التكييف لعقد الالتزام قانونا
التكييف القانونى للعقد المرفقي
محتويات المقال
كان الرأى السائد طوال القرن التاسع عشر فى فرنسا وفى مصر أن عقد الإلتزام و عقد مدنى contract civil يخضع للقواعد المدينة المقررة فى العقود ، وأهم هذه القواعد أن العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين
( مادة 147 مدنى )
والشروط التى لا يجوز نقضها ولا تعديلها هى الشروط الواردة فى عقد الالتزام وفى دفتر الشروط cahier de chargesالملحق به ولما كانت هذه الشروط تقرر عادة كيفية تنظيم المرفق وطرق تسييره وإدارته واستغلاله والأسعار التى يتقاضاها الملتزم من عملاء المرفق والضمانات التى تكفل مصالح هؤلاء العملاء
فإن أكثر هذه الشروط كما نرى تتعلق بحقوق الغير سواء كانوا هم العملاء أو كانوا الموظفين الذين يستخدمهم الملتزم فى إدارة المرفق واستغلاله لذلك حاولت هذه النظرية التقليدية أن تعلل كيف يتأثر هؤلاء الغير بعقد لم يكونوا طرفا فيه ويكسبون منه حقوقاً على الوجه المتقدم الذكر
وقد فسرت ذلك بأنه اشتراط لمصلحة الغير فتكون السلطة الإدارية هى المشترط والملتزم هو المتعهد والعملاء والموظفون هم المنتفعون وقد كسبوا من عقد الإلتزام هذا حقا مباشراً يستطيعون أن يتمسكوا به قبل الملتزم وبقبولهم التعاقد معه على أساس عقد الالتزام يكونون قد قبلوا هذا الحق فأصبح غير قابل للنقض طبقا للقواعد المقررة فى الاشتراط لمصلحة الغير وقد بقيت هذه النظرية التقليدية سائدة كما قدمنا طوال القرن التاسع عشر
وكانت نظرية المرافق العامة لا تزال ناشئة وما لبثت عيوب هذه النظرية أن تبدت وأهم هذه العيوب أنها تجعل عقد الإلتزام جامداً لا يتطور ولا يستطيع السلطة الإدارية أن تعدل شروط تنظيم المرفق وتسيره ولا الأسعار المقررة إلا برضاء الملتزم فهى تولى الملتزم حماية تتعارض مع طبيعة المرفق العام ومقتضياته وما يجب للإدارة من سلطة تستطيع بموجبها أن تساير بالمرفق ما يقتضيه التطور فتعدل بمحض سلطاتها دون حاجة إلى رضاء الملتزم
نظم المرفق وأسعاره على الوجه الذى يقتضيه المصلحة العامة ومن ثم نشأت نظرية أخرى ، انتشرت بوجه خاص فى ألمانيا وإيطاليا ، تذهب على أن عقد الالتزام إنما هو تصرف قانونى من جانب أحد هو جانب السلطة الإدارية فهى التى وضعت شروط الالتزام ونظم المرفق وقررت الأسعار ولم يفعل الملتزم إلا أن يقبل الخضوع لإرادة السلطة الإدارية وترتب النظرية على ذلك أن السلطة الإدارية تستطيع بمحض سلطاتها أن تعدل من شروط الالتزام ونظام المرفق والأسعار المقررة
إذا أن هذا كله هى التى وضعته بإرادتها المنفردة فتستطيع أن تعدله بإرادتها المنفردة كذلك دون حاجة إلى رضاء الملتزم وعيب هذه النظرية أنها تغفل بتاتاً إدارة الملتزم مع أن هذه الإدارة تلعب دوراً أساسياً فى تكوين عقد الالتزام ولولاها لما تكون هذا العقد
ثم أنها تطلق يد الإدارة فى عقد الالتزام بجميع مشتملاته حتى فيما يتعلق منه بالحقوق الشخصية التى يكسبها الملتزم من هذا العقد فتستطيع الإدارة بسلطاتها المطلق أن تعدل فى هذه الحقوق
وأن تنتقص منها كما تشاء دون أن يكون للملتزم رأى فى ذلك وبالقدر اذلى قيدت به النظرية التقليدية يد الإدارة وغلتها عن أن تعدل شروط عقد الالتزام حتى ما كان منها متعلقاً بنظم تسيير المرفق أطلقت نظرية التصرف القانونى من جانب واحد يد الإدارة وبسطت سلطاتها فى تعديل شروط عقد الإلتزام حتى ما كان منها متعلقاً بالحقوق الشخصية للملتزم
وقد نبذ فى الوقت الحاضر كل من النظريتين وقامت نظرية حديثة – قال بها ديجيه وجز وفالين من كبار رجال الفقه الإدارى فى فرنسا – تذهب إلى أن عقد الالتزام ليس من جهة عقد مدنيا ولا هو من جهة أخرى تصرف قانونى من جانب واحد بل هو عقد إدارى فعقد الالتزام إذن بالرغم من أنه عقد يتكون من توافق إرادتين إرادة السلطة الإدارية واردة الملتزم
إلا أنه لا يخضع فى جميع مشتملاته لقواعد القانون المدنى بل يخضع للقانون الإدارى فى نواحيه المتعلق بتنظيم المرفق وإداراته وأسعاره المقررة ، وهذه النظرية الحديثة هى النظرية التى أراد التقنين المدنى المصرى أن يأخذ بها
ونرى أثر ذلك واضحا فى المشروع التمهيدى لهذا التقنين فقد كانت المادة 906 من هذا المشروع تنص على أن
- التزام المرافق العامة عقد إدارى
- ويكون هذا العقد الإدارى هو المهيمن على ما يبرمه المقاول مع عملائه من عقود
فيوجب على الملتزم أن يؤدى الخدمات التى يتكون منها هذا المرفق إلى العملاء الحاليين ومن يستجد منهم لقاء ما يدفعونه من جعل تحدده قائمة الأسعار التى تقررها جهة الإدارة
وفى لجنة المراجعة أغفل وصف العد بأنه ” إدارى ” دون أن يذكر سبب ذلك .
مجموعة الأعمال التحضيرية ج 5 ص 71 – 72
وقد قضت محكمة الإسكندرية المختلطة بأن
العقد ما بين الإدارة والملتزم ليس عقداً مدنياً ، بل هو عقد من نوع خاص
الإسكندرية المختلطة 17 نوفمبر سنة 1944 مادة 57 ص 10
وعلى هذا الحكم سار القضاء فيما بعد حتى فتبين بالقانون رقم 129 لسنة 1947 فى شأن التزامات المرافق العامة والمعدل بالقوانين 497 لسنة 1954 و185 لسنة 1958 فأصبح للالتزام طابع مزدوج فهو من أساليب دارة المرافق العامة وفى نفس الوقت مشروع فردى خاص .
وينشئ الالتزام نوعين من الأحكام :
1- أحكام تنظيمية وبحكمها القانون الإدارى وبموجبها يكون للإدارة رقابة الملتزم فى إدارته للمرفق وتقرير أسعار موحدة يتقاضاها الملتزم من العملاء والحق فى استرداد المرفق قبل انقضاء مدته
ويجب على الإدارة وهى تستعمل هذا الحق أن تتوخى المصلحة العامة فلا تتعسف فى استعماله أو تخرج بالمرفق عن الغرض الذى أنشئ من أجله وأنه إذا ترتب على ذلك أن احتل التوازن المالى للمرفق التزمت بإعادة التوازن بتعويض الملتزم عما لحقه من خسارة .
2- أحكام تعاقدية تخضع لأحكام القانون المدنى فلا يجوز تعديلها إلا باتفاق المتعاقدين كالأحكام المتعلقة بالحقوق والالتزامات الشخصية للملتزم والمتعلقة بمدة الالتزام وبشروط استرداد المرفق ومقدار ما تدفعه الإدارة من تعويض بسبب الاسترداد – دون الحق فى الاسترداد – وكذلك بالالتزامات المالية المتقابلة كالالتزام بمنح اعانة للملتزم أو بضمان مقدار معين من الربح وكالتزام الملتزم بدفع مبلغ لمانح الالتزام
المستشار أنور طلبه – شرح القانون المدني – ص 511
وقد قضت محكمة النقض بأن
ومن حيث إن المسلم به فقها وقضاء أن شروط عقد التزام المرفق العام تنقسم إلى نوعين :
- شروط لائحية
- شروط تعاقدية
والشروط اللائحية فقط هى التى يملك مانح الالتزام تعديلها بإرادته المنفردة فى أى وقت وفقا لمقتضيات المصلحة العامة دون أن يتوقف ذلك على قبول الملتزم والمسلم به أن التعريفة أو خطوط السير وما يتعلق بهما من الشروط اللائحية القابلة للتعديل بإرادة مانح الإلتزام المنفردة
غير أنه
وأن كان استعمال مانح التزام لحقه فى تعديل قواعد التعريفة أو خطوط السير لصالح المنتفعين إلا ان إيثار الصالح العام على الصالح الخاص للملتزم ليس معناه التضحية بهذه المصالح الخاصة بحيث يتحمل الملتزم وحده جميع الأضرار فإذا ترتب على مثل هذا التعديل أضرارا بالملتزم فعلى مانح الالتزام أن يعوضه بما يجبر هذه الأضرار
ولقد أخذ المشرع المصرى بما استقر عليه الفقه والقضاء الإداريان فى هذا الصدد إذ نص فى المادة الخامسة من القانون رقم 129 لسنة 1947 بالتزامات المرفق العامة على أن :
لمانح الالتزام دائما – متى اقتضت ذلك المنفعة العامة أن يعدل من تلقاء نفسه أركان تنظم المرفق موضوع الالتزام وقواعد استغلاله وبوجه خاص قوائم الأسعار الخاصة به ، وذلك بمراعاة حق الملتزم فى التعويض إن كان له محل
( طعن رقم 110 لسنة 13ق جلسة 3/12/1977)
واجبات الملتزم قانونا
يترتب فى ذمة الملتزم بموجب عقد الالتزام عدة واجبات تخلص فيما يلى :
أولا : القيام بالإنشاءات اللازمة لتسيير المرفق
إذا كثيراً ما يحتاج المرفق على إنشاءات لازمة لتسييره فمرافق النور والماء والغاز تحتاج إلى مد مواسير فى جوف الأرض وإعداد أجهزة لتوليد الكهرباء وتقطير الماء وما إلى ذلك ومرفق السكك الحديدية يحتاج مد قضبان حديدية وإنشاء محطات ونحو ذلك وقد احتاجت الشركة التى منحت التزام ضاحية مصر الجديدة إلى تشييد مساكن عديدة وتزويدها بالنزر والماء ،
ومد ترام المتر ولتوصيل الضاحية بوسطة مدينة القاهرة وكذلك احتاجت الشركة التى منحت التزام قناة السويس إلى إنفاق مصروفات باهظة فى حفر قناة وما تحتاج إليه حركة مرور السفن من منشآت وغيرها
فهذه المنشآت يجعلها عقد الالتزام عادة على الملتزم وقل أن تعمد السلطة الإدارية إلى إقامة المنشآت بنفسها ثم تمنح بعد ذلك التزام المرافق للملتزم . وعندما يقيم الملتزم المنشآت اللازمة
ويحضر الأدوات والآلات والمهمات المخصصة لإدارة المرفق ، يكون كل هذا ملكاً خاصاً عاماً ككل ملك خاص يكون قابلاً للحجز عليه ولغير الحجز من إجراءات التنفيذ ولكن صدر القانون رقم 538 لسنة 1955 يضيف مادة جديدة للقانون رقم 129 لسنة 1947 الخاص بالتزامات المرافق العامة
وهى المادة 8 مكررة وتنص على ما يأتى :
لا يجوز الحجز ولا اتخاذ إجراءات تنفيذ أخرى على المنشآت والأدوات والآلات والمهمات المخصصة لإدارة المرافق العامة
وقد قضت محكمة النقض بأن
الأصل فى المرافق العامة أن تتولاها الدولة إلا أنه ليس ثمة ما يمنع من أن تعهد بإدارتها إلى فرد أو شركة فإن مبدأ وجوب اضطراد المرفق وانتظامه يستلزم أن تكون الأدوات والمنشآت والآلات والمهمات المخصصة لإدارة المرفق بمنجاة من الحجز عليها شأنها فى ذلك شأن الأموال العامة
وهذه القاعدة هى التى تعد من أصول القانون الإدارى قد كشف عنها المشرع فى القانون رقم 538 لسنة 1955 الذى أضاف المادة 8 مكرر لقانون المرافق العامة رقم 129 لسنة 1947 لتقضى بأنه
لا يجوز الحجز ولا اتخاذ اجراءات تنفيذ أخر على المنشآت والأدوات والآلات والمهمات المخصصة لإدارة المرافق العامة
جلسة 1/11/1962 مجموعة أحكام النقض السنة 13 ص 973 جلسة 2/12/1974 الطعن رقم 441 لسنة 38 ق س 25 ص 331
والذى يدفع السلطة الإدارية إلى الإلتجاء لطريقة الالتزام هو ما يتكلفه المرفق من نفقات باهظة فى المنشآت اللازمة لتسييره مما يجعلها تفضل أن تدير المرفق بطريق الالتزام ، فيتحمل الملتزم هذه النفقات ويستردها فى المدى الطويل عن طريق استغلال المرفق ومتابعة التطور التاريخى لالتزام المرافق العامة تبين أن هذا الالتزام بدا ولا يكون التزاماً بأشغال عامة هى هذه المنشآت الضرورية لتسيير المرفق
ويكون الالتزام بإدارة المرفق تبعاً لها لا أصلا ، وذلك أن استغلال المرفق – ويستتبع ذلك إدارته – كان يعتبر هو المقابل الذى يأخذه الملتزم فى نظير تنفيذ الأشغال العامة التى يتطلبها إنشاء المرفق
ثم بدأ الالتزام بإدارة المرفق يتميز عن الالتزام الأشغال العامة حتى أصبح مستقلاً عنه ، وساعد على ذلك تطور المرافق العامة المتعلقة بالمواصلات البرية والبحرية والجوية ، بل أصبح الالتزام بالأشغال العامة ، كما رأينا ، تابعاً للالتزام بإدارة المرفق العام ، بعد أن كان متبوعا
(السنهورى ص 235)
ثانيا : القيام بإدارة المرفق
وهذا هو الالتزام الجوهرى الذى يترتب فى ذمة الملتزم ومن أجله منح الالتزام . ويلتزم الملتزم فى إدارة المرفق بتنفيذ كافة الشروط الواردة بالعقد ، وعادة توجد هذه الشروط بملحق يسمى دفتر الشروط
وهذه الإدارة وتقتضى من الملتزم وجوب مراعاة القواعد الأساسية فى سير المرفق العامة :
مراعاة مبدأ المساواة أمام المرافق العامة بالتسوية فى المعاملة بين جميع المنتفعين الذين يوجدون فى نفس الظروف
ومبدأ سير المرافق العامة بالسهر المتواصل على المرفق ليقدم خدماته للمنتفعين بالنظام واطراد
ويخضع الملتزم فى القيام بإدارة واستغلاله لرقابة مانح الالتزام وإشرافه وهذه الرقابة تتحتم سواء نص عليها عقد الالتزام أو لم ينص ذلك أن يدار طبقاً للشروط المبينة فى عقد الالتزام وفى دفتر الشروط وفى الوقت ذاته طبقاً للشروط التى تقتضيها طبيعة العمل ويقتضيها ما ينظم هذا العمل من قوانين
( م 669 مدنى وسيأتى ذكرها )
وهذه خاصية جوهرية من خواص المرفق العام
فلابد أن تبسط السلطة الإدارية رقابتها وإشرافها كاملين على إدارة المرفق ، وكثيراً ما يبين عقد الالتزام طرق هذه الرقابة وسبل هذا الإشراف والإجراءات التى تتبع لتحقيق كل ذلك ، ولكن حتى لو كان عقد الالتزام ساكناً عن هذا ، أو حتى لو تضمن شروطاً مخالفة
فإنه يتحتم كما قدمنا أن تبسط السلطة الإدارية رقابتها وإشرافها على إدارة المرفق العام حتى تحمى مصالح الجمهور وحتى تحمى مصالحها بالذات فهى قد تكون مسئولة عن إعانة الملتزم بمقدار ما يسد العجز الناجم عن استغلال المرفق
فلابد من الرقابة حتى تطمئن السلطة الإدارية إلى أن مصالح الجمهور مكفولة وإلى أن تبعاتها المالية لا تجاوز الحدود الواجبة ، وتتنوع الرقابة التى تبسطها السلطة الإدارية على الملتزم فى إدارته فهى رقابة فنية ورقابة إدارية ورقابة مالية ولكل من هذه الأنواع الثلاثة من الرقابة وسائل وإجراءات بينها عقد الالتزام
فإن سكت العقد عن ذلك بينها التشريع والمبادئ العامة المقررة فى القانون الإدارى فلمانح الالتزام أني عين مدنوبين عنه فى مختلف الفروع والإدارات التى ينشئها الملتزم لاستغلال المرفق وعلى الملتزم أن يقدم لهؤلاء المندوبين ما يطلبونه من معلومات وبيانات وإحصاءات .
كذلك يكون لمانح الالتزام الحق فى أن يعهد إلى أية هيئة عامة أو خاصة بمراقبة نشاء المرفق وسيره من النواحى الفنية والإدارية والمالية . وقد جاء القانون رقم 129لسنة 1947 الخاص بالتزامات المرافق العامة موضحاً مدى الرقابة التى يبسطها مانح الالتزام على إدارة الملتزم
فنصت المادة 7 من هذا القانون ( المعدلة بالقانون رقم 497 لسنة 1954 ثم القانون رقم 185 لسنة 1958 ) على ما يأتى
- لمانح الالتزام أن يراقب إنشاء المرفق العام موضوع الالتزام وسيره من النواحى الفنية والإدارية والمالية .
- وله فى سبيل ذلك تعيين مندوبين عنه فى مختلف الفروع والإدارات التى ينشئها الملتزم لاستغلال المرفق . ويختص هؤلاء المندوبون بدراسة تلك النواحى وتقديم تقرير بذلك لمانح الالتزام
- ويجوز بقرار من رئيس الجمهورية ، بناء على اقتراح الوزير مانح الالتزام أو المشرف على الجهة مانحة الالتزام ، أن يعهد إلى الجهاز المركزى للمحاسبات بمراقبة إنشاء المرفق وسيره من الناحية المالية ، أو أن يعهد بالرقابة الفنية والإدارية عليه إلى أية هيئة عامة أو خاصة
- كما يجوز للوزير المختص أن يقرر تشكيل لجنة أو أكثر من بين موظفى وزارته أو غيرها من الوزارات والهيئات العامة لتولى أمر من أمور الرقابة على التزامات المرافق العامة
- وفى هذه الحالة يتولى الجهاز المركزى للمحاسبات أو الهيئة أو اللجنة المكلفة بالرقابة دراسة النواحى التى نبط بها رقابتها ، وتقديم تقرير بذلك إلى مندوبى الجهات التى تتولى الرقاب وفقاً للأحكام السابقة كل ما قد يطلبون من أوراق أو معلومات أو بيانات أو إحصاءات
كل ذلك دون الإخلال بحق مانح الالتزام فى فحص الحسابات والتفتيش على إدارة المرفق فى أى وقت ولا يجوز للملتزم أن ينزل عن التزاماته أو يحيلها لغيره كما لا يجوز له تنفيذها عن طريق مقاولين من الباطن إلا بموافقة صريحة وكتابية من جهة الإدارة . وإذا حدث أن تنازل المتعاقد عن التزاماته أو بعضها فإن هذا التنازل لا يعتد به ويقع لا غيا أو باطلاً ،
كذلك لو تعاقد من الباطن فإن هذا التعاقد يصبح كأن لم يكن فى مواجهة الإدارة ويبقى المتعاقد الأصلى وحده مسئولاً أمامها . كذلك لا يجوز للمتعاقد أن يمتنع عن التنفيذ أو يتوقف عنه بحجة أن الإدارة قد أخلت بالتزاماته فى مواجهته ، فليس للمتعاقد إذن حق الدفع بعدم التنفيذ
فهذا الدفع المقرر للأفراد فى عقود القانون الخاص ، غير جائز فى العقود الإدارية لما تتميز به من خصائص ولاتصالها بالمرفق العام الذى يجب أن يسير بالنظام واضطراد ، طالما أن هذا التنفيذ ممكنا ، ثم يطلب فيما بعد جهة الإدارة بالتعويضات عن إخلالها بالتزاماتها
( محمد فؤاد عبد الوهاب ص 169)
وقد قضت محكمة المحكمة الإدارية العليا بأن : من المبادئ المقررة أن العقود الإدارية تتميز بطابع خاص ، مناطه احتياجات المرفق الذى يستهدف العقد تسييره وتغليب وجه المصلحة العامة على مصلحة الأفراد الخاصة ، ولما كان العقد الإدارى يتعلق بمرفق عام فلا يسوغ للمتعاقد مع الإدارة أن يمتنع عن الوفاء بالتزاماته حيال المرفق بحجة أن ثمة إجراءات إدارية قد أدت إلى الإخلال بالوفاء بأحد التزاماته قبله
بل يتعين عليه إزاء هذه الاعتبارات أن يستمر فى التنفيذ مادام ذلك فى استطاعته ، ثم يطالب جهة الإدارة بالتعويض عن إخلالها التزامها إن كان لذلك مقتض وكان له فيه وجه فلا يسوغ له الامتناع عن تنفيذ العقد بإرادته المنفردة وإلا حقت مساءلته عن تبعه فعله السلبى
( طعن رقم 767 لسنة 11ق – جلسة 5/7/1969)
وبأنه ومن حيث إن فسخ العقد الإدارى كأصل عام أمر تترخص فيه جهة الإدارة وحدها ضماناً لحسن سير المرفق العام وليس للمتعاقد معها إلا حق المطالبة بالتعويض إن كان له مقتضى وينبنى على ذلك أنه ليس للمتعاقد مع الإدارة أن يفسخ العقد المبرم معها بقرار منه إذا ما وجدت مبررات الفسخ بل يتعين عليه أن يلجأ إلى القضاء للحصول على حكم منه بذلك
كما أن الدفع بعدم التنفيذ كأصل عام أيضا غير جائز فى العقود الإدارية لما تتميز به من خصائص ولاتصالها بالمرافق العامة التى يجب أن تسير بانتظام واطراد ومن ثم فلا يجوز للمتعاقد مع جهة الإدارية أن يوقف سير المرفق لأى سبب حتى ولو كان لخطأ أو تقصير من جانب الإدارة فى تنفيذ التزام من التزاماتها التعاقدية … إلخ
( طعن 1027 لسنة 15ق – جلسة 28/1/1978)
حقوق الملتزم
يتولد عن عقد الإلتزام بداهة حقوق للملتزم يمكن حصولها فى أربعة :
أولا : الانفراد باستغلال المرفق العام عن طريق الاحتكار أو عن طريق الامتياز :
ويغلب أن يمنح عقد الالتزام حق الانفراد باستغلال المرفق العام فلا يجوز لغيره أن يستغل هذه المرفق وهذا هو الاحتكار القانونى ويكن ذلك عادة فى المرافق العامة التى لا تحتمل المنافسة إذ يكون فيها ضياع للأموال والجهود
مثل ذلك
- مرفق السكة الحديدية فى منطقة معينة لا يحتمل أن يديره أكثر من ملتزم واحد وإلا كانت الجهود والأموال التى تبذل فى إدارة المرفق مضاعفة فى غير فائدة تعود على العميل إذ أن حمايته مكفولة من عير حاجة إلى المنافسة
- كذلك الأمر فى مرافق توريد النور والغاز والكهرباء والماء وما إلى ذلك
وقد لا يمنح الملتزم حق الاحتكار القانونى
بل يمنح حق امتياز ومعنى ذلك أن غيره من الإفراد أو الشركات لا يمنع قانوناً من استغلال المرفق ولكن السلطة الإدارية تتعهد للملتزم بألا تمنح لغيره من المنافسين له التسهيلات التى تمنحها إياه كالترخيصات اللازمة والإعانات وما إلى ذلك
فيصبح الملتزم محتكراً للمرفق احتكار فعليا بحكم ألا أحد يقوى على منافسته ويندر أن تمنح السلطة الإدارية التزاما دون أن تجعل الملتزم محتكراُ له احتكاراً قانونيا أو احتكاراً فعليا على الوجه الذى قدمناه ولكن يقع فى بعض الأحيان أن تفعل ذلك
كما فى مرفق المواصلات حين تمنح السلطة الإدارية التزام تسيبر خطوط التزام الكهربائية لملتزم والتزم تسيير خطوط الأتوبيس لملتزم آخر ولكن المواصلات هنا كما نرى مختلفة
( السنهورى ص 231 )
ثانيا : تمكين الملتزم من القيام بالأعمال اللازمة لإدارة المرفق واستغلاله :
من حق الملتزم تمكينه من القيام بالأعمال اللازمة لإدارة المرفق واستغلاله ويكون ذلك بمنحه التراخيص الإدارية اللازمة وأن تسمح له بإستعمال الطريق العام أو الأمول العامة التى يلزم استعمالها لإدارة المرفق ، وقد تمنح الجهة الإدارية للملتزم معونة مالية فى صور مختلفة أو قروضاً ترد على آجال طويلة ليستعين بها فى تيسير المرفق .
ثالثا : تقاضى رسوم من المنتفعين بالمرفق
أى العملاء المستهلكين مقابل انتفاعهم ، وهذا المقابل لا يعتبر أجرة تسرى عليها أحكام القانون المدنى ، بل هو رسم تسرى عليه أحكام القانون الإدارة
ومن ثم يكون للسلطة الإدارية وحدها حق تقرير رسوم الانتفاع بالمرافق العامة ، ويكون لتعريفات الأسعار التى قررتها السلطة العامة قوة القانون بالنسبة إلى العقود التى يبرمها الملتزم مع عملائه ، فلا يجوز للمتعاقدين أن يتفقا على ما يخالفها ( مادة 671 مدنى ) وللسلطة العامة كذلك الحق فى تعديل قوائم الأسعار بالترفع أو بالخفض تبعا لمقتضيات المصلحة العامة
وتقول الفقرة الثانية من المادة 671 مدنى فى هذا الصدد
وتجوز إعادة النظر فى هذه القوائم وتعديلها …
وتقول المادة 5 من القانون رقم 129 لسنة 1947 الخاص بالتزامات المرافق العامة
لمانح الالتزام دائماً متى اقتضت ذلك المنفعة العامة أن يعدل من تلقاء نفسه .. قوائم الأسعار الخاصة به، وذلك مع مراعاة حق الملتزم فى التعويض أن كان له محل
والرسوم التى يتقاضاها الملتزم من عملائه يستهلك بها رؤوس الأموال التى يستثمرها فى المرفق وكذلك المصروفات التى ينفقها فى إدارته مع ضمان ربح معقول يجنيه وقد وضع القانون رقم 129 لسنة 1947 حدا أقصى لهذا الربح المعقول
فنصت المادة 3 من هذا القانون على أنه
لا يجوز أن تتجاوز حصة الملتزم السنوية فى صافى أرباح استغلال المرفق العام عشرة فى المائة من رأس المال الموظف والمرخص به من مانح الالتزام ، وذلك بعد خصم مقابل استهلاك رأس المال
وما زاد على ذلك من صافى الأرباح يستخدم أولا فى تكوين احتياطى خاص للسنوات التى تقل فيها الأرباح من عشرة فى المائة من رأس المال ويستخدم ما يبقى من هذا الزائد فى تحسين وتوسيع تحسين وتوسيع المرفق العام أو فى خفض الأسعار حسبما يرى مانح الالتزام
الستنهورى ص 233
وتقول المذكرة الإيضاحية للقانون فى هذا الصدد
هذه المادة تنص على أنه لا يجوز أن تجاوز حصة الملتزم الأولى فى صافى أرباح استغلال المرفق عشرة فى المائة من رأس المال الموظف فى المرفق والمرخص فيه من مانح الالتزام ويحب أن يكون هذا المبلغ الحد الطبيعى لجزاء الملتزم ، إذ لا يجوز أن يطمع كما هو الحال فى المشروعات الصناعية أو التجارية فى أرباح غير محددة
فإن استغلال المرفق العام ليست له صفة المضاربة التى تكون لمثل تلك المشروعات حيث يجب أن يقابل أخطارها الكبرى الأمل فى أرباح لا تكون دون تلك الأخطار كبراً وقدراً والحق أنى الملتزم يتمتع بمركز ممتاز ، فإن له غالباً احتكاراً بحكم القانون أو الواقع بقية المنافسة
ومن جانب آخر فإن نظرية الظروف غير المتوقعة التى تقررها المادة السادسة من القانون تجعل الملتزم بمنجاة من الخطار الكبرى التى تنتج عن حوادث لم يكن يستطاع توقعها ، والتى تجعل استغلال التزام المرفق العام يعود عليه بالخسارة .
وأخيراً فقد استقر الرأى فى السنوات الأخيرة على وجه الخصوص فى الفقة الفرنسى على :
أن فى التزام المرافق العامة من صفة المصلحة العامة وما له من وثيق الاتصال بها لا يسمح للملتزم أن يجنى من استغلالها أرباحاً باهظة ويقع ضررها على الأخص على المنتفعين بها
رابعا : الحق فى التوازن المالى للمرفق
والمقصود بالتوازن المالى هو التوازن بين الحقوق والالتزامات فالملتزم عندما قبل إدارة المرفق العام كانت لديه فكرة عن مدى حقوقه ومدة التزاماته ، وكانت نسبة تلك الحقوق إلى تلك الإلتزامات تكون التوازن المالى للعقد إذ أن ماله من حقوق تعادل أو ترجح – فى نظره – ما عليه من التزامات وعلى هذه فقد قبل المخاطر المالية للمشروع بما تحمله تلك المخاطر من احتمال الربح والخسارة
ولكن التوازن المالى للمرفق فى إحدى حالتين :
(الحالة الأولى)
أن يواجه الملتزم فى إدارته للمرفق عملاً للسلطة الإدارية تقلب به الميزانح المالى للمرفق ، كأن تحدث تعديلات جوهرية فى نظام المرفق أو تخفض الأسعار تخفيضاً كبيرا وينجم عن ذلك خسارة فادحة تصيب الملتزم فهنا يختل التوازن التالى للمرفق ، وللملتزم أن يرجع على السلطة الإدارية بما يعيد هذا التوازن لأن هذه السلطة هى التى يفعلها أخلت به .
(الحالة الثانية)
حدوث ظروف لم تكن فى الحسبان تجعل استغلال المرفق بالشروط المقررة وبالأسعار المحددة من جانب السلطة العامة مرهقاً للملتزم بحيث يتهدده بخسارة فادحة وهذه هى نظرية الظروف الطارئة قررها القانون الإدارى كما هو معروف قبل أن تنتقل إلى القانون المدنى
وبموجب هذه النظرية يكون للملتزم الحق فى إعادة التوازن المالى للمرفق بتعديل شروط استغلاله أو برفع الأسعار حتى لا يتحمل وحده كل الخسارة التى نجمت عن هذه الظروف الطارئة وعلى العكس من ذلك إذا كانت الظروف الطارئة جعلت الملتزم يجنى أرباحاً فاحشة ، جاز للسلطة الإدارية أن تخفض الأسعار أو أن تعدل تنظيم المرفق وقواعد استغلاله ، حتى تنخفض الأرباح الباهظة إلى القدر المعقول
وقد أقر القانون رقم 129 لسنة 1947 نظرية الظروف الطارئة بشطريها ، فنصت المادة من هذا القانون على أنه :
إذا طرأت ظروف لم يكن من المستطاع توقعها ، ولا يد لمانح الالتزام أو الملتزم فيها وأفضت إلى الإخلال بالتوازن المالى للالتزام أن يعدل قوائم الأسعار وإذا اقتضى الحال أن يعدل أركان تنظيم المرفق العام وقواعد استغلاله وذلك لتمكين الملتزم من أن يستمر فى استغلاله وذلك لتمكين الملتزم من أن يستمر فى استغلاله ، أو لخفض الأرباح الباهظة إلى القدر المعقول .
وتقول المذكرة الإيضاحية للقانون فى هذا الصدد
عدا التعديلات التى تفرضها إدارة الالتزام وتكون ما يمكن أن يسمى ” الخطر الإدارى ” توجد تعديلات أخرى خارجة عن إدارة منح الالتزام أو الملتزم ولم تكن تتوقع وقت منح الالتزام وهو ما يمكن أن يسمى ” بالخطر الاقتصادى ” وهو إذا أصبح غير عادى بحيث يترتب عليه الإخلال بالتوازن المالى للالتزام
فإنه يجب فى هذه الحالة إعادة النظر فى الشروط الأصلية الواردة بوثيقة الالتزام لتيسير استمرار المنظم للمرفق العام موضوع الالتزام
فالمادة السادسة تقرر نظرية الظروف غير المتوقعة التى تثبت من الصعوبات التى لقيها ملتزموا المرافق العامة إيان الحرب العظمى الماضية وعقبها بسبب ارتفاع الأسعار ولم تطبق حتى الأن إلا لمصلحة الملتزم بنى الواجب الذى فرض على مانح الالتزام بأن يوفر للملتزم فى الحالات التى يصح وصفها بأنها ظروف غير متوقعة مزايا لا شأن لها بعقد الالتزام كرفع الأسعار وخفض تكاليف الملتزم أو منحه إعانة
فمن المعقول إذن
إذا أختل التوازن التالى لمصلحة الملتزم أى إذا طرأت ظروف غير متوقعة وخارجة عن إرادة المتعاقدين تحقق له بسببها أرباح غير عادية لم تكن تتوقع وقت منح الالتزام كان هذا الإخلال مبرراً لإعادة النظر فى الشروط الأصلية الواردة فى الالتزام للنزول بالأرباح الباهظة إلى القدر المعقول وأوجب ما يكون هذا الحل إذا كانت هذه الأرباح ناتجة عن أسعار مرتفعة جداً تحول دون وفاء المرفق العام بحاجات الجمهور أو تحقق الضرورات العامة التى اقتضت إنشاء
مجموعة الأعمال التحضيرية 5 ص 72
وقد قضت المحكمة الإدارية العليا بأن :
إن نظرية الظروف الطارئة تقوم على فكرة العدالة المجردة التى هى قوام القانون الإدارة كما أن هدفها تحقيق المصلحة العامة فرائدة الجهة الإدارية هو كفالة حسن سير المرافق العامة باستمرار وانتظام وحسن أداء الأعمال والخدمات المطلوبة وسرعة نجازها
كما أن هدف المتعاقد مع الإدارة هو المعاونة فى سبيل المصلحة العامة وذلك بأن يؤدى التزامه بأمانة وكفاية لقاء ربح وأجر عادل وهذا يقتضى من الطرفين التساند والمشاركة للتغلب على ما يعترض تنفيذ العقد من صعوبات وما يصادفه من عقبات فمفاد نظرية الظروف الطارئة أنه إذا طرأت أثناء تنفيذ العقد الإدارى ظروف أو أحداث لم تكن متوقعة عند إبرام العقد فقبلت اقتصادياته
وإذا كان من شأن هذه الظروف أو الأحداث أنها لم تجعل تنفيذ العقد مستحيلاً بل أتقل عبئاً وأكثر كلفة مما قدره المتعاقدان التقدير المعقول وكانت الخسارة الناشئة عن ذلك تجاوز الخسارة المألوفة العادية التى يتحملها أى متعاقد إلى خسارة فادحة استثنائية وغير عادية فإن من حق المتعاقد المضار أن يطلب من الطرف لآخر مشاركته فى هذه الخسارة التى تحملها فيعوضه عنها تعويضاً جزئيا
وبذلك يضيف إلى التزامات المتعاقد معه التزاما جديداً لم يكن محل اتفاق بينهما ومؤدى ذلك أن يفرض على الدائن التزام ينشأ من العقد الإدارى هذا الالتزام هو أن يدفع الدائن للمدين تعويضاً لكفالة تنفيذ العقد تنفيذاً صحيحاً متى كان من شأن الظروف أو الأحداث غير المتوقعة أن تتقل كاهل هذا المدين بخسارة يمكن اعتبارها قلبا لاقتصاديات العقد ، على أن التعويض الذى يدفعه الدائن يكون تعويضاً جزئياً عن الخسارة المحققة التى لحقت المدين
ولما كان التعويض الذى يدفع طبقاً لهذه النظرية لا يشمل الخسارة كلها ولا يغطى إلا جزءا من الأضرار التى تصيب المتعاقد فإن المدين ليس له أن يطالب بالتعويض . بدعوى أن أرباحه قد نقضت و لفوات كسب ضاع عليه كما أنه يجب أن تكون الخسارة واضحة متميزة
ومن ثم يجب لتقدير انقلاب اقتصاديات العقد واعتبارها قائمة أن يدخل فى الحساب جميع عناصر العقد التى تؤثر فى اقتصادياته واعتبار العقد فى ذلك وحدة ويفحص فى مجموعة لا أن ينظر إلى أحد عناصره فقط بل يكون ذلك بمراعاة جميع العناصر التى يتألف منها
إذ قد يكون بعض هذه العناصر مجزياً ومعوضاً عن العناصر الأخرى التى أدت إلى الخسارة ، ومن ثم فإن انقلاب اقتصاديات العقد مسألة لا تظهر ولا يمكن التحقق من وجودها إلا بعد إنجاز جميع الأعمال المتعلقة بالعقد
( طعن رقم 46 لسنة 14ق جلسة 17/6/1972)
وبأنه تطبيق نظرية الحوادث الطارئة فى الفقه والقضاء الإدارى رهين بأن تطرأ خلال تنفيذ العقد الإدارى حوادث أو ظروف طبيعية كانت أو اقتصادية أو من عمل جهة الإدارية غير الجهة المتعاقدة أو من عمل إنسان آخر لم تكن فى حسبان المتعاقد عند إبرام العقد ولا يملك لها دفعا ، ومن شانها أن تنزل به خسائر فادحة تختل معها اقتصاديات العقد اختلالا جسيما
ومؤدى تطبيق هذه النظرية بعد توافر شروطها إلزام جهة الإدارة المتعاقدة بمشاركة المتعاقد بمشاركة المتعاقد معها فى احتمال نصيب من الخسارة التى أحاقت به طول فترة الظروف الطارئ وذلك ضماناً لتنفيذ العقد الإدارى واستدامة لسير المرفق العام الذى يخدمه ويقتصر دور القاضى الإدارى على الحكم بالتعويض المناسب دون أن يكون له تعديل الإلتزامات العقدية
طعنان رقما 1562 لسنة 10ق ، 67 لسنة 11ق جلسة 11/5/1968
فالمتعاقد فى العقد الإدارى يستحق تعويض عادل عن الأضرار التى تحلق بمركزه التعاقدى أو تقلب ظروف العقد المالية بسبب ممارسة جهة الإدارة سلطتها فى تعديل العقد وتحويره بما يتلائم والصالح العام . أما إذا كان تعديل العقد بإرادة مشتركة سوية لطرفية فلا ترتب لأى منهما مثل هذا الحق فى التعويض إلا بفترة ما يثمره تفاقهما المشترك
وفى ذلك تقول المحكمة الإدارية العليا :
ومن حيث أن حق المتعاقد فى العقد الإدارى فى التعويض العادل عن الأضرار التى تلحق بمركزه التعاقدى أو تقلب ظروف العقد المالية بسبب ممارسة جهة الإدارة سلطاتها فى تعديل وتحويره بما يتلاءم والصالح العام
إنما ينصرف أثره وتقوم مقتضياته حيث تمارس جهة الإدارة من جانبها وحدها وبإرادتها المنفردة تعديل العقد أثناء تنفيذه تبعا لمقتضيات سير المرفق العام – أما تعديل العقد بعد إبرامه برادة مشتركة سوية لطرفيه معا شأن ما يترتب فى علاقات الإفراد فيما بينهم فلا يترتب لأن منهما مثل هذا الحق فى التعويض غلا بمقدار ما يثمره اتفاقهما المشترك
كذا فإن إعفاء المتعاقد مع الإدارة من تنفيذ بعض التزاماته ومباشرة جهة الإدارة تنفيذها بنفسها فى إطار من حقها المقرر فى التنفيذ المباشر بعد أن يثبت تعثره فى هذا التنفيذ وتقاعسه عن النهوض بمقتضياته لا يستوى مسوغا لتعويضه عن هذا الإعفاء وإنما وعلى نقيض ذلك قد يستقيم وجها لمساءلته عن إخلاله بالتزامه وترتب مسئوليته قبل جهة الإدارة عن هذا الخطأ العقدى .