التدليس المدني يبطل التصرف لانتفاء الارادة الصحيحة و التدليس الجنائي يترتب عليه ارتكاب المدلس لجريمة النصب اذا استخدم طرق احتيالية أثرت في ارادة المجني عليه وسهلت للجاني الاستيلاء علي امواله أو منقولاته أو عقاراته.
محتويات المقال
أفعال التدليس الجنائي عموما
التدليس الجنائي هو عملية تقديم معلومات كاذبة أو مغلوطة بقصد إيهام الآخرين والتلاعب بهم يعتبر التدليس الجنائي جريمة في العديد من الأنظمة القانونية حول العالم حيث يعتبر خرقاً للنزاهة والأمانة ويؤدي إلى إضرار بالآخرين
تتضمن أمثلة على التدليس الجنائي الأفعال التالية
- تزوير وثائق مثل الشهادات أو الوثائق المالية
- تقديم شهادات زائفة أو مستنسخة لغرض الحصول على فوائد قانونية أو مالية
- إصدار شيكات بدون رصيد أو استخدام بطاقات ائتمانية مزيفة
- تقديم معلومات كاذبة في إجراءات قضائية أو تحقيقات شرطية
التلاعب بالمعلومات المالية للحصول على مكاسب غير مشروعة مثل التضخم المتعمد لقيمة الأصول أو تقديم تقارير مالية مضللة
تختلف عقوبات التدليس الجنائي من بلد لآخر وتعتمد على نظام القانون في كل دولة قد تشمل العقوبات الغرامات المالية والسجن لفترات محددة وتعتبر الظروف المحيطة بالجريمة وتأثيرها على الضحايا عوامل تؤخذ في الاعتبار عند تحديد العقوبة النهائية.
الاحتيال في حالة النصب
جريمة الاحتيال في حالة النصب تشمل إيهام الآخرين بوجود حقائق أو معلومات غير صحيحة بهدف التلاعب بهم والحصول على فوائد غير مشروعة يتم استغلال ثقة الضحية وتضليلها لتحقيق أهداف خاطئة.
تشمل أمثلة على جريمة النصب والاحتيال :
الاحتيال المالي:
يشمل تزوير المستندات المالية أو استخدام بطاقات ائتمانية مزورة للحصول على أموال بطرق غير قانونية.
الاحتيال الإلكتروني:
يتضمن إرسال رسائل بريد إلكتروني مزيفة أو إنشاء مواقع وهمية للتسلل إلى معلومات شخصية أو مالية للأفراد.
الاحتيال العقاري:
يشمل بيع عقارات وهمية أو تقديم معلومات مضللة حول العقارات بهدف الحصول على أموال بطرق غير قانونية.
الاحتيال في المشاريع التجارية:
يتعلق بتقديم معلومات مضللة حول عمل تجاري أو استثمار مزيف بهدف جذب المستثمرين والحصول على أموالهم.
تختلف عقوبات جريمة الاحتيال وفقًا للتشريعات القانونية في كل بلد عادةً ما تشمل العقوبات القانونية الغرامات المالية والسجن لفترات محددة، وتعتمد العقوبة على خطورة الجريمة والأضرار التي تسببت فيها للضحية.
الفرق بين التدليس المدني والتدليس الجنائي
يختلف النصب عن التدليس المدني اختلافا بينا
القانون المدني يرتب بطلان العقد على الحيل التى قد يلجأ إليها أحد المتعاقدين أيا كان نوعها ولو كانت أكاذيب عارية عن كل فعل خارجي يعززها وكل ما يتطلبه فيها أن تكون على درجة من الجسامة ” بحيث لولاها لما أبرم الطرف الثانى للعقد ” على حد تعبير المادة 125 منه
كما يعتبر تدليسا مجرد السكوت عمدا عن واقعة أو ملابسة ” إذا ثبت أن المدلس عليه ما كان ليبرم العقد لو علم بتلك الواقعة أو هذه الملابسة ” على حد تعبير الفقرة الثانية مـن المادة المذكورة .
أما النصب – ويطلق عليه أحيانا التدليس الجنائي
فلا يمكن أن يكون مجرد أكاذيب شفوية أو مكتوبة ، ومن باب أولى مجرد كتمان أمر من الأمور ، بالغا ما بلغ قدر هذه أو تلك من الجسامة وإنما يستلزم نص المادة – لكى تدخل أكاذيب الجاني فى دائرة الاحتيال المعاقب عليه وتستوجب من ثم العقوبة الجنائية ( 1 )
أن تكون على درجة من الخطورة تتمثل فى أن تتخذ هذه الأكاذيب أحد مظاهر ثلاثة ذكرها علـى سبيل الحصر لا التمثيل وهى :
- أولا : أن تكون معززة بمظاهر خارجية أو أفعال مادية ، وهو ما يسمى بالطرق الاحتيالية .
- ثانيا : تتخذ هذه الأكاذيب نطاقا معينا هو التصرف فى مال ثابت أو منقول ليس ملكا للجاني ، ولا له حق التصرف فيه .
- ثالثا : أن تكون عبارة عن اتخاذ اسم كاذب أو صفة غير صحيحة .
وهذه هى الطرق الثلاث التى ينبغي أن يقع بإحداها فعل الاحتيال وإلا فلا جريمة وستكون كل طريقة منها موضوعا لمطلب خاص على التوالي :
الطرق الاحتيالية
يقتضى بحث الطرق الاحتيالية تعرف صورها المختلفة ثم أغراضهاوأخيرا بعض قواعد عامة عليها .
تعريف الطرق الاحتيالية
لم يضع القانون تعريفا للطرق الاحتيالية واستنادا إلى ما هو شائع فى شأنها يمكننا تعريفها بوجه عام بأنها ” كل كذب مصحوب بوقائع خارجية أو أفعال مادية يكون من شأنها توليد الاعتقاد لدى المجنى عليه بصدق هذا الكذب بما يدفعه إلى تسليم ما يراد منه تسليمه طواعية واختيارا “( 1 ) .
والمستفاد من هذا التعريف أنه يلزم ضرورة صدور كذب من الجانى أيا كان ميدانه وصورته ، والكذب هو تغيير الحقيقة أى جعل واقعة كاذبة فى صورة واقعة صحيحة ، ويكون بالقول أو بالكتابة أو بالإشارة .
ومن المتفق عليه أنه لا يكفى لقيام الطرق الاحتيالية مجرد السكوت أو كتمان أمر من الأمور فلا نصب بالترك أو بالامتناع ، فمن يخفى عن الدائن إعساره وعجزه عن رد مبلغ يطلب اقتراضه منه ، أو حتى عدم رغبته فى رده كلية لا يعد محتالا ، كذلك السكوت عن غلط واقع فيه المجنى عليه من تلقاء نفسه ، أو نتيجة نشاط شخص آخر لا تربطه بالجانى صلة ، والاستفادة من هذا الغلط باتخاذ موقف سلبى بحت لا يعد نصبا ، بل ينبغى فى جميع الأحوال أن يتخذ كذب الجانى مظهرا إيجابيا ، ولو صغير الشأن .
على أن الكذب وحده – ولو بفعل أو قول إيجابى – لا يكفى لتكوين ركن الاحتيال حتى ولو كان بالكتابة( 2 )
وحتى لو كرره صاحبه وأصر عليه وبالغ فى تأكيده( 3 )
أو أذاعه بين الناس بطرق مختلفة من الإعلان والدعاية بل يستفاد من التعريف الذى أعطيناه للنصب ضرورة أن يصطحب هذا الكذب بوقائع خارجية أو أفعال مادية أخرى ، فالنصب يتطلب نوعا من الإخراج المسرحى ، طبق للتعبير المألوف ، أى طريقة للعرض يستهدف بها الجانى الخداع والتمويه واستدراج فريسته إلى الفخ .
والأصل هو أن تكون هذه الأشياء الخارجية عبارة عن وقائع مادية أعدها الجانى مقدما ورتبها لتعزيز ادعاءاته ، وهى من الكثرة بحيث لا يمكن أن تقع تحت حصر ، وقد تساهل القضاء والفقه فى تحديدها ، وفضلا عن ذلك فقد اعتبرا من قبيل أعداد هذا الوقائع أو ترتبيها مجرد الاستعانة بشخص ثالث لتعزيز الادعاءات الكاذبة ، ثم سارا فى شوط التساهل مدى أوسع فاعتبرا مجرد حيازة الجانى صفة خاصة تميزه وتبرر تصديق ادعاءاته الكاذبة أمرا كافيا لتكوين ركن الاحتيال( 1 ) .
صور الطرق الاحتيالية
وعلى ذلك ينبغى أن تتخذ الطرق الاحتيالية – طبقا لهذا التوسع الحالى – إحدى صور ثلاث وهى :
- أولا : أعداد وقائع مادية أو مظاهر خارجية .
- ثانيا : الاستعانة بشخص ثالث .
- ثالثا : حيازة الجانى صفة خاصة تحمل على الثقة فيه .
أولا – أعداد وقائع مادية أو مظاهر خارجية
هذه الوقائع أو الأعمال المادية يلزم فيها أن تكون مستقلة عن الكذب أما إذا كانت مجرد ترديد له بصورة أو بأخرى فلا قيمة لها فإذا ادعى دجال أنه قادر على شفاء ضحيته مقابل مبلغ من المال بلمسة من يده وأعاد على مسامعه هذه الأكذوبة بطرق مختلفة ، وأخذ منه المال مقدما ، فلا يتكون ركن الاحتيال مع ذلك إنما إذا اقترن هذا القول بأعداد مكان مخصوص ، وبحركات معينة فيكفى ذلك لأن يعد احتيالا ( 1 ) .
ويميل جانب من الرأى إلى القول بأن الأفعال الخارجية التى قد يستعين بها المحتال ينبغى أن تكون مستقلة عن حركات أعضائه المختلفة التى قد تعينه على تمثيل دوره ، مثل حركات اليد أو إيماءة الرأس باعتبار أنها حركات طبيعية شائعة تلازم المحادثة
فمثلا إذا طلب المدين ورقة المخالصة من الدائن بزعم أن مبلغ الدين فى جيبه وأنه أحضره لسداده ، وأشار إلى جيبه الخالى للإيهام أن بداخله النقود ، فإن هذه الإشارة منه لا تعد احتيالا ، أما إذا وضع فى جيبه حافظة محشوة ورقا أبيض لتأييد إشارته وتعزيز رغبته فى إدخال الغفلة على الدائن ، فإن ذلك يتكون به الاحتيال .
والغالب أن تتخذ هذه الأفعال مظهرا قويا متقن الإخراج قادرا على خداع الأفراد ، فمن ينشئ مشروعا وهميا يعمد عادة إلى اختيار أسماء معينة ومقرا معروفا يزوده بالموظفين الكافين للخداع وبتليفون ، ومنقولات ، فضلا عن النشر والإعلان ، ومن يدعى أنه من أرباب الأعمال الواسعة أو أصحاب النفوذ يحسن عادة اختيار مسكنه وسيارته وملابسه وطريقة حديثة ، وكل ما قد يحمل على الثقة فى أقواله .
هل يلزم فى الطرق الاحتيالية أن تكون متقنة ؟
ذهب رأى إلى أن الاحتيال يجب أن يكون على درجة معينة من الإتقان بحيث يجوز على الرجل العادى المتوسط الذكاء ، فإذا نجحت هذه الوسائل لا بسبب إتقانها ولكن بسبب أن المجنى عليه يتمتع بقسط وافر من الغباء أو السذاجة ، فلا يتكون بها الاحتيال ، لأنه ينبغى على الإنسان أن يكون حذرا فى معاملاته الحذر المألوف ، ومتخذا الحيطة الواجبة دون إفراط فى الثقة أو فى سهولة الانقياد ، أما إذا كان غبيا أو مغفلا فالقانون الجنائى لا يحميه .
إلا أن الرأى السائد حاليا هو أنه ينبغى أن تقدر أفعال الاحتيال من وجهة نسبية تقتضى النظر إلى مقدار تأثيرها على المجنى عليه ، لا من وجهة مجردة ، فإن أفلحت فى خديعته وإيقاعه فى الغفلة فهى تعد احتيالا معاقبا عليه ، حتى لو كان من غير المتصور أن تفلح مع غيره من الناس ممن يكونون على القدر المطلوب من الحيطة والحذر( 1 )
وسند هذا الرأى أنه لو قيل بغير ذلك لما جاز عقاب الشروع فى النصب ، إذ المفروض حينئذ أن تكون الطرق الاحتيالية غير متقنة وعاجزة عن خداع المجنى عليه ، بدلالة كشفه عن حقيقتها وإحباطه إياها ، مع أنه لا نزاع فى أن هذه الأفعال كافية لتكوين الشروع المعاقب عليه .
ومن جانب آخر فإن السذج والبسطاء أجدر بحماية القانون من الماكرين الأذكياء وأحق برعايته ، أما إذا كانت الطرق الاحتيالية من السذاجة بحيث لا يمكن أن تنطلى على أحد ، فيمكن القول حينئذ بتحقق حالة استحالة مطلقة مما يرجع إلى الوسيلة المستعملة ، وهى حائل يحول دون القول بالعقاب طبقا للرأى الذى يبدو أنه لا يزل سائدا فى قضائنا بقى أن نعطى بعض أمثلة متنوعة من قضاء المحاكم فى مصر لما اعتبرته من أكاذيب مصحوبة بطرق احتيالية ثم لما اعتبرته أكاذيب مجردة لا يقوم بها الاحتيال .
أمثلة علي ما اعتبرته المحاكم طرقا احتيالية
أ) فى نطاق العلاج والشعوذة
* أن يعلن المتهم فى نشرة أنه يعالج الأمراض العصبية ويسهل الحمل ويوهم الناس بأساليب مختلفة أن صناعته معالجة المرضى ومثلها أن يضع على بابه لوحة ويرتدى ملابس بيضاء ، فإن هذه المظاهر تؤثر فى عقلية الجماهير.
* أن يوهم المتهم المجنى عليه وزوجته بقدرته على الاتصال بالجن وإمكان شفاء الزوجة من العقم ، ويحدث أصواتا مختلفة يسميها بأسماء الجن فى غرفة مظلمة يطلق فيها البخور ويقرأ التعاويذ( 2 )
ومثلها أن يزعم القدرة على استحضار الجن لقضاء الحاجيات واستخراج كنز ويستعين على إقناع المجنى عليهم بإحداث أصوات وتحريك أدوات وما إليها ، ويتوصل بذلك إلى سلب مبالغ منهم ( 1 ) .
ب ) فى نطاق التجارة والصناعة
* أن يتخذ المتهم محلا فخما ويقابل فيه المجنى عليه ويفهمه أنه من أصحاب الأملاك الواسعة ، وأنه متعهد للجيش البريطانى ويتوصل بذلك إلى الاستيلاء منه على 1144 كيسا من البصل موهما إياه بحصول ربح له أن ورد هذا القدر ( 2 ) .
* أن يصنع أقراصا من مادة أخرى خلاف المادة التى تصنع منها أقراص أسبيرين ” باير ” وأقل منها بكثير فى الأثر ويضعها فى غلافات من الصفيح عليها علامة باير ويوزعها على الجمهور ( 3 ) .
* أن يقدم إلى المجنى عليه زجاجة موهما إياه أن بداخلها خمرا فى حين أنها كانت تحوى ماء ملونا ، مع دعم هذه الأساليب بتقديم زجاجة أخرى حاملة البيانات الدالة على نوع تلك الخمر ، وتكون الواقعة فى نفس الوقت شروعا فى خداع المتعاقد معه فى حقيقة البضاعة وذاتها( 4 ) .
* أن يدعى المتهم كذبا أنه يملك عمارة بها بعض مواد البناء للبيع ويستصحب المجنى عليه لمعاينة هذه الأدوات غير المملوكة لتأييد مزاعمه
* أن يزعم المتهم كذبا وجود صفقة من النحاس والرصاص الخردة معروضة للبيع بالورشة التى يعمل بها ، ويستصحب المجنى عليه إلى تلك الورشة ويحضر عينة منها ، ويتوصل بذلك إلى الاستيلاء على مبلغ 46 جنيها منه كجزء من ثمن الصفقة ، ثم يدخل الورشة أمامه ، إلا أنه يهرب بالمبلغ ولا يعود( 5 ) .
* أن يوهم المتهم المجنى عليه بمشروع تجارى كاذب ويؤيد ادعاءه بأوراق تشهد باطلا باتجاره مع آخرين فينخدع المجنى عليه ويسلمه النقود التى يطلبها .
* أن يقدم المتهم أوراقا مزورة إلى موظفى مؤسسة مديرية التحرير تأييدا لزعمه الكاذب بتوريد أجهزة استقبال إذاعة لاسلكية للاستيلاء على قيمتها وذلك مع أن الجريمة لم تتحقق لسبب لا دخل لإرادته فيه هو فطنة هؤلاء الموظفين ، مما يعتبر شروعا فى جريمة نصب وليس جريمة مستحيلة( 1 ) .
* أن يستعين المتهم بحقيبة أورى أنها ملأى بأوراق نقدية تعادل كامل ثمن السيارة التى كان يريد شراءها ، وقد تمكن بما استعمله من طرق احتيالية من الحصول على توقيع المجنى عليه على عقد بيع السيارة أمام موثق الشهر العقارى بما تضمنه هذا العقد من أن المجنى عليه أقر بقبضه الثمن كاملا ، وبعد أن حصل المتهم على هذا العقد بهذه الصورة استمسك به قبل المجنى عليه وطالبه بتسليم السيارة ( 2 )
ج ) فى نطاق المصـادفة
* أن يقدم المتهم ورقة نقد من فئة عشرة قروش إلى رجل متقدم فى السن ضعيف البصر ، فى مكان لا يصل إليه النور ، وفى وقت قل فيه التعامل بهذا النوع من الورق ، وأن يوهمه كذبا أن قيمتها خمسون قرشا ، لأن هذه الظروف بانضمامها إلى الأقوال الكاذبة الصادرة من المتهم تكون الطرق الاحتيالية .
* وإذا كانت الواقعة هى أن المتهم تظاهر بالشراء جديا من المجنى عليها وساومها على البيع ووصل إلى تحديد ثمن معين ، ثم استعان على تأييد هذه المزاعم المكذوبة بإعطائها ورقة ذات عشرة جنيهات وكلفها بصرفها ، ثم عاد إليها وطلب منها الورقة بحجة صرفها بنفسه فانخدعت المجنى عليها وسلمته الورقة – وهى تملك فيها جنيهين – فأخذها وهرب بها ، فإن هذه الوقائع إذا ثبتت فى حق المتهم وصحت نسبتها إليه تكون قانونا جريمة النصب المنصوص عليها فى المادة 336ع .( 1 )
د ) فى نطاق التأمين
* أن يضع الجانى النار عمدا فى محل تجارة مؤمن عليه ويتوصل بذلك إلى الاستيلاء على قيمة التأمين وعلى العموم أن يصطنع أية كارثة للحصول على مبلغ التأمين .( 2 )
* أن يبالغ المؤمن فى تقدير قيمة أشياء احترقت بتقديم أوراق وهمية وإخفاء أشياء أنقذت من الحريق للحصول على ثمنها من شركة التأمين ، أو أن يقدم فواتير وهمية فحسب .
* بل واعتبر شروعا فى احتيال أن يتقدم أحد المؤمنين ببلاغ كاذب إلى البوليس يشكو عن سرقة سيارته المؤمن عليها .
هـ) فى نطاق التقاضى وإجراءات التحقيق
* أن يقيم أحد الأشخاص دعوى على آخر مستعملا وسائل احتيالية فى الإثبات للحصول على حكم بمبلغ من المال ، وبوجه خاص تقديم كمبيالة محض صورية ومعدومة السبب لتعزيز طلب حجز ما للمدين لدى الغير .( 3 )
* أن ينتحل شخصان صفة ضابط مباحث وشرطى سرى ويطلبان من المجنى عليه إبراز بطاقته الشخصية للإطلاع عليها ثم يتظاهران أن بضبط المجنى عليه ومن معه ويطلبان منهم اصطحابهم إلى قسم الشرطة ويستوليان بهذه الطريقة على نقود المجنى عليه ، فإن ذلك تتوافر به عناصر جريمة النصب ، بالإضافة إلى أن هذه الأفعال والمظاهر تتحقق بها أيضا جريمة التداخل فى الوظيفة العامة المنصوص عليها فى المادة 155ع ، وذلك مع مراعاة ما سيرد فيما بعد من أن مجرد الاستعانة بشخص ثالث يتوافر به عنصر الاحتيال ، وكذلك مجرد انتحال صفة كاذبة
و ) فى نطاق السداد والتخالص
* أن يقوم المتهم بإيهام المجنى عليه بوجود سند دين غير صحيح بأن يقدم له سندا مزورا بدلا من سند صحيح كان يداينه به وبنفس قيمة السند فينخدع المجنى عليه ويسلمه مبلغ الدين بناء على ذلك ، فإن ذلك مما يتحقق به ركن الاحتيال فى جريمة النصب ( 1 ) .
* أن يوهم المدين دائنه برغبته فى سداد الدين ويدفع تأييدا لمزاعمه جزءا منه ويوقع على سندات بما يوازى قيمة باقى الدين ، وذلك بقصد الحصول على مخالصة بكل الدين وبالتنازل عن الحجز الذى كان الدائن قد أوقعه عليه
حتى إذا تم له ما أراد تحت تأثير الحيلة أخذ صورة فوتوغرافية لهذه المخالصة ليتمسك بها عندما تحين الفرصة التى يعد لها ما اتخذه ليحصل على المخالصة ، فإن هذا يكفى بذاته لأن يعتبر من الأعمال المادية المؤيدة لمزاعمه مما تتوافر به الطرق الاحتيالية . ( 2 )
ما لم تعتبره المحاكم طرقا احتيالية
أما فى الأمثلة الآتية فقد رأى القضاء أن أكاذيب المتهمين كانت عارية لم تتأيد بوقائع مادية أو بمظاهر خارجية من صنعهم ، أى لم يتوافر لها عنصر الإخراج ، فهى لا تعد احتيالا :
* أن يزعم شخص بأنه سيبيع آخر سلعة ما ويتسلم الثمن مقدما ، ولا تكون عنده هذه السلعة ثم ينكر تسلمه الثمن .( 3 )
* أن يبيع بائع متجول تذاكر ملاهى قديمة على أنها صالحة للاستعمال ولا تكون كذلك .
* أن يستولى المتهم على مبلغ أوهم المجنى عليه كذبا أنه سيدفعه رشوة إلى موظف عمومى لتأدية عمل ما .( 1 )
* أن يوهم المتهمان المجنى عليها باحتمال مهاجمة اللصوص إياها وسلب أموالها ، حتى لو استعانا فى ذلك بذكر حادث معين من حوادث السرقة التى وقعت فى تلك الجهة . ( 2 )
* أن يقوم المتهم بتحسين الدخول فى مضاربات القطن للمجنى عليه وإرشاده فيها بما عرف عنه من معرفة بعلم اليازرجة وبشرط مقاسمته فى الأرباح بقدر الثلث( 3 )
* أن ينوى المتهم الزواج من ابنة المجنى عليه ويوهم والد الزوجة بأنه فى حاجة إلى مبلغ مائة جنيه لأعداد منزل الزوجية ، ولما يستولى عليه يطلق زوجته بعد الزواج .( 4)
وفى هذا الموضوع يعتبر الرأى السائد أن التوصل إلى الزواج من امرأة لا يعد نصبا ولو كان بقصد الاستيلاء على مالها ، مادام الزواج مقصودا لذاته ، أما إذا كان الزواج أمرا غير مقصود لذاته ، بل كان مجرد وسيلة لسلب ثروة الزوجة فإنه يكون نصبا وسيلته الإيهام بمشروع كاذب .
ثانيا : الاستعانة بشخص ثالث
استعانة الجانى بشخص ثالث لتأييد ادعاءاته الكاذبة أمر كثيرا ما يعمد إليه المحتالون لأن من شأنه أن يضفى على هذه الادعاءات مظهرا جديا ، ومن ثم يسهل وقوع الفريسة فى الشرك المنصوب ، لذا أصبح من المتفق عليه أن هذه الاستعانة تعد كافية للقول بتوافر الطرق الاحتيالية ، ولو لم تصطحب بأى نشاط آخر من المحتال .
وينبغى فى جميع الأحوال أن يكون المحتال هو الذى رتب تداخل هذا الشخص الثالث لتأييد مزاعمه الباطلة ، أما إذا تدخل هذا الأخير من تلقاء نفسه بدافع من الفضول أو بمحص الصدفة ، وأيد المحتال فى كل مزاعمه أو بعضها ، فلا يكون ركن الطرق الاحتيالية قد استقام بعد ،
ويستوى أن يكون هذا الشخص الثالث متواطئا مع المحتال أى سئ النية يعلم الأمر على حقيقته ، أم أن يكون هو الآخر مخدوعا لا يعلم من حقيقة الأمر شيئا ، كأن يكون المحتال قد استشهد به على صحة واقعة صحيحة استغلها فى الإيهام بأخرى كاذبة ، فأيده المتدخل عن حسن نية غير عالم بالهدف الذى يرمى إليه المحتال .
وينبغى ألا يكون الشخص الثالث مجرد وكيل أو نائب عن المحتال يردد أقواله على لسانه دون أن يعززها بأقوال جديدة من عنده أو بأفعال أخرى كما ينبغى كذلك ألا يكون وكيلا أو نائبا عن المجنى عليه غير عالم بحقيقة الأمر لأنه لا يعدو أن يكون حينئذ مجرد آلة أو وسيط فى نقل أكاذيب الجانى إلى المجنى عليه .
وقد حكم بأن الطرق الاحتيالية تعد متوافرة ، نتيجة استعانة الجانى بشخص ثالث يؤيد مزاعمه عند المجنى عليه ، فى الأحوال الآتية :
أن يدعى شخص كذبا بأن ورقة بنكنوت وجدت فى الطريق مملوكة له ، ويستعين بآخر يصادفه على هذا القول ( 1 ) .
أن يتقدم شخص للكشف على ورقة يانصيب ربحت 200 جنيه ، فيفهمه البائع أنها ربحت ثمانين قرشا فقط ، وكان بجوار البائع شخص آخر استعان به فتظاهر بالنظر إلى كشف النمر الرابحة ثم أيد البائع فى مدعاه فدفع هذا الأخير مبلغ 75 قرشا لصاحب الورقة وأخذها منه ( 2 ) .
أن يؤيد المتهمان فى النصب كل منهما الآخر فى قدرته على رد أشياء مسروقة من المجنى عليه فى مقابل مبلغ من المال ، وبداهة تكون الواقعة حينئذ نصبا بالنسبة لهما معا( 3 ) .
أما إذا ادعى شخص القدرة على رد أشياء مسروقة كذبا وحصل بذلك على مبلغ من المال دون أن يتجاوز هذا الحد فى أكاذيبه فالواقعة لا تعد احتيالا بل مجرد كذب عادى ( 1) .
أن يقدم شخصان حلية زائفة لرهنها لدى المجنى عليه على اعتبار أنها ذهبية ويؤيد كل منهما الآخر فى إيهام المجنى عليه بذلك( 2)
ومثلها أن يرهن المتهم تمثالا من النحاس على أنه من الذهب ويحصل على مبلغ أعلى من قيمته بكثير ، ويكون ذلك بتأييد شخص آخر أيده فى هذه الخدعة ( 3 )
أما إذا كان الأمر لم يتجاوز عرضا من المتهم الراهن وقبولا من الدائن المرتهن ، دون تدخل شخص آخر ، فالواقعة لا تعد احتيالا بل تدليسا مدنيا .
أن تقوم زوجة بتأييد مزاعم زوجها المحتال لإدخال الغفلة على المجنى عليه وإيهامه بأن فى قدرة زوجها معالجته بواسطة الجان بما دفعه إلى أن يدفع المبلغ المطلوب لزوجها ، وفى هذه الحالة تعتبر الزوجة فاعلة أصلية فى النصب مثل زوجها تماما( 4 ).
أن يقوم شخص بتأييد مزاعم صديق له لإدخال الغفلة على المجنى عليه وإيهامه كذبا بوجود جهاز تسجيل يراد بيعه له واستلام خمسين جنيها ثمنا لهذا الجهاز( 5 ) .
أن يسئ موظف استعمال وظيفته ، خصوصا إذا استعان بشخص آخر على تأييد أقواله وادعاءاته المكذوبة ، وتدخل هذا الأخير لتدعيم مزاعمه يعتبر من قبيل الأعمال الخارجية التى تساعد على حمل المجنى عليه على تصديق تلك الادعاءات ، وبهذه الأعمال الخارجية يرقى الكذب إلى مرتبه الطرق الاحتيالية الواجب تحققها فى جريمة النصب( 1 ) .
الاستعانة بأوراق منسوبة إلى شخص ثالث
يعتبر فى حكم الاستعانة بشخص ثالث استناد المحتال إلى محرر مزور مسند إلى الغير كخطاب أو برقية ، مثل محتال أوهم المجنى عليه بأن من سلطته تعيينه بوظيفة فى أحد البنوك وأيد ادعاءه بأوراق مصطنعة نسبها إلى مدير البنك تخوله أن يعين الموظفين فيه ( 2 )
ومثل تقديم سند مزور إلى الحارس المعين على أشياء محجوز عليها لأخذها منه( 3 )
ومثل تقديم إيصال مزور على شخص معين إلى موظف بشركة والاستيلاء بذلك على الجبن المودع بالشركة لحسـاب المجنى عليه( 4 )
وقضى بذلك فى فرنسا فى قضية متهم تقديم بأوراق تقرر كذبا أن أولادا يعيشون فى كنفه ليتمكن من قبض علاوات على ماهيته .
ويستوى أن يكون هذا الغير المسند إليه المحرر شخصا حقيقيا أم وهميا من نسج الخيال ، وقد قضى بذلك فى قضية متهم اصطنع سند دين على مدين موهوم وقدمه إلى المجنى عليه لاقتناعه بإقراضه مبلغا من المال ( 5 )
كما قضى به فى قضية آخر محتال حرر عريضة فى حق المجنى عليه ، عليها ختم شخص لا وجود له ، وأوهمه أن ذلك الشخص كلفه بكتابتها لإرسالها إلى نائب ملك بريطانيا العظمى ، ولكنه امتنع عن إعطائها إلى صاحبها حتى لا يرسلها إلى الجهة المختصة فتوصل لذلك إلى الاستيلاء على مبلغ مائتى قرش من المجنى عليه ( 6 )
أما استناد المحتال إلى محرر صادر منه هو إلى شخص ثالث فلا يعد كافيا ، لأنه لا يكون له من قيمة فى الإقناع أكثر مما لأكاذيبه الشفوية .
ثالثاً : حيازة الجانى صفة خاصة تحمل على الثقة فيه
تتساهل المحاكم فى تقدير الطرق الاحتيالية تساهلا كبيرا إذا كان الجانى يتمتع بصفة خاصة تحمل المجنى عليه على الثقة به وتصديق أكاذيبه ، ولو كانت شفوية مجردة عن أى نشاط آخر ، لأن هذه الصفة الخاصة تعد فى حد ذاتها بمثابة المظهر الخارجى الذى من شأنه أن يعزز مزاعم الجانى ويخرجها عن دائرة الكذب البسيط .
والمفروض فى هذه الصفة الخاصة أن تكون حقيقته ليست منتحلة ، وفى ذلك تختلف هذه الطريقة عن النصب باتخاذ صفة غير صحيحة ، وهى ترجع فى غالب الأحوال إلى نوع العمل الذى يباشره الجانى واتصاله بطبيعته بالميدان الذى اختاره لأكاذيبه ، بما يبرر سهولة تصديقها ويجعل اكتشاف حقيقتها أمرا صعب المنال .
ومن ذلك ما قضى به من أنه يعد نصبا بهذه الطريقة :
أن يرهن المتهم مصاغا زائفا لدى المجنى عليه بعد إيهامه أنه مصاغ حقيقى فإن هذه الواقعة وحدها لا تعد نصبا كما قلنا ، إلا أن المحكمة اعتبرتها كذلك عندما لاحظت أن المتهم من أقارب زوجة المجنى عليه ، وسبق أن ارتهن عنده مصاغا آخر واسترده بعد دفع الدين ، فهذه القرابة يمكن أن تعد هنا من قبيل الصفة الخاصة التى حملت المجنى عليه على الثقة فى الجانى ، فدعت بذلك إلى القول بتوافر النصب
أن يستولى رجل دين على مبلغ من المال من سيدة بعد إيهامها بأن فى مقدوره أن يصلحها مع زوجها بطريق السحر ، وكانت صفة المتهم الدينية هى التى حملتها على تصديقه ( 1 ) .
أن يستولى رجل بوليس على مبلغ بعد تنفيذ حكم شرعى ، وبطريق الادعاء بأنه رسم تنفيذ ذلك الحكم ، وأن يستولى ممرض مستشفى على مبلغ من شقيقة أحد المرضى على زعم أنه ثمن دواء اشتراه لشقيقها المريض ( 1 ) .
أن يستولى مأمور ضرائب عقارية على مبلغ من المال من المجنى عليهما بحجة أنه رسم زعم كذبا أنه لدفع غرامة فرضت عليهما لتأخرهما فى الأخطار عن مبان مستجدة قاما بإنشائها وبعد تحصيله وقع منهما على الدفتر الذى يحمله ثم استولى على المبلغ لنفسه . ( 2 )
أغراض الطرق الاحتيالية
حددت المادة 336 أغراض الطرق الاحتيالية بقولها :
إن النصب يكون باستعمال طرق احتيالية ” من شأنها إيهام الناس بوجود مشروع كاذب أو واقعة مزورة ، أو إحداث الأمل بحصول ربح وهمى ، أو تسديد المبلغ الذى أخذ بطريق الاحتيال ، أو إيهامهم بوجود سند دين غير صحيح أو سند مخالصة مزور ” ويقصد بالإيهام بأمر : إيقاع الشخص فى غلط وحمله على تكوين اعتقاد مخالف للواقع بوجود هذا الأمر وبمعنى أخر نشوء عقيدة وهمية لدى المجنى عليه بصحة ادعاءات الجانى المخالف للحقيقة( 3 )
وهذه الأغراض واردة على سبيل الحصر لا المثال ولو أن العبارات التى استعملتها مرنة تتسع لكل الأهداف التى يهدف إليها المحتالون من أكاذيبهم وهى تحتاج إلى بعض الإيضاح( 4 ) .
أولا : الإيهام بوجود مشروع كاذب
وهو ينصرف إلى الإيهام بوجود عمل يتطلب اشتراك جملة أشخاص لإنجازه ، أو هو ” كل تصميم يوضع موضع التنفيذ “( 5 )
ومن ذلك الإيهام بوجود شركة صناعية أو تجارية أو زراعية أو جمعية أو نقابة ، أو جهة بر كاذبة ، أو بإقامة حفلة أو استغلال اختراع موهوم ، أو بإنشاء مكان للعبادة أو ملجأ أو باعتزام تنظيم رحلة ، أو جمع اكتتاب لجريدة وهمية أو توقفت عن الصدور .
ثانيا : الإيهام بوجود واقعة مزورة
وعبارة القانون المصرى واسعة المدى ، بل هى بالغة المرونة وتتسع لكل صور الكذب ، أى تغيير الحقيقة ، فالواقعة المزورة هى كل حادثة تذكر على غير حقيقتها ، وهى بهذا المعنى تتسع حتما لكل أغراض الطرق الاحتيالية الأخرى التى أشارت إليها المادة 336 وتغنى عنها ، كما يتسع التزوير المعنوى بجعل واقعة مزورة فى صورة واقعة صحيحة لكل طرقه الأخرى .
ثالثا : إحداث الأمل بحصول ربح وهمى
وهو ينصرف إلى إيهام المجنى عليه بأنه سيحقق ربحا ماديا وقد جرى الرأى على أنه ينصرف أيضا إلى قضاء أية مصلحة ولو لم يكن لها عنده سوى قيمة أدبية فحسب كتعيينه فى وظيفة لا يتقاضى عنها راتبا ، أو استخراج رخصة حمل سلاح ، أو إلحاقه بمدرسة .. الخ .
وبطبيعة الحال أنه وإن كانت الطرق الاحتيالية تعد من وسائل النصب إلا أنه يجب لتحقق جريمة النصب بهذه الوسيلة أن يكون من شأنها الإيهام بوجود مشروع كاذب ، أو واقعة مزورة ، أو إحداث الأمل بحصول ربح وهمى أمر غير ذلك من الأمور المبينة على سبيل الحصر فى المادة 336 عقوبات ، فإذا استخلصت محكمة الموضوع من الوقائع – فى حدود سلطتها وبأسباب سائغة – أن المشروع الذى عرضه المتهم على المجنى عليه مشروع حقيقي جدى فإن أركان جريمة النصب تكون غير متوافرة (1)
رابعا : إحداث الأمل بتسديد المبلغ الذى أخذ بطريق الاحتيال
الشائع فى الفقه هو أن المادة قد استعملت عبارة تسديد المبلغ بمدلول شامل يشير إلى الإيهام بإرجاع الشيء المستولى عليه بوجه عام سواء أكان مبلغا من النقود أم أية سلعة من السلع ، إلا أنه كان من الواجب التعبير عن هذا الغرض بعبارة إحداث الأمل بإعادة الشئ الذى أخذ بطريق الاحتيال
إذ يستوى أن يقترض الجاني – نتيجة طرق احتيالية – نقودا وهو لا ينوى ردها ، أو أن يرهن مقابل الدين سلعة تافهة الثمن بعد أن يقنع الدائن بطرق احتيالية أنها ذات قيمة كبيرة ، أو أن يقنع المجنى عليه بطرق احتيالية بتأجير دراجة أو سيارة له ليستولى عليها لنفسه بعد أن يتسلمها منه ، أو فى الجملة أن يباشر طرقه الاحتيالية بحجة تسلم أى منقول بمقتضى أحد عقود الأمانة ، وإذا كان هذا العقد من تلك الواردة فى المادة 341 ع فاستولى الجاني على المنقول كانت الواقعة نصبا ، وفى نفس الوقت خيانة أمانة .
والفرق بين النصب وخيانة الأمانة فى هذا النطاق هو
أن تسلم المال فى خيانة الأمانة يكون دائما بناء على عقد من عقود الأمانة ناقل الحيازة المؤقتة ، ويستوى بعدئذ أن يكون هذا العقد سليما غير مشوب بأكاذيب أم أن يجئ نتيجة تدليس أم احتيال ، أما النصب فهو يتطلب دائما الاستيلاء على مال ، وأن يجئ تسليم المال بناء على احتيال ، ويستوى بعدئذ أن يكون التسليم بعقد ناقل الحيازة المؤقتة كالوديعة ، أم الحيازة التامة كالقرض ، أم حتى بدون عقد ولمجرد تمكين اليد العارضة .
خامسا : الإيهام بوجود سند غير صحيح أو سند مخالصة مزور
يتضمن ذلك كل ما يكون من شأنه حمل المجنى عليه على الاعتقاد بوجود التزام أو تخالص غير صحيحين ، ويستوى أن يكونا ثابتين بالكتابة أم لا ، وأيا كان نوعهما ، وسواء أكانت تنطبق عليهما نصوص التزوير أم لا تنطبق ، ومن ذلك
- أن يقدم الجاني إلى المجنى عليه سند مديونية مزورا أو لا يتضمن كل قيمة الدين
- أو أن يقدم فاتورة مزورة
- أو أن يقدم الدائن سند تخالص عن دين آخر أو غير موقع عليه منه
ولذا حكم بأنه متى قام المتهم بإيهام المجنى عليه بوجود سند دين غير صحيح ، بأن قدم له سندا مزورا بدلا من سند صحيح كان يداينه به وبنفس قيمة السند فانخدع المجنى عليه وسلمه مبلغ الدين بناء على ذلك ، فإن هذا مما يتحقق به ركن الاحتيال فى جريمة النصب ( 1 ) .
قواعد عامة على الطرق الاحتيالية
تداخل الطرق الاحتيالية فيما بينها وبين أغراضها
قد تتداخل طرق الاحتيال فيما بينها ، كما قد تتداخل أيضا فيما بينها وبين أغراضها ، تداخلا يحول غالبا دون إمكان وضع حدود فاصلة بين ما يعد وسيلة الاحتيال وما ينبغي أن يعد الغرض منه ، فوسيلة الاحتيال تتطلب الكذب أى الإيهام بصحة واقعة مزورة ، وهذه الأخيرة قد تكون وسيلة للإيهام بوجود مشروع كاذب والمشروع الكاذب قد يكون وسيلة لإحداث الأمل بحصول ربح وهمى وهذا بدوره يتضمن إحداث الأمل بتسديد المبلغ الذى أخذ بطريق الاحتيال وهكذا .
كما تتداخل أغراض الطرق الاحتيالية تداخلا يحول دون الفصل فيما ببينها ، فمثلا الإيهام بواقعة مزورة يتضمن بداهة الإيهام بوجود سند دين غير صحيح أو سند مخالصة مزور ، بل يتضمن فى الواقع جميع غايات الاحتيال الأخرى كما قلنا ، وإحداث الأمل بحصول ربح وهمى يتضمن بالضرورة إحداث الأمل بتسديد المبلغ الذى أخذ بطريق الاحتيال وهلم جرا .
ولا يترتب على هذا التداخل فى جانبيه معا صعوبة ما ، إذ أن كل ما يتطلبه القانون هو وقوع طرق احتيالية بأية صورة من الصور ، ولو لتحقيق غرض واحد من الأغراض الآنفة الذكر ، وهى من الشمول والاتساع بحيث تشمل كل الغايات التى يصور المحتالون لضحاياهم إمكان تحقيقها ومن ثم كان فعل الاحتيال نفسه – دون الغرض منه – هو الذى يمثل حجر الزاوية فى بنيان الركن المادي للجريمة ، والعنصر المميز لها عن غيرها من الجرائم ، وعن التدليس المدني .
ولذا نرى أن ورود غايات الطرق الاحتيالية على هذا النحو لا يحقق فائدة تذكر ، وبوجه خاص بعد إذ نص شارعنا على الإيهام بواقعة مزورة بين غايات الطرق الاحتيالية الأخرى ، فهو لا يتضمن تحديدا معينا لنطاق الاحتيال غير ما تنطوي عليه الطرق الاحتيالية بطبيعتها من ضرورة الكذب أي الإيهام بوجود واقعة مزورة إلى جانب عملية الإخراج والعرض .( 1 )
لا يشترط فى الطرق الاحتيالية أن تكون بأمور محض وهمية :
القاعدة فى شأن الطرق الاحتيالية بوجه عام أنه لا يشترط فيها أن تكون كلها بأمور محض وهمية ، بل يتحقق بها الاحتيال ولو كان فيها قدر من الصحة ، طالما كان الكذب والإيهام عنصر واضح فيها ، أما مجرد المبالغة العادية فى وصف أهمية مشروع حقيقي ، أو فى تقدير إمكانيات نجاحه تشجيعا للأفراد على الإقبال عليه والمساهمة فيه فأمور تعد من قبيل الدعاية المشروعة
طالما كان ذلك فى الحدود المألوفة التى لا تصل إلى حد اختلاق وقائع ، أو افتراض أرقام خيالية ، أو الاستعانة بأسماء معينة على خلاف الواقع ، وتقدير ذلك من الأمور الموضوعية التى قد تساعد قرائن الأحوال المختلفة والظروف الحقيقية المحيطة بالمشروع على تبين حقيقة الأمر فيها
ويتحقق النصب على الأرجح ولو كانت المعلومات التى ذكرها الجاني حقيقية ، أو لو كان يملك تنفيذ ما ذهب إليه مادامت إرادته قد انصرفت إلى الاستيلاء على ما يطلبه لنفسه دون تنفيذ وعده فى حصول الربح أو قضاء المصلحة التى يبتغيها المجنى عليه ، فالمادة صريحة فى أن مجرد إحداث الأمل بحصول ربح وهمى يعد غاية كافية بذاتها فى تحقيق معنى الاحتيال ، أما موطن الكذب فهو فى إيهام المجنى عليه برغبة تحقيق هذه المصلحة كذبا .
هوامش الأحكام والمراجع في البحث
- ( 1 ) جرائم الاعتداء الأشخاص والأموال د / رؤوف عبيد ص446 .
- ( 2 ) نقض 1/3/1921 س 2 صـ467 و 29/3/1921 مج س 23 ص18.
- ( 3 ) نقض 24/4/1944 القواعد القانونية ج 6 رقم 339 ص463.
- ( 1 ) النظرية العامة للطرق الاحتيالية د / فادية يحيى أبو شهبة
- ( 1 ) جرائم الاعتداء على الأشخاص والأموال د / رؤوف عبيد
- ( 1 ) قانون العقوبات د/ أحمد أمين ، جرائم الأموال د / مصطفى القللى ، الوسيط فى شرح قانون العقوبات د / أحمد فتحي سرور ، قانون العقوبات د / عبد الفتاح مصطفى الصيفي
- ( 2 ) نقض 1/12/1952 أحكام النقض س 4 رقم 69 ص174 .
- ( 1 ) 13/4/1942 القواعد القانونية ج 5 رقم 318 ص643 .
- ( 2 ) نقض 17/3/1917 الشرائع س 4 ص414 .
- ( 3 ) نقض 29/3/1937 القواعد القانونية ج 3 رقم 256 ص340 .
- ( 4 ) راجع نقض 8/1/1952 رقم 1167 س 21 ق .
- ( 5 ) راجع نقض 27/10/1952 رقم 514 س 22 ق
- ( 1 ) نقض 29/3/1965 أحكام النقض س 16 رقم 66 صـ308
- ( 2 ) نقض 29/5/1972 أحكام النقض س 23 رقم 192 صـ848
- ( 1 ) نقض 19/1/1960 أحكام النقض س 11 رقم 17 صـ95 .
- ( 2 ) نقض فى 6/4/1937 رقم 907 س 7 ق .
- ( 3 ) نقض 14/2/1974 أحكام النقض س 25 رقم 41 صـ187.
- ( 1 ) نقض 21/5/1956 أحكام النقض س 7 رقم 211 صـ752 .
- ( 2 ) نقض 10/6/1958 أحكام النقض س 9 رقم 165 صـ651 .
- ( 3 ) نقض 28/3/1921 المحاماة س 2 صـ1 .
- ( 1 ) نقض 12/3/1931 القواعد القانونية ج 2 رقم 200 صـ259 .
- ( 2 ) نقض 17/6/1946 القواعد القانونية ج 7 رقم 194 صـ179 .
- ( 3 ) نقض 25/2/1907 مج س 8 صـ109 .
- ( 4 ) نقض 13/12/1937 ملحق القانون والاقتصاد س 1938 عدد 5 رقم 24 صـ48 .
- ( 1 ) نقض 6/2/1923 المحاماة س 3 عدد 196 صـ363 .
- ( 2 ) نقض 26/4/1937 القواعد القانونية ج 4 رقم 76 صـ69 .
- ( 3 ) نقض 14/3/1938 القواعد القانونية ج 4 رقم 174 صـ159
- ( 1 ) نقض 6/6/1914 مج س 16 ص 5 و 14/11/1929 رقم 2427 س 46 ق
- ( 2 ) نقض 30/4/1948 القواعد القانونية ج 7 رقم 581 صـ547
- ( 3 ) نقض 27/11/1950 أحكام النقض س 2 رقم 82 صـ211
- ( 4 ) نقض 7/5/1962 أحكام النقض س 13 رقم 112 صـ443
- ( 5 ) نقض 18/12/1967 أحكام النقض س 18 رقم 271 صـ1273
- ( 1 ) نقض 20/6/1971 أحكام النقض س 22 رقم 118 صـ481
- ( 2 ) نقض 4/12/1939 القواعد القانونية ج 5 رقم 23 صـ29
- ( 3 ) نقض 25/1/1937 القواعد القانونية ج 4 رقم 37 صـ34
- ( 4 ) نقض 30/12/1968 أحكام النقض س 19 رقم 233 صـ1137
- ( 5 ) نقض 22/5/1932 مج س 33 رقم 182 صـ352
- ( 6 ) نقض 8/1/1917 الشرائع س 4 صـ266
- ( 1 ) نقض 7/12/1925 المحاماة س 6 رقم 77 صـ108
- ( 1 ) نقض 15/10/1945 القواعد القانونية ج 6 رقم 615 صـ765
- ( 2 ) نقض 12/1/1970 أحكام النقض س 21 رقم 22 صـ88
- ( 3 ) جرائم الاعتداء على الأموال د/ عيد الغريب ـ صـ 213
- ( 4 ) جرائم الاعتداء على الأشخاص د / رؤوف عبيد
- ( 5 ) جارسون فقرة 49 ، 50
- (1) نقض 26/6/1972 أحكام النقض س 23 رقم 213 صـ953
- ( 1 ) نقض 21/5/1956 أحكام النقض س 7 رقم 211 صـ752
- ( 1 ) جرائم الاعتداء على الأشخاص د / رؤوف عبيد