عقد الإيجار والعقود المسماة الأخرى

فى هذا البحث ندرس  أوجه التشابه والاختلاف بين عقد الإيجار وعقود أخرى مثل عقد الوكالة و الشركة وعقد العمل و حق الانتفاع والارتفاق و عقد البيع والوديعة والعارية وذلك على ضوء النقض والقانون المدنى.

التشابه والاختلاف بين العقود

أهمية بحث التشابه بين الإيجار والعقود الأخرى فى القانون

تكمن الأهمية فى أنه قد يختلط عقدان من حيث التشابه لكنهما يختلفان فى الواقع ، وبسبب هذا الاختلاف تختلف أحكام وقواعد وشروط كل عقد منهم من الناحية القانونية ، فهناك عقود يشترط فيها الرسمية وهناك عقود يشترط فيها أن تكون مكتوبة والا لا يمكن اثباتها فى حالة فقدها .

ومن ثم كانت الأهمية فى التعرف على أوجه التشابه والاختلاف بين عقد الايجار وغيره من العقود الأخرى في القانون المدنى.

عقد الإيجار والوكالة

التشابه والاختلاف بين عقد الإيجار وعقود أخرى

يختلف الإيجار عن الوكالة بأن المستأجر لا يمثل المؤجر بخلاف الوكيل فإنه يعمل باسم الموكل ويمثله .

وقد قضى بأن :

مما يميز الوكالة عن عقد الإيجار أن الوكيل يعمل لحساب الموكل ويمثله فى حين أن المستأجر لا يمثل المؤجر ولا يعمل لحسابه
(طعن رقم 192 لسنة 34 ق جلسة30/11/1967 – خميس خضر ص 45)

ومحل الوكالة تصرف قانونى أما الإيجار فمحله عمل مادى ، وتنتهى الوكالة بموت الوكيل أو بموت الموكل ولا ينتهى الإيجار بموت المؤجر ولا بموت المستأجر إلا فى حالات استثنائية ، ويجوز الرجوع فى الوكالة ولا يجوز الرجوع فى الإيجار

ويجوز فى الوكالة أن يعدل القاضى الجر المتفق عليه أما فى الإيجار فلا يجوز ذلك إلا فى حالات استثنائية ، ويشترك الوكيل والمستأجر فى أنه إذا تصرف أى منهما فى الشئ الذى تحت يده بدون إن المالك اعتبر مبددا.

وقل أن يقع وذلك جائز الوقوع كما فى الفرض الآتى

يتفق شخص مع آخر على أن يؤجر له جملة واحدة أعيانا يملكها الأول ، على أن يؤجرها المستأجر من باطنه واحدة واحدة ويتقاسم الأجرة بنسبة معينة أو يأخذ لنفسه مبلغا معينا يخصمه من الأجرة التى يتقاضاها من المستأجرين من الباطن والباقى يعطيه للمؤجر ، مثل هذا العقد ليس فى الحقيقة عقد إيجار

بل هو عقد وكالة مأجورة ،   الوكيل   فيها هو من تسمى بالمستأجر الأصلى ، والموكل من تسمى بالمؤجر ، وحقيقة اتفاقهما أن الثانى وكل الأول فى تصرف قانونى وهو إيجار الأعيان المملوكة لهذا الأخير وقبض الأجرة من المستأجرين وتسليمها للموكل ، وذلك فى مقابل أجر قد يكون مبلغا معينا أو نسبة معينة من مقدار الأجرة التى يدفعها من يتسمون بالمستأجرين من الباطن وهم فى الواقع مستأجرون أصليون

ويترتب على أن العقد وكالة لا إيجار أن علاقة المؤجر بالمستأجر تقوم مباشرة بين الموكل والمستأجرين من الوكيل ، وأنه يجوز رجوع كل من الموكل والوكيل عن الوكالة ، وأن الوكالة تنتهى بموت أحد المتعاقدين

(السنهورى ص 215)
وقد قضت محكمة الاستئناف المختلطة بأن:

الاتفاق الموصوف بأنه عقد إيجار دون أجر محددة ، والذى يخول للمستأجر أن يؤجر من الباطن بشرط أن يوافق المؤجر عليه الأجرة التى يدفعها المستأجرون من الباطن وبشرط أن يتقاسم هذه الأجرة كلا من المؤجر والمستأجر الأصلى ، لا يكون إلا عقد وكالة عامة بالإرادة مستترة تحت اسم عقد إيجار وينتهى هذا العقد بموت المستأجر الأصلى الظاهر لأنه لا يقع عليه الاختيار للإرادة إلا نظرا لما توافر عليه من الصفات الاجتهاد والكفاية الشخصية

(استئناف مختلط 6 يونيو سنة 1906 م 18 ص 318)
وقضت أيضا بأن

الاتفاق بين المؤجر والمستأجر على إيجار العقار دون أجر محددة ، وبغرض الإيجار من الباطن مع تقاسم طرفى العقد للأجرة وبعد موافقة المالك على هذه الأجرة ، إنما هو فى الواقع عقد وكالة أكثر منه عقد إيجار ، وعلى ذلك يفسخ بموت الوكيل

(استئناف مختلط 3 أبريل سنة 1907 م 19 ص 200)

عقد الإيجار والشركة

يختلف الإيجار عن الشركة فى أن المستأجر يدفع أجرة معينة للمؤجر وهو حر بعد ذلك فى استغلال الشئ المؤجر ، فالكسب له لخسارة عليه

أما فى الشركة فالشئ المشترك يستغله الشريكان ويقتسمان الربح والخسارة. وقد يلتبس الأمر فى عقد المزارعة ، لأن المؤجر يأخذ أجرته جزءا من المحصول فهو يقتسم الربح والخسارة مع المستأجر ولكن الأجرة فى المزارعة هى نسبة معينة من نفس المحصول الذى تنتجه الأرض ، أما فى الشركة فالشريك يقاسم شريكه فى صافى ثمن المحصول لا فى المحصول نفسه.

وقد قضت محكمة النقض بأن

إنه لما كان البين من نصوص العقد أن المطعون عليه الأول تعهد بتمكين المطعون عليهم من الثانى للأخير من الانتفاع  بالمحل الذى يستأجره المفلس من الطاعن على أن يستقل به هؤلاء المطعون عليهم فيعرضون بضاعتهم فيه تحت مسئوليتهم مقابل التزامهم بأن يدفعوا شهريا مبلغ خمسة وأربعون جنيها علاوة على إلزامهم دفع أجرة ومرتبات الموظفين وأجور العمال والضرائب وقيمة استهلاك المياه والإضاءة

فإن هذه الشروط التى تضمنها العقد تجعل منه عقد إيجار توافرت فيه أركانه من منفعة ومدة وأجرة ، لا يغير من ذلك أن المبلغ الذى تعهد المطعون عليهم الثلاثة الأخيرين بأدائه وصف فى العقد بأنه جعل ، كما لا يؤثر هذا الاستخلاص المطلق عليه من أنه استغلال تجارى

(مجموعة أحكام النقض السنة 29 ص 1621 جلسة 25/10/1978)

عقد الإيجار وعقد العمل

عقد العمل هو عقد يتعهد فيه أحد المتعاقدين بأن يعمل فى خدمة المتعاقد الآخر وتحت إدارته أو إشرافه مقابل أجر يتعهد به المتعاقد الآخر (مادة 674 من القانون المدنى)

أما عقد الإيجار كما عرفته المادة 558 من القانون المدنى هو عقد يلتزم بمقتضاه أن يمكن المستأجر من الانتفاع بشئ معين مدة معينة لقاء أجر معلوم. ففى عقد العمل يقوم العامل بأداء خدمة مقابل أجر معين وفى عقد الإيجار يقوم المؤجر بتأجير الشئ مقابل أجر معين

فمثلا إذا تعاقدت شركة مركبات مع سائق لاستغلال السيارات فى نقل أشياء مقابل أجر ثابت بنسبة معينة من إيراد السيارة فهذا التعاقد قد يكون إيجار وقد يكون عمل.

وتكييف هذا العقد يتوقف على مدى توافر عنصر التبعية من جانب العامل لرب العمل فإذا توافر هذا العنصر بأن كان العامل يعمل تحت إدارة صاحب العمل وإشرافه كان العقد عقد عمل يكون أجر السائق فيه هو ما يستحقه من دخل السيارة. أما إذا كان السائق يستغل السيارة دون الخضوع لإشراف ورقابة مستغل السيارة فإن العقد يعتبر إيجارا

(خميس خضر ص 48 – عبد الفتاح عبد الباقى ص 41)

وإذا كيف العقد بأنه عقد عمل فإنه يترتب على هذا التكييف ، أنه يمكن رجوع الغير على صاحب العمل بالتعويض عما يصيبه من أضرار إما على أساس مسئولية المتبوع عن أفعال تابعه وإما على أساس المادة178 الخاصة بالمسئولية عن فعل الأشياء ، كما يؤدى إلى مسئولية المستغل فى مواجهة السائق عما يصيبه من أضرار أثناء أدائه لعمله بغير حاجة إلى إثبات التقصير فى جانبه

(السنهورى ص 19)

عقد الإيجار وحق الانتفاع

حق المنتفع (usufruitier) يشبه حق المستأجر فكل من المنتفع والمستأجر ينتفع بشئ لا يملكه ولمدة معينة.

إلا أن الحقين يختلفان أيضا من وجوه أهمها ما يأتى
  1.  حق المنتفع حق عينى ، أما المستأجر فحقه شخصى.
  2.  حق المنتفع ينقضى حتما بموته ، أما حق المستأجر فيورث عنه إلا إذ كان الإيجار معتبرا فيه شخصيته.
  3.  حق المنتفع قد يكون بعوض أو بغير عوض ، أما حق المستأجر فهو دائما بعوض.
  4.  حق المنتفع يكون مصدره أى سبب من أسباب كسب الحقوق العينية فيما عدا الميراث أما حق المستأجر فمصدره دائما هو العقد.

وبالرغم من هذه الفروق قد توجد أحوال يلتبس فيها حق المستأجر بحق الانتفاع منها ما يأتى

  • (1) حق المستأجر فى الإيجار مدى الحياة قد يلتبس بحق المنتفع ، لأن كلا منهما لا يورث ، بل ينتهى بموت المستأجر أو المنتفع ، على أنه من المتفق عليه أن الإيجار قد يكون لمدة حياة المستأجر دون أن يكون له من وراء ذلك حق عينى فى الشئ المؤجر ، لأن طول المدة وقصرها لا تأثير له فى طبيعة الحق.
  • (2) هناك عقود إيجار مؤيدة أو لمدة طويلة ، وهى تعطى المستأجر حقا عينيا فى الشئ المؤجر ، فحق المستأجر يشبه من هذا الوجه حق المنتفع. وهذه العقود ومنها   الحكر   لها أحكام خاصة فلا يجوز الخلط بينها وبين حق الانتفاع ، لأن الحقوق العينية الناشئة عنها تنتقل إلى الورثة ، أما حق الانتفاع فلا يورث. كذلك لا يجوز الخلط بينها وبين عقود الإيجار المعتادة ، لأنها عقود طويلة المدة ، لأن الحقوق التى تنشأ عنها هى حقوق عينية
(السنهورى ص 13)
وقد قضت محكمة النقض  بأن :

لما كانت المادة558 من القانون المدنى قد عرفت عقد الإيجار بأنه “عقد يلتزم مؤجر بمقتضاه أن يمكن المستأجر من الانتفاع بشئ معين مدة معينة لقاء أجر معلوم فإنه قد يلتبس بعقد بيع الانتفاع باعتبار كلا من المنتفع والمستأجر ينتفع بشئ لا يملكه مدة معينة لقاء جعل من المالك إلا أن حق الانتفاع حق عينى يلزم تسجيله فتصبح للمنتفع سلطة على الشئ المنتفع به دون وساطة المالك الرقبة فى حين أن لحق المستأجر بطبيعته حق شخصى يجعل المستأجر دائنا للمؤجر بالانتفاع بالعين المؤجرة

(الطعن رقم 2233 لسنة 64 ق جلسة 15/1/1995 ، الطعن رقم 2627 لسنة 60 ق جلسة 3/11/1994 ، الطعنان رقما 335 ، 336 لسنة 53 ق س 42 ص 81 جلسة 23/5/1991 ،طعن رقم 685 لسنة 45 ق جلسة 28/5/1980)

عقد الإيجار وحق الارتفاق

لقد عرفت المادة1015 مدنى حق الارتفاق بقولها:

الارتفاق حق يحد من منفعة عقار لفائدة عقار غيره يملكه شخص آخر ويجوز أن يترتب الارتفاق على مال عام إن كان لا يتعارض مع الاستعمال الذى خصص له هذا المال”. وحق الارتفاق قد يلتبس بعقد الإيجار ، إذا ورد على حق المرور نظير مقابل ، فإذا كان حق المرور قد منح لمصلحة عقار فهو حق ارتفاق.

أما إذا لم يمنح لمصلحة عقار فإنه يكون إيجار واردا على حق المرور ، كأن يكون قد منح لفرد أو جمعية أو شركة ، كما إذا منحت شركة سكك حديدية شركة أخرى حق مرور قاطراتها على قضبان الشركة الأولى.

(السنهورى ص 30)
وقد قضت محكمة النقض بأن

مفاد نص المادتين 1015 ،1023 من القانون المدنى ، أن حق الارتفاق هو خدمة يؤديها العقار المرتفق للعقار المرتفق فيحد من منفعة الأول ويجعله مثقلا بتكليف لفائدة الثانى  ولا يترتب على ذلك   حرمان مالك العقار    الخادم من ملكه فيجوز له أن يباشر حقوقه عليه من استعمال واستغلال وتصرف وكل ما يجب عليه هو ألا يمس فى استعماله لحقوق ملكيته بحق الارتفاق ، فإذا أخل بهذا الالتزام ، ألزم بإعادة الحال إلى ما كانت عليه ، وبالتعويض إن كان له مقتضى ، ومؤدى ذلك أن تصرف المالك فى العقار المرتفق به يقع صحيحا ولا يجوز لمالك العقار المرتفق طلب إبطاله أو محو تسجيله

(طعن رقم 572 لسنة 53 ق جلسة 8/4/1987)

عقد الإيجار والبيع

يتميز عقد الإيجار عن عقد البيع فى أن البيع يرد على ملكية الشئ بينما لا يرد الإيجار إلا على منفعته والأجل معين ، فالمشترى تنتقل له ملكية الشئ المبيع أما المستأجر فلا يترتب له إلا حق شخصى فى ذمة المؤجر ويستطيع بموجبه أن يلزم مدينه بتمكينه من الانتفاع بالشئ فى مدة محدودة يعود الشئ بعدها إلى المؤجر .

وقد قدمنا فى عقد البيع أن التمييز يدق بين البيع والإيجار إذا وقع العقد ، لا على الشئ ذاته ، بل على ثمراته ومنتجاته وذكرنا أن الأصل فى العقد إذا وقع على ثمرات الأرض أن يكون إيجارا إذ يقع على منفعة الأرض المتجددة التى لا تنفذ ، وإذا وقع على المنتجات يكون بيعا إذ يقع على هذه المنتجات ذاتها لا على منفعة متجددة ومع ذلك قد يبيع صاحب الأرض المحصول الناتج منها وهو لا يزال فى الأرض ، فيكون العقد بيعا لهذا المحصول لا إيجارا للأرض

فالعبرة بنية المتعاقدين هل أراد بيعا أو إيجارا ، فقد يؤجر صاحب المنجم أو المحجر منجمه أو محجره ليستغله المستأجر فى مقابل أجرة دورية فيكون العقد إيجارا لا بيعا . وذكرنا أيضا أن التميز بين البيع والإيجار يدق فيما يسمى بالإيجار الساتر للبيع . وتناولنا ذلك بالتفصيل فى  عقد البيع   .

عقد الإيجار والوديعة

 

يختلف الإيجار عن الوديعة فى أن الإيجار يلزم أحد العاقدين وهو المؤجر بتمكين الآخر وهو المستأجر من الانتفاع بشئ ، فى حين أن الوديعة تلزم أحد العاقدين وهو المودع عنده بأن يحتفظ شيئا للآخر (المودع) ورغم أن تعريف كل من العقدين لا يسمح بالخلط بينهما

إلا أن هناك حالات تدق فيها التفرقة بين الإيجار والوديعة وذلك فى العقود التى يتفق فيها على أن يستعمل أحد الطرفين مكانا للآخر فى وضع بعض الأشياء بمقابل ، فيثور التساؤل عما إذا كان الطرف الذى استعمل مكان الآخر قد استأجر ذلك المكان أم أنه قد أودع الأشياء لدى صاحب المكان

ومن بين هذه العقود ما يأتى

1- اتفاق البنك والعميل على استعمال الخزائن الحديدية

وصورته أن يتفق البنك مع العميل على أن يضع الأول تحت تصرف الثانى خزانة حديدية ليحفظ فيها ما يشاء من نقود وأشياء ثمينة ومستندات .

وقد ذهب الرأى الغالب فى الفقه الحديث إلى

تكييف هذا العقد بأنه (  وديعة    ) وليس (إيجارا) ذلك أن الهدف الأساسى من الاتفاق هو الحفاظ على الأشياء المودعة وبالتالى فإن الالتزام بتحقيق هذه النتيجة ، والذى يقع على عاتق البنك ، يعتبر التزاما جوهريا وليس ثانويا

ولو كان البنك مؤجرا للخزانة لكان التزامه بالمحافظة عليها التزاما ثانويا ، والعقد الذى يكون فيه واجب الحفظ واجبا جوهريا إنما يكون وديعة لا إيجارا ولا يحول دون هذا التكييف أن البنك لا يتسلم الأشياء المودعة كما لا يقوم بردها ، فمن المتصور قانونا وعملا أن يتفق المودع مع المودع لديه على قيام الثانى بوضع المكان المعد للمحافظة على الشئ تحت تصرف الأول فيتولى هذا الأخير مهمة وضعها بنفسه دون توسط من جانب المودع لديه بل وقد لا يعلم المودع لديه بمحتويات الأشياء المودعة

لأن هذا هو ا يحدث عندما تكون الأشياء المودعة موضوعة فى صندوق أو مظروف مغلق وحيث يلتزم المودع لديه بعدم محاولة معرفة ما بداخل الصندوق أو المظروف ، ولا شك أن موضوع الوديعة هو الأشياء الموجودة فى الصندوق أو المظروف ، وليس الصندوق أو المظروف نفسه ، وإذن فالمظاهر السابقة يمكن تحقيقها فى عقد الوديعة العادى . ويطلق على وديعة البنك عقد وديعة مهنية أو عقد حفظ

(ثروت عبد الرحيم ص 312)
بينما ذهب رأى ثان إلى:

أن العقد يعتبر إيجارا لا وديعة على أساس أن البنك يمكن العميل من الانتفاع بالخزانة ويقوم العميل بدفع أجرة هذا الانتفاع وهذه هى مقومات عقد الإيجار ولا يتعهد البنك برد الأشياء بل يعطى المستأجر مفتاح الخزانة وهو يضع ما يريد فيها ، وإذا كان البنك يلتزم بحفظ الخزانة وحراستها فهذا التزام يصح للمستأجر اشتراطه على المؤجر بشرط صريح أو ضمنى ، وإذا قيل أن البنك  يكون عنده عادة أحد المفتاحين اللذين لا يمكن فتح الخزانة بدونهما فإن هذا متفرع عن التزام المصرف بالمحافظة على الخزانة

(محمد كامل مرسى ص 24 – عبد الفتاح عبد الباقى ص 29)
وذهب رأى ثالث إلى
أن العقد ليس عقدا بسيطا حتى يمكن وصفه بأنه إيجار أو وديعة بل عقد مركب يهدف إلى غرضين
  • الأول الأساسى : هو حفظ الأشياء الثمينة المملوكة للعميل
  • والثانى : هو الانتفاع بالخزانة لتحقيق ذلك الحفظ .

وترتب على اعتبار هذا العقد عقدا مركبا من الإيجار والوديعة أنه

تطبق عليه أحكام الإيجار فيما يتعلق بالانتفاع بالخزانة ومدة العقد والأجرة ، وأحكام الوديعة فيما يتعلق بحفظ الخزانة وحراستها فإذا تعارضت أحكام هذين العقدين ، وجب تغليب أحكام الوديعة لأن، الغرض الأساسى من العقد هو الحفظ (محمد لبيب شنب ص32 وما بعدها)

الاتفاق بين أحد التجار وصاحب مخزن على وضع بضائعه بالمخزن

قد يتفق أحد التجار مع صاحب مخزن على أن يضع الأول بضائعه فى مخزن الثانى مقابل أجر نعين ويذهب الرأى الساند – كما فى الحالة السابقة – إلى أن العبرة فى تكييف العقد بأنه وديعة أو إيجار بمعرفة من يكون عليه واجب المحافظة على البضائع ، فإذا كان صاحب المخزن بتسلم البضائع بنفسه أو بواسطة أحد تابعيه ويقوم بالمحافظة عليها وهى بالمخزن ثم ردها للتاجر عند طلبها كان العقد وديعة ، أما إذا كان صاحب المخزن لا يقوم بشئ مما تقدم كان العقد إيجارا ولو كان يتولى الإشراف العام على المخزن وصيانته وإضاءته .

اتفاق صاحب سيارة مع جراج عام على إيواء سيارته

وصورة هذا الاتفاق ، أن يتفق مالك سيارة مع صاحب جراج عام على إيواء سيارته وتنظيفها وحفظها فى الأوقات التى لا يحتاج إليها فيها ، وذلك نظير مقابل يتفق عليه . والراجح هو اعتبار هذا العقد وديعة مأجورة أو عقد حفظ ، وليس إيجارا وذلك على أساس أن الغرض الرئيسى من العقد هو حفظ السيارة .

(السنهورى ص 24 – محمد لبيب شنب ص 33) .
وقد قضت محكمة النقض بأن

عقد الإيجار وفقا لنص المادة 558 من القانون المدنى هو عقد يلتزم المؤجر بمقتضاه أن يمكن المستأجر من الانتفاع بشئ معين مدة معينة لقاء أجر معلوم وهو بهذا الوصف يختلف عن عقد الوديعة الذى بمقتضاه يلتزم المودع لديه بالمحافظة على الشئ المودع فالغرض الأساسى من عقد الإيجار هو الانتفاع بالشئ ومن ثم فإن إيداع سيارة بجراج عمومى لحفظها لقاء جعل معين لا يعدو أن يكون عقدا من عقود الوديعة بأجر تنحسر عنه أحكام عقد الإيجار ولا يرتب ثمة حق انتفاع على جزء محدد من الجراج “.

(طعن رقم 6181 لسنة 62 ق جلسة 19/3/1997)

عقد الإيجار والعارية

عرفت المادة 635 مدنى العارية بقولها

العارية عقد يلتزم به المعير أن يسلم المستعير شيئا غير قابل للاستهلاك ليستعمله بلا عوض لمدة معينة أو فى غرض معين على أن يرده بعد الاستعمال .

ويتضح من هذا التعريف أن الإيجار يتفق مع العارية فى ورودهما على منفعة شئ غير قابل للاستهلاك ، إلا أنهما يختلفان فى أمرين :
  • الأول : أن الإيجار من عقود المعاوضة حيث يحصل كل طرفيه على مقابل لما يلتزم به ، أما العارية فهى من عقود التبرع ، فالمستعير لا يدفع شيئا للمعير .
  • الثانى : أن للمستأجر حق  التنازل عن الإيجار   ما لم يقض الاتفاق بغير ذلك (مادة 593 مدنى) ، أما المستعير فليس له هذا الحق.

غير أن الصعوبة تثور فى تكييف بعض العقود وهل هى إيجار أم عارية ؟

ومن أمثلة ذلك ما يأتى :

إذ باع شخص لآخر أرضا ، واستبقى لنفسه فيها حق الصيد مثلا ، فهل يثبت له هذا الحق بناء على عقد عارية دون مقابل ، أو هو ثابت له بناء على عقد إيجار بمقابل ؟ لا شك فى أن استبقاء البائع لنفسه حق الصيد قد اعتبر عند تقدير الثمن ،

وقد راعى البائع فى تقديره المبلغ الذى يتقاضاه ثمنا للأرض أنه يتمتع بحق الصيد فيها ، فأنقص من هذا المبلغ ما يقابل هذا الحق ، ويكون ثبوت حق الصيد للبائع إنما هو بمقابل ، فالعقد إيجار لا عارية ،

ولو باع شخص دارا على أن يبقى ساكنا فيها مدة سنة بعد البيع ، فلابد أن يكون سكنى البائع الدار سنة قد روعى فى تقدير الثمن ، فأنقص منه بمقدار السكنى ، فلا يكون شرط بقاء البائع ساكنا الدار سنة عقد عارية ، بل هو عقد إيجار فتقع على المشترى نفقات الصيانة ، ويلتزم البائع بأن يبذل فى المحافظة على الدار عناية الرجل المعتاد ولو كان العقد عارية ، لوقعت على البائع نفقات الصيانة ،والالتزام فى المحافظة على الدار بالعناية التى يبذله فى المحافظة على ماله دون أن ينزل فى ذلك عن عناية الرجل المعتاد .

وكثيرا ما يقع أن الأجير أو الموظف يكون له أن يتقاضى ، عدا أجرة أو مرتبه مسكنا لا يدفع فيه أجرة ، فهل هو مستعير لهذا المسكن ، أو هو مستأجر له ؟ لا شك فى أن المسكن

كما هو الأمر فى الحالة المتقدم ، جزء من الأجر أو المرتب ، فالعقد هنا إيجار أيضا لا عارية ويقع أن بعض الأثرياء يتبرعون بأمكنة لأغراض خيرية ، لاستعمالها مدارس أو مستشفيات أو نحو ذلك ، ويحررون عقود يذكرون فيها أنهم يؤجرون هذه الأمكنة لمدد طويلة ، وأنهم تنازلوا عن الأجرة أو أنهم قبضوها ،

فالعقد هنا هو عقد عارية مستترة باسم الإيجار ،  كالهبة المستترة   باسم البيع تتبع فيه أحكام العارية ، ويحدث كذلك أن الحكومة تؤجر للمنشآت والمؤسسات أراضى بأجرة رمزية ، فهذا العقد هو فى حقيقته عارية وإن سمى إيجارا

(السنهورى ص 10 وما بعدها – سليمان مرقس فقرة 23 – منصور مصطفى منصور فقرة 143 – عبد المنعم فرج الصدة فقرة 19 ص 32 – محمد لبيب شنب فقرة 20)

الكتابة فى إيجار الأراضى الزراعية

نصت المادة 36 من قانون الإصلاح الزراعى المعدلة بالقانون رقم 17 لسنة 1963 والقانون رقم 52 لسنة 1966 بالنسبة إلى إيجار الأرض الزراعية على أنه :

يجب أن يكون عقد الإيجار مزارعة أو نقدا – ثابتا بالكتابة أيا كانت قيمته وكذلك كل اتفاق على استغلال  أراضى زراعية   ولو كان لزراعة واحدة وإذا كان الظاهر من هذا النص أن الكتابة هنا واجبة للإثبات ، وهذا هو الرأى الذى ساد فى الفقه ، إلا أننا نرى أن الكتابة لازمة للانعقاد فيكون عقد الإيجار الأرض الزراعية عقد شكليا لا ينعقد إلا بالكتابة ، وسنبحث هذه المسألة عند الكلام فى إيجار الأرض الزراعية

(السنهورى ص 173)التشابه والاختلاف بين عقد الإيجار وعقود أخرىختاما: من خلال هذه الدراسة الموجزة فهنا أوجه التشابه والاختلاف بين عقد الإيجار والعقود الأخرى كالبيع والوكالة والعمل والعارية والوديعة والحكم ، وتبينا من خلال الفروق ماهية كل عقد وقواعده وأحكامه .

 


أوجه التشابه والاختلاف بين عقد الإيجار وعقود أخرى

  • انتهي البحث القانوني ويمكن لحضراتكم التعليق في صندوق التعليقات بالأسفل لأى استفسار قانوني
  • زيارتكم لموقعنا تشرفنا ويمكن الاطلاع علي المزيد من المقالات والأبحاث القانونية المنشورة للأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض في القانون المدني والملكية العقارية من خلال أجندة المقالات
  • كما يمكنكم التواصل مع الأستاذ عبدالعزيز عمار المحامي من خلال الواتس اب شمال الصفحة بالأسفل
  • كما يمكنكم حجز موعد بمكتب الأستاذ عبدالعزيز عمار المحامي من خلال الهاتف ( 01285743047 ) وزيارتنا بمكتبنا الكائن مقره مدينة الزقازيق 29 شارع النقراشي – جوار شوادر الخشب – بعد كوبري الممر – برج المنار – الدور الخامس زيارة مكتبنا بالعنوان الموجود على الموقع.
Copyright © المقالة حصرية ومحمية بحقوق النشر الحقوق محفوظة لمكتب الأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض

الأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض خبرات قضائية فى القانون المدنى والملكية العقارية وطعون النقض ليسانس الحقوق 1997- احجز موعد 01285743047