بحث التحكيم في القانون المصري ويتضمن شرح قانون التحكيم المصري وبيان الشروط الموضوعية والشكلية لصحة اتفاق التحكيم في مصر وبيان المنازعات التى يمكن انهاؤها بالتحكيم وما لا يمكن أن يكون محلا للتحكيم ومدي اختصاص القضاء المستعجل بذلك وخروج اجراءات التنفيذ والتحفظ عن مجال التحكيم مع عرض أحكام محكمة النقض

شرح التحكيم مقدمة

شرح التحكيم في القانون المصري

الاتفاق على التحكيم قد يكون تبعا لعقد معين يذكر في صلبه ويسمى شرط التحكيم Clause compromissoire ، وقد يكون بمناسبة نزاع معين قائم بالفعل بين الخصوم ويسمى في هذه الحالة (مشارطة التحكيم أو العقد التحكيمى campromis) وفي الحالة الأولى يكون تنفيذ الشرط أمرا احتماليا تبعا لاحتمال حصول النزاع أو عدم حصوله .

ولقد أحسن المشرع المصري بالنص صراحة على جواز شرط التحكيم ومشارطته ، فالمادة 501 من قانون المرافعات تجيز للمتعاقدين أن يتشرطوا بصفة عامة عرض ما قد ينشأ بينهم من النزاع في تنفيذ عقد معين على محكمين ، كما يجيز الاتفاق على التحكيم في نزاع معين بوثيقة تحكيم خاصة 

كما يجيز القانون اللبناني الاتفاق على التحكيم في صورة شرط (بند) في عقد أو في عقد خاص (المادة 763 ، والمادة 765 من قانون أصول المحاكمات اللبناني الجديد رقم 90 لسنة 1983 ورقم 20 لسنة 1985) .

وهذا على خلاف ما قرره القانون الفرنسي إذ أجاز مشارطة التحكيم بمقتضى المادة 1003 من قانون المرافعات الفرنسي وما يليها ، ولم يتعرض لشرط التحكيم ، فلم ينص على جوازه أو بطلانه .

ولقد ثار خلاف شديد في القضاء والفقه في فرنسا بصدد هذا الشرط ، وكان القضاء الفرنسي يجيزه في أوائل القرن التاسع عشر 

وإنما منذ أن صدر حكم من محكمة النقض الفرنسية في 10 يونيو 1943 يقرر صراحة بطلان شرط التحكيم استقر القضاء الفرنسي على الحكم به في جميع الأحوال اعتمادا على أن هذا العقد يتصل بأمر احتمالي بحت لاحتمال حصول النزاع الذي يستوجب التحكيم أو عدم حصوله

ولأن القانون الفرنسي يوجب صراحة في المادة 1006 منه أن يبين في مشارطة التحكيم موضوع النزاع ، وأسماء المحكمين ، وإلا كان التحكيم باطلا ، وفي شرط التحكيم لا يمكن أن يتحدد بدقة موضوع الخلاف الذي قد ينشأ بين طرفى العقد ، ولأن الاتفاق على التحكيم هو استثناء من الأصل العام في التشريع ولا يجوز إلا في الحدود الضيقة المقررة في المادة المتقدمة .

واتفاق التحكيم ، هو اتفاق بين الطرفين على أن يحيلا إلى التحكيم ، جميع أو بعض المنازعات المحددة التي نشأت أو تنشأ بينهما بشأن علاقة قانونية محددة ، تعاقدية كانت أو غير تعاقدية ويستمد شرط التحكيم قوته من تراضي أطرافه .

ولما كان هذا الشرط يعتبر استثناء بموجبه يتم استبعاد النزاع كله ، أو بعضه ، من ولاية القضاء العادي ، فإن إدراج شرط التحكيم في العقد المبرم بين الدولة وأي طرف آخر

يعتبر بمثابة نزول ضمني مقدما عن تمسك الدولة عن سيادتها أو حصانتها أمام التحكيم ، والدولة إذا تفعل ذلك ، فإنها تضع نفسها على قدم المساواة مع الطرف الآخر ، ولا يجوز لها من بعد الدفع بالحصانة أو السيادة أمام هيئة التحكيم .

(الدكتور محمد علام ، منازعات التحكيم البترولية ص 3 وما بعدها) 

 شروط القانون لصحة اتفاق التحكيم

لصحة التحكيم توجد شروط موضوعية وأخري شكلية وتفصيل ذلك

الشروط الموضوعية

 التحكيم عقد رضائي ملزم للجانبين بمعنى أن الرضا يكفي لانعقاده ، وعقد التحكيم هو عقد ملزم للجانبين بمعنى أنه يرتب التزامات متقابلة في ذمة كل من المتعاقدين – هو حقوق لكل منهما في ذات الوقت ، فكل منهما يمتنع عليه الالتجاء الى القضاء في صدد النزاع المتفق على طرحه على المحكم ، وكل منهما يلتزم بطرحه على المحكم ويفرض عليه حكم الأخير .

وهكذا تتضح غرابة عقد التحكيم ، فكل التزامات أطرافه متطابقة ، وترمى الى منع فض النزاع بطريق القضاء ، وفضه بطريق التحكيم ، وفرض حكمه عليهم .

وإذا كان الاتفاق على التحكيم تبعا لعقد معين ، فتنفيذ شرط التحكيم يكون أمرا احتماليا عدم نشوء نزاع بين الخصوم عند تنفيذ العقد ، أما مشارطة التحكيم فهى لا تتم إلا بمناسبة نزاع نشأ بالفعل بين الخصوم .

كما أن مشارطة التحكيم هى عقد رضائي إذا توافرت عناصره من إيجاب وقبول، وكانت مما يجوز التحكيم فيه فإنها تنعقد صحيحة ولا يغير من ذلك وفاة أحد المحكمين أو عزله متى كان العزل بموافقة جميع الخصوم .

وقد أخذت محكمة النقص بهذا الرأي – فقضت محكمة النقض بأن :

مشارطة التحكيم . عقد رضائي . انعقادها صحيحة . شرطه . وفاة أحد المحكمين أو عزله بموافقة الخصوم . لا أثر له .

(الطعنان رقما 6529 ، 6530 لسنة 62ق جلسة 12/1/2000) .

وقد يكون التحكيم معلقا على شرط ، وقد حكم بأنه إذا كان تطبيق شرط التحكيم معلقا على شرط جائز قانونا ، كان يدفع مقدما ثمن البضاعة المبيعة ، فإن الطرف الذي لم يقم بتنفيذ هذا الشرط ليس له أن يتمسك بشرط التحكيم  وحكم بأنه إذا اشترط في عقد التأمين أنه في حالة وقوع حادث يكون الفصل في النزاع في شأنه بواسطة محكمين ، فالشرط صحيح لا يجوز النكول .

(الدكتور/ أحمد أبو الوفا ، التحكيم ، مرجع سابق) .

والتحكيم كان عقد يتم بالإيجاب والقبول ، ويتعين أن تتوافر فيه الشروط التي يتطلبها القانون في سائر العقود من توافر أهلية لدى المتعاقدين وانتفاء شوائب الرضاء ، ومن توافر موضوع العقد ، وصفة لدى المتعاقدين .

والسبب في التزام أحد طرفى التحكيم هو نزول الطرف الآخر – هو الآخر – عن الحق في الالتجاء الى القضاء ، مع التزامه بطرح النزاع أمام محكم ليفصل فيه بحكم ملزم له .

(أحمد أبو الوفاء ، التحكيم ، مرجع سابق) 

وتنص المادة (11) من قانون التحكيم المصري الحالي على أنه

لا يجوز الاتفاق على التحكيم إلا للشخص الطبيعي أو الاعتباري الذي يملك التصرف في حقوقه . فالأهلية اللازمة لصحة الرضا هى أهلية التصرف بالنسبة للحق المتفق على التحكيم بصدده ، فلا تكفي أهلية الاختصام الإجرائية بل لابد من توافر أهلية الأداء .

وهذه الأهلية لازمة أيا كانت صورة التحكيم شرطا أو مشارطة ويشترط أن تتوافر في الواعد نفس الأهلية اللازمة لصحة العقد الموعود به وبالذات في شرط التحكيم الذي يعتبر لدى البعض بمثابة وعد بالاتفاق على التحكيم كما سوف نرى من بعد ، وبالتالي فالقاصر الذي له أهلية التصرف في بعض حقوقه يجوز له الاتفاق على التحكيم بالنسبة لهذه الحقوق ، والجزاء على تخلف الأهلية هو البطلان

ويرى البعض أنه الانعدام حيث لا يتصور وجود اتفاق في غياب أى رضا به ، ويرى بعض الفقه المدني أن التصرفات القانونية حسب القواعد منها ما هو ضار ضررا محضا ، وما هو نافع محضا ، ومنها ما يدور بين النفع والضرر ، والأولى تكون باطلا مطلقا ، والثانية صحيحة مطلقا ، والثالثة تكون باطلة بطلانا نسبيا إذا صدرت من القاصر ، وبطلانا مطلقا إذا صدرت من عديم الأهلية .

(راجع الخلاف الذي ثار بشأن هذه المسألة ، محمود الخيري ص 82 ، التحكيم) 

والاتفاق على التحكيم ليس ضار ضررا محضا ، ولا نافع نفعا محضا ، وإنما يدور بين النفع والضرر ، وبالتالي يكون باطلا بطلانا نسبيا إذا صدر الرضا به من قاصر ناقص الأهلية وهذا البطلان يزول بالإجازة بعد اكتمال أهلية القاصر .

(محمود الخيري – عمر – الجمال وعكاشة) .

اتفاق التحكيم لا يتضمن عادة أية إشارة الى القانون الذي يحكم الأهلية ، ولهذا يجب الاعتراف بأنه يشير في هذه المسألة الى القانون الدولي الخاص لكل من الأطراف المتعاقدة ، سواء أكان هو القانون الوطني أم كان قانون الموطن .

ويلاحظ أن أهلية الشركات والأشخاص المعنوية في القانون الخاص يحكمها القانون الوطني ، وإذا أردنا أن نتفادى هذا التعبير الذي قد يكون منتقدا من الناحية النظرية ، فإنه يمكن من الناحية العملية إسناد هذه الأهلية الى قانون البلد الذي تكونت فيه تلك الشركات (النظرية الفرنسية)

ويكون لها مركز رئيسي حقيقي في هذا البلد ، وعندئذ ، فإن هذا القانون هو الذي يقرر ما إذا كان للشخص المعنوي أو للشركة أهلية الالتجاء الى التحكيم .

وفي بلاد أخرى ، مثل بريطانيا وهولندا ، تخضع أهلية الشركة للقانون الذي نشأ في ظله ، وتمت فيه الإجراءات أو الشكليات حتى ولو لم يكن لها مركز رئيسي فيه .

(دكتور / منير عبد المجيد ، قضاء التحكيم في منازعات التجارة الدولية ص 86) 

وتوجب نصوص معاهدة نيويورك خضوع الاعتراف وتنفيذ حكم التحكيم الذي يدخل في نطاق تطبيقها في شأن أهلية الشركات أو الأشخاص المعنوية الأطراف في التحكيم ، والأشخاص الطبيعية طبقا لنصوص القانون المحدد بمعرفة القانون الدولي الخاص لقاضي التنفيذ 

إذا تنص المادة (5-1-a) أنه يتعين رفض الاعتراف وتنفيذ حكم التحكيم إذا أثبت الطرف الذي يحثه عليه بالحكم أنه كان عديم الأهلية وفقا للقانون المطبق عليه .

(انظر معاهدة نيويورك ) 
وقد قضت محكمة النقض المصرية بأن

بطلان مشارطة التحكيم لنقص أهلية أحد العاقدين هو بطلان نسبي لا يتمسك به إلا ناقصي الأهلية .

(الطعن رقم 73 لسنة 17ق جلسة 18/11/1948)

وبأنه الوصاية نوع من أنواع النيابة القانونية ، تحل بها إرادة الوصي محل إرادة القاصر مع انصراف الأثر القانوني الى هذا الأخير ولئن كانت المادة 39 من القانون رقم 119 لسنة 1952 الخاص بأحكام الولاية على المال قد تضمنت بيانا بالتصرفات التي لا يجوز أن يباشرها الوصي إلا بإذن من محكمة الأحوال الشخصية 

ومن بينها التحكيم الذي أنزلته الفقرة الثالثة منها منزلة أعمال التصرف اعتبارا بأنه ينطوي على التزامات متبادلة بالنزول على حكم المحكمين 

إلا أن استصدار هذا الإذن في الحالات التي يوجب فيها القانون ذلك ليس بشرط للتعاقد أو التصرف وإنما قصد به – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – الى رعاية حقوق ناقصي الأهلية والمحافظة على أموالهم بالنسبة لتصرفات معنية ارتأى المشرع لخطورتها ألا يستقل الوصي بالرأي فيها 

فنص من محكمة الأحوال الشخصية للولاية على المال رقيبا عليه في صددها ، وهو بهذه المثابة يعد إجراء شرع لمصلحة القصر دون غيرهم ، وإذ كان الأمر في الدعوى الماثلة أن مشارطة التحكيم أبرمت بين الطاعن والمطعون عليها عن نفسها ونيابة عن أولادها القصر بعد أن رفضت محكمة الأحوال الشخصية الإذن لها بذلك

كما رفضت التصديق على حكم المحكمين عقب صدروه ، فإنه يكون للطاعن الحق في التمسك ببطلان حكم المحكمين ويكون ذلك الحق مقصورا على المحتكمين من ناقصي الأهلية الذين صدر حكم المحكمين حال قصرهم ، وذلك بعد بلوغهم سن الرشد 

(الطعن 275 لسنة 39ق جلسة 16/2/1971 س 22 ص 179) .

يترتب على شهر الإفلاس غل يد المدين التاجر عن إدارة أمواله والتصرف فيها من تاريخ شهر حكم الإفلاس ، ومن ثم يمتنع عليه الاتفاق على التحكيم من هذا التاريخ ، مع ملاحظة أن المنع لا يشمل إلا الأموال الداخلة في التفليسة فقط ، والصعوبة تنشأ بالنسبة للتحكيم الذي أبرم قبل تاريخ الإفلاس 

وعلى العموم فإن تصرفات التاجر التي يبرمها في فترة الريبة بعضها يكون واجب الإبطال وبعضها جائز الإبطال ، وبالتالي ففي الحالة الأولى يكون التحكيم غير نافذ في مواجهة الدائنين ، أما التحكيم الذي يبرم قبل فترة الريبة فهو صحيح ونافذ في حق جماعة الدائنين في كافة الأحوال

(الجمال وعكاشة ، مرجع سابق ص 416) .

والرضا بالتحكيم لا يفترض بل لابد من وجود الدليل عليه ن ويتم ها الدليل بوجود الاتفاق على التحكيم الذي يبين منه انصراف إرادة الأطراف الى اللجوء الى التحكيم عند توافر مفترضاته .

(دكتور نبيل عمر ، المرجع السابق)

 عيوب الرضا في التحكيم 

إذا كنا بصدد الاتفاق على التحكيم فلا مجال للغلط في محل العد ، وهذا المحل هو إخراج النزاع من ولاية القضاء والفصل فيه بواسطة هيئة التحكيم ، لأن هذا المحل واحد لا يختلف من حالة الى أخرى ، كما أنه لا محل للغلط في القيمة لأن محل العقد في نطاق التحكيم ليس له قيمة مالية تقبل الزيادة والنقصان ، ولكن يتصور أن يوجد غلط في شخص المتعاقد الآخر أو في صفة من صفاته ، كذلك الغلط في القانون يبطل العقد إذا توافرت فيه شروط الغلط في الواقع 

والأقرب الى التصور أن يتعلق في القانون بالعقد الذي يولد النزاع موضوع التحكيم ، ولكن قد يتصور أن يوجد غلط في القانون في اتفاق التحكيم ذاته . مثال ذلك أن يتصور أحد العاقدين أن حكم المحكمين يقبل الطعن أمام القضاء ثم يكتشف أن القانون لا يجيز ذلك .

(الجمال وعكاشة ، مرجع سابق ص404) .

ويتصور أن يوجد تدليس بعيب الرضا في اتفاق التحكيم أيا كانت صورته ، كذلك يتصور وقوع الإكراه أيضا وبذات الشروط والقواعد المعمول بها في العقد .

ويتميز شرط التحكيم بخصوصيات معينة في نطاق بحث عيوب الإرادة الخاصة به ، فإبطال شرط التحكيم لعيب في إرادة أحد الطرفين لا يمتد الى العقد الأصلي الملحق به هذا الشرط والذي يبقى صحيحا رغم إبطال شرط التحكيم ، وذلك نظرا لاستقلال التحكيم عن الاتفاق الوارد به هذا الشرط

ويرى البعض إمكانية أعمال المادة 143 مدني مصري بصدد امتداد البطلان الى العقد الأصلي إذا تبين من الظروف أن إرادة المتعاقدين ما كانت لتنتهي الى إبرام العقد الأصلي فيما لو كان قد تبين أن شرط التحكيم باطل عند التعاقد 

أما إذا كان العقد الأصلي باطل لعيب في الإرادة ، فإن هذا البطلان لا يكون له أثر على شرط التحكيم إذا كان هذا الشرط صحيحا في ذاته ، وهذا هو حكم المادة 23 تحكيم مصري .

 والسؤال الآن هو : هل يمكن أن يمتد بطلان العقد الى الشرط ذاته ؟
يجرى الفقه المدني التمييز التالي للإجابة عن هذا السؤال :
1.بالنسبة لعيب الغلط :

فهذا العيب من عيوب الرضا إذا ورد على محل العقد الأصلي ، أو على قيمة المعقود عليه فهو لا يمتد بطبيعة الحال الى شرط التحكيم ، لأن له محل متميز عن محل العقد الأصلي وهو إخراج النزاع من ولاية القضاء .

أما الغلط في شخص المتعاقد في العقد الأصلي أو في صفة من صفاته فهو يمتد الى شرط التحكيم لأن المتعاقد الأصلي هو بالضرورة متعاقد في شرط التحكيم . 

2.الإكراه :

إذا انصب على شخص المتعاقد في العقد الأصلي فإنه يمتد الى شرط التحكيم لوحدة الشخص ، وبالتالي فبطلان العقد الأصلي يؤدي الى بطلان شرط التحكيم .

3.وعلى ذلك فمبدأ استقلال شرط التحكيم عن العقد الأصلي يجد تطبيعا مطلقا في حالة بطلان العقد الأصلي للاستغلال أو الغبن فيظل شرط التحكيم صحيحا على الرغم من إبطال العقد الأصلي لهذا السبب .

(راجع في كل ما سبق نبيل عمر ، المرجع السابق ، الأنصاري ، الجمال وعكاشة ، مرجع سابق) .

ما يجوز فيه التحكيم وما لا يجوز قانونا

شرح التحكيم في القانون المصري

 (1) المسائل التي لا يجوز فيها الاتفاق على التحكيم :

تنص المادة 11 من قانون التحكيم على أنه

” لا يجوز التحكيم إلا للشخص الطبيعي أو الاعتباري الذي يملك التصرف في حقوقه ، ولا يجوز التحكيم في المسائل التي لا يجوز فيها الصلح .

وتنص المادة 551 من القانون المدني على أنه

” لا يجوز الصلح في المسائل المتعلقة بالحالة الشخصية أو بالنظام العام ، ولكن يجوز الصلح على المسائل المالية التي تترتب على الحالة الشخصية ، أو التي تنشأ عن ارتكاب إحدى الجرائم ” .

ومن جماع هذه النصوص يتضح أن المسائل التي تتعلق بالنظام العام ، والمسائل المتعلقة بالحالة الشخصية ، والحق الذي لا يجوز التصرف فيه لا يجوز التحكيم فيه .

وقد عرفت محكمة النقض النظام العام بأنه :

يشمل القواعد التي ترمى الى تحقيق المصلحة العامة للبلاد سواء من الناحية السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية والتي تتعلق بالوضع الطبيعي المادي أو المعنوي لمجتمع منظم وتعلو فيه على مصالح الأفراد ، وتقوم فكرته على مذهب علماني .

(نقض مدني 17/1/1979 ، مجموعة المكتب الفني ص 276) .
والمسائل التي لا يجوز فيها الصلح هى :
  • – المسائل المتعلقة بالحالة الشخصية .
  • – المسائل الجنائية .
  • – إجراءات التنفيذ .
وسوف نلقي الضوء على هذه المسائل كما يلي :
  • أن مسائل الأحوال الشخصية البحتة كالنسب والزواج والطلاق وإثبات الوراثة والخلع تعتبر مسائل متعلقة بالنظام العام ، ولا يجوز التحكيم فيها وكل اتفاق يخالف ذلك يعتبر باطلا بكل مطلق ، أما ما يترتب على مسائل الأحوال الشخصية من آثار مالية فمن الممكن الاتفاق على التحكيم بشأنها .
  • مسائل الجنسية وهى كل ما يتعلق باكتساب الجنسية أو إسقاطها فهى مظهر من مظاهر سيادة الدولة ولا يجوز التحكيم فيها ، ولكن لا يوجد ثمة ما يمنع من الاتفاق على التحكيم في الدعوى بطلب التعويض عن قرار إداري صدر بالمخالفة لقانون الجنسية .
  • المسائل الجنائية ، لا يجوز أن تكون مسائل التجريم والعقاب محلا للاتفاق على التحكيم سواء كان الأمر متعلقا بجناية أو بجنحة أو مخالفة ، لأن ذلك منوطا بالمشرع ذاته ، أما المسائل المالية المتولدة من ارتكاب الجريمة فيجوز أن تكون محلا للتحكيم .
(انظر الدكتور نبيل عمر ، مرجع سابق) 

وقد قضت محكمة النقض بأن :

لا يجوز التحكيم بصدد تحديد مسئولية الجاني عن الجريمة الجنائية وإلا عد باطلا لمخالفته للنظام العام ، وإذ كانت المسألة المعروضة التي انصب عليها التحكيم ، وبالتالي كانت سببا للالتزام في السند إنما تتناول الجريمة في ذاتها وتستهدف تحديد المسئول عنها وهى من المسائل المتعلقة بالنظام العام ، فلا يجوز أن يرد الصلح عليها ، وبالتالي لا يصح أن تكون موضوعا التحكيم باطلا لعدم التحكيم ، وهو ما يستتبع أن يكون الالتزام المثبت في السند باطلا لعدم مشروعية سببه

(نقض مدني 2/12/1980 ، مجموعة المكتب الفني ، سنة 31 رقم 369 ص1989)

وبأنه “لا يجوز التحكيم بصدد تحديد مسئولية الجاني عن الجريمة الجنائية وإلا عد باطلا لمخالفته للنظام العام ، فإذا كان التحكيم قد انصب على جريمة القتل العمد ذاتها واستهدف تحديد المتهم بالقتل وثبوت الاتهام في حقه ، وأنها كانت سببا للإلزام بالمبلغ المحكوم به ، وإذا كانت هذه المسألة تتعلق بالنظام لا يجوز أن يرد عليها الصلح ، وبالتالي لا يصح أن تكون موضوعا للتحكيم مما لازمه بطلان الالتزام الذي تضمنه حكم المحكمين لعدم مشروعية سببه 

(نقض مدني الطعن رقم 795 لسنة 60 ق جلسة 26/5/1996 ، مجموعة المكتب الفني السنة 47 ، ج1 ص 863 قاعدة 162) .

وفي المجالات التي يتعلق فيها تحريك الدعوى العمومية على تقديم شكوى عن المجني عليه ، أو على إذن أو طلب جهة حكومية فإن الاتفاق على التحكيم يكون بمثابة تنازل عن الحق في الشكوى أو الطلب تنقضي به الدعوى العمومية

(الجمال وعبد العال ص 166) 

و منازعات التنفيذ سواء كانت منازعات وقتية أو موضوعية لا يجوز أن تكون محلا للاتفاق على التحكيم ، حتى وإن كان التنفيذ الجبري متولد عن سند تنفيذي ناشئ عن نزاع في علاقة قانونية متفق على التحكيم بشأنها ، فلا يجوز إخضاع منازعات التنفيذ المتولدة من هذه العلاقة للتحكيم .

والعلة في هذا الاستبعاد ترجع الى رغبة المشرع في طرح هذه المنازعات على قضاء الدولة لحكمة يقدرها المشرع ، ويكون الاتفاق على التحكيم باطلا إذا كان محله منازعة لا يجوز إخضاعها اتفاقا للتحكيم .

وهو بطلان يتعلق بالنظام العام وإذا صدر حكم من هيئة التحكيم في مثل هذا النزاع كان الحكم باطلا لبنائه على اتفاق باطل ، كما لا يجوز إصدار أمر تنفيذ مثل هذا الحكم ويجوز رفع دعوى بطلان لإبطال هذا الحكم ، ومن الجائز أن يكون هذا البطلان منصبا على جزء فقط من الاتفاق على التحكيم لاشتماله في ذات الوقت على مسائل يجوز فيها التحكيم وأخرى لا يجوز فيها التحكيم ، إلا في الحالة التي يوجد فيها ارتباط بين الأجزاء فيبطل الاتفاق كله لعدم القابلية للتجزئة .

كما لا يجوز التحكيم بشأن المسائل المتعلقة بأعمال سلطات الدولة الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية ، فطبيعة الدولة ودستورها يجعلان الرقابة عليها داخلية متبادلة تمارسها كل سلطة على الأخرى ، فلا يجوز اللجوء الى التحكيم بصدد نزاع على دستورية القانون أو قانونية اللائحة أو صحة قرار إداري أو على إجراء من إجراءات التقاضي أمام المحاكم أورد أحد القضاة 

فهذه المسائل تتعلق بصميم نظام الدولة ولا يكون الفصل فيها إلا للدولة ، فلا يشمل التحكيم مسألة قانونية تشريع أو لائحة أو دستورية نص تثور بمناسبة نزاع معروض على التحكيم ، فهذه المسألة لا يفصل فيها سوى القضاء ، ولكن لا نرى ما يمنع إذا قدرت هيئة التحكيم جدية الادعاء بأن توقف دعوى التحكيم الى حين الفصل في مسألة الدستورية فهيئات التحكيم تدخل في إطار الهيئات ذات الاختصاص القضائي المنصوص عليهما في المادة 29/أ من قانون المحكمة الدستورية العليا .

وكذلك المسائل الخاصة بالجنسية باعتبارها تتعلق بالمواطنة ، وهى تمس سيادة الدولة على مواطنيها .

(انظر البحث الجيد للدكتور حسام الدين الأهواني ، مجلة القضاة ص99 وما بعدها) 

كما لا يجوز الصلح على الضرائب والرسوم المستحقة ، ونظرا لأن هذه المسائل تتعلق بصميم نظام الدولة ، فلا يجوز الالتجاء الى التحكيم بصدد نزاع على استحقاق ضريبة معينة تفرضها الدولة ، أو على مقدار الضريبة المستحقة ، والرقابة على قرارات الإدارة بشأن الضرائب لا يخضع إلا للسلطة القضائية في الدولة .

 (الجمال وعبد العال ص164)

الحالة الشخصية للإنسان من النظام العام 

وكذلك الأهلية ، ولا يجوز التعديل في أحكامها بالاتفاق ، وتنص المادة 148 من القانون المدني على أنه

” ليس لأحد النزول عن أهليته أو التعجيل في أحكامها ” .

ولقد عرفت محكمة النقض الحالة الشخصية بأنها :

مجموعة ما يتميز به الإنسان عن غيره من الصفات الطبيعية أو العائلية التي رتب القانون عليها أثرا قانونيا في حياته الاجتماعية ككونه ذكرا أو أنثى ، وكونه زوجا أو مطلقا ، أو أبا أو ابنا شرعيا أو كونه تام الأهلية أو ناقصها لصغر سنه أو عته أو جنون ، وكونه مطلق الأهلية أو مقيد بسبب من أسبابها القانونية .

(نقض مدني 216/1934 ، مجموعة القواعد القانونية ، ج1 ص117) 

وتشمل مسائل الميراث والوصية والحضانة والنفقة .

وهذه مسائل يتلقى بشأنها القانون بالدين وليس للعرف والعادة شأن يذكر في حكمها ، ولهذا يفضل المشرع تحويل قضاء الدولة اختصاصا حاجزا بشأنها وإبعادها عن مجال التحكيم .

(مصطفى الجمال وعكاشة عبد العال ، المرجع السابق ، فقرة 110 ص166) 

فلا يجوز التحكيم في خصومة تتصل بأهلية شخص لاكتساب حق معين  أو ممارسته لحقه في التملك أو حقه في الانتخاب أو أهليته لإجراء تصرف معين أو في خصومة تتعلق بما إذا كان الولد شرعيا أو خصومة تتعلق بما إذا كان عقد الزواج صحيحا أو باطلا ، أو خصومة تتعلق بما إذا كان الشخص يعتبر وارثا أو غير وارث ، ولا يجوز التحكيم في شأن حق الزوجة في النفقة أو حق الزوج في الطلاق (وذلك مع التحفظ بشأن التحكيم بين الزوجين وفقا لأحكام الفقه الإسلامي)

(انظر المرجع السابق الأهواني ، مجلة القضاة) 

( 2 ) ما يجوز فيه التحكيم

باستبعاد المسائل التي لا يجوز أن تكون محلا لاتفاق التحكيم أيا كانت صورته ، فإن ما عداها من مسائل يجوز أن تكون محلا للاتفاق على التحكيم .

(الدكتور / نبيل عمر ، مرجع سابق ص 76) 

وعلى ذلك يجب أن يكون الحق محل التحكيم حقا ماليا قابلا للتصرف فيه .

مالية الحق محل النزاع 

تبلغ الثقة في نظام التحكيم أقصى مدى له في القانون السويسري ، حيث يكون محلا للتحكيم كل نزاع ذات طبيعة مالية ، فلا يفرق هذا القانون يبين نزاع يتصل بمسألة تتعلق بالنظام العام أم لا .

إذا كان القانون المصري لم يسلك مسلك المشرع السويسري إلا أن المشرع المصري يشترط أن يكون الحق محل التحكيم حقا ماليا .

والصفة المالية مستفادة من المادة 11 من قانون التحكيم ، والمادة 551 من القانون المدني حيث يشترط أن يكون الحق محل التحكيم حقا قابلا للتصرف فيه وما يقبل التصرف فيه هو الحق المالي على خلاف الحق غير المالي .

كما أن المادة الثانية من قانون التحكيم التي عرفت تجارية التحكيم بأنه كل نزاع ينشأ حول علاقة قانونية ذات طابع اقتصادي . عقدية كانت أو غير عقدية .

فليس المقصود بالصفة التجارية هو العمل التجاري في مفهوم القانون التجاري المصري ، وإنما النزاع ذات الطابع الاقتصادي مدنيا كان أو تجاريا ، فقد استخدم المشرع عبارة الطابع الاقتصادي وذلك جريا وراء ما جرى عليه قانون التجارة الدولية من هجر التفرقة بين العمل المدني والعمل التجاري وامتداد نطاقه الى المعاملات الاقتصادية أو ذات الطابع المالي

ولهذا فإن المشرع قد ضرب بعض الأمثلة للأنشطة ذات الطابع الاقتصادي التي يمتد إليها التحكيم كتوريد السلع أو الخدمات والوكالات التجارية والعقود والتشييد والخبرة الهندسية أو الفنية ، ومنح التراخيص الصناعية والسياحية وغيرها ونقل التكنولوجيا

والاستثمار وعقود التنمية وعمليات البنود والتأمين وشحن الطرق واستصلاح الأراضي وحماية البيئة وإقامة المفاعلات النووية ، وجلى أن تلك الأمثلة تجمع صورا للأعمال التجارية البحتة ، وكذلك الأعمال المدنية وتشمل ما يعتبر عقودا إدارية .

وغني عن البيان أن المشرع يملك إخراج بعض المنازعات المالية عن نطاق التحكيم ، فقد أخرج المشرع في دولة الإمارات المنازعات الناشئة عن الوكالات التجارية من المنازعات القابلة للتحكيم .

(الجمال وعكاشة ، فقرة 111 ص167) 

قابلية الحق المالي للتحكيم حتى لو ترتب أو نشأ عن حق غير مالي :

حسمت المادة 551 من القانون المدني تلك المسألة إذ نصت صراحة على أنه يجوز الصلح على المسائل المالية التي تترتب على الحالة الشخصية ، أو التي تنشأ عن ارتكاب إحدى الجرائم .

وبناء عليه يكون قابلا للتحكيم الحق المالي الذي يترتب أو ينشأ عن حق غير مالي .

فيجوز التحكيم بشأن التعويض الناشئ عن الفعل الضار إذا كان هذا الفعل يكون جريمة جنائية .

ولكن لا يجوز التحكيم بشأن تحديد مسئولية كل من المسئولين المتعددين تجاه المضرور ، لأن تحديد هذه المسئولية يتعلق بالنظام العام .

ولكن يتعين على المحكم الالتزام بالقواعد المتعلقة بوقف الدعوى المدنية لحين الفصل في الدعوى الجنائية وبحجية الحكم الجنائي أمام الدعوى الجنائية وبحجية الحكم الجنائي أمام القضاء المدني 

وتنص المادة 46 من قانون التحكيم على أنه

” إذا عرضت خلال إجراءات التحكيم مسألة تخرج عن ولاية هيئة التحكيم أو طعن بالتزوير في ورقة قدمت لها أو اتخذت إجراءات جنائية عن تزويرها أو عن فعل جنائي آخر ، جاز لهيئة التحكيم الاستمرار في نظر موضوع النزاع إذا رأت الفصل في هذه المسألة أو في تزوير الورقة أو في الفعل الجنائي الآخر ليس لازما للفصل في موضوع النزاع 

وإلا أوقفت الإجراءات حتى يصدر حكم جنائي في هذا الشأن ، ويترتب على ذلك وقف سريان الميعاد المحدد لإصدار حكم التحكيم ” ، وبهذا حسم المشرع اعتبار وقف الدعوى المدنية لحين الفصل في الدعوى الجنائية مسألة من النظام العام تتقيد بها هيئة التحكيم .

ويجوز كذلك التحكيم بشأن التعويض عن أعمال الإدارة حتى لو كان مترتبا على عمل لا يجوز التحكيم فيه كقرار إداري غير مشروع ، فالمادة الأولى من قانون التحكيم تؤكد سريان القانون على اتفاق التحكيم الذي يتم بين أشخاص القانون العام وأشخاص القانون الخاص أيا كانت طبيعة العلاقة القانونية التي تولد عنها النزاع

يجوز التحكيم كذلك بشأن طلب التعويض عن اتخاذ الدولة لإجراء من إجراءات نزع الملكية للمشروع الاستثماري أو تأميمه إذا تم ذلك وفقا للقانون أو الدستور . فاعتبارات السيادة التي دفعت الى اتخاذ الإجراء لا تحول دون الاتفاق على التحكيم بشأن التعويض العادل الذي يستحق في هذه الحالة .

ويمكن القول أن أساس التعويض قد يختلف بحسب الإجراء وظروفه ، فقد يكون الإجراء مبررا لا خطأ فيه ولكن يستحق التعويض العادل عن التأميم بنص الدستور ، وقد يعتبر الإجراء غير قانوني ويستحق التعويض طبقا لأحكام مسئولية الإدارة ، وفي جميع الأحوال لا يجوز للتحكيم التعرض للإجراء لمحو أثره وإنما فقط لتقدير التعويض عن الأضرار .

ولهذا يجوز التعويض عن الإجراء الذي تتخذه الدولة ضد مستثمر مثل إلغاء ترخيص الاستثمار وهو ما حدث بالفعل في مجال التحكيم التجاري الدولي بشأن قضية هضبة الأهرام على وجه الخصوص ،

ويجدر التنبيه الى أن التحكيم الدولي قد استخلص موافقة الحكومة المصرية على اللجوء للتحكيم في المنازعات الناشئة عن قانون الاستثمار مما جاء في القانون الصادر سنة 1974 من أن تتم تسوية المنازعات وفقا لقواعد مركز تسوية المنازعات بواشنطن ، فقد اعتبر ذلك قبولا عاما ومسبقا للجوء الى التحكيم .

وفي مجال الأحوال الشخصية يجوز اللجوء الى التحكيم للفصل في المنازعات المتعلقة بالعلاقات المالية الناشئة عنها ، مثل التعويض عن فسخ الخطبة وتقدير النفقة متى قام سببها .

ويجوز للمطلقة أن تنزل عن مؤخر صداقها أو عن نفقة العدة ، وعما يستحق من نفقة مدة معينة لا ا، تنزل عن حق النفقة ذاته .

ويجوز للوارث أن يتخارج مع بقية الورثة على نصيبه في الميراث إلا أن يصالح على صفته كوارث .

وبناء عليه يجوز التحكيم في شأن هذه المسائل ، ولكن الصفة المالية للنزاع لا تكفي وحدها معيارا لتحديد المسائل القابلة للتحكيم ، بل يجب أن يكون الحق قابلا للتصرف فيه .

قابلية الحق للتصرف

نصت المادة 11 من قانون التحكيم على أنه

لا يجوز التحكيم إلا للشخص الذي يملك التصرف في حقوقه .

ونصت المادة 550 من القانون المدني على أنه

يشترط فيمن يعقد صلحا أن يكون أهلا للتصرف بعوض في الحقوق التي يشملها عقد الصلح .

ولن نتعرض في هذه الدراسة لمسألة الأهلية في التصرف لأنها ترتبط بأهلية إبرام اتفاق التحكيم ولكن الذي يدخل في دراستنا ما يتعلق بمحل التحكيم .

فمن النصين السابقين يستفاد أن الحق أو النزاع محل التحكيم يجب أن يكون قابلا للتصرف فيه بداءة فلا تثور مسألة أهلية التصرف أو سلطة التصرف إلا فيمل يجوز التصرف فيه ، وهو ما لا يجوز الصلح عليه كذلك ، فما يجوز التصرف فيه يجوز أن يكون محلا للتحكيم متى توافرت الأهلية اللازمة لدى أطراف الاتفاق .

وإذا كان الأصل أن الحقوق اللصيقة بالشخصية والحقوق غير المالية لا يجوز التصرف فيها ، إلا أن هناك من الحقوق المالية التي لا يجوز التصرف أو التعامل فيها بمعنى أدق ، ولهذا اقترح بعض الفقه أن تكون عدم القابلية للتصرف معيار عدم القابلية للتحكيم .

فلا يجوز التحكيم في المسائل التي تتعلق بالأموال العامة للدولة لأنها تخرج عن دائرة التعامل ، ولا يجوز التصرف فيها مادامت مخصصة للمنفعة العامة ، وذلك على خلاف الأموال الخاصة للدولة ، حيث تخضع لقواعد القانون الخاص وتتميز بقابليتها للتصرف فيها .

وكذلك لا يجوز التحكيم بشأن تصرف يبرمه القاضي في حق من الحقوق المتنازع عليها ، فالمنع يستهدف الحفاظ على نزاهة القضاء ، ومن ثم يكون التصرف المخالف باطلا ويكون الالتجاء الى التحكيم من قبيل الانتقاص من هذا الضمان .

(الجمال وعبد العال ، فقرة 117 ص180) .

وإذا كان المنع من التصرف أى بطلان النزول عن الحق مقرر لمصلحة خاصة فإن أثره على القابلية للتحكيم يختلف بحسب الحق ذاته ووقت التصرف .

فبالنسبة لحقوق العامل ، من المقرر أنه لا يجوز النزول عنها ، على الأقل قبل ثبوتها كما لا يجوز الصلح أو الإبراء ، ولكن هذا المنع مؤقت بفترة وجود عقد العمل أو لمدة بسيطة لاحقة على انتهاء العقد ، وبناء عليه إذا كان لا يجوز الاتفاق على التحكيم أثناء قيام علاقة العمل ، لكن يجوز الاتفاق عليه بعد انتهاء علاقة العمل .

(الجمال وعبد العال ص180)

وقد يكون المنع من التصرف واردا على تصرف من التصرفات الناقلة للملكية ، فاشتراط التحكيم المدرج في تصرف تم على خلاف الشرط المانع من التصرف يكون صحيحا في ذاته لأن جزاء التصرف المخالف لا يكون سوى البطلان النسبي ، أو عدم النفاذ في حق صاحب المصلحة في الشرط المانع ، ولن يكون الشرط غير نافذ في حق صاحب المصلحة في الشرط ، ولا يجوز للمتصرف الذي خالف الشرط أن يتنصل من شرك التحكيم لما في ذلك من نقض منه لما أبرمه .

(الجمال وعبد العال ص181 ، وانظر في نقد هذا المعيار فوشار ، فقرة 573 ص356) .

والنص في المادة 17 من القانون رقم 27 لسنة 1994 في شأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية على أن

” لطرفي التحكيم الاتفاق على اختيار المحكمين وعلى كيفيته ووقت اختيارهم فإذا لم يتفقا أتبع ما يلي :

  • (أ) إذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من محكمة واحد تولت المحكمة المشار إليها في المادة 9 من هذا القانون اختيار وبناء على طلب أحد الطرفين .
  • (ب) فإذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من ثلاثة محكمين اختار كل طرف محكما ثم يتفق المحكمان على اختيار المحكم الثالث ،

فإذا لم يعين أحد الطرفين محكمة خلال الثلاثين يوما التالية لتسلمه طلبا بذلك من الطرف الآخر ، أو إذا لم يتفق المحكمان المعينان على اختيار المحكم الثالث خلال الثلاثين يوما التالية لتاريخ تعيين أخرهما تولت المحكمة المشار إليها في المادة 9 من هذا القانون اختياره بناء على طلب أحد الطرفين 

ويكون للمحكم الذي اختاره المحكمان المعينان أو الذي اختارته المحكمة برئاسة هيئة التحكيم وتسري هذه الأحكام في حالة تشكيل هيئة التحكيم من أكثر من ثلاثة محكمين …..”

يدل على أن

المشرع خص المتحاكمين باختيار من يحكمونه بينهم وإلا فرضته عليهم المحكمة على النحو الثابت بنص المادة سالفة الذكر ، وهو ما يكشف عن أن القانون اعتد باتفاق التحكيم حتى وإن تقاعس المحتكمون عن اختيار محكميهم 

لما كان ذلك ، وكان القانون رقم 27 لسنة 1994 المعمول به اعتبارا من 21/5/1994 ضمن المادة الأولى من مواد الإصدار ما يفرض أحكامه على كل تحكيم قائم وقت نفاذه أو يبدأ بعده ولو استند الى اتفاق تحكيم سبق إبرامه قبل نفاده 

وكانت دعوى المطعون ضده قد أقيمت في ظل العمل بأحكام هذا القانون فإن الحكم المطعون فيه وقد خالف هذا النظر وانصرف عن الاعتداد باتفاق التحكيم بقالة أنه خلا من تحديد أشخاص المحكمين فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون .

وقد قضت محكمة النقض بأن 

اختصاص المتحاكمين باختيار من يحكمونه بينهم . تقاعسهم عن ذلك . أثره . فرض المحكمة اختيارها عليهم . م17 ق27 لسنة 1994 في شأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية . مؤداها . اعتداد القانون باتفاق التحكيم ولو لم يتضمن اختيار المحتكمون محكميهم . انصراف الحكم المطعون فيه عن الاعتداد باتفاق التحكيم بقالة خلوه من تحديد أشخاص المحكمين رغم إقامة الدعوى في ظل العمل بأحكام القانون 27 لسنة 1994 . خطأ في تطبيق القانون 

(الطعن رقم 4791 لسنة 71ق جلسة 24/11/2002)

سبب الاتفاق على التحكيم

شرح التحكيم في القانون المصري

قدمنا أن التحكيم هو من العقود الرضائية التي تتم بالإيجاب والقبول ولم يشترط القانون شكلا خاصا لمشارطة التحكيم أو لشروطه ، فللمتعاقدين أن يحرراه بأى شكل أرادا شأنه شأن سائر العقود الرضائية الأخرى ودون التقيد بأية ألفاظ معينة 

(نقض 18/12/1948 المحاماة السنة 21 ص1040) 

وجوب التمسك بشرط التحكيم 

التحكيم طريق استثنائي لفض المنازعات قوامه الخروج على طرق التقاضي العادية ولا يتعلق شرط التحكيم بالنظام العام ، فلا يجوز للمحكمة أن تقضي بإعماله من تلقاء نفسها ، وإنما يتعين التمسك به أمامها ، ويجوز النزول عنه صراحة أو ضمنا ، ويسقط الحق فيه فيما لو أثير متأخرا بعد الكلام في الموضوع ، إذ يعتبر السكوت عن إبدائه قبل نظر الموضوع نزولا ضمنيا عن التمسك به 

وقد قضت محكمة النقض بأن :

التحكيم . ماهيته . طريق استثنائي لفض المنازعات . قوامه . الخروج على طرق التقاضي العادية . عدم تعلق شرط التحكيم بالنظام العام . مؤداه . وجوب التمسك به أمام المحكمة وعدم جواز قضائها بإعماله من تلقاء نفسها . جواز النزول عنه صراحة أو ضمنا . سقوط الحق فيه بإثارته متأخرا بعد الكلام في الموضوع . علة ذلك .

 (الطعن رقم 1466 لسنة 70ق جلسة 30/1/2001)

 شرط التحكيم لا يتعلق بالنظام العام 

فقد قضت محكمة النقض بأن

” شرط التحكيم- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – لا يتعلق بالنظام العام ، فلا يجوز للمحكمة أن تقضي بإعماله من تلقاء نفسها وإنما يتعين التمسك به أمامها ، ويجوز النزول عنه صراحة أو ضمناً ، ويسقط الحق فيه لو أثير متأخراً بعدم الكلام في الموضوع . بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر ، والمرافعة وبعد المداولة .

حيث أن الوقائع- على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن- تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم ….. لسنة ……. تجاري كلي اسكندرية ، ضد المؤسسة الطاعنة وباقي المطعون ضدهم بطلب إلزام الطاعنة والمطعون ضدها الثانية والثالث متضامنين أن يدفعا لها مبلغ …….. دولاراً أمريكياً بما يعادلها من العملة المصرية وقدره ……. وصحة الإجراءات التحفظية الموقعة بالأمر رقم …… لسنة …….. الصادر من قاضي تنفيذ محكمة عابدين بتقدير الدين وحجز ما للمدين لدى الغير 

وقالت بيانا لدعواها أنه بموجب مشارطة إيجار مؤرخة …….. اتفقت معها الطاعنة على نقل عشرة آلاف طعن أسمنت من ميناء الإسكندرية الى ميناء طرابلس على نقل عشرة آلاف طن اسمنت من ميناء الإسكندرية الى ميناء طرابلس بليبيا على رحلات متتالية وذلك على السفينة (ليلا) وحمولتها …… طن بأجرة نقل قدرها …….. دولار للطعن الواحد تحت نظام “فيوس” وقدرت غرامة التأخير في المشارطة بمبلغ ……. دولار يومياً زيدت الى ….. دولار يومياً ، وقد قامت المطعون ضدها الأولى بإخطار المطعون ضدها الثانية بتاريخ 13/3/1973 بوصول السفينة الى ميناء الإسكندرية في …….. الساعة السادسة صباحا وباستعدادها لشحن الرسالة

إلا أن الشركة الطاعنة أعطت تعليمات للمطعون ضدها الثانية يوم …….. بعدم شحن السفينة دون أسباب مما يعد فسخاً للعقد من جانبها فأقامت دعواها مطالبة بأجرة النقل المتفق عليها بالكامل فضلاً عن غرامة التأخير ومقابل ما أصابها من أضرار مادية وأدبية نتيجة ذلك 

وأضافت المطعون ضدها الأولى أنها لجأت الى قاضي التنفيذ لتقدير دينها مؤقتا ……. بتوقيع الحجز التحفظي على أموال الطاعنة في مصر المتمثلة في الاعتماد على الغير …… للإلغاء المفتوح باسمها بمبلغ …… دولاراً أمريكياً بالبنك الأهلي المصري بالقاهرة لصالح المطعون ضدها الثانية الوسيطة في عملية البيع

وقد صدر …….. التقدير والحجز رقم ……. لسنة …….. عابدين بتاريخ ……. أقامت الطاعنة دعوى فرعية ضد المطعون ضدها الأولى بمبلغ 50 ألف جنيه كتعويض عما لحقها من ضرر نتيحة تخلفها عن تنجذ التزاماتها الخارجة بمشارطة الإيجار ودفعت الطاعنة بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم وبتاريخ …….. قضت محكمة أول درجة برفض الدفع بعدم القبول وبرفض الدفع باعتبار أن الموقع بتاريخ ….. كأن لم يكن

وقبل الفصل في الموضوع يندب أحد الخبراء لأداء المأمورية المبينة بمنطوق حكمها وبعد أن قدم الخبير تقريره عادت وقضت بتاريخ …….. بإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون ضدها الأولى مبلغ ……… وبرفض الدعوى الفرعية ، استأنفت الطاعنة والمطعون ضدها الأولى هذا الحكم بالاستئنافين رقمى 184 ، 215 لسنة 32ق تجاري اسكندرية ، وبتاريخ 15/3/1977 قضت محكمة استئناف الاسكندرية بتأييد الحكم المستأنف .

طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض ، دفع المطعون ضدها الثالث والرابعة بعدم قبول الطعن بالنسبة لهما وقدمت النيابة العامة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدها الثانية وطلبت قبول الدفع المبدي من المطعون ضدهما الثالث والرابعة ونقض الحكم بالنسب للمطعون ضدها الأولى ، عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة قرأته جديراً بالنظر ، وفي الجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها .

وحيث أن مبنى الدفع بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهم الثانية والثالث والرابعة أنهم ليسوا خصوما حقيقيين للطاعنة . وحيث أن هذا الدفع في محله ، ذلك أنه لا يكفي فيمن يختصم في الطعن بالنقض أن يكون خصما في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه بل يجب أن تكون له مصلحة في الدفاع عن الحكم حين صدوره ، وإذ كان الثابت أن المطعون ضدهما الثانية والثالث بشيء ، وكانت الطاعنة قد أسست طعنها على أسباب تتعلق بالمطعون ضدها الأولى وحدها ، فإنه يتعين عدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهم الثانية والثالث والرابعة 

ولا يغير من هذا النظر أن يكون المطعون ضدها الأولى قد طلبت الحكم على الطاعنة ولمطعون ضدها الثانية والثالث متضامنين ، ذ لا ينال التضامن- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – من استقلال كل من المتضامنين عن الآخر في الخصومة وفي الطعن في الحكم الصادر فيها . وحيث أن الطعن بالنسبة للمطعون ضدها الأولى استوفى أوضاعه الشكلية . وحيث أن ممما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول أن الحكم قضى بسقوط حقها في التمسك يشترط التحكيم بمقولة أنها تنازلت عنه ضمنياً بتعرضها لموضوع الدعوى ،

كما اعتبر التحكيم باطلاً لعدم تعيين أسماء المحكمين في اتفاق التحكيم أو في اتفاق مستقل إعمالاً لنص المادة 520/3 من قانون المرافعات ، وبذلك يكون قد طبق القانون المصري على تحكيم دولي متفق على إجرائه في لندن مما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه . وحيث أن هذا النعى سديد ، ذلك أن شرط التحكيم- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- لا يتعلق بالنظام العام فلا يجوز للمحكمة أن تقضي بإعماله من تلقاء نفسها وإنما يتعين التمسك به أمامها ، ويجوز النزول عنه صراحة أو ضمناً

ويسقط الحق فيه فيما لو أثير متأخراً بعد الكلام في الموضوع ، كما أن قاضي الموضوع يخضع لرقابة محكمة النقض في تكييفه للطلبات التي يبديها الخصوم قبيل التمسك بشرط التحكيم للوقوف على ما إذا كانت تعد تعرضا لموضوع الدعوى من شأنه أن يسقط الحق في التمسك بهذا الشرط .

لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر طلب الطاعنة تأجيل الدعوى لأكثر من مرة لضم الدعوى رقم 612 لسنة 1973 مدني كلي اسكندرية – قبل تمسكها بشرط التحكيم – تنازلاً ضمنياً عن التمسك بهذا الشرط ، وكان التكلم في الموضوع المسقط للدفع الواجب إبداؤه قبل التكلم في الموضوع إنما يكون بإبداء …… طلب أو دفاع في الدعوى يمس موضوعها أو مسألة فرعية فيها ينطوي على …….. بصحتها سواء أبدى كتابة أو شفاهة ، فإن طلب التأجير على الصورة السالف بيانها لا يدل بذاته على مواجهة الموضوع

وإذ رتب الحكم المطعون فيه على هذا الطلب سقوط حق الطاعنة في التمسك بشرط التحكيم فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ، وفضلاً عما تقدم فإنه لما كان الثابت أن شرط التحكيم ………. بمشارطة لإيجار موضوع الدعوى قد نص على إحالة كل ما ينشأ عنها من نزاع ……. التحكم في لندن 

وكان المشرع قد أقر الاتفاق على إجراء التحكيم في الخارج ولم ير في ذلك ما يمس لنظام ، فإنه يرجع في تقرير صحة شرط التحكيم وترتيبه لآثاره الى قواعد القانون الإنجليزي باعتباره قانون البلد الذي اتفق على إجراء التحكيم فيه بشرط ألا يكون في قواعد ذلك القانون ما يخالف قواعد النظام العام في مصر .

لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد تطرق- بعد أن قضى بسقوط حق الطاعنة في التمسك بشرط التحكيم- أن اعتباره هذا الشرط باطلا لهدم تضمنه أسماء المحكمين طبقا لما أوجبته المادة 503/3 مرافعات ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بإخضاعه هذا الشرك للقانون المصري دون القانون الإنجليزي الواجب التطبيق 

ولا محل للقول باستبعاد أحكام القانون الإنجليزي لمخالفتها لنص المادة 503/3 مرافعات- على فرض صحة ذلك- إذ أن مناط استبعاد أحكام القانون الأجنبي الواجب التطبيق- وفق المادة 28 من القانون المدني- هو أن تكون هذه الأحكام مخالفة للنظام العام في مصر أى متعارضة مع الأسس الاجتماعية والسياسية أو الاقتصادية أو الخلقية في الدولة مما يتعلق بالمصلحة العليا للمجتمع بما لا يكفي معه أن تتعارض مع نص قانوني آمر

وإذ كانت المادة 503/3 مرافعات بما اشترطته من وجوب بيان أسماء المحكمين في مشارطة التحكيم أو في اتفاق مستقل لا يتعلق بالنظام العام على النحو السالف بيانه فإن مخالفتها لا تنهض مبرراً لاستبعاد تطبيق القانون الأجنبي الواجب التطبيق . وحيث أنه لما تقد يتعين نقض الحكم المطعون فيه بغير حاجة لبحث باقي أسباب الطعن “

(الطعن رقم 714 لسنة 47ق جلسة 26/4/1982 س43 ص442)

وبأنه “شرط التحكيم . عدم تعلقه بالنظام العام , مؤداه . ليس للمحكمة أن تقضي بإعماله من تلقاء نفسها . وجوب التمسك به أمامها . جواز النزول عنه صراحة أو ضمناً سقوط الحق فيه لو أثير بعج الكلام في الموضوع ”

(نقض جلسة 15/2/1972 س23 ج2 ص168 ، نقض جلسة 6/1/1976 س27 ج1 ص138 ، نقض جلسة 26/4/1982 س32 ج1 ص138 ، الطعن رقم 3608 لسنة 58ق جلسة 21/12/1998)

 أحكام محكمة النقض عن التحكيم في مصر

شرح التحكيم في القانون المصري

 إذا كان مفاد نص المادة 818 من قانون المرافعات السابق الذي ينطبق على واقعة الدعوى- وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض- تخول المتعاقدين الحق في الالتجاء الى التحكيم لنظر ما قد ينشأ بينهم من نزاع كانت تختص به المحاكم أصلاً ، فإن اختصاص جهة التحكيم بنظر النزاع

وإن كان يرتكن أساساً الى حكم القانون الذي أجاز استثناء سلب اختصاص جهات القضاء إلا أنه ينبني مباشرة وفي كل حالة على حدة اتفاق الطرفين ، وهذه الطبيعة الاتفاقية التي يتسم بها شرط التحكيم ، وتتخذ قواما لوجوده تجعله غير متعلق بالنظام العام

فلا يجوز للمحكمة أن تقضي بأعماله من تلقاء نفسها ، وإنما يتعين التمسك به أمامها ، ويجوز النزل عنه صراحة أو ضمنا ، ويسقط الحق فيه ، فيما لو أثير متأخراً بعد الكلام في الموضوع ، إذ يعتبر السكوت عن إبدائه قبل نظر الموضوع نزولاً ضمنياً عن التمسك به .

 (الطعن رقم 194 لسنة 37ق جلسة 15/2/1972)

إذا كان الطرفان حددا في مشارطة التحكيم موضوع النزاع القائم بينهما بشأن تنفيذ عقد مقاولة ونصا على تحكيم المحكمة لحسم هذا النزاع وحددا مأموريته بمعاينة الأعمال التي قام بها المقاول لمعرفة مدى مطابقتها للمواصفات والأصول الفنية من عدمه وتقدير قيمة الصحيح من الأعمال كما نصا في المشارطة على تفويض المحكم في الحكم والصلح

وكان ذلك التفويض بصيغة عامة لا تخصيص فيها فإن المحكم إذا اصدر حكمه في الخلاف وحدد في منطوقه ما يستحقه المقاول عن الأعمال التي قام بها جميعا حتى تاريخ الحكم بمبلغ معين فإنه لا يكون قد خرج عن حدود المشارطة أو قضى بغير ما طلبه الخصوم .

(الطعن رقم 586 لسنة 25ق جلسة 30/11/1961)

إذا كانت مشارطة التحكيم- المطلوب الحكم ببطلانها- هى عقد رضائي توافرت عناصره من إيجاب وقبول صحيحين بين طرفين ، وكان موضوع النزاع مما يجوز التحكيم فيه وقد وقع محكمان على المشارطة وأقر المحكم الثالث كتابة بقبوله مهمة التحكيم ، فإن المشارطة تكون قد انعقدت صحيحة ويكون طلب الحكم ببطلانها على غير أساس .

(الطعن رقم 489 لسنة 37ق جلسة 24/3/1973)

التحكيم لا يتعلق بالنظام العام فلا يجوز للمحكمة أن تقضي بإعماله من تلقاء نفسها ، وإنما يتعين التمسك به أمامها ، ويجوز النزول عنه صراحة أو ضمنا ويسقط الحق فيه لو أثير متأخراً بعد الكلام في الموضوع إذ يعتبر السكوت عن إبدائه قبل نظر الموضوع  نزولاً ضمنياً عن التمسك به ، ومن ثم فإن الدفع بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم لا يعد دفعا موضوعيا مما ورد ذكره في المادة 115/1 من قانون المرافعات .

(الطعن رقم 9 لسنة 42ق جلسة 6/1/1976)

التحكيم طريق استثنائي لفض الخصومات . قوامه . الخروج على طرق التقاضي العادية وما تكفله من ضمانات ، ومن ثم فهو مقصور حتما على ما تنصرف إرادة المحتكمين الى عرضه على هيئة التحكيم

وقد أوجبت المادة 822 من قانون المرافعات السابق أن تتضمن مشارطة التحكيم تعيينا لموضوع النزاع حتى تتحدد ولاية المحكمين ، ويتسنى رقابة مدى التزامهم حدود ولايتهم . كما أجاز المشرع في نفس المادة أن يتم ذلك التحديد أثناء المرافعة أمام هيئة التحكيم .

(الطعن رقم 275 لسنة 36ق لسنة 16/2/1971)

آثار العقد وفقاً لنص المادة 145 من القانون المدني لا تنصرف الى الغير الذي لم يكن طرفا فيه ولم تربطه صلة بأى من طرفيه ، سواء كانت هذه الآثار حقا أم التزاما 

وإذا كان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعنة (المشترية) قد اتفقت مع الشركة البائعة بمقتضى عقد البيع المبرم بينهما على أن كل نزاع ينشأ عن هذا العقد يكون الفصل فيه من اختصاص هيئة تحكيم ، وإذ لم الشركة الناقلة طرفاً في هذا العقد ، وإنما تتحدد حقوقها والتزاماتها على أساس عقد النقل المبرم بينها وبين الشركة البائعة 

فإن شرط التحكيم الوارد في عقد البيع لا يمتد أثره الى الشركة الناقلة ، ولا يجوز لها التمسك به عند قيام النزاع بين هذه الأخيرة وبين الطاعنة (المشترية) وذلك تطبقا لمبدأ القوة الملزمة للعقود .

(الطعن رقم 510 لسنة 35ق جلسة 20/1/1971)

 التحكيم طريق استثنائي لفض الخصومات . قوامه . الخروج عن طريق التقاضي العادية وما تكفله من ضمانات فهو يكون مقصورا حتما على ما تنصرف إرادة المحتكمين الى عرضه على هيئة التحكيم ولا يصح تبها لذلك إطلاق القول في خصوصه بأن قاضي الأصل هو قاضي الفرع 

فإذا كان الحكم المطعون فيه قد أبطل حكم هيئة التحكيم ببطلان عقد شركة لعدم مشروعية الغرض منها ، وذلك بناء على أن مشارطة التحكيم لم تكن لتجيز ذلك لأنها تقصر ولاية المحكمين على بحث المنازعات الخاصة بتنفيذ عقد الشركة فضلاً عما اعترض به أمام هيئة التحكيم من أنها ممنوعة من النظر في الكيان القانوني لعقد الشركة ، فهذا الحكم لا يكون قد خالف القانون في شيء .

(الطعن رقم 149 لسنة 19ق جلسة 3/1/1952)

مفاد نص المادة 818 من قانون المرافعات تخويل المتعاقدين الحق في الالتجاء الى التحكيم لنظر ما قد ينشأ بينهم من نزاع كانت تختص به المحاكم أصلا . فاختصاص جهة التحكيم بنظر النزاع وإن كان يرتكن أساسا الى حكم القانون الذي أجاز استثناء سلب اختصاص جهات القضاء 

إلا أنه ينبني مباشرة وفي كل حالة على حدة على اتفاق الطرفين ، وهذه الطبيعة الاتفاقية التي يتسم بها شرط التحكيم وتتخذ قواما لوجوده تجعله غير متعلق بالنظام العام ،

فلا يجوز للمحكمة أن تقضي بأعماله من تلقاء نفسها ، وإنما يتعين التمسك به أمامها ، ويجوز النزول عنه صراحة أو ضمنا ، ويسقط الحق فيه فيما لو أثير متأخراً بعد الكلام في الموضوع ، إذ يعتبر السكوت عن إبدائه قبل  نظر الموضوع نزولاً ضمنياً عن التمسك به .

(الطعن رقم 167 لسنة 31ق جلسة 24/5/1966)

متى كانت محكمة الموضوع قد أخذت في تفسير مشارطة التحكيم بالظاهر الذي ثبت لديها فأعملت مقتضاه فإنه لا يكون عليها أن تعدل عن هذا الظاهر الى سواه إلا إذا تبينت أن ثمة ما يدعو الى هذا العدول .

(الطعن رقم 176 لسنة 24ق جلسة 19/6/1958)

قيام القوة القاهرة لا يكون من شأنه إهدار شرط التحكيم المتفق عليه وإنما كل ما يترتب عليه هو وقف سريان الميعاد المحدد لعرض النزاع على التحكيم أن كان له ميعاد محدد .

(الطعن رقم 406 لسنة 30ق جلسة 17/6/1965)

أن المشرع استقصى الدعاوى الواجب شهرها وهى جميع الدعاوى التي يكون الغرض منها الطعن في التصرف القانوني الذي يتضمنه المحرر واجب الشهر وجوداً أو صحة أو نفاذاً وكذلك دعاوى الاستحقاق و دعوى صحة التعاقد وجعل التأشير بهذه الدعاوى أو تسجيلها يكون بعد إعلان صحيفة الدعوى وقيدها بجدول المحكمة ورتب على تسجيل الدعاوى المذكورة أو التأشير بها أن حق المدعى إذا تقرر بحكم يؤشر به طبق القانون فيكون حجة على من ترتبت لهم حقوق عينية من تاريخ تسجيل الدعاوى أو التأشير بها

ولما كان الثابت أن التحكيم ليس من قبيل الدعاوى التي هى سلطة مخولة لصاحب الحق في الالتجاء الى القضاء للحصول على تقرير حق له أو لحمايته ، كما أن مشارطة التحكيم لا تعد من قبيل التصرفات المنشئة أو الكاشفة لحق عيني عقاري أصلي أو من قبيل صحف الدعاوى وإنما هى مجرد اتفاق على عرض نزاع معين على محكمين والنزول على حكمهم ولا يتضمن مطالبة بالحق أو تكليفا للخصوم بالحضور أمام هيئة التحكيم

مما مفاده أن مشارطة التحكيم لا تكون من قبيل التصرفات أو الدعاوى الواجب شهرها وفقاً لأحكام المادتين 15 ، 17 من القانون رقم 114 لسنة 1964 بتنظيم الشهر العقاري وأن سجلت أو أشر بها لا يترتب على ذلك أن الحق المدعى به إذا تقرر بحكم المحكم وتأشر به أن يكون حجة على من ترتبت لهم حقوق عينية ابتداء من تاريخ تسجيل مشارطة التحكيم لأن هذا يتعلق بالدعاوى فقط .

(الطعن رقم 935 لسنة 44 ق جلسة 10/6/1980)

مجرد تحرير مشارطة التحكيم والتوقيع عليها لا يقطع أيهما في ذاته مدة التقادم ، لأن المشارطة ليست إلا اتفاقاً على عرض نزاع معين على محكمين والنزول على حكمهم ، ولا تتضمن مطالبة بالحق أو تكليفا للخصوم بالحضور أمام هيئة التحكيم وإنما يمكن أن يحصل الانقطاع نتيجة للطلبات التي يقدمها الدائن للمحكمين أثناء السير في التحكيم إذا كانت تتضمن تمسكه بحقه

لأن قانون المرافعات نظم إجراءات التحكيم على نحو يماثل إجراءات الدعوى العادية وألزم المحكمين والخصوم باتباع الأصول والمواعيد المتبعة أمام المحاكم إلا إذا حصل إعفاء المحكمين منها صراحة كما أوجب صدور الحكم منها على مقتضى قواعد القانون الموضوعي .

(الطعن رقم 577 لسنة 34ق جلسة 30/1/1969)

يقصد بميعاد التحكيم أو مدة التحكيم المهلة المحددة لإصدار حكم المحكمين والتي تنتهي بانتهائها خصومة التحكيم ، وتحديد مدة التحكيم يحقق ميزة جوهرية وهى سرعة الفصل في الخصومة .

إن مفاد نص المادة 831 من قانون المرافعات الملغاة أن الميعاد المحدد للتحكيم يمتد ثلاثين يوما في حالة تعيين محكم بدلاً من المحكم المعزول أو المعتزل سواء تم التعيين يحكم من المحكمة أو باتفاق الخصوم وذلك إفساحا في الوقت ليتسنى لمن خلف المحكم المعتزل أو المعزول دراسة موضوع النزاع ولأن تغيير المحكم يستوجب إعادة المرافعة أمام المحكمين وينبني على ذلك أن انتهاء أجل المشارطة لا يستتبع حتماً انقضائها إذ أن هذا الأجل قابل للامتداد وفقاً لصريح نص المادة 731 مرافعات سالفة الذكر .

 (الطعن رقم 433 لسنة 30ق جلسة 26/10/1965)

 الميعاد المحدد في مشارطة التحكيم لإصدار الحكم في النزاع المعروض على الهيئة يقف سريانه حتى يصدر من المحكمة المختصة حكم في الدعوى- المرفوعة قبل انقضائه بطلب تعيين محكم آخر بدلاً ممن تنحى عملا بالمادة 838 من قانون المرافعات السابق ، وذلك بحسبان هذه المسألة مسألة عارضة تخرج عن ولاية المحكمين ، ويستحيل عليهم قبل الفصل فيها مواصلة السير في التحكيم المنوط بها .

 (نقض 24/2/1973 طعن رقم 489 لسنة 37ق)

مقتضى خلو مشارطة التحكيم من تحديد ميعاد التحكيم الذي يصدره المحكم أن يكون الميعاد هو ما حددته المادة 713 من قانون المرافعات (القديم) في حالة عدم اشتراط ميعاد الحكم وهو ثلاثة أشهر من تاريخ تعيين المحكم ولا يجوز تعديل مشارطة التحكيم إلا باتفاق الطرفين المتحكمين .

(الطعن رقم 586 لسنة 25ق جلسة 30/11/1961)

التحكيم طريق استثنائي لفض الخصومات . قوامه . الخروج على طرق التقاضي العادية وما تكفله من ضمانات ، ومن ثم فهو مقصور حتماً على ما تنصرف إرادة المحتكمين الى عرضه على هيئة التحكيم وقد أوجبت المادة 822 من قانون المرافعات القديم (ملغاة وتقابلها المادة 10 من القانون الجديد رقم 27 لسنة 1994) أن تضمن مشارطة التحكيم تعييناً لموضوع النزاع حتى تتحدد ولاية المحكمين ويتسنى رقابة مدى التزامهم حدود ولايتهم ” .

(نقض ، الطعن رقم 275 لسنة 36ق جلسة 16/2/1971 – مجموعة الأحكام ج1 س22 ص179)

فسند الشحن على سبيل المثال هو في الأصل دليل الشاحن أو المرسل إليه قبل الناقل ، فإنه يتعين أن يفرغ فيه كافة الشروط الخاصة بعملية النقل بحيث إذا ما اتفق بين طرفى عقد النقل على الالتجاء الى التحكيم في شأن ما قد يثور بينهما من منازعات يتعين أن ينص عليه صراحة في ذلك السند

ولا محل للإحالة المجهلة في أمره- بالنظر الى خطورته- الى مشارطة إيجار السفينة وأن الشاحن أو المرسل إليه لم يكن أياً منهما طرفاً في نلك المشارطة وإذا خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتد بالإحالة العامة الواردة في سند الشحن الى كافة شروط وبنود مشارطة إيجار السفينة والتي تضمنت في البند العشرين منها الاتفاق على التحكيم باعتبارها مندمجة في سند الشحن فإنه يكون قد شابه القصور في التسبيب جره الى الخطأ في تطبيق القانون وتأويله.

(الطعن رقم 2267 لسنة 54ق جلسة 13/7/1992 مكتب فني 43)

تخويل المتعاقدين الحق في الالتجاء الى التحكيم لنظر ما قد ينشأ بينهم من نزاع كانت تختص به المحاكم أصلا ، فاختصاص جهة التحكيم بنظر النزاع وإن كان يرتكن أساسا الى حكم القانون الذي أجاز استثناء سلب اختصاص جهات القضاء ، إلا أنه ينبني مباشرة على اتفاق الطرفين ، وأنه ليس في القانون ما يمنع أن يكون التحكيم في الخارج وعلى يد أشخاص غير مصريين.

فالتحكيم طريق استثنائي لفص الخصومات . قوامه . الخروج على طرق التقاضي فهو مقصور على ما تنصرف إرادة المحتكمين الى عرضه على هيئة التحكيم ،

يستوي في ذلك أن يكون الاتفاق على التحكيم في نزاع معين بوثيقة خاصة أو انصرف الى جميع المنازعات التي تنشأ عن تنفيذ عقد معين فلا يمتد نطاق التحكيم الى عقد لم تنصرف إرادة الطرفين الى فض النزاع بشأنه عن طريق التحكيم ، أو الى اتفاق لاحق له ما لم يكن بينهما رباط لا ينفصم بحيث لا يستكمل- دون الجمع بينهما- اتفاق ، أو يفض مع الفصل بينهما الخلاف .

ولمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وإعطائها وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح وتفسير العقود والإقرارات وسائر المحررات والشروط المختلف عليها واستظهار نية طرفيها بما تراه أوفى بمقصدها مادامت قد أقامت قضائها على أسباب سائغة وطالما لم تخرج في تفسيرها عن المعنى الظاهر لعبارتها .

لما كان ذلك ، وكان البين من الحكم الابتدائي- المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه خلص وفي نطاق ما لمحكمة الموضوع من سلطة تقديرية- الى أن المديونية الثابتة بالمحرر المؤرخ   /  /1978 ناشئة عن عقد المقاولة المؤرخ   /   / 1974 المبرم بين الطرفين والذي تضمن البند 24 منه تنظيم وسيلة التحكيم في جميع المنازعات والخلافات التي تثور بينهما عند تنفيذ هذا العقد أو تفسيره أو التي تنشأ بسببه أو في حالة وقفه أو إنهائه مطرحاً دفاع الطاعنة بأن المطالبة محل الدعوى سندها إقرارا بالمديونية مستقل بذاته عن العقد

ورتبت على ذلك قضائها بقبول الدفع المبدي من المطعون عليها بعدم اختصاصها بنظر الدعوى واختصاص هيئة التحكيم بجنيف بالفصل فيها طبقا لشروط التحكيم المتفق عليه بالعقد سالف الإشارة وكان هذا الاستخلاص سائغا وله سنده من أوراق الدعوى ويكفي لحمل قضاء الحكم المطعون فيه والرد على دفاع الطاعن الذي تمسك به فإن النعى على الحكم يكون على غير أساس .

(نقض مدني ، الطعن رقم 52 لسنة 60ق جلسة 27/2/1994 – مجموعة الأحكام س45)

التحكيم طريق استثنائي سنه المشرع لفض الخصومات . قوامه . الخروج على طرق التقاضي العادية وما تكفله من ضمانات ، ومن ثم فهو مقصور حتما على ما تنصرف إليه إرادة المحتكمين على عرضه على هيئة التحكيم

فأوجبت المادة 501 من قانون المرافعات- المنطبقة على الدعوى (المقابلة للمادة 10 من القانون رقم 27 لسنة 1994) أن تتضمن وثيقة التحكيم تعييناً لموضوع النزاع حتى تتحدد ولاية المحكمين ويستثنى رقابة مدى التزامهم حدود ولايتهم وأجاز المشرع في ذات المادة أن يتم هذا التحديد أثناء المرافعة أمام هيئة التحكيم ورتب المشرع جزاء البطلان على مخالفة ذلك .

(نقض مدني ، الطعن رقم 4173 لسنة 61ق جلسة 21/6/1997 – مجموعة الأحكام س48)

اشترط المشرع في الفقرة الثانية من المادة العاشرة من القانون رقم 27 لسنة 1994 الخاص بالتحكيم وجوب أن يحدد الاتفاق على التحكيم المسائل التي يشملها وإلا كان الاتفاق باطلا ورتبت المادة 53/1 منه جراء البطلان إذا فصل حكم التحكيم في مسائل لا يشملها الاتفاق أو جاوز حدوده بما يستتبع وبالضرورة أن تتولى هيئة التحكيم تفسير نطاق هذا الاتفاق تفسيراً ضيقاً يتفق وطبيعته .

(نقض ، الطعن رقم 86 لسنة 70ق جلسة 26/11/2002)

الشرط والمشارطة يعبران عن معنى واحد هو اتفاق التحكيم أى اتفاق الطرفين على الالتجاء الى التحكيم لتسوي كل أو بعض المنازعات المبينة بذلك الاتفاق ، إلا أن شرط التحكيم يكون دائماً سابقاً على قيام النزاع سواء قام مستقلاً بذاته أو ورد ضمن عقد معين

ومن ثم فإنه لا يتصور أن يتضمن تحديداً لموضوع النزاع الذي لم ينشأ بعد ولا يكون في مكنه الطرفين التنبؤ به حصراً ومقدماً ، ومن هنا لم يشترط المشرع أن يتضمن شرط التحكيم تحديداً لموضوع النزاع وأوجب ذلك في بيان الدعوى المنصوص عليه في المادة 30 من قانون التحكيم المصري- كل ذلك خلافاً لما هو مقرر بشأن مشارطة التحكيم اعتباراً بأنها اتفاق على الالتجاء الى التحكيم كذلك ولكنه اتفاق لاحق على قيام النزاع ومعرفة موضوعه 

ومن ثم أوجب المشرع أن يتضمن تحديداً للمسائل التي يشملها التحكيم وإلا كان الاتفاق باطلاً والحاصل في الدعوى الماثلة أن اتفاق الطرفين على الالتجاء الى التحكيم كان سابقاً على قيام النزاع بينهما فاتخذ صورة شرط التحكيم كما ورد بيانه في الفقرة الأولى من المادة 13/1 من عقد النزاع وقد أورد الحكم الطعين نص هذا الشرط حرفياً في الفقرة العاشرة من مدوناته الأمر الذي يتحقق به مطلوب الشارع وفقا لنص المادتين 10 ، 43 من قانون التحكيم المصري .

(استئناف القاهرة “الدائرة 91 تجاري” دعوى رقم 49 لسنة 122ق تحكيم ، جلسة 26/4/2006)

 المحكمة- بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة .

حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .

وحيث أن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الشركة  الطاعنة أقامت الدعوى رقم ……. لسنة …… مدني شمال القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليها بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدي مبلغ مليون وخمسمائة وستة وستين ألف وخمسمائة وتسعة عشر فرنكاً سويسرياً و75 سنتيما ،

وقالت بياناً لدعواها أنها تداين المطعون عليها بهذا المبلغ نتيجة لما أسفرت عنه عملية مقاولة من الباطن في مجال المسح والتصوير الجوي الخرائط طبقا للثابت من إقرارها المؤرخ 22/10/1978 ، وإذ امتنعت المطعون عليها عن سداده رغم إنذارها بتاريخ 15/12/1984 فقد أقامت الدعوى بتاريخ 10/1/1988 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وباختصاص هيئة التحكيم بجنيف بنظرها طبقاً لعقد الاتفاق المؤرخ 31/7/1974 

استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 2041 سنة 102ق ، وبتاريخ 8/11/1989 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف . طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض ، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم المطعون فيه وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها .

وحيث أن الطعن أقيم على سبب واحد تنعى به الطاعنة على الحكم المطعون فيه أمام محكمة الاستئناف بدفاع حاصله أن الحكم الابتدائي أخطأ – إذ قضى بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وباختصاص هيئة التحكيم في جنيف بالفصل فيها على ما ذهب إليه من أن مبنى المديونية هو عقد المقاولة المبرم بين الطرفين في 31/7/1974

والذي تضمن شرط التحكيم في حين أن الدعوى مطالبة بدين سندها إقرار المطعون عليها بالمديونية المؤرخ 22/10/1978- الملزم لها- ولا تعتبر في تكييفها القانوني الصحيح منازعة ناشئة عن ذلك العقد مما يدور حول تنفيذه أو تفسيره أو وقفه أو إنهائه غير أن الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذا الدفاع إيراداً وارداً وقضى بتأييد الحكم المستأنف معتنقاً الأسباب التي أقيم عليها وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه .

وحيث أن هذا النعى في غير محله

ذلك أن مفاد ما نصت عليه المادة 501 من قانون المرافعات – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- تخويل المتعاقدين الحق في الالتجاء الى التحكيم لنظر ما قد ينشأ بينهم من نزاع كانت تختص به المحاكم أصلاً ، فاختصاص جهة التحكيم بنظر النزاع

وإن كان يرتكن أساساً الى حكم القانون الذي أجاز استثناء سلب اختصاص جهات القضاء إلا أنه ينبني مباشرة على اتفاق الطرفين ، وأنه ليس في القانون ما يمنع أن يكون التحكيم في الخارج وعلى يد أشخاص غير مصريين 

ولأن التحكيم طريق استثنائي لفض الخصومات . قوامه . الخروج على طرق التقاضي العادية فه مقصور على ما تنصرف إليه إرادة المحتكمين الى عرضه على هيئة التحكيم ، يستوي في ذلك أن يكون الاتفاق على التحكيم في نزاع معين أو وثيقة خاصة أو انصرف الى جميع المنازعات التي تنشأ عن تنفيذ عقد معين فلا يمتد نطاق التحكيم الى عقد لم تنصرف إرادة الطرفين الى فض النزاع بشأنه عن طريق التحكيم 

أو الى اتفاق لاحق له ما لم يكن بينهما رباط لا ينفصم بحيث لا يستكمل- دون الجمع بينهما- اتفاق ، أو يفض- مع الفصل بينهما- خلاف ، كما أن المقرر- في قضاء هذه المحكمة – أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الوقائع في الدعوى وإعطائها وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح

وتفسير العقود والإقرارات وسائر المحررات والشروط المختلف عليها واستظهار نية طرفيها بما تراه أو في بمقصدها مادامت قد أقامن قضائها على أسباب سائغة ، وطالما أنها لم تخرج في تفسيرها عن المعنى الظاهر لعباراتها .

لما كان ذلك ، وكان البين من الحكم الابتدائي- المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه خلص وفي نطاق ما لمحكمة الموضوع من سلطة تقديرية- الى أن المديونية الثابتة بالمحرر المؤرخ 22/10/1978 ناشئة عن عقد المقاولة المؤرخ 31/7/1974 المبرم بين الطرفين والذي تضمن البند 24 منه تنظيم وسيلة التحكيم في جميع المنازعات والخلافات التي تثور بينهما عند تنفيذ هذا العقد أو تفسيره

أو التي تنشأ بسببه أو في حالة وقفه أو إنهائه مطرحاً دفاع الطاعنة بأن المطالبة محل الدعوى سندها إقرار بالمديونية مستقل بذاته عن العقد ورتبت على ذلك قضائها بقبول الدفع المبدي من المطعون عليها بعدم اختصاصها بنظر الدعوى واختصاص هيئة التحكيم بجنيف بالفصل فيها طبقا لشرط التحكيم المتفق عليه بالعقد سالف الإشارة ، وكان هذا الاستخلاص سائغا وله سنده من أوراق الدعوى ويكفي لحمل قضاء الحكم المطعون فيه والرد على دفاع الطاعن الذي تمسك به فإن النعى على الحكم بما ورد بسبب الطعن يكون على غير أساس .

(الطعن رقم 52 لسنة 60ق جلسة 27/2/1994 س45 ص445)

المسائل التي انصب عليها التحكيم وبالتالي كانت سبباً للالتزام في السند إنما تتناول الجريمة ذاتها وتستهدف تحديد المسئول عنها وهى من المسائل المتعلقة بالنظام العام فلا يجوز أن يرد الصلح عليها وبالتالي لا يصح أن تكون موضوعاً لتحكيم وهو ما يستتبع أن يكون الالتزام المثبت في السند باطلاً لعدم مشروعية سببه وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون مما يوجب نقضه .

(نقض 2/12/1980 ، الطعن رقم 625 لسنة 47ق ج2 س31 ص1989)

الاتفاق على التحكيم- اشتماله على منازعات لا يجوز فيها التحكيم . أثره . بطلان هذا الشق وحده ما لم يثبت مدعى البطلان أن هذا الشق لا ينفصل عن جملة الاتفاق .

(نقض 19/11/1987 ، الطعن رقم 1479 لسنة 53ق)

 التحكيم هو مشارطة بين متعاقدين أى اتفاق على التزامات متبادلة بالنزول على حكم المحكمين ، وبطلان المشارطات لعدم الأهلية هو بحكم المادتين 131 ، 132 من القانون المدني بطلان نسبي يخص عديم الأهلية فلا يجوز لذي الأهلية التمسك به .

(نقض ، الطعن رقم 73 لسنة 71ق جلسة 18/11/1948)

تنص المادة 501 من قانون المرافعات في فقرتها الرابعة (المقابلة للمادة 11 من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994) على أنه

 لا يجوز التحكيم في المسائل التي لا يجوز فيها الصلح ….

وفي المادة 551 من القانون المدني على أنه :

لا يجوز الصلح في المسائل المتعلقة بالحالة الشخصية أو بالنظام العام … فإن مفاد ذلك- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- أنه لا يجوز التحكيم بصدد تحديد مسئولية الجاني عن الجريمة الجنائية وإلا عد باطلاً لمخالفته للنظام العام 

ولما كان البين من محضر التحكيم والصلح المؤرخ 12/4/1984 – محل التداعي – أنه فصل في مسألة جنائية هى ما أسند الى شقيق الطاعن الثاني من اتهام بقتل المطعون عليه الأول- منتهياً الى ثبوت هذا الاتهام في حقه على ما قالة أنه تبين للمحكمين أن المتهم …… (شقيق الطاعن الثاني) هو القاتل الحقيقي للمجني عليه …….. (شقيق المطعون عليه الأول)

وأن باقي المتهمين وهم ………….. فلم يثبت لديهم اشتراكهم في الجريمة إذ نفى شقيق المجني عليه اشتراكهم في قتله أو اتهامه لهم ، وأنه تأسيسا على ذلك حكموا على الطاعنين بدفع عشرين ألف جنيه للمطعون عليه بشرط ألا يرد الاعتداء ، بما مؤداه أن التحكيم انصب على جريمة القتل العمد ذاتها واستهدف تحديد المتهم بالقتل وثبوت الاتهام في حقه 

وأنها كانت سبباً للإلزام بالمبلغ المحكوم به على نحو ما أورده حكم المحكمين ، وإذ كانت هذه المسألة تتعلق بالنظام العام لا يجوز أن يرد الصلح عليها وبالتالي لا يصح أن تكون موضوعاً لتحكيم مما لازمه بطلان الالتزام الذي تضمنه حكم المحكمين لعدم مشروعية سببه .

(نقض مدني ، الطعن رقم 795 لسنة 60ق جلسة 26/5/1996 مجموعة الأحكام س47)

 اختصاص قاضي الأمور المستعجلة بنظر المسائل المستعجلة ولو كان النزاع أصل الحق مرفوعا أمام المحكمين :

يترتب على التحكيم حرمان الخصوم من الالتجاء الى القضاء بصدد الموضوع المتفق عليه على التحكيم ، وهذا لا ينفي على وجع الإطلاق اختصاص القضاء المستعجل بنظر طلب اتخاذ الإجراءات الوقتية المتعلقة بها الموضوع . (أبو الوفا ، مرجع سابق) .

واتجه رأى الى أن قاضي الأمور المستعجلة لا يختص بنظر المسائل المستعجلة إذا كان النزاع الموضوعي مطروحا بالفعل على المحكمين .

(برنار ، مرجع سابق ص 66)

ونحن لا نسلك بهذا الرأى لأن المشرع المصري لا يسلب اختصاص قاضي الأمور المستعجلة ولو كان النزاع على أصل الحق مطروحا على محكمة الموضوع ، وعلى ذلكم يختص قاضي الأمور المستعجلة بنظر المسائل المستعجلة ولو كان النزاع على أصل الحق مرفوعا أمام المحكمين .

وإنما إذا اتفق الخصوم صراحة في عقد التحكيم على أن المحكم يختص وحده أيضا بنظر المسائل المستعجلة فمن الواجب احترام هذا الاتفاق

ومع ذلك حكم بأنه حتى في حالة الاتفاق الصريح على اختصاص المحكم وحده بنظر المسائل المستعجلة التي يخشى عليها من فوات الوقت فإن القضاء المستعجل يختص بنظر تلك المسائل إذا لم يكن من الميسور لهيئة التحكيم أن تفصل على الفور فيها لسبب يتصل بتشكيلها مثلا أو لأى سبب جدي آخر .

وإذن ، يختص قاضي الأمور المستعجلة أو قاضي التنفيذ بوصفه قاضيا مستعجلا بنظر المسائل المستعجلة ولو كان هناك اتفاق على التحكيم ، أو كان النزاع الموضوعي مطروحا على المحكم ، أو كان قد أصدر حكمه فيه . وهذا الاختصاص المؤقت بنظر تلك المسائل المستعجلة لا ينفي أيضا اختصاص المحكم بها بوصفه (محكمة موضوع) ما لم يمنع من نظرها باتفاق صريح بين الخصوم .

 أما إذا منع اتفاق الخصوم اختصاص القاضي المستعجل بنظر المسائل المستعجلة ، فإن هذا لا ينفي اختصاصه إذا كان هناك خطر دائم لا يجدي لتفاديه الالتجاء الى المحكم ، أو ليس من الميسور الالتجاء إليه على ما قدمناه ، لأن نظام القضاء المستعجل هو من الضمانات الجوهرية لحماية مصالح المواطنين المتعلقة بالنظام العام .

لا يجوز للمحكم إصدار أوامر على عرائض :

القاعدة في القانون المصري أن الأوامر على العرائض لا تصدر إلا في الأحوال المقررة في التشريع ، ومن قاضي الأمور الوقتية أو من يشير إليه المشرع ، فالمادة 194 تقول ” في الأحوال التي يكون فيها وجه في استصدار أمر يقدم عريضة بطلبه الى قاضي الأمور الوقتية بالمحكمة المختصة ….الخ” .

ومن ثم لا يملك المحكم إصدار أوامر على عرائض تنفذ معجلا بقوة القانون ، وهذا طبيعي لأن إصدار هذه الأوامر يدخل في الوظيفة الولائية للمحاكم – أى الإدارية – ولا يملك إصدارها إلا قضائها .

(أبو الوفا ، التحكيم ، مرجع سابق) .

وقد قضت محكمة النقض بأن الأوامر على العرائض – وعلى ما يبين من نصوص الباب العاشر من الكتاب الأول لقانون المرافعات- هى الأوامر التي يصدرها قضاة الأمور الوقتية بما لهم من سلطة ولائية وذلك على الطلبات المقدمة إليهم من ذوي الشأن على العرائض وهى خلاف القاعدة في الأحكام القضائية تصدر في غيبة الخصومة ودون تسبيب بإجراء وقتي أو تحفظي في الحالات التي تقتضي السرعة أو المباغتة .

لما كان ذلك ، وكان الأصل أن القاضي لا يباشر عملاً ولائياً إلا في الأحوال التي وردت في التشريع على سبيل الحصر ، وتمشياً مع هذا الأصل وحرصاً من المشرع على عدم الخروج بهذه السلطة الوقتية الى غير ما يستهدف منها قضى في المادة 194 من قانون المرافعات بعد تعدليها بالقانون رقم 23 لسنة 1992 بتقييد سلطة القاضي في إصدار الأمر على عريضة بحيث لا يكون له-

وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية- أن يصدر هذا الأمر في غير الحالات التي يرد فيها نص خاص يجيز له إصداره ، وإذ كان لا يوجد نص في القانون يجيز انتهاج طريق الأوامر على عرائض لوقف تسييل خطابات الضمان فإن الحكم المطعون فيه قد قضى بتأييد الأمر على عريضة الصادر بوقف تسييل خطابي الضمان محل النزاع لصالح الجهة المستفيدة (الطاعنة) وبإيداع قيمتها أمانة لدى البنك المطعون ضده الثاني يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن

ولا ينال من ذلك الاعتصام بما نصت عليه المادة 14 من قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 27 لسنة 1994 من أنه

” يجوز للمحكمة المشار إليها في المادة 9 من هذا القانون أن تأمر ، بناء على طلب أحد طرفى التحكيم ، باتخاذ تدابير مؤقتة أو تحفظية سواء قبل البدء في إجراءات التحكيم أو أثناء سيرها” ، إذ أن سلطة المحكمة في هذا الشأن مرهون إعمالها بوجود نص قانوني يجيز للخصم الحق في استصدار أمر على عريضة فيما قد يقتضيه النزاع موضوع التحكيم من اتخاذ أى من هذه التدابير

وذلك إعمالاً للأصل العام في طريق الأوامر على العرائض الوارد في المادة 194 من قانون المرافعات بحسبانه استثناء لا يجرى إلا في نطاقه دون ما توسع في التفسير ، وإذا لم يرد في القانون- وعلى ما سلف القول- نص خاص يبيح وقف تسييل خطاب الضمان عن طريق الأمر على عريضة فإنه لا يجدى الحكم المطعون فيه الركون الى المادة 14 من قانون التحكيم المشار إليه سنداً لقضائه ”

(الطعن رقم 1975 لسنة 66ق جلسة 12/12/1996 مجموعة الأحكام س47 ق276 ص1514)

 اجراءات التنفيذ والتحفظ تخرج عن التحكيم

شرح التحكيم في القانون المصري

إذا كان التحكيم جائزا فيما يتعلق بكيفية تنفيذ ما اشتمل عليه العقد من التزامات وفيما يتعلق بمنح المدين مهلة للوفاء الاختياري إلا أنه لا يجوز بصدد المنازعات المتعلقة بصحة إجراءات التنفيذ أو بطلانها فهذه لا يحكم في مصيرها إلا القضاء المختص

لأن القاعدة أن إجراءات التنفيذ إنما يجري تحت إشراف القضاء ورقابته فلا يتصور مثلا أن يحكم محكم في صحة أو بطلان إجراءات التنفيذ على العقار التي تتم بواسطة قاضي التنفيذ ، أو يحكم ببطلان تسجيل تنبيه نزع الملكية دون محكمة التنفيذ التي حدد لها المشرع أوضاع وإجراءات ومواعيد خاصة في هذا الصدد .

ولا يجوز التحكيم أيضا بصدد اتباع وسائل أخرى لإجراء التنفيذ الجبري على المدين دون تلك الوسائل المقررة في قانون المرافعات لإجراء التنفيذ والتي تختلف باختلاف طبيعة المال الذي يجري عليه التنفيذ وما إذا كان في حيازة المدين المحجوز عليه أو غيره .

وإذا تطلب القانون لصحة إجراءات الحجز أو التنفيذ رفع دعوى معينة فلا يجوز بطبيعة الحال أن ترفع هذه الدعوى إلا الى المحكمة المختصة بها دون هيئة التحكيم ، لأن هذه الدعوى – تعد بمثابة إجراء في هذا الصدد ، فمثلا إذا اتفق على التحكيم بصدد عقد إيجار ، وعن للمؤجر توقيع الحجز التحفظي على المستأجر فيجب لتثبيته أن يرفع الدعوى بصحته أمام المحكمة المختصة دون هيئة التحكيم .

وإذن – وكقاعدة عامة – الاتفاق على التحكيم بصدد عقد ما لا يمنع أطرافه من توقيع الحجز بمختلف أنواعه رعاية لحقوقهم وتحفظا عليها أو اقتضاء لها .

وبعبارة أدق ، إذا كان التحكيم جائزا بصدد تصفية ما أسفرت عنه العلاقة بين الخصوم أو بصدد وسائل تنفيذ ما اتفقوا عليه …. الخ ، إلا أنه متى اصبح حق الدائن حال الأداء وتوافرت شروط توقيع الحجز اقتضاء له أو تحفظا عليه فلا مفر من التقرير بانتفاء سلطة المحكم في هذا الصدد ، فتكون إجراءات الحجز المقررة في قانون المرافعات هى الواجبة الاتباع وتكون المحاكم المعينة فيه هى المختصة وحدها للحكم بتثبيت الحجز وصحته .

وإذن ، إذا عن الدائن – بدين ثابت بالكتابة وتتوافر فيه الشروط المقررة في المادة 201 – حجر ما يكون لمدينه لدى الغير أو توقيع الحجز التحفظي وجب عليه أن يتبع ما رسمه له المشرع في المادة 210 من قانون المرافعات ، ولا يملك بأى حال من الأحوال الالتجاء الى التحكيم ، وإذا أثير النزاع في أصل التزام المدين جاز الاتفاق على التحكيم بصدده – أو تنفيذ التحكيم السابق الاتفاق عليه – وإنما صحة إجراءات الحجز لا تقضي بها إلا المحكمة المختصة بحكم القواعد العامة .

 تنص المادة 12 من قانون التحكيم المصري على وجوب كتابة الاتفاق على التحكيم وإلا كان باطلا ، ويكون الاتفاق مكتوبا إذا تضمنه محرر وقعه الطرفان ، أو إذا تضمنته ما يتم تبادله بينهما من مستندات مختلفة .

ومن ثم لا يشترط التوقيع على شرط التحكيم بصفة خاصة ، بل يكفي التوقيع على الوثيقة التي تضمنته ولو كانت هذه الأخيرة مطبوعة ، أو نموذجية ، أو معدة سلفا ، ما لم يوجد نص خاص يقضي بغير ذلك . مثال ذلك . المادة 750 مدني مصري التي تنص على أنه ” يقع باطلا … شرط التحكيم إذا ورد بين الشروط العامة المطبوعة لا في صورة اتفاق خاص منفصل عن الشروط العامة

(الجمال وعكاشة ، مرجع سابق ص391) 

وقد حكم بأنه ليس تحكيما وأن وصف بالتحكيم الاتفاق المكتوب على تحكيم أحد المقاولين لتقدير نفقات البناء ، وأن يكون تقديره نهائيا ، متى كانت الورقة لا تدل في مجموعها على أنها مشارطة تحكيم ، ويزيد هذا المعنى بيانا أن يرجع طرفاها الى المحكمة للفصل في النزاع ، فأحدهما يطلب غير ما قدر الخبير ، والثاني يطلب اعتماد التقدير لأنه صادر من محكم ، مما يدل على اعتقادهما وقت الاتفاق على أن القاضي هو الذي سيحكم في الدعوى ، فيجب على المحكمة أن تفصل في الدعوى من جديد بحسبان أن الذي ندب للتحكيم لم يزد على أن يكون خبيرا .

(محكمة سوهاج الجزئية 15/5/1939 المحاماة 20 ص375) .

وعلى قاضي الموضوع أن يستخلص من واقع الدعوى وظروف الحال حقيقة مقصود الخصوم من المعقد ، ومتى استخلص الوقائع الصحيحة في الدعوى وجب عليه وصفها وصفا مطابقا للقانون – أى وجب عليه إرساء القاعدة القانونية الصحيحة في التكييف – وهو يخضع في هذا الشأن لرقابة محكمة النقض .

وقد قضت محكمة النقض في ظل القانون القديم بأن :

المادة 711 من القانون القديم إذا أوجبت من جهة أن عقد التحكيم يكون بالكتابة ، وإذ أفادت المادة 750 من جهة أخرى ، أن أسماء المحكمين ووترية عددهم تكون في نفس المشارطة أو في ورقة سابقة عليها ، فذلك يفيد قطعا أن التحكيم المفوض فيه بالصلح هو بخصومه – على الأقل – لا يجوز فيه الرضاء الضمني .

(نقض 20/12/1934 طعن رقم 88 سنة 3ق) .

ويجب على القاضي أن يراعي كامل الحيطة والحذر عند تكييف العقد فلا يعتبره عقد تحكيم إلا إذا وضحت تماما إرادة الخصوم وكانت ترمي بجلاء الى هذا ، لأن التحكيم هو استثناء من الأصل العام في التشريع فلا يجبر شخص على سلوكه ولا يحرم من الالتجاء الى القضاء إلا عن رضاء واختيار .

(نقض فرنسي 12/6/1855 جازيت 28-1-55) .

ولما تقدم يجب أيضا على القاضي أن يلتزم كامل الحيطة والحذر عند تفسير عقد التحكيم ، فلا يعمل على التوسع في تحديد المنازعات الخاضعة للتحكيم .

(الفرديرنارد رقم 99) 

وقد قضت محكمة النقض – تطبيقا لما تقدم – بأنه :

إذ تبين من الحكم المطعون فيه أن النزاع ثار في الدعوى حول ما إذا كان المطعون عليه – مهندس – يستحق باقي أتعابه المتفق عليها ، ولم يحصل بين الطرفين خلاف حول تفسير أى نص من نصوص العقد ، أو إقرار المطعون عليه الذي وافق بمقتضاه على أن يتم صرف باقي مستحقاته عند البدء في تنفيذ المشروع وإنما تنكر عليه الشركة – الطاعنة – استحقاقه لهذه الأتعاب استنادا الى أنه لم يقم بتنفيذ كافة التزاماته الناشئة عن العقد 

وهى مسألة لا شأن لها بتفسيره وهو الموضوع الذي اقتصر الطرفان على عرض النزاع الذي تثور بشأنه على التحكيم . لما كان ذلك ، فإن الاختصاص ينعقد في الدعوى للقضاء صاحب الولاية العامة بالفصل في المنازعات .

(نقض 6/1/1976 – 27 – 138) .

قائمة مراكز التحكيم الدولية والمصرية والخليجية

  1. غرفة التجارة الدولية
  2. جمعية التحكيم الأمريكية
  3. محكمة لندن للتحكيم الدولي
  4. المعهد الألماني للتحكيم
  5. رابطة التحكيم السويسرية the Swiss Arbitration Association
  6. مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي
  7. مركز دبي للتحكيم الدولي
Print Friendly, PDF & Email
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض

الأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض خبرات قضائية فى القانون المدنى والملكية العقارية ودعاوى الإيجارات ودعاوى الموظفين قطاع حكومى وخاص وطعون مجلس الدولة والنقض ليسانس الحقوق 1997

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

©المقالة محمية بحقوق النشر الحقوق ( مسموح بالتحميل pdf في نهاية المقالة)

* { -webkit-touch-callout: none; /* iOS Safari */ -webkit-user-select: none; /* Safari */ -khtml-user-select: none; /* Konqueror HTML */ -moz-user-select: none; /* Old versions of Firefox */ -ms-user-select: none; /* Internet Explorer/Edge */ user-select: none; /* Non-prefixed version, currently supported by Chrome, Opera and Firefox */ }