كيفية الطعن على أحكام المحكمة التأديبية
موجز الطعن بالإلغاء في الأحكام التأديبية في القضاء المصري، فالأحكام التأديبية هى تلك الصادرة عن المحاكم التأديبية والطعن في هذه الأحكام يكون أمام المحكمة الإدارية العليا.
محتويات المقال
وحدد قانون مجلس الدولة، القانون رقم 47 لسنة 1972 من خلال مواده كيفية الطعن على الأحكام الصادرة من المحكمة التأديبية وميعاده واجراءاته وذلك على النحو الاتي:
- الأحكام التي يجوز الطعن عليها.
- من له حق الطعن فى أحكام المحاكم التأديبية.
- ميعاد الطعن بإلغاء الحكم التأديبي.
- أسباب الطعن.
- إجراءات الطعن.
الأحكام التأديبية التي يجوز الطعن عليها
- الأحكام الصادرة من المحاكم التأديبية بشأن العاملين المدنيين في الدولة الخاضعين للقانون رقم 47 لسنة 1978
- الأحكام الصادرة من المحاكم التأديبية بشان العاملين في القطاع العام والخاصة بتوقيع جزاءات الخفض في الوظيفة إلى درجة أدنى مباشرة، مع خفض الأجر بما لا يتجاوز القدر الذي كان عليه قبل الترقية والإحالة إلى المعاش والفصل من الخدمة، وكذلك الأحكام الخاصة بتوقيع كل من جزاء الإحالة على المعاش، والفصل من الخدمة على رئيس وأعضاء مجلس إدارة التشكيلات النقابية
- الأحكام الصادرة من المحاكم التأديبية بعد مدة وقف الموظف عن العمل وبصرف أو عدم صرف جزء من مرتبه
- القرارات التأديبية الصادرة من مجالس التأديب والتي تعتبر قراراتها قضائية أشبه ما تكون بالأحكام ويسري عليها ما يسري على الأحكام الصادرة من المحاكم التأديبية حيث لا يجوز الطعن بها إلا أمام المحكمة الإدارية العليا
- ملاحظة هامه جدا جدا جدا
يتضح مما سبق أن أحكام المحاكم التأديبية لا تخضع للطعن بالاستئناف وإنما يتم الطعن فيها بالتماس إعادة النظر أمام ذات المحكمة الصادر عنها الحكم إذا توافرت موجبات الطعن بالتماس إعادة النظر أو الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا ولا تقبل تلك الأحكام المعارضة فيها .
وعلى ذلك نصت كل من المادة اثنتان وعشرون والمادة إحدى وخمسون من قانون مجلس الدولة المصري رقم 47 لسنة 1972 حيث نصت المادة اثنتان وعشرون على:
أحكام المحاكم التأديبية نهائية ويكون الطعن في أحكام المحكمة الإدارية العليا في الأحوال المبينة في هذا القانون .
أما المادة إحدى وخمسون فقد نصت على:
يجوز الطعن في الأحكام الصادرة عن محكمة القضاء الإداري والمحاكم الإدارية والمحاكم التأديبية بطرق التماس إعادة النظر في المواعيد والأحوال المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية أو قانون لا يتعارض مع طبيعة المنازعات المنظورة أمام هذه المحاكم.
حق الطعن فى احكام المحاكم التأديبية
يقدم الطعن في أحكام المحاكم التأديبية أمام المحكمة الإدارية العليا من ذوي الشأن وهم كل شخص أو هيئة له مصلحة جدية في إلغاء الحكم التأديبي.
ويعتبر من ذوي الشأن أطراف الدعوى الأصليون المتدخلون في الدعوى وظيفتها في الدفاع عن القانوني، الخارج عن الخصومة الذي مس الحكم الصادر في الدعوى مصلحة مشروعة لهم ولم يكن مركز يسمح له بتوقع الدعوى أو العلم بها والذي ليس أمامه طريق طعن قضائي أخر وذلك خلال 60 يومًا من تاريخ علمه بالحكم.
ووفقا لأحكام المادة 22 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 فانه يُعتبر من ذوي الشأن في الطعن كلا من الوزير المختص ورئيس الجهاز المركزي للمحاسبات ومدير النيابة الإدارية وعلى رئيس مفوضية الدولة بناء على طلب العامل المفصول أن يقيم الطعن في حالات الفصل من الوظيفة.
ويباشر الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا احد أعضاء النيابة بدرجة رئيس نيابة على الأقل .
وقد ميزت المحكمة الإدارية العليا بين الطعن الذي يقدمه الخصوم في الدعوى والطعن الذي تقدمه هيئة المفوضية فإذا طعن الإفراد وحدهم خضع الطعن للأصل العام المقرر من أن الطاعن لا يضار بطعنه.
كما لا يفيد من الطعن إلا الطاعن،
أما الطعن المقدم من هيئة المفوضين فانه يفتح الباب أمام المحكمة لتزن الحكم المطعون بميزان القانون ثم تنزل حكمه في المنازعة ذلك بهيئة المفوضين لا تمثل الحكومة ولا تنطق باسمها وإنما تنحصر في الدفاع عن القانون .
المادة 22 من قانون مجلس الدولة
- أحكام المحاكم التأديبية نهائية ويكون الطعن فيها أمام المحكمة الإدارية العليا في الأحوال المبينة في هذا القانون.
- ويعتبر من ذوي الشأن في الطعن الوزير المختص ورئيس الجهاز المركزي للمحاسبات ورئيس هيئة النيابة الإدارية.
- وعلى رئيس هيئة مفوضي الدولة بناء على طلب من العامل المفصول أن يقيم الطعن في حالات الفصل من الوظيفة.
إن رقابة المحكمة الادارية العليا للأحكام التأديبية تتميز بكثير من الخصائص التي تجعلها مختلفة الى حد ما عن رقابة المحكمة الادارية العليا على الأحكام الادارية الصادرة من جهات أخرى في أنه الطعن الوحيد الذي يجوز الالتجاء إليه في صدد الأحكام التأديبية هو الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا .
(الطماوي ص 643)
والطعن المقدم من هيئة مفوضي الدولة أمام المحكمة الإدارية العليا يفتح الباب أمام تلك المحكمة لتزن الحكم المطعون فيه بميزان القانون وزنا مناطه استظهار ما إذا كانت قد قامت به حالة أو أكثر من الأحوال التي يتعيبه ثم تنزل حكم القانون في المنازعة أم أنه لم تقم به اية حالة من تلك الأحوال .
وكان صائبا في قضائه ، فتبقى عليه وترفض الطعن بخلاف الطعن المقدم من الخصوم ذوي الشأن فإنه يحكمه أصل مقرر وهو ألا يضار الطاعن من طعنه ولا يفيد من الطعن في هذه الحالة سوى الطاعن- دون غيره من المحكوم عليهم الذين أسقطوا حقهم في الطعن .
وطبقاً للمادة 22 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 على رئيس هيئة مفوضي الدولة بناء على طلب من العامل المفصول بحكم من المحكمة التأديبية أن يقيم الطعن في هذه الحالة ، بحيث أنه إذا تخلف هذا الطلب فإن المحكمة الادارية العليا تقضي ببطلان تقرير الطعن .
وإذا كان اختصاص رئيس هيئة مفوضي الدولة في اقامة الطعن وجوبا إذا ما طلب العامل المفصول ذلك طبقا للمادة 22 المشار إليها مقصور على حالة العامل المفصول بحكم من المحاكم التأديبية دون غيرها .
فإنه يخرج من دائرة اختصاصه الطعن في قرارات مجالس التأديب أمام المحكمة الادارية العليا يستوي في ذلك أن تكون هذه القرارات صادرة بالفصل من الخدمة أم بغير هذه العقوبة أو أن يكون العامل قد طلب من رئيس هيئة مفوضي الدولة الطعن فيها أو لم يطلب.
إذ تعتبر الطعن في هذه غير مقبول شكلا لرفعه من غير ذي صفة في الطعن .
(الدكتور/ أحمد محمود دمعة ، أصول إجراءات التداعي أمام مجلس الدولة ، ص 93 وما بعدها)
والأصل في قضاء الإلغاء قصر اختصاص المحكمة على- بعد إلغاء القرار التأديبي المطعون فيه لعدم مشروعيته- توقيع العقوبة التي تراها مناسبة للمخالفة التي ارتكبها العامل .
فقد ذهبت الدائرة الرابعة بالمحكمة الإدارية العليا الى أنه
لا يجوز للمحكمة التأديبية عند نظر دعوى إلغاء القرار التأديبي الموقع على العامل من رئاسته أن تجنح الى محاكمته تأديبيا وتوقيع جزاء عليه . بل يتعين أن يقف قضاؤها عند حد الفصل في الطلب المطروح عليها .
فإذا ما قضت بإلغاء الجزاء فإن ذلك يفتح المجال للجهة الإدارية لإعادة تقدير الجزاء المناسب ذلك أن طعن المدعى في قرار الجزاء الذي وقعته عليه جهة العامل أمام المحكمة التأديبية لا يخولها إلا سلطة رقابة مشروعية هذا القرار دون أن يفتح الباب أمامها لتأديبه وتوقيع الجزاء عليه بعد أن قضت بإلغاء الجزاء المطعون فيه.
بينما ذهبت الدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية الى أن
المحكمة التأديبية تملك بعد أن تقضي بإلغاء قرار الجزاء أن تتصدى لتوقيع الجزاء المناسب باعتبارها صاحب الولاية العامة في مسائل تأديب العاملين .
ومن حيث أن الأصل في قضاء الإلغاء قصر اختصاص المحكمة على بحث مشروعية القرار المطعون فيه فإذا ما تبينت مشروعيته رفضت الطعن .
وإذا تبينت عدم مشروعيته حكمت بإلغائه ولكنها لا تملك حتى في هذه الحالة أن تستبدل به قرارا آخر يحقق نفس هدفه ويتلافى ما أدى الى عدم مشروعيته ومن ثم إلغائه فتحل بذلك محل مصدر القرار في اتخاذه .
ولا تملك ذلك من باب أولى إذا رأت عدم ملائمة القرار حتى ولو في مداه دون قيام ما يمس مشروعيته إذ يحل قاضي الإلغاء محل مصدر القرار .
وهو ما يجيزه الدستور احتراما لمبدأ الفصل بين السلطات لا تجيزه القوانين المنظمة لاختصاص قضاء الإلغاء ولا شك في أصل شمول هذا المبدأ قرارات السلطة التأديبية الرئاسية .
ومع ذلك فإن رقابة قضاء الإلغاء ومحلها الوحيد هو المشروعية وهو أمر قانوني بحت لا يخرج أى عنصر من عناصره ولا يتأبى على رقابة المشروعية وبذلك تنبسط هذه الرقابة على كافة عناصر المشروعية في القرار المطعون فيه وتتناولها من كافة أوجهها ونواحيها .
ورقابة المشروعية وهى رقابة قانون مناطها الجوهري مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله والبطلان . فهى رقابة تامة كاملة.
وهى بذاتها وفي جوهرها رقابة المشروعية التي يتولاها قضاء النقض مدنيا كان أو إداريا على الأحكام القضائية التي يتناولها فجوهر رقابة النقض على مشروعية الأحكام هو جوهر رقابة قضاء الإلغاء الإداري على مشروعية القرار الإداري .
والمقصود هنا رقابة النقض الإدارية التي تمارسها المحكمة الإدارية العليا وهى تختلف عن رقابة النقض المدنية على ما استقرت عليه أحكام المحكمة الإدارية العليا منذ إنشائها وما قررته في حكمها الصادر بجلسة 5 من نوفمبر سنة 1955 (طعن رقم 159 لسنة 1ق) من:
تطابق النظامين من حيث بنيان حالات الطعن بالنقض واختلافها من حيث ميعاد الطعن وشكله وإجراءاته وكيفية الحكم فيه فلكل من النظامين قواعده الخاصة مما يمتنع معه إجراء القياس لوجود الفارق .
أما من النص أو من اختلاف طبيعة الطعنين اختلافا مرده اساسا التباين بين طيعة الروابط التي تنشأ بين الإدارة والأفراد في مجالات القانون العام وهذه التي تنشأ بين الأفراد في مجالات القانون الخاص وسلطة المحكمة المطعون في حكمها في فهم الواقع أو الموضوع في دعوى الإلغاء ليست قطعية تقصر عنها سلطة المحكمة الادارية العليا .
(طعن رقم 1596 لسنة 7 ق جلسة 3 أبريل سنة 19)
فيجوز إبداء سبب جديد أمام المحكمة الادارية العليا ولو لم يتعلق بالنظام العام .
(طعن رقم 159 لسنة 1 ق)
والطعن في أحد شقى الحكم أمام المحكمة الادارية العليا يثير المنازعة برمتها أمامها مادام الطلبات مرتبطين ارتباطا جوهريا
(طعن رقم 161 لسنة 3 ق جلسة 29 يونيو سنة 1957 ، 196 لسنة 9ق جلسة 5 ديسمبر سنة 1965 ، 582 لسنة 17 ق جلسة 17 مايو سنة 1975)
وبطلان الحكم للقصور المخل في أسبابه لا يمنع سلامة النتيجة التي انتهى إليها منطوقه في ذاتها وأن تقضي بها هذه المحكمة إذا كانت الدعوى صالحة للحكم فيها ورأت الفصل فيها بنفسها.
(طعن رقم 960 لسنة 2 ق جلسة الأول من ديسمبر سنة 1956 بصدد قرار إداري)
إذا كانت الدعوى المطروحة أمام المحكمة وتم استيفاء دفاع الخصوم فيها فللمحكمة العليا أن تتصدى للفصل في هذا الموضوع ولا وجه لإعادة الدعوى الى المحكمة للفصل فيها من جديد .
(طعن رقم 151 لسنة 3ق جلسة 15 يونيو سنة 1957 بشأن قرار إداري)
وبهذا رسمت المحكمة الادارية العليا السمات الخاصة للطعن بالنقض الاداري وهى سمات جوهرية في رقابة المشروعية الادارية محل الطعن بالإلغاء وجوهر ما تقرره المحكمة الادارية العليا نفسها في حدود هذه الرقابة في شأن ما يطعن فيه أمامها من أحكام هو ذات جوهر رقابة قاضي إلغاء القرار الإداري بدوره .
فجوهر الرقابة واحد ولا يختلف إلا باختلاف ما تقتضيه حدود الرقابة أو يميله نص في القانون ويكتمل ذلك بما قررته المحكمة نفسها في الفرق بين رقابتها على أحكام المحاكم الادارية ومحكمة القضاء الإداري من ناحية ورقابتها على أحكام المحاكم التأديبية من ناحية أخرى.
وهى تباشر سلطات التأديب فقررت أنها رقابة قانونية لا تعني استئناف النظر في الحكم بالموازنة والترجيح بين الأدلة المقدمة اثباتا أو نفيا فذلك تستقل به المحكمة التأديبية وحدها لا تتدخل فيه المحكمة الادارية العليا وتفرض رقابتها عليه.
إلا إذا كان الدليل الذي اعتمد عليه قضاء الحكم المطعون فيه غير مستمد من أصول ثابتة في الأوراق أو كان استخلاص هذا الدليل لا تنتجه الواقعة المطروحة على المحكمة فهنا فقط يكون التدخل لأن الحكم حينئذ يكون غير قائم على سببه .
(طعن رقم 989 لسنة 14 ق جلسة 22 ديسمبر سنة 1973 ، 831 لسنة 19 ق جلسة 11 مايو سنة 1974)
أما اختلال التناسب بين المخالفة والجزاء فهو من أوجه عدم المشروعية وبتحديد المحكمة لدور رقابة المشروعية في كل من الحكم الإداري في دعوى الإلغاء والحكم التأديبي الصادر في الدعوى التأديبية حيث تباشر المحكمة بنص القانون اختصاص من الاختصاصات الأصيلة للسلطة الادارية وهو اختصاص التأديب تتحدد معايير رقابة المشروعية بالنسبة لنوعي الأحكام والقرارات .
فرقابة المشروعية التي تمارسها المحكمة الادارية العليا على قضاء الالغاء تختلف عن ذات الرقابة على قضاء التأديب في أن عنصر الواقع الذي تستقل به الأخيرة هو عنصر الموازنة والترجيح بين الأدلة المقدمة إثباتا ونفيا إلا إذا كان الدليل الذي اعتمده الأخير غير مستمد من أصول ثابتة في الأوراق أو كان استخلاصه لا تنتجه الواقعة المطروحة على المحكمة .
وبهذا التحديد يتحدد أيضا دور المحكمة التأديبية فهى سلطة تأديب مستقلة بنص القانون استنادا الى ما تقضي به المادة 172 من الدستور من اختصاص مجلس الدولة كهيئة قضائية في الدعاوى التأديبية.
وهنا ليس ثمة قرار من جهة الإدارة تباشر عليه رقابة ما ، وإنما هى سلطة ذاتية تخضع لرقابة المحكمة الادارية العليا وهى في نفس الوقت سلطة رقابة مشروعية بالإلغاء في قرارات التأديب الصادرة من السلطة الادارية .
وإذا كانت هذه الرقابة الأخيرة رقابة مشروعية فهى تجرى في نطاق وحدود رقابة المشروعية التي تباشرها المحكمة الادارية العليا على المحكمة التأديبية كسلطة تأديبية وتتسم الرقابة بنفس السمات .
وتجرى على ذات الوجه وتحدها ذات الحدود وبذلك تتناول هذه الرقابة كل ما تعلق بمشروعية القرار التأديبي من كافة الأوجه وتثبت لها كافة السلطات التي تثبت للمحكمة الادارية العليا في نطاق رقابة المشروعية بما في ذلك الاخلال الجسيم بين المخالفات الثابت ارتكابها والجزاء الموقع .
وإذا كانت المحكمة الادارية العليا قد استقر قضاؤها في هذه الرقابة إذا تبين لها تعييب الحكم التأديبي المطعون فيه وأخذا بالأصل المنصوص عليه في المادة 269 من قانون المرافعات من أنه :
إذا حكمت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه وكان الموضوع صالحا للفصل فيه …. وجب عليها أن تحكم في الموضوع .
على أن تحكم في موضوع الدعوى التأديبية المطعون في حكمها فتوقع بنفسها الجزاء الذي تراه مناسبا مع المخالفة التي تبين لها ثبوت ارتكابها أو تقضي بالبراءة إذا كانت لديها أسبابها وجب الأخذ بذات الأصل في رقابة المشروعية التي تباشرها المحكمة التأديبية في قرارات السلطة الادارية التأديبية.
فإذا انتهت في رقابتها الى عدم مشروعية القرار كان لها أن تفصل في الموضوع على ذات الوجه الذي ثبت للمحكمة الادارية العليا في رقابتها على أحكامها كسلطة تأديبية ويخضع حكمها الصادر في هذا الشأن على هذا الهدى لرقابة المشروعية التي تمارسها المحكمة الادارية العليا في نطاق قضاء الإلغاء .
فإذا ما تبينت المحكمة الادارية تعيب الحكم المطعون فيه أمامها بأى عيب وتبينت صلاحية الدعوى للفصل فيها وجب عليها أن تحكم في موضوعها بنفسها دون اعادة الى المحكمة التأديبية .
(الطعن رقم 235 لسنة 23 ق جلسة 9/4/1988)
ميعاد الطعن بإلغاء الحكم التأديبي
حدد المشرع المصري ميعاد رفع دعوى الإلغاء ب 60 يومًا من تاريخ نشر القرار المطعون فيه في الجريدة الرسمية أو في النشرات التي تصدرها المصالح العامة أو إعلام صاحب الشأن .
وإذا انقضى الميعاد المحدد للطعن في القرار التأديبي المعيب بالإلغاء اكتسب القرار حصانة تحميه من الإلغاء ويصبح حجة على الكافة.
ولا يسري ميعاد الطعن إلا على الأحكام التي تصدر بإجراءات صحيحة فهي لا تسري في حق الطاعن الذي لم يعلم إعلاما صحيحا بأمر محاكمته نظرا لصدور حكم الطعن في غيبته وبالتالي لا يعتبر عالما بتاريخ صدور الحكم ضده إلا من تاريخ علمه اليقيني به.
وينقضي الحق في رفع الدعوى قبل نهاية ميعاد الطعن إذا قبل ذوو المصلحة بالحكم وقبول الحكم قد يكون صريحا أو ضمنيا غير انه يجب تحري الدقة في استخلاص القبول الضمني من الوقائع الدالة عليه .
ويشترط لسريان ميعاد الطعن في حق المحكوم عليه أن يكون قد أعلن إعلانا صحيحا بإجراءات محاكمته التأديبية، فإذا لم يثبت ذلك فان مدة الطعن في الحكم التأديبي يتم احتسابها بداية من تاريخ العلم اليقيني للمحكوم عليه بالحكم الصادر ضده .
وميعاد الطعن في الأحكام التأديبية من النظام العام بحيث يترتب على تفويته سقوط الحق فيه ما لم يكن ذلك لمرض عقلي أو قوة قاهرة .
ونظرا لعدم وجود قانون في الإجراءات التأديبية فتكون قواعد قانون المرافعات المدنية والتجارية هي الواجبة التطبيق وهي المرجع باحتساب مدة الطعن ابتداء وانتهاء .
وإذا تقدم صاحب الشأن بتظلم للجهة الإدارية فانه يجب أن يبت في التظلم قبل مضي 60 يومًا من تاريخ تقديمه، فإذا صدر القرار بالرفض وجب أن يكون مسببا ويعتبر مضي 60 يومًا على تقديم التظلم دون أن تجيب عنه السلطات المختصة بمثابة رفضه .
المادة 24 من قانون مجلس الدولة
ميعاد رفع الدعوى أمام المحكمة فيما يتعلق بطلبات الإلغاء ستون يوماً من تاريخ نشر القرار الإداري المطعون فيه في الجريدة الرسمية أو في النشرات التي تصدرها المصالح العامة أو إعلان صاحب الشأن به.
وينقطع سريان هذا الميعاد بالتظلم إلى الهيئة الإدارية التي أصدرت القرار أو الهيئات الرئاسية، ويجب أن يبت في التظلم قبل مضي ستين يوماً من تاريخ تقديمه. وإذا صدر القرار بالرفض وجب أن يكون مسبباً، ويعتبر مضي ستين يوماً على تقديم التظلم دون أن تجيب عنه السلطات المختصة بمثابة رفضه.
ويكون ميعاد رفع الدعوى بالطعن في القرار الخاص بالتظلم ستين يوماً من تاريخ انقضاء الستين يوماً المذكورة.
جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 9 لسنة 1949 أنه
لوحظ أن ميعاد الستين يوما المنصوص عليها في المادة 35 من القانون القائم لرفع الدعوى الى محكمة القضاء الإداري هى في حقيقته خاص بطلبات الإلغاء التي تقتضي طبيعتها سرعة البت فيها حتى لا تظل القرارات الإدارية مهددة بالإلغاء زمنا طويلا .
وإذا كانت هذه العلة غير قائمة بالنسية الى غير تلك الطلبات مما يجرع في تعيين مواعيد رفعها الى القواعد العامة أو النصوص الخاصة التي تتعلق بها .
فلذلك صيغت هذه المادة بما يفيد هذا المعنى وكذلك عدلت الفقرة الثالثة منها لإبراز المقصود وهو اعتبار سكوت الإدارة مدة أربعة أشهر عن الإجابة عن الطلب المقدم إليها بمثابة قرار بالرفض ثم اضيفت في نهاية المادة فقرة جديدة لإيضاح أن ميعاد الستين يوما في هذه الحالة إنما يبدأ من تاريخ انقضاء الأربعة الأشهر المذكورة . (مادة 12 من قانون مجلس الدولة ).
وتسري مدة الطعن من تاريخ نشر القرار الإداري أو إعلان صاحب الشأن به .
وإذا كانت القاعدة الشائعة والتي كثيرا ما يشير إليها مجلس الدولة المصري ، هى أن النشر يكون بالنسبة للقرارات التنظيمية التي تتناول جماعة غير محددة من الأفراد .
وأن الإعلان يكون بالنسبة للقرارات الفردية التي تخاطب فردا أو أفرادا بذواتهم ، إلا أن المجلس عدل عن ذلك وأعلن أن هناك قرارات بطبيعتها يجب أن تعلن الى الكافة بطريق النشر ، مؤداه أن القرارات التنظيمية هى التي يجب أن تنشر ، والقرارات الفردية يجب أن تعلن .
والنشر هو اتباع ادارة شكليات معينة لكى يعلم الجمهور بالقرار ، والقاعدة أنه إذا نص القانون على وسيلة معينة للنشر فيجب أن تتبع تلك الطريقة ، كأن ينص القانون على لصق القرار في أمكنة معينة ، أو نشره في جريدة رسمية أو نشرة مصلحية خاصة.
فإذا لم يحدد القانون طريقة معينة فيجب أن يكون النشر في جريجه أو نشرة معدة للإعلان ومن شخص أو جهة تختص بذلك ، والمقصود بذلك وسائل النشر الرسمية .
وإذا كان النشر في النشرات المصلحية يقوم مقام التبليغ في القرارات الفردية ، فإن ذلك منوط باتباع الإجراءات التي تحكم النشرات المصلحية .
ولكى يؤدي النشر مهمته يجب أن يكشف عن فحوى القرار بحيث يكون في وسع ذي المصلحة أن يلم به تماما ، وهذا لا يتأتى على أتم وجه إلا إذا نشر القرار جميعه وأن يتم النشر عقب استيفاء القرار لكافة مراحله وألا يغدو عديم القيمة فيما يتعلق ببدء سريان المدة .
والإعلان هو الطريقة التي تنقل بها الإدارة القرار الى علم فرد بعينه أو أفراد بذواتهم من الجمهور ، والقاعدة هنا أن الإدارة ليست ملزمة باتباع وسيلة معينة لكى تبلغ الفرد أو الأفراد بالقرار .
فقد يكون ذلك عن طريق محضر ، أو عن طريق أى موظف إداري آخر ، وقد يكون تبليغ الفرد بأصل القرار أو بصورة منه ، ويجب أن يكون الإعلان مؤديا الى العلم التام بمحتويات القرار وبأسبابه إذا كان الإعلان عن هذه الأسباب لازما .
وعبء إثبات النشر أو الإعلان الذي تبدأ به المدة يقع على عاتق الإدارة، ولئن كان من اليسير عليها اثبات النشر لأن له طرقا معينة، فإنه من العسير عليها نسبيا اثبات الإعلان لعدم تطلب شكلية معينة في إجراءاته.
ويقبل كل وسيلة تؤدي الى إثبات حصول الاعلان .
فقد يكون ذلك مستمدا من توقيع صاحب المصلحة على اصل القرار أو صورته بالعلم ، وأحيانا يكتفي بمحضر التبليغ الذي يحرره الموظف المنوط به إجراء التبليغ .
ويجوز قبول ايصال البريد كقرينة يمكن اثبات عكسها إذا ما أرسل التبليغ بكتاب عن طريق البريد ، وإذا لم يتم الاعلان ، أو لم تتثبت الإدارة تاريخ اتمامه ، لا تبدأ المدة في السريان ، كما أنه لا يجدى الإدارة الاحتجاج بأنها تجهل عنوان ذي المصلحة .
العلم اليقيني:
لما كان النشر والاعلان هما وسيلتان للعلم ، فإن تحقق العلم عن غير طريقهما يؤدي منطقيا الى القول ببدء سريان المدة إذا ما قام الدليل عليه ، وهذا هو مجمل نظرية العلم اليقيني التي سلم بها مجلس الدولة المصري من أول الأمر ، على اعتبار علم صاحب الشأن قائما مقام النشر أو الاعلان في هذا الخصوص مع الاحتفاظ بمصالح الأفراد .
بحيث لا تسري المدة بالنسبة إليهم إلا وهم يعلمون على سبيل اليقين بالقرار المطعون فيه كما لو كان ثد أعلن إليهم ، أى يكون هذا العلم حقيقيا بمؤدى القرار ومحتوياته لا ظنيا ولا افتراضيا ، ويجب أن يثبت العلم في تاريخ معلوم يمكن حساب الميعاد منه .
وأن يكون شاملا لمؤدى القرار ومحتوياته ويجعل صاحب الشأن في حالة تسمح له بالإلمام بكل ما تجب معرفته حتى يستطيع تبين حقيقة أمره بالنسية الى القرار المطعون فيه.
وهى مس مصلحته ويمكنه من تعرف مواطن العيب فيه أن كان لذلك وجه ، ويثبت العلم اليقيني من أية واقعة أو قرينة تفيد حصوله دون التقيد في ذلك بوسيلة اثبات معينة .
إلا أن قرينة العلم اليقيني مرفوضة إذا كان قام أى شك حول علم الطاعن فحوى القرار مهما كان احتمال العلم قويا.
كما لا يكفي لاعتبار المدعى عالما بصدور القرار الإداري مجرد إيداع ملف المادة باعتباره مستندا في الدعوى ، لأن هذا الإيداع لا يقوم مقام إعلان صاحب الشأن شخصيا بالأمر ولا مقام النشر عنه في الجريدة الرسمية.
ولا يفيد العلم حتما وذلك لأن إيداع المستندات ملف الدعوى لا يعتبر إعلانا للخصوم بها ن بل يعتبر وضعا لها تحت يد القضاء ليطلع عليها من يشاء من الخصوم أو وكلائهم بغير إجبار.
ولا يترتب على اطلاعهم شيء سوى فوات فرص خدمة قضيتهم على الوجه الأكمل .
(الطماوي ، قضاء الإلغاء ، ص 562 وما بعدها)
اسباب الطعن على الحكم التأديبى
المادة 23 من قانون مجلس الدولة
يجوز الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري أو من المحاكم التأديبية وذلك في الأحوال الآتية:
- إذا كان الحكم المطعون فيه مبنياً على مخالفة القانون أو خطأ في تطبيقه أو تأويله.
- إذا وقع بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم.
- إذا صدر الحكم على خلاف حكم سابق حاز قوة الشيء المحكوم فيه سواءً دُفع بهذا الدفع أو لم يُدفع.
ويكون لذوي الشأن ولرئيس هيئة مفوضي الدولة أن يطعن في تلك الأحكام خلال ستين يوماً من تاريخ صدور الحكم وذلك مع مراعاة الأحوال التي يوجب عليه القانون فيها الطعن في الحكم.
أما الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري في الطعون المقامة أمامها في أحكام المحاكم الإدارية فلا يجوز الطعن فيها أمام المحكمة الإدارية العليا إلا من رئيس هيئة مفوضي الدولة خلال ستين يوماً من تاريخ صدور الحكم وذلك إذا صدر الحكم على خلاف ما جرى عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا أو إذا كان الفصل في الطعن يقتضي تقرير مبدأ قانوني لم يسبق لهذه المحكمة تقريره.
جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 165 لسنة 1955 أنه ” بينت المادة 15 مهمة المحكمة الادارية العليا ، وهى التعقيب النهائي على جميع الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري أو المحاكم الإدارية :
- إذا كان الحكم المطعون فيه مبنياً على مخالفة القانون أو خطأ في تطبيقه أو تأويله .
- إذا وقع بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم .
- إذا صدر خلافا حكم سابق حاز قوة الشيء المحكوم فيه سواء دفع بهذا الدفع أو لم يدفع .
وظاهر من ذلك أن كلمة المحكمة العليا ستكون القول الفصل في فهم القانون الإداري ، وتأصيل أحكامه وتنسيق مبادئه واستقرارها ومنع تناقض الأحكام .
فالأحكام التي يجوز الطعن فيها هى الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري سواء ابتداء أو تعقيبا على حكم من محكمة أخرى ، وكذلك الأحكام الصادرة من المحاكم التأديبية ، ولا يجوز الطعن في الأحكام التي تصدر قبل الفصل في الموضوع ولا تنهي الخصومة وذلك باستثناء الحكم الصادر بوقف التنفيذ فإنه يجوز الطعن فيه استقلالا .
وقد قاست المحكمة الادارية العليا على أحكام المحاكم التأديبية قرارات مجالس التأديب رغم أنها قرارات إدارية صادرة من هيئات إدارية ذات اختصاص قضائي فقررت ألا يطعن فيها بدعوى الإلغاء أمام محكمة القضاء الاداري كما هو الشأن في سائر القرارات الادارية .
وإنما يطعن فيها أمامها مباشرة وهذا الاتجا يؤدي الى حرمان العاملين من تعدد درجات التقاضي وإمكان طلب التعويض عن الأضرار الناشئة عن القرارات الادارية غير المشروعة .
فقد أجازت المادة 23 من قانون مجلس الدولة الطعن أمام المحكمة الادارية العليا في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الاداري كمحكمة أول درجة أو من المحاكم التأديبية لأسباب ثلاثة هى :
- إذا كان الحكم المطعون فيه مبنياً على مخالفة القانون أو خطأ في تطبيقه أو تأويله .
- إذا وقع بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم .
- إذا صدر الحكم على خلاف حكم سابق حاز قوة الشيء المحكوم فيه سواء دفع بهذا الدفع أو لم يدفع .
أما الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري كمحكمة درجة ثانية فلا يجوز الطعن فيها أمام المحكمة الادارية العليا إلا في حالتين هما :
- إذا صدر الحكم على خلاف ما جرى عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا.
- إذا كان الفصل في الطعن يقتضي تقرير مبدأ قانوني لم يسبق للمحكمة الإدارية العليا تقريره .
ونرى أن نص المادة 23 قد جاء معيبا في صياغته إذا كان يكفي النص على اختصاص المحكمة إذا كان الحكم المطعون فيه مخالفا للقانون فمخالفة القانون بالمعنى الواسع تشمل كافة الاسباب التي أوردها النص .
أما الفقرة الأخيرة من المادة فقد جاءت تزيدا معيبا ضرره أكبر من دفعه . إذ من المنطق أن يباح الطعن في أحكام محكمة القضاء الإداري التي صدر عنها كمحكمة درجة ثانية في كافة حالات مخالفة القانون وليس فقط في الحالتين اللتين ذكرتهما المادة .
فكيف لا يقبل الطعن في هذه الأحكام إذا كان مبنياً على مخالفة القانون أو وقع بطلان في الحكم أو صدر على خلاف حكم حائز لقوة الشيء المحكوم فيه في حين أن يقبل الطعن في حالة مخالفة ما جرى عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا ، ولا يمكن أن يكون المشرع قد أراد وضع المبادئ التي تقررها هذه المحكمة في مرتبة أعلى من نصوص القانون .
وقد يفسر موقف المشرع في ذلك بأنه لا يريد جعل التقاضي الإداري على درجات ثلاث إلا في حالة مخالفة ما جرى عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا أو الحاجة الى تقرير مبدأ قانوني جديد .
ولعل المشرع يفترض أن قضاء محكمة القضاء الإداري كمحكمة درجة ثانية يكون من الكمال بحي لا يمكن أن يكون معيبا بالعيوب التي نص عليها القانون في الفقرة الأولى من المادة 23 كأسباب للطعن أمام المحكمة الإدارية العليا ، ولكن هذا الافتراض صعب القبول .
نصت المادة 23 من قانون مجلس الدولة على أن :
يكون لذوي الشأن ولرئيس هيئة مفوضي الدولة حق الطعن في الأحكام التي يراها معيبة بأحد العيوب التي حددها القانون لجواز الطعن أمام المحكمة الادارية العليا .
وإذا كان الأصل أن يكون الطعن جوازى فإن القانون يوجب على مفوضي الدولة أحيانا رفع الطعن .
من ذلك ما نصت عليه المادة 22 من قانون مجلس الدولة من أنه :
على رئيس هيئة مفوضي الدولة بناء على طلب من العامل المفصول أن يقيم الطعن في حالات الفصل من الوظيفة ” .
وقد قصر المشرع حق الطعن أمام المحكمة الادارية العليا على رئيس هيئة مفوضي الدولة وحده في حالة الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري في الطعون المقامة أمامها في أحكام المحاكم الإدارية.
ويبرر حرمان الأفراد من حق الطعن في هذه الحالة أن الحكم قد سبق نظره على درجتين من درجات التقاضي وقد كان القانون رقم 165 لسنة 1955 الذي أنشأ المحكمة الادارية العليا يقتصر حق الطعن أمامها في جميع الحالات على رئيس هيئة مفوضي الدولة مما جعله عرضة للنقد .
يعتبر من ذوي الشأن الذين لهم حق الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا :
- (أ) أطراف الدعوى الأصليون .
- (ب) المتدخلون في الدعوى .
- (جـ) الخارج عن الخصومة الذي مس الحكم الصادر في الدعوى مصلحة مشروعة له ولم يكن في مركز يسمح له بتوقع الدعوى أو العلم بها والذي ليس أمامه طريق طعن قضائي آخر وذلك خلال ستين يوما من تاريخ علمه بالحكم .
وفي ذلك تقول المحكمة الإدارية العليا بأن :
من الأصول المسلمة التي يقوم عليها حسن توزيع العدالة … ألا يحول دون ذلك صدور حكم حاز حجية الأمر المقضي بمقولة أن حكم الإلغاء بكتسب حجية عينية تسري على الكافة متى كان أثر هذا الحكم يتعدى أطراف الخصومة وهم ذوو الشأن الممثلون فيها الذين عناهم القانون بما تضمنه من تحديد ميعاد الطعن بالنسبة إليهم بستين يوما من تاريخ صدور الحكم.
بحيث يمس بطريقة مباشرة حقوقا ومصالح ومراكز قانونية مستقرة للغير الذين كان يتعين أن يكون أحد الطرفين الأصليين في المنازعة ومع ذلك لم يوجه إليه .
ولم يكن مركزه يسمح بتوقيعها أو العلم بها حتى يدخل فيها في الوقت المناسب ، إذ لا مناص من رفع ضرر التنفيذ عن هذا الغير الذي لم يكن طرفا في المنازعة .
بذلك يتمكن من التداعي بالطعن في هذا الحكم من تاريخ علمه به حتى يجد له قاضيا يسمع دفاعه وينصفه أن كان ذا حق في ظلامته مادام قد استغلق عليه سبيل الطعن في هذا الحكم أمام محكمة أخرى ” .
- (د) ويعتبر من ذوي الشأن ايضا أولئك الذين ينص القانون صراحة على اعتبارهم كذلك .
مثال ما نصت عليه المادة 22 من قانون مجلس الدولة من أنه :
يعتبر من ذوي الشأن في الطعن الوزير المختص ورئيس الجهاز المركزي للمحاسبات ومدير النيابة الإدارية .
وحددت المادة 23 من قانون مجلس الدولة ميعاد الطعن بستين يوما من تاريخ صدور الحكم وهى نفس المدة المقررة لرفع دعوى إلغاء القرارات الإدارية .
مع فارق أن المدة تبدأ في هذه الدعوى الأخيرة من تاريخ العلم بالقرار وليس من تاريخ صدوره .
ويصدق ما يقال عن قطع ميعاد الطعن في دعوى الإلغاء على ميعاد الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا ، ويرجع في حساب المدة الى قانون المرافعات .
وينقضي الحق في رفع الدعوى قبل نهاية ميعاد الطعن إذا قبل ذو المصلحة الحكم . قبول الحكم قد يكون صريحا وقد يكون ضمنيا ، غير أنه يجب تحرى الدقة في استخلاص القبول الضمني من الوقائع الدالة عليه .
(الدكتور/ ماجد الحلو ص 626 وما بعدها)
ومن ثم حددت المادة 22 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 ثلاثة أسباب يمكن الاستناد عليها للطعن في الحكم التأديبي وهي
1- مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون
أن يكون الحكم المطعون فيه مبنيا على مخالفة القانون أو خطأ في تطبيقه وتأويله.
والمحكمة الإدارية العليا في رقابتها للحكم التأديبي هي رقابة مشروعية، وسلطتها في فحص مشروعية الأحكام المطعون فيها من نوع سلطة قضاة المحاكم الإدارية في رقابتهم للقرارات الإدارية .
والمحكمة الإدارية العليا تراقب الحكم التأديبي في تطبيقه للقواعد المستمدة من القانون مباشرة أو من المبادئ القانونية العامة من ذلك عدم مخالفة الحكم التأديبي لقاعدة شرعية العقوبات التأديبية، فإذا تضمن الحكم التأديبي عقوبة غير منصوص عليها كان هذا الحكم جديرا بالإلغاء.
وقد تكون الإدارة خالفت القانون صراحة وذلك بقيامها بعمل يحرمه القانون أو الامتناع عن عمل يوجبه القانون.
وقد يكون الخطأ في تفسير القانون وتتمثل هذه الحالة في قيام الإدارة بتطبيق القانون ولكن تطبيقه بمعنى يختلف عن المعنى الذي حدده المشرع.
وقد يكون الخطأ في تطبيق القاعدة القانونية على الواقع حيث تلتزم جهة الإدارة عند قيامها بإصدار القرار الإداري أن يقوم على وقائع صحيحة فإذا تخلفت هذه الواقعة أو لم تستوفِ الشروط التي يطلبها المشرع فان القرار الصادر على أساسها يكون باطلا
2- إذا وقع بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات اثر في الحكم
أن الأحكام القضائية والإجراءات المتبعة أمامها يحيطها المشرع بضمانات أساسية يتعين مراعاتها وإلا أضحى الحكم الصادر بالمخالفة لها باطلا.
ومن الأمثلة على هذا البطلان أن يصدر الحكم من المحكمة الإدارية دون تمثيل هيئة المفوضين في الجلسة وكذلك عدم اشتمال الحكم على البيانات التي يجب أن يشتمل عليها
3- إذا صدر الحكم على خلاف حكم صادر حاز قوة الشيء المحكوم فيه
سواء دفع بهذا الدفع أو لم يدفع أن لحجية الأمر المقضي نوع من الحرمة تختص به الأعمال القضائية دون سائر الأعمال القانونية،
وهي تعني أن الحكم القضائي متى صدر فانه يعتبر حجة فيما قضي به، وقد يقتصر اثر الحجية على الخصوم في الدعوى التي صدر بشأنها الحكم وعلى ذات النزاع الذي فصل فيه محلا وسببا،
وتسمى الحجية على هذا النحو المقيد بالحجية النسبية.
وقد يمتد اثر الحجية إلى الغير يسري في شأن كل الدعاوي ولو اختلفت موضوعا وسببا في الدعوى التي صدر في شأنها الحكم وتسمى الحجية بهذه الصورة بالحجية المطلقة .
وتقوم الحجية النسبية على عناصر ثلاثة هي:
- وحدة الموضوع.
- وحدة السبب .
- وحدة الخصوم.
أما الحجية المطلقة فلا يخضع إعمالها إلا شرطًا، فالحكم الحائز لحجية مطلقة يسري على الكافة مثل الأحكام الصادرة . من القضاء الإداري بإلغاء القرارات الإدارية
هذه هي أسباب الطعن بشكل عام، إلا أن المحكمة الإدارية لم تقصر تدخلها على الحالات السابقة بل توسعت في تفسير أسباب الطعن حيث بسطت رقابتها على ملاءمة الأحكام والقرارات التأديبية،
وابتكرت لهذا القضاء تسمية جديدة إذ سمته بقضاء الغلو، ومن صوره عدم الملاءمة الظاهرة بين درجة خطورة الذنب الإداري وبين نوع الجزاء ومقداره .
ولا تتقيد المحكمة الإدارية العليا في نظرها في الطعن المحدد في القانون فاختصاصها في نظر الطعن لا يقتصر على تلك الأسباب بل يمتد ليشمل النظر في موضوع الطعن .
ويقول الدكتور محمود البنا:
أن الطعن في الحكم التأديبي أمام المحكمة الإدارية كغيره من الطعون أمامها يتعين أن يتم فحصه بمعرفة هيئة قضائية مشكلة لدى المحكمة الإدارية العليا وهي دائرة فحص الطعون طبقا للمادة ( 46 ) من قانون تنظيم مجلس الدولة .
هذه الهيئة مهمتها التأكد من جدية الطعن قبل عرضه على المحكمة الإدارية العليا لتقرير ما إذا كان جديرا بالعرض على المحكمة العليا من حيث ترجيح قبوله .
كما قد تحيله بالرغم من عدم ترجيح قبوله إذا تراءى لها انه يتعين بالنسبة لموضوع الحكم تقرير مبدأ قانوني لم يكن للمحكمة الإدارية العليا سابقة تقرير مثل هذا المبدأ .
أما إذا رأت دائرة فحص الطعون بإجماع الآراء انه غير مقبول شكلا أو باطل أو غير جدير بالعرض حكمت برفضه ولا يجوز الطعن في حكم الرفض . بأي طريق من طرق الطعن.
المادة 52 من مجلس الدولة بشأن حجية الأحكام الصادرة بالإلغاء
تسري في شأن جميع الأحكام، القواعد الخاصة بقوة الشيء المحكوم فيه على أن الأحكام الصادرة بالإلغاء تكون حجة على الكافة.
لذلك الأحكام الصادرة بالإلغاء وفقاً للمادة 52 من القانون رقم 47 لسنة 1972 والمقابلة للمادة 20 من قانون مجلس الدولة الملغي- تكون (حجة على الكافة) وهذا الحكم نتيجة منطقية لطبيعة دعوى الإلغاء العينية .
ولكن الدعوى مخاصمة للقرار الإداري ذاته . فالحكم بالإلغاء هو هدم واعدام للقرار الإداري ، ومن غير المعقول أن يكون قائما بالنسبة لبعض الناس ومعدوما بالنسبة لبعضهم الآخر .
وهذه القاعدة لا تطبق على القرارات التنظيمية فحسب ، بل تسري أيضا بالنسبة للقرارات الفردية . على أن الحجية المطلقة تكون بالنسبة للأحكام الصادرة بالإلغاء .
أما تلك التي ترفض الإلغاء فإن حجيتها نسبية .
وأن الحجية المطلقة التي تتعدى أطراف الخصومة الى الغير ، ويصبح للحكم فيها حجية على الكافة ، مقصورة على الحكم الذي يصدر بالإلغاء .
أما الحكم الذي يرفض الطعن بالإلغاء فإن حجيته مقصورة على طرفيه ، ذلك لأنه قد يكون صائبا بالنسبة الى الطاعن وخطأ بالنسبة الى غيره .
كما إذا قدم موظف طعنا بإلغاء ترقية موظف آخر على أساس أنه أحق منه بالترقية فقضى برفض طعنه .
فإن هذا القضاء لا يمنع من أن يكون الموظف الذي رقى قد تخطى شخصا آخر بغير حق ، ولا يجوز في هذه الصورة أن يعتبر الحكم حجة على هذا الأخير إذا طالب بإلغاء القرار .
غير أنه يجب التفرقة بين أنواع الإلغاء ذلك أن حكم الإلغاء قد يتناول القرار جميه بكل آثاره وهو ما يسمى بالإلغاء الكامل وقد يقتصر على أثر من آثار القرار أو جزء منه .
فيكون الإلغاء جزئيا ذلك أنه ولئن كانت حجية الأحكام الصادرة بالإلغاء … هى حجية عينية كنتيجة طبيعية لإعدام القرار الإداري في دعوى هى في حقيقتها اختصام له في ذاته .
إلا أن مدى الإلغاء يختلف بحسب الأحوال فقد يكون شاملا لجميع أجزاء القرار ، وهذا هو الإلغاء الكامل ، وقد يقتصر الإلغاء على جزء منه دون باقية.
وهذا هو الإلغاء الجزئي كأن يجري الحكم بإلغاء القرار فيما تضمنه من تخطي المدعى في الترقية … وغني عن البيان أن مدى الإلغاء أمر يحدد بطلبات الخصوم .
ومن حالات الإلغاء الجزئي في اللوائج أن تتضمن اللائحة حكما مخالفا للقانون كتضمنها أثرا رجعيا مثلا ، مع كون باقي الأحكام التي جاءت بها سليمة فيقتصر طلب الإلغاء على هذا الجزء المعيب.
على أن حالات الإلغاء الجزئي أكثر ما تكون في القرارات لا سيما فيما يتعلق بالوظائف العامة فقد تصدر الإدارة قرارات بترقية أو بتعيين بعض الموظفين.
مع وجود من هم أحق منهم بالترقية أو بالتعيين ومع صلاحية الشخص الذي عين أو رقى للتعيين أو للترقية . ففي هذه الحالة- بطيعة الحال- تكون مصلحة الطاعن لا في إلغاء ترقية أو تعيين الموظف المطعون في ترقيته أو تعيينه ،
ولكن في أن يرقى أو يعين هو ، ولهذا تجرى صيغة الإلغاء على النحو التالي :
إلغاء القرار فيما تضمنه من تخطي المدعى في التعيين أو الترقية .
وهذا هو ما أطلق عليه خطأ تسمية (الإلغاء النسبي) ولكن التسمية الصحيحة له هى (الإلغاء الجزئي) لأنه قد يفهم من التسمية الأولى أن حجية الإلغاء مطلقة في جميع الحالات .
ولكن الحقيقة أن الإلغاء يكيف بنطاق طلبات الخصوم وما ينطلق به القاضي .
وفي الحالات الأخيرة يقتصر الإلغاء على أثر معين من آثار القرار وهو حق الإدارة في أن تتخطى شخصا معينا ، فلا يشمل عملية التعيين أو الترقية في ذاتها ،
ومن ثم كانت الإدارة بالخيار :
إن شاءت أبقت القرار المطعون فيه وصححت الوضع بالنسبة لرافع الدعوى ، أو ألغيت القرار المطعون فيه إذا كان ذلك هو السبيل الوحيد لتصحيح الوضع .
بمعنى أنه إذا كان ثمة درجات خالية تسمح بترقية أو بتعيين الطاعن دون المساس بالمطعون في ترقيته أو تعيينه فلها أن تبقى القرار المطعون فيه . أما إذا لم يكن ثمة طريق لتنفيذ الحكم لعدم وجود درجات ، فلا مناص من إلغاء القرار المطعون فيه .
وبالرغم من البساطة الظاهرة التي قد توحي بها القاعدة السابقة ، فإن هذا الإلغاء الجزئي (أو النسبي كما يسمى أحيانا) يثير كثيرا من المشاكل في العمل عند تنفيذه .
وقد كان مجالا خصبا للفتوى والأحكام لا سيما في مجال الوظيفة العامة . “…. أن الحكم بإلغاء ترقية قد يكون شاملا لجميع أجزائه ، وبذلك ينعدم كلية ويعتبر كأن لم يكن بالنسبة لجميع المرقين .
وقد يكون جزئيا منصبا على خصوص معين فيتحدد مداه على مقتضى ما استهدفه حكم الإلغاء.
فإذا كان قد انبنى على أحداً ممن كان دور الأقدمية يجعله محقا في الترقية قبل غيره ممن يليه ، فألغى القرار فيما تضمنه من ترك صاحب الدور في هذه الترقية فيكون المدى قد تحدد على أساس إلغاء ترقية التالي في ترتيب الأقدمية ووجوب أن يصدر قرار بترقية من تخطى في دوره .
وبأن ترجع أقدميته في هذه الترقية الى التاريخ المعين لذلك في القرار الذي ألغى جزئيا على هذا النحو . أما من ألغيت ترقيته فيعتبر وكأنه لم يرق في القرار الملغي .
وإذا صدر حكم لصالح موظف بإلغاء قرار الترقية فيما تضمنه من تخطية في الترقية وكانت قد صدرت قرارات تالية بالترقية قبل أن يصدر حكم الإلغاء وكان من ألغيت ترقيته بالحكم المذكور يستحق الترقية بدوره في أول قرار .
فإن وضع الأمور في نصابها السليم يقتضي أن يرقى المذكور في أول قرار تال بحسب دوره في ترتيب الأقدمية بالنسبة للمرقين في هذا القرار التالي ،
وهكذا بالنسبة الى سائر القرارات الأخرى الصادرة بعد ذلك ، ولما كان حكم الإلغاء يترتب عليه إلغاء كل ما يترتب على القرار الملغي من آثار في الخصوص الذي انبنى عليه الحكم المذكور وعلى الأساس الذي أقام عليه قضاءه فإن أثر الحكم المذكور يقتضي تصحيح الأوضاع بالنسبة للقرارات التالية .
ذلك أن كل قرار فيها يتأثر حتما بإلغاء القرار السابق عليه مادامت الترقيات فيها جميعا مناطها الدور في ترتيب الأقدمية يسمح بترقيته في أول قرار تال ، مع إسناد تاريخ ترقية كل من المذكورين الى التاريخ المعين في القرار الذي كان يستحق الترقية فيه ، وعلى هذا الأساس يستقر الوضع على إلغاء ترقية آخر المرقين في آخر قرار .
على أن هذا لا يخل بحق الإدارة في الإبقاء على الترقية المطعون فيها ، وترقية المحكوم لصالحه على أية درجة تكون خالية عند تنفيذ الحكم ، وإرجاع أقدميته فيها الى التاريخ المعين في الحركة الملغاة إذا رأت من المصلحة العامة ذلك لعدم زعزعة مراكز قانونية استقرت لذويها …” ،
على أن الإلغاء الجزئي (النسبي) للقرار الصادر بالترقية فيما تضمنه من تخطي الطاعن ، لا يستتبع حتما ارجاع تاريخ ترقية المحكوم له الى تاريخ الترقية الملغاة .
ولا يكون الأمر كذلك إلا إذا أسفر تنفيذ الحكم الصادر بالإلغاء عن الإبقاء على ما يفي الطاعن في الترقية . أما إذا كانت الأحكام الصادرة بالإلغاء النسبي تزيد عن عدد الدرجات المرقي إليها ، فإن القرار ينهار بعد أن أصبح الإبقاء على أى ترقية فيه مستحيلاً .
وأن حجية الأحكام الصادرة بالإلغاء تعتبر من النظام العام فالمركز التنظيمي متى انحسم النزاع في شأنه بحكم حاز قوة الشيء المحكوم فيه ، فقد استقر به الوضع الإداري نهائيا .
فالعودة لإثارة النزاع فيه بدعوى جديدة هى زعزعة لهذا الوضع الذي استقر ، وهو ما لا يتفق ومقتضيات النظام الإداري ، ولذلك كان استقرار الأوضاع الإدارية ، وعدم زعزعتها بعد حسمها بأحكام نهائية حازت قوة الشيء المقضي به بمثابة القاعدة التنظيمية العامة الأساسية التي يجب النزول عليها للحكمة التي قامت عليها .
وهى حكمة ترتبط بالصالح العام وآية ذلك أن القانون خول هيئة المفوضين ، مع أنها ليست طرفا ذا مصلحة شخصية في المنازعة ، حق الطعن في الأحكام أن خالفت قوة الشيء المحكوم به ، سواء دفع من الخصوم بهذا الدفع أو لم يدفع ،
وما ذلك إلا لأن زعزعة المراكز القانونية التي انحسمت بأحكام نهائية تخل في نظر القانون بتلك القواعد التنظيمية العامة الأساسية التي يجب انزالها على المنازعة الإدارية حتى ولو لم يتمسك بهذا الدفع ذوو الشأن
وبصرف النظر عن اتفاقهم صراحة أو ضمنيا على ما يخالفها ، ومن ثم فللمحكمة أن تنزل هذه القاعدة الأساسية في نظر القانون على المنازعة من تلقاء نفسها أيا كان موضوعها
وسواء أكانت طعنا بإلغاء القرار الإداري أم غير ذلك مادام هذا الموضوع معتبرا من المراكز التنظيمية ، المرد فيه الى أحكام القانون ، ولا يملك الطرفان الاتفاق على ما يخالف هذه الأحكام ولا محل للتفرقة في ذلك بين المنازعات المتعلقة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت
لأن هذه أيضا من المراكز القانونية التنظيمية التي لا محيص من إنزال حكم القانون المنظم لها على ما قام من نزاع في شأنها ولا عبرة باتفاق ذوي الشأن على ما يخالفها .
ولا يغير من ذلك أن الأحكام الصادرة بالإلغاء ذات حجية عينية تسري قبل الكافة.
بينما هى في المنازعة الأخرى ذات حجية مقصورة على أطرافها لأن المراد في ذلك ليس الى خصائص تتميز بها في منازعات الصنف الأول طبيعة الروابط القانونية فيها من ناحية درجة الاتصال بالمصلحة العامة عن طبيعة الروابط القانونية في منازعات الصف الثاني .
بل طبيعة الروابط فيها جميعا واحدة من هذه الناحية ، وإنما المرد في ذلك الى أن مقتضى إلغاء القرار الإداري هو اعتباره معدوما قانونا وكأن لم يكن.
فيسري هذا الأثر بحكم اللزوم وطبائع الأشياء على الكافة ولكل ذي شأن ولو لم يكن من أطراف المنازعة أن يتمسك به ، وآية ذلك أن الأحكام الصادرة من القضاء الإداري في مثل هذه المنازعات بالرفض ليست لها حجية عينية على الكافة .
هذا والحكم الصادر في دعوى الإلغاء بحجة وجود صعوبات مادية معينة ولم يخولها مجلس الدولة الفرنسي هذا الحق إلا في حالات استثنائية إذا كان من شأن تنفيذ الحكم إثارة اضطرابات جسيمة تهدد الأمن العام بشكل خطير على أن يراقب مجلس الدولة ذلك ، وقد تقرر هذا المبدأ في قضية كويتياس وأشباهها .
ولئن كان الأصل أنه لا يجوز للقرار الإداري أن يعطل تنفيذ حكم قضائي وإلا كان مخالفا للقانون إلا أنه إذا كان يترتب على تنفيذه فورا إخلال خطير بالصالح العام يتعذر تداركه كحدوث فتنة أو تعديل سير مرفق عام فيرجح عندئذ الصالح العام على الصالح الفردي الخاص ، ولكن بمراعاة أن تقدر الضرورة بقدرها وأن يعوض صاحب الشأن أن كان لذلك محل .
(راجع في كل ما سبق الطماوي ص 1010 وما بعدها)
إجراءات الطعن
يقدم الطعن من ذوي الشأن بتقرير يودع قلم كتاب المحكمة موقعًا من احد المحامين المقبولين أمامها،
ويجب أن يشتمل التقرير علاوة على البيانات العامة المتعلقة بأسماء الخصوم وصفاتهم وموطن كل منهم،
على بيان الحكم المطعون فيه وتاريخه وبيان الأسباب التي بني عليها الطعن وطلبات الطاعن.
فإذا لم يحصل الطاعن على هذا الوجه جاز الحكم ببطلانه .
أما الشروط التي تناولتها المادة السابقة فهي تتلخص فيما يلي:
- أن يقدم الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا من ذوي الشأن، وقد حددت المادة 32 من القانون رقم 117 لسنة 1958 الخاص بتنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية، والمعدل بقانون رقم 171 لسنة 1981 ، برئيس ديوان المحاسبة ومدير عام النيابة الإدارية والموظف الصادر ضده الحكم. وفي حالة صدور حكم المحكمة التأديبية بالفصل، فيقدم الطعن من رئيس هيئة مفوضي الدولة، إذا قدم إليه الطلب من العامل المفصول.
- أن يكون تقرير الطعن الذي يتم إيداعه قلم المحكمة الإدارية العليا موقعًا من محام مقبول أمامها. واشتراط توقيع المحامي على تقرير الطعن مقصور على الطعن المقدم من ذوي الشأن من العاملين الصادر أحكام المحاكم التأديبية
- يكون ميعاد الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا 60 يومًا من تاريخ صدور حكم المحكمة التأديبية وليس من تاريخ العلم به
- يجب أن يشتمل تقرير العلاوة على البيانات العامة المتعلقة بأسماء الخصوم وصفاتهم وموطن كل منهم وعلى بيان الحكم المطعون فيه وتاريخه وبيان الأسباب التي بني عليها الطعن وطلبات الطاعن وتحديد شخص المختصم، فهذه أمور تعتبر من البيانات الجوهرية التي يترتب على إغفالها بطلان الطعن
- ترفع طعون الحكومة من قبل إدارة هيئة قضايا الدولة وذلك لأنها تنوب عن الحكومة والمصالح العامة فيما يرفع منها أو عليها من قضايا لدى المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها فهي تنوب نيابة قانونية عن الحكومة في رفع الطعن .
وقد وضعت قواعد الأصول بقصد تحقيق العدالة وليس كما يظن البعض بأنها مجموعة من الشكليات،
فإلى جانب قواعد الشكل وهي ضرورية لتأمين نظام سير القضاء وهناك في الأصول قواعد جوهرية تتعلق بحقوق الادعاء والدفاع والمراجعة الذي يعود للمتقاضيين ضد أحكام القضاة
وأما الخصائص العامة للإجراءات الإدارية فتتمثل فيما يلي:
- الإجراءات أمام القضاء الإداري ذات طابع تحقيقي
- الإجراءات أمام القضاء الإداري كتابية
وهذا يعني أن كل طرف في الدعوى يقدم مذكرة مكتوبة يبين فيها ادعاءاته ومطالبه ويضمنها أدلته والمناقشات الشفوية بالمحكمة تعتبر نادرة وإذا حدثت بأنها تقتصر على شرح وبيان ما جاء في المذكرات المكتوبة.
3- الإجراءات الإدارية أمام المحكمة تتميز بالبساطة.
4- الإجراءات ذات طابع سري، فالأصل العام في المحاكمات العادية هي علنية جلساتها حيث تزرع تلك العلانية الطمأنينة في نفس المحال للمحكمة، وعلى عكس ذلك بالنسبة للمحاكمات التأديبية.
فالأصل العام في المحاكمات التأديبية السرية ويرجع ذلك إلى الحفاظ على مشاعر وكرامة الموظف المحال على أن هذه السرية ليس من شأنها الإخلال بأي من الضمانات المقرر توفرها للمتهم أثناء المحاكمة التأديبية .
لقد فسرت المحكمة الإدارية العليا عبارة المحاكم التأديبية بالقول، ينبغي في تفسير عبارة المحاكم التأديبية التي يطعن في أحكامها أمام المحاكم الإدارية العليا أخذها بأوسع الدلالات وأعمها وأكثرها شمولا.
فالعموم يتناول كلما نصت القوانين على قيامة من مجالس التأديب باعتبارها تؤدي وظيفة المحاكم التأديبية تماما، ويمكن تشبيهها بالمحاكم وتشبيه قراراتها بالأحكام ويسري عليها ما يسري على الأحكام من المحاكم التأديبية ،
انظر حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر بتاريخ 18/1/1992 في الطعن رقم 2770 ، س 36 ق مجموعة الدكتور عطية، نعيم. والأستاذ الفكهاني، حكم مبادئ وأحكام المحكمة الإدارية العليا مع فثاوي الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع في تأديب الموظف العام خلال الفترة من 1985 إلى 1993 ط 1 1995 .
وهناك حكم للمحكمة الإدارية يقول:
تعتبر القرارات التي تصدرها مجالس التأديب التي لم يخضعها القانون للتصديق من جهات إدارية عليا قرارات نهائية لا تسري عليها الأحكام الخاصة بالقرارات الإدارية.
فلا يجوز التظلم فيها أو سحبها أو تعقيب جهة الإدارة عليها.
فقرارات هذه المجالس اقرب في طبيعتها إلى الأحكام التأديبية منها إلى القرارات الإدارية.
وعلى ذلك يجري على هذه القرارات ما يجري على الأحكام الصادرة من المحاكم التأديبية بالنسبة إلى الطعن فيها.
ومن ثم يطعن بها مباشرة أمام المحكمة الإدارية العليا.
مجموعة د. عطية والأستاذ فكهاني ، مبادئ وأحكام المحكمة الإدارية العليا مع فثاوي الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع في تأديب الموظف العام ، خلال الفترة من 1985 إلى 1993 ط 1 1994، ص 903
المادة 44 من قانون مجلس الدولة
ميعاد رفع الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا ستون يوماً من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه.
ويقدم الطعن من ذوي الشأن بتقرير يودع قلم كتاب المحكمة موقع من محام من المقبولين أمامها ويجب أن يشتمل التقرير علاوة على البيانات العامة المتعلقة بأسماء الخصوم وصفاتهم وموطن كل منهم – على بيان الحكم المطعون فيه وتاريخه وبيان بالأسباب التي بُنِيَ عليها الطعن وطلبات الطاعن فإذا لم يحصل الطعن على هذا الوجه جاز الحكم ببطلانه.
ويجب على ذوي الشأن عند التقرير بالطعن أن يودعوا خزانة المجلس كفالة مقدارها عشرة جنيهات تقضي دائرة فحص الطعون بمصادرتها في حالة الحكم برفض الطعن، ولا يسري هذا الحكم على الطعون التي تُرفع من الوزير المختص وهيئة مفوضي الدولة ورئيس الجهاز المركزي للمحاسبات ورئيس هيئة النيابة الإدارية.
أولاً : ميعاد رفع الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا ستون يوماً من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه
نصت المادة 44 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 على أن :
ميعاد رفع الطعن الى المحكمة الإدارية العليا ستون يوما من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه” .
ومفاد هذا النص أن هذا الميعاد هو ميعاد كامل يجب أن يحصل فيه الإجراء وهو الطعن ، ومن ثم فإنه لا يحسب منه يوم صدور الحكم المراد الطعن فيه ،
وهو الأمر المعتبر في نظر القانون مجريا للميعاد وينقضي بانقضاء اليوم الأخير منه تطبيقا للمادة 15 من قانون المرافعات التي نصت على أنه :
إذا عين القانون للحضور أو لحصول الإجراء ميعادا مقدرا بالأيام أو بالشهود أو بالسنين فلا يحسب منه يوم الإعلان أو حدوث الأمر المعتبر في نظر القانون مجريا للميعاد ” .
ويمتد ميعاد الطعن بمقدار مسافة طبقا للمادة 16 من قانون المرافعات التي نصت على أنه :
إذا كان الميعاد معينا في القانون للحضور أو لمباشرة إجراء فيه زيد فيه يوم لكل مضافة مقدارها خمسون كيلو مترا بين المكان الذي يجب الانتقال منه والمكان الذي يجب الانتقال إليه ، وما يزيد من الكسور على الثلاثين كيلو مترا يزاد له يوم على الميعاد ولا يجوز أن يجاوز ميعاد المسافة أربعة ايام .
والانتقال المعنى في هذه المادة والذي تنصرف إليه مواعيد المسافة المقررة بها هو انتقال من يستلزم الإجراء ضرورة انتقالهم ، وهم الخصوم أو من ينوب عنهم من المحضرين وغيرهم .
ولا يسري هذا الميعاد في حق ذي المصلحة الذي لم يعلم بصدور الحكم ضده إلا من تاريخ علمه اليقيني بهذا الحكم سواء بإعلانه أو بأى وسيلة أخرى ،
فمثلا لا يسري إذا حدث سبب من أسباب انقطاع سير الخصومة وصدر الحكم دون اختصام من يقوم مقام الخصم الذي توفى أو فقد أهليته للخصومة أو زالت صفته إلا من تاريخ علمه اليقيني بالحكم سواء بإعلانه أو بأى وسيلة أخرى طبقا للمادة 213 من قانون المرافعات .
الذي أحالت إليه المادة الثالثة من قانون مجلس الدولة المشار إليه في شأن الإجراءات التي لم يرد بها نص في قانون مجلس الدولة إذ قضت المادة 213 على أن:
يبدأ الميعاد من تاريخ اعلان الحكم إذا حدث سبب من أسباب انقطاع الخصومة وصدر الحكم دون اختصام من يقوم مقام الخصم الذي توفى أو فقد أهليته للخصومة أو زالت صفته ” .
كذلك لا يسري هذا الميعاد في حق العامل الذي لم يعلن بإجراءات محاكمته اعلانا صحيحا إلا من تاريخ علمه اليقيني بالحكم المطعون فيه .
ولميعاد الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا ذات الطبيعة التي لميعاد رفع الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري أو المحاكم الإدارية من حيث أنه يقبل كل ما يقبله ميعاد رفع الدعوى من وقف أو انقطاع فالقوة القاهرة من شأنها أن توقف ميعاد الطعن إذ من أثرها حتى تزول أن يستحيل على ذوي الشأن اتخاذ الإجراءات اللازمة لإقامته.
ولا حجة في القول بأن القانون ، ذلك أن وقف الميعاد كاثر للقوة القاهرة مرده الى أصل عام هو مواعيد الطعن لا تقبل مداً أو وقفاً إلا في الأحوال المنصوص عليها في عدم سريان المواعيد في حق من يستحيل عليه اتخاذ الإجراءات للمحافظة على حقه.
وقد رددت هذا الأصل المادة 382 من القانون المدني التي نصت على أن التقادم لا يسري كلما وجد مانع يتعذر معه المطالبة بالحق .
كما أن رفع الطعن أمام محكمة غير مختصة خلال الميعاد القانوني من شأنه أن يقطع ميعاد رفع الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا.
ويظل هذا الأثر قائما حتى يصدر الحكم بعدم الاختصاص ويصبح نهائيا ، وعند ذلك يحق لصاحب الشأن ، ومع مراعاة المواعيد أن يرفع طعنا جديدا أمام المحكمة مباشرة وفقا للإجراءات المقررة للطعن أمامها .
وكذلك فإن تقديم طلب الإعفاء من الرسوم بعد فوات ستين يوما من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه وصدور قرار لجنة المساعدة القضائية بقبوله ، لا يقطع ميعاد رفع الطعن .
إذ يكون قرار اللجنة في هذه الحالة باطلا وعديم الأثر في تصحيح العيب الذي اعتور طلب الإعفاء بعدم مراعاة الميعاد القانوني في تقديمه .
إذ كان يتعين على اللجنة عند اصدارها قرارها أن تتثبت أولاً من حقيقة تاريخ صدور الحكم الذي قدم هذا الطلب للإعفاء من رسوم الطعن فيه .
ولا تكتفي بالبيان الخاطئ الذي يكون المدعى قد أورده في طلبه بخصوص تاريخ الحكم المذكور ، ومن ثم فإن الطعن يكون والحالة هذه غير مقبول شكلاً .
أن الطعن في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري أمام المحكمة الإدارية العليا إنما يجري وفقا للإجراءات وفي المواعيد التي رسمها قانون مجلس الدولة والذي لم يفرق بين ما إذا كان موضوع الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه نزاعا أصليا
مما تختص به محكمة القضاء الإداري وبين ما إذا كان نزاعا متفرعا من هذا النزاع الأصلي مثل النزاع حول الرسوم القضائية المستحقة في النزاع الأصلي .
ومن مؤدى هذا أن يسري ميعاد الطعن في الأحكام أمام المحكمة الإدارية العليا على الطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في المعارضة في تقدير الرسوم القضائية .
ولا يتقيد بالميعاد المنصوص عليه في المادة الثامنة من القانون رقم 90 لسنة 1944 الخاص بالرسوم القضائية بالمعدلة بالقانون رقم 66 لسنة 1964 .
(د/ أحمد محمود جمعة ، ص 80 وما بعدها)
اختصاص المحاكم التأديبية الأصلى والتبعي واجراءات التأديب
مادة 15 من قانون مجلس الدولة
تختص المحاكم التأديبية بنظر الدعاوى التأديبية عن المخالفات المالية والإدارية التي تقع من:
- (أولاً) العاملين المدنيين بالجهاز الإداري للدولة في وزارات الحكومة ومصالحها ووحدات الإدارة المحلية والعاملين بالهيئات العامة والمؤسسات العامة وما يتبعها من وحدات وبالشركات التي تضمن لها الحكومة حد أدنى من الأرباح.
- (ثانياً) أعضاء مجالس إدارة التشكيلات النقابية المشكلة طبقاً لقانون العمل وأعضاء مجالس الإدارة المنتخبين طبقاً لأحكام القانون رقم 141 لسنة 1963، المشار إليه.
- (ثالثاً) العاملين بالجمعيات والهيئات الخاصة التي يصدر بتحديدها قرار من رئيس الجمهورية ممن تجاوز مرتباتهم خمسة عشر جنيهاً شهرياً.
كما تختص هذه المحاكم بنظر الطعون المنصوص عليها في البندين تاسعاً وثالث عشر من المادة العاشرة.
ولا يقتصر اختصاص المحاكم التأديبية على الموظفين بالمعنى الفني لهذا الاصطلاح بل أن المشرع لسبب أو لآخر مد اختصاص تلك المحاكم الى اشخاص يعتبرون أجراء ، وينظم مراكزهم عقد العمل .
وذلك على التفصيل التالي :
- أولاً : موظفون بالمعنى الفني لهذا الاصطلاح في القانون الإداري ، وقد ورد النص عليهم في الفقرة أولاً- من المادة 15 من القانون رقم 47 لسنة 1972 ، وهم العاملون المدنيون بالجهاز الإداري للدولة في وزارات الحكومة ومصالحها ووحدات الحكم المحلي والعاملون بالهيئات والمؤسسات العامة .
- ثانياً : عاملون قطع القضاء وجانب من الفقه بأنهم إجزاء وليسوا بموظفين وفقا لهذا الاصطلاح في مدلول القانون العام ، وهم العاملون بالوحدات الاقتصادية التي تنتمي الى شركات القطاع العام وجمعياته .
- ثالثاً : أجراء يخضعون للقانون الخاص ، ولا شك في طبيعة وضعهم القانوني ، وهم الذين نص عليهم المشرع في الفقرتين ، ثانيا ، وثالثا من المادة 15 حيث يقول :
“ثانياً – أعضاء مجالس ادارة التشكيلات النقابية المشكلة طبقا لقانون العمل وأعضاء مجالس الإدارة المنتخبين طبقا لأحكام القانون رقم 141 لسنة 1963 المشار إليه .
ثالثاً : العاملين بالجمعيات والهيئات الخاصة التي يصدر بتحديدها قرار من رئيس الجمهورية ممن تجاوز مرتباتهم خمسة عشر جنيها شهريا .
وهنا أيضا نلمس منطق الضمان ، الذي يتجه إليه المشرع بالنسبة للعاملين ساء أكانوا موظفين أو أجراء وفقا للمدلول الفني لهذه المصطلحات .
وإذا كان ثمة خلاف أو مجال للخلاف في خصوص الوضع العام لبعض هذا الفريق من العاملين فإنه لا محل لهذا الخلاف في خصوص هذه الجزئية المتعلقة بالتأديب ومن ثم يمكن اعتبار الأجراء الخاضعين للاختصاص التأديبي للمحاكم التأديبية في خصوص التأديب ، (موظفين بحكم القانون) إذا جاز لنا استعمال هذا الاصطلاح.
وبمقتضى هذا النوع من الاختصاص تملك المحاكم التأديبية توقيع مختلف العقوبات التأديبية لا سيما تلك التي لا يملك توقيعها الرؤساء الإداريون .
ويلاحظ في هذا الصدد أن المشرع قد غاير في طبيعة هذا الاختصاص بين العاملين الحكوميين وبين العاملي في القطاع العام :
فالبنسبة للعاملين من النوع الأول : تصدر المحكمة التأديبية المختصة الحكم التأديبي ابتداء فهى لا تعقب على القرارات التأديبية الصادرة من الرؤساء الإداريين الذين يملكون سلطة التأديب على النحو السابق .
في حين أنها بالنسبة للعاملين في القطاع العام : توقع العقوبة التأديبية مباشرة في بعض الحالات ، وتعقب على قرارات الرؤساء الإداريين في حالات أخرى .
(الدكتور/ سليمان الطماوي القضاء الإداري قضاء التأديب ، ص 497 وما بعدها)
الاختصاص التبعي للمحكمة التأديبية
المادة 19 من قانون مجلس الدولة
يُصدِر رئيس المحكمة قراراً بالفصل في طلبات وقف أو مد وقف الأشخاص المشار إليهم في المادة السابقة عن العمل أو صرف المرتب كله أو بعضه أثناء مدة الوقف وذلك في الحدود المقررة قانوناً.
جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 47 لسنة 1972 أنه:
عهد المشروع الى رؤساء المحاكم التأديبية الفصل في طلبات الوقف عن العمل أو مد الوقف أو صرف المرتب كله أو بعضه تخفيفا على المحاكم التأديبية التي تباشر الآن هذا الاختصاص حتى لا يكون اختصاصها على حساب الانجاز المطلوب للقضايا”.
بالإضافة الى الاختصاص الأصيل للمحاكم التأديبية بتوقيع العقوبات التأديبية التي تدخل في اختصاصها على النحو السابق خولها المشرع اختصاصا تبعيا في موضوعين يتصلان بالتأديب بأقرب صلة ، وهما : وقف العاملين أو مد وقفهم والنظر في وقف جزء من مرتب العامل .
أولاً : وقف العامل عن عمله
خول المشرع الوزير والمحافظ ورئيس مجلس إدارة الهيئة ، كل في دائرة اختصاصه ، أن يوقف العامل عن عمله احتياطيا لمدة لا تجاوز ثلاثة أشهر إذا اقتضت مصلحة التحقيق ذلك .
ولا يجوز مد هذه المدة إلا بقرار من المحكمة التأديبية المختصة ، والمدة التي تحددها على النحو الذي سبق شرحه ، ومعنى هذا أن اختصاص المحاكم التأديبية إنما يجئ في أعقاب ممارسة السلطات الرئاسية لحقها في الوقف فهى لا تمارس هذا الاختصاص ابتداء .
هذا عن العاملين الحكوميين .
أما بالنسبة للعاملين في القطاع العام ، فإن المادة 86 من القانون رقم 48 لسنة 1978 (ويقابلها المادة 57 لا من القانون رقم 61 لسنة 1972 والمادة 68 من لائحة العاملين بالقطاع العام الملغاة) تخول رئيس مجلس الإدارة حق وقف العامل احتياطيا لذات المدة السابقة ، وتجعل ما زاد عنها من اختصاص المحكمة التأديبية المختصة .
ومع ذلك فإن المادة 86 من القانون رقم 48 لسنة 1978 قد استثنت من الحكم السابق ، أعضاء مجالس إدارة التشكيلات النقابية وأعضاء مجالس الإدارة المنتخبين وجعلت وقفهم عن العمل بقرار من السلطة القضائية المختصة ، على أن يسري في شأنهم الأحكام الخاصة بمدة الوقف عن العمل وما يترتب عليه من آثار ، وما يتبع نحو صرف الأجر .
ثانياً : النظر في إيقاف جزء من مرتب العامل
رأينا فيما سلف أن المشرع- حماية للعامل ولأسرته ، ومراعاة لأن المرتب يمثل الدخل الوحيد بالنسبة الى معظم العاملين- قد استحدث تغييرا جذريا منذ سنة 1964،
بمقتضاه حمى المشرع نصف مرتب العاملين من جميع الفئات في حالة وقف العامل عن عمله ، وترك مصير النصف الآخر للمحكمة التأديبية .
بحيث يتعين أن يعرض الأمر عليها في ميعاد عشرة ايام ، بل أن المشرع في قانون العاملين الجديد ، قد وضع للمحكمة حدا أقصى قدره عشرون يوما لتبت في مصير نصف المرتب الموقوف ، وإلا صرف العامل الموقوف أجره كاملا بالرغم من وقفه عن العمل .
واختصاص المحكمة التأديبية بالنظر في صرف النصف الموقوف صرفه من مرتب العامل الموقوف عن عمله احتياطيا .
إذا ما تقرر وقف جزء من راتبه هو- كما تقول المحكمة الإدارية العليا في حكمها الصادر في 17 فبراير سنة 1968 س13 ص514- متفرع عن اختصاصها بمحاكمته تأديبيا .
فإذا لم تكن مختصة أصلا بمحاكمته ، انتفى اختصاصها بذلك للجهة المختصة بتأديبه ، وعلى هذا الأساس فإن المحكمة التأديبية تعتبر الجهة ذات الاختصاص الأصلي فيما يتصل بالنظر في وقف جزء من مرتب الموظف الموقوف.
ولهذا فقد اطردت جهة الفتوى بمجلس الدولة على أن وقف صرف نصف مرتب أحد العاملين- كله او بعضه- مرهون بتوافر شروط ثلاثة هى :
- (أ) أن يصدر قرار بوقفه عن العمل من الجهة المختصة .
- (ب) أن يحال الى المحكمة التأديبية .
- (جـ) أن يعرض أمر صرف نصف مرتبه الموقوف على المحكمة التأديبية خلال عشرة أيام من تاريخ الوقف .
فإذا تخلف أحد هذه الشروط يصرف للعامل الموقوف مرتبه كاملا ويتحقق ذلك في الفروض الآتية :
- (أ) إذا أحيل العامل المخطئ الى المحكمة التأديبية دون أن يصدر قرار بوقفه عن العمل .
- (ب) إذا صدر قرار بوقفه عن العمل دون أن يحال الى المحكمة التأديبية المختصة .
- (جـ) إذا لم تتخذ إجراءات عرض أمر العامل الموقوف على المحكمة التأديبية صرف النصف الباقي من المرتب أو عدم صرفه خلال عشرة ايام من تاريخ الوقف . (الدكتور/ سليمان الطماوي ، المرجع السابق ص507)
المستوى الوظيفي للموظف فى المحكمة التأديبية
المادة 17 من قانون مجلس الدولة
يتحدد اختصاص المحكمة التأديبية تبعاً للمستوى الوظيفي للعامل وقت إقامة الدعوى وإذا تعدد العاملون المقدمون للمحاكمة كانت المحكمة المختصة بمحاكمة أعلاهم في المستوى الوظيفي هي المختصة بمحاكمتهم جميعاً.
ومع ذلك تختص المحكمة التأديبية للعاملين من المستوى الأول والثاني والثالث بمحاكمة جميع العاملين بالجمعيات والشركات والهيئات الخاصة المنصوص عليها في المادة (15).
قرر مجلس الدولة في ظل القانون الملغي أنه ليس من الضروري أن تكون المصلحة الكائنة خارج القاهرة لها شخصية اعتبارية لأن العبرة هى مكان وقوع الجريمة التأديبية .
والمقصود بمكان وقوع المخالفة ، لا المكان المبتدي لها ، ولكن مكان المصلحة التي يتبعها العامل وقت وقوع المخالفة ، فإذا كان العامل يتبع وزارة الخزانة ويعمل في أحد الأقاليم ، أو كان سائقا ارتكب المخالفة في نطاق محافظة البحيرة .
فإنه يحاكم في امام المحكمة المختصة بمحاكمة الموظفين الذين يعملون بالوزارة أو المصلحة التي ينتمي ليها الموظف المخطئ بغض النظر عن مكان وقوع المخالفة .
وفيما يتصل بعدد الموظفين المخطئين فإن المشرع قد وضع القواعد التالية لتحديد الاختصاص بمحاكمتهم :
(أ) يتحدد اختصاص المحكمة التأديبية تبعا لمستوى العامل وقت إقامة الدعوى وإذا تعدد العاملون المقدمون للمحاكمة كانت المحكمة المختصة بمحاكمة أعلاهم في المستوى الوظيفي هى المختصة بمحاكمتهم جميعا.
، لأن المشرع يفترض أنه من الخير أن يفيد الموظف الصغير من الضمانات المقررة للموظف الكبير ولأنه لا يمكن حرمان الموظف الكبير من الضمانات المقررة للموظف الكبير .
ولأنه لا يمكن حرمان الموظف الكبير من الضمانات التي قررها له المشرع . على أن المشرع قد خرج على هذا الأصل فيما يتعلق بتأديب العاملين غير الحكوميين .
إذ أخضعهم جميعا لاختصاص موحد نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 17 حيث تقول :
ومع ذلك تختص المحكمة التأديبية للعاملين من المستوى الأول والثاني والثالث بمحاكمة جميع العاملين بالجمعيات والشركات والهيئات الخاصة المنصوص عليها في المادة 15 .
(ب) تكون محاكمة العاملين المنسوبة إليهم مخالفة واحدة أو مخالفات مرتبطة ببعضها وجازاتهم أمام المحكمة التي وقعت في دائرة اختصاصها المخالفة أو المخالفات المذكورة ، فإذا تعذر تعيين المحكمة ، عينها رئيس مجلس الدولة بقرار منه .
(جـ) في حالة التعدد مع الاختلاف المكاني بأن كان بعض الموظفين المخطئين يعملون في الإسكندرية وبعضهم في القاهرة مثلا وإذ تعذر تحديد المحكمة المختصة وفقا للقواعد السابقة فإنه في شأن الحكمة التي أملت تخصيص محكمة تأديبية للعاملين بالإسكندرية والأماكن المحيطة بها بتقريب القضاء من العاملين حسب مقار أعمالهم .
فإذا تعدد الموظفون التابعون لوزارة واحدة المتهمون بارتكاب مخالفة واحدة أو مخالفات مرتبطة ببعضها ولكن يقع مقر وظيفة البعض في دائرة محكمة الاسكندرية فإزاء عدم وجود نص .
استعار القاعدة التي نصت عليها المادة 5 فقرة أولى من قانون المرافعات في حالة تعدد المدعى عليهم مع اختلاف مواطنهم ، وهى جواز اختصاصهم جميعا أمام محكمة واحدة وجعل الخيار في ذلك المدعى وهو في الدعوى التأديبية للنيابة الإدارية ، على اعتبار أن هذه القاعدة هى الأكثر ملائمة في هذا المجال .
(الدكتور/ سليمان الطماوي ص 500)
جزاءات التأديبية فى قانون مجلس الدولة
المادة 19 من قانون مجلس الدولة
توقع المحاكم التأديبية الجزاءات المنصوص عليها في القوانين المنظمة لشئون من تُجرى محاكمتهم.
على أنه بالنسبة إلى العاملين بالجمعيات والهيئات الخاصة التي يصدر بتحديدها قرار من رئيس الجمهورية والعاملين بالشركات التي تضمن لها الحكومة حداً أدنى من الأرباح فتكون الجزاءات:
- الإنذار.
- الخصم من المرتب لمدة لا تجاوز شهرين.
- خفض المرتب.
- تنزيل الوظيفة.
- العزل من الوظيفة مع حفظ الحق في المعاش أو المكافأة أو مع الحرمان من المعاش أو المكافأة وذلك في حدود الربع.
أما بالنسبة للعاملين من شاغلي الوظائف العليا فلا توقع عليهم إلا الجزاءات التالية :
- التنبيه .
- اللوم .
- الإحالة الى المعاش .
- الفصل من الخدمة.
عدد المشرع في هذه المادة الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها على العاملين وهى على سبيل الحصر وقد بدأ المشرع بأخف هذه الجزاءات وانتهى بأشدها وهى الفصل من الخدمة .
كما أن تقدير الجزاء في المجال التأديبي متروك الى مدى بعيد لتقدير من يسلك توقيع الجزاء غير أن هذه السلطة التقديرية تجد حدها عند ظهور عدم التناسب بين المخالفة وبين الجزاء الموقع عنها.
وهو ما يعبر عنه بالغلو في تقدير الجزاء والتناسب بين المخالفة والجزاء الموقع عنها إنما يكون على ضوء التحديد الدقيق لوصف المخالفة في ضوء الظروف والملابسات المشكلة لإبعادها .
والقانون رقم 48 لسنة 1978 الخاص بنظام العاملين بالقطاع العام نجد أنه ينص في المادة 82 على أن :
الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها على العاملين :
- الإنذار .
- تأجيل موعد استحقاق العلاوة لمدة لا تجاوز ثلاثة أشهر .
- الخصم من الأجر لمدة لا تجاوز شهرين في السنة ، ولا يجوز أن يتجاوز الخصم تنفيذا لهذا الجزاء ربع الأجر شهريا بعد الجزء الجائز الحجز عليه أو التنازل عنه قانونا .
- الحرمان من نصف العلاوة الدورية .
- الوقف عن العمل لمدة لا تجاوز ستة أشهر مع صرف نصف الأجر .
- تأجيل الترقية عند استحقاقها لمدة لا تزيد عن سنتين .
- خفض الأجر في حدود علاوة .
- الخفض الى وظيفة في الدرجة الأدنى مباشرة .
- الخفض الى وظيفة في الدرجة الأدنى مباشرة مع خفض الأجر بما لا يتجاوز القدر الذي كان عليه قبل الترقية .
- الإحالة الى المعاش .
- الفصل من الخدمة .
أما بالنسبة للعاملين من شاغلي الوظائف العليا الواردة بجدول توصيف وتقييم الوظائف المعتمد من رئيس مجلس إدارة الشركة فلا توقع عليهم إلا الجزاءات التالية:
- التنبيه .
- اللوم .
- الإحالة الى المعاش .
- الفصل من الخدمة .
وعلى ذلك فالمشرع هو الذي يحد العقوبات التي يجب توقيعها على الموظفين وفقا لمبدأ شرعية العقوبة ، الي شرحناه في المبحث السابق ويجرى المشرع على أن يضمن قوانين التوظيف الخاصة بكل طائفة من العاملين العقوبات التي توقع عليها مراعيا في ذلك طبيعة الأعمال التي يمارسونها ودرجة مرتبهم في السلم الإداري.
وإذا سمح المشرع لسلطة ما بأن تصدر لائحة جزاءات فإنها تكون مقيدة بالعقوبات التي قررها المشرع وتنحصر سلطتها في تحديد الجرائم التأديبية التي يعاقب الموظف إذا ارتكبها .
واختيار العقوبة الملائمة لها من بين العقوبات التي قررها المشرع ، ولكنها لا تستطيع أن تبتدع عقوبة جديدة ولو عن طريق القياس على العقوبات التي حددها المشرع .
(الدكتور/ سليمان الطماوي ص 284)
اجراءات المحاكمة التأديبية للموظف
المادة 34 من قانون مجلس الدولة
تُقام الدعوى التأديبية من النيابة الإدارية بإيداع أوراق التحقيق وقرار الإحالة قلم كتاب المحكمة المختصة، ويجب أن يتضمن القرار المذكور بياناً بأسماء العاملين وفئاتهم والمخالفات المنسوبة إليهم والنصوص القانونية الواجبة التطبيق.
وتُنظر الدعوى في جلسة تعقد خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إيداع هذه الأوراق قلم كتاب المحكمة، ويتولى رئيس المحكمة تحديدها خلال الميعاد المذكور على أن يقوم قلم كتاب المحكمة بإعلان ذوي الشأن بقرار الإحالة وتاريخ الجلسة خلال أسبوع من تاريخ إيداع الأوراق.
ويكون الإعلان في محل إقامة المعلن إليه أو في محل عمله بخطاب موصى عليه مصحوب بعلم وصول.
ويتم إعلان أفراد القوت المسلحة ومن في حكمهم – ممن تسري في شأنهم أحكام هذا القانون – بتسليمه إلى الإدارة القضائية المختصة بالقوات المسلحة.
أولاً : إجراءات الإحالة للمحاكمة التأديبية
الإحالة للمحاكمة التأديبية قد تكون من النيابة الإدارية ، أو من الجهة الإدارية أو من الجهاز المركز للمحاسبات .
وفي حالة الإحالة من النيابة الإدارية يقوم عضو الدعوى التأديبية بفحص ودراسة ما يحال إليه من قضايا وتلخيصها ، وبدون رأيه فيها كتابة على ورقة مستقلة يؤشر عليها مدير القسم أو الوكيل العام- لدى العرض عليه- بما يفيد النظر ، ثم يعد العضو تقارير الاتهام فيما ينتهي فيه الرأى الى الإحالة الى المحاكمة التأديبية .
ويتضمن تقرير الاتهام اسم العامل المخالف ، ووظيفته ودرجته ، ومحل اقامته وتاريخ ومحل ووصف المخالفة المنسوبة إليه ، وأرقام المواد والقوانين المطلوب تطبيقها على المخالف ، وأرقام المواد والقوانين المطلوب اعمالها ، وتوقيع العضو والوكيل العام الأول ، أو الوكيل العام بحسب الأحوال .
وأما قرار الإحالة الى المحكمة التأديبية ، فإن الذي يعد مشروعه هو العضو المحقق حيث نصت المادة 24 من القرار الجمهوري رقم 1489 لسنة 1958 باللائحة الداخلية للنيابة الإدارية والمحاكم التأديبية على أنه :
إذا تضمنت مذكرة التحقيق رأياً بالإحالة الى المحاكمة التأديبية ، وجب على المحقق أن يرسل مع الأوراق مشروعا بقرار الإحالة يتضمن بيان المخالفة أو المخالفات على وجه الدقة ، والنصوص القانونية الخاصة بها ، وأسماء الموظفين المنسوبة إليهم هذه المخالفات .
ويتعين في قيد المخالفة مالية أو إدارية ، إسنادها الى مواد القوانين واللوائح والقرارات والتعليمات التي خولفت أحكامها ، وإلزام التعبير الوارد بعا في إيراد الوصف ما أمكن .
فإذا كان ما وقع من الموظف لا يشكل مخالفة لواجب أو إثباتا لحظر حددته التشريعات ، وإنما يشكل مخالفة إدارية في صورة من صور الخروج على مقتضى الواجب تعين وصفه بذلك .
ويلاحظ أن النيابة الإدارية تحيل العامل الى المحاكمة التأديبية هنا ، عملا بأحكام المادة 14 من القانون رقم 117 لسنة 1958 التي تنص على أنه :
إذا رأت النيابة الإدارية أن المخالفة تستوجب جزاء يجاوز الخصم من المرتب لمدة أكثر من 15 يوما ، أحالت الأوراق الى المحكمة المختصة مع إخطار الجهة التي يتبعها الموظف بالإحالة .
وفي حالة الإحالة من الجهة الإدارية تتم في صورتين :
الأولى : أن طلب الجهة الإدارية من النيابة الإدارية إقامة الدعوى التأديبية بناء على تحقيق أجرته هى ، أى الجهة الإدارية .
وفي هذه الحالة تلتزم النيابة الإدارية بمباشرة الدعوى ، وليس لها إلا استيفاء التحقيق أو اعادته إذا رأت وجها لذلك ،
حيث نصت المادة 23 من القرار الجمهوري رقم 489 لسنة 1958 باللائحة الداخلية للنيابة الإدارية والمحاكم التأديبية على أنه :
إذا طلبت الجهة الإدارية بناء على تحقيق أجرته ، اقامة الدعوى التأديبية جاز للنيابة الإدارية أن تستوفى التحقيق إذا رأت وجها لذلك ،
كما نصت المادة 69 من التعليمات العامة بتنظيم العمل الفني بالنيابة الإدارية على أنه :
إذا أحالت الجهة التابع لها العامل أوراق التحقيق أجرته بمعرفتها ، طالبة الى النيابة إعادة التحقيق أو استيفائه ،أو إقامة الدعوى التأديبية ، تولت النيابة في ضوء ما تسفر عنه دراستها إعادة التحقيق من جديد أو استيفاء أوجه النقص فيه .
وفي كافة الأحوال يتعين مواجهة المخالف بما هو منسوب إليه وبالأدلة التي تؤيد المخالفة ، وذلك لإبداء ما قد يكون لديه من أقوال أو أوجه دفاع جديدة وتحقيقها ” .
الثانية : أن ترى النيابة الإدارية في تحقيق أجرته حفظ الأوراق ، أو أن المخالفة لا تستوجب توقيع جزاء أشد من الخصم من المرتب مدة لا تجاوز 15 يوما .
وترى الجهة الإدارية على خلاف ذلك تقديم الموظف الى المحاكمة التأديبية ، وفي هذه الحالة تعاد الأوراق الى النيابة الإدارية لمباشرة الدعوى أمام المحكمة التأديبية ، المختصة.
وهى تلتزم بذلك ، أيا كانت اعتبارات اقتناعها ، عملا بأحكام الفقرة الأخيرة من المادة 12 من القانون رقم 117 لسنة 1958 .
وفي هذه الصورة الثانية تشير النيابة الإدارية الى المادة 12 سالفة الذكر في مواد القيد والاتهام .
ويعتبر العامل ، في الحالتين ، محالا للمحاكمة التأديبية من تاريخ طلب الجهة الإدارية من النيابة الإدارية إقامة الدعوى التأديبية
(المادة 87 فقرة أخيرة من القانون رقم 47 لسنة 1978 ، والمادة 90 فقرة أخيرة من القانون رقم 48 لسنة 1978)
إلا أنه في الحالتين السابقتين ينبغي أن نشير الى الحكم الخاص الذي نصت عليه المادة 85 من قانون العاملين بالقطاع العام رقم 48 لسنة 1978 .
حيث نصت هذه المادة على ما يأتي :
إذا رأى مجلس الإدارة أو رئيس المجلس أن المخالفة التي ارتكبها العامل تستوجب توقيع جزاء الإحالة الى المعاش أو الفصل من الخدمة تعين قبل إحالة العامل الى المحكمة التأديبية ، عرض الأمر على لجنة تشكل على الوجه الآتي :
- مدير مديرية العمل المختص أو من يندبه- رئيسا .
- ممثل للعمل تختاره اللجنة النقابية أو النقابة العامة إذا لم يوجد اللجنة النقابية .
- ممثل الشركة .
وتتولى اللجنة المشار إليها بحث كل حالة تعرض عليها ، وإبلاغ رأيها فيها لمجلس الإدارة أو رئيس المجلس حسب الأحوال (المنصوص عليها في المادة 84 من ذات القانون).
وذلك في ميعاد لا يجاوز أسبوعا من تاريخ إحالة الأوراق ليها وللجنة في سبيل أداء مهمتها سماع أقوال العامل والاطلاع على كافة المستندات والبيانات التي ترى الاطلاع عليها .
ويجب عليها أن تحرر محضرا تثبت فيه ما اتخذته من إجراءات وما سمعته من أقوال ورأى كل عضو من أعضائها الثلاثة مسببا ، وتودع صورة من هذا المحضر ملف العامل ، وتسلم صورة أخرى لكل من مديرية العمل المختصة وعضو اللجنة النقابية ومجلس الإدارة أو النقابة الفرعية أو النقابة العامة حسب الأحوال .
وكل قرار يصدر بفصل أحد العاملين خلافا لأحكام هذه المادة يكون باطلا بحكم القانون دون حاجة لاتخاذ إجراء آخر .
كما ينبغي أن نشير أيضا الى ان التحقيق ع شاغلي الوظائف العليا بشركات القطاع العام إنما يكون أصلا بمعرفة النيابة الإدارية وبناء على طلب رئيس مجلس الإدارة .
كما أن رئيس مجلس إدارة الشركة يحقق معه بمعرفة النيابة الإدارية بناء على طلب رئيس الجمعية العمومية للشركة (مادة 83/3 ، 4 من القانون رقم 48 لسنة 1978)
وفي حالة الإحالة من الجهاز المركزي للمحاسبات وهى صورة وحيدة ، هى التي نصت عليها المادة 13 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بقولها:
يخطر رئيس ديوان المحاسبة بالقرارات الصادرة من الجهة الإدارية في شأن المخالفات المالية إليها في المادة السابقة ، ولرئيس الديوان خلال خمسة عشر يوما من تاريخ إخطاره بالقرار أن يطلب تقديم الموظف الى المحاكمة التأديبية وعلى النيابة الإدارية في هذه الحالة مباشرة الدعوى التأديبية خلال خمسة عشر يوما التالية ” .
وبينما تعد الخمسة عشر يوما التي تشير إليها المادة بالنسبة للنيابة الإدارية من المواعيد التنظيمية التي لا أثر لها إلا الحث ، فإن الميعاد بالنسبة لرئيس الجهاز المركزي للمحاسبات يعد من المواعيد الجوهرية التي يترتب على مخالفتها عدم قبول الدعوى التأديبية واكتساب الجزاء الموقع حصانة تلقائية .
كما أن طلب الإحالة هذا ، مقرر لرئيس الجهاز المركزي للمحاسبات وحده ، وأن كانت الإدارة المركزية للمخالفات في الجهاز المركزي للمحاسبات ، هى التي تقوم بمراجعة القرارات الإدارية التي تتخذ بالنسبة للمخالفات المالية ، وإبداء الرأى بشأن هذه المخالفات ورفعه الى رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات في خلال المدة المحددة قانونا لاتخاذ الإجراءات القانوني بشأنها .
ويعد العامل في هذه الحالة أيضا ، محالا للمحاكمة التأديبية من تاريخ طلب الجهاز المركزي للمحاسبات اقامة الدعوى التأديبية
(المادتان 87 فقرة أخيرة من القانون رقم 47 لسنة 1978 ، 90 فقرة أخيرة من القانون رقم 48 لسنة 1987) .
ويجدر التنويه بان المادة الأولى من القانون رقم 19 لسنة 1959 قد خلت من الإشارة الى تطبيق المادة 13 من القانون رقم 117 لسنة 1958 على الطوائف المنصوص عليها في القانون رقم 19 لسنة 1959 ،.
مما يعني أن رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات لا يملك بالنسبة لهم طلب تقديمهم للمحاكمة التأديبية وفقا لأحكام المادة 13 سالفة الذكر ، وإذا أقيمت الدعوى التأديبية- في هذه الحالة بناء على طلبه فإن المحاكم تقضي بعدم قبولها لرفعها بناء على طلب غير ذي ضفة .
ثانياً : إجراءات إقامة الدعوى التأديبية وإعلانها
النيابة هى التي تباشر الادعاء وحدها أمام المحاكم التأديبية ، ولا تقام الدعوى التأديبية أمام المحاكم التأديبية إلا بمعرفة النيابة الإدارية .
حيث تقوم هذه النيابة بإقامة الدعوى التأديبية وفق الخطوات التالية :
- إعداد قرار الإحالة للمحاكمة التأديبية ، وتقرير الاتهام .
- إيداع ملف التحقيق ، متضمنا قرار الإحالة وتقرير الاتهام سكرتارية المحكمة التأديبية المختصة .
ويتم الإيداع بمقتضى محضر من نسختين يبين فيه رقم القضية بإدارة قسم الدعوى التأديبية ، ورقم القيد بسجل المحكمة ، واسم العامل المحال الى المحاكمة والجهة التي يتبعها ، وتاريخ الإيداع ، واسم سكرتير المحكمة ، والأوراق المودعة.
وفور ايداع الأوراق السابقة يقوم سكرتير المحكمة التأديبية بإعداد ملف لكل دعوى ، تودع فيه بخلاف الأوراق الافتتاحية السابقة- كل ورقة يوجب القانون ايداعها .
ويكون ذلك بمحضر ايداع يثبت فيه رقم القضية ، وأسماء الموظفين المحالين للمحاكمة ، واسم المودع وبيان الأوراق المودعة ، ويوقع من المودع والموظف المختص ويؤشر على غلاف الملف من الداخل ببيان الأوراق المودعة بأرقام متتابعة ، وتاريخ إيداعها ، وعدد ملحقاتها .
وتثبت على غلاف الملف من الخارج رقم الدعوى بالسجل العام ، وأسماء الموظفين المحالين للمحاكمة ونوع المخالفة وبيان اجراءات سيرها.
(مادة 43 من القرار الجمهوري رقم 1489 لسنة 1958 باللائحة الداخلية للنيابة الإدارية والمحاكم التأديبية)
ويعرض سكرتير المحكمة ملف الدعوى- خلال خمسة عشر يوما من ايداع الأوراق الافتتاحية- على رئيس المحكمة لتحديد جلسة لها خلال الميعاد المذكور . (مادة 34 / 2 من قانون مجلس الدولة)
وتقوم سكرتارية المحكمة بإعلان ذوي الشأن بقرار الإحالة وتاريخ الجلسة خلال أسبوع من تاريخ ايداع الأوراق (مادة 23/2 من القانون رقم 17 لسنة 1958 ، 34 / 2 من قانون مجلس الدولة) .
ويكون الإعلان في محل اقامة المعلن إليه أو في محل عمله بخطاب موصى عليه مصحوب بعلم وصل (م34/3 من قانون مجلس الدولة) .
وأما أفراد القوات المسلحة ومن في حكمهم- ممن يسري في شأنهم أحكام قانون مجلس الدولة- فيتم اعلانهم بتسليم الاعلان الى الإدارة القضائية المختصة بالقوات المسلحة (مادة 34 / 3 من قانون مجلس الدولة) .
كما يلاحظ بالنسبة لإقامة الدعوى التأديبية ، أنها لابد أن تكون بالإجراءات التي رسمها القانون ، فلا يصح مثلا ، أن تمارس المحكمة ولاية العقاب ، لمناسبة فصلها في طعن تأديبي منظور أمامها .
ويلاحظ بالنسبة لإقامة الدعوى التأديبية أيضا ، أنها بمجرد اقامتها ، يمتنع على الجهة الإدارية ، أو أى جهة أخرى ، أن تتخذ أى قرار يمكن أن يسلب المحكمة التأديبية ولايتها في نظر الدعوى التأديبية والفصل فيها ، فمثل هذا القرار يكون والعدم سواء .
وأما الإعلان الدعوى التأديبية فإنه يلاحظ بالنسبة له ما يأتي :
1- أن إعلان العامل المقدم للمحكمة التأديبية بقرار الإحالة وإخطاره بتاريخ الجلسة المحددة لمحاكمته ، هو من الإجراءات الجوهرية التي تستهدف توفير الضمانات الأساسية للمتهم بتشكيله من الدفاع عن نفسه وعن درء الاتهام عنه ومن مقتضى ذلك أنه إذا أغفل إعلان المتهم اعلانا سليما .
ثم سارت إجراءات المحاكمة رغم ذلك ، فإنه يترتب على ذلك بطلان إجراءات المحاكمة ، وبطلان الحكم الذي يصدر مبنيا على هذه الإجراءات الباطلة ،
ويستوي في ذلك أن يكون بطلان الاعلان لعدم اخطار المعلن بالنحو الذي بينه القانون ، أو لإخطاره بتاريخ غير التاريخ الذي حدد لجلسة المحاكمة ، أو لإعلانه في مواجهة النيابة العامة مع أن له عنوانا معلوما ، ولم يثبت تعذر اعلانه فيه .
ويستوي في المعنى السابق، أن تكون الجلسة التي يجب اعلانها ، هى الجلسة التي يجب اعلانها ، هى الجلسة المحددة ابتداء للمحاكمة ، أو التي تتحدد أثر وقف الدعوى ، أو بعد تأجليها اداريا ، لاتحاد العلة في هذه الحالات جميعها .
2- أن اخطار المقدم للمحكمة على النحو الذي بينه القانون ، لا يسري فقط على اعلانه وإنما على تسليم هذا الاعلان إليه أيضا ، حيث يجب أن يتم هذا التسليم وفقا للأحكام المنصوص عليها في قانون المرافعات ، لعدم وجود أحكام خاصة تنظم ذلك في قانون مجلس الدولة .
3- إلا أنه يراعى من ناحية أخرى أنه إذا كان المتهم قد أحيط علما بالدعوى التأديبية المقامة ضده ، كما أعلن بتاريخ الجلسة التي عينت لنظرها ، وكانت السبل ميسرة أمامه للحضور أمام المحكمة ، سواء بنفسه أو بوكيل عنه لدفع ما أسند إليه ودرء المساءلة عنه .
بيد أنه لم ينشط للدفاع عن نفسه ، فإنه لا ضير على المحكمة التأديبية أن هى سارت في نظر الدعوى ، وفصلت فيها في غيبته .
لأن المستفاد من استقراء أحكام المواد 34 ، 35 ، 36 ، 37 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة ، أن حضور المتهم جلسات المحاكمة ليس شرطا لازما للفصل فيها طالما كان المتهم قد أعلن بقرار الإحالة وبتاريخ الجلسة التي عينت لنظرها بالوسيلة التي رسمها القانون .
(المستشار/ هاني الدرديري ص 450 وما بعدها)
ختاما: تناولنا بالشرح الطعن بالإلغاء على أحكام المحكمة التأديبية، من الموظف مع بيان الاجراءات والأسباب والمواعيد، واختصاصات محالس التأديب على ضوء قانون مجلس الدولة.