تفسير العقد
مع ارتفاع الأسعار الإجابة تتضمن تفسير العقد في القانون المدني المصري فالقاعدة أن العقد شريعة المتعاقدين ولكن بما دار فى نيتهم حقيقة عند التعاقد وه ما قد يتدخل فيه قاضي الموضوع
محتويات المقال
تفسير العقد ورد الالتزام استشارة
- البديهي أن عبارات بنود العقد تعبر وتفصح عن هذه النية ، ولكن قد تكون بعض العبارات غامضة أو مبهمة فنلجأ الى تفسير عبارات العقد ، للوصول الى النية الحقيقية
- مع الوضع فى الاعتبار أن التفسير مقيد وضيق فى استعماله ، ويجب ألا ينحرف بالتعاقد الى ما لا يغاير حقيقة المتفق عليه
- ونختم البحث والمقال بفصل خاص عن سلطة القاضى فى نقض العقد ورد الالتزام المرهق للطروف والحوادث الطارئة
تفسير العقود فى القانون والواقع
ذلك يكون وفق حقيقة ما تراضي عليه أطراف العقد دونما اعتبار للألفاظ والعبارات التي تم استعمالها مع طلب الإحالة للتحقيق لإثبات حقيقة ما أرده المتعاقدان
تنص المادة 150 من القانون المدني
- إذا كانت عبارة العقد واضحة ، فلا يجوز الانحراف عنها من طريق تفسيرها للتعرف على إرادة المتعاقدين.
- أما إذا كان هناك محل لتفسير العقد ، فيجب البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف عند المعني الحرفي للألفاظ ، مع الاستهداء في ذلك بطبيعة التعامل ، وبما ينبغي أن يتوافر من أمانة وثقة بين المتعاقدين ، وفقا للعرف الجاري في المعاملات.
فالتفسير أحد وسائل التطبيق الصحيح
والتفسير غايته إزاحة الغموض واللبس
وهو ما قد يوجب الإحالة إلي التحقيق لسماع الشهود وتقديم القرائن
وهذا يعني الصدام مع قاعدة قانونية أخري هي عدم جواز إثبات عكس الثابت بالكتابة إلا بالكتابة ، ونقرر أنه وفي هذه الحالة لا محل لإعمال هذه القاعدة
فقاعدة عدم جواز إثبات عكس الثابت بالكتابة إلا بكتابة لا محل تطبق إذا كانت عبارات العقد غامضة في حاجة إلي تفسير والأصل أنه يجوز الالتجاء إلى البينة وقرائن الأحوال لتفسير العقد وجلاء غوامض ، بتفسير عباراته الغامضة، أو بالتوفيق بين عباراته المتعارضة
أو تحديد ما ورد مطلقاً في المحرر المكتوب وكذلك إثبات الظروف والملابسات المادية التي أحاطت بكتابة العقد
وفي هذا الشأن قضت محكمة النقض بأنه :
لا تثريب على المحكمة أن هي أحالت الدعوى على التحقيق لاستجلاء ما أبهم من مدلول هذا البند واستجلاء قصد المتعاقدين منه، متى كان تفسير هذا الذي جاء به مثار نزاع بين الطرفين
نقض مدني في الطعن رقم 193 لسنة 18 قضائية – جلسة 29/3/1951
وفي قضاء آخر لمحكمة النقض قررت بأنه
لمحكمة الموضوع التعرف على ما عناه المتعاقدون و ذلك بما لها من سلطة تفسير الإقرارات و الاتفاقات و المستندات و سائر المحررات بما تراه إلى نية عاقديها و أوفى بمقصدهم
و فى استخلاص ما يمكن استخلاصه منها مستهدية بواقع الدعوى و ظروفها دون رقابة لمحكمة النقض عليها فى ذلك ما دامت لم تخرج فى تفسيرها عن المعنى الظاهر الذي تحتمله عباراتها
و ما دام أن ما انتهت إليه سائغاً و مقبولاً بمقتضى الأسباب التي بنته عليها و متى استخلصت المحكمة هذا القصد فإن التكييف القانون الصحيح لرقابة محكمة النقض
الطعن رقم 110 لسنة 54 مكتب فني 40 صفحة رقم 329 جلسة 21-5-1989
تفسير عقد الإيجار فى قضاء محكمة النقض
محكمة النفض – الدائرة المدنية والتجارية
- برئاسة السيد المستشار / كمال نافع ——— نائب رئيس محكمة النقض.
- وعضوية السادة القضاة / عبد الله عصر ، خالد دراز ، حسنى عبد اللطيف ، شريف سلام ——— نواب رئيس المحكمة .
- وبحضور رئيس النيابة السيد / عمر فايد
- بحضور أمين السر السيد / محسن فتحي الدين فى الجلسة العلانية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة
- فى يوم الخميس 10 محرم سنة 1432هـ الموافق 16 من ديسمبر سنة 2010 ميلادية .
أصدرت الحكم الاتي
الطعن المقيد فى جدول المحكمة برقم 5670 لسنة 79 ق
مرفوعة من
السيد / ——— ——— ——— المقيم بـ ———
ضــــــــــــد
السيد / ——— ——— ——— المقيم بــ ———
الوقـــائــع
- فى يوم 1/4/2009 طعن بطرق النقض بحكم محكمة استئناف طنطا مأمورية بنها الصادر بتاريخ 24/2/2009 فى الاستئناف رقم 1190 لسنة 41 ق وذلك بصحيفة طلب فيهـا الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه .
- وفى نفس اليوم أودع الطاعن مذكرة شارحة فى 9/4/2009 أعلن المطعون ضده بصحيفة الطعن ثم أودعت النيابة مذكرتها وطلبت فيها قبول الطعن شكلا وبنقض موضوعه .
- وبجلسة 16/9/2010 عرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة فرأت انه جدير بالنظر وحددت لنظره جلسة للمرافعة .
- وبجلسة 21/10/2010 سمعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محامى الطاعن والمطعون ضده والنيابة كل على ما جاء بمذكرته
- والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم .
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر / خالد يحيى دراز والمرافعة بعد المداولة و حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث أن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل فى أن المطعون ضده أقام على الطاعن الدعوى رقم 53 لسنة 2008 إيجارات بنها الابتدائية بطلب الحكم بإنهاء عقد الإيجار المؤرخ فى 3/4/2003 والتسليم وإلزام الطاعن بأن يدفع تعويضاً مقداره مائة جنيه عن كل يوم تأخير حتى التسليم
وقال بياناً لذلك أن الطاعن استأجر منه بموجب هذا العقد شقة النزاع بأجرة شهرية مقدارها 180 جنيه ، وقد قام بإنذاره بتاريخ 20/2/2008 بعدم رغبته فى تجديد العقد وفقاً للبند رقم 17 من عقد الإيجار ، وعرض عليه باقي مبلغ مقدم الإيجار ومقداره 6600 جنيه ، إلا أنه لم يمتثل فأقام الدعوى .
حكمت محكمة أول درجة بانتهاء عقد الإيجار المؤرخ فى 3/4/2003 والتسليم ورفضت ما عدا ذلك من طلبات .
استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 1190 لسنة 41 ق طنطا مأمورية بنها بتاريخ 24/2/2009 قضت المحكمة بالتأييد .
طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض .
وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة أمرت بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وحددت جلسة لنظره وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وبجلسة المرافعة التزمت النيابة رأيها .
وحيث أن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه ذلك أنه تمسك أمام محكمة الموضوع
بامتداد عقد إيجار عين النزاع حتى يستنفد مقدم الإيجار الثابت بالبند السادس من عقد الإيجار حيث نص فى العقد على أن مدة الإيجار لحين هلاك العين ، وأن المطعون ضده تقاضى منه مقدم إيجار مقداره 12000 جنيه يخصم منه شهرياً نصف القيمة الإيجارية حتى نفاذه ثم تدفع الأجرة كاملة مع زيادة القيمة الإيجارية كل خمس سنوات بمقدار 10 % منها وتسرى بعد العشر سنوات الأولى
وهو ما يعنى انعقاد إرادتهما على جعل مدة العقد حتى استنفاذ مقدم الإيجار إلا أن الحكم المطعون فيه اطرح دفاعه وقضى بتأييد الحكم المستأنف بانتهاء عقد الإيجار تأسيسا على أن مدته هي المدة المعينة لدفع الأجرة دون أن يعمل اثر هذا المقدم على الاتفاق مما يعيبه ويوجب نقضه .
وحيث أن هذا النعي فى محله
ذلك أنه ولأن كان لمحكمة الموضوع السلطة التامة فى تفسير صيغ العقود والمحررات بما تراه أو فى بمقصود العاقدين منها والمناط فى ذلك بوضوح الإرادة لا وضوح الألفاظ وما عاناه العاقدون منها بالتعرف على حقيقة مرماهم دون الاعتداد بما أطلقوه عليها من أوصاف وما مضمونها من عبارات متى تبين أن هذه الأوصاف والعبارات تخالف الحقيقة
إلا أن شرط ذلك
- أن تقيم قضائها على أسباب سائغة كما أن النص فى المادة 150/1 من القانون المدني على انه إذ كانت عبارة العقد واضحة فلا يجوز الانحراف عنها عن طريق تفسيرها للتعرف على إرادة المتعاقدين يدل على أن القاضي ملزم بان يأخذ عبارة المتعاقدين الواضحة كما هي فلا يجوز له تحت ستار التفسير الانحراف عن مؤداها إلى معنى آخر
- كما لا يجوز للمحكمة أن تعتد بما تقيده عبارة معينة دون غيرها من عبارات المحرر ، بل يجب عليها أن تأخذ بما تقيده العبارات بأكملها وفى مجموعها
- فلما كان ما تقتضى به المادة المشار إليها تعد من القواعد التي وضعها المشرع على سبيل الإلزام وينطوي الخروج عنها على مخالفة القانون لما فيه من مسخ وتشويه لعبارة العقد الواضحة فيخضع بهذه المثابة لرقابة محكمة النقض
- وكان مؤدى نص المادتين 558 ،563 من القانون المدني يدل على انه إذا اتفق العاقدان على مدة ما انقضى الإيجار بفواتها وإلا فيمتد الإيجار إلى مدة أخرى طبقا لاتفاقهما أخذاً بشريعة العقد ذلك أن عقد الإيجار عقد زمني مؤقت لم يضع المشرع حدا أقصى لمدته فيستطع المتعاقدان تحديد أية مدة للإيجار ما دامت المدة لا تجعل الإيجار مؤبدا .
لما كان ذلك
وكان الطاعن قد تمسك فى دفاعه أمام محكمة الموضوع بما ورد بسبب النعي بامتداد عقد الإيجار للشقة محل النزاع حتى استنفاد مقدم الإيجار الثابت بالبند الثالث من عقد الإيجار ومقداره 12000 جنيه
وكان الثابت من عبارات نص البند
استلام المطعون ضده المبلغ سالف البيان كمقدم إيجار يخصم منه شهريا نصف القيمة الإيجارية حتى نفاذه ثم تدفع الأجرة كاملة كما ورد بالبند 17 من ذات العقد أن تزاد الأجرة كل خمس سنوات بمقدار 10 % من القيمة الأصلية للإيجار البالغ مقدارها شهريا 180 جنيه على أن تسرى هذه الزيادة من تاريخ عقد الإيجار فى 1/4/2003
ومن ثم فان عقد إيجار عين النزاع يمتد حتى استهلاك المبلغ المسدد كمقدم إيجار وبعدها يكون منعقداً لفترة المحددة لدفع الأجرة
فان كان الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر فقضى بتأييد حكم أول درجة القاضي بانتهاء عقد الإيجار بانتهاء مدته باعتبارها هي المدة المعينة لدفع الأجرة حسب تفسير المحكمة لنصوص عقد الإيجار وهو تفسير لا تحتمله عبارات العقد فى جملتها وتخرج عن ظاهر مدلولها وإرادة المتعاقدين الواضحة فانه يكون معيبا بما يوجب نقضه ولما تقدم .
وحيث أن الموضوع صالح للفصل فيه وكان مقدم الإيجار المسدد من الطاعن لم يستنفذ بعد فان الدعوى بطلب إنهاء العقد لانتهاء مدته تكون قد رفعت قبل الأوان.
لـذلـك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وألزمت المطعون ضده المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة وحكمت فى موضوع الاستئناف رقم 1190 لسنة 41 ق طنطا مأمورية بنها بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى وألزمت المستأنف ضده المصاريف عن الدرجتين ومبلغ 175 جنيها مقابل أتعاب محاماة .
حق نقض العقد وتعديله
( بحث للأستاذ عبدالعزيز حسين عمار)
هل وجب فى الصدد تطبيق نص الفقرة الثانية من المادة 147 مدنى بشأن الحوادث الاستثنائية الطارئة غير المتوقعة من حيث ان التزامات المستأجرين تجاه المؤجر وتجاه المصالح الحكومية صارت مرهقة لحدوث خسائر غير متوقعة باعتبار ان فيروس كورونا حادث طارئ استثنائى ويعد قوة قاهرة غير متوقعة
الفقرة الثانية نصت على مثل هذا الأمر وتركت تقدير القوة القاهرة والحادث الاستثنائي لقاضى الموضوع وموازنة صيرورة الالتزام مرهقا من عدمه وموازنة مصلحة طرفى التعاقد وفى هذا البحث المختصر نقدم ما تضمنته المذكرة الايضاحية لنص المادة 147 مدنى واراء الفقه ومحكمة النقض بشأن شروط الحادث الطارئ الاستثنائى وتطبيقه
النص القانونى :
تنص الماده 147 مدنى على :
- العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا بإتفاق الطرفين، أو للأسباب التى يقررها القانون.
- ومع ذلك إذا طرأت حوادث إستثنائية عامة لم يكن فى الوسع توقعها وترتب على حدوثها أن تنفيذ الالتزام التعاقدي، وإن لم يصبح مستحيلا، صار مرهقا للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة، جاز للقاضى تبعا للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين أن يرد الإلتزام المرهق إلى الحد المعقول، ويقع باطلا كل إتفاق على خلاف ذلك.
الأعمال التحضيرية للمادة 147 مدني :
العقد شريعة المتعاقدين، ولكنه شريعة اتفاقية، فهو يلزم عاقديه بما يرد الإتفاق عليه متى وقع صحيحا، والأصل انه لا يجوز لاحد طرفى التعاقد ان يستقل بنقضه أو تعديله، بل ولا يجوز ذلك للقاضى، لانه لا يتولى انشاء العقود عن عاقديها، وانما يقتصر عمله على تفسير مضمونها بالرجوع الى نية هؤلاء العاقدين
فلا يجوز اذن نقض العقد أو تعديله الا بتراضي عاقديه، ويكون هذا التراضي بمثابة تعاقد جديد، أو لسبب من الأسباب المقررة فى القانون، كما هو الشأن أسباب الرجوع فى الهبة.
وقد استحدث المشرع فى الفقرة الثانية حكما بالغ الأهمية، إذا استثنى مبدأ الطوارئ غير المتوقعة من نطاق تطبيق القاعدة التى تحجر على القضاء تعديل العقود، وقد بادر القضاء الادارى فى فرنسا الى قبول هذا المبدأ، ومضى فى هذا السبيل قدما مخالفا فى ذلك ما جرى عليه القضاء المدنى.
واذا كانت نظرية الطوارئ غير المتوقعة تستجيب لحاجة ملحة تقتضيها العدالة
فهى تستهدف للعقد باعتبارها مدخلا لتحكم القاضى، بيد ان المشرع قد جهد فى ان يكفل لها نصيبا من الاستقرار، فأضفى عليها صبغة مادية، يتجلى اثرها فى تحديد الطارئ غير المتوقع، وفى اعمال الجزاء الذى يترتب على قيامه، لم يترك امر هذا الطارئ للقضاء يقدره تقديرا ذاتيا أو شخصيا، بلا اتخذ من عبارة
(ان اقتضت العدالة ذلك) بديلا
وهى عبارة تحمل فى ثناياها معنى الإشارة الى توجيه موضوعى النزعة، وفضلا عن ذلك، فإذا تثبت القاضى من قيام الطارئ غير المتوقع وعمد الى اعمال الجزاء بانقاص الإلتزام الذى اصبح يجاوز السعة، فهو ينقض منه الى (الحد المنقول، وهذا قيد اخر مادى الصبغة).
ولما كانت نظرية الطوارئ غير المتوقعة نظرية حديثة النشأة، اسفر التطور عن اقامتها الى جانب النظرية التقليدية للقوة القاهرة دون ان تكون صورة منها، فمن الأهمية بمكان ان تستبين وجوه التفرقة بين النظريتين، فالطارئ غير المتوقع تنتظمه مع القوة القاهرة فكرة المفاجأة والحتم، ولكنه يفترق عنها فى اثره فى تنفيذ الإلتزام، فهو لا يجعل هذا التنفيذ مستحيلا، بل يجعله مرهقا يجاوز السعة
دون ان يبلغ به حد الاستحالة، ويستتبع ذلك قيام فارق اخر يتصل بالجزاء، فالقوة القاهرة تقضى الى انقضاء الإلتزام، وعلى هذا النحو يتحمل الدائن تبعتا كاملة، اما الطارئ غير المتوقع فلا يترتب عليه الا انقضاء الإلتزام الى الحد المعقول، وبذلك يتقاسم الدائن والمدين تبعته.
بقيت بعد ذلك ملاحظات ثلاث
- (أ) فيلاحظ أولا ان نظرية الطوارئ غير المتوقعة ليست على وجه الاعمال الا بسطة فى نطاق نظرية الاستغلال، فالغبن إذا عاصر انعقاد العقد (وهو الاستغلال) أو كان لاحقا له (وهى حالة الحادث غير المتوقع) لا يعدم اثره فيما يكون للتعاقد من قوة الإلزام، فقد يكون سببا فى بطلانه أو فى انقاصه على الأقل.
- (ب) ويلاحظ من ناحية أخرى ان نظرية الطوارئ غير المتوقعة تقيم ضربا من ضروب التوازن بين تنفيذ الإلتزام التعاقدي تنفيذا عينيا، وتنفيذه من طريق التعويض… ويجوز بفضل هذه النظرية ان يقتصر التنفيذ العينى الى حد بعيد على ما كان فى الوسع ان يتوقع عقلا وقت انعقاد العقد.
- (ج) ويراعى أخيرا ان تطبيق نظرية الطوارئ غير المتوقعة ونظرية الاستغلال يخرج بالقاضي من حدود المألوف فى رسالته، فهو يقتصر على تفسير التعاقد، بل يجاوز ذلك الى تعديله
مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني – جزء 2- ص 279 وما بعدها
رأى الفقه عن نقض العقد وتعديله
1 – يترتب على ان العقد شريعة المتعاقدين انه لا يجوز نقضه ولا تعديله الا بإتفاق الطرفين أو للأسباب التى يقررها القانون، فلا يجوز نقضه ولا تعديله من جهة القاضى بدعوى ان النقض أو التعديل تقتضيه العدالة
ولا يجوز نقضه ولا تعديله من جهة أي من المتعاقدين، فإن العقد وليس ارادتين وما تعقده ارادتان لا تحله إرادة واحدة.
ويجوز نقض العقد أو تعديله بإتفاق المتعاقدين، اما باتفاقهما على ذلك عند النقض أو التعديل، أو باتفاقهما عند التعاقد على إعطاء هذا الحق لاحدهما، كما يجوز نقض العقد أو تعديله لسبب يقره القانون
فهناك عقود بنص القانون على انه يجوز لا حد المتعاقدين ان يستقل بإلغائها كالوكالة والوديعة، أو ينص القانون على جواز تعديلها كالشرط الجزائي ومنح المدين نظرة الميسرة واجر الوكيل ورد التزام المرهق الى الحد المعقول فى نظرية الحوادث الطارئة.
ويشترط لتطبيق نظرية الحوادث الطارئة- فى النقنين المدنى الجديد- توافر شروط ثلاثة :
- ان يجد، بعد صدور العقد وقبل تنفيذه حوادث استثنائية عامة. مثل: زلزال- حرب- اضراب – تسعيرة ارتفاع باهظ أو نزول فاحش فى الأسعار .
- ان تكون هذه الحوادث الاستثنائية العامة ليس فى الإمكان توقعها، ولا فى الوسع دفعها، فلا سبيل لتطبيق نظرية الحوادث الطارئة.
- ان تجعل هذه الحوادث تنفيذ الإلتزام مرهقا لا مستحيلا- وارهاق المدين معيار مرن يتغير بتغير الظروف، فما يكون مرهقا لمدين لا يكون مرهقا لمدين اخر، وما يكون مرهقا لمدين فى ظروف معينة قد لا يكون مرهقا لنفس المدين فى ظروف اخرى. والمهم ان تنفيذ الإلتزام يكون بحيث يهدد المدين بخسارة فادحة، فالخسارة المألوفة فى التعامل لا تكفى.
فإذا توافرت تلك الشروط جاز للقاضى تبعا للظروف، وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين، ان يرد الإلتزام المرهق الى الحد المعقول، وللقاضي حرية واسعة فى رد الإلتزام المرهق الى الحد المعقول
فقد يرى انقاص هذا الإلتزام، وقد يرى زيادة الإلتزام المقابل للالتزام المرهق، وقد يرى لا انقاص الإلتزام المرهق ولا زيادة الإلتزام المقابل، ولكن وفق تنفيذ حتى يزول الحادث الطارئ إذا كان هذا الحادث مؤقتا يقدر له الزوال فى وقت قصير.
واذا جاز للقاضى انقاص الإلتزام المرهق، أو زيادة الإلتزام المقابل، أو وقف تنفيذ العقد، فإنه لا يجوز له فسخ العقد، فالالتزام المرهق يبقى ولا ينقضى بالحادث الطارئ، كما كان ينقضى بالقوة القاهرة، ولكن يرد الى الحد المعقول، فتتوزع بذلك تبعة الحادث الطارئ بين المدين والدائن، ولا يتحملها الدائن وحده بفسخ العقد.
وهذا الجزاء الذى قرره القانون للحادث الطارئ يعتبر من النظام العام، فلا يجوز للمتعاقدين ان يتفقا مقدما على ما يخالفه
الوسيط -1- الدكتور السنهوري – ط 1952 – ص 629 وما بعدها وكتابة – الوجيز- ص 246 وما بعدها
2- تتلخص فكرة نظرية الحوادث الطارئة فى ان هناك عقودا يتراخى فيها التنفيذ الى اجل أو الى اجال، ويحصل عند حلول اجل التنفيذ ان تكون الظروف الاقتصادية قد تغيرت بسبب حادث لم يكن متوقعا
فيصبح تنفيذ الإلتزام شاقا على المدين ومرهقا له الى الحد الذى يجعله مهددا بخسارة فادحة، الأمر الذى يجيز للقاضى ان يتدخل ليوزع تبعه هذا الحادث على عاتق الطرفين وبذلك يرد الإلتزام المرهق الى الحد المعقول.
والنظرية على هذا النحو تعالج اختلال التوازن عند تنفيذ العقد، فهى تؤدى وظيفة تقابل الوظيفة التى تقوم بها نظريتا الاستغلال، والاذعان عند تكوين العقد ، غير ان هاتين الأخيرتين تواجهان استغلالا من طرف قوى لطرف ضعيف
ولهذا كان الجزاء فيما ان يرفع عن الطرف الضعيف كل ما لحقه من غبن، اما نظرية الحوادث الطارئة فتعالج عاقبة حادث لا يد فيه لأى من المتعاقدين فيه ولهذا كان اثرها توزيع تبعة هذا الحادث على عاتق الطرفين.
كما انها تحقق توازنا الى حد ما بين التنفيذ العينى للعقد وتنفيذه بطريق التعويض، ففى هذا النوع الأخير من التنفيذ لا يلزم المدين الا بتعويض الضرر الذى كان يمكن توقعه وقت التعاقد، وهذا النظرية لقرب المدين فى التنفيذ العينى من القدر الذى كان يمكن توقعه وقت التعاقد، وهذه النظرية تقرب المدين فى التنفيذ العينى من القدر الذي كان يمكن توقعه وقت العقد.
وقد اختلف الرأى فى أساس هذه النظرية، فقيل انه المبدأ الذى يقضى بان العقود يجب ان تنفذ يحسن نية، وقيل انه المبدأ الذى يقتضى بان المدين فى الإلتزام التعاقدي لا يدفع تعويضا الا عن الضرر المتوقع، وقيل انه مبدأ الاثراء بلا سبب، وقيل انه نظرية السبب، وقيل انه نظرية التعسف فى إستعمال الحق. ويبدو لنا ان الأساس هو العدالة.
وهناك زيادة عن النص العام (م147/2) الذى يقرر النظرية، نصوص أخرى تطبقها فى حالات خاصة، ومن امثلة ذلك فى التقنين المصرى ما نراه فى عقد الإيجار (م 608 و 609 و 610 و 616/ مدنى مصرى)، وعقد المقاولة 658/14 مدنى مصرى)، وحق الارتفاق (م1023 و 1029 مدنى مصرى)، وكثيرا ما تختلف أحكام هذه المواد عما تقضى به النظرية العامة
نظرية العقد في قوانين البلاد العربية – ( آثار العقد والصلالة ) – الدكتور عبد المنعم فرج الصده – ص24
3- هناك عقود يستمر تنفيذها زمنا، أو يضاف تنفيذها الى زمان مستقبل، وخلال هذا الزمان قد تطرأ حوادث استثنائية عامة لم يكن فى الوسع توقعها، كنشوب حرب أو فرض تسعير جبري غير متوقع لسلعة متعاقد عليها
فإذا ترتب على هذه الحوادث الاستثنائية العامة ان اصبح تنفيذ احد الالتزامات الناشئة عن العقد مرهقا للمدين به بحيث يهدده بخسارة فادحة، ففى هذه الحالة نجد بعد القوانين تجيز القاضى ان يرد الإلتزام المرهق الى الحد المعقول، وتعرف هذه الأحكام بنظرية الظروف (الحوادث) الطارئة.
يشترط لتطبيق نظرية الظروف الطارئة الشروط التالية:
- (1) ان يتراضى تنفيذ العقد عن وقت إبرامه أو يتطلب تنفيذه وقتا، فتطرأ الحوادث خلال ذلك.
- (2) ان تكون الظروف الاستثنائية العامة غير متوقعة.
- (3) ان تطرأ بعد إبرام العقد ظروف استثنائية عامة (كحرب أو تسعيرة…)
- (4) ان يكون الظرف غير ممكن تفاديه ببذل جهد معقول.
- (5) ان تجعل هذه الظروف تنفيذ الإلتزام مرهقا ، أي لا يستطيع المدين تنفيذه ولكن بخسارة فادحة ، اما إذا أدت هذه الظروف الى جعل تنفيذ الإلتزام مستحيلا، فإنها تكون قوة قاهرة، وينقضي بها التزام المدين لاستحالة التنفيذ.
واذا توافرت هذه الشروط، وطلب المدين تطبيق النظرية، كان على القاضى ان يرد التزامه الى الحد المعقول
وله فى سبيل ذلك :
- أ- ان يقف تنفيذ العقد مؤقتا حتى تنتهى الظروف الطارئة، وذلك إذا تبين ان الحادث الطارئ مؤقت أو ان آثاره مؤقته.
- ب- ان ينقضي الإلتزام المرهق الى الحد الذى يجعله غير مرهق للمدين، فلا يلزم المدين بتنفيذه كله، وانما يعقبه من تنفيذ بعضه.
- ج- ان يزيد الإلتزام المقابل للالتزام المرهق وفقا لما يراه محققا للعدالة.
- واذا زال الظرف الطارئ وجب الحكم بإنهاء هذا التعديل وتنفيذ العقد كما كان.
وتنص القوانين العربية على ان يقع باطلا كل إتفاق بين المتعاقدين يخالف الأحكام السابقة، فهذه الأحكام باقة (أمرة) لا يجوز الإتفاق على مخالفتها
نظرية الإلتزام – الدكتور عبد الناصر العطار – ص 219 وما بعدها
4- على انه إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن فى الوسع توقعها وترتب على حدوثها ان تنفيذ الإلتزام التعاقدي وان لم يصبح مستحيلا صار مرهقا للمدين بحيث يهدده خسارة فادحة، جاز للمحكمة بعد الموازنة بين مصلحة الطرفين، ان تنقص الإلتزام المرهق الى الحد المعقول ان اقتضت العدالة ذلك، ويقع باطلا كل إتفاق على خلاف ذلك.
واذا كانت نظرية الطوارئ غير المتوقعة تستجيب لحالة ملحة تقتضيها العدالة، فهى تستهدف للنقد باعتبارها مدخلا لتحكم القاضى بيد ان المشرع قد جهد فى ان يكفل لها نصيبا من الاستقرار فأضفى عليها صبغة مادية يتجلى اثرها فى تحديد الطارئ غير المتوقع
وفى اعمال الجزاء الذى يترتب على قيامها فلم يترك امر هذا الطارئ للقضاء يقدره تقديرا ذاتيا أو شخصيا بل اتخذ من عبارة (اذا اقتضت العدالة ذلك) إشارة الى توجيه موضوعى النزعة، وفضلا عن ذلك إذا تثبت القاضى من قيام الطارئ غير المتوقع وعمد الى اعمال الجزاء بإنقاض الإلتزام الذى اصبح يجاوز السعة فلا ينقص منه (الى الحد المعقول) وهذا قيد اخر مادى الصبغة.
ويلاحظ بعد هذا:
1- ان نظرية الطوارئ غير المتوقعة ليس على وجه الاجمال الا بسطة فى نطاق نظرية الاستغلال، فالغبن إذا عاصر انعقاد العقد (وهو الاستغلال) أو كان لاحقا له (وهى حالة الحادث غير المتوقع) لا يعدم اثره فيما يكون للتعاقد من قوة الإلزام، فقد يكون سببا فى بطلانه أو فى انتقاصه على الأقل.
2- ان نظرية الطوارئ غير المتوقعة تقيم ضربا من ضروب التوازن بين تنفيذ الإلتزام التعاقدي تنفيذا عينيا، وتنفيذ من طريق التعويض.
3- ان تطبيق نظرية الطوارئ غير المتوقعة ونظرية الاستغلال يخرج بالقاضي من حدود المألوف فى رسالته، فهى لا يقتصر على تفسير التعاقد، بل يجاوز ذلك الى تعديله.
ويشترط لتطبيق هذه النظرية:
1- ان يكون العقد من العقود التى يتراخى تنفيذها، اما إذا كان العقد فورى التنفيذ فإنه لا يمكن الطعن فيه بدعوى اختلال التوازن الاقتصادي بين التزامات الطرفين، والنص عام فلا يشترط ان يكون العقد من عقود المدة أو المستمرة.
2- ان يكون الحادث الطارئ غير متوقع الحصول، وهذا الشرط هو العلة التى يدور معها الأخذ بنظرية الظروف الطارئة وجودا وعدما- وعما إذا كان المعيار شخصى بالبحث عن نية الطرفين المتعاقدين وفطنتهما وحذرهما عند إبرام العقد، ام ان المرجع هو المعيار المادى ؟
3- ان يكون من شان الحادث الطارئ ان يعدم توازن العقد ويخل بالتوازن الاقتصادي بين التزامات الطرفين اخلالا واضحا يجعل تنفيذ العقد مرهقا بأحدهما ارهاقا شديدا
القانون المدني -العراقي – الدكتور – حسن الذنون – ص 87 وما بعدها
5- اخذ المشرع فى القانون المدنى الجديد بنظرية الظروف الطارئة، مستحدثا بذلك استثناء على المبدأ العام الذى يقضى بان العقد شريعة المتعاقدين لا يجوز نقضه أو تعديله الا باتفاقهما.
لقد جاء نص المادة 147 مدنى عاما، فلم يقصر تطبيق هذه النظرية على عقود دون أخرى، يكفى ان يطرأ ظرف لم يكن فى حسبان المتعاقدين وقت التعاقد يجعل الإلتزام مرهقا للمدين ارهاقا حسبما، وهذا يتطلب بطبيعة الأمور ان يكون هناك فاصل زمنى بين إبرام العقد وبين تنفيذه، وتطرأ الظروف فى هذه الفترة، ولا يهم بعد ذلك ان يكون العقد من العقود المستمرة كعقد الإيجار و عقد التوريد ، أو من العقود الفورية المؤجلة التنفيذ كالبيع بالتقسيط.
ويلاحظ ان الفقرة الثانية من المادة 147 مدنى من النظام العام، فكل إتفاق على حرمان القاضى من تعديل العقد فى هذه الحالة يعتبر باطلا، غير انه ليس هناك ما يمنع المدين من قبول نتائج الظرف الطارئ بعد حدوثه وتنفيذ الإلتزام بالحد المرهق، وهذا شان كل حماية تشرع لمصلحة المدين، اذ لا تجوز التنازل عنها مقدما، انما لا مانع من الاستغناء عنها بعد تمام الظروف التى تستوجب تطبيقها
الإلتزام – للدكتور حسين النوري – ص 213 وما بعدها
6 – يتناول شبح القانونيين المرحوم الدكتور عبد الرازق السنهورى فى احد مقالاته :
بيان العقود التى تخضع لنظرية الظروف الطارئة، بالقول ان عقود البيع المبرمة قبل قانون الإصلاح الزراعي والمتفق فيها على تأجيل الثمن كله أو بعضه، تخضع لحكم الفقرة الثانية من المادة 147 مدنى
ذلك بان نص التشريع فى هذا الشأن قد ورد عمدا بصفة عامة حتى يتسع مجال تطبيق نظرية الظروف الطارئة لجميع العقود التى تفصل ما بين إبرامها وتنفيذها فترة زمنية، يطرأ خلالها حادث استثنائى غير متوقع، يؤدى الى جعل التنفيذ فيها مرهقا للمدين، وقد اثر المشرع المصرى التعميم حق تنبسط النظرية على كافة العقود حتى ما كان منها متراخ فى تنفيذه، إذا طرأ الظرف الاستثنائى عقب إبرامها مباشرة وقبل التنفيذ.
فنحن ( السنهورى ) نرى ان نظرية الظروف الطارئة تنطبق حق لو لم يكن العقد متراخيا فى تنفيذه، إذا كان الظرف الطارئ قد وقع بعد إبرام العقد وقبل تنفيذه، لان هذه النظرية انما تقوم فى مرحلة تنفيذ العقد، فلا يحول دون انطباقها، الا ان يكون العقد قد نفذ قبل وقوع الظرف الطارئ، أو ان يكون الدائن قد اعذر المدين بالتنفيذ.
غير انه بغض النظر عن هذه الجزئية الخاصة بالعقود غير المتراخية، فإن من المسلم به ان النظرية تنطبق حتما على العقود المتراخية، سواء فى ذلك العقود الزمنية، أو العقود غير الزمنية المؤجلة تنفيذها.
والواقع انه لا يوجد ما يدعو الى التفرقة فى مجال تطبيق هذه النظرية بين العقود الزمنية والعقود الفورية المؤجلة التنفيذ، فإن حكمة التشريع متحققة فيها معا
وهى اصلاح ما اختل من التوازن العقدى نتيجة للظروف الاستثنائية الطارئة التى ترجع الى حادث لابد منه لاحد المتعاقدين مما يقتضى توزيع تبعته بينهما، وهذا الأمر كما يمكن ان يوجد فى الإلتزام الزمنى يمكن ان يوجد كذلك فى الإلتزام المؤجل التنفيذ.
وغنى عن البيان انه لا يصح ان يقال فى هذا الصدد ان تأجيل التنفيذ فى العقود الفورية، يعتبر تفضلا من الدائن لا ينبغى ان يصار به، لان الاجل شرط من شروط التعاقد على الصفقة أصلا أو لما تمكن البائع من إتمام العقد بالثمن المتفق عليه فيه.
تطبيق نظرية الظروف الطارئة علي عقود البيع المبرمة قبل قانون الإصلاح الزراعي – مقال – الدكتور عبد الرازق السنهوري – المحاماه – السنة 41 – العدد 1 – ص 102 وما بعدها
إذ كان البين من الأوراق أن الطاعنين قد تمسكا أمام محكمة الموضوع بأن عاصفة غير متوقعة قد هبت وأتلفت نصف الثمار المبيعة وطلبا تحقيق ذلك وفقاً لنص المادة 147 من القانون المدني
وكان الحكم المطعون فيه قد حجب نفسه عن بحث هذا الدفاع تأسيساً على مجرد القول بأن الرياح على إطلاقها لا تعتبر قوة قاهرة تندرج ضمن الحوادث الاستثنائية العامة المنصوص عليها في المادة المشار إليها
في حين أن العاصفة الغير منتظرة يصح أن تعتبر قوة قاهرة في تطبيق هذه المادة متى توافرت شروطها فإنه يكون مشوباً بقصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع.
[الطعن رقم 265 – لسنــة 54 ق – تاريخ الجلسة 28 / 04 / 1987 – مكتب فني 38 – رقم الجزء 1 – رقم الصفحة 628]
حالات مراجعة الاحكام القضائية إذ تقضى المادة 147/2 من القانون المدني بأنه :
إذا طرأت حوادث إستثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها وترتب على حدوثها أن تنفيذ الإلتزام التعاقدي وإن لم يصبح مستحيلاً صار مرهقاً للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة جاز للقاضي تبعاً للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين أن يرد الإلتزام المرهق إلى الحد المعقول، وتقضى المادة 658/4 من القانون المذكور على أنه
إذا انهار التوازن الاقتصادي بين التزامات كل من رب العمل والمقاول بسبب حوادث إستثنائية عامة لم تكن في الحسبان وقت التعاقد وتداعى بذلك الأساس الذي قام عليه التقدير المالي لعقد المقاولة
جاز للقاضي أن يحكم بزيادة الأجر أو بفسخ العقد، لقد أفاد هذان النصان – وباعتبار أن النص الثاني هو تطبيق للنص الأول – أنه إذا وجد بعد صدور عقد المقاولة حادث من الحوادث الاستثنائية العامة غير متوقع عند التعاقد ترتب عليه ارتفاع أسعار المواد الأولية أو أجور العمال أو زيادة تكاليف العمل مما أصبح معه تنفيذ العقد مرهقاً للمقاول، فإنه يكون للقاضي فسخ هذا العقد أو زيادة أجر المقاول المتفق عليه مما يؤدى إلى رد الإلتزام المرهق إلى الحد المعقول.
[الطعن رقم 585 – لسنــة 52 ق – تاريخ الجلسة 24 / 12 / 1985 – مكتب فني 36 – رقم الجزء 2 – رقم الصفحة 1178]
توافر الإرهاق الذي يهدد بخسارة فادحة أو عدم توافره ومعياره موضوعي بالنسبة للصفقة المعقودة ذاتها – من مسائل الواقع التي يستقل بتقديرها قاضى الموضوع دون رقابة عليه في ذلك من محكمة النقض ما دام استخلاصه سائغاً ومستمداً مما له أصله الثابت بالأوراق.
[الطعن رقم 585 – لسنــة 52 ق – تاريخ الجلسة 24 / 12 / 1985 – مكتب فني 36 – رقم الجزء 2 – رقم الصفحة 1178]
النص في الفقرة الأولي من المادة 147 من القانون المدني على أن :
العقد شريعة المتعاقدين, فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين, أو للأسباب التي يقررها القانون
وفى المادة 531 على أنه :
1- يجوز لكل شريك أن يطلب من القضاء الحكم بفصل أي من الشركاء يكون وجوده في الشركة قد أثار اعتراضاً على مد أجلها أو تكون تصرفاته مما يمكن اعتباره سبباً مسوغاً لحل الشركة , على أن تظل الشركة قائمة فيما بين الباقين
2- ويجوز لأي شريك إذا كانت الشركة معينة المدة أن يطلب من القضاء إخراجه من الشركة …”
مفاده أن
المشرع ارتأى استثناء عقد الشركة من تطبيق أحكام القاعدة العامة في العقود ألا وهي أن العقد شريعة المتعاقدين
فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين بأن أجاز للقضاء فك عروة الربطة التعاقدية للشركة بفصل أحد الشركاء متى طلبوا ذلك ودون رضاه أو إخراجه منها بناء على طلبه بغير حاجة إلى موافقة باقي الشركاء بما ينبئ عن رغبته في إيلاء أهمية خاصة لاستمرار الشركات في ممارسة نشاطها متى رغب البعض من الشركاء ولو عارضهم الآخرون.
[الطعن رقم 641 – لسنــة 74 ق – تاريخ الجلسة 24 / 05 / 2005]
حوار الأستاذ عمار عن رد الالتزام المرهق بجريدة البيان
قانوني يكشف أثر فيروس كورونا علي الالتزامات التعاقدية :
كتب : عبدالعزيز محسن – 14 يونيو 2020
ألقت جائحة « كورونا » التي تضرب العالم بظلالها على الالتزامات التعاقدية سواء بين الأفراد أو الشركات ، وللحوادث الطارئة والظروف القاهرة أثر مباشر عليها، فعندما يحدث أمر طارئ غير متوقع يجعل من تنفيذ أحد الأطراف لالتزاماته أمرا صعبا ، أو تحل قوة قاهرة تجعل تنفيذ الالتزام مستحيلًا، وهنا تتدخل التشريعات وتضع الآليات القانونية لرد الالتزامات إلى حالتها المتعادلة وتحقيق التوازن الاقتصادي للعقد.
مما يدعو الى التساؤل
هل وجب فى هذا الصدد تطبيق نص الفقرة الثانية من المادة 147 مدنى بشأن الحوادث الاستثنائية الطارئة غير المتوقعة من حيث ان التزامات المستأجرين تجاه المؤجر وتجاه المصالح الحكومية ، حيث صارت مرهقة لحدوث خسائر غير متوقعة باعتبار ان فيروس كورونا حادث طارئ استثنائى ويعد قوة قاهرة غير متوقعة .
يقول عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض والإدارية العليا أن :
الفقرة الثانية من المادة 147 مدني نصت على مثل هذا الأمر وتركت تقدير القوة القاهرة والحادث الاستثنائى لقاضى الموضوع وموازنة صيرورة الالتزام مرهقا من عدمه وموازنة مصلحة طرفى التعاقد .
ويضيف الأستاذ عبد العزيز عمار في تصريحات خاصة للبيان :
أن الماده 147 نصت علي أن :
العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا بإتفاق الطرفين، أو للأسباب التى يقررها القانون ، ومع ذلك إذا طرأت حوادث إستثنائية عامة لم يكن فى الوسع توقعها وترتب على حدوثها أن تنفيذ الالتزام التعاقدي، وإن لم يصبح مستحيلا، صار مرهقا للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة، جاز للقاضى تبعا للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين أن يرد الإلتزام المرهق إلى الحد المعقول، ويقع باطلا كل إتفاق على خلاف ذلك.
ويتابع المحامي بالنقض الأستاذ عمار
أنه اذا كانت نظرية الطوارئ غير المتوقعة تستجيب لحاجة ملحة تقتضيها العدالة، فهى تستهدف للعقد باعتبارها مدخلا لتحكم القاضى، بيد ان المشرع قد جهد فى ان يكفل لها نصيبا من الاستقرار، فأضفى عليها صبغة مادية، يتجلى اثرها فى تحديد الطارئ غير المتوقع، وفى اعمال الجزاء الذى يترتب على قيامه لم يترك امر هذا الطارئ للقضاء يقدره تقديرا ذاتيا أو شخصيا، بلا اتخذ من عبارة – ( ان اقتضت العدالة ذلك ) بديلا.
وهى عبارة تحمل فى ثناياها معنى الإشارة الى توجيه موضوعى النزعة، وفضلا عن ذلك، فإذا تثبت القاضى من قيام الطارئ غير المتوقع وعمد الى اعمال الجزاء بانقاص الإلتزام الذى اصبح يجاوز السعة، فهو ينقض منه الى (الحد المعقول ، وهذا قيد اخر مادى الصبغة).
ويؤكد الأستاذ / عبد العزيز عمار :
ان نظرية الطوارئ غير المتوقعة نظرية حديثة النشأة، اسفر التطور عن اقامتها الى جانب النظرية التقليدية للقوة القاهرة دون ان تكون صورة منها ، فمن الأهمية بمكان ان تستبين وجوه التفرقة بين النظريتين، فالطارئ غير المتوقع تنتظمه مع القوة القاهرة فكرة المفاجأة والحتم
ولكنه يفترق عنها فى اثره فى تنفيذ الإلتزام ، فهو لا يجعل هذا التنفيذ مستحيلا، بل يجعله مرهقا يجاوز السعة ، دون ان يبلغ به حد الاستحالة، ويستتبع ذلك قيام فارق اخر يتصل بالجزاء
فالقوة القاهرة تقضى الى انقضاء الإلتزام، وعلى هذا النحو يتحمل الدائن تبعتا كاملة ، اما الطارئ غير المتوقع فلا يترتب عليه الا انقضاء الإلتزام الى الحد المعقول، وبذلك يتقاسم الدائن والمدين تبعته.
ويشير الأستاذ / عبدالعزيز حسين عمار المحامى بالنقض الي ملاحظات ثلاث :
- (أ) فيلاحظ أولا ان نظرية الطوارئ غير المتوقعة ليست على وجه الاعمال الا بسطة فى نطاق نظرية الاستغلال، فالغبن إذا عاصر انعقاد العقد (وهو الاستغلال) أو كان لاحقا له ( وهى حالة الحادث غير المتوقع ) لا يعدم اثره فيما يكون للتعاقد من قوة الإلزام، فقد يكون سببا فى بطلانه أو فى انقاصه على الأقل.
- (ب) ويلاحظ من ناحية أخرى ان نظرية الطوارئ غير المتوقعة تقيم ضربا من ضروب التوازن بين تنفيذ الإلتزام التعاقدي تنفيذا عينيا، وتنفيذه من طريق التعويض… ويجوز بفضل هذه النظرية ان يقتصر التنفيذ العينى الى حد بعيد على ما كان فى الوسع ان يتوقع عقلا وقت انعقاد العقد.
- (ج) ويراعى أخيرا ان تطبيق نظرية الطوارئ غير المتوقعة ونظرية الاستغلال يخرج بالقاضي من حدود المألوف فى رسالته، فهو يقتصر على تفسير التعاقد، بل يجاوز ذلك الى تعديله.