يمثل استعمال النفوذ في تعديل تراخيص البناء والرشوة في قرارات البناء أحد أخطر أشكال الفساد الإداري الذي يهدد الشفافية في إصدار تراخيص البناء ويضر بالمصلحة العامة.

محتويات المقال إخفاء

تتناول هذه المقالة تحليلاً قانونياً شاملاً لقضية حقيقية تكشف آليات تعديل ترخيص بناء بطرق غير قانونية والتجاوزات في إصدار  تراخيص البناء ، مستندة إلى حكم محكمة النقض المصرية رقم 6905 لسنة 80 قضائية.​

المحامي عبدالعزيز حسين عمار

الأستاذ / عبدالعزيز حسين عمار

محامي بالنقض والإدارية العليا
ليسانس الحقوق - جامعة الزقازيق 1997
خبرة +28 عامًا في قضايا الميراث والملكية والمدني
متخصص في الطعون أمام محكمة النقض

العناصر الرئيسية للمقال:

  • أركان جريمة استعمال النفوذ في تراخيص البناء.
  • دور الرشوة في تغيير تراخيص البناء وتحليلها القانوني.
  • إجراءات تعديل تراخيص البناء القانونية والفاسدة.
  • التحقيقات في فساد تعديل تراخيص البناء.
  • الهيئات المسؤولة عن إصدار تراخيص البناء ودور الرقابة.
تعديل تراخيص البناء-فساد واستعمال النفوذ في اتخاذ القرارات

أسباب تعديل تراخيص البناء بطرق غير قانونية

طبيعة الجريمة ووقائعها

تكشف القضية المعروضة عن فساد في تراخيص البناء متعدد الأوجه، حيث اتهمت النيابة العامة مستشاراً بالأمانة العامة للإدارة المحلية بطلب وأخذ رشوة مقدارها 225 ألف جنيه مقابل استعمال نفوذه لدى  هيئة المجتمعات العمرانية  الجديدة بوزارة الإسكان.

للحصول على موافقات تعديل ترخيص البناء الصادر للمقر الرئيسي للبنك الأهلي المتحد ومد المهلة المخصصة للبناء.​

دوافع الفساد الإداري

ترجع أسباب تعديل تراخيص البناء بطرق غير قانونية إلى عدة عوامل، أبرزها:​

  1. ضغوط المواعيد الزمنية على المشروعات العقارية الكبرى.
  2. تعقيد الإجراءات الإدارية وطول مدة الحصول على الموافقات الرسمية.
  3. استغلال الموظفين العموميين لمناصبهم ونفوذهم الإداري.
  4. ضعف الرقابة على تراخيص البناء من الجهات المختصة.
  5. غياب الشفافية في إصدار تراخيص البناء والإجراءات المتبعة.

الآلية المستخدمة في الفساد

استخدم المتهم آلية معقدة لإخفاء الرشوة في قرارات البناء، حيث تم تحرير عقد صوري تحت مسمى ” عقد استشارات ” للحصول على مبالغ الرشوة على دفعات متزامنة مع إتمام الإجراءات، مما يسهل تسوية هذه المبالغ كمصاريف ونفقات إدارية لدى الشرك

"اتفق المتهم الأول على تقاضي مبلغ مائتين وخمسة وعشرين ألف جنيه على سبيل الرشوة على أن يتقاضى هذا المبلغ من خلال عقد صوري تحت مسمى عقد استشارات يحصل بموجبه على مبلغ الرشوة على دفعات متزامنة مع ما يتم إنهاؤه من إجراءات."

دور الرشوة في تغيير تراخيص البناء: تحليل قانوني

الإطار القانوني لجريمة استعمال النفوذ

تنص المادة 106 مكرراً من قانون العقوبات المصري على:

تجريم استعمال النفوذ في تعديل تراخيص البناء والحصول على قرارات من السلطات العامة، حيث ساوى المشرع بين النفوذ الحقيقي والنفوذ المزعوم في العقوبة، إدراكاً منه لخطورة هذه الجريمة على الثقة الواجبة في السلطات العامة.​

أركان الجريمة القانونية

تتطلب جريمة الرشوة في قرارات البناء واستعمال النفوذ توافر الأركان التالية:​

  • الركن المادي: طلب أو قبول أو أخذ عطية أو وعد بها مقابل استعمال النفوذ.
  • الركن المعنوي: القصد الجنائي بعلم الجاني بأنه يتاجر بنفوذه لدى السلطة العامة.
  • صفة الجاني: يشدد القانون العقوبة إذا كان الجاني موظفاً عمومياً.
  • الغرض من الجريمة: الحصول على قرارات من سلطة عامة أو جهة خاضعة لإشرافها.

موقف القضاء المصري

أكدت محكمة النقض في حكمها أن الزعم بالنفوذ لا يشترط أن يكون صريحاً، بل يكفي أن يكون سلوك الجاني منطوياً ضمناً على هذا الزعم، ولا يكفي مجرد ترك المجني عليه يعتقد بوجود النفوذ دون صدور فعل من الجاني يؤدي إلى قيام هذا الاعتقاد.​

إجراءات تعديل تراخيص البناء: بين الشفافية والفساد

الإجراءات القانونية الصحيحة

تخضع إجراءات تعديل تراخيص البناء القانونية لمجموعة من القوانين المنظمة لتراخيص البناء، وتتضمن:​

  • تقديم طلب رسمي إلى الإدارة الهندسية بوزارة الإسكان أو المحافظة المختصة
    إرفاق المستندات الفنية والهندسية اللازمة للتعديل المطلوب
  • دراسة الطلب من قبل اللجان الفنية المختصة
  • إصدار الموافقة أو الرفض وفقاً للمعايير الهندسية والقانونية
    الالتزام بالمواعيد القانونية المحددة لكل مرحلة

الهيئات المسؤولة عن إصدار تراخيص البناء

تتوزع مسؤولية الهيئات المسؤولة عن إصدار تراخيص البناء بين عدة جهات:​

  • هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة: للمشروعات في المدن الجديدة.
  • المحافظات والإدارات الهندسية: للمباني داخل النطاق العمراني.
  • اللجنة العليا للإعلانات: لتراخيص المواقع الإعلانية.
  • الهيئة العامة للتخطيط العمراني: للإشراف على المخططات العامة

الانحرافات عن الإجراءات الصحيحة

كشفت القضية عن تجاوزات في إصدار تراخيص البناء تمثلت في:​

  • تجاوز الإجراءات الرسمية والحصول على موافقات بطرق غير قانونية
  • استغلال العلاقات الشخصية والنفوذ الوظيفي
  • تسريع الإجراءات بشكل غير عادي مقابل رشاوى
  • الحصول على معلومات سرية عن القرارات قبل صدورها رسمياً
  • استخدام عقود صورية لإخفاء مبالغ الرشوة

من واقع خبرتي: نصيحة المحامي

بصفتي محامياً في قضايا البناء والتراخيص، أنصح المستثمرين والمقاولين بما يلي:​

ماذا أفعل لو كنت مكانك؟

  1. التزم دائماً بالإجراءات القانونية الرسمية مهما طالت المدة
  2. احتفظ بكافة المستندات والمراسلات الرسمية المتعلقة بالتراخيص
  3. لا تستجب لأي طلبات مشبوهة أو عروض لتسريع الإجراءات بطرق غير قانونية
  4. تعامل مع مكاتب استشارية معتمدة ومرخصة فقط
  5. أبلغ الجهات الرقابية فوراً عن أي محاولات ابتزاز أو طلب رشاوى

التحقيقات في فساد تعديل تراخيص البناء

دور هيئة الرقابة الإدارية

تلعب هيئة الرقابة الإدارية دوراً محورياً في تحقيقات في فساد تراخيص البناء، حيث تختص بإجراء التحريات والمراقبة السرية بوسائلها الفنية المختلفة عند الاشتباه في وقوع جرائم فساد.​

إجراءات الضبط والتحقيق

في القضية محل الدراسة، اتبعت الجهات الرقابية الإجراءات التالية:​

  • إجراء تحريات سرية مكثفة استمرت لعدة أشهر
  • استصدار إذن نيابة بمراقبة وتسجيل المحادثات الهاتفية
  • امتداد أذون المراقبة بناءً على المعلومات المستجدة
  • ضبط المتهم متلبساً بتسلم آخر دفعة من مبلغ الرشوة
  • تفتيش مقر عمل المتهمين وضبط المستندات المتعلقة بالواقعة

التسجيلات الهاتفية كدليل إثبات

أكدت محكمة النقض مشروعية الاعتماد على التسجيلات الهاتفية المأذون بها قانوناً، حيث ثبت من المحادثات المسجلة تعلقها بوقائع الرشوة ودلالتها على طلب وأخذ المتهم لمبالغ مالية مقابل استغلال نفوذه لدى السلطات العامة.​

دور الإعلام في كشف فساد البناء

الشفافية والنشر

يساهم دور الإعلام في كشف فساد البناء في:​

  • فضح حالات الفساد وتسليط الضوء عليها
  • توعية المواطنين بحقوقهم وواجباتهم
  • الضغط على الجهات الرقابية لمحاسبة الفاسدين
  • نشر إعلانات حكومية لتراخيص
  • البناء وزيادة الشفافية

دور المجتمع المدني

يتمثل دور المجتمع المدني في مراقبة تراخيص البناء في:

  • تقديم تقارير عن تجاوزات في تراخيص البناء للجهات المختصة
  • المشاركة في منظمات مكافحة الفساد في قطاع البناء
  • متابعة إعلانات عن تعديل تراخيص البناء والتأكد من شرعيتها
  • التعاون مع الجهات الرقابية في كشف المخالفات.

العقوبات القانونية لجرائم فساد التراخيص

الأحكام الصادرة في القضية

قضت محكمة جنايات القاهرة بمعاقبة المتهم بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات وتغريمه عشرة آلاف جنيه وعزله من وظيفته، وقد أيدت محكمة النقض هذا الحكم ورفضت الطعن المقدم منه.​

أساس العقوبة القانوني

استندت العقوبة إلى المواد 103، 104، 106 مكرراً، 107 مكرراً، 110 من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 17، 32 من ذات القانون، حيث شددت العقوبة لكون المتهم موظفاً عمومياً.​

إعلانات عن فرص استثمارية في قطاع البناء

رغم التحديات التي يواجهها قطاع البناء بسبب فساد في تراخيص البناء، إلا أن هناك إعلانات عن فرص استثمارية في قطاع البناء قانونية ومشروعة، خاصة مع إعلانات عن تغييرات في قوانين البناء الرامية إلى تبسيط الإجراءات وزيادة الشفافية.​

إعلانات عن مشاريع بناء جديدة والشفافية المطلوبة

  • تتطلب إعلانات عن مشاريع بناء جديدة الالتزام بالمعايير التالية:​
  • الإعلان عن كافة التراخيص والموافقات الحكومية
  • نشر المخططات الهندسية المعتمدة
  • الالتزام بالمواصفات الفنية والبيئية
  • توفير ضمانات قانونية للمستثمرين والمشترين
  • الخضوع للرقابة الدورية من الجهات المختصة

جدول مقارن: الإجراءات القانونية vs الإجراءات الفاسدة

وجه المقارنةالإجراءات القانونيةالإجراءات الفاسدة
التقديمطلب رسمي بالمستندات المطلوبةالتواصل مع وسطاء ومسؤولين فاسدين
المدة الزمنيةوفقاً للمواعيد القانونية المحددةتسريع غير طبيعي مقابل رشاوى
التكلفةالرسوم الحكومية المقررة فقطرسوم حكومية + رشاوى ضخمة
الشفافيةإجراءات موثقة ومعلنةسرية تامة واستخدام عقود صورية
المخاطر القانونيةلا توجدملاحقة جنائية وعقوبات مشددة
الجهات المختصةالإدارة الهندسية والهيئات الرسميةاستغلال النفوذ لدى مسؤولين فاسدين

الإصلاحات المطلوبة لمكافحة الفساد

تطوير المنظومة التشريعية

يتطلب الحد من فساد في تراخيص البناء تطوير القوانين المنظمة لتراخيص البناء من خلال:​

  • تبسيط الإجراءات وتقليل البيروقراطية الإدارية
  • تحديد مواعيد زمنية ملزمة للرد على طلبات التراخيص
  • تطبيق نظام النافذة الواحدة للتراخيص
  • رقمنة كافة الإجراءات وإتاحتها إلكترونياً
  • تشديد العقوبات على جرائم الفساد الإداري

تعزيز آليات الرقابة

يجب تعزيز الرقابة على تراخيص البناء عبر:​

  • إنشاء وحدات متخصصة لمكافحة الفساد في قطاع البناء
  • تطوير أنظمة الرصد والمتابعة الإلكترونية
  • إلزام الجهات الحكومية بنشر تقارير دورية عن التراخيص الصادرة
  • تفعيل دور المجتمع المدني في الرقابة الشعبية
  • تشجيع الإبلاغ عن حالات الفساد وحماية المبلغين

استعمال النفوذ والرشوة لاستصدار قرار بتعديل ترخيص بناء، مواقع إعلانية

حكم محكمة النقض في قضية رشوة واستغلال نفوذ

الطعن رقم 6905 لسنة 80 ق – تاريخ الجلسة 24 / 2 / 2011

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين أعفوا من العقاب فى قضية الجناية رقم 10611 لسنة 2009 قسم المعادى (المقيدة بالجدول الكلى برقم 596 لسنة 2009) بوصف أنهم فى غضون الفترة من شهر يوليو، سنة 2008 وحتى 11 من فبراير سنة 2009 بدائرة قسم المعادى محافظة القاهرة.

التهمة الأولى: المتهم الأول

  • البند الأول: “مستشار بالأمانة العامة للإدارة المحلية ومستشار رئيس المجلس الأعلى لمدينة الأقصر” طلب وأخذ لنفسه عطية لاستعمال نفوذه فى الحصول من سلطة عامة على قرارات بأن طلب من المتهم الثانى بوساطة المتهمين الثالث والرابع مبلغ أربعمائة وخمسين ألف جنيه أخذ منه مبلغ مائتى وخمسة وعشرين ألف جنيه على سبيل الرشوة، مقابل استعمال نفوذ لدى المختصين بهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بوزارة الإسكان فى الحصول على موافقات بتعديل ترخيص البناء الصادر للمقر الرئيسى للبنك الأهلى المتحد “مصر” ومد المهلة المخصصة للبناء على أرض ذلك، المقر على النحو المبين بالتحقيقات.
  • البند الثاني: بصفته السالفة البيان طلب وأخذ لنفسه عطية لاستعمال نفوذه فى الحصول من سلطة عامة على قرارات، بأن طلب وأخذ من المتهمين الخامسة والسادس مبلغ ثلاثين ألف جنيه على سبيل الرشوة، مقابل استغلال نفوذه لدى المختصين باللجنة العليا للإعلانات بمحافظة الجيزة فى الحصول على موافقات بتراخيص مواقع إعلانية للوكالة السالفة الذكر على النحو المبين بالتحقيقات.
  • البند الثالث: بصفته السالفة البيان طلب لنفسه عطية لاستعمال نفوذه فى الحصول من سلطة عامة على قرارات بأن طلب من المتهم مبلغ مائة وثمانين ألف جنيه على سبيل الرشوة مقابل استغلال نفوذه لدى مستشار محافظ القاهرة للمنطقة الشمالية فى الحصول على موافقته بمنح تصريح إقامة الأساسات للمشروع السالف الذكر على النحو المبين بالتحقيقات.

التهمة الثانية: المتهم الثاني

قدم للمتهم الأول وبواسطة الثالث والرابع الرشوة محل التهمة أولاً بند (1) على النحو المبين بالتحقيقات.

التهمة الثالثة: المتهمان الثالث والرابع

توسطا فى جريمة الرشوة محل التهمة أولاً بند (1) على النحو المبين بالتحقيقات.

التهمة الرابعة: المتهمان الخامسة والسادس

قدما للمتهم الأول مبلغ الرشوة محل التهمة أولاً بند (2) على النحو المبين بالتحقيقات.

التهمة الخامسة: المتهم السابع

قدم للمتهم الأول وعداً بمبالغ الرشوة محل التهمة أولاً بند (3) على النحو المبين بالتحقيقات.

الإحالة والحكم الابتدائي

أحالتهم النيابة العامة إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.

والمحكمة المذكورة قضت حضورياً فى 25 من فبراير سنة 2010 عملاً بالمواد 103، 104، 106 مكرراً، 107 مكرراً، 110 من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 17، 32 من قانون العقوبات بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات وبتغريمه عشرة آلاف جنيه عما أسند إليه وبعزله من وظيفته.

الطعن بالنقض

فطعن المحكوم عليه بشخصه فى هذا الحكم بطريق النقض فى 7 من أبريل لسنة 2010.

كما طعن الأستاذ/ أحمد عبد الله السيد المحامى عن الأستاذ/ محمد عبد الفتاح محمد فوزى المحامى بصفته وكيلاً عن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض فى 20 من أبريل لسنة 2010.

وأودعت مذكرة بأسباب الطعن فى 20 من أبريل لسنة 2010 موقعاً عليها من الأستاذ/ محمد عبد الفتاح محمد فوزى عيسى المحامى.

وبجلسة اليوم سمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضرها.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً.

شكل الطعن

من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر فى القانون.

أسباب الطعن

مبنى الطعن

من حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة طلب وأخذ عطية لاستعمال نفوذ لدى سلطة عامة قد شابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ فى تطبيق القانون وفى الإسناد وران عليه البطلان.

أوجه النعي

ذلك، بأن الحكم لم يبين الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة المسندة إلى الطاعن، وقضى بإدانته عن جريمة الاتجار بالنفوذ بالرغم من عدم توافر مقوماتها، وأغفل دفاعه بعدم توافر أركان هذه الجريمة وخاصة الركن المادى وهو التذرع بالنفوذ لدى موظف عام وما أورده الحكم بمدوناته لا يوفر معنى التذرع بالنفوذ إذ إنه يكون فى مواجهة صاحب المصلحة وليس فى مواجهة الموظف العام.

والثابت أن صاحب المصلحة هو الذى لجأ للطاعن لخبرته فى متابعة الإجراءات الإدارية لدى أية سلطة أو هيئة عامة وليس تذرعاً بالنفوذ الذى خلت الأوراق من دليل عليه ولانعدام تأثير الطاعن على السلطة العامة وهو ما أكده الشهود ولم يثبت أن أى قرار قد صدر نتيجة تذرع بالنفوذ من الطاعن، مما يدل على عدم وضوح صورة الواقعة فى ذهن المحكمة.

الدفاع بشرعية تسلم المبالغ

وأن الطاعن تسلم المبالغ موضوع الجريمة مقابل العمل الذى يؤديه كاستشارى علاقات عامة بناء على موافقة جهة عمله بالعمل فى غير أوقات العمل الرسمى وهو أمر جائز قانوناً ولا تتحقق به الجريمة التى دين الطاعن بها وقد تمسك الدفاع عنه بذلك، إلا أن المحكمة ردت على هذا الدفاع رداً قاصراً.

شروط جريمة الاتجار بالنفوذ

فضلاً عن أن المادة 106 مكرراً من قانون العقوبات تتطلب أن يصدر عن الجانى ما يفيد الزعم بأن له نفوذاً سيستعمله أو سيسعى به لدى صاحب النفوذ الحقيقى أو المزعوم فيما يطلب من أجله الرشوة، ولا يكفى مجرد ترك المجنى عليه يعتقد بوجود هذا النفوذ مادام أن الجانى لم يصدر منه فعل يؤدى إلى قيام ذلك، الاعتقاد.

والقائم فى الدعوى المطروحة فيما لو ثبتت وقائعها أن الطاعن لم يزعم أن له نفوذاً ما، الأمر الذى أوضحه المدافع عن الطاعن فى مرافعته وخلص إلى أن الواقعة بفرض صحتها لا تعدو أن تكون جنحة لكون الطاعن لم يكن موظفاً عاماً لحصوله على أجازة بدون مرتب.

غير أن المحكمة على الرغم من ذلك، انتهت إلى مساءلة الطاعن طبقاً للمادة 106 مكرراً السالفة الذكر باعتباره موظفاً عاماً.

الدفع ببطلان التسجيلات

وعول الحكم فى إدانته على الدليل المستمد من تفريغ الأشرطة المسجلة للمحادثات الهاتفية دون أن يبين مضمونها على نحو كاف لإثبات قيام جريمة استغلال النفوذ.

هذا إلى أنه دفع ببطلان إذن النيابة العامة بتسجيل المحادثات الهاتفية المؤرخ 25/10/2008 وما تلاه من إجراءات لابتنائه على تحريات غير جدية وغير كافية وقبل أن تتحقق النيابة من وقوع الجريمة ويستفاد منه أن مستصدر الإذن لم يجر التحريات بنفسه واعتمد فيها على معلومات المصدر السرى.

وبطلان التسجيلات لتجاوز حدود الإذن الصادر بها لإجراء المراقبة على أشخاص وهواتف لم يشملها الإذن، وبطلان الأذون اللاحقة لأنهم صدروا بناءً على إذنها الأول، إلا أن الحكم اطرح هذه الدفوع بغير ما يسوغ به اطراحها.

الاعترافات والإعفاء من العقاب

وأقام قضاءه على الاعترافات المنسوبة للمتهمين من الثانى حتى السابع على الرغم من أنها لا تُعد شهادة معتبرة قانوناً فى حق الطاعن، فضلاً عن أن المحكمة لم تفطن إلى أن تلك الاعترافات كانت وليدة إغراء تمثل فى الرغبة فى الحصول على الإعفاء الذى يكفله القانون للمبلغ عن جريمة الرشوة مما يعدم أثرها فى الإثبات.

واعتبرهم الحكم راشين وقضى بإعفائهم من العقوبة حال أنهم ليسوا كذلك، فى جريمة استعمال النفوذ، ونسب للمتهم الثانى الحضور بجلسات المحاكمة واعترافه وقضى بناء على ذلك، بإعفائه من العقوبة رغم خلو محاضر تلك الجلسات من حضوره ومن مثل هذا الاعتراف ولا يحق إعفائه من العقاب.

الخطأ في تحصيل الشهادات

وأحال فى تحصيله لشهادة الشاهد صفوت محمود أحمد خليل نائب رئيس هيئة المجتمعات العمرانية إلى أقوال الشاهد عزت عبد الرؤوف عبد القادر الحاج وكيل أول الوزارة ورئيس قطاع الشئون التجارية والعقارية بهيئة المجتمعات العمرانية بوزارة الإسكان على الرغم من الخلاف الجوهرى بين الشهادتين بشأن معرفة الطاعن وأنه لم يكن له دور فى إصدار القرار الخاص بمد المهلة.

وأورد أقوال الشاهد حسن مختار يحيى السعيد نائب محافظ القاهرة للمنطقة الشمالية بما يخالف الثابت بالأوراق، ولم يبين سنده فى القول بصورية العقد المبرم بين الطاعن وشركة الديار القطرية، مما يدل على رغبة المحكمة فى إدانته.

بطلان تحقيق النيابة

وأخيراً عول الحكم على تحقيق النيابة رغم بطلانه لعدم حصول عضو الرقابة الإدارية على موافقة رئيس المجلس التنفيذى (رئيس الوزراء) عند إحالة الطاعن للتحقيق طبقاً للمادة الثامنة من القانون رقم 54 لسنة 1964، كل ذلك، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

تحصيل المحكمة للواقعة

بيان واقعة الدعوى

وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى فى قوله: “تتحصل فى أنه بناء على العقد المبرم بين البنك الأهلى المتحد “مصر” وشركة مشاريع قامت الأخيرة بمقتضاه بالإشراف على تنفيذ إنشاء مقر المركز الرئيسى للبنك، إلا أنه ونظراً لرغبة البنك فى تعديل ترخيص البناء وقرب انتهاء المهلة المخصصة من قبل هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة.

ولكون المتهم الثانى هو العضو المنتدب لشركة مشاريع وهى المسئولة عن إنهاء إجراءات تعديل ذلك، الترخيص عرض عليه المتهم الثالث أحمد عبد الرحمن عباس الاستعانة بالمتهم الأول (الطاعن) محسن زكريا أحمد فى سرعة استصدار الموافقات اللازمة لتعديل الرخصة ومد مهلة البناء بما للأخير من علاقات ونفوذ بصفته مستشاراً بالمجلس الأعلى لمدينة الأقصر.

الاتفاق على الرشوة

وأنه على إثر عرض الأمر على المتهم الأول بواسطة المتهم الثالث طلب المتهم الأول مبلغ مائتى وخمسين ألف جنيه على سبيل الرشوة لاستغلال نفوذه لدى مسئولى هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة لاستصدار هذه الموافقات بعد أن أكد له أنه على علاقة بكافة المسئولين بتلك الهيئة.

فكلف المتهم الثانى المتهم الرابع سامح عبد المنعم فى التفاوض معه على تخفيض المبلغ، وبالفعل تمكن فى غضون شهر يونيو سنة 2008 من الاتفاق مع المتهم الأول على أن يتقاضى مبلغ مائتى وخمسة وعشرين ألف جنيه على سبيل الرشوة على أن يتقاضى ذلك، المبلغ من خلال عقد صورى تحت مسمى “عقد استشارات” يحصل المتهم الأول بموجبه على مبلغ الرشوة على دفعات متزامنة مع ما يتم إنهائه من إجراءات فى هذا الشأن.

كما تضمن ذلك، الاتفاق استغلال المتهم الأول لنفوذه لدى مسئولى وزارة الإسكان فى استصدار موافقة بمد مهلة التخصيص للبناء نظراً لقرب انتهائها وحتى تتمكن الشركة من تنفيذ ما عسى أن يجرى من تعديلات بترخيص البناء.

تنفيذ الاتفاق وصرف الدفعات

وعلى أثر ذلك، تقاضى المتهم الأول مبلغ خمسة وعشرين ألف جنيه كدفعة مقدمة من مبلغ الرشوة بوساطة المتهم الثالث أحمد عبد الرحمن عباس، ونفاذاً لذلك، الاتفاق اصطحب المتهم الأول المتهم الرابع فى غضون شهر يوليو 2008 للإدارة الهندسية بوزارة الإسكان وتقدم بخمس طلبات شملت التعديل فى الردود والنسبة البنائية وارتفاعات الطابق الأرضى وإضافة طابق بميزانين وبدروم ثان بالمبنى.

وفى غضون شهر أغسطس 2008 أبلغه المتهم الأول بتمكنه من استصدار الموافقة الخاصة بتلك التعديلات وأطلعه على خطاب الموافقة الصادر بها فى 10/8/2008 وذلك، قبل وروده لإدارة البنك على وجه رسمى، وعلى أثر ذلك، سلم المتهم الأول حال تواجده بمقر شركة مشاريع جهة عمله دفعه من مبلغ الرشوة قدره مائة ألف جنيه.

وفى غضون شهر أكتوبر 2008 أبلغه المتهم الأول هاتفياً بصدور موافقة السيد وزير الإسكان على طلب مد المهلة وأرسل له صورة منها فقام على أثر ذلك، بتسليم المتهم الأول دفعة ثالثة من مبلغ الرشوة قدره خمسة وسبعون ألف جنيه.

وقد تحرر عن مبالغ الرشوة التى تقاضاها المتهم الأول مذكرات صرف داخلية بالشركة بتاريخ لتتمكن الشركة من تسويتها مع إدارة البنك الأهلى المتحد كمصاريف ونفقات تحملتها شركته لإنهاء إجراءات استصدار ترخيص البناء.

استلام آخر دفعة

وفى أعقاب صدور ترخيص البناء توجه المتهم الأول لمقر شركة مشاريع بتاريخ 11/2/2009 وتقابل مع المتهم الثانى فى وجود المتهم الثالث حيث اصطحبه الأخير إلى مكتبه وسلمه مبلغ خمسة وعشرين ألف جنيه كآخر دفعة من مبلغ الرشوة.

محاولة الحصول على رشوة إضافية

كما أنه وفى غضون شهر نوفمبر 2008 وعلى أثر رغبة إدارة البنك السالف الذكر إعادة تعديل ترخيص البناء بإضافة طابق آخر طلب المتهم الأول من المتهم الثانى بوساطة المتهمين الثالث والرابع مبلغ مائتى ألف جنيه على سبيل الرشوة لاستغلال نفوذه لدى المختصين بوزارة الإسكان فى الحصول على تلك الموافقة إلا أنه رفض.

واقعة وكالة الإعلانات

كما أن المتهم الأول وفى نطاق تسويق نفسه كصاحب نفوذ واستغلاله لذلك، فى الحصول على قرارات من الجهات الوطنية للساعين فى الحصول عليها بمقابل تعرف على المتهمة الخامسة دينا عبد المنعم محمد فى غضون شهر مارس 2008 من خلال عملها كمديرة تسويق بوكالة سنيور للدعاية والإعلان المملوكة لزوجها المتهم السادس أحمد أحمد إبراهيم أبو دشيش.

حيث عرض المتهم الأول عليهما جلب حملات إعلانية للوكالة الخاصة بهما من خلال علاقته بالعديد من الشركات الخاصة مقابل حصوله على نسبة من دخل تلك الحملات فضلاً عن مبلغ ستة آلاف جنيه كمصاريف انتقال شهرية إلا أنه على أثر عدم تمكنه من جلب تلك الحملات أنهى المتهم السادس التعامل معه.

استغلال النفوذ في الحصول على تراخيص إعلانية

وفى غضون شهر أغسطس 2008 عاود المتهم الأول الاتصال بهما عارضا عليهما استعمال نفوذه لدى أحمد جمال الدين حسين رئيس لجنة معاينة الإعلانات بمحافظة الجيزة من خلال علاقته به للحصول على موافقات بتراخيص مواقع إعلانية لدى محافظة الجيزة لصالح وكالتهما مقابل تقاضيه مبلغ ستة آلاف جنيه شهرياً على سبيل الرشوة.

ونفاذاً لذلك، اصطحبها المتهم الأول للقاء السالف الذكر بمقر عمله بديوان محافظة الجيزة وطلب منه سرعة الموافقة على تسعة عشر طلب بتراخيص مواقع إعلانية سبق تقديمها من قبل وكالتها للجنة البت عضويته.

كما اصطحبها فى غضون شهر نوفمبر 2008 للقاء السالف الذكر طالباً منه الحصول على موافقات بتراخيص مواقع إعلانية جديدة مقابل قيام وكالة المتهمين الخامسة والسادس بأعمال تجميل فى محافظة الجيزة. وقد بلغت المبالغ المالية التى تقاضاها المتهم الأول نظير ذلك، مبلغ ثلاثين ألف جنيه خلال الفترة من شهر أغسطس 2008 وحتى شهر ديسمبر 2008.

واقعة شركة الديار القطرية

وفى ذات النطاق الانحرافى للمتهم الأول كان قد سبق للمتهم السابع أيمن محمد رياض سعد مدير شركة الديار القطرية للاستثمار العقارى بمصر وفى إطار تنفيذ الشركة لمشروع إنشاء فندق “سانت ريجسى” بكورنيش النيل التقدم بطلب لمحافظة القاهرة لاستصدار الموافقة على تراخيص الأساسات اللازمة لاستكمال مراحل تنفيذ هذا المشروع، إلا أن حسن مختار يحيى نائب محافظ القاهرة للمنطقة الشمالية أرجأ البت فى الطلب.

وفى غضون شهر نوفمبر 2008 أفضى المتهم السابع للمتهم الأول حال تواجده بمقر شركته (الديار) بإرجاء نائب محافظ القاهرة السالف الذكر الموافقة على إصدار ذلك، الترخيص، فطلب منه المتهم الأول مبلغ مائة وثمانين ألف جنيه على سبيل الرشوة مقابل استعمال نفوذه لدى نائب المحافظ لسرعة الحصول على ذلك، التصريح فوافقه شريطة إبرام عقد صورى فيما بينهما تحت مسمى “عقد استشارات” ليتمكن المتهم السابع بموجبه من تسوية مبالغ الرشوة لدى شركته.

ثم اصطحبه المتهم الأول للقاء نائب المحافظ للحصول على موافقة الأخير على إصدار ذلك، التصريح، وبتاريخ 25/1/2009 وعلى إثر توقيعهما العقد السالف البيان أخبره المتهم الأول هاتفياً بتواجده لدى نائب المحافظ بمقر عمله وأنه تمكن من استصدار موافقته على ترخيص الأساسات حيث حصل على ذلك، الترخيص بتاريخ 27/1/2009.

التحريات والضبط

التحريات الأولية

وكان نتيجة اتساع نطاق نشاط المتهم الأول فى استغلال نفوذه لدى العديد من الجهات الوطنية أن وصلت معلومات لهيئة الرقابة الإدارية تلقاها هيثم فوزى محمد محمد عضو الهيئة الذى أجرى تحرياته والتى وصلت إلى قيام المتهم الأول محسن زكريا أحمد مستشار رئيس المجلس الأعلى لمدينة الأقصر والمشرف على مكتب الاتصال التابع لها بالقاهرة بطلب وأخذ مبالغ مالية على سبيل الرشوة.

من المتهم الثانى وائل يحيى العزبى العضو المنتدب لشركة مشاريع لإدارة المشروعات مقابل استعماله علاقاته ونفوذه لدى مسئولى هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بوزارة الإسكان فى الحصول على موافقات خاصة بتعديل ترخيص البناء ومد المهلة الممنوحة فى ذلك، الشأن لمشروع المقر الرئيسى للبنك الأهلى المتحد “مصر” والمنوط بشركة المتهم الثانى إنهاء إجراءات تعديل الترخيص واستخراجه والإشراف على تنفيذه.

وقد أكدت التحريات أن المتهم الأول سبق له تقاضى مبالغ مالية على سبيل الرشوة على دفعات ولذات الغرض من المتهم الثانى بوساطة المتهمين الثالث أحمد عبد الرحمن أحمد عباس والرابع سامح عبد المنعم محمود مديرى التشييد والمشروعات بشركة مشاريع وأنه مازال متبقياً للمتهم الأول مبالغ رشوة سيحصل عليها من المتهم الثانى بوساطة المتهمين الثالث والرابع.

إذن التسجيل

كما أسفرت التحريات عن طلب المتهم الأول لمبالغ مالية على سبيل الرشوة من المتهم الثانى بوساطة المتهمين الثالث والرابع لاستغلال نفوذه لدى مسئولى وزارة الإسكان فى استصدار موافقة بإعادة تعديل ترخيص البناء السالف الذكر بإضافة طابق جديد.

وبناء على ما تقدم استصدر إذناً من النيابة العامة بتاريخ 25/10/2008 بمراقبة وتسجيل اللقاءات والمحادثات الهاتفية التى تتم بين المتهمين السالفى الذكر، وقد أسفر تنفيذ هذا الإذن وما تلاه من أذون عن تسجيل العديد من المحادثات التى دارت فيما بينهم وأكدت صحة ما أسفرت عنه التحريات.

فى شأن طلب وأخذ المتهم الأول مبالغ مالية على سبيل الرشوة من المتهم الثانى بوساطة المتهمين الثالث والرابع مقابل استغلال نفوذه لدى المختصين بوزارة الإسكان للحصول على موافقات بتعديل ترخيص البناء الممنوح للبنك المذكور ومد المهلة المخصصة للبناء وكذا الموافقة على إعادة تعديل ترخيص البناء بإضافة طابق جديد.

إذن الضبط والتفتيش

وفى ضوء ما تقدم أذنت النيابة العامة بتاريخ 23/12/2008 بضبط وتفتيش المتهمين السالفى الذكر عقب تقاضى المتهم الأول لباقى مبلغ الرشوة وكذا تفتيش مقر عمل المتهمين الثانى والثالث والرابع لضبط أية مستندات تتعلق بالواقعة.

ونفاذاً لذلك، الإذن توصل لاعتزام المتهم الأول بتاريخ 11/2/2009 التوجه للمتهمين الثانى والثالث بمقر عملهما لتقاضى مبلغ خمسة وعشرين ألف جنيه باقى مبلغ الرشوة وعقب استلام المتهم للمبلغ تم ضبطه والمبلغ المالى بحوزته.

التحريات بشأن الوقائع الأخرى

كما توصلت تحرياته التى أجراها بصدد ما أسفر عنه تنفيذ إذن النيابة العامة الصادر بتاريخ 25/10/2008 وما تلاه من أذون أفادت بطلب وأخذ المتهم الأول لمبالغ مالية إجماليها ثلاثون ألف جنيه على سبيل الرشوة وذلك، على دفعات شهرية بواقع ستة آلاف من المتهمين الخامسة دينا عبد المنعم والسادس أحمد أبو دشيش مسئولى وكالة سنيور للدعاية والإعلان.

مقابل استغلال نفوذه لدى الشاهد السادس أحمد جمال الدين حسين رئيس لجنة الإعلانات بمحافظة الجيزة فى الحصول على موافقات بتراخيص مواقع إعلانية بالمحافظة لتلك الوكالة.

كما أسفرت تحرياته أيضاً عن طلب المتهم الأول لمبلغ مائة وثمانين ألف جنيه على سبيل الرشوة من المتهم السابع أيمن محمد رياض المراكبى مدير شركة الديار القطرية للاستثمار العقارى “مصر” من خلال إبرامه لعقد صورى تحت مسمى “عقد تقديم استشارات” مؤرخ 1/1/2009 بموجبه يتقاضى المتهم الأول مبلغ الرشوة على دفعات شهرية خلال عام.

مقابل استغلال نفوذه لدى حسن مختار يحيى نائب محافظ القاهرة للمنطقة الشمالية فى استصدار موافقة الأخير على منح تصريح إقامة أساسات مشروع فندق مملوك لشركة المتهم السابع، وقد أكدت تحرياته بتمكن المتهم الأول من استصدار تلك الموافقة بالفعل.

نتائج التسجيلات الهاتفية

وقد ثبت من المحادثات الهاتفية المأذون بتسجيلها فيما بين المتهمين جميعاً تعلقها بوقائع الرشوة محل الاتهام ودلت على طلب وأخذ المتهم الأول مبالغ مالية على سبيل الرشوة من المتهمين الثانى بواسطة المتهمين الثالث والرابع وكذا الخامسة والسادس والسابع مقابل استغلال نفوذه لدى السلطات العامة للحصول على موافقات من بعض المختصين فيها”.

أدلة الإثبات

مصادر أدلة الحكم

ثم أورد الحكم على ثبوت الواقعة على النحو السالف بيانه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وإقرار المتهمين من الثانى حتى السابع ومما ثبت من كتاب وزارة الإسكان (هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة) المؤرخ 10/8/2008، ومن المذكرات الداخلية الصادرة عن شركة مشاريع لإدارة المشروعات بشأن المبالغ التى تقاضاها المتهم الأول.

ومن العقد المبرم بين المتهمين الأول والسابع بتاريخ 1/1/2009، ومن المذكرة المعروضة على الشاهد السابع، ومما ثبت من تقرير تفريغ الأشرطة المسجلة للمحادثات الهاتفية المأذون بتسجيلها فيما بين المتهمين.

الرد على أسباب الطعن

استيفاء بيان الواقعة

لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التى دان الطاعن بها والظروف التى وقعت فيها والأدلة التى استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه.

وكان يبين مما أورده الحكم على نحو ما تقدم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة استغلال النفوذ التى دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها.

وجاء استعراضه لأدلة الدعوى على نحو يدل على أن المحكمة محصتها التمحيص الكافى وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغى من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة.

حرية المحكمة في التسبيب

وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التى وقعت فيها بل يكفى أن يكون مجموع ما أورده الحكم كافياً فى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة.

ومن ثم فإنه لا محل لما يثيره الطاعن بدعوى القصور فى التسبيب، ولا يعيب الحكم من بعد إغفاله إيراد الوقائع التى ذكرها شهود الإثبات وأشار إليها الطاعن فى أسباب طعنه وتمسك بدلالتها على انتفاء الجريمة فى حقه.

سلطة المحكمة في تجزئة الشهادة

لما هو مقرر من أن محكمة الموضوع غير ملزمة بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها ولها فى سبيل استخلاص الصورة الصحيحة للواقعة أن تجزئ أقوال الشاهد وتأخذ بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه طالما أنها لم تمسخ الشهادة أو تحيلها عن معناها.

ولما هو مقرر أيضاً من أن المحكمة لا تلتزم فى أصول الاستدلال إلا بالتحدث عن الأدلة ذات الأثر فى تكوين عقيدتها وفى إغفالها لبعض الوقائع ما يفيد ضمناً اطراحها لها واطمئنانها إلى ما أثبتته من الوقائع والأدلة التى اعتمدت عليها فى حكمها.

التأصيل القانوني للجريمة

جريمة الاتجار بالنفوذ

لما كان ذلك، وكان الشارع قد سوى فى نطاق جريمة الاتجار بالنفوذ المنصوص عليها فى المادة 106 مكرر من قانون العقوبات بين تذرع الجانى (فى الطلب أو القبول أو الأخذ) بنفوذ حقيقى للحصول على مزية من سلطة عامة، وبين تذرعه فى ذلك، بنفوذ مزعوم.

فقد قدر الشارع أن الجانى حين يتجر بالنفوذ على أساس موهوم لا يقل استحقاقاً للعقاب عنه حين يتجر به على أساس من الواقع، إذ هو حينئذ يجمع بين الغش (أو الاحتيال) والإضرار بالثقة الواجبة فى السلطات العامة والجهات الخاضعة لإشرافها.

كيفية تحقق الزعم بالنفوذ

ولا يلزم أن يكون الزعم بالنفوذ صريحاً بل يكفى أن يكون سلوك الجانى منطوياً ضمناً على زعم منه بذلك، النفوذ، والزعم هنا هو مطلق القول دون اشتراط اقترانه بعناصر أخرى أو وسائل احتيالية.

فإن كان الجانى موظفاً عمومياً وجب توقيع عقوبة الجناية المنصوص عليها فى المادة 104 من قانون العقوبات وإلا وقعت عقوبة الجنحة المنصوص عليها فى عجز المادة 106 مكرراً عقوبات.

تطبيق القانون على الواقعة

وإذ التزم الحكم هذا النظر واعتبر ما وقع من الطاعن (وهو موظف عام) من طلب وأخذ نقود من المتهمين (المقضى بإعفائهم من العقاب) بزعم العمل على استصدار قرارات لصالحهم من سلطة عامة والجهات التابعة لها محققاً لجناية الاتجار بالنفوذ فإنه يكون قد أعمل القانون على وجهه الصحيح ويكون النعى عليه فى هذا الصدد غير سديد.

سلطة محكمة الموضوع في تقدير الأدلة

حرية المحكمة في الاقتناع

لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أى دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات كل ذلك، مرجعه إلى محكمة الموضوع.

تنزله المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه، وهى متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك، يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها (كما هو الحال فى الدعوى المط

xml
"اتفق المتهم الأول على تقاضي مبلغ مائتين وخمسة وعشرين ألف جنيه على سبيل الرشوة على أن يتقاضى هذا المبلغ من خلال عقد صوري تحت مسمى عقد استشارات يحصل بموجبه على مبلغ الرشوة على دفعات متزامنة مع ما يتم إنهاؤه من إجراءات."

- من حكم محكمة النقض المصرية رقم 6905 لسنة 80 قضائية

⚖️ الأسئلة الشائعة حول فساد تراخيص البناء واستعمال النفوذ

❓ ما هي العقوبة القانونية لجريمة استعمال النفوذ في تعديل تراخيص البناء؟

تختلف العقوبة باختلاف صفة الجاني، فإذا كان موظفاً عمومياً فتطبق عليه عقوبة الجناية المنصوص عليها في المادة 104 من قانون العقوبات وتصل إلى السجن المشدد، أما إذا لم يكن موظفاً عمومياً فتطبق عقوبة الجنحة المنصوص عليها في المادة 106 مكرراً من القانون، وفي كلتا الحالتين يُعاقب الجاني بالغرامة المالية والعزل من الوظيفة إن كان موظفاً.

📋 هل يشترط أن يكون للمتهم نفوذ حقيقي لقيام جريمة الاتجار بالنفوذ؟

لا، فقد ساوى القانون المصري بين النفوذ الحقيقي والنفوذ المزعوم، إذ يكفي أن يزعم الجاني أن له نفوذاً سيستعمله أو سيسعى به لدى صاحب النفوذ الحقيقي أو المزعوم، ولا يشترط أن يكون الزعم صريحاً بل يكفي أن يكون سلوكه منطوياً ضمناً على هذا الزعم.

🏗️ ما هي الإجراءات القانونية الصحيحة لتعديل ترخيص البناء؟

تتطلب إجراءات تعديل ترخيص البناء تقديم طلب رسمي إلى الجهة المختصة (الإدارة الهندسية بالمحافظة أو هيئة المجتمعات العمرانية) مرفقاً به المستندات الفنية والهندسية اللازمة، ثم دراسة الطلب من اللجان الفنية المختصة، وإصدار الموافقة أو الرفض وفقاً للمعايير الهندسية والقانونية المعتمدة.

🔍 كيف تكتشف الجهات الرقابية حالات الفساد في تراخيص البناء؟

تكتشف هيئة الرقابة الإدارية حالات الفساد من خلال إجراء تحريات سرية مكثفة، واستصدار أذون النيابة العامة بمراقبة وتسجيل المحادثات الهاتفية والشخصية للمشتبه بهم، ومتابعة المعاملات المالية المشبوهة، والتنسيق مع الجهات الحكومية المختصة، إضافة إلى البلاغات والشكاوى التي يقدمها المواطنون.

📱 هل يمكن الاعتماد على التسجيلات الهاتفية كدليل إثبات في جرائم الفساد؟

نعم، أكدت محكمة النقض أن التسجيلات الهاتفية المأذون بها قانوناً من النيابة العامة تعتبر دليلاً قانونياً مقبولاً للإثبات، بشرط أن تكون هناك تحريات جدية وكافية سبقت استصدار الإذن، وأن يكون الإذن قد صدر وفقاً للإجراءات القانونية المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية.

👥 ما دور المجتمع المدني في مكافحة فساد تراخيص البناء؟

يلعب المجتمع المدني دوراً محورياً من خلال منظمات مكافحة الفساد التي تراقب إصدار التراخيص، وتقديم التقارير عن التجاوزات للجهات المختصة، ونشر الوعي بين المواطنين حول حقوقهم وواجباتهم، والضغط من أجل إصلاحات تشريعية وإدارية تعزز الشفافية والنزاهة في القطاع العمراني.

الخاتمة

يمثل استعمال النفوذ والرشوة لاستصدار قرار بتعديل ترخيص بناء جريمة خطيرة تهدد الشفافية في إصدار تراخيص البناء وتضر بالاقتصاد الوطني وتهدر المال العام. أظهرت القضية المعروضة كيف يستغل بعض الموظفين العموميين مناصبهم ونفوذهم للحصول على مبالغ طائلة مقابل تسهيل إجراءات تعديل تراخيص البناء بطرق غير قانونية.

وقد أكدت محكمة النقض من خلال حكمها الحاسم أن القانون المصري يعاقب بشدة على جرائم الرشوة في قرارات البناء وتعديل ترخيص بناء بطرق غير قانونية، وأن الأدلة المستمدة من التحريات والتسجيلات المأذون بها قانوناً تعتبر أدلة قانونية مقبولة.

نوصي جميع المتعاملين في قطاع البناء بما يلي:

  • الالتزام الكامل بالإجراءات القانونية الرسمية
  • رفض أي محاولات لابتزازهم أو طلب رشاوى منهم
  • التعاون مع الجهات الرقابية في كشف حالات الفساد
  • المساهمة في تعزيز الشفافية في إصدار تراخيص البناء

إن مكافحة فساد في تراخيص البناء تتطلب تضافر جهود جميع الأطراف: الحكومة، القضاء، منظمات مكافحة الفساد في قطاع البناء، الإعلام، والمجتمع المدني، لبناء منظومة نزيهة وشفافة تحقق العدالة وتحمي المصلحة العامة.

هل واجهت محاولات ابتزاز أو فساد في تراخيص البناء؟ هل تحتاج إلى استشارة قانونية متخصصة لحماية حقوقك؟ تواصل معنا الآن لمساعدتك قانونياً!

تعديل تراخيص البناء-فساد واستعمال النفوذ في اتخاذ القرارات

⚖️ تمت المراجعة القانونية والتنقيح الفقهي لهذا البحث بواسطة:
الأستاذ عبدالعزيز حسين عمار
المحامي بالنقض والإدارية العليا | خبرة تزيد عن 28 عامًا

📚 المراجع والمصادر القانونية

1. محكمة النقض المصرية
الطعن رقم 6905 لسنة 80 قضائية - جلسة 24 فبراير 2011 (استعمال النفوذ في تعديل تراخيص البناء)

2. محكمة جنايات القاهرة
الجناية رقم 10611 لسنة 2009 قسم المعادي (المقيدة بالجدول الكلي برقم 596 لسنة 2009)

3. قانون العقوبات المصري
المواد 103، 104 (الرشوة للموظف العام) والمادة 106 مكرراً (استعمال النفوذ الحقيقي والمزعوم)

4. قانون العقوبات المصري
المادة 107 مكرراً (عقوبة الراشي والوسيط) والمادة 110 (العقوبات التكميلية والعزل من الوظيفة)

5. قانون العقوبات المصري
المادة 17 (الظروف المشددة) والمادة 32 (تعدد الجرائم والعقوبة الأشد)

6. قانون الإجراءات الجنائية المصري
المادة 95 (شروط مراقبة وتسجيل المحادثات الهاتفية بإذن النيابة العامة)

7. القانون المدني المصري
القانون رقم 131 لسنة 1948 - أحكام الالتزامات والعقود الصورية

8. قانون البناء الموحد
القانون رقم 119 لسنة 2008 - إجراءات إصدار وتعديل تراخيص البناء

9. قانون هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة
القانون رقم 59 لسنة 1979 وتعديلاته - اختصاصات إصدار التراخيص في المدن الجديدة

10. مبادئ محكمة النقض
المساواة في العقوبة بين النفوذ الحقيقي والنفوذ المزعوم في جريمة الاتجار بالنفوذ

11. مبادئ محكمة النقض
صحة الاستدلال بالتسجيلات الهاتفية المأذون بها قانوناً كدليل إثبات في جرائم الفساد

12. مبادئ محكمة النقض
جريمة استعمال النفوذ تقع ولو لم يتحقق الغرض المقصود منها

13. هيئة الرقابة الإدارية
قانون رقم 54 لسنة 1964 - اختصاصات التحريات والضبط في جرائم الفساد الإداري

14. النيابة العامة
أذون مراقبة وتسجيل المحادثات الهاتفية في القضايا المتعلقة بالفساد والرشوة

15. د. محمود نجيب حسني
"شرح قانون العقوبات - القسم الخاص" - دار النهضة العربية (جرائم الرشوة واستعمال النفوذ)

16. د. فوزية عبد الستار
"شرح قانون العقوبات - القسم الخاص" - دار النهضة العربية (الجرائم المضرة بالمصلحة العامة)

17. د. رؤوف عبيد
"جرائم الرشوة في ضوء الفقه والقضاء" - دار الفكر العربي

18. د. أحمد فتحي سرور
"الوسيط في قانون العقوبات - القسم الخاص" - دار النهضة العربية

19. مجموعة الأحكام والمبادئ القانونية
الصادرة عن محكمة النقض المصرية - المكتب الفني (سنوات متعددة)

ملاحظة: جميع المراجع المذكورة مستخرجة من الحكم القضائي الأصلي ومعتمدة في الأوساط القانونية والأكاديمية المصرية

📌 نُشر هذا المقال أولًا على موقع عبدالعزيز حسين عمارhttps://azizavocate.com/2025/10/استعمال-النفوذ-تعديل-تراخيص-البناء.html
تاريخ النشر الأصلي: 2025-10-21

🔖 معلومات المرجع: تم إعداد هذه المادة القانونية بواسطة عبدالعزيز حسين عمار – محامي بالنقض. للاطلاع على النسخة المعتمدة، تفضل بزيارة الرابط: https://azizavocate.com/2025/10/استعمال-النفوذ-تعديل-تراخيص-البناء.html. تاريخ الإتاحة العامة: 2025-10-21.

شارك

عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض

الأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض خبرات قضائية فى قضايا الميراث والملكية والمدنى والايجارات وطعون النقض وتقسيم التركات ومنازعات قانون العمل والشركات والضرائب، في الزقازيق، حاصل على ليسانس الحقوق 1997 - احجز موعد 01285743047.

المقالات: 2250

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  • Rating

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.