعة والعشرين بعد أن قضى بجلسة 9-5-1972 بانقطاع سير الخصومة وقد كان يتعين على المحكمة عملا بالمادتين 89, 92 من قانون المرافعات .
وقد طرأ أثناء سير الخصومة ما يستدعي تدخل النيابة أن تأمر قلم الكتاب بإخطارها بوجود قصر في الدعوى إلا أن المحكمة أغفلت هذا الإجراء مما يعيب حكمها المطعون فيه بالبطلان المتعلق بالنظام العام بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود
بأن هدف الشارع من تدخل النيابة العامة في القضايا الخاصة بالقصر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – إنما هو رعاية مصلحتهم، ومن ثم فإن البطلان المترتب على إغفال إخطار النيابة بهذه القضايا يكون بطلاناً نسبياً مقرراً لمصلحتهم وبالتالي يتعين عليهم التمسك به أمام محكمة الموضوع.
وإذا فاتهم ذلك فلا يجوز لهم التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض، لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن القصر الذين تمثلهم الطاعنة السابقة لم يثيروا هذا البطلان أمام محكمة الموضوع .
ولا يقبل من الطاعنين التمسك بالبطلان المقرر لمصلحة غيرهم من القصر المطعون عليهم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون غير مقبول.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقولون
أنهم قد اختصوا بعقار النزاع دون البائعين للمطعون عليه الأول بموجب عقد القسمة العرفي المؤرخ 1-5-1950 الذي اعتمدته محكمة القاهرة الابتدائية بقرارها الصادر بجلسة 25-11-1950 في المادة 1435 سنة 1950 تصرفات والمواد المنضمة إليها وقد قام المستحقون جميعاً بتنفيذ هذه القسمة بعد صدور قانون إنهاء الوقف رقم 180 سنة 52 .
وكان يكفي المحكمة أن تتحقق من أن – البائعين جميعاً للمطعون ضده الأول في عقار النزاع قد ارتضوا تلك القسمة وتصرفوا بالبيع في أنصبتهم على هداها – طبقاً للمستندات المقدمة من الطاعنين إلى المحكمة بعد حكم النقض السابق – الأمر الذي يعتبر معه البيع الصادر منهم في عقار النزاع بيعاً لملك الغير بعد أن أقر باقي المستحقين تلك القسمة فأصبحت قسمة فعلية.
ولما كان مناط البحث هو التحقق من قيام القسمة سواء كانت اتفاقية أو فعلية فإنه يكون على المحكمة أن تأمر بإدخال ورثة ……… ووزارة الأوقاف التي تسلمت حصة الميراث مفرزة في الدعوى لتتحقق من قيام هؤلاء الورثة ببيع أنصبتهم المحددة بعقد القسمة بدلا من أن تبني حكمها على الحدس والتخمين ودون أن تشير إلى عقد القسمة المؤرخ 1-5-1980 الموقع عليه من جميع المستحقين الشركاء في الوقف.
بل قال الحكم المطعون فيه على نقيض ذلك أنه لا يبين من الأوراق أن جميع الشركاء قد وافقوا علي هذه القسمة وأن بعض ورثة المرحوم …… قد تصرفوا بالبيع بينما ثلاثة منهم لا زالوا يحتفظون بملكيتهم وأن باقي الملاك قد تصرفوا في جانب من الأطيان يعادل جزءاً من حصتهم ولم يتصرفوا في الباقي.
وهو ما يخالف الثابت من الأوراق وبعد أن قدموا في الدعوى من المستندات تؤكد قيام المستحقين في الوقف جميعاً بالتصرف في القدر الذي اختصموا به مفرزاً بموجب عقد القسمة سالف الذكر.
ولو أمرت المحكمة لمصلحة العدالة بإدخال غير المختصمون في الدعوى من المستحقين أو اتخذت إجراء من إجراءات التحقيق كندب خبير للتوصل إلى الوقائع لتكشف لها الحقيقة، ومن ثم يكون حكمها معيبا بالقصور فضلا عن الخطأ في القانون.
وحيث إن هذا النعي في غير محله
ذلك أنه لما كان عقد القسمة المؤرخ 1-5-1950 والذي صدر بناء عليه الحكم الصادر بتاريخ 25-11-1950 في مادة التصرفات رقم 1435 سنة 1950 القاهرة الابتدائية الشرعية لا يعتبر عقد قسمة ملك للأعيان الشائعة لحصولها قبل صدور القانون رقم 180 سنة 52 الذي ألغى نظام الوقف وجعل ما انتهى فيه الوقف ملكا للمستحقين .
وكان ذلك العقد لا يعدو أن يكون قسمة مهيأة بين المستحقين في أعيان الوقف وكانت قسمة المهايأة المكانية لا تتحول إلى قسمة نهائية وفقاً للمادة 486/ 2 من القانون المدني إلا بدوام حيازة الشريك للجزء المفرز من المال الشائع مدة خمس عشرة سنة – ما لم يتفق الشركاء مقدماً على خلاف ذلك وهذه المدة لم تمض على ما هو ثابت في الدعوى من وقت صدور القانون 180 سنة 52،
وكانت القسمة الفعلية لا تتحقق إلا إذا تصرف أحد الملاك المشتاعين في جزء مفرز من المال الشائع يعادل حصته وينهج منهجه سائر الشركاء بما يفيد رضاهم ضمناً قسمة المال الشائع فيما بينهم على الوجه الذي تصرفوا علي مقتضاه ويكون نصيب كل منهم هو الجزء المفرز الذي سبق له أن تصرف فيه.
وكان من المقرر أنه حسب محكمة الموضوع أن تقيم قضاءها على المستندات والأدلة المطروحة عليها بما يكفي لحمل قضائها دون أن تلزم بتكليف الخصوم بتقديم الدليل على دفاعهم أو لفت نظرهم إلى مقتضياته، وكان تعيين الخبراء من الرخص المخولة لها ولا يقبل النعي على قضائها بعدم الاستفادة بخبير متى رأت في عناصر النزاع ما يكفي لتكوين عقيدتها.
وكان إدخال المحكمة لخصوم في الدعوى طبقاً للمادة 118 مرافعات مجرد رخصة تقديرية مخولة لها ولا يقبل من أحد الخصوم النعي عليها عدم استعمالها ما دام كان يمكنه هذا الإدخال طبقاً للمادة 117 مرافعات – إن كان له وجه .
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص من واقع المستندات المقدمة ومن تقرير الخبير المنتدب من محكمة أول درجة أن بعض الورثة المستحقين في الوقف الذين بينهم – لم يتصرفوا في أنصبتهم وفقاً لعقد القسمة المشار إليه.
كما أن عقود الفرز والتجنيب والبيع المقدمة من الطاعنين قد تضمنت جزءاً من أطيان الوقف ولا تشملها جميعاً بل إنها قاصرة على الأطيان الكائنة بالصعيد دون تلك الواقعة بمركز الخانكة .
ورتب على ذلك الاستخلاص السائغ الثابت من المستندات المقدمة إليه عدم وجود قسمة اتفاقية على الملك أو قسمة فعلية بما يظل معه البائعون للمطعون عليه الأول مالكين على الشيوع في العقار النزاع فإنه يكون قد صادف صحيح القانون وقائما على أسباب سائغة تكفي لحمله ويكون النعي عليه بهذين السببين على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه العيب في الإسناد والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقولون
إن المحكمة قضت بصحة ونفاذ عقود البيع بالأنصبة والمساحات التي حددتها والتي قالت إن البائعين يملكونها فعلا دون المساحات الواردة في عقود البيع لأنها أكثر من أنصبتهم مستندة في ذلك إلى تقرير الخبير المنتدب من محكمة الدرجة الأولى، وذلك على الرغم من أن التقرير المذكور لم يحدد تفصيلا هذه المساحات وما جاء به لا يعدو القول بأنهم باعوا أكثر من أنصبتهم.
كما حدد الحكم مساحة العقار أخذا من تقرير الخبير في دعوى المعارضة في قائمة الرسوم المرفوعة من المطعون ضده الأول على قلم الكتاب رغم أن الطاعنين لم يكونوا أطرافاً فيها والتي لا يحاجون بإجراءاتها.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح
ذلك أنه لما كان الثابت من تقرير الخبير المنتدب من محكمة أول درجة – المقدمة صورته الرسمية من الطاعنين – ضمن مستندات الطعن – أنه حدد أنصبة البائعين للمطعون عليه الأول في كامل عقار النزاع بالقيراط من 24 قيراط من كامل العقار وفقاً لأنصبتهم من الوقف، وحدد مساحة العقار جميعه بمسطح قدره “10,1158م2” .
وخلص من ذلك إلى أن نصيب البائعين من عقار النزاع هو 95, 180م2 في حين أنهم باعوا بالعقود الثلاثة مساحة 210م2 وانتهى في نتيجته إلى أن البائعين قد باعوا أكثر مما يستحقون فإن الحكم المطعون فيه .
إذ قضى بصحة ونفاذ العقود الثلاثة في حدود ما يمتلكه كل بائع من العقار وفقاً لما حدده الخبير المنتدب في الدعوي من محكمة أول درجة ومستنداً إليه يكون قد أقام قضاءه على الثابت من هذا التقرير في حدود سلطته التقديرية في تكوين عقيدته، ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن
الطعن رقم 881 لسنة 45 بتاريخ 19/03/1981
ختاما: استعرضنا وتعرفنا على طبيعة بطلان الحكم لعدم اختصام النيابة الحسبية والعامة فى الدعاوى المدنية، وأن هذا البطلان نسبي فى البعض، ومطلق ان كان متعلقا بالنظام العام، وقدمنا أحكام النقض المرتبطة فى هذا الصدد .