الاعتقال استثناء من الأصل
بحث قانوني شامل عن الاعتقال والقانون، أسبابه كاستثناء، لاعتبارات أمنية، وحق التعويض الاعتقال بدون وجه حق أو بالخطأ، مع بيان أركان جريمة حجز وحبس الأشخاص بالمخالفة للقانون بالمادة 280 عقوبات وذلك علي ضوء أحكام محكمة النقض والمحكمة الادارية العليا.
محتويات المقال
تعريف الاعتقال
الاعتقال هو قرار يصدر من جهة ما بحق شخص دون توجيه تهمة محددة أو قائمة اتهام ودون محاكمة قضائية، لأسباب أمنية، والاعتقال ان تم اساءة استغلاله فهو خطر يمس حقوق وحريات الأفراد ويحط من القانون والدستور لذلك نص القانون الدولي علي قيود صارمة للاعتقال كاستثناء من الأصل لمنع خطر داهم لا يمكن تداركه أو منعه الا باعتقال الشخص.
الاعتقال بدون وجه حق في قانون العقوبات
الغرض من هذه النصوص – الغرض من المواد 280 و 281 و 282 ع هو حماية الحرية الشخصية التي كفلها الدستور، فقد نصت المادة 4 من الدستور المصري الصادر في 19 أبريل سنة 1923 الذى كان معمولاً به أثناء وضع نصوص المواد محل التعليق فى قانون العقوبات على أن ” الحرية الشخصية مكفولة .
ونصت المادة 5 منه على أنه
لا يجوز القبض على أي إنسان ولا حبسه إلا وفق أحكام القانون ،
فتأييداً لذلك وضعت المواد 280 إلى 282 ع لمعاقبة من يقدم على المساس بالحرية الشخصية وقد وردت في الباب الخامس من الكتاب الثالث الخاص بالجنايات والجنح التي تحصل لآحاد الناس .
هذه المواد مستمدة من المواد 341 إلى 344 من قانون العقوبات الفرنسي التي وردت مثلها في الكتاب الخاص بالجنايات والجنح التي ترتكب ضد الأفراد وهناك في القانون الفرنسي مادة أخرى وضعت أيضا لحماية الحرية الشخصية ولكن ليس لها مقابل في القانون المصري وهي المادة 114ع الواردة في الكتاب الخاص بالجنايات والجنح التي ترتكب ضد المصلحة العامة ونصها:
كل موظف عمومي وكل مأمور من مأموري الحكومة أمر بإجراء أو قام بعمل استبدادي من شأنه المساس بالحرية الشخصية أو الحقوق المدنية لشخص أو أكثر من الأهالي أو المساس بالقانون الأساسي يعاقب بالحرمان من الحقوق المدنية .
وقد أدى اجتماع هذين النصين في قانون العقوبات الفرنسي إلى إشكالات دقيقة فيما يختص بتعيين الأحوال التي يطبق فيها كل منهما ، واختلفت أحكام القضاء وآراء الشراح في هذا الصدد.
فذهبت محكمة النقض والإبرام الفرنسية في أحكامها الأولى إلى أن المادة 341 وعبارتها عامة كعبارة المادة 280 المصرية يجرى حكمها على كل من يقبض على شخص أو يحبسه أو يحجزه بدون وجه حق سواء أكان الجاني من الموظفين أو من الأفراد . وعلى هذا الرأي بلانش، وكارنو، وروتر .
ثم عدلت محكمة النقض الفرنسية عن هذا الرأي وقضت بأن المادة 341 إنما وضعت لمعاقبة الأفراد ولا تسري على الموظف العمومي إلا إذا وقع منه القبض أو الحبس أو الحجز بدافع المصلحة الخاصة ولإرضاء شهوة شخصية لأن الموظف في هذه الحالة حكمه حكم الفرد من الناس .
وأما إذا وقع القبض أو الحبس أو الحجز من الموظف العمومي بغير وجه حق في أثناء تأدية وظيفته بأن تحمس في أداء واجبه أو أساء استعمال السلطة التي وكلت إليه ففي هذه الحالة تطبق عليه المادة 114ع ف دون غيرها . وعلى هذا الرأي جارسون.
هذه المواد تتناول الموظفين والأفراد – على السواء – أما في القانون المصري فالنصوص الوحيدة التي تعاقب على القبض أو الحبس أو الحجز بغير وجه حق هي المواد 280 و 281 و 282ع . وهذه النصوص عباراتها عامة تشمل الموظفين والأفراد على السواء وقد حكم بتطبيق المادة 280ع على عمدة قبض على شخص وحبسه بدون وجه حق .
وفي قضية إخطاب التي اتهم فيها ضابط بوليس النقطة وبعض العساكر بالقبض على نفر من الأهالي وحبسهم بغير وجه حق وتعذيبهم بالتعذيبات البدنية
تمسك الدفاع بأن الواقعة تعتبر جنحة تنطبق عليها المادة 113 من قانون عقوبات سنة 1904 ( المقابلة للمادة 129 من قانون العقوبات الحالي) التي تنص على عقاب كل موظف أو مستخدم عمومي وكل شخص مكلف بخدمة عمومية استعمل القسوة مع الناس اعتمادا على وظيفته بحيث أنه أخل بشرفهم أو أحدث آلاماً بأبدانهم .. لا جناية تنطبق عليها المادتان 242 و 244ع ( المقابلتان للمادتين 280 و 282 من القانون الحالي).
وذهب الدفاع إلى أن المادة 113 المصرية تقابل المادة 114 الفرنسية وفرع عن ذلك نتيجة هامة وهي أن البحث الذي أثاره فقهاء القانون الفرنسي وخرج أعلامهم منه بأن المواد 341 إلى 344 مقصور تطبيقها على أفراد الناس دون الموظفين لأن هؤلاء لهم نص خاص وهو المادة 114 هذا البحث يجب أن يكون نبراسا يهتدي به في استظهار غرض الشارع المصري ومراميه في هذه النقطة.
وجاء في تدليل الدفاع على توافق نص المادة 113 المصرية والمادة 114 الفرنسية أنه يوجد في القانون المصري نصان متعلقان بالجرائم التي تقع من الموظفين والأفراد على الناس :
الأول: هو المادة 113ع التي تعاقب على جنحة استعمال القسوة .
الثاني: هو المادتان ( 242 و 244 ع قديم ) المقابلتين للمادتين 280 و 126 من القانون الحالى اللتان تعاقبان على جناية القبض والتعذيب وهما على ما يرى الدفاع نوع من أنواع القسوة.
وقال الدفاع عن المتهمين إن الحكمة في التفرقة بين الفعلين وإن اتحدت نتيجتهما هي أن الباعث للموظف على الاعتداء إنما هو شدة حرصه على المصلحة العامة وتحمسه في أداء الواجب المنوط به ، وهذان يكونان دائماً أو في الغالب سلامة النية.
أما الاعتداء الحاصل من الأفراد فإنما يدفعهم إليه دائما شهوة الانتقام وجذوة الحقد فاختلاف البواعث هو في رأي الدفاع الذي حدا بالشرائع إلى إقامة هذه الفوارق في الجزاء على عمل واحد تبعاً لصفة مرتكبه.
ردت محكمة النقض والإبرام على هذا الدفاع بقولها
إن هذا التدليل لا يمكن الإصغاء إليه قبل البت في منحى المادة 113 المصرية وهل ما نصت عليه من استعمال القسوة التي تحدث آلاماً بالأبدان أو تخل بالشرف يمكن أن يدخل تحته فعل القبض على شخص أو حبسه أو حجزه بدون أمر أحد الحكام المختصين وهو الفعل المعاقب عليه بالمادة 242 ع قديم ( 280 ع حالي ) وهل يجوز ذلك إذا اقترن القبض بتعذيبات بدنية وهو الفعل المعاقب عليه بالمادة 244.
أركان الجريمة
للجريمة المنصوص عليها في المادة 280 ع ثلاثة أركان وهي:
- (1) فعل مادي هو القبض أو الحبس أو الحجز
- (2) وقوع هذا الفعل بغير وجه قانوني
- (3) القصد الجنائي .
الركن الأول : فعل القبض أو الحبس أو الحجز
الركن الأول للجريمة المنصوص عليها في المادة 280ع ينحصر في اعتداء يقع على الحرية الشخصية بالقبض على شخص أو حبسه أو حجزه.
فالقبض على شخص هو إمساكه من جسمه وتقييد حركته وحرمانه من حرية الذهاب والإياب كما يريد .
وأما الحبس والحجز فكلاهما يقتضى حرمان المجنى عليه من حريته فترة من الزمن . والظاهر أن الحبس والحجز لفظان مترادفان وإن كان بعض الشراح يحدد مدلول كل منهما فيسمى الفعل حبسا إذا اعتقل المجنى عليه فى سجن ويسمى حجزا إذا وضع فى محل غير حكومى .
ومن المحقق أن المادة 280ع لا تشترط لتكوين الجريمة وجود هذه الأفعال الثلاثة مجتمعة بل تعاقب على كل فعل على حدته من أفعال القبض أو الحبس أو الحجز بغير وجه حق.
(نقض 27 مايو سنة 1911 مج 13 ص 3)
ذلك أن القبض يمكن أن يكون الجريمة المنصوص عليها في المادة 280 ع ولو لم يعقبه حبس ولا حجز كما إذا كان الشخص المقبوض عليه قد أطلق سراحه قبل وصوله إلى المكان المعد لحبسه كما أن الحبس والحجز يدخلان في حكم المادة 280 ع ولو لم يسبقهما قبض كما لو حجز والدان ابنهما في منزلهما مدة من الزمن.
ومن هذه الأفعال الثلاثة المنصوص عليها في المادة 280 ع الفعل الأول وهو القبض له صفة جريمة وقتية بخلاف الفعلين الآخرين وهما الحبس والحجز فإن لهما صفة جريمة مستمرة فلا يبدأ سريان المدة المقررة لسقوط الدعوى فيهما إلا من اليوم الذي ينقضي فيه الحبس أو الحجز غير القانوني.
الركن الثاني : عدم قانونية القبض أو الحبس أو الحجز
لا وجود للجريمة المنصوص عليها في المادة 280ع إذا كان القبض أو الحبس أو الحجز قانونياً أي إذا كان القانون يأمر به أو يبيحه فإن المساس بالحرية الشخصية يكون له حينئذ ما يبرره إذ القانون لا يعاقب على إتيان ما أمر به أو ما أباح فعله ولم يكن هناك حاجة إلى النص على هذا الشرط في المادة 280 ع لأنه ينتج عن القاعدة العامة المقررة في المادتين 60 و 63ع ، إذ كل الجرائم أياً كان نوعها يبررها أمر القانون .
وللتعبير عن هذه الفكرة تنص المادة 280 ع على العقاب على القبض أو الحبس أو الحجز إذا حصل ” بدون أمر أحد الحكام المختصين بذلك وفي غير الأحوال التي تصرح فيها القوانين واللوائح بالقبض على ذوي الشبهة “.
وقد جاءت كلمتا ” ذوي الشبهة ” في النسخة العربية ترجمة لكلمة (prevnus ) في النسخة الفرنسية أي المتهمين على أن هذا التعبير ليس مما لا يقبل النقد.
- من جهة في أنه لا يصح أن يستنتج منه أن القبض أو الحبس يبرره مجرد حصوله بأمر أحد الحكام المختصين بل إن كل من يشترك في قبض أو حبس غير قانوني يأمر به موظف مختص يعد شريكاً لهذا الموظف في جريمته.
- ومن جهة أخرى فإن عبارة “في غير الأحوال التي تصرح فيها القوانين أو اللوائح بالقبض على ذوي الشبهة ” لا تكفي لتأدية المعنى المقصود لأننا سنبين فيما بعد أنه يجوز في بعض الأحوال القبض على شخص وحبسه أو حجزه ولو لم يشتبه في ارتكابه أية جريمة .
- وأخيراً إذا كان النص يشترط لتبرير القبض أو الحبس اجتماع الأمرين معاً أي أمر الحاكم وأن يكون الشخص المقبوض عليه متهماً في جريمة فإن هذا لا يخليه من الخطأ لأن هناك حالات خول فيها القانون للأفراد حق القبض على المتهم بدن حاجة إلى أمر أحد الحكام.
الأحوال التي يجوز فيها القبض أو الحبس أو الحجز
(أولاً) متى يجوز ذلك للأفراد ؟
لا يجوز للأفراد القبض على أحد أو حجزه أو حبسه إلا في حالات استثنائية قررها القانون وليس من الضروري لوجود هذا الحق أن ينص عليه القانون في صراحة ، بل يكفي أن يستفاد ضمناً من نص أو مبدأ قانوني .
وقد أجاز قانون الإجراءات الجنائية لكل فرد في حالة تلبس الجاني بالجريمة وفي جميع الأحوال المماثلة أن يحضر الجاني أمام أحد أعضاء النيابة العمومية أو يسلمه لأحد مأمورى الضبطية القضائية أو لأحد رجال الضبط بدون احتياج لأمر بضبطه وذلك إن كان ما وقع منه يستوجب حبسه احتياطياً.
ويجوز للوالدين والأولياء في سبيل تربية الصغير أن يلزموه بالإقامة في منزلهم أو في مدرسة داخلية أو في أي محل يريدون أن يقيم فيه ويجوز لهم وللأساتذة والمعلمين تأييداً للسلطة التي خولها لهم القانون أن يتخذوا التدابير اللازمة لضمان طاعة أوامرهم فلهم حق حجز أولادهم أو الصغار المعهود بهم إلى رعايتهم على اعتبار أن هذا نوع من التأديب بدون أن يلجأوا في ذلك إلى القضاء ومع ذلك فمن المتفق عليه أن هذا الحجز يصبح غير قانوني ومعاقبا عليه إذا تجاوز حدود تأديب إنساني معقول.
وينبغي أن يلاحظ أن الحجز ولو مجرداً من كل ظرف آخر يمكن أن يصبح معاقباً عليه إذا استطال بكيفية تجعله تعسفيا ومنافيا لمقتضى الرحمة والإنسانية. وهنا يجب الاحتراس من الخلط بين الحجز ووسائل القسوة التي تقترن به في غالب الأحيان . فإذا لم يمكث الحجز سوى وقت قصير وكان في ذاته غير معاقب عليه فإن وسائل القسوة تكون مع ذلك معاقبا عليها.
ولما كان للزوج حق تأديب زوجته شرعا فإن له في أحوال استثنائية أن يستعمل سلطته في حجز زوجته بمنزله ومنعها من كل اتصال بالخارج . وقد أباحت الشريعة الإسلامية للزوج إمساك زوجته بمنزل الزوجية ومنعها من الخروج إذا كان خروجها يفوت عليه الغرض المقصود من الزواج أو كان يخشى عليها الفتنة ، كما خولت له حق منعها من الخروج لغير المحارم ومنع هؤلاء من الدخول إليها ، بل أجازت له منعها من الاتصال بمحارمها إذا كان يخشى فسادها أو إفسادها عليه
(انظر مدى استعمال حقوق الزوجية للدكتور السعيد مصطفى السعيد ص 180)
وقد تقضي مصلحة المجنون بل مصلحة الأمن العام تقييد حرية المجنون وعدم تمكينه من الذهاب والإياب وفق إرادته ، فيحجزه أهله أو القائمون على حراسته أو يربطونه لمنعه من التجول ، ويمكن أن يوضع بناء على طلبهم في مستشفى للحكومة مخصص للمجاذيب أو في محل خاص معد لها الغرض كمصحة . ففي مثل هذه الأحوال لا يكون ثمة محل لتطبيق المادة 280ع.
ولكن جريمة الحجز بدون وجه حق تتحقق ويتعين معها تطبيق المادة 280ع في حالة ما إذا قبض على شخص سليم العقل ووضع في مستشفى عام مخصص للمجاذيب أو في محل خاص معد لهذا الغرض بحجة أنه مجنون.
(ثانياً) متى يجوز القبض والحبس للموظفين؟
كذلك لا يجوز للموظفين القبض على الناس أو حبسهم إلا متى رخص القانون لهم بذلك. وكل قبض أو حبس لا يستند إلى نص قانوني يجيزه يكون باطلاً ويستوجب معاقبة فاعله وقد بين قانون الإجراءات الجنائية الأحوال التي يجوز فيها لمأموري الضبطية القضائية القبض على المتهمين . والأحوال التي يجوز فيها للنيابة ولقاضي التحقيق القبض على المتهمين وحبسهم احتياطياً .
وفيما عدا هذه الأحوال التي يقوم فيها أولئك الموظفين بالقبض أو الحبس بصفتهم من مأموري الضبطية القضائية أو من رجال السلطة القضائية نفسها توجد حالات أخرى خول فيها لرجال الإدارة القبض على بعض الأشخاص كمن يوجدون في حالة تشرد أو اشتباه والمعتوهين والعاهرات والمسافرين بدون جوازات سفر والأجانب.
الركن الثالث : القصد الجنائي
جريمة القبض والحبس والحجز هي من الجرائم العمدية ويتحقق القصد الجنائي في هذه الجريمة متى كان الجاني قد أتى الفعل عمداً وهو يعلم أنه يحرم المجني عليه من حريته بدون وجه حق.
فينتفي القصد إذا وقع الحجز خطأ . فالشخص الذي يغلق الباب وهو خارج من منزل يعتقد أنه غير مسكون ويتسبب في حبس إنسان كان بداخله على غير علم منه بذلك لا يُعد مرتكباً لجريمة ما . ولا يهم أن يكون هذا الشخص قد أتى الفعل عن رعونة وارتكب خطأ بعدم تحققه من خلو المنزل ، لأن الخطأ لا يستوجب إلا مساءلته مدنيا .
كذلك الشخص الذي يحجز أحد أفراد عائلته لا يقع تحت طائلة العقاب إذا اعتقد أنه مجنون فقام في فكره أن يمنعه من التجول ليتفادى خطراً أو فضيحة علنية .
ومن العبث في هذه الحالة إثبات أن الشخص المحجوز سليم العقل وأنه لم يكن هناك موجب لحجزه ، لأن القصد أمر شخصي وهو ينعدم إذا أتى الفاعل الفعل بحسن نية مهما يكن الخطأ الذي ارتكبه. فالخطأ الذي يقع فيه بعدم استدعائه الطبيب مثلاً لا يستوجب إلا مساءلته مدنياً .
كذلك المجني عليه في جناية إذا اعتقد بحسن نية أنه عرف الجاني فقبض على شخص برئ لا يقع تحت طائلة المادة 280ع لانعدام القصد الجنائي، لأن الفاعل قد وقع في خطأ يتعلق بالوقائع ولم يتعمد ارتكاب الفعل الذي حرمته المادة المذكورة (جارسون ن 41).
أما الخطأ القانوني فطبقاً للقواعد العامة لا ينفي وجود القصد الجنائي . وبناء على ذلك تتكون الجريمة إذا كان مرتكب القبض غير القانوني قد اعتقد بحسن نية أنه كان في حدود حقه لأن أحد رجال القانون مثلاً قد أكد له خطأ أن القبض مباح في هذه الحالة المعنية .
وينبغي الاحتراس من الخلط بين القصد والباعث فمتى ارتكب الجاني القبض أو الحبس أو الحجز عن علم وعمد فإن القصد يتحقق مهما تكن البواعث التي دفعته إلى ذلك حتى ولو كانت هذه البواعث شريفة .
وقد حكمت المحاكم الفرنسية بتطبيق المادة 341 ع ف على شخص جاء المحضر للقبض عليه تنفيذاً لحكم قاض عليه بالإكراه البدني فهرب بعد أن أقفل الباب على المحضر وقاضي الصلح ومن معهما .
ولم يقبل من المتهم الدفع بأنه لم يقصد ارتكاب الجريمة بل كان غرضه الفرار لا حرمان من أقفل عليهم الباب من حريتهم لأن الغرض الذي يقول عنه هو الباعث أما القصد فمتوفر.
على أن الجريمة تزول وتمحى إذا كان مرتكب الحبس أو الحجز غير القانوني قد أتى الفعل وهو في حالة دفاع شرعي عن نفسه أو غيره أو في حالة ضرورة فالشخص الذي يرى نفسه مهدداً بالاعتداء عليه له الحق في حجز المعتدي لمنعه من ضرره والاعتداء عليه. والشخص الذي يعلم أن آخر قد اعتزم الانتحار أو ارتكاب جناية ماله الحق في حجزه حجزاً مؤقتاً لمنعه من تنفيذ ما اعتزم عليه (جارسون 44).
عقاب الجريمة
جريمة القبض أو الحبس أو الحجز بدون وجه حق المنصوص عليها في المادة 280 ع هي جنحة معاقب عليها بالحبس أو بغرامة لا تتجاوز مائتي جنيها مصريا. ولكنها تصبح جناية إذا اقترنت بظرف من الظروف المشددة المنصوص عليها في المادة 282 ع .
الظروف المشددة – والظروف المشددة للجريمة المذكورة ترجع إلى الوسائل المستعملة في ارتكابها . وبعضها يؤدي إلى الحكم بعقوبة السجن والبعض الآخر إلى الحكم بعقوبة السجن المشدد.
فتكون العقوبة السجن إذا حصل القبض من شخص تزيا بدون حق بزي مستخدمي الحكومة أو اتصف بصفة كاذبة أو أبرز أمرا مزورا مدعيا صدوره من طرف الحكومة ، وقد أراد الشارع بذلك التغليظ على الشخص الذي يختلس صفة الموظف العمومي فيتزيى بزيه أو يتصف بصفته أو يبرز أمراً مزوراً منسوباً إليه ليحمل الناس على الاعتقاد بأنه الموظف الأمين على السلطة العامة وأنه يجري قبضا قانونيا .
فزي مستخدمي الحكومة الذي تنص عليه المادة 282 هو الزي المميز لموظفي الحكومة ولرجال القوة العامة الذين تختلس صفتهم لتسهيل ارتكاب الجريمة كضابط البوليس ورجال الشرطة .
ويعتبر الجاني متصفاً بصفة كاذبة إذا انتحل بغير حق صفة موظفي الحكومة ولو لم ينتحل أسماءهم . فيتحقق الظرف المشدد إذا اتخذ الجاني الذي أجرى قبضاً غير قانوني صفة وكيل النيابة أو قاضي التحقيق ولو لم ينتحل اسمه.
وأما الأمر المزور المدعى بصدوره من طرف الحكومة فقد يكون أمرا بالضبط والإحضار أو أمراً بالحبس الاحتياطي وفي العادة ينطوي الأمر المقدم لإجراء القبض على جناية تزوير في محررات رسمية فضلاً عن جناية القبض بدون وجه حق.
غير أنه إذا كان واضحاً أن الأمر المزور منسوب إلى موظف غير مختص بإصدار أمر بالقبض أو كان الأمر الذي تمسك به الجاني قد قدم على اعتبار أنه أمر شفهي فمن المجازفة في هاتين الحالتين القول بوجود الظرف المشدد لانعدام العلة القانونية في التشديد لأن المجني عليه ما كان ليعتقد بأنه يجب عليه الخضوع لمثل هذه ال الأوامر.
وتكون العقوبة السجن المشدد في حالتين :
- ( الأولى ) إذا هدد الشخص المقبوض عليه بالقتل
- ( الثانية ) إذا عذب بالتعذيبات البدنية ( المادة 282) .
فالتهديد بالقتل وحده هو الذي يؤدي إلى تشديد العقوبة . ويستوي أن يكون التهديد في وقت القبض أو في أثناء مدة الحجز، كما يستوي أن يكون شفهياً أو بالكتابة ، مصحوباً بطلب أو بتكليف بأمر أم لا ، مباشراً أو بالواسطة ، فإنه لا محل هنا لتطبيق أحكام المادة 327ع .
ولم يعرف القانون التعذيبات التي يعد استعمالها ظرفاً مشدداً لجريمة الحجز بدون وجه حق . ولكن يؤخذ من نص القانون وروحه
- (أولاً) أن التعذيبات البدنية وحدها هي التي تكون الظرف المشدد للجريمة ، فخرجت بذلك التعذيبات الأدبية التي يمكن أن تقع على نفس المجني عليه . ذلك بأن الشارع قد اعتبر أن التهديد بالقتل فقط له صفة التعذيب الأدبي الذي من شأنه تشديد عقوبة الحجز بدون وجه حق.
- ( ثانياً ) أن التعذيبات البدنية التي تكون على درجة من الخطورة هي التي يجب اعتبارها في تكوين هذا الظرف المشدد . وهذه مسألة موضوعية متروكة لتقدير القاضي . ويعتبر الشراح من قبيل التعذيبات البدنية حرق الأطراف وضرب المجني عليه بالسياط والعصي وتقييده بالسلاسل بحيث لا يتمكن من الجلوس أو النوم . أما مجرد استعمال العنف أو الضرب البسيط أو إحداث بعض الجروح فلا يكفي إذا اقترنت هذه الأفعال بالحجز بدون وجه حق لرفع عقوبته إلى السجن المشدد.
وقد حكم بتطبيق المادة 282 ع في قضية أخطاب على ملاحظ بوليس النقطة وبعض العساكر لأنهم
قبضوا على نفر من الأهالي وحبسوهم وعذبوهم بتعذيبات بدنية وذلك أن الملاحظ كان يستدعيهم من المكان الذي أعده لسجنهم فرادى أو جماعات ويضربهم بالسوط أو بعصا من خيزران على أيديهم وأرجلهم ويكرر هذا التعذيب صباحا وظهرا ومساء وليلا .
وكانوا في النهار يشتغلون أشغالاً شاقة في تصليح السكك والجسور ورشها ثم يؤتي بهم جماعات فيقفون في شكل دائرة يتوسطها أحد العساكر ويقف خارجها عسكري آخر ويؤمرون بأن يدوروا كما تدور المواشي في حلقة الدراس والعساكر يلهبونهم بالسياط حتى لا يتوانوا فيقع بعضهم مغشياً عليه من شدة الضرب .
وكان الملاحظ يأمر بقص شعورهم بمقص الحمير فيقص القصاص شعر رؤوسهم على هيئة ميازيب ويقص ناحية من شواربهم ، ويترك الناحية الثانية .
وكان يأمر المقبوض عليهم بأن يتمرغوا في الأوحال ومن خالف منهم أذيق كأس العذاب . وكان يأمر بعضا منهم بأن يستلقى على قفاه أو على وجهه ويرفع رجليه إلى أعلى فيصب عليهما السياط ، ثم يأمرهم بأن يختار كل واحد منهم اسم امرأة يتسمى به ومن عافت نفسه ذلك زاده تنكيلاً
(محكمة جنايات المنصورة 15 يناير سنة 1930 محاماة 11 عدد 214، وقد رفض النقض المرفوع عنه بتاريخ 7 مايو سنة 1931 في القضية رقم 1472 سنة 47 ق).
الاشتراك في الجريمة
تسري قواعد الاشتراك العامة على جريمة القبض والحبس والحجز بدون وجه حق وينبني على ذلك أن الظروف المشددة التي تقترن بالفعل الأصلي تؤثر على الشركاء .
فمثلاً تطبق عقوبة السجن على من يثبت اشتراكه في جريمة قبض بدون وجه حق وقع من شخص تزيي بزي مستخدمي الحكومة أو اتصف بصفة كاذبة أو أبرز أمراً مزوراً مدعياً صدوره من طرف الحكومة . وتطبق عقوبة الأشغال الشاقة على من يثبت اشتراكه في جريمة حبس أو حجز حصل مع تهديد بالقتل أو مع تعذيبات بدنية.
إعارة محل للحبس أو الحجز
نصت المادة 281ع على أنه
يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين كل شخص أعار محلاً للحبس أو الحجز غير الجائزين مع علمه بذلك .
ولا يخفى أن فعل من يعير محلاً للحبس أو الحجز غير الجائزين يدخل في حالة الاشتراك بالمساعدة المنصوص عليها في المادة 40ع . ويظهر من ذلك أن القانون استثناء من القواعد العامة قد اعتبر إعارة محل للحبس أو الحجز جريمة خاصة يعاقب عليها في كل الأحوال بالحبس مدة لا تزيد على سنتين مهما تكن العقوبة التي تطبق على الفاعل الأصلي .
والجريمة المنصوص عليها في المادة 281ع هي من الجرائم العمدية التي يشترط فيها توفر القصد الجنائي . فيشترط لعقاب من يعير المحل أن يكون عالما أنه سيستعمل في حبس أو حجز غير قانوني.
المرجع فيما تقدم بالبحث – الموسوعة الجنائية ، جندي عبد الملك ، ص 654 وما بعدها
صيغة دعوى تعويض عن اعتقال
إنه في يوم ………… الموافق / /
بناء على طلب / …………………… المقيم ……………… وموطنه المختار مكتب الأستاذ / ………………………. المحامي .
أنا …………………. محضر محكمة ………………… قد انتقلت وأعلنت :
السيد / وزير الداخلية بصفته ويعلن سيادته بهيئة قضايا الدولة بمجمع التحرير بالقاهرة .
الموضوع
اعتقل الطالب بتاريخ / / دون سبب ، حيث كان سبب اعتقاله ……… وقد استمر معتقل في الفترة من عام …… حتى عام ……..
وبتاريخ / / تبين عدم قيام الطالب بأى مخالفة طبقا للقوانين العادية أو الاستثنائية وأفرج عنه ، ولكن بعد مرور سنوات من عمر الطالب وضياع مستقبله العلمي أو المهني ……..
وحيث أن المادة 280 من قانون العقوبات والمادة 57 من الدستور تقرر حق الطالب في عدم اعتداء أحد على حريته الشخصية – وكان الطالب قد أصيب بأضرار مادية وأدبية يقدرها بمبلغ ……….. عما فاته من كسب وما لحقه من خسارة بالإضافة لضياع سنوات من عمره ، الأمر الذي حدا به الى إقامة هذه الدعوى .
بنــــاء عليــــه
أنا المحضر سالف الذكر قد انتقلت وأعلنت المعلن إليه بصفته وكلفته بالحضور أمام محكمة ……….. الكائن مقرها ………. الدائرة ……… بجلستها التي ستنعقد علنا في يوم ………. الموافق / / ابتداء من الساعة الثامنة صباحا وما بعدها ليسمع الحكم
بتعويض الطالب عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت به نتيجة اعتقاله بطريق الخطأ في الفترة من / / الى / / والتي يقدرها بمبلغ …….. مع المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة بحكم مشمول بالنفاذ المعجل طليقا من قيد الكفالة .
ولأجل العلم .
الأحكام القضائية بشأن التعويض عن الأعتقال
نستعرض مجموعة من الأحكام القضائية الصادرة من محكمة النقض ومحكمة القضاء الاداري والمحكمة الادارية العليا والمحكمة الدستورية بشان الاعتقال والتعويض عنه وأسبابه واثباته.
نصت المادة 280 من قانون العقوبات على أن
كل من قبض على أى شخص أو حبسه أو حجزه بدون أمر أحد الحكام المختصين بذلك وفي غير الأحوال التي تصرح فيها القوانين واللوائح بالقبض على ذوي الشبهة يعاقب بالحبس أو بغرامة لا تتجاوز عشرين جنيها مصريا ، وإذا كانت ما نصت عليه المادة 57 من الدستور من أن الاعتداء على الحرية الشخصية يعتبر جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية والدعوى المدنية الناشئة عنها بالتقادم .
إنما هو صالح بذاته للأعمال من يوم العمل بالدستور دون حاجة الى سن تشريع آخر أدنى في هذا الخصوص ، إذ أن تلك الجريمة منصوص عليها في المادة 280 من قانون العقوبات ولما كانت محكمة الموضوع لم تعرض للفصل في دستورية القانون رقم 32 لسنة 1972 إذ أن الجريمة المنصوص عليها في المادة 280 من قانون العقوبات ليست من بين الجرائم التي نص عليها ذلك القانون فإن النعى يكون في غير محله .
(الطعن 1097 لسنة 47 ق جلسة 15/2/1979 س 20 ع 1 ص 529)
إذا كان الحكم المطعون فيه بعد أن استخلص أن التقادم بالنسبة لدعوى المطعون عليه – بالتعويض للقبض عليه وحبسه بغير حق – قد وقف سريانه حتى تاريخ ثورة التصحيح في 15/5/1971 وأن عودته للسريان لا تكون إلا من هذا التاريخ وإذ لم تكن مدة التقادم قد اكتملت في تاريخ نفاذ الدستور في 11/6/1971 فلا تسقط تلك الدعوى بالتقادم إعمالا لنص المادة 52 منه .
(الطعن 1097 لسنة 47 ق جلسة 15/2/1997 س 30 ع 1 ص 539)
تقدير قيام المانع من المطالبة بالحق والذي يعتبر سببا لوقف سريان التقادم طبقا للفقرة الأولى من المادة 382 من القانون المدني هو من المسائل الموضوعية التي يستقل بها قاضي الموضوع بغير معقب متى كان ذلك مبنيا على أسباب سائغة .
وذا كان الحكم المطعون فيه قد أسس ما ارتآه من وقف دعوى التعويض عن الاعتقال دون سبب – في الفترة من تاريخ الإفراج عن المطعون عليه في 1/6/1966 حتى ثورة التصحيح في 15/5/1971 على أسباب سائغة تؤدي الى ما رتبه الحكم عليها – وكان الذي قرره الحكم لا يقوم على علم قضائه الشخصي بل يقوم على الظروف العامة المعروفة للجميع عما كانت تجتاز البلاد والشعب في الفترة السابقة على ثورة التصحيح في 15/5/1971 فإن النعى يكون على غير أساس .
(الطعن 1097 لسنة 47 ق جلسة 15/2/1989 س 30 ع 1 ص 529)
الأحكام الكاملة عن الاعتقال
أحكام النقض المدني الطعن رقم 7922 لسنة 64 بتاريخ 28 / 1 / 2007 – مكتب فني 58 – صـ 97 –
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن
الطاعنين أقاموا الدعوى ….. لسنة 1992 جنوب القاهرة الابتدائية على المطعون ضدهما بطلب الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يؤديا إليهم مبلغ مائة ألف جنيه.
وقالوا بياناً لذلك إن تابعي المطعون ضدهما قاموا بتعذيب مورثهم إبان اعتقاله في الفترة من 6/9/1965 حتى 8/11/1967 مما أصابهم ومورثهم بأضرار مادية وأدبية توجب تعويضهم عنها مقدراً بالمبلغ المطالب به فأقاموا الدعوى،
ومحكمة أول درجة حكمت برفضها. استأنف الطاعنون هذا الحكم برقم ….. لسنة 111 ق القاهرة، وبتاريخ 21/6/1994 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف.
طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعنون بأسباب الطعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال
إذ أقام قضاءه برفض دعواهم بالتعويض على ما ذهب إليه من تنازل مورثهم ضمناً عن حقه في المطالبة به لعدم رفعه دعواه من تاريخ الإفراج عنه عام 1967 وحتى وفاته عام 1974 في حين أن ما استخلصته المحكمة لا ينبئ بذاته عن حدوث التنازل الضمني لأن الظروف السياسية، والخوف من إعادة اعتقال المورث يقف مانعاً دون إقامة الدعوى فضلاً عن أن سقوط حق المورث في التعويض لا يمتد إلى حقهم الشخصي في المطالبة به.
وحيث إن هذا النعي سديد
ذلك أن المقرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن النزول الضمني عن الحق المسقط له يجب أن يكون بقول أو عمل أو إجراء دال بذاته على ترك ذلك الحق دلالة لا تحتمل الشك، وهو ما لا يتحقق في مجرد تأخر المطالبة به أو السكوت عليه مدة من الزمن، وأن استخلاص النزول الضمني عن الحق وإن كان يدخل في سلطة محكمة الموضوع إلا أنه يتعين أن يكون الاستخلاص سائغاً ومقاماً على أسباب من شأنها أن تفيد هذا النزول على سبيل الجزم.
كما وأنه إذا اشتملت الدعوى على طلبات متعددة ناشئة عن سبب قانوني واحد فإنه يتعين على المحكمة أن تفصل في هذه الطلبات على استقلال. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دعوى الطاعنين بالتعويض في شقيها الذاتي والموروث على ما قرره من أن مورثهم أسقط حقه ضمناً في المطالبة به حال حياته منذ الإفراج عنه عام 1967 وحتى وفاته عام 1974 .
في حين أن ما خلص إليه الحكم وجعله سنداً لقضائه غير سائغ إذ لا يمكن اعتبار هذا السكوت بذاته دالا على توفر الإرادة الضمنية على التنازل، وليس من شأنه أن يؤدي بطريق اللزوم إلى النتيجة التي انتهى إليها فضلاً عن أن ما افترضه الحكم من تنازل وإن أخذ به في شأن حق المورث فلا يصلح أن يكون سبباً لرفض دعواهم الشخصية بالتعويض، ومن ثم فإن الحكم يكون فضلاً عن خطئه في تطبيق القانون قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه
أحكام النقض المدني الطعن رقم 3619 لسنة 63 بتاريخ 7 / 3 / 2002 – مكتب فني 53 – جزء 1 – صـ 369
وحيث إن الوقائع ـ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ـ تتحصل في أن
الطاعنة الأولى أقامت الدعوى رقم …… لسنة…….. مدني جنوب القاهرة الابتدائية على المطعون ضدهما بطلب الحكم بإلزامهما متضامنين بأداء خمسين ألف جنيه، تم تعديله إلى مبلغ مليون ومائة وخمسين ألف جنيه، بعد تدخل الطاعنين من الثانية حتى الأخيرة، وقالوا بيانا لذلك أن مورثهم “…………” اعتقل اعتبارا من 31/12/1958 حيث عذب في السجون وظل بها حتى قتل بتاريخ 4/4/1964 نتيجة طلق ناري أطلق عليه أثناء اعتقاله.
وأصابهم من جراء ذلك أضرار أدبية فضلا عن التعويض المستحق لمورثهم عن تعذيبه وقتله، يقدرون التعويض الجابر عنها بالمبلغ المطالب به، فأقاموا الدعوى، ومحكمة أول درجة بعد أن أحالت الدعوى إلى التحقيق وسمعت شاهدي الطاعنين، حكمت بإلزام المطعون ضدهما متضامنين بأن يؤديا للطاعنتين الأولى والثانية مبلغ عشرة آلاف جنيه تعويضا أدبيا وللطاعنين جميعا مبلغ ثلاثين ألف جنيه تعويضا موروثا.
استأنف الطرفان هذا الحكم بالاستئنافين رقمي…….. و……….. سنة……… ق القاهرة، وبعد أن ضمتهما المحكمة قضت بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام المطعون ضده الثاني بأن يدفع إلى الطاعنين مبلغ عشرة آلاف جنيه، طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعنون بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون
ذلك أنه قضى بعدم قبول دعواهم بالنسبة للمطعون ضده الأول ـ رئيس الجمهورية ـ لرفعها على غير ذي صفة، في حين أن التعويض عن التعذيب هو مسئولية الدولة ورئيس الجمهورية هو رئيسها، الأمر الذي يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد
ذلك إن النص في المادة 57 من الدستور على أن كل اعتداء على الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين وغيرها من الحقوق والحريات العامة التي يكفلها الدستور والقانون جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية ولا المدنية الناشئة عنها بالتقادم، وتكفل الدولة تعويضا عادلا لمن وقع عليه الاعتداء”.
وفي المادة الثانية من اتفاقية مناهضة التعذيب ـ التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 10/12/1984 ـ ووافقت مصر عليها بقرار رئيس الجمهورية رقم 154 لسنة 1986 ـ على أن
تتخذ كل دولة إجراءات تشريعية أو إدارية أو قضائية فعالة أو أية إجراءات أخرى لمنع أعمال التعذيب في أية إقليم يخضع لاختصاصها القضائي….”
ولا يجوز التذرع بأية ظروف استثنائية أية كانت سواء أكانت هذه الظروف حالة حرب أو تهديد بالحرب أو عدم استقرار سياسي داخلي أو أية حالة من حالات الطوارئ العامة كمبرر للتعذيب… ولا يجوز التذرع بالأوامر الصادرة عن موظفين أعلى مرتبة أو عن سلطة عامة كمبرر للتعذيب…”
وفي المادة الرابعة منها على أن
تضمن كل دولة طرف أن تكون جميع أعمال التعذيب جرائم بموجب قانونها الجنائي… مستوجبة للعقاب بعقوبات مناسبة تأخذ في الاعتبار طبيعتها الخطيرة”.
وفي المادة الرابعة عشرة على أن
تضمن كل دولة طرف في نظامها القانوني إنصاف من يتعرض لعمل من أعمال التعذيب وتمتعه بحق قابل للتنفيذ في تعويض عادل ومناسب”
يدل على أن المشرع قدر أن التعذيب الذي ترتكبه السلطة ضد الأفراد هو عمل إجرامي ذو طبيعة خطيرة أيا كانت الظروف التي يقع فيها أو السلطة الآمرة بارتكابه.
وأن الدعاوى الناشئة عنه قد يتعذر الوصول إلى الحق فيها ما بقيت الظروف السياسية التي وقعت في ظلها قائمة ولذلك استثنى المشرع هذه الدعاوى من القواعد العامة فمنع سقوطها بالتقادم ولم يقصر المسئولية فيها على مرتكبي التعذيب والجهات التي يتبعونها، بل جعل هذه المسئولية على عاتق الدولة بأسرها.
لما كان ذلك وكان مفاد المواد 73، 137، 138 من الدستور أن رئيس الدولة هو رئيس الجمهورية وهو الذي يتولى السلطة التنفيذية فيها ويضع بالاشتراك مع مجلس الوزراء السياسة العامة للدولة ويشرفان على تنفيذها.
ومن ثم فهو ذو صفة في تمثيل الدولة، ولا يغير من ذلك أن الوزير يمثل الدولة في الشئون المتعلقة بوزارته باعتباره المتولي الإشراف على شئونها والمسئول عنها والذي يقوم بتنفيذ سياسة الحكومة فيها،
فذلك ليس من شأنه أن ينفي صفة رئيس الجمهورية في تمثيل الدولة ذاتها في دعاوى التعويض عن وقائع التعذيب وغيرها من الاعتداءات على الحريات والحقوق العامة والتي تسأل الدولة عنها بنص الدستور، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه.
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب
ذلك أنه خفض التعويض المقضي به بصورة جزافية دون أن يبين عناصر الضرر التي أدخلها في حسابه عند تخفيض التعويض، وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث أن هذا النعي في محله
ذلك إنه وإن كان تقدير التعويض عن الضرر من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع إلا أن تعيين عناصر الضرر التي تدخل في حساب التعويض هو من مسائل القانون التي تخضع لرقابة محكمة النقض. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد اقتصر على القول بأن مبلغ أربعة آلاف جنيه كافية لجبر الضرر الأدبي الذي أصاب أخوات المجني عليه وأن مبلغ ستة آلاف جنيه كافية لجبر الضرر الموروث، دون بيان لعناصر هذه الأضرار التي أدخلها في حسابه عند إعادة تقدير التعويض فإنه يكون مشوبا بالقصور بما يوجب نقضه
أحكام النقض المدني الطعن رقم 3218 لسنة 63 بتاريخ 5 / 4 / 2001 – مكتب فني 52 – جزء 1 – صـ 484
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن
الطاعنين أقاموا الدعوى رقم………… لسنة………. مدني جنوب القاهرة الابتدائية على المطعون ضدهما بصفتهما بطلب الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يؤديا إليهم مبلغ خمسين ألف جنيه تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت بمورثهم من جراء تعذيبه أثناء اعتقاله في الفترة من 26/8/1953 وحتى عام 1964 ومحكمة أول درجة – بعد أن أحالت الدعوى للتحقيق وسمعت الشهود – حكمت بإلزام المطعون ضدهما متضامنين بمبلغ ستة آلاف جنيه تعويضاً عن الأضرار التي حاقت بالمورث.
استأنف الطرفان هذا الحكم بالأستئنافين رقمي…………., …………. لسنة……….ق القاهرة.
ومحكمة الاستئناف بعد أن ضمت الاستئنافين قضت بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض بطلب نقض الحكم وتأييد الحكم المستأنف أو الإحالة وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه وعرض الطعن على هذه المحكمة – في غرفة مشورة – فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول من أسباب الطعن مخالفته للقانون وبيانا لذلك يقولون
أن الحكم قد اشترط لتحقق الضرر المادي نتيجة التعذيب أن يكون قد نجم عنه إصابة الجسم أو العقل بأذى يخل بقدرة صاحبه على الكسب أو يكبده نفقات لعلاجه في حين أن مجرد المساس بسلامة الجسد بأي أذى من شأنه الإخلال بالحقوق التي كفلها الدستور والقانون وجرم التعدي عليها ويتوافر به الضرر المادي مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد
ذلك أن المساس بمصلحة مشروعة للمضرور في شخصه أو في ماله إما بالإخلال بحق ثابت يكفله له القانون أو بمصلحة مالية له فإنه يتوافر بمجرده الضرر المادي, وكان حق الإنسان في الحياة وسلامة جسمه من الحقوق التي كفلها الدستور والقانون وجرم التعدي عليه ومن ثم فإن المساس بسلامة الجسم بأي أذى من شأنه الإخلال بهذا الحق يتوافر به الضرر المادي.
لما كان ذلك. وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى رفض طلب التعويض المادي الناجم عن تعذيب مورث الطاعنين أثناء فترة اعتقاله لخلو الأوراق مما يفيد إصابته في جسمه أو عقله بأذى أخل بقدرته على الكسب أو كبده نفقات لعلاجه في حين أن مجرد المساس بسلامة جسده يتوافر به الضرر المادي فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم تقضي المحكمة بتأييد الحكم المستأنف
أحكام النقض المدني الطعن رقم 2220 لسنة 63 بتاريخ 15 / 11 / 2000 – مكتب فني 51 – جزء 2 – صـ 1000
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن
الطاعن أقام على المطعون ضدهم بصفاتهم الدعوى رقم 19102 لسنة 1991 مدني جنوب القاهرة الابتدائية للحكم بإلزامهم أن يؤدوا له ثلاثمائة ألف جنيه، وقال في بيان الدعوى، إنه اعتقل عامي 1954، 1965 لانتمائه إلى جماعة الإخوان المسلمين، وأودع بسجون تابعة للمطعون ضدهما الأخيرين،
وقد سامه أتباعهما صنوف العذاب الجسدي والنفسي، مما أصابه بأضرار يقدر التعويض الجابر لها بالمبلغ المطالب به، فأقام الدعوى للحكم بطلبه سالف البيان. أحالت المحكمة الدعوى للتحقيق، وبعد سماعها شاهدي الطاعن حكمت بتاريخ 25/6/1992 بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للمطعون ضده الأول، وبإلزام المطعون ضدهما الأخيرين بأن يؤديا للطاعن تعويضاً مقداره خمسة آلاف جنيه.
استأنف المطعون ضدهما الثاني والثالث هذا الحكم بالاستئناف رقم 9809 لسنة 109 ق القاهرة، كما استأنفه الطاعن بالاستئناف رقم 9816 لسنة 109 ق القاهرة. وبعد أن أمرت المحكمة بضمهما حكمت بتاريخ 14/1/1993 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى.
طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره. وفيها التزمت النيابة رأيها
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بأولهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول
إنه تمسك ببطلان إعلانه بصحيفة الاستئناف رقم 9809 لسنة 109 ق القاهرة في موطنه المختار رغم بيان محل إقامته بصحيفة افتتاح الدعوى وبالتالي يكون هذا الإعلان باطلاً، وإذ لم يتم إعلانه إعلاناً صحيحاً خلال ثلاثة أشهر التالية لإيداع الصحيفة، فقد دفع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن عملاً بنص المادة 70 مرافعات، وإذ لم يقض الحكم المطعون فيه ببطلان إعلانه بالصحيفة أو اعتبار الاستئناف كأن لم يكن، يكون معيباً مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول
ذلك أن الثابت بمحضر جلسة 14/12/1992 أمام المحكمة الاستئنافية، أن الطاعن دفع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لعدم إعلان صحيفته خلال ثلاثة أشهر، وقد رد الحكم المطعون فيه على الدفع بأنه غير صحيح إذ تم الإعلان على الموطن المختار خلال الميعاد، وكان الطاعن لم يتمسك ببطلان إعلانه في هذا الموطن أمام محكمة الاستئناف.
فإنه لا يجوز التمسك به – لأول مرة – أمام هذه المحكمة، لما هو مقرر – في قضائها – من أن بطلان أوراق التكليف بالحضور لعيب في الإعلان هو بطلان نسبي مقرر لمصلحة من شرع لحمياته، وليس متعلقاً بالنظام العام، وبالتالي فلا يجوز للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها، وإنما يجب على الخصم الذي تقرر هذا البطلان لمصلحته أن يتمسك به أمام محكمة الموضوع.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه، مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول
إن الحكم أطرح أقوال شاهديه بتعذيبه خلال فترة اعتقاله، تأسيساً على أن الأوراق قد خلت من دليل على اعتقالهما معه في ذات السجون، والمعتقلات ومشاهدتهما بالتالي ما وقع عليه من تعذيب، وأنه لم يقدم دليلاً فنياً على حدوث الإصابة من جراء هذا التعذيب، في حين أنه يتعذر عليه تقديم دليل كتابي يفيد اعتقاله مع الشاهدين، كما أن أفعال التعذيب وقائع مادية يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات ومنها البينة.
وأنه وإن كان لمحكمة الموضوع سلطة تقدير أقوال الشهود، إلا أن ذلك مشروط بألا يخالف الثابت بالأوراق، وكان المطعون ضدهم قد وقفوا في بيان أسباب استئنافهم عند المنازعة في مقدار التعويض، دون أن يتناولوا أقوال الشهود بثمة مطعن، بما يكون الحكم المطعون فيه معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله
ذلك أنه ولئن كانت محكمة الموضوع غير ملزمة بإيراد أسباب عدم اطمئنانها لأقوال الشهود، إلا أنها إذا أوردت أسباباً لذلك يتعين أن تكون سائغة، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى على ما أورده من قول “….. لما كان المدعي ارتكن في إثبات مدعاة إلى شهادة شاهديه، اللذان سمعا أمام محكمة أول درجة والتي أقامت عليها المحكمة قضائها، فإن هذه المحكمة لا تطمئن إلى شهادتهما.
ذلك أن أوراق الدعوى قد خلت منذ بدايتها وحتى تاريخ حجزها للحكم أنهما اعتقلا مع المستأنف ضده في ذات السجون والمعتقلات، وما صاحب هذا الاعتقال من تعذيب، خاصة وأن الأوراق قد خلت من دليل فني على وجود آثار لهذا التعذيب…….. وكانت الأوراق قد خلت من دليل على واقعة الاعتقال أصلا ثم ما صاحب هذا الاعتقال من تعذيب بعد طرح الشاهدين التي لم تطمئن إليها المحكمة …….. وكان هذا الذي أورده الحكم، وأقام عليه قضاءه غير سائغ.
إذ لا تشترط الأدلة الكتابية ليثبت الأفراد سبق اعتقالهم، ولا تشترط الإصابة لإثبات وقوع التعذيب، وليست الكتابة شرطا لإثبات الإصابة، كما وأن حق الإنسان في سلامة جسمه من الحقوق التي كفلها الدستور والقانون، وجرم التعدي عليه، بما مؤداه أن المساس بسلامة الجسم بأي أذى، من شأنه الإخلال بهذا الحق،
ويتوافر به الضرر المادي المستوجب للتعويض، سواء نتجت عنه إصابة أم لا، وهو من الوقائع المادية التي يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات ومنها البينة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون معيبا بالخطأ في تطبيق القانون فضلا عن الفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه، على أن يكون مع النقض الإحالة
أحكام النقض المدني الطعن رقم 305 لسنة 69 بتاريخ 6 / 2 / 2000 – مكتب فني 51 – جزء 1 – صـ 267
الوقائع
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 675 لسنة 1997 الجيزة الابتدائية ضد الطاعن بطلب الحكم بإخلاء المصنع المبين بالصحيفة والتسليم وقال بياناً لها إنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 1/1/1997 استأجر الطاعن منه هذا المصنع لقاء أجرة شهرية مقدارها أربعمائة جنيه.
وإذ تأخر في سداد الأجرة عن المدة من 1/4/1996 حتى 1/1/1997 رغم تكليفه بالوفاء أقام الدعوى حكمت المحكمة بالإخلاء استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 3859 لسنة 115ق القاهرة وبتاريخ 16/1/1999 حكمت بتأييد الحكم المستأنف.
طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن ما لم يقدم المحامي رافع الطعن ما يدل على تعيينه قيم لتمثيل الطاعن وسند وكالته عنه وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة العامة بعدم قبول الطعن شكلاً
أن الطاعن محكوم عليه بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة خمس سنوات في الجناية رقم ……… لسنة ……. جنايات قصر النيل بتاريخ 23/8/1997 وأنه محبوس منذ 4/11/1996 حتى تاريخ انتهاء تنفيذ العقوبة وأن القيم الذي تعينه المحكمة بناء على طلب النيابة العامة أو ذوي المصلحة هو الذي يمثله أمام المحاكم.
وحيث إن الدفع المبدى من النيابة العامة غير سديد
ذلك أنه ولئن كان مؤدى نص المادتين 24، 25/4 من قانون العقوبات أن كل حكم بعقوبة جناية يستتبع حتماً وبقوة القانون حرمان المحكوم عليه من حق إدارة أشغاله الخاصة بأمواله وأملاكه مدة اعتقاله، على أن يعين قيماً لهذه الإدارة تقره المحكمة فإذا لم يعينه عينته المحكمة المدنية التابع لها محل إقامته في غرفة مشورة بناء على طلب النيابة العامة أو ذي المصلحة في ذلك إلا إذا وجد في قانون العقوبات أو غيره من القوانين الأخرى واللوائح الخصوصية نص يستثنى المحكوم عليه من هذا الحرمان.
مما مؤداه – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – عدم أهلية المحكوم عليه للتقاضي أمام المحاكم سواء بصفته مدعياً أو مدعى عليه وتمثله في ذلك – طوال مدة تنفيذ العقوبة – القيم الذي تعينه المحكمة المدنية لذلك بناء على طلب النيابة أو ذي المصلحة إلا إنه إذا اختصم المحكوم عليه بصفته الشخصية وصدر الحكم عليه بهذه الصفة وكان السبيل الوحيد للطعن في هذا الحكم بطريق النقض هو التقرير به بذات الصفة التي كان مختصماً بها أمام محكمة الاستئناف فإن طعنه بالنقض على هذا النحو يكون صحيحاً.
وحيث إن الطعن – ولما تقدم – يكون قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون
ذلك أنه تمسك ببطلان الحكم المستأنف لعدم إعلانه بصحيفة الدعوى على الوجه المقرر قانوناً حال أنه قدم شهادة من سجن أبو زعبل تتضمن أنه مقيد الحرية منذ 2/11/1996 تنفيذاً للحكم الصادر ضده في الجناية رقم …… لسنة …….. كلي وسط القاهرة بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة خمس سنوات مما يلزم معه تعيين قيم لإدارة أمواله سواء من النيابة العامة أو ذي المصلحة غير أن الحكم رفض هذا الدفاع على سند من أن الطاعن مثل بوكيل عنه أمام محكمة أول درجة ولم يتمسك بالبطلان، وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد
ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأصل في انعقاد الخصومة أن يكون طرفاها أهلا للتقاضي وإلا قام مقامهم من يمثلهم قانوناً وأن واجب الخصم أن يراقب ما يطرأ على خصمه من تغيير بسبب الوفاة أو تغيير الصفة حتى تأخذ الخصومة مجراها الصحيح
وأن مؤدى نص المادتين 24/1، 25/4 من قانون العقوبات أن كل حكم يصدر بعقوبة جناية يستتبع حتما وبقوة القانون عدم أهلية المحكوم عليه للتقاضي أمام المحاكم سواء بصفته مدعياً أو مدعى عليه .
بما يوجب إن لم يعين هو قيما تقره المحكمة تتولى المحكمة المدنية التابع لها محل إقامته في غرفة مشورة تعيين هذا القيم بناء على طلب النيابة العامة أو من له مصلحة في ذلك فإذا اختصم أو خاصم بشخصه في دعوى خلال فترة تنفيذ العقوبة الأصلية المقضي بها عليه دون القيم الذي يمثله قانونا من قبل المحكمة بطلت إجراءات الخصومة بقوة القانون واعتبرت كأن لم تكن
لما كان ذلك وكان المحامي الحاضر عن الطاعن تمسك في دفاعه أمام محكمة الاستئناف بأن موكله مسجون بسجن أبو زعبل تنفيذا للحكم الصادر ضده في الجناية رقم …….. لسنة ……. قصر النيل بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات اعتباراً من 4/11/1996 قبل رفع الدعوى الحاصل في 22/3/1997 وقدم شهادة صادرة من سجن أبو زعبل مؤيده لدفاعه.
وإذ اجتزأ الحكم المطعون فيه في رده على هذا الدفاع بقوله بأن الطاعن كان ممثلاً بوكيل أمام أول درجة ولم يتمسك بالبطلان رغم تعلق هذا البطلان بالنظام العام فإنه يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إنه لما تقدم وكان الموضوع صالح للفصل فيه فإنه يتعين الحكم في موضوع الاستئناف رقم 3859 لسنة 115 ق القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف وببطلان إجراءات الخصومة في الدعوى
اثبات الاعتقال
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الأولى
بالجلسة المنعقدة علناً فى يوم السبت الموافق 1/ 11 /2002 م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور / عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين / يحيى خضرى نوبى محمد ود . محمد ماجد محمود أحمد وأحمد عبد الحميد حسن عبود ومحمد أحمد محمود محمد
نــواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار / حتة محمود حتة
مفـــوض الدولــــة
وحضور السيد / كمال نجيب مرسيس سكرتير المحكمة
أصدرت الحكم الآتى
فى الطعن رقم 1198 لسنة 46 قضائية عليا
المقام من
محمد عبد المقصود محمد خليل
ضــــــــــد
- رئيس الجمهورية .
- وزير الدفاع .
- رئيس المخابرات العامة .
فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة فى الدعوى رقم 2828 لسنة 48 ق بجلسة 7/11 / 1999
اجراءات الطعن
فى يوم الإثنين الموافق 6/12/1999 أودع الأستاذ / محمد عبد المقصود خليل المحامى بصفته طاعنا , قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن – قيد برقم 1198 لسنة 46 قضائية عليا – فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى / دائرة العقود الإدارية والتعويضات بالقاهرة فى الدعوى المشار إليها بعاليه , والقاضى فى منطوقه ” حكمت المحكمة : بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإدارى وألزمت المدعى المصروفات .
وطلب الطاعن – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلزام المطعون ضدهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ خمسين ألف جنيه تعويضا عن الأضرار المادية والأدبية التى لحقت به , مع إلزامهم بالمصروفات .
وجرى إعلان الطعن إلى المطعون ضدهم على النحو المبين بالأوراق .
وأعدت هيئة مفوضى الدولة تقريرا برأيها القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع برفضه مع إلزام الطاعن المصروفات .
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 4/3/2002 , وتدوول بجلسات المرافعة على النحو المبين بمحاضر الجلسات , وبجلسة 3/6/2002 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا ( الدائرة الأولى / موضوع ) لنظره بجلسة 22/6/2002 .
ونظـرت المحكمـــــة الطعن بجلسات المرافعة على الوجه الثابت بمحاضر الجلسات , وبجلسة 14/12/2002 قررت المحكمة إصـــدار الحكم فى الطعن بجلســــة 1/2/2003 , وفيها قررت المحكمة إعادة الطعن للمرافعة بجلسة 15/3/2003 للأسبــــاب المبينة بمحضر الجلسة .
وتدوول الطعن مجددا بجلسات المرافعة , وبجلسة 3/5/2003 حضر الطاعن شخصيا وقرر أنه يتنازل عن اختصام المطعون ضده الأول والثانى , وبذات الجلسة قررت المحكمة إصـــــدار الحكم بجلسة 1/11/2003 وصرحت بتقديم مذكرات فى شهر , ومضى هذا الأجل دون أن يقدم أحد من الطرفين أية مذكرات .
وبجلسة اليوم صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به .
المحكمـة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية
ومن حيث إن عناصر النزاع قد بسطها الحكم المطعون فيه بسطا كافيا , وهو ما تحيل معه المحكمة فى هذا الصدد إلى الحكم المذكور تفاديا للتكرار .
ومن حيث إن محكمة القضاء الإدارى قد شيدت حكمها الطعين بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإدارى , على أن المدعى عليهم ( المطعون ضدهم ) قد نفوا وجود قرار باعتقال المدعى ( الطاعن ) وذلك حسبما جاء بالكتب المودعة بالدعوى والتى لم ينكرها المدعى.
كما أن المدعى لم يحضر أيا من جلسات المرافعة سواء بشخصه أو وكيل عنه وذلك رغم تأجيل نظر الدعوى مرارا ليقدم سند دعواه , إلا أنه لم يقدم أى مستند يؤيد صحة ما يدعيه حتى تاريخ حجز الدعوى للحكم , الأمر الذى ينتفى معه القرار المدعى بصدوره .
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل على الحكم سالف الذكر , أنه أخطأ فى تطبيق القانون وخالف المبادئ المستقرة فى مجال المنازعات الإدارية والتى تلزم الإدارة بتقديم الأوراق والمستندات المتعلقة بموضوع النزاع , فإذا نكلت عن تقديمها فإن ذلك يقيم قرينة لصالح المدعى تلقى عبء الإثبات على عاتق الحكومة .
كما أن المستندات الضوئية المقدمة من جهة الإدارة تتناقض مع ما ورد بالحكم الصادر فى الدعوى رقم 6214 لسنة 38 ق بجلسة 4/12/1988 والقاضى لصالح أحد زملائه بالتعويض عن ذات المدة وضد نفس الخصوم , فضلا عن أنه ينكر هذه المستندات ويجحدها .
ومن حيث إن مناط قيام مسئولية الجهة الإدارية عن التعويض عن قراراتها غير المشروعة , هو توافر أركان المسئولية المدنية المتمثلة فى الخطأ والضرر وعلاقة السببية بينهما .
ومن حيث إنه عن ركن الخطأ :
فإن من المقرر أن الأصل فى عبء الإثبات أنه يقع على عاتق المدعى عملا بنص المادة (1) من قانون الإثبات فى المواد المدنية والتجارية رقم 25 لسنة 1968 والذى يجرى على أنه :
على الدائن إثبات الالتزام وعلى المدين إثبات التخلص منه ” إلا أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه لا يستقيم الأخذ بهذا الأصل فى مجال المنازعات الإدارية بالنظر إلى أن الجهة الإدارية هى غالبا ما تحتفظ بالأوراق والمستندات المتعلقة بالنزاع والمنتجة فيه نفيا وإثباتا .
ولهذا إذا نكلت الجهة الإدارية عن تقديم ما لديها من أوراق لازمة للفصل فى الدعوى فإن نكولها هذا يعد قرينة لصالح المدعى تلقى عبء الاثبات على عاتق الحكومة، بيد أن هذه القرينة وقد جاءت على خلاف الأصل وتعد بمثابة استثناء من هذا الأصل.
فإن مجال إعمالها يكون مقيدا بحالة سكوت الجهة الإدارية وصمتها التام فى الرد على الدعوى أو اتخاذها موقفا سلبيا إزاء تقديم المستندات الحاسمة فى الدعوى ومن ثم فإذا نشطت هذه الجهة وقامت بالرد على الدعوى وقدمت ما فى حوزتها من أوراق ومستندات متعلقة بها , فإن عبء الإثبات يعود إلى أصله المقرر وهو التزام المدعى بإثبات دعواه , وإلا أضحت الدعوى فاقدة لسندها القانونى خليقة بالرفض .
ومن حيث إنه تأسيسـا على ذلك ولما كان الثابت من الأوراق أن المــــــدعى ( الطاعن ) قد أقام دعواه المطعون على حكمها , مختصما رئيس الجمهورية ووزير الدفاع ورئيس المخابرات العامة , وطالبا الحكم بإلزامهم بالتعويض عن الأضرار التى أصــــابته من جراء القرار الصـــــادر باعتقــــاله خلال الفترة من 21/4/1976 حتى 15/11/1967.
ولدى تداول الدعوى أمام محكمة القضاء الإدارى قدم المدعى عليهم حافظة مستندات طويت على صور المكاتبات المرسلة إلى هيئة قضايا الدولة ردا على الدعوى , بما يفيد أنه لم يصدر منهم أى قرار باعتقال المدعى خلال الفترة المشار إليها وليس لديهم أية معلومات أو مستندات تخص موضوع الدعوى.
ومن ثم وإذ أخفق المدعى فى تقديم الدليل على صحة ادعائه الاعتقال خلال الفترة من 21/4/1967 حتى 15/11/1967 بموجب إجراء أو قرار صادر من المدعى عليهم أو أحدهم , فإن ركن الخطأ الموجب لعقد مسئولية الجهة الإدارية عن تعويضه يضحى غير متوافر فى الدعوى , مما تنهار معه هذه المسئولية , وبالتالى تصبح دعواه مفتقرة لسندها القانونى حرية بالرفض .
ومن حيث إنه ولئن كانت النتيجة التى خلص إليها الحكم المطعون فيه – وهى عدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإدارى – تتلاقى فى الأثر والغاية مع النتيجة السابقة , إلا أنه لا يسوغ فى مقام التطبيق الصحيح للقانون والتأصيل الواعى لمبادئ القانون الإدارى التسليم بهذه النتيجة , وذلك لكونها تناسب فقط دعوى الإلغاء وليس دعوى التعويض التى انصبت عليها طلبات المدعى.
مما كان يتعين معه على محكمة أول درجة أن تقضى برفض الدعوى وليس بعدم قبولها , الأمر الذى ترى معه المحكمة أنه لا مناص من القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا بقبول الدعوى شكلا لتعلقها بحرية من الحريات العامة التى كفل الدستور عدم سقوط الحقوق المتعلقة بها بالتقادم وبرفضها موضوعا للأسباب سالفة البيان .
ومن حيث إنه لا وجه لاستناد الطاعن إلى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى فى الدعوى رقم 6214 لسنة 38 ق بجلسة 4/12/1988 فيما قضى به من تعويض لمن يزعم أنه أحد زملائه الذين اعتقلوا معه فى ذات الفترة المطالب بالتعويض عنها , ذلك أن ثبوت اعتقال هذا الزميل بناء على الحكم المذكور لا يعنى بالضرورة ثبوت اعتقال الطاعن خاصة وأن الحكم لم يتضمن أية إشارة إلى اسمه .
وأن الجهة الإدارية المختصة وهى المخابرات العامة قد أقرت صراحة فى تلك الدعوى بأنها اعتقلت المدعى فى حين أنكرت ذلك فى الدعوى المقامة من الطاعن , إلى جانب أن حجية الحكم مقصورة على أطرافه , كما أنه لا وجه أيضا لما ذهب إليه الطاعن من جحد للمستندات الضوئية المقدمة من جهة الإدارة .
ذلك أن هذه المستندات – وهى عبارة عن مكاتبات صادرة من جهة الإدارة إلى هيئة قضايا الدولة بشأن الرد على الدعوى – لا تعدو أن تكون إفادة أو دفاعاً من جانب الإدارة , ولا تندرج فى مفهوم المستندات التى عناها المشرع فى قانون الإثبات والتى تقبل الجحد والإنكار .
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملا بحكم المادة 184 من قانون المرافعات .
” فلهــــــــذه الأســــــــباب “
حكمت المحكمة :
بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا , وألزمت الطاعن المصروفات .
اعتقال
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الأولى
بالجلسة المنعقدة علناً في يوم السبت الموافق 15/3/2003م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور / عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين / على فكرى حسن صالح ود. محمد ماجد محمود أحمد وأحمد حلمي محمد أحمد حلمي ومحمد أحمد محمود محمد .
نواب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار / حتة محمود حتة
مفـوض الدولـة
وحضور السيد / كمال نجيب مرسيس سكرتير المحكمة
أصدرت الحكم الآتي
في الطعن رقم 8010 لسنة 45 ق. عليا
المقـــام من
1- رئيس الجمهورية
2- وزير الداخلية
ضــــــــــــــد
أحمد يوسف محمد حمد الله
*************
في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة في الدعوى رقم 1204 لسنة 47 ق بجلسة 27/6/1999
الإجـــــــــــــراءات
فى يوم الثلاثاء الموافق 24 من أغسطس سنة 1999 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمـــة الإدارية العليا , تقرير طعـــــن – قيد برقم 8010 لسنـــة 45 قضائية عليا – فى الحكــــــم الصادر مـــن محكمة القضــاء الإدارى / دائرة العقود والتعويضات بالقاهرة فى الدعوى رقــم 1204 لسنة 47 ق بجلســــة 27/6/1999 , والقاضى فى منطوقه ” بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلزام المدعى عليهما بصفتيهما متضامنين بأن يؤديا للمدعــى مبلغاً مقـداره 6000 جنيه ( ستة آلاف جنيه ) والمصروفات ” .
وطلب الطاعنان – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – تحديد أقرب جلسة أمام دائرة فحص الطعون لتأمر بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى بقبوله شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده بالمصروفات عن درجتى التقاضى .
وجرى إعلان الطعن إلى المطعون ضده على النحو المبين بالأوراق .
وأعدت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً برأيها القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبوله شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية المصروفات .
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 16/10/2000 وتدوول بجلسات المرافعة على النحو المبين بمحاضر الجلسات , وبجلسة 15/4/2002 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمـــة الإدارية العليا / دائرة الموضـــوع لنظره بجلســــة 18/5/2002.
ونظرت المحكمة الطعن على الوجــــه الثابت بمحاضر الجلســــات , وبجلســــة 4/1/2003 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 8/3/2003 وصرحت بتقديم مذكرات فى شهر , وخلال هذا الأجل أودعت هيئة قضايا الدولة مذكرة دفاع صممت فى ختامها على الطلبات الواردة بصحيفة الطعن .
وبجلسة 8/3/2003 قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لإتمام المداولة , وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به .
المحكمـــــــــــــــــــة
بعــــد الاطــلاع علـــى الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولـــة ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية .
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل – حسبما يبين من الأوراق – فى أنه بتاريخ 18/11/1992 أقام المطعون ضده الدعوى رقم 1204 لسنة 47 ق أمام محكمة القضاء الإدارى / دائرة العقود الإدارية والتعويضات بالقاهرة طالباً الحكم بالتعويض المناسب عما لحقه من أضرار مادية وأدبية من جراء اعتقاله .
وقال شرحاً لدعواه :
أنه تم اعتقاله بتاريخ 3/9/1981 دون أن يعلم سبب الاعتقال أو مكانه , ولم يخلَ سبيله رغم براءة ساحته إلا فى 30/3/1983 بعد مرور ما يزيد على عام ونصف ذاق خلالها مرارة الحرمان من الأهل ومن الحرية ومن كافة حقوقه التى كفلها الدستور والقانون , ثم أعيد اعتقاله مرة أخرى بتاريخ 2/3/1987 فتظلم من قــرار الاعتقــــــال وأخلى سبيله فى 7/5/1987 .
ثم اعتقل بعد ذلك عدة مرات خلال الفترة من 25/11/1987 حتى 10/2/1988 والفترة من 7/5/1988 حتى 26/6/1988 , وبعد اعتقاله فى 12/2/1991 تظلم إلى محكمة أمن الدولة العليا التى قررت إخلاء سبيله ورفضت اعتراض وزير الداخلية على قرار الإفراج , إلا أن المدعى عليه الثانى ( وزير الداخلية ) لم ينفذ الأحكام الصادرة من القضاء بإخلاء سبيله , ونعى المدعى على قرارات اعتقاله أنها قرارات غير مشروعة ومشوبة بالظلم والتعسف .
إذ إنه لم يرتكب أية أفعال تفيد أنه خطر على الأمن العام مما يستوجب اعتقاله , وقد ترتب عليها إصابته بأضرار مادية وأدبية تتمثل فى تعثره فى دراسته وتخلفه عن ركب أقرانه وحرمانه من حريته ومن أبنائه وزوجته وعشيرته إلى جانب معاناته النفسية , وخلص المدعى فى ختام صحيفة دعواه إلى طلباته سالفة البيان .
وبجلسة 27/6/1999 أصدرت محكمة القضاء الإدارى حكمها المطعون فيه بإلزام المدعى عليهما متضامنين بأن يؤديا للمدعى تعويضاً مقداره ستة آلاف جنيه مع المصروفات , وشيدت المحكمة قضاءها على أن المدعى ذكر فى أصل صحيفة الدعوى أنه اعتقل عدة مرات خلال الفترات المبينة بالصحيفة .
وتم تكليف هيئة قضايا الدولة بتقديم المستندات المتعلقة بموضوع الدعوى , سواء كانت مذكرة جهة الإدارة بأسباب اعتقال المدعى وأسانيد ذلك أو قرارات الاعتقال والإفراج عنه , إلا أنها نكلت عن تقديمها سواء أمام هيئة مفوضى الدولة أو أثناء نظر الدعوى بجلسات المرافعة , وهو ما يقيم قرينة لصالح المدعى مــــؤداها أنه اعتقل خـــلال المدد المشـــار إليها بالصحيفة وأن قرارات الاعتقال جاءت غير مشروعة على نحو يتحقق به ركن الخطأ فى جانب الجهة الإدارية .
وهذا الخطأ ترتب عليه إصابة المدعى بأضرار مادية تمثلت فى حرمانه من مورد رزقه خلال مدد الاعتقال , وأضرار أدبية تمثلت فى سلب حريته وامتهان كرامته , مما ترى معه المحكمة أنه يستحق تعويضاً عن ذلك يقدر بمبلغ ستة آلاف جنيه .
بيد أن الحكم المذكور لم يلق قبولاً من جانب الجهة الإدارية المدعى عليها فأقامت طعنها الماثل تنعى فيه على الحكم أنه أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله , وذلك على سند من القول بأن المطعون ضده قد عجز عن إثبات دعواه حيث لم يقدم أية مستندات أو شهادة من مكتب النائب العام المساعد – حسبما هو مقرر فى مثل هذه الدعاوى – تفيد اعتقاله خلال الفترات الواردة بصحيفة دعواه .
ومن ثم يكون ما زعمه من صدور قرارات باعتقاله مجرد قول مرسل لم يقم عليه دليل من الأوراق , وإذ قضى الحكم الطعين رغم ذلك بالتعويض تأسيساً على أن الجهة الإدارية نكلت عن تقديم المستندات التى فى حوزتها , فإنه يكون قد خالف أحكام القانون حيث إن القاعدة الأصولية فى الإثبات أن البينة على من ادعى .
ومن حيث إن جوهر النزاع الماثل ينحصر فيما إذا كانت ثمة قرارات إدارية صدرت باعتقال المطعون ضده خلال الفترات المشار إليها بصحيفة دعواه أم لا .
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على إنه ولئن كان الأصل أن عبء الإثبات يقع على عاتق المدعى , إلا أن الأخذ بهذا الأصل على إطلاقه فى مجال المنازعات الإدارية لا يستقيم مع واقع الحال بالنظر إلى احتفاظ الإدارة فى غالب الأمر بالوثائق والملفات ذات الأثر الحاسم فى المنازعات , مما تلتزم معه الإدارة بتقديم سائر الأوراق والمستندات المتعلقة بموضوع النزاع والمنتجة فى إثباته إيجاباً ونفياً متى طلب منها ذلك , فإذا نكلت عن تقديمها فإن ذلك يقيم قرينة لصالح المدعى تنقل عبء الإثبات من عاتقه إلى عاتق الجهة الإدارية .
ومن حيث إنه ترتيباً على ذلك ولما كان الثابت مما أفاد به المطعون ضده فى صحيفة دعواه إنه تم اعتقاله أكثر من مرة على فترات متقطعة دون سبب أو مبرر قانونى خلال المدة من 3/9/1981 حتى 12/2/1991 حيث بلغ مجموع مدد الاعتقال أكثر من عامين , كما أن الثابت من مراجعة محاضر الجلسات التى نظرت خلالها الدعوى – سواء أمام هيئة مفوضى الدولة أو محكمة القضاء الإدارى – أن جهة الإدارة المدعى عليها قد التزمت الصمت فى الرد على الدعوى .
إذ لم تقدم أية أوراق أو مستندات تدحض صحة ما ذكره المدعى فى صحيفة دعواه , كما لم تدفع الدعوى بأى دفع أو دفاع رغم تداول الدعوى أمام هيئة المفوضين والمحكمة لمدة تصل إلى سبع سنوات ورغم تكليف المحكمة لها بتقديم قرارات اعتقال المدعى والإفـراج عنه وبيان أســـــباب اعتقــــاله وإلا اعتبر الامتناع عن تقديمها تسليماً منها بطلبات المدعى وذلك حسبما يبين من محضر جلسة 24/2/1998 – بل إن جهة الإدارة قد التزمت هذا المسلك السلبى حتى بعد إقامة الطعن الماثل .
ومن ثم فإن ذلك يشكل – حســـبما ذهبت إليه محكمــــة أول درجـــــة – قرينـــــة لصالح المدعى ( المطعون ضده ) مؤداها أن ثمة قرارات قد صدرت من جهة الإدارة باعتقاله خلال المدد المشار إليها بصحيفة الدعوى , وأن هذه القرارات غير مشروعة وتشكل ركن الخطأ المستوجب لقيام مسئوليتها عن تعويض المدعى عما أصابه من أضرار من جراء هذه القرارات .
ومن حيث إنه فى خصوص إثبات عناصر الضرر وعلاقة السببية بينه وبين خطأ الجهة الإدارية , فإن الثابت مما ذكره المطعون ضده فى صحيفة دعواه – ولم تقدم جهة الإدارة ما يدحضه – أنه قد أصيب بأضرار مادية وأدبية من جراء اعتقاله تمثلت فى تعثره فى دراسته وتخلفه عن ركب أقرانه وحرمانه من حريته ومن أبنائه وزوجته وعشيرته إلى جانب معاناته النفسية .
ولا جدال أن مثل هذه الأضرار التى ذكرها المطعون ضده ليست شاذة أو مستبعدة , فالاعتقال – بحسب نظامه وطبيعته – يقوم على أساس قهر إرادة المعتقل والحيلولة بينه وبين ممارسة حياته العادية وما يصاحبها من سعى للدراسة أو العمل او غيرهما , فضلاً عما يسببه الاعتقال من آلام نفسية للمعتقل نتيجة تقييد حريته وتأثر مشاعره وعواطفه , الأمر الذى تكتمل معه عناصر وأركان المسئولية الإدارية الموجبة للتعويض فى حق الجهة الإدارية والمتمثلة فى الخطأ والضرر وعلاقة السببية بينهما .
ومن حيث إنه متى كان ما تقدم , فإن ما قضى به الحكم المطعون فيه من تعويض للمدعى فى هذا الشأن مقداره ” ستة آلاف جنيه ” يكون قد جاء موافقاً لصحيح حكم القانون ومناسباً للأضرار التى حاقت به , ومن ثم يكون طلب إلغائه غير قائم على أساس سليم من القانون حرى بالرفض .
ولا ينال من ذلك ما ذهبت إليه الجهة الطاعنة من أن المطعون ضده عجز عن إثبات دعواه حيث لم يقدم أية مستندات أو شهادة من مكتب النائب العام المساعد تفيد اعتقاله حسبما هو مقرر فى مثل هذه الدعاوى , ذلك أنه إزاء التزام تلك الجهة الصمت التام فى الرد على الدعوى وعدم دفعها بأى دفع أو دفاع يستفاد منه إنكارها لما ذكره المطعون ضده من وقائع بعريضة دعواه .
فإنه لا مناص من إعمال القرينة القضائية فى حقها وهى الإقرار من جانبها ضمناً بصحة هذه الوقائع , لا سيما أنها سارت على نفس النهج فى مرحلة الطعن ولم تقدم أى جديد يزحزح العبء الملقى على عاتقها لإثبات عكس ما يدعيه صاحب الشأن علماً بأنه كان بمقدورها أن تقدم شهادة سلبية من الجهـــة التى ذكرتها – وهى مكتب النائب العام المساعد – بأن المطعون ضده لم يتم اعتقاله خلال أى من الفترات الواردة بصحيفة دعواه .
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة 184 مرافعات.
” فلهـــــــــذه الأسبـــــــــاب”
حكمت المحكمة :
بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات .
عبء اثبات الاعتقال
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الأولى – موضوع
بالجلسة المنعقدة علناً يوم السبت الموافق 7/2/2004 م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / د. عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين / السيد محمد السيد الطحان يحي خضري نوبي محمد .
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار / فريد نزيه حكيم تناغو
نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة
وحضور السيد / كمال نجيب مرسيس سكرتير المحكمة
أصدرت الحكم الآتي
فى الطعن رقم 7959 لسنة 45 القضائية عليا
المقام من
1) رئيس الجمهورية “بصفته”
2) وزير الداخلية “بصفته”
ضــــــــــد
أحمد أحمد أحمد عبيد
فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة فى الدعوى رقم 4947 لسنة 46 ق بجلسة 27/6/ 1999
الإجراءات
فى يوم الأربعاء الموافق 22/8/1999 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتهما نائبة عن الطاعنين “بصفتهما ” قلم كتاب هذة المحكمة تقرير طعن قيد بجدوالها بالرقم عاليه ، فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الأدارى بالقاهرة ( دائرة العقود والتعويضات ) فى الدعوى رقم 4947 لسنة 46 ق بجلسة 27/6/1999 والقاضى فى منطوقه بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بالزام المدعى عليهما بصفتهما متضامنين بأن يؤديا للمدعى مبلغا مقداره ثلاثة آلاف جنيه والمصروفات .
وطلبت الهيئة الطاعنة – للأسباب الواردة فى تقرير الطعن – تحديد أقرب جلسة أمام دائرة فحص الطعون لتأمر بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ، وباحالة الطعن إلى المحكمة الأدارية العليا لتقضى بقبوله شكلاً ، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون ، والحكم مجدداً برفض الدعوى ، مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتى التقاضى – وجرى إعلان الطعن على النحو المبين بالأوراق .
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسببا برليها القانونى فى الطعن أرتات فى ختامه قبوله شكلاً ، ومشاطرة الهيئة الطاعنة فى طلبها بالنسبة إلى موضوع الطعن .
ونظرت دائرة فحص الطعون الطعن الماثل بجلسة 21/5/2000 وتداولت نظره بالجلسات على الوجه المبين بمحاضرها ، وبجلسة 20/5/2002 قررت إحالة الطعن إلى هذة الدائرة لنظره بجلسة 1/7/2002 حيث نظرته على النحو المبين بمحاضر جلساتها ، وبجلسة 22/11/2003 قررت النطق بالحكم بجلسة اليوم ، مع التصريح بمذاكرات خلال شهر
وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به .
المحـكمــة
بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانونا وومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص – حسبما بين من الأوراق – في أن المطعون ضده كان قد أقام الدعوى رقم 4947 لسنة 46 ق أمام محكمة القضاء الأدارى بالقاهرة بتاريخ 13/4/1992 بطلب الحكم بالتعويض المناسب عما لحقه من أضرار مادية وأدبية من جراء اعتقاله فى الفترة من 18/10/1981 حتى 12/11/1982، وبغى اعتقاله بمخالفته لأحكام القانون ، وأنه ترتب عليه إصابته بأضرار مادية وأدبية يحق له التعويض عنها.
وبجلسة 27/6/1999 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه تأسيسا على أن الجهة الإدارية نكلت عن تقديم ما طولب منها من مستندات سواء بأن تحضير الدعوى المطعون على حكمها أمام هيئة مفوضي الدولة أو أثناء نظر الدعوى بجلسات المرافعة ، مما يقيم قرينة لصالح المدعى ( المطعون ضده ) على تحقق ركن الخطأ فى جانب جهة الإدارة ، كما أن المدعى لحقه أضرار مادية تمثلت فى حرمانه من مورد رزقه خلال مدة اعتقاله وأخرى أريته من جراء سلب حريته وامتهان كرامته .
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله حيث أن عبء الإثبات يقع على عائق المدعى وليس المدعى عليهما ، كما أن الجهة الإدارية ليس لديها أية مستندات تثبت اعتقاله وبالتالي تكون المحكمة قد جانبها الصواب حيثما ذهبت إلى أن عدم تقديم الجهة الإدارية للمستندات يعد دليلاً وتسليما منها بصحة الوقائع ، ويكون الحكم المطعون فيه – تبعا لذلك – قد خالف أحكام القانون جريا بالإلغاء
ومن حيث أنه من المستقر عليه فى قضاء هذه المحكمة – أن عبء الإثبات فى المنازعة الإدارية لا يخرج فى أصله وكقاعدة عامة عنه فى غيرها إذ الأصل طبقاً للمادة (1) من قانون الإثبات فى المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 19968 أن على الدائن أثبات الالتزام ، وعلى المدين أثبات الخلص منه.
وهو تطبيق لأصل جوهري معناه أن مدعى الحق عليه أثبات وجوده لصالحه قبل من يبدى إلتزمه بمقتضاه ، فإذا ما أثبت ذلك كان على المدعى عليه أن يثبت تخلصه منه إما بإثبات عدم تقرير الحق أصلاً أو عدم ثبوته للمدعى أو انقضائه ، وذلك كله عن وجه مطابق للقانون ومقتضى ذلك أن المدعى هو الذى يتحمل عبء إثبات ما يدعيه بدعواه ، فإذا ما أقام الدليل الكافي على ذلك ، كان المدعى عليه أن يقيم الدليل الداحق لأدلة المدعى النافي لدعواه .
لما كان ذلك وكان المطعون ضده قد أقام دعواه المطعون على الحكم الصادر فيها طالباً التعويض عن القرار الخاطى باعتقاله فى الفترة المشار إليها دون أن يقيم الدليل على ذلك ، الأمر الذى يضحى معه زعمه قولاً مرسلاً لا يسانده أى دليل فى الأوراق وهو ما أكدته الجهة الإدارية فى مذكرات ألدفاعها أمام محكمة القضاء الأدارى ومن ثم ينعى تبعاً لذلك ركن الخطأ فى جانب جهة الإدارة ، الأمر الذى كان يتعين معه القضاء برفض دعواه
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذا خالف هذا النظر ، فمن ثم يكون قد صدر بالمخالفة لأحكام القانون ، مما يكون معه جديراً بالإلغاء .
ومن حيث من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بحكم المادة 184 مرافعات .
” فلهذه الأسباب “
حكمت المحكمة
بقبول الطعن شكلاً ، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً برفض الدعوى ، وألزمت المطعون ضده المصروفات .
تعويض عن ضرر ادبى ومادى لاعتقال
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الأولى / موضوع
بالجلسة المنعقدة علناً في يوم السبت الموافق 10/1/2004م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / د. عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين / السيد محمد السيد الطحان ود. محمد ماجد محمود أحمد و أحمد عبد الحميد حسن عبود و أحمد حلمى محمد أحمد حلمى.
نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار / حتة محمود حتة مفــــــــــــوض الدولـــــــة
وحضور السيد / كمال نجيب مرسيس سكرتير المحكـــمة
أصدرت الحكم الآتى
فى الطعن رقم 4044 لسنة 46القضائية عليا
المقـــام من
1- رئيس الجمهورية ” بصفته “
2- وزيــر الداخلـــــية ” بصفته “
ضــــــــــــــد
ورثة المرحوم/ عبد الحميد محمد بركات البركى وهم:
- 1- ورثة المرحوم/ على محمود محمد البركى وهم:
- 1- عطيات عبد العزيز أحمد
- 2- سماح أحمد محمد إبراهيم
- 3- دعاء على محمود البركى
- 4- أسامة على محمود البركى
- 5- خالد على محمود البركى
- 2- عبد المـــجيد محــــــمود محمــــــد البركـــــــى
فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة فى الدعوى رقم 6436 لسنة 49 ق بجلسة 23/1/2000
الإجـــــــراءات
بتاريخ 23/3/2000 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعنين بصفتيهما قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها بالرقم عاليه طعناً على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري المشار إليه والقاضى بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلزام المدعى عليهما بصفتيهما متضامنين بأن يؤديا إلى المدعين مبلغ عشرة آلاف وثمانمائة جنيه يوزع بينهما مناصفة وبرفض ما عدا ذلك من طلبات وألزمت المدعيين وجهة الإدارة المصروفات مناصفة بينهما.
وطلب الطاعنان بصفتيهما – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم حتى يفصل فى موضوع الطعن مع إلزام المطعون ضدهما بمصاريف هذا الطلب وبإحالة هذا الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى للمطعون ضدهما بتعويض عن الضرر الأدبى مع إلزام المطعون ضدهما بالمصروفات والأتعاب.
وقد جرى إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق، وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه على النحو المبين بالأسباب، وإلزام المطعون ضدهما المصروفات.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلــسة 5/11/2001 وبجلسة 15/4/2002 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإداريـــة العلــــيا ( الدائـــــرة الأولى – موضوع ) لنظره بجلسة 11/5/2002.
وقد نظرت المحكمة الطعن بهذه الجلسة والجلسات التالية حيث قرر المطعون ضده الثانى أن المطعون ضده الأول قد توفى إلى رحمة الله وتم تصحيح شــكل الطعـــن باختصـــام ورثة المتوفــــى وبجلســـة 1/11/2003 قررت المحكمة إصدار حكمها بجلسة اليوم ومذكرات فى شهر.
وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
المحكمـــــــــــــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة قد أحاط بها الحكم المطعون فيه فمن ثم فإن المحكمة تحيل إليه منعاً من التكرار.
وبجلسة 23/1/2000 أصدرت المحكمة الحكم المطعون فيه، وقد شيدت المحكمة قضاءها على سند أن الأسباب التى ساقتها الجهة الإدارية لاعتقال مورث المطعون ضدهم لا تعدو أن تكون أقوالاً مرسلة لا تستند إلى واقع مادى وأن قرار اعتقاله صدر استناداً إلى حكم المادة الأولى من القانون رقم 119 لسنة 1964 والذى قضى بعدم دستوريته .
ومن ثم يكون قرار الاعتقال قد صدر دون سبب صحيح يبرره مما يتحقق معه ركن الخطأ فى جانب الإدارة، وأن القرار قد أصابه بأضرار مادية تمثلت فى حرمانه من الحصول على مصدر رزقه وتوافرت رابطة السببية بين تلك الأضرار وقرار جهة الإدارة باعتقاله مما يوجب تعويضه.
وعن الأضرار الأدبية التى لحقت بمورث المطعون ضدهم فإنه طبقاً للمادة 222 من القانون المدنى فإن التعويض عن الضرر الأدبى شخصى مقصور على المضرور نفسه ولا ينتقل إلى غيره بالميراث أو بالعقد أو بغير ذلك من الأسباب إلا إذا تم الاتفاق بين المضرور والمسئول أو إذا لجأ المضرور إلى القضاء وطالب بالتعويض وتوفى بعد رفع الدعوى وأثناء سيرها.
وانتهت المحكمة إلى تعويض المدعيين عن الضرر المادى دون الأدبى وقدرته المحكمة بمبلغ خمسة آلاف وأربعمائة جنيه توزع بينهما حسب الأنصبة الشرعية، وأضافت المحكمة أنه بالنسبة لطلب المدعيين ( المطعون ضدهما ) التعويض عما أصابهما من أضرار مادية وأدبية من جراء اعتقال مورثهم فإن التعويض عن الأضرار المادية يجب أن يكون مباشراً ومن ثم لا يجوز التعويض لهم عن الأضرار المادية التى أصابتهما من جراء اعتقال مورثهما.
أما الأضرار الأدبية التى حاقت بهما فقد حكمت المحكمة بتعويضهما بمبلغ خمسة آلاف وأربعمائة جنيه حيث إن اعتقال مورثهما قد أصابهما بأضرار أدبية تمثلت فى حرمانهما من عطفه وشعورهم بالأسى والحزن والإساءة إلى سمعتهما.
ومن حيث إن مبنى الطعن هو مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله على سند أن الثابت من مدونات صحيفة الدعوى المطعون فى حكمها أن المطعون ضده على محمود محمد البركى قد طلب فى صحيفة افتتاح الدعوى التعويض عن الضرر المادى الذى أصاب مورثه والضرر الأدبى الذى أصاب مورثه.
وقد صمم المطعون ضده الثانى على ذات الطلبات فى صحيفة إدخاله فى الدعوى، ومن ثم تكون طلبات المدعيين فى الدعوى المطعون على حكمها محددة تحديداً لا يقبل التدخل وأنه وقد عوضت المحكمة المدعيين عن الأضرار الأدبية التى حاقت بهما من جراء قرار الاعتقال فإن ذلك يعتبر قضاء بما لم يطلبه الخصوم وهو غير جائز قانوناً، وانتهيا إلى طلباتهما سالفة الذكر.
ومن حيث إن مبنى الطعن هو أن المحكمة خالفت القانون حين قضت بما لم يطلبه الخصوم وهو تعويضهم عن الضرر الأدبى الذى حاق بهم من جراء اعتقال مورثهم.
ومن حيث إن المستقر عليه فى قضاء هذه المحكمة أنه لا يجوز للمحكمة أن تحل إرادتها محل إرادة الخصوم فى الدعوى أو أحدهم وتقوم بالتعديل فى الطلبات بإضافة طلبات لم يطلبها الخصوم صراحة ولا أساس لها فى أوراق الدعوى أو بمحاضر الجلسات كطلب صادر عنه وفق إرادته وباختياره لما يراه محققاً لمصالحه فى مواجهة خصومه.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق وبمطالعة صحيفة دعوى المطعون ضده الأول أمام محكمة القضاء الإداري أنها جاءت خلوا مما يفيد طلب التعويض عن الأضرار التى أصابته من جراء اعتقال مورثه، كما أن طلبات المطعون ضدهما والتى اختتما بها إعلانهما للطاعنين ( المدعى عليهما ) عند استئناف السير فى الدعوى بعد إيقافها أحالت إلى الطلبات المسطرة بأصل الصحيفة،
وقد قصر المدعيان ( المطعون ضدهما ) طلباتهما صراحة على طلب التعويض عن الأضرار التى سببها قرار اعتقال مورثهما فى الفترة من 22/8/1965 إلى 10/10/1971 وقد حددا عناصر الأضرار المطلوب التعويض عنها بأنها الأضرار المادية والأدبية التى أصابت مورثهما فقط،
فمن ثم وقد قضت محكمة القضاء الإداري بتعويضهما عن الأضرار المادية التى أصابت مورثهما من جراء قرار اعتقاله، وكذلك التعويض عن الأضرار الأدبية التى حاقت بهما .
فإن قضاءها فى شقه الخاص بتعويضهما عن الأضرار المادية التى حاقت بهما يكون قد قضى بأكثر مما طلبه الخصوم مما يتعين معه الحكم بتعديل الحكم المطعون فيه باستنزال قيمة التعويض عن الأضرار الأدبية التى حاقت بهما من مبلغ التعويض المقضى به.
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فيما تضمنه من تعويض عن الأضرار الأدبية التى حاقت بالمطعون ضدهما نتيجة اعتقال مورثهما فإنه يكون قد صـدر مخالفاً للقانون مما يتعين معه تصحيحه .
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم مصروفاته إعمالاً لحكم المادة 184 مرافعات
” فلهـــــــذه الأســـــــــباب “
***********
حكمت المحكمة :
بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون بإلزام المدعى عليهما ( الطاعنين ) بصفتيهما متضامنين بأن يؤديا إلى المدعين ( المطعون ضدهم ) مبلغ ( 5400 جنيه ) فقط خمسة آلاف وأربعمائة جنيه يوزع بينهم بواقع النصف لورثة المطعون ضده الأول والنصف للمطعون ضده الثانى وألزمت المطعون ضدهم المصروفات.
التعويض عن مسئولية الاعتقال
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الأولى – موضوع
بالجلسة المنعقدة علناً فى يوم السبت الموافق 3/ 1 / 2004
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور / عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين / السيد محمد السيد الطحان ويحيى خضرى نوبى محمد و د . محمد ماجد محمود أحمد و أحمد عبد الحميد حسن عبود . نــواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار / فريد نزيه حكيم تناغو
نائب رئيس مجلس الدولة مفــ?وض الدولــــة
وحضور السيد / كمال نجيب مرسيس سكرتير المحكمة
أصدرت الحكم الآتي
في الطعنين رقمى 5668 و5725 لسنة 46 القضائية عليا
المقــــــام أولهما من
سعيد محمد عبد الرحمن عبد الجواد
ضــــــــــد
(1) رئيس الجمهورية ” بصفته ” .
(2) وزير الداخلية ” بصفته ” .
والمقام ثانيهما من
(1) رئيس الجمهورية ” بصفته “
(2) وزير الداخلية ” بصفته ” .
ضــــــــــد
سعيد محمد عبد الرحمن عبد الجواد
فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري ” دائرة العقود الإدارية والتعويضات ” بجلسة 27/2/2000فى الدعوى رقم 4127 لسنة 49 ق .
الإجــــراءات
اولاً : اجراءات الطعن رقم 5668 لسنة 46 ق . عليا :
فى يوم الاثنين الموافق 24/4/2000 أودع الأستاذ / رمضان حسن نقد المحامى بصفته وكيلا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها العام تحت رقم5 668 لسنة 46 ق . عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى ” دائرة العقود الإدارية والتعويضات ” فى الحكم الصادر فى الدعوى رقم 4127 لسنة 49 ق بجلسة 27/2/2000 والقاضى منطوقه:
بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلزام المدعى عليهما بصفتيهما متضامنين بأن يؤديا للمدعى مبلغاً مقداره 5000 جنيه ” خمسة آلاف جنيه ” وإلزامهما المصروفات ” .
وطلب الطاعن – للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم / بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع الحكم بزيادة قيمة التعويض المقضى به إلى الحد الذى يتناسب مع الأضرار المادية والأدبية التى أصابته مع إلزام جهة الإدارة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة .
وقد جرى إعلان الطعن إلى الجهة الإدارية المطعون ضدها على النحو الثابت بالأوراق .
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً , ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات .
ثانيا : أجراءات الطعن رقم 5725 لسنة 46 ق . عليا :
فى يوم الاثنين الموافق 24/4/2000 أودع الأستاذ / زكريا يونس إمبابى المستشار المساعد بهيئة قضايا الدولة نائباً عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 5725 لسنة 46 ق . عليا فى ذات الحكم .
وطلب الطاعنان بصفتيهما – للأسباب الموضحة بتقرير الطعن – الحكم / بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفى الموضوع بإلغائه والقضاء مجدداً : برفض دعوى المطعون ضده وإلزامه المصروفات عن درجتى التقاضى .
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم / بقبول الطعن شكلاً , ورفضه موضوعاً , وإلزام كل من الطاعنين مصروفات طعنه .
وجرى نظر الطعنين أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات .
وبجلسة 16/6/2003 قررت تلك الدائرة إحالة الطعنين إلى المحكمة الإدارية العليا ( الدائرة الأولى – موضوع ) وحددت لنظرهما أمامها جلسة 13/9/2003 وتدوول نظرهما بالجلسات على النحو الموضح بمحاضرها حيث أودع الطاعن فى الطعن رقم 5668 لسنة 46 ق عليا خلالها مذكرتى دفاع التمس فيهما الحكم:
بتعويضه عن الأضرار المادية والأدبية التى أصابته من جراء سجنه مدة عشر سنوات غير قانونية أمضاها بالسجن وليس عن فترة عام كما ورد فى عريضة دعواه خطأ من قبل محاميه وأنه قام بتعديل هذا الطلب أمام محكمة أول درجة وأمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة .
وبجلســـــة 25/10/2003 قررت الدائرة إصــــدار الحكــــم فى الطعنين بجلسة 3/1/2004 مع التصريح بتقديم مذكرات لمن يشاء فى شهر وبتاريخ 6/11/2003 أودع الطاعن / سعيد محمد عبد الرحمن مذكرة بدفاعه التمس فيها ضم العريضة رقم 3197 لسنة 2003 – عرائض النائب العام – بشأن القضية رقم 6 لسنة 77 / أمن دولة عليا – كما أودع محامى الدولة بتاريخ 9/11/2003 مذكرة بدفاع الجهة الإدارية اختتمت بطلب الحكم /
أولاً : بالنسبة للطعن رقم 5668 لسنة 46 ق عليا : برفضه مع إلزام الطاعن المصروفات .
ثانياً وبالنسبة للطلب الجديد المبدى من الطاعن بمذكرة دفاعه المقدمة بجلسة 25/10/2003 . بتعويضه عن سجنه لمدة عشرة أعوام :
أصلياً : بعدم قبول هذا الطلب شكلاً.
واحتياطياً : برفض هذا الطلب الجديد مع إلزام الطاعن المصروفات فى أى من الحالتين.
ثانياً : وبالنسبة للطعن رقم 5725 لسنة 46 ق . عليا :
التصميم على الطلبات الختامية الواردة بتقرير الطعن .
وبجلسة اليوم قررت المحكمة إعادة الطعنين للمرافعة بجلسة اليوم – وضم الطعن رقم 5725 لسنة 46 ق عليا إلى الطعن رقم 5668 لسنة 46 ق . عليا للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد , والحكم آخر الجلسة حيث صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به .
المحكمــــــــــــــــــــــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً ومن حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية .
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص – حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – فى أن الطاعن / سعيد محمد عبد الرحمن أقام الدعوى رقم 4127 لسنة 49 ق أمام محكمة القضاء الإدارى بموجب عريضة مودعة قلم كتابها بتـــــاريخ 1/3/1995 بطلب الحكم:
بإلزام المدعى عليهما بصفتيهما على سبيل التضامن بتعويضة تعويضاً مناسباً عن الأضرار المادية والأدبية التى لحقت به نتيجة قرار اعتقاله الباطل الذي تم اعتقاله بموجبه سنة 1976 حتى سنة 1977 مع إلزامهما بالمصروفات ومقابل أتعـــــاب المحاماة.
على سند من القـــول إنه اعتقل فى 22/11/1976 وأفرج عنه فى 22/11/1977 بعد أن قضى فى السجون التابعة للمدعى عليه الثانى مدة تقارب سنة ناعياً على هذا القرار مخالفته لأحكام القانون وأنه ترتب عليه إصابته بأضرار مادية وأدبية يحق له بالمطالبة بالتعويض عنها .
وبجلسة 27/2/2000 أصدرت محكمة القضاء الإدارى ” دائرة العقود الإدارية والتعويضات ” حكمها المطعون فيه وشيدت المحكمة قضاءها على أساس تكامل أركان المسئولية الإدارية فى حق جهة الإدارة حيث لم تقدم دليلاً يكشف عن ارتكاب المدعى لأفعال تبرر اعتقاله فى 22/11/1976 وعلى ذلك فإن قرار اعتقاله يضحى بغير سند مما يشكل ركن الخطأ فى جانب جهة الإدارة .
وأنه ترتب على هذا القرار إصابته بأضرار مادية تمثلت فى حرمانه من مورد رزقه طوال مدة اعتقاله وأضرار أدبية تمثلت فى سلب حريته وامتهان كرامته وقدرت تلك المحكمة تعويضاً عن ذلك مبلغاً مقداره خمسة آلاف جنيه .
ومن حيث إن مبنى الطعن رقم 5668 لسنة 46 ق عليا عدم تناسب مبلغ التعويض المحكوم به مع الضرر الذى أصاب الطاعن وعلى ذلك فإن المحكمة المطعون فى حكمها إذ قدرت التعويض بمبلغ خمسة آلاف جنيه , فأنها تكون قد أجحفت بحقوقه ولم تقدره حق قدره وذلك للأسباب الموضحة تفصيلاً بتقرير الطعن .
ومن حيث إن الطعن رقم 5725 لسنة 46 ق عليا المقام من جهة الإدارة مبنى على أساس مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله للأسباب الواردة بتقرير الطعن وتوجز فى عدم أحقية المطعون ضده فى التعويض بدعوى أن الثابت بالأوراق أن المطعــــون ضده لم يقدم ثمة دليلا على اعتقاله خـــلال الفترة من 22/11/1976 حتى 22/11/1977 وجاء ادعاؤه فى هذا الشأن قولاً مرسلاً لا يؤيده دليل من الواقع أو القانون .
ومن حيث إن أساس مسئولية الجهة الإدارية عن القرارات الإدارية الصادرة منها وجود خطأ من جانبها بأن يكون القرار الإدارى غير مشروع لعيب من العيوب المنصوص عليها فى قــــانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 وأن يترتب عليه ضرر , وأن تقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر .
ومن حيث إنه بالنسبة لركن الخطأ
فإن الثابت من مطالعـــة الأوراق أن المطعون ضده / سعيد محمد عبد الرحمن قد تم اعتقالـــــه فى المــــدة من 22/11/1976 وحتى 22/11/1977 ولم يثبت بأدلة توافر سبب لاعتقاله , سواء بوصفه خطراً على الأمن أو النظام العام أو كان ذلك بناء على قرار قضائى أو تنفيذاً لحكم قضائى.
وإنه لا وجه لما ذهبت إليه جهة الإدارة فى تقرير طعنها رقم 5725 لسنة 46 ق عليا من أن المطعون ضده المذكور لم يقدم أى دليل على اعتقاله خلال المدة المذكورة ذلك أن ما ساقته جهة الإدارة سلباً تبريراً لادعائها بعدم توافر الخطأ فى جانبها لعدم إقامة المدعى الدليل على صدور قرار باعتقاله لا يستقيم مع ما ورد بالشهادة الصادرة من قسم شئون المسجونين قطاع مصلحة السجون بوزارة الداخلية المرفقة بحافظة مستندات هيئة قضايا الدولة المودعة أمام محكمة أول درجة بجلسة 7/11/1999 والتى تفيد أن تاريخ بدء حبس المذكور هو 22/11/1976
وكان الثابت من مطالعة شهادة من واقع الجدول ـ صادرة من إدارة المدعى العام العسكرى / فرع التحقيقات الخاصة المرفقة بحافظة مستندات المدعى المودعة أمام محكمة القضاء الإدارى بجلسة 16/1/2000 .
ولم تنكرها جهة الادارة أن المدعى اتهم فى القضية رقم 6 لسنه 1977 أمن دولة عسكرية عليا بتهمة خطف وقتل الدكتور الذهبى ـ والتى وقعت أحداثها عام 1977 وصدر الحكم ضده بجلسة 30/11/1977 بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وإذ لم تقدم جهة الإدارة ثمة سببا يبرر اعتقالها للمدعى فى 22/11/1976
كما خلت الأوراق من أى دليل على اقتراف المدعى أية واقعة أو قيامه بأى نشاط يستدل منه على خطورته على الأمن والنظام العام خلال الفترة المذكورة ومن ثم تكون قد امتنعت أسباب الاعتقال وموجباته قانونا مما يصم قرار اعتقاله بعدم المشروعية مما يشكل ركن الخطأ فى مسئولية الإدارة بالتعويض عن قراراتها الإدارية غير المشروعة وقد ترتب على هذا الخطأ إلحاق الضرر المادى والأدبى بالمدعى المطالب بالتعويض عنه.
ومن حيث إنه لا حجة لما ذهب إليه الطاعن فى الطعن رقم 5668 لسنه 46ق عليا بأن المحكمة أجحفت بحقوقه بتقديرها للتعويض المستحق له عن الأضرار المادية والأدبية التى أصابته طوال مدة اعتقاله من 22/11/1976 حتى 22/11/1977 بمبلغ مقداره خمسة آلاف جنيها .
ذلك أنه ـ طبقا لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة ـ من أن تقدير التعويض المستحق للمضرور متى استقامت أركان المسئولية الإدارية هو من إطلاقات محكمة الموضوع بحسب ما نراه مستهدية فى ذلك بكافة الظروف والملابسات فى الدعوى، بحسبان أن تقدير التعويض، متى قامت أسبابه من مسائل الواقع التى تستقل بها.
لأنه لا يوجد فى القانون نص يلزمها باتباع معايير معينة، وهى تقدر التعويض تزن بميزان القانون ما يقدم اليها من أدلة وبيانات عن قيام الضرر وعناصره، فإذا ما صدر حكمها محيطا بكافة عناصر الضرر الناتج عن خطأ جهة الإدارة شاملا ما لحق المضرور من خسارة وما فاته من كسب.
فإنها تكون قد أصابت صحيح حكم القانون فيما انتهت إليه من تقدير لقيمة التعويض وبغير معقب عليها فيما هو متروك لتقديرها ووزنها لمدى الضرر وقيمة التعويض الجابر مادام هذا التقدير سائغا ومستمداً من أصول مادية تنتجة ومردوداً إلى عناصره الثابتة بالأوراق ومبرراته التى يتوازن بها أساس التعويض مع العلة من فرضه بحيث يبدو متكافئا مع الضرر ليس دونه وغير زائد عليه، وكانت الأسباب التى استندت إليها فى شأن تقدير التعويض كافية لحمل قضائها.
ومن حيث إنه متى كان الأمر كذلك وكان الثابت إن الحكم الطعين قد قضى بالتعويض المستحق للطاعن الذى رآه جابرا للأضرار التى أصابته من جراء اعتقاله خلال المدة المذكورة ، وكان هذا التعويض مناسبا للفترة التى قضاها فى الاعتقال ولم يقدم الطاعن أى دليل على وجود أضرار أخرى لم يتم جبرها تعويضا.
كما لم يتضمن طعنه أى وجه من أوجه الضرر لم يكن مطروحا على محكمة أول درجة ولم يثبت بالأدلة القاطعة أن هناك ضررًا لحقه يقتضى تعويضه بمبلغ أكبر من مبلغ التعويض المقضى به.
وإذ قضى الحكم المطعون فيه بإلزام جهة الإدارة بان تؤدى للمدعى تعويضا عن تلك الأضرار مقداره خمسة آلاف جنيها والمصروفات، فإنه يكون قد صادف الحق والصواب فيما قضى به وبنى على أسباب كافية لحمله ولم يأت الطاعن بأوجه دفاع جديدة فى جوهرها عما قدمه أمام محكمة أول درجة بما يمكن معه إجابته إلى طلباته.
وعليه يكون الطعن على هذا الحكم من قبل المدعى ومن قبل الحكومةـ كليهما فى غير محله وعلى غير أساس سليم من القانون ، الأمر الذى يتعين معه الحكم بقبول الطعنين شكلا وفى موضوعيهما برفضهما وبإلزام المدعى والحكومة – كل بمصروفاته عملا بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
ومن حيث إنه لا وجه لما أثاره الطاعن فى الطعن رقم 5668 لسنه46ق0عليا بمطالبته بالتعويض عن الأضرار التى أصابته خلال مدة سجنه لمدة عشر سنوات وبمطالبته بضم العريضة رقم 3197 فى 5/4/2003 عرائض النائب العام المتضمنة أن القضية رقم 6 لسنه 1977 أمن دولة عليا مقيدة ضد مجهول وإلصاق تهمة به لم يقترفها .
وذلك على النحو الوارد تفصيلا بمذكرات دفاعه المقدمة أمام هذه المحكمة، ذلك لأنه لا وجه لإجابته إلى طلباته فى هذا الصدد، إذ إنه لا خلاف بين أطراف الخصومة فى أن محكمة أمن الدولة العليا قضت بجلستها المنعقدة فى 30/11/1977 فى القضية رقم 6 لسنه77 – أمن دولة عسكرية عليا – بمعاقبة المذكور بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات.
وقام بوفاء مدة العقوبة وأفرج عنه فى 22/11/1986، ولما كان من المقرر عدم مسئولية الحكومة عن الأعمال القضائية، وأن تقرير هذه المسئولية أمر متروك تقديره للمشرع الدستوري وإذ لم تتقرر تلك المسئولية ومن ثم فان مطالبة الطاعن المذكور بتعويضه عن الأضرار التى أصابته من جراء صدور الحكم القضائى المشار إليه لا يساندها سند من القانون، ولا يتسع لهذه المحكمة سوى الالتفات عما طلبه الطاعن فى هذا الصدد.
” فلهــــــــذه الأســــــــباب “
حكمت المحكمة :
بقبول الطعنين شكلاً , وبرفضهما موضوعاً , وألزمت كل طاعن بمصروفات طعنه.
تعويض الورثهعما اصاب مورثهم من اعتقاله
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الأولى – موضوع
بالجلسة المنعقدة علناً يوم السبت الموافق 10/11/2004
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / د. عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين / السيد محمد السيد الطحان ويحيى خضرى نوبى محمد و أحمد عبد الحميد حسن عبود و محمد أحمد محمود محمد. نواب رئيس مجلس الدولة
وبحضور السيد الأستاذ المستشار / رضا عثمان مفوض الدولة
وحضور السيد / كمال نجيب مرسيس سكرتير المحكمة
أصدرت الحكم الآتي
فى الطعن رقم 4461 لسنة 44 القضائية عليا
المقام من
- أسامة صالح السعداوى
- سعاد محمود السعداوى
ضـــــــد
- رئيس الجمهورية ” بصفته “
- وزير الداخلية ” بصفته “
- وزير الدفاع ” بصفته “
فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة العقود والتعويضات) فى الدعويين رقمي 2586 و 4968 لسنة 46 ق بجلسة 22/2/1998
الإجـــراءات
————–
في يوم الثلاثاء الموافق 21/4/1998 أودع الأستاذ / أحمد أبو العلا خليل المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 4461 لسنة 44 قضائية عليا في الحكم الصادر مـن محكمة القـضاء الإداري ” دائرة العقود والتعويضات ” في الدعويين رقمي 2586 و 4968 لسنة 46 ق. بجلسة 22/2/1998 والقاضي منطوقه:
أولاً :…………….
ثانياً: في الدعوى رقم 2586 لسنة 46ق :
- (أ) بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة بالنسبة لطلب التعويض عن قرار الاعتقال, وألزمت المدعية المصروفات.
- (ب) بعدم اختصاصها ولائياً بنظر طلب التعويض عن التعذيب وأمرت بإحالته بحالته إلى محكمة جنوب القاهرة الابتدائية للاختصاص.
ثالثاً: الدعوى رقم 4968 لسنة 46ق : بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة وإلزام رافعها المصروفات.
وطلـب الطاعــنان – للأسبــاب الـواردة بتقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً للطاعنين بطلباتهم بالتعويض الأدبي من جراء اعتقال مورثهم / صالح إبراهيم السعداوي , وبما يخصهم من تعويض مورثهم نفسه من جراء صدور الاعتقال مع تحمل المطعون ضدهم المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهم على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بعدم قبول الطعن على الحكم الصادر في الدعوى رقم 2586 لسنة 46 ق. وبقبول الطعن شكلاً بالنسبة للدعوى رقم 4968 لسنة 46ق. وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلزام الجهة الإدارية بأن:
تؤدى للطاعنين التعويض المناسب عما لحق بمورثهم من أضرار أدبية ومادية من جراء اعتقاله لمدة ثلاث سنوات اعتباراً من 10/10/1968 وحتى 24/8/1971, والتعويض عن الأضرار الأدبية التي لحقت بهم أنفسهم من جراء القرار المذكور مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وعـين لنظر الطعـن أمـام دائـرة فحـص الطعون بهذه المحكمة جـلسة 3/3/2003 وبجـلسـة 5/5/2003 قــررت تلك الـدائـرة إحـالـة الـطعـن إلى المحكمة الإداريـة العـليا ( الدائرة الأولى – موضوع ) وحددت لنظره أمامها جلسة 17/5/2003
وبعد تداولـه بالجلسات علــى النحــو الثابت بمحـاضـرها – قررت المحكمة بجلسة 18/10/2003 إصدار الحكم بجلسة 20/12/2003 مع التصريح بتقديم مذكرات لمن يشاء فى شهر وبالجلسة الأخيرة قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة 27/12/2003 لاتمام المداولة, وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
المـحـــــكمــة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانوناً ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص – حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – في أنه أقيمت أمام محكمة القضاء الإداري الدعاوى المضمومة رقم 72 لسنة 46 ق المقامة من صالح إبراهيم السعداوي.
ورقم 2586 لسنة 46 المقامة من أسماء إبراهيم صالح إبراهيم السعداوي و 4968 لسنة 46 ق المقامة من الطاعنين وآخرين وقد أقيمت هذه الدعوى الأخيرة ابتداء برقم 8615 لسنة 1987 م. ك.ج./ القاهرة – أمام محكمة جنوب القاهرة بموجب صحيفة مودعة قلم كتابها بتاريخ 28/6/1987 مختصمين كل من :
- (1) رئيس الجمهورية ” بصفته “
- (2) وزير الدفاع ” بصفته “
- (3) وزير الداخلية ” بصفته “
طالبين الحكم بإلزام المدعى عليهم متضامنين بأن يدفعوا لهم مبلغ ثلاثين ألف جنيه على سبيل التعويض جبراً للأضرار المادية والأدبية التي لحقت بهم من جراء اعتقال وتعذيب المدعى الأول (مورث الطاعنين) والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة .
على سند من القول بأنه في فجر يوم 22/8/1965 فوجئ المدعي بالشرطة تهاجم مسكنه دون توجيه أي اتهام إليه ونقله إلى السجن الحربي حيث قام المدعي عليهم وتابعوهم بتعذيبه بالضرب بالسياط وحرمانه من الطعام والشراب وحبسه في زنزانة ضيقة دون ذنب جناه ثم قدم للمحاكمة في سبتمبر سنة 1966 .
وحكم عليه بالسجن لمدة سنتين إلا أنه مكث في السجن – حتى بعد انتهاء مدة العقوبة في عام 1968 – بدون سبب حتى أفرج عنه في 25/8/1971 – أي أنه ظل في السجن بين اعتقاله وتنفيذ العقوبة ما يزيد على ستة أعوام وقد ترتب على ذلك إصابته بأضرار مادية وأدبية جسيمة من جراء ذلك.
كما أن ورثته المدعين المذكورين أصابتهم أضرار مادية تمثلت في حرمانهم من دخل عائلهم ، علاوة على ما أصابهم من أضرار نفسية ، وذلك على النحو الموضح تفصيلاً بصحيفة الدعوى .
وبجلسة 25/12/1988 حكمت المحكمة المذكورة حكماً طعن فيه طرفا الخصومة بالاستئنافين رقمي 1471 و 10431 لسنة 106ق أمام محكمة استئناف القاهرة فقضت بجلستها المنعقدة في 13/2/1991 :
- أولاً : بقبول الاستئنافين الأصلي والفرعي شكلاً .
- ثانياً : بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الشق الخاص بالتعويض عن الاعتقال والفصل من الوظيفة وإحالة الأوراق بشأنه إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيه وعلى قلم كتاب تلك المحكمة تحديد جلسة لنظر الموضوع وإخطار الخصوم بها .
- ثالثاً : بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للسيد / رئيس الجمهورية رابعاً: بالنسبة لموضوع الاستئناف الأصلي والفرعي تصويب الحكم المستأنف إلى إلزام المستأنف ضدهما الثاني والثالث بصفتهيما بأن يدفعا للمستأنف الأول بالتضامن مبلغ خمسة عشر ألف جنيه تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية التي أصابته من جراء تعذيبه على أيدي تابعيهما وألزمتهما المصروفات و 20 جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة .
ونفاذاً لهذا الحكم أحيلت الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري وقيدت بجدولها برقم 4968 لسنة 46 ق .
وأثناء تحضير الدعوى أمام هيئة مفوضي الدولة لدى محكمة القضاء الإداري أودع الحاضر عن المدعين بجلسة 13/7/1995 حافظة مستندات طويت على صورة ضوئية من إعلام وراثة شرعي يفيد وفاة المدعي الأول صالح إبراهيم السعداوي وأن ارثه الشرعي انحصر في ورثته المذكورين بإعلام الوراثة ومنهم زوجته ( سعاد محمود السعداوي (المدعية الثانية) وابنه / أسامه صالح إبراهيم السعداوي ( المدعي الثالث ) وبصحيفة معلنة قانوناً في 11- 9 و 17 – 9 لسنة 1995 تم تصحيح شكل الدعوى في مواجهة ورثة المدعي الأول .
وبجلسة 22/2/1998 قضت محكمة القضاء الإداري ” دائرة العقود الإدارية والتعويضات ” في الدعوى رقم 4968 لسنة 46 ق بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة وإلزام رافعها المصروفات .
وشيدت المحكمة قضاءها على أساس
أن عدم ثبوت صفة الوكيل بالخصومة رافع الدعوى عن المدعين بعدم إيداع التوكيل إن كان خاصاً أو تقديمه للمحكمة وإثبات رقمه وتاريخه بمحضر الجلسة إن كان عاماً يترتب عليه الحكم بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة.
وكان الثابت أن الدعوى رقم 4968 لسنة 46ق قد أقيمت من المعتقل / صالح إبراهيم السعداوي وابنته وزوجته ، وعقب وفاته تدخل ورثته في الدعوى وهم زوجته وابنه وابنته حسبما ثبت بصحيفة تصحيح شكل الدعوى وإعلام الوراثة المقدمين حال تحضيرها لدى هيئة مفوضي الدولة – ولم يقدم الحاضر عنهم سند وكالته عنهم وخلت محاضر جلسات المرافعة مما يثبت تلك الوكالة وكانت الأوراق قد خلت مما يثبت صفة المحامي رافع الدعوى عن الورثة المتدخلين في الدعوى .
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل مخالفه الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله للأسباب الموضحة تفصيلاً بتقرير الطعن وتوجز في أن وكيل المدعين في الـدعـوى رقـم 4968 لـسنة 46 ق – والتي أقيمـت مـن المعـتقـل / صالح إبراهيم السعداوي – رحمه الله وابنه أسامة وزوجته سعاد .
وقد تم تصحيح شكل هذه الدعوى في مواجهة ورثته المذكورين وهما زوجته و ابنه أسامة – قد حضر عنهما – بتوكيل عام رسمي رقم 1920 لسنة 1995 عام إلا أن الحكم الطعين قد التفت عن ذلك التوكيل رغم ثبوته بالأوراق المنضمة في الدعاوى الثلاث الصادر فيها الحكم المطعون فيه ، فإنه بذلك يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ، طالبين لذلك الحكم بإلغائه والقضاء للورثة بما يستحقون من تعويض أدبي .
من حيث إن الحكم المطعون فيه صدر على نحو ما سبق بيانه في معرض تحصيل لوقائع الدعاوى المضمومة رقم 72 لسنة 46ق ورقـــم 2586 لسنـــة 46 ورقم 4968 لسنة 46 .
ومن حيث إن الطعن الماثل أقيم من أسامة صالح السعداوى وسعاد محمود السعداوى وهما من المدعين في الدعوى رقم 4968 لسنة 46 ومن ثم يتحدد نطاق الطعن فيما قضى به الحكم المطعون فيه في الدعوى رقم 4968 دون سواها .
ومن حيث إنه من المقرر أن الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا يطرح المنازعة في الحكم المطعون فيه برمتها ويفتح الباب أمامها لتزن هذا الحكم بميزان القانون وزناً مناطه استظهار ما إذا كانت قد قامت به حالة أو أكثر من الأحوال التي تعيبه وذلك دون التقيد بالأسباب الواردة بتقرير الطعن بحسبان أن الأمر في المنازعات الإدارية مرده إلي مبدأ المشروعية نزولاً علي سيادة القانون .
وإن أثر ذلك أن يكون للمحكمة سلطة تعديل الحكم المطعون فيه وإلغائه ، وإذا ما انتهت إلي إلغائه أمامها لغير مخالفة لقواعد الاختصاص فعليها إذا كان موضوعه صالحاً للفصل فيه أن تفصل فيه مباشراً ولا تعيده إلي المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه ولا يختلف إلغاء الحكم لبطلانه عن إلغائه لغير ذلك من الأسباب .
ومن حيث إنه متي ثبت من مطالعة الأوراق أن الدعوى موضوع الطعن الماثل أقيمت ابتداء أمام القضاء العادي بموجب صحيفة موقعة من المحامي / فايز جاد محمد وهو الذي أودعها قلم كتاب المحكمة بموجب توكيل رسمي عام عن المعتقل / صالح إبراهيم السعداوي مورث الطاعنين و توكيلين خاصين عن الطاعنين المذكورين سلفاً وهذه التوكيلات سابقة علي رفع الدعوى ومودعة ضمن أوراق الدعوى ، وعلي ذلك تكون هذه الدعوى مقامة من ذي صفة ومن ثم تكون الخصومة قد انعقدت صحيحة أمام المحكمة المدنية .
ومـن حيث إنـه متى ثبـت ذلك ، فإنـه لا يترتب على الحكـم بعــدم الاختصاص والإحالة إلى محكمة القضاء الإداري سالف الذكر انقضاء الخصومة بل تمتد وتظل قائمة أمام المحكمة المحالة إليها الدعوى ويعتد أمامها بما تم من إجراءات في هذه الدعوى قبل الإحالة بحيث تبقى تلك الإجراءات صحيحة و منتجة لآثارها في ظل تتابع سير الدعوى أمام المحكمة التي أحيلت إليها وأية إجراءات جديدة في الدعوى تبدأ من حيث انتهت تلك الإجراءات فيها أمام المحكمة التي أحالتها.
ومن حيث إنه متى كان الأمر كذلك وكان الثابت أن التوكيلات الصادرة للمحامى المذكور لم تلغ من الموكلين، وظلت قائمة، فمن ثم يكون له تمثيل موكليه بمراحل سير الدعوى حتى يفصل في موضوعها نهائياً.
وإذ ثبت أن المحامى المذكور هو الذي باشر إجراءات تصحيح شكل الدعوى في مواجهة الطاعنين بعد وفاة مورثهم ( المدعى الأول ) أمام محكمة القضاء الإداري طبقاً لما سلف بيانه .
ومن ثم يكون هذا الإجراء قد صدر من ذي صفة، فضلاً عن أن المحامى المذكور أودع توكيلاً رسمياً عاماً صادراً إليه من الطاعنين برقم 1920/ب – 1995 مكتب توثيق شربين النموذجي في 10/10/1995 في الدعوى وبذلك يكون قد ثبتت صفة الوكيل بالخصومة رافع الدعوى نيابة عن الطاعنين وبالتالي تكون الدعوى موضوع الطعن الماثل مرفوعة من ذي صفة.
وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى غير هذه النتيجة، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويكون الطعن عليه في محله مما يتعين معه القضاء بإلغائه.
ومن حيث إن الطعن مهيأ للفصل في موضوعه.
ومن حيث إن الطلبات الختامية للطاعنين اقتصرت على المطالبة بتعويض عن الأضرار الأدبية التي أصابتهما نفسيهما من جراء اعتقال مورثهما / صالح إبراهيم السعداوي وبما يخصهما من تعويض مورثهما المذكور نفسه من جراء صدور قرار الاعتقال .
ومن حيث إن المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أن مناط مسئولية الإدارة عن القرارات الإدارية الصادرة منها هو وجود خطأ من جانبها يتمثل في عدم مشروعية القرار الإداري وأن يلحق ضرر بصاحب الشأن من جراء هذا الخطأ وتقوم علاقة السببية المباشرة بين هذا الخطأ وذلك الضرر.
ومن حيث إنه بالنسبة لركني الخطأ
فإن الثابت من مطالعة الأوراق أن جهة الإدارة نسبت إلى مورث الطاعنين أنه انتمى لجماعة الإخوان المسلمين المنحلة ومارس نشاطاً لصالح نشر أفكارها ومبادئها في أوساط الجماهير بهدف استقطاب العناصر الصالحة منهم وضمها لصفوف الجماعة – كما شارك في دفع الاشتراكات التي تسهم في دعم أنشطة الجماعة المناهضة والتي تهدف إلى تغيير الشكل الاجتماعي للبلاد وقلب نظام الحكم بالقوة.
وأنه تم اعتقال المذكور بالقرار الجمهوري رقم 2607 لسنة 1965 بتاريخ 22/8/1965 وقدم للمحاكمة وصدر الحكم بالقرار بسجنه لمدة ثلاث سنوات واستمر اعتقاله بالقرار الجمهوري رقم 4/15 لسنة 1968 بتاريخ 10/10/1968، وأفرج عنه بالقرار الجمهوري رقم 2167 لسنة 1971 بتاريخ 24/8/1971.
ومن حيث إنه متى ثبت مما تقدم أن مورث الطاعنين كان مسجوناً خلال الفترة من 22/8/1965 حتى 10/10/1968م، تنفيذاً لحكم قضائي، ولما كان من المقرر أن الحكومة لا تسأل عن الأضرار الناشئة عن الأعمال القضائية، ومن ثم فإنه لا وجه للمطالبة بالتعويض عن الأضرار التي حاقت بالطاعنين و بمورثهما خلال تلك الفترة لعدم تكامل أركان المسئولية الإدارية بسبب انتفاء الخطأ في جانب جهة الإدارة، ومن ثم يتعين القضاء برفض هذا الطلب.
ومن حيث إنه لما كان الثابت من مطالعة ديباجة القرار الجمهوري رقم 1514 لسنه1968 الصادر بتاريخ 10/10/1968 باعتقال مورث الطاعنين أنه صدر استناداً إلى القانون رقم 199لسنه 1964م ، بشأن بعض التدابير الخاصة بأمن الدولة وكان قد سبق أن قضت المحكمة العليا في الدعوى رقم 5 لسنه 7 ق دستورية بجلسة 1/4/1978م بعدم دستورية المادة الأولى من القانون رقم119 لسنة 1964م سالف الذكــر قبل تــعديله بالقانون رقم59 لسنة 1968 – والذي عمل به اعتباراً من 7/11/1968 .
ومتى كان ذلك، وكان الثابت أن قرار الاعتقال سالف الذكر قد صدر خلال سريان المادة الأولى من القانون رقم 119 لسنة1964 قبل تعديلها بالقانون رقم 59 لسنة 1968.
ومن ثم فإنه بالترتيب على ما نشأ من واقع قانوني كشف عنه حكم المحكمة العليا ( الدستورية ) المشار إليه يكون القرار الجمهوري باعتقال مورث الطاعنين المشار إليه قد افتقد سنده القانوني الذي مصدره نص تشريعي قضى بعدم دستوريته، الأمر الذي يضحى معه قرار الاعتقال المذكور باطلاً مما يشكل ركن الخطأ المستوجب لمسئولية الإدارة.
ومن حيث إنه من جهة أخرى فإنه لما كان الثابت أن الجهة الإدارية قد عادت واعتقلت مورث الطاعنين بالقرار الجمهوري رقم 1514 لسنة 1968 اعتباراً من 10/10/1968 حتى تم الإفراج عنه بتاريخ 24/8/1971 بموجب القرار الجمهوري رقم 2167 لسنة 1971م.
ومن حيث إن جهة الإدارة لم تنسب إلى مورث الطاعنين ما يبرر معاودة اعتقاله مرة أخرى ولم تكشف عن أي واقعة مادية يستفاد منها معاودة المعتقل المذكور لنشاطه أو يستدل منها على مظاهر نشاطه المناهض لنظام الحكم على النحو الذي يؤدى إلى القول بخطورته على الأمن والنظام العام.
ولما كانت الخطورة على الأمن حالة موقوتة غير ملازمة لصاحبها، ومن ثم يتعين أن تتوافر الدلائل الجدية على استمرار تلك الحالة مقرونة بوقائع جديدة تكشف عنها كسبب مشروع للاعتقال وهو ما خلت منه أوراق الطعن، وبذلك لم يثبت بأدلة جديدة توافر سبب لاعتقاله، ومن ثم يكون قد امتنعت أسباب الاعتقال وموجباته، ويغدو قرار الاعتقال غير مشروع.
ومن حيث إنه بالنسبة للأضرار الأدبية المطالب بالتعويض عنها
فإنه لما كان مؤدى نصوص المواد 163و 17و 171 من القانون المدني أن الضرر ركن من أركان المسئولية وثبوته شرطٌ لازم لقيامها والقضاء بالتعويض تبعاً لذلك، يستوي في إيجاب التعويض عن الضرر أن يكون هذا الضرر مادياً يصيب المضرور في جسمه أو ماله أي في كيانه المادي أو أدبيا يصيب المضرور في كيانه المعنوي أي إيذائه في أي معنى من المعاني التي يحرص الناس على المحافظة عليها.
ومن حيث إن الضرر الأدبي هو الضرر الذي يقع على مصلحة غير مالية، فيصيب الشرف والاعتبار أو يؤذى السمعة ويحط من الكرامة أو ينال من العواطف والمشاعر والأحاسيس الإنسانية، فهي كلها أعمال تصيب المضرور ولا شك وتدخل إلى قلبه الغم والأسى والحزن وتهز من كيانه ووجدانه، وتحط من قدره بين أقرانه وبالتالي يحق لمن وقع عليه مثل هذا الضرر الأدبي أن يطالب بتعويض عما لحقه من أضرار.
ومن حيث إنه عن مطالبة الطاعنين بحق مورثهم في التعويض عن الضرر الأدبي الذي أصابه من جراء قرار الاعتقال
فإنه لما كان الثابت من مطالعة الأوراق – أن هذا القرار قد أصاب المعتقل نفسه بأضرار أدبية في مقدمتها حرمانه من حريته الشخصية كأغلى ما يعتز به الإنسان.
كما ترتب عليه المساس بكرامته واعتباره والآلام النفسية التي صاحبت ذلك والمعاناة النفسية التي اعتصرته من جراء التدابير والإجراءات التي اتخذت ضده وحسبه أن تجرع مرارة الظلم والإحساس بالألم والمرارة , وألقى به في غياهب الاعتقال دون ما ذنب جناه مهدر للكرامة سليب الحرية مبعداً عن المجتمع , محالاً بينه وبين ذويه .
فضلاً عما بذله من ذات نفسه لدرء ما حاق بها من هوان إذ صنف في عداد المشتبه فيهم والخطرين على الأمن العام , وهذه الإيذاءات دون ما ريب أضرار ناجمة مباشرة عن القرار الباطل باعتقاله – ما كان أغناه عنها لو لم يعتقل ظلماً واعتسافاً – وذلك على نحو يقيم رابطة السببية بين الخطأ والضرر بما مؤداه تكامل أركان المسئولية الموجبة للحكم بالتعويض .
ومن حيث إن الثابت أن مورث الطاعنين حال حياته قد أقام عن نفسه الدعوى المنوه بها سلفاً مطالباً بحقه في التعويض عن الضرر الأدبي الذي لحقه من جراء قرار اعتقاله , ثم توفى أثناء سير الدعوى فإن هذا الحق ينتقل إلى ورثته عملاً بحكم المادة 222 من القانون المدني .
ومن حيث إنه من المقرر أن التعويض يشمل كل ضرر مباشر – متوقعاً كان هذا الضرر أو غير متوقع , وعلى ذلك يقدر التعويض بمقدار الضرر المباشر الذي أحدثه الخطأ ويدور معه وجوداً أو عدماً , وهو من الأمور الموضوعية التي تخضع لتقدير قاضى الموضوع , وإذ ثبت من مطالعة الإعلام الشرعي الخاص بمورث الطـاعنين المرحوم / صالح إبراهيم السعــــداوي أن من ورثته زوجته ( الطاعنة الثانية ) وتستحق ثمن تركته فرضاً , وابنه / أسامه ( الطاعن الأول ) ويستحقان باقي التركة تعصيباً للذكر مثل حظ الأنثيين .
ومن حيث إنه ترتيباً على ما تقدم , فإنه يتعين القضاء بإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها بما يستحقه مورث الطاعنين من تعويض عما أصابه من ضرر أدبي تقدره المحكمة بمبلغ ( 3000 جنيه ) ثلاثة آلاف جنيه , يوزع بين الطاعنين من ورثته حسب أنصبتهم الشرعية .
ومن حيث إنه بالنسبة لمطالبة الطاعنين بتعويضهما عن الأضرار الأدبية التي لحقتهما من جراء اعتقال مورثهما , فإنه لا ريب أن قرار الاعتقال – كما أصاب المعتقل نفسه بأضرار أدبية.
فإنه حتماً قد أصاب الطاعنين أيضاً بصفتهما من ذويه – زوجته وابنه – بأضرار أدبية شخصية مباشرة نتيجة الحرمان من عائل الأسرة – الأب والزوج – وشعورهم بالمذلة والهوان بسلب حرية مورثهم وحرمان الجميع من عواطف وحنان ورعاية الأب والزوج – إلى جانب ما رتبه اعتقال مورثهم في نفوسهم من قلق ومرارة وحزن وآسى .
فضلاً عن الآلام النفسية الأخرى نتيجة نظرة أقرانهم وذويهم إليهم كأقارب المعتقل والإساءة إلى سمعتهم وكرامتهم وتدنى وصفهم الاجتماعي بين ذويهم ومعارفهم, وهى كلها أضرار أدبية يتعين تعويض الطاعنين عنها تعويضاً رمزياً تقدره المحكمة بألفي جنيه ( 2000 جنيه ) توزع بين الطاعنين بالتساوي .
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بالمصروفات عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات .
” فلهذه الأسبـاب “
حكمت المحكمة :
بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى في الدعوى رقم 4968 لسنة 46 ق وبإلزام المطعون ضده الثاني بأن يؤدى للطاعنين عن نفسيهما وبصفتيهما وريثين مبلغ خمسة آلاف جنيه مصري تعويضاً عن الضرر الأدبي الذي لحق بمورثهما وأصابهما من جراء اعتقاله على النحو المبين بالأسباب وألزمت جهة الإدارة المصروفات .
ختاما: قدمنا بحث شامل عن الاعتقال وأسبابه وطرق اثباته وشروط التعويض عن الاعتقال بدون سبب، تعويضا عن الأضرار المادية والأدبية التى المت بالمعتقل وأسرته علي ضوء أحكام النقض والدستورية والادارية العليا.