هل تعلم أن شراءك لعقار ودفعك ثمنه كاملا قد لا يجعلك مالكا له؟! لا ملكية بلا قيد في السجل العيني
نعم! هذا ما أكدته المحكمة الدستورية العليا في حكمها الصادر يوم السبت 4 أكتوبر 2025 في الدعوى رقم 134 لسنة 38 ق دستورية.
الحكم حسم جدلاً قانونياً استمر لعقود حول تطبيق المادة 26 من قانون السجل العيني رقم 142 لسنة 1964.
الخلاصة الهامة: إذا لم تقيد عقد شرائك بالسجل العيني، فأنت لست المالك قانوناً، حتى لو دفعت الثمن واستلمت العقار! بل يمكن للبائع بيع العقار لشخص آخر، وإذا سجّل الآخر عقده أولاً، يصبح هو المالك وتخسر أنت كل شيء!
لكن لا تيأس! المحكمة الدستورية أكدت وجود حل قانوني فعال:
دعوى صحة تعاقد وشهر صحيفتها بالسجل العيني.
هذا الحل يحفظ حقك ويحميك من أي متصرف لاحق.
المحاور الأساسية:
- نص المادة 26 وأثرها القانوني.
- وقائع الحكم الدستوري.
- حيثيات الحكم وتحليلها.
- دعوى صحة التعاقد: الحل العملي.
- كيف تحمي نفسك عند شراء عقار؟.
- مقارنة: السجل العيني vs الشهر العقاري.
⚡ الخلاصة في 60 ثانية: ما يجب أن تعرفه الآن
🏛️ حكم دستوري تاريخي صدر في 4 أكتوبر 2025:
المحكمة الدستورية العليا رفضت الطعن على المادة 26 من قانون السجل العيني.
⚖️ الحكم: عدم قيد عقد البيع بالسجل العيني = لا تنتقل الملكية (لا بين المتعاقدين ولا للغير)
✅ الحل القانوني:
دعوى صحة تعاقد وشهر صحيفتها فوراً بالسجل العيني قبل أن يتصرف البائع لآخر.
💡 هذا الحكم يُعيد تشكيل فهمنا للملكية العقارية في المناطق الخاضعة للسجل العيني.
لمعرفة إجراءات التسكين والتسوية العقارية، راجع بحثنا عن: تصحيح التسكين العقاري
المادة 26 من قانون السجل العيني: النص والأثر
نص المادة 26 كاملاً
“جميع التصرفات التي من شأنها إنشاء حق من الحقوق العينية العقارية الأصلية أو نقله أو تغييره أو زواله وكذلك الأحكام النهائية المثبتة لشيء من ذلك يجب قيدها في السجل العيني.
ويدخل في هذه التصرفات الوقف والوصية.
ويترتب على عدم القيد أن الحقوق المشار إليها لا تنشأ ولا تنتقل ولا تتغير ولا تزول لا بين ذوي الشأن ولا بالنسبة إلى غيرهم.
ولا يكون للتصرفات غير المقيدة من الأثر سوى الالتزامات الشخصية بين ذوي الشأن.”
التحليل القانوني للمادة
وجوب القيد
كل تصرف يتعلق بحق عيني عقاري (بيع، هبة، رهن، وقف، وصية…إلخ) يجب قيده بالسجل العيني.
الحقوق العينية العقارية الأصلية:
- الملكية.
- حق الانتفاع.
- حق الاستعمال.
- حق السكنى.
- حق الرقبة.
- حق الحكر.
أثر عدم القيد (القنبلة الموقوتة!)
“ويترتب على عدم القيد أن الحقوق المشار إليها لا تنشأ ولا تنتقل ولا تتغير ولا تزول لا بين ذوي الشأن ولا بالنسبة إلى غيرهم.”
ماذا يعني هذا بوضوح؟
| الموقف | الأثر القانوني |
|---|---|
| اشتريت عقاراً ولم تقيد العقد | ❌ لم تصبح مالكاً حتى بينك وبين البائع! |
| دفعت الثمن كاملاً | ❌ لا يهم! ما زلت غير مالك |
| استلمت العقار وسكنت فيه | ❌ لا يهم! ما زلت غير مالك |
| البائع باع العقار لشخص آخر | ⚠️ إذا قيد الآخر عقده أصبح هو المالك |
| ذهبت للمحكمة | 💰 لن تسترد الملكية! فقط تعويض مالي |
الأثر الوحيد (التزامات شخصية)
“ولا يكون للتصرفات غير المقيدة من الأثر سوى الالتزامات الشخصية بين ذوي الشأن.”
ماذا يعني؟
- العقد غير المقيد ينشئ التزامات شخصية فقط، مثل:
- التزام البائع بنقل الملكية (بالقيد)
- التزام المشتري بدفع الثمن
- حق المشتري في المطالبة بتعويض إذا امتنع البائع عن القيد أو باع لآخر
لكن لا يوجد حق ملكية!
⚠️ تحذير خطير للمشترين
عدم قيد عقد الشراء بالسجل العيني = لا ملكية، حتى لو:
- دفعت الثمن كاملاً ✗
- استلمت العقار ✗
- سكنت فيه لسنوات ✗
- لديك عقد موثق رسمياً ✗
البائع قانونياً ما زال هو المالك ويمكنه البيع لآخر!
وقائع الحكم الدستوري (الدعوى رقم 134 لسنة 38 ق)
أطراف القضية
المدعون (أصحاب الطعن الدستوري):
- خيري عبد المجيد ضيف محمد جمعة
- ناجي محمد عبد القادر مجاهد
المدعى عليهم:
- رئيس الجمهورية
- رئيس مجلس الوزراء
- عرابي البدري البدري عكر (المشتري المُسجِّل)
- ورثة حياة محمود عبد الله أبو شادي (المشترية المُسجِّلة)
القصة الكاملة
البداية: شراء بدون قيد
المدعيان (خيري وناجي) اشتريا أرضاً زراعية من البائع الأصلي بموجب عقد بيع ابتدائي. دفعوا الثمن واستلموا الأرض ووضعوا يدهم عليها.
الخطأ القاتل: لم يقيدوا العقد بالسجل العيني!
المفاجأة: بيع العقار لآخرين!
بعد فترة، قام البائع الأصلي ببيع نفس الأرض إلى:
- عرابي البدري (المدعى عليه الثالث)
- حياة محمود أبو شادي (مورثة المدعى عليهم الرابع)
بموجب عقدين رسميين موثقين:
- العقد رقم 751/ب لسنة 2011 توثيق بسيون، بتاريخ 6 أبريل 2011
- العقد رقم 699/أ لسنة 2011 توثيق بسيون، بتاريخ 21 أبريل 2011
والأهم: قاموا بقيد العقدين بالسجل العيني!
دعوى الطرد للغصب
رفع المدعى عليهم (المشتريان اللاحقان) الدعوى رقم 591 لسنة 2013 مدني كلي كفر الزيات ضد المدعيين (المشتريين الأولين) بطلب:
- طردهم من الأرض للغصب
- إلزامهم بالتسليم خالية من الشواغل
- إلزامهم بمقابل ريع عن الانتفاع بالأرض
- نقل بيانات الحيازة الزراعية لأسمائهم
حجتهم: نحن المالكون الشرعيون لأن عقودنا مقيدة بالسجل العيني !
للمزيد عن كل ما يخص دعوى الطرد للغصب في القانون وأحكام النقض اقرأ بحثنا عن:
←
دفاع المدعيين (الطعن الدستوري)
دفع المدعيان (المشتريان الأولان) أمام محكمة كفر الزيات بعدم دستورية المادة 26 من قانون السجل العيني !
حجتهم:
- نحن اشترينا أولاً!
- دفعنا الثمن واستلمنا الأرض!
- المادة 26 تُهدر ملكيتنا وتحمي حق البائع في خداعنا!
- المادة تخالف المادة 35 من الدستور (حماية الملكية الخاصة)
قدّرت المحكمة جدية الدفع وصرحت لهم برفع الدعوى الدستورية. فرفعوا الدعوى رقم 134 لسنة 38 ق دستورية في 28 ديسمبر 2016.
حيثيات الحكم الدستوري (التحليل القانوني)
رد المحكمة الدستورية على الطعن
الحيثية الأولى: الشهر الشخصي vs السجل العيني
قالت المحكمة:
“الشهر الشخصي لا يحيط بكل صور التعامل التي يكون العقار محلها، وإنما تُسجل الحقوق المشهرة وفقاً لأسماء أصحابها التي قد تختلط فيما بينها بالنظر إلى تشابهها، وكثيراً ما يكون العقار الواحد محلاً لأكثر من علاقة قانونية لا يتحد أطرافها، فلا تُرصد في صحيفة واحدة تجمعها، وإنما تتفرق مواضعها في السجل، فلا تسهل معرفتها”
الشرح:
- الشهر الشخصي (النظام القديم): التسجيل حسب أسماء الأشخاص
- مشاكله: تشابه الأسماء، صعوبة معرفة كل التصرفات على العقار الواحد
- السجل العيني: التسجيل حسب العقار ذاته
- مميزاته: صحيفة واحدة لكل عقار تجمع كل التصرفات والحقوق
الحيثية الثانية: القيد ليس ركناً شكلياً
قالت المحكمة:
“القيد في السجل العيني لا يعتبر ركناً شكلياً لا تكتمل بغيره عناصر وجود الحقوق المراد إثباتها فيه، بل تظل لهذه الحقوق –وإن لم تُقيد– مقوماتها باعتبار أنها ترتد مباشرة إلى أسبابها التي أنتجتها”
ماذا يعني؟
- العقد غير المقيد ليس باطلاً
- له وجود قانوني
- لكن لا ينقل الملكية
- ينشئ التزامات شخصية فقط بين المتعاقدين
الحيثية الثالثة: الهدف من السجل العيني
قالت المحكمة:
“المشرع ما قرر نظام السجل العيني إلا ضماناً للائتمان في مجال التعامل على العقار في شأن حقوق عينية نافذة بطبيعتها في حق الكافة؛ ومن ثم كان لازماً أن ييسر المشرع على من يتعاملون فيها العلم بوجودها من خلال قيد الأعمال القانونية التي تعتبر مصدراً لها، إثباتاً لحقائقها وبياناتها الجوهرية، فلا يكون أمرها خافياً”
الشرح:
- الهدف: حماية الائتمان العقاري
- الوسيلة: وضوح كل الحقوق على العقار
- النتيجة: أي شخص يمكنه معرفة من هو المالك الحقيقي
الحيثية الرابعة: الحل لحماية المشتري الأول
وهذه أهم حيثية!
قالت المحكمة:
“التنظيم المتكامل الذي أتي به المشرع قد أتاح للمشتري الأول الذي امتنع المالك عن قيد حقه بالسجل العيني، أن يبادر –حفظاً لحقه– بإقامة دعوى صحة تعاقد وإثبات صحيفتها في السجل والتأشير بمضمون الطلبات لها، وبذلك يكون قد حفظ حقه أمام أي مشترٍ تالٍ له على خلاف ما هو ثابت بالسجل، بما يصون الملكية التي حماها الدستور”
هذا هو المفتاح!
الحل القانوني للمشتري الذي لم يقيد عقده:
- رفع دعوى صحة تعاقد فوراً
- شهر صحيفة الدعوى بالسجل العيني
النتيجة: حقك محفوظ أمام أي مشترٍ لاحق
الحيثية الخامسة: عدم مخالفة الدستور
قالت المحكمة:
“ما قرره المشرع بالنصين المطعون عليهما يندرج في نطاق السلطة التقديرية للمشرع في تنظيم حق الملكية، على نحو لا ينال من أصلها أو يهدرها، ويقوم على أسس مبررة تستند إلى واقع يرتبط بالأغراض المشروعة التي توخاها والمصالح التي توقى حمايتها”
النتيجة: المادة 26 دستورية ولا تخالف حماية الملكية الخاصة !
منطوق الحكم
حكمت المحكمة:
“برفض الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعي الثاني المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.”
دعوى صحة التعاقد: الحل العملي لحماية حقك
ما هي دعوى صحة التعاقد؟
دعوى صحة التعاقد هي دعوى قضائية يرفعها المشتري ضد البائع لإجباره على:
- الإقرار بصحة عقد البيع
- قيد العقد بالسجل العيني
- نقل الملكية رسمياً
الأساس القانوني
المادة 65 /3 من قانون المرافعات: “لا تقبل دعوى صحة التعاقد على حق من الحقوق العينية العقارية إلا إذا أُشهرت صحيفتها”
المادة 32 من قانون السجل العيني: تُحمي المدعي في دعوى صحة التعاقد بمجرد إثبات صحيفتها وشهرها
أهمية شهر صحيفة الدعوى
شهر صحيفة دعوى صحة التعاقد يُحقق:
| الفائدة | الشرح |
|---|---|
| 🎯حفظ الأولوية | تاريخ شهر الصحيفة = تاريخ أولويتك على أي مشترٍ لاحق |
| 🚫قطع الطريق | البائع لا يستطيع بيع العقار لآخر بعد شهر الصحيفة |
| 🛡️الحماية القانونية | حتى لو باع البائع، أنت المحمي |
| ✅إثبات حسن النية | تُثبت أنك كنت تطالب بحقك قبل أي نزاع |
خطوات رفع دعوى صحة التعاقد
الخطوة الأولى: إعداد صحيفة الدعوى
يجب أن تتضمن:
- بيانات المشتري (المدعي)بيانات البائع (المدعى عليه)
- وصف العقار بدقة (رقم الصحيفة بالسجل العيني)
- تفاصيل عقد البيع (التاريخ، الثمن، التسليم)
- الطلبات: صحة ونفاذ العقد وقيده بالسجل
الخطوة الثانية: شهر الصحيفة بالسجل العيني
فوراً بعد رفع الدعوى:
- اذهب لمكتب السجل العيني المختص
- قدم طلب شهر صحيفة الدعوى
- المطلوب: صورة من صحيفة الدعوى + إيصال رفع الدعوى
- يتم التأشير بمضمون الطلبات في صحيفة العقار
- هام جداً: الشهر واجب وإلا تُرفض الدعوى شكلاً !
الخطوة الثالثة: المثول أمام المحكمة
- حضور جلسات المحكمة
- تقديم المستندات (العقد، إيصالات الثمن، محاضر التسليم)
- المحكمة تحكم بصحة ونفاذ العقد
الخطوة الرابعة: تنفيذ الحكم
- قيد الحكم بالسجل العيني
- انتقال الملكية رسمياً لاسم المشتري.
للمزيد عن دعوى صحة التعاقد المعروفة بدعوى صحة ونفاذ العقد
راجع أبحاثنا العملية المتخصصة التالية:
دعوى صحة ونفاذ البيع العقاري: دليل شامل لنقل الملكية 2025
صيغة دعوى صحة ونفاذ عقود بيع
اختصام البائع للبائع في صحة ونفاذ عقد البيع
دعوى صحة ونفاذ عقد البيع لا تسقط بالتقادم
شرح دعوى صحة التعاقد ونفاذ العقد قانوناً وقضاءً
دفاع صحة العقد ونفاذه: مذكرات دعوى صحة التعاقد
دعوى صحة التعاقد بعقد البيع لا تسقط | مبادئ محكمة النقض 2025
إثبات دعوى الصحة والنفاذ لعقود البيع بالمحررات رسمية وعرفية
إثبات ونفي التعاقد بالخبرة: تقرير الخبير في دعوى صحة التعاقد
نطاق دعوى صحة التعاقد ونقل الملكية قانوناً وقضاءً
أهمية عقد البيع العرفي أو الابتدائي موضوع دعوى الصحة والنفاذ
نقاش قانوني بشأن دعوى صحة التعاقد
مبادئ دعوى صحة التعاقد والتزوير
صحيفة استئناف حكم صحة ونفاذ: عقد بيع مزور
💡 نصيحة المحامي الذهبية
بمجرد شرائك عقاراً خاضعاً للسجل العيني:
- لا تنتظر! ارفع دعوى صحة تعاقد في نفس اليوم
- اشهر الصحيفة فوراً بالسجل العيني
- احتفظ بإيصال الشهر كدليل قاطع
- استمر في المتابعة حتى صدور الحكم وقيده
هذه الخطوات تحميك من خداع البائع وتحفظ ملكيتك!
مقارنة شاملة: السجل العيني vs الشهر العقاري
| المعيار | 📋 السجل العيني | 📄 الشهر العقاري (الشخصي) |
|---|---|---|
| ●أساس التسجيل | 🏠 العقار ذاته | 👤 اسم المالك |
| ●نظام الصحائف | ✅ صحيفة واحدة لكل عقار | ⚠️ صحائف متفرقة حسب الأسماء |
| ●أثر عدم التسجيل | ❌ لا تنتقل الملكية مطلقاً (لا بين المتعاقدين ولا للغير) | ⚠️ تنتقل بين المتعاقدين لكن لا تنفذ في حق الغير |
| ●القوة الثبوتية | ⭐ قوة مطلقة (حجية مطلقة) | ⚡ قوة نسبية |
| ●التطهير | ✅ التسجيل يُطهر العقود من عيوبها | ❌ لا يُطهر العقود |
| ●نطاق التطبيق | 📍 مناطق محددة (حوالي 10% من مصر) | 🗺️ باقي مصر (حوالي 90%) |
| ●الحماية | 🛡️ حماية قوية للمسجِّل | ⚠️ حماية أضعف |
كيف تعرف: عقارك خاضع للسجل العيني أم الشهر العقاري؟
الطرق:
- اسأل مكتب الشهر العقاري في المنطقة
- استشر محامياً
المناطق الخاضعة للسجل العيني (أمثلة):
- أجزاء من القاهرة
- أجزاء من الجيزة
- أجزاء من الإسكندرية
- بعض المدن الجديدة
نصائح المحامي العملية
للمشترين:
قبل الشراء
- تحقق من نوع النظام: هل العقار خاضع للسجل العيني أم الشهر العقاري؟
- احصل على شهادة من السجل العيني تُثبت من هو المالك المسجل
- تأكد من عدم وجود دعاوى مشهرة على العقار
- لا تثق بالعقود الابتدائية فقط!
بعد الشراء مباشرة
- ارفع دعوى صحة تعاقد فوراً (حتى لو كان البائع متعاوناً)
- اشهر صحيفة الدعوى بالسجل العيني
- تابع الدعوى بجدية حتى صدور الحكم
- قيّد الحكم فور صدوره
- إذا ماطل البائع
- لا تنتظر! ارفع دعوى صحة تعاقد
- اطلب حجزاً تحفظياً على العقار
- راقب السجل العيني للتأكد من عدم قيام البائع بالبيع لآخر
للبائعين:
- كن أميناً: قم بقيد العقد فوراً بعد البيع
- لا تحاول البيع مرتين: هذا نصب وجريمة جنائية
- تعاون مع المشتري في إجراءات القيد
للورثة:
- قيّدوا أحكام الإعلام الشرعي بالسجل العيني فوراً
- لا تبيعوا قبل قيد حقكم
- تأكدوا من عدم وجود عقود سابقة غير مقيدة
الحكم الدستوري: ثبوت الملكية بالقيد في السجل العيني
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع من أكتوبر سنة 2025م، الموافق الثاني عشر من ربيع الآخر سنة 1447هـ.
برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عادل عمر شريف ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وصلاح محمد الرويني ومحمد أيمن سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ عبد الرحمن حمدي محمود أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 134 لسنة 38 قضائية “دستورية”
المقامة من
1- خيري عبد المجيد ضيف محمد جمعة
2- ناجي محمد عبد القادر مجاهد
ضد
أولًا- رئيس الجمهورية
ثانيًا- رئيس مجلس الوزراء
ثالثًا– عرابي البدري البدري عكر
رابعًا– ورثة/ حياة محمود عبد الله أبو شادي، وهم:
1- محمد عبد الفتاح عبد الحميد عبد الرؤوف
2- أحمد عبد الفتاح عبد الحميد عبد الرؤوف
3- دعاء عبد الفتاح عبد الحميد عبد الرؤوف
4- عبير عبد الفتاح عبد الحميد عبد الرؤوف
الإجراءات
بتاريخ الثامن والعشرين من ديسمبر سنة 2016، أودع المدعيان صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبين الحكم بعدم دستورية نص المادة (26) من قانون السجل العيني، الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 142 لسنة 1964 بنظام السجل العيني
وذلك فيما تضمنه من أنه “ويترتب على عدم القيد أن الحقوق المشار إليها لا تنشأ ولا تنتقل ولا تتغير ولا تزول لا بين ذوي الشأن ولا بالنسبة إلى غيرهم.
ولا يكون للتصرفات غير المقيدة من الأثر سوى الالتزامات الشخصية بين ذوي الشأن”.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم، أصليًّا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها، ودفعت بانقطاع سير الخصومة لوفاة المدعي الأول.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قدم الحاضر عن المدعى عليهم رابعًا حافظة مستندات، حوت شهادة وفاة السيدة/ عبير عبد الفتاح عبد الحميد عبد الرؤوف، وطلب الحكم برفض الدعوى، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل –على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق– في أن:
المدعى عليه ثالثًا ومورثة المدعى عليهم رابعًا أقاما الدعوى التي آل قيدها أمام محكمة كفر الزيات الكلية برقم 591 لسنة 2013 مدني كلي، ضد المدعيين وآخرين، طلبًا للحكم:
- أولًا: بطردهم من قطعة الأرض الزراعية المبينة بالأوراق، للغصب، وإلزامهم بتسليمها إليهما خالية من الأشخاص والشواغل
- ثانيًا: بإلزامهم بالتضامن بأداء مقابل الريع المستحق عن الانتفاع بتلك الأرض
- ثالثًا: بإلزامهم بنقل بيانات الحيازة الزراعية للأرض محل التداعي وقيدها باسميهما
وذلك على سند من:
أنهما يمتلكان أرض النزاع، التي آلت إليهما على النحو الموضح لدى السجل العيني بالشراء من آخرين، وذلك بموجب عقدي البيع الرسميين الموثقين رقمي 751/ب لسنة 2011 توثيق بسيون، المؤرخ 6/4/2011، و699/أ لسنة 2011 توثيق بسيون، المؤرخ 21/4/2011
إلا أنه حال تسلمهما تلك الأرض فوجئا بوضع يد المدعيين عليها، وقيامهما بغصبها دون سند قانوني أو اتفاقي؛ الأمر الذي حدا بهما إلى إقامة دعواهما بطلباتهما سالفة البيان
وحال نظر الدعوى دفع المدعيان بعدم دستورية المادة (26) من قانون السجل العيني الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 142 لسنة 1964. وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع
وصرحت للمدعيين برفع الدعوى الدستورية؛ فأقاما الدعوى المعروضة.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بانقطاع سير الخصومة في الدعوى لوفاة المدعي الأول، فمردود بأن المادة (28) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 تنص على أن:
“تسري على قرارات الإحالة والدعاوى والطلبات التي تقدم إلى المحكمة الأحكام المقررة في قانون المرافعات المدنية والتجارية بما لا يتعارض وطبيعة اختصاص المحكمة والأوضاع المقررة أمامها”.
ولما كانت المادة (130) من قانون المرافعات المدنية والتجارية تنص على أن “ينقطع سير الخصومة بحكم القانون بوفاة أحد الخصوم، أو بفقده أهلية الخصومة، أو بزوال صفة من كان يباشر الخصومة عنه من الغائبين إلا إذا كانت الدعوى قد تهيأت للحكم في موضوعها ……”.
ولما كان انقطاع سير الخصومة في الدعوى هو وقف السير فيها بقوة القانون لتصدع ركنها الشخصي، أي بسبب تغيير طرأ على حالة أو مركز أطرافها يؤثر في صحة الإجراءات، فالخصومة لا تنشأ أساسًا إلا بين طرفيها من الأحياء، وإذا بدأت صحيحة من حيث أطرافها وحدث في أثناء سيرها ما من شأنه أن يقضي على أحدهما بوفاته
فإن استمرار الخصومة بعد ذلك يعني استمرارها من طرف واحد وليس من طرفين؛ الأمر الذي تأباه الخصومة وطبيعتها وتنظيمها القانوني، فانقطاع سير الخصومة يستهدف كفالة حقوق الدفاع
لأنه يترتب على وفاة الخصم عجزه عن مباشرة حقه في الدفاع، لذلك ينقطع سير الخصومة في الدعوى حتى يقوم مقامه فيها من يمكنه مباشرة حق الدفاع، ومن ثم تتحقق المواجهة بين الخصوم
ولا نكون بصدد خصم واحد فقط في الخصومة، بل تستكمل الخصومة عنصرها الشخصي الذي تصدع نتيجة وفاة الخصم، ولا كذلك الحال حين يتعدد المدعون أو المدعى عليهم في الدعوى الدستورية ويتوفى أحدهم في أثناء سيرها
ذلك أن انقطاع سير الخصومة في هذه الحالة يتحقق في مواجهته فقط، وتمضي الدعوى في سيرها بالنسبة إلى باقي الخصوم، فلا تنقطع بالنسبة إليهم
وذلك مراعاة للطبيعة العينية للدعوى الدستورية، التي يكون إبطال النص التشريعي هو موضوعها، فتظل هذه المحكمة مدعوة للفصل في دستورية النص، ما دام باقي الخصوم لم يتحقق في شأنهم سبب من أسباب انقطاع سير الخصومة
لما كان ما تقدم، وكان الثابت بالأوراق وفاة المدعي الأول، وكذلك مورثة المدعى عليهم رابعًا، فإن الخصومة تنقطع بالنسبة إليهما دون باقي الخصوم، وهو ما تقضي به المحكمة دون النص عليه في المنطوق.
وحيث إن المادة (26) من قانون السجل العيني الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 142 لسنة 1964 بنظام السجل العيني تنص على أن :
“جميع التصرفات التي من شأنها إنشاء حق من الحقوق العينية العقارية الأصلية أو نقله أو تغييره أو زواله وكذلك الأحكام النهائية المثبتة لشيء من ذلك يجب قيدها في السجل العيني. ويدخل في هذه التصرفات الوقف والوصية.
ويترتب على عدم القيد أن الحقوق المشار إليها لا تنشأ ولا تنتقل ولا تتغير ولا تزول لا بين ذوي الشأن ولا بالنسبة إلى غيرهم.
ولا يكون للتصرفات غير المقيدة من الأثر سوى الالتزامات الشخصية بين ذوي الشأن”.
وحيث إنه من المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن المصلحة الشخصية المباشرة –وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية– مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية
وذلك بأن يكون الحكم في المسألة الدستورية مؤثرًا في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع.
متى كان ذلك، وكان النزاع المردد أمام محكمة الموضوع يدور حول مطالبة المدعى عليهم ثالثًا ورابعًا بطرد المدعيين من أرض النزاع للغصب، اللذين دفعا تلك الدعوى بتملكهما الأرض ذاتها بموجب عقد البيع الابتدائي المعقود مع البائع الأصلي، بالرغم من عدم قيده بالسجل العيني
ومن ثم فإن المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى المعروضة تتحقق فيما تضمنته الفقرتان الثانية والثالثة من المادة (26) من قانون السجل العيني سالف البيان من أنه:
“يترتب على عدم قيد عقود بيع العقارات بالسجل العيني، وكذلك الأحكام النهائية المثبتة لها، ألا ينشأ ولا ينتقل ولا يتغير ولا يزول حق ملكية العقار المبيع لا بين ذوي الشأن ولا بالنسبة إلى غيرهم، ولا يكون لعقود بيع العقارات غير المقيدة بالسجل العيني من أثر سوى الالتزامات الشخصية بين ذوي الشأن”.
وحيث إن المدعي ينعى على نص الفقرتين المطعون عليهما، في النطاق سالف التحديد، مخالفتهما نص المادة (35) من الدستور التي تحمي الملكية الخاصة
وذلك بإهدارهما حجية عقد البيع غير المقيد بالسجل العيني بين أطرافه وفي مواجهة الغير، فضلًا عن تعارضهما مع نصوص المواد (81 و135 و418 و466) من القانون المدني.
وحيث إنه عن النعي بتعارض النصين المطعون عليهما مع أحكام القانون المدني، فمردود بأن الرقابة القضائية التي تباشرها المحكمة الدستورية العليا في شأن دستورية النصوص التشريعية، مناطها مخالفة تلك النصوص لقاعدة تضمنها الدستور
ولا شأن لها بالتعارض بين نصين قانونيين جمعهما قانون واحد أو تفرقا بين قانونين مختلفين، ما لم يكن هذا التعارض منطويًا –بذاته– على مخالفة دستورية؛ مما يتعين معه الالتفات عن هذا النعي.
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يتعين تفسير النصوص التشريعية التي تنظم مسألة معينة بافتراض العمل بها في مجموعها، وأنها لا تتعارض أو تتهادم فيما بينها، وإنما تتكامل في إطار الوحدة العضوية التي تنتظمها من خلال التوفيق بين مجموع أحكامها
باعتبار أنها متآلفة فيما بينها، لا تتماحى معانيها، وإنما تتضافر توجهاتها، تحقيقًا للأغراض النهائية، والمقاصد الكلية التي تجمعها؛ ذلك أن السياسة التشريعية لا يحققها إلا التطبيق المتكامل لتفاصيل أحكامها، دون اجتزاء جزء منها ليطبق دون الجزء الآخر؛ لما في ذلك من إهدار للغاية التي توخاها المشرع من ذلك التنظيم.
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة –أيضًا– أن الأصل في النصوص القانونية هو ارتباطها بأهدافها، باعتبارها وسائل صاغها المشرع لتحقيقها؛ فمن ثم يتعين لاتفاق التنظيم التشريعي مع الدستور أن تتوافر علاقة منطقية بين الأغراض المشروعة التي اعتنقها المشرع في موضوع محدد، وفاءً لمصلحة عامة لها اعتبارها.
وبين الوسائل التي انتهجها طريقًا لبلوغها، فلا تنفصل النصوص القانونية التي نظم بها المشرع هذا الموضوع عن أهدافها، بل يتعين أن تكون مدخلًا إليها.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن الأصل في سلطة المشرع، في مجال تنظيم الحقوق، أنها سلطة تقديرية ما لم يقيدها الدستور بضوابط تحد من إطلاقها، وتقيم لها تخومها التي لا يجوز اقتحامها.
وحيث إن الدستور يكفل للحقوق التي نص عليها الحماية من جوانبها العملية، وليس من معطياتها النظرية، وكان الأصل في النصوص القانونية هو ارتباطها عقلًا بأهدافها باعتبارها وسائل صاغها المشرع لتحقيقها.
وحيث إن الشهر –وكلما كان شخصيًّا– لا يحيط بكل صور التعامل التي يكون العقار محلها، وإنما تسجل الحقوق المشهرة وفقًا لأسماء أصحابها التي قد تختلط فيما بينها بالنظر إلى تشابهها
وكثيرًا ما يكون العقار الواحد محلًّا لأكثر من علاقة قانونية لا يتحد أطرافها، فلا تُرصد في صحيفة واحدة تجمعها، وإنما تتفرق مواضعها في السجل، فلا تسهل معرفتها
كذلك فإن تسجيل الأعمال القانونية التي يكون من شأنها إنشاء الحقوق العينية العقارية الأصلية أو نقلها أو تغييرها أو زوالها، لا يطهرها من عيوبها، كلما كان الشهر شخصيًّا، ولا يحول دون الطعن عليها والنزاع في شأن صحتها، بما يخل بالحماية الواجبة لكل ذي شأن فيها.
ولا كذلك أن يكون السجل عينيًّا، متطلبًا قيد الحقوق العينية الأصلية المتعلقة بالعقار الواحد، وكذلك ما اتصل بهذا العقار من الحقوق العينية التبعية، فضلًا عن التصرفات والأحكام النهائية المقررة لحق من الحقوق العينية الأصلية، في صحيفة واحدة تجمعها
تتضمن وصفًا للعقار من حيث أبعاده وحدوده وطبيعته، وما تعلق به من صور التعامل على اختلافها، وما نشأ أو ارتبط بها من الحقوق العينية وأصحابها، فلا يكون قيد هذه الحقوق في السجل إلا لإثباتها بصورة مطلقة، ضمانًا لاستقرار أوضاعها، وبما يطهرها من عيوبها أيًّا كان نوعها أو مداها.
وحيث إن القوة المطلقة للقيود التي يثبتها السجل العيني في صحائفه وفقًا لأحكامه، وإن كانت جوهر نظامه، ولا يتصور أن يوجد هذا السجل بدونها، ولو كان هذا القيد قد تم خلافًا للحقيقة
فإن شرط إجراء القيد -وعلى ما تنص عليه المادة الحادية عشرة من قانون السجل العيني – هو أن تكون الحقوق العينية التي يثبتها القيد في صحائفه، قد أنشأتها أو قررتها أسباب كسبها، تقديرًا بأن أسبابها هذه تمثل روافدها التي لا يتصور أن يتجاهلها هذا السجل، شأنها في ذلك شأن مصادر الحقوق الشخصية
ومن ثم لا يجوز أن ينفصل قيد الحقوق العينية الأصلية عن أسبابها التي رتبها القانون المدني وحصرها، بل إن أسبابها هذه هي التي يكون الاستيثاق من صحتها سابقًا على قيد الحقوق التي أنشأتها أو نقلتها، فلا يكون من شأن السجل العيني تحوير بنيانها، ضمانًا لتقيده بالأغراض التي رصد عليها
ولأن القيد في هذا السجل لا يعتبر ركنًا شكليًّا لا تكتمل بغيره عناصر وجود الحقوق المراد إثباتها فيه، بل تظل لهذه الحقوق -وإن لم تُقيد- مقوماتها باعتبار أنها ترتد مباشرة إلى أسبابها التي أنتجتها، وهو ما تؤكده الفقرتان الثانية والثالثة من المادة (26) من قانون السجل العيني سالف الذكر
بما قررتاه من أن الأعمال القانونية التي لا تُقيد، لا تزول بكامل آثارها، وإن امتنع الاحتجاج بالحقوق العينية الأصلية التي أنشأتها أو نقلتها أو غيرتها أو أزالتها، سواء في العلاقة بين أطرافها أو على صعيد الأغيار عنها.
وحيث إن الملكية وإن كفلها الدستور فإن تنظيمها بما لا يعطل فحواها، أو يهدر أصلها، أو يفرق أجزاءها، أو يعطل الحقوق المتفرعة عنها في غير ضرورة تقتضيها وظيفتها الاجتماعية
، إنما يدخل في نطاق السلطة التقديرية التي يملكها المشرع في مجال تنظيم الحقوق تقديرًا بأن الأصل هو إطلاقها إلا إذا قيدها الدستور بضوابط تحد منها.
وحيث إن الملكية، وغيرها من الحقوق العينية الأصلية، كانت في ظل القانون المدني القديم تنتقل فيما بين المتعاقدين بالعقد دونما ضرورة للتسجيل
وكان التسجيل في هذا القانون شأن التسجيل وفقًا لقانون الشهر العقاري القائم، لا يبطل عقدًا صحيحًا، ولا يصحح عقدًا باطلًا، وكان كثير من المتعاقدين في ظل القانون المدني القديم قد عزفوا عن شهر تصرفاتهم
باعتبار أن العقد غير المسجل قد نقل إليهم الملكية فيما بينهم وبين المتعاملين معهم، مما زعزع أسس نظام الشهر ذاتها، ومكَّن كثيرًا من البائعين من التعامل في العقار الواحد أكثر من مرة بعد تصرفهم الأول فيه.
وحيث إن تطور قواعد الشهر وفقًا لقانون السجل العيني سالف البيان، تمثل في النصوص التي تضمنها، محددًا بها المحررات التي أخضعها في شهرها لنظام القيد؛ ومن ثم نص في المادة (26) منه على إخضاع الحقوق العينية العقارية الأصلية في مجال إنشائها أو نقلها أو تغييرها أو زوالها لنظام القيد. وكذلك الأحكام النهائية التي أثبتتها،
لانه قطع لصلة الأرحامفإذا لم تقيد فإن إنشاءها أو انتقالها أو تغييرها أو زوالها لا يتم، سواء فيما بين المتعاقدين أو بالنسبة إلى غيرهم، وإنما تنحصر آثارها في مجرد التزامات شخصية ترتبها فيما بين ذوي الشأن فيها.
وحيث إن ما تقدم مؤداه أن قانون السجل العيني توخى حمل المتعاملين في الحقوق العينية العقارية الأصلية على قيد عقودهم، فجرد البيوع التي لا يتم قيدها من كل أثر في مجال نقل الملكية، سواء فيما بين المتعاقدين أو بالنسبة إلى غيرهم.
ومن ثم أصبح نقلها فيما بين المتعاقدين متراخيًا إلى ما بعد القيد بعد أن كان نتيجة لازمة للبيوع الصحيحة بمجرد عقدها، وصار الاحتجاج بها في مواجهة الغير كذلك متوقفًا على قيدها.
متى كان ما تقدم، وكان النصان المطعون عليهما –في حدود النطاق المتقدم– قد رتبا على عدم قيد عقود بيع العقارات بالسجل العيني عدم نشأة حق الملكية أو انتقاله أو تغييره أو زواله سواء بين أطرافها أو على صعيد الأغيار
وقصرا آثار التصرف على الالتزامات الشخصية بين ذوي الشأن، بحسبان هذا القيد هو جوهر نظام السجل العيني، ولا يتصور أن يوجد هذا السجل بدونه.
ولا مخالفة في ذلك للحماية التي كفلها الدستور لحق الملكية المنصوص عليها في المادة (35) من الدستور؛ ذلك أن الإخلال بهذه الحماية لا يتحقق -في الأعم من الأحوال- إلا من خلال نصوص قانونية تفقد ارتباطها عقلًا بمقوماتها،
فلا يكون لها من سواء. ولا كذلك الأمر في شأن الحقوق العينية العقارية الأصلية التي تقاعس أصحابها عن قيدها في السجل العيني مع علمهم بالآثار التي رتبها المشرع على تخلفهم هذا
ولأن المشرع ما قرر نظام السجل العيني إلا ضمانًا للائتمان في مجال التعامل على العقار في شأن حقوق عينية نافذة بطبيعتها في حق الكافة
ومن ثم كان لازمًا أن ييسر المشرع على من يتعاملون فيها العلم بوجودها من خلال قيد الأعمال القانونية التي تعتبر مصدرًا لها
إثباتًا لحقائقها وبياناتها الجوهرية، فلا يكون أمرها خافيًا؛ وبمراعاة أن قيد هذه الأعمال وإن كان لازمًا فإن هذا القيد لا يحيل العقود الصادرة في شأنها إلى عقود شكلية تفقد طبيعتها الرضائية
وإنما تظل لهذه العقود خصائصها ونواتجها، فلا تنحسر آثارها -فيما عدا نقل الملكية– عنها
ومن ثم فإن ما قرره المشرع بالنصين المطعون عليهما يندرج في نطاق السلطة التقديرية للمشرع في تنظيم حق الملكية، على نحو لا ينال من أصلها أو يهدرها، ويقوم على أسس مبررة تستند إلى واقع يرتبط بالأغراض المشروعة التي توخاها والمصالح التي توقى حمايتها.
ولا ينال مما تقدم قالة إن النصين المطعون عليهما أتاحا للمالك الأصلي صاحب القيد في السجل العيني أن يمتنع عن قيد التصرف للمشتري الأول، ثم يقوم بقيد التصرف لمن يشاء من المتصرف إليهم اللاحقين، مما مقتضاه التعدي على ملكية المتصرف إليه الأول
ذلك أن المشرع، بموجب نص المادة (32) من قانون السجل العيني سالف البيان، استهدف تأمين المدعي في دعوى صحة التعاقد بمجرد إثبات صحيفتها في السجل والتأشير بمضمون الطلبات بها ضد أي مدع آخر يطلب أي حق على خلاف ما هو ثابت بالسجل
وبذلك يكون التنظيم المتكامل الذي أتي به المشرع قد أتاح للمشتري الأول الذي امتنع المالك عن قيد حقه بالسجل العيني، أن يبادر –حفظًا لحقه– بإقامة دعوى صحة تعاقد وإثبات صحيفتها في السجل والتأشير بمضمون الطلبات لها، وبذلك يكون قد حفظ حقه أمام أي مشترٍ تالٍ له على خلاف ما هو ثابت بالسجل
بما يصون الملكية التي حماها الدستور بنص المادة (35) منه.
وحيث إنه وفي إطار التنظيم القانوني للتصرفات التي ترد على الحقوق العينية العقارية الأصلية على النحو فائت البيان، لم يغب عن المشرع تنظيم العلائق القانونية بين أطراف هذه التصرفات التي لم يتم قيدها بالسجل العيني
فأعمل في شأنهم القواعد العامة التي تنظم هذه التصرفات، واعتبرها التزامات شخصية بين أطرافها؛ وذلك صونًا للحقوق المالية المترتبة على إبرام تلك التصرفات
مما يبرأ معه التنظيم القانوني للتصرفات المشار إليها في الفقرة الثالثة من نص المادة (26) من قانون السجل العيني من شبهة العوار الدستوري؛ ولازمه رفض الطعن على دستوريتها.
وحيث إن النصين المطعون عليهما لا يتعارضان مع أي حكم آخر في الدستور؛ فإن القضاء برفض الدعوى يكون متعينًا.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعي الثاني المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
الدعوى رقم 134 لسنة 38 ق دستورية عليا “دستورية” جلسة 4 / 10 / 2025
الأسئلة الشائعة حول الحكم الدستوري والملكية في السجل العيني
السؤال 1: اشتريت عقاراً ولم أقيده بالسجل العيني، ماذا أفعل الآن؟
السؤال 2: البائع باع العقار لشخص آخر بعدي، من الأحق بالملكية؟
السؤال 3: هل يمكن الطعن بصورية عقد مقيد بالسجل العيني؟
السؤال 4: ما الفرق بين العقد الابتدائي والعقد النهائي المسجل؟
السؤال 5: هل توثيق العقد عند الشهر العقاري كافٍ لنقل الملكية؟
السؤال 6: كم تستغرق دعوى صحة التعاقد حتى صدور الحكم النهائي؟
السؤال 7: هل يجوز الاتفاق مع البائع على عدم قيد العقد بالسجل العيني؟
الخلاصة: لا ملكية بلا قيد في السجل العيني
حكم المحكمة الدستورية العليا لسنة 2025 قطع الشك باليقين وأكد أن ملكية العقار في مناطق السجل العيني لا تنتقل إلا بالقيد الرسمي، مهما كانت قوة العقد أو التوثيق أو مدة الحيازة.
تأخير القيد أو إهمال دعوى صحة التعاقد وشهر صحيفتها قد يعني ضياع ملكيتك لصالح مشترٍ لاحق أكثر حرصاً في إجراءاته، لذلك فإن التحرك القانوني السريع لم يعد رفاهية بل ضرورة لحماية حقك.
📚 المصادر والمراجع القانونية
المستندات الرسمية والتشريعات المعتمدة في إعداد المقال
أولاً: أحكام المحكمة الدستورية العليا
- حكم المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 134 لسنة 38 قضائية دستوريةالصادر بجلسة يوم السبت 4 أكتوبر 2025موضوع الدعوى: الطعن على دستورية المادة 26 من قانون السجل العيني رقم 142 لسنة 1964
ثانياً: القوانين والتشريعات
- قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 142 لسنة 1964 بشأن نظام السجل العينيوبالأخص المادة 26 والمادة 32 من القانون
- قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم 13 لسنة 1968المادة 65/3 بشأن دعوى صحة التعاقد وإشهار صحيفتها
- القانون المدني المصري رقم 131 لسنة 1948المواد المتعلقة بانتقال الملكية والحقوق العينية العقارية
- قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979المادة 28 بشأن الأحكام المقررة في الدعاوى الدستورية
ثالثاً: الدستور المصري
- دستور جمهورية مصر العربية 2014المادة 35: حماية الملكية الخاصة
رابعاً: أحكام محكمة النقض المصرية
- أحكام محكمة النقض في تطبيق قانون السجل العينيالمبادئ القضائية المستقرة بشأن انتقال الملكية والقيد بالسجل العيني
- أحكام محكمة النقض في دعاوى صحة التعاقدالقواعد المتعلقة بشهر صحيفة الدعوى وحفظ الأولوية
خامساً: المراجع الفقهية والقانونية
- الفقه القانوني المصري في الحقوق العينية العقاريةالنظرية العامة للحقوق العينية الأصلية والتبعية
- شروح قانون السجل العيني والشهر العقاريالدراسات المقارنة بين نظامي السجل العيني والشهر الشخصي
- الخبرة العملية من واقع الممارسة القانونيةأكثر من 28 عاماً من الخبرة في قضايا الملكية العقارية والسجل العيني
💡 جميع المصادر والمراجع المذكورة هي مصادر رسمية معتمدة ومتاحة للاطلاع العام
تاريخ النشر: 2025-12-17
🔖 معلومات المرجع: تم إعداد هذه المادة القانونية بواسطة عبدالعزيز حسين عمار – محامي بالنقض. للاطلاع على النسخة المعتمدة، تفضل بزيارة الرابط: https://azizavocate.com/2025/12/لا-ملكية-بلا-قيد-في-السجل-العيني-2025.html. تاريخ الإتاحة العامة: 2025-12-17.


