أحكام النقض المدني عن استعمال الحق

مجموعة من أحكام محكمة النقض عن استعمال الحق، بما يوجب التعويض عن الضرر بسبب استعمال الحق، وما لا يوجب التعويض عنه حتى وان تسبب استعمال الحق لضرر.

استعمال الحق ما يستوجب وما لا يستوجب التعويض

الطعن رقم 2845 لسنة 59 بتاريخ 23/11/1995

وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعنة الدعوى رقم 420/1985 عمال شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بأن تؤدى إليه مبلغ عشرين ألف جنيه وقال بيانا لها إنه من العاملين لدى الطاعنة وقد نسبت إليه خروجه على مقتضى الواجب الوظيفي بأن قام باستخراج 163 تذكرة مفتوحة بدون حجز إلى عمان رغم أن التعليمات تمنع ذلك.

ثم قام بتشغيل رحلة إضافية لحاملي هذه التذاكر دون أن يكتمل العدد اللازم لتغطية تكاليف هذه الرحلة وتمت إحالته إلى النيابة الإدارية فرأت مجازاته إداريا عن هذه المخالفات فأصدرت الطاعنة قرارها رقم 130/1982 بخفض أجره في حدود علاوة وتحميله بقيمة 14 تذكرة التي قامت الرحلة بدون شغل أماكنها .

وإذ طعن في هذا الجزاء أمام المحكمة التأديبية المختصة صدر الحكم بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار ولما كانت هذه الإجراءات الصادرة من الطاعنة قد أصابته بأضرار مادية وأدبية فقد أقام دعواه بطلب التعويض عنها. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق ودفعت الطاعنة بعدم الاختصاص الولائى بنظر الدعوى وبتاريخ 31/12/1986 حكمت المحكمة برفض الدفع وبإلزام الطاعنة أن تؤدى للمطعون ضده مبلغ ثمانية آلاف جنيه تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية.

استأنفت الطاعنة ذلك الحكم بالاستئناف رقم 319/104 ق القاهرة فيما قضى به في موضوع الدعوى كما أقام المطعون ضده الاستئناف رقم 329 لسنة 104 ق وبعد أن أمرت المحكمة بضم الاستئناف الثاني للأول ليصدر فيهما حكم واحد قضت بتاريخ 17/5/1989 بتأييد الحكم المستأنف.

طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها

 المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.

استعمال الحق في قضاء النقض

وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون – وفي بيان ذلك تقول

إنها دفعت بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى تأسيساً على أن  المحكمة التأديبية   تختص بنظر طلب التعويض عن قرارات التأديب عند الحكم بإلغائها إلا أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قضى برفض هذا الدفع مما يعيبه ويستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي مردود

ذلك أنه أيا ما كان وجه الرأي فيما تثيره الطاعنة من عدم اختصاص القضاء العادي ولائيا بنظر دعوى التعويض عند إلغاء القرار التأديبي من الجهة المختصة فإن الحكم الابتدائي الذي قضى برفض الدفع المبدي منها في هذا الخصوص هو حكم حائز لقوة الأمر المقضي لعدم استئنافه من الطاعنة إذ اقتصر استئنافها على ما قضى به الحكم المستأنف في موضوع الدعوى.

لما كان ذلك وكان نطاق الطعن لا يتسع لغير الخصومة التي كانت مطروحة على محكمة الاستئناف فإن هذا النعي يكون قد إنصب على الحكم الابتدائي ومن ثم فهو غير مقبول ولا يغير من ذلك أن يكون هذا الاختصاص من النظام العام إذ أن قوة الأمر المقضي تعلو على اعتبارات النظام العام.

وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون – وفي بيان ذلك تقول الطاعنة

إن مؤدى نص المادة 163 من القانون المدني – المنطبق على وقائع الدعوى – هو ثبوت الخطأ في جانب المدعي عليه والمقصود بذلك هو إخلاله بواجب قانوني – وإذ كان الثابت بالأوراق أن الطاعنة لم تخل بأي التزام قانوني نحو المطعون ضده ولم يقم الدليل على تعسفها معه.

وإنما اقتصر دورها بالنسبة له على إحالة مذكرة مدير عام المبيعات لديها والتي تضمنت حصر المخالفات المنسوبة للمطعون ضده إلى النيابة الإدارية التي انتهت إلى ثبوتها في حقه وأوصت بمجازاته إداريا عنها ثم أصدرت الطاعنة قرار الجزاء فإنها لا تكون قد تعسفت في استعمال حقها ومن ثم لا يتوافر في جانبها الخطأ الموجب للمسئولية المدنية وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي في محله

ذلك أنه لما كان الأصل حسبما تقضي به المادة 4 من القانون المدني أن “من استعمل حقه استعمالا مشروعا لا يكون مسئولا عما ينشأ عن ذلك من ضرر” باعتبار أن مناط المسئولية عن تعويض الضرر هو وقوع الخطأ وأنه لا خطأ في استعمال صاحب الحق لحقه في جلب المنفعة المشروعة التي يتيحها له هذا الحق وكان خروج هذا الاستعمال عن دائرة المشروعية إنما هو استثناء من ذلك الأصل وحددت المادة 5 من ذلك القانون حالاته على سبيل الحصر بقولها “يكون استعمال الحق غير مشروع في الأحوال الآتية:-

  • أ- إذا لم يقصد به سوى الإضرار بالغير.
  • ب- إذا كانت المصالح التي يرمي إلى تحقيقها قليلة الأهمية بحيث لا تتناسب البتة مع ما يصيب الغير من ضرر بسببها.
  • جـ- إذا كانت المصالح التي يرمي إلي تحقيقها غير مشروعه.

وذلك درأ لاتخاذ ظاهر القواعد القانونية شعارا غير أخلافي لإلحاق الضرر بالغير، وكان يبين من استقراء تلك الصور أنه يجمع بينها ضابط مشترك هو نية الإضرار سواء على نحو إيجابي بتعمد السير إلى مضارة الغير دون نفع يجنيه صاحب الحق من ذلك أو على نحو سلبي بالاستهانة المقصودة بما يصيب الغير من ضرر من استعمال صاحب الحق لحقه استعمالا هو إلى الترف أقرب مما سواه مما يكاد يبلغ قصد الإضرار العمدى .

وكان من المقرر أن معيار الموازنة بين المصلحة المبتغاة في هذه الصورة الأخيرة وبين الضرر الواقع هو معيار مادي قوامه الموازنة المجردة بين النفع والضرر دون نظر إلى الظروف الشخصية للمنتفع أو المضرور يسرا أو عسرا إذ لا تتبع فكرة إساءة استعمال الحق من دواعي الشفقة وإنما من اعتبارات العدالة القائمة على إقرار التوازن بين الحق والواجب.

وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تكييف الفعل المؤسس عليه التعويض بأنه أخطأ أو نفى هذا الوصف عنه هو من المسائل التي يخضع قضاء الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض لما كان ذلك وكان النص في المادة 80 من القانون رقم 48 لسنة 1978 بنظام العاملين بالقطاع العام على أن :

كل من يخالف الواجبات أو يرتكب المحظورات المنصوص عليها في هذا القانون أو يخرج على مقتضى الواجب في أعمال وظيفته يجازى بإحدى الجزاءات المنصوص عليها في المواد التالية ….” يدل على أن حق التأديب المقرر لجهة العمل على العاملين بها هو حق أصيل يهدف إلى حسن سير العمل.

ومن ثم فلا تقوم المسئولية المدنية على تلك الجهة بمجرد إلغاء الجزاء التأديبي الصادر منها بل يتعين أن يقيم العامل الدليل على انحرافها في استعمال هذا الحق على ما سلف بيانه.

لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد استخلص من مجرد إلغاء الجزاء الموقع على المطعون ضده الخطأ الموجب لمسئولية الطاعنة مدنيا دون أن يعن ببحث مدى توافر إحدى صور التعسف في استعمال الطاعنة لحق التأديب فإنه يكون مشوباً بالقصور الذي جره إلى الخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه على أن يكون مع النقض الإحالة

الطعن رقم 2845 لسنة 59 بتاريخ 23/11/1995

الوقائع

وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الشركة الطاعنة الدعوى رقم 10926 لسنة 1985 أمام محكمة الجيزة الابتدائية طالباً الحكم بتمكينه من البناء فوق العقار المبين بالصحيفة ومنع تعرض الطاعنة له في ذلك وقال بياناً لها إنه يملك العقار سالف الذكر وقد استصدر ترخيصاً باستكمال بناء طابقه الخامس فوق الأرضي وتعلية طابقين آخرين فتعرضت له الطاعنة التي تستأجره فأقام الدعوى.

حكمت المحكمة بتمكين المطعون ضده من القيام بأعمال البناء المرخص بها ومنع تعرض الطاعنة له في ذلك. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 6241 لسنة 103 ق القاهرة، وبتاريخ 1987/5/12 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة برأيها

 المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.

وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب تنعي الطاعنة بالسببين الأول والثالث منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول

إن المشرع وإن أجاز للمالك زيادة عدد الوحدات السكنية في المبنى المؤجر إلا أن حقه هذا مقيد بعدم المساس بما انصبت عليه الإجارة وبوجوب الامتناع عن كل ما من شأنه أن يحول دون انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة فيما أجرت له، وإذ كانت المباني المزمع إضافتها سوف تقام على سطح العقار الذي شمله عقد الإيجار الذي يحكم علاقتها بالمطعون ضده،

وتؤدي إلى السماح للغير بدخول العين المؤجرة بما يحول بين الطاعنة وبين استعمالها في الغرض المؤجرة من أجله وهو توزيع الأدوية على الصيدليات، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتمكين المطعون ضده من البناء فوق العقار الذي تستأجره كاملاً بملحقاته، يكون معيباً بما يستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي غير سديد
ذلك أن النص في المادة 32 من القانون رقم 49 لسنة 1977 على أن

يجوز للمؤجر زيادة عدد الوحدات السكنية في المبنى المؤجر بالإضافة أو التعلية ولو كان عقد الإيجار يمنع ذلك، ولا يخل هذا بحق المستأجر في إنقاص الأجرة إن كان لذلك محل. ويجوز بحكم من قاضي الأمور المستعجلة الترخيص بإخلاء وهدم ما قد يعترض الإضافة أو التعلية من أجزاء الأماكن غير السكنية، بشرط تعويض ذوي الشأن وإعطائهم حق العودة، وفقاً لأحكام الفصل الأول من الباب الثاني من هذا القانون.

أما إذا كان الجزء من المكان مخصصاً للسكنى فلا يجوز الحكم بإخلائه وهدمه إلا إذا قام المالك بتدبير مسكن آخر مناسب وذلك دون الإخلال بحق المستأجر في العودة إلى المبنى الجديد، وفقاً لأحكام الفصل الأول من الباب الثاني من هذا القانون”

والنص في المادة 49 من ذات القانون على أن

يجوز لمالك المبنى المؤجرة كل وحداته لغير أغراض السكن، أن ينبه على المستأجرين بإعلان على يد محضر بإخلاء المبنى بقصد إعادة بنائه وزيادة مسطحاته وعدد وحداته وفقاً للشروط والأوضاع التالية …… (د) أن يقوم المالك بتوفير وحدة مناسبة بأجر مماثل ليمارس المستأجر نشاطه فيها …. لمدة خمس سنوات أو للمدة التي تنقضي إلى أن يعود إلى المكان بعد بنائه بذات القيمة الإيجارية الأولى، أو يدفع مبلغاً مساوياً للقيمة الإيجارية للوحدة التي يشغلها خالية عن مدة عشر سنوات بحد أدنى قدره ألفا جنيه …….”

يدل على أن المشرع منح المالك رخصة زيادة الوحدات السكنية بالعقار المملوك له أياً كانت طبيعته والمؤجر للسكنى أو لغيرها بعقد يمنع ذلك حتى لو نتج عن هذه الإضافة أو تلك التعلية إخلال بحق المستأجر في الانتفاع بالعين المؤجرة على النحو الذي يخوله إياه عقد الإيجار، وطالما لم يبلغ ذلك الحد الذي يستحيل معه على المستأجر الانتفاع بالعين في الغرض المؤجرة من أجله بما يكون في حقيقته إنهاء لعقد الإيجار لغير الأسباب المحددة في القانون على سبيل الحصر.

أية ذلك ما ورد بنص المادة 32 سالفة البيان من أنه

ولا يخل هذا بحق المستأجر في إنقاص الأجرة إن كان لذلك محل”

إذ لا يقوم ثمة مبرر لإنقاص الأجرة إلا إذا كانت الإضافة أو التعلية قد أدت إلى  حرمان المستأجر  من حق من حقوقه أو فقده ميزة كان ينتفع بها، وذلك على خلاف القاعدة العامة الواردة في المادة 1/571 من القانون المدني التي تنص على أن:

على المؤجر أن يمتنع عن كل ما من شأنه أن يحول دون انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة، ولا يجوز له أن يحدث بالعين أو بملحقاتها أي تغيير يخل بهذا الانتفاع”

واستثناء من حكم المادة 1/28 من القانون رقم 49 لسنة 1977 التي تنص على أن

لا يجوز حرمان المستأجر من أي حق من حقوقه أو منعه من أية ميزة كان ينتفع بها”

وذلك لعلة تغياها المشرع وهي تفريج أزمة المساكن إلى جانب تعويض الملاك بعد تجميد أجورها بالرغم مما طرأ على مستوى الأسعار من ارتفاع كبير.

كما أن البادي من هذه النصوص ومن مناقشات مجلس الشعب أن المشرع أجاز للمالك طلب إخلاء المستأجر مؤقتاً لحين إتمام التعلية أو بالإضافة أو طلب هدم جزء من العين المؤجرة وحتى إعادة بنائه مع التعلية أو الإضافة، بل وأجاز له اقتطاع جزء من الملحقات غير السكنية للعين المؤجرة دون جوهر العين أو ملحقاتها السكنية وذلك كالحديقة بالنسبة للفيلا أو جراج ملحق بها أو الحجرات المخصصة للخدمات بأعلى العقار باعتبار أنه في حالة الملحقات غير السكنية يكون المؤجر – على ما جاء بالمادة 49/د من القانون رقم 49 لسنة 1977 – بالخيار بين تعويض المستأجر وإعطائه حق العودة بعد إعادة البناء أو تعويضه فقط دون منحه حق العودة.

ومن ثم كان له اقتطاع جزء من هذه الملحقات غير السكنية تقتضيه الإضافة أو التعلية، أما بالنسبة للملحقات السكنية فإن حق العودة مقرر أبداً للمستأجر لا يملك المؤجر استبداله بالتعويض إلا إذا ارتضى المستأجر ذلك وعليه فلا يحق له اقتطاع جزء من هذه الملحقات جبراً عن المستأجر. لما كان ما تقدم وكان الثابت من الأوراق أن أعمال البناء المرخص بما تؤدي إلى حرمان الشركة الطاعنة من الانتفاع بسطح العقار الذي شمله عقد الإيجار المبرم بينها وبين المطعون ضده.

وكان هذا الجزء من العقار بحسب طبيعته هو من الأجزاء الثانوية التي لا يترتب على استقطاعها تعطيل ركن الانتفاع بالعين المؤجرة فيما أجرت له وهو توزيع الأدوية، فإنه يحق للمطعون ضده طلب استقطاعه للبناء عليه استناداً إلى المادة 32 من القانون رقم 49 لسنة 1977 وذلك دون إخلال بحق الطاعنة في طلب إنقاص الأجرة إن كان لذلك محل، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وأجاب المطعون ضده إلى طلبه فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويضحى النعي على غير أساس.

وحيث إن حاصل النعي بالسببين الثاني والرابع أن

الطاعنة تمسكت أمام محكمة الاستئناف بأن أعمال البناء المرخص بها سيترتب عليها إخلاء وهدم بعض أجزاء العين التي تستأجرها بما يؤدي إلى تعطيل الأعمال التي تباشرها فيها وإتلاف البضاعة الموجودة بها وطلبت ندب خبير في الدعوى لتحقيق هذا الدفاع غير أن المحكمة أغفلت هذا الطلب ولم تعرض له بما يعيب حكمها المطعون فيه بالقصور.

وحيث إن هذا النعي في غير محله

ذلك أنه لما كانت المادة 32 من القانون رقم 49 لسنة 1977 – وعلى ما سلف بيانه – جعلت زيادة وحدات المبنى السكنية بالتعلية أو الإضافة حقاً للمالك ولو كان عقد الإيجار يمنع ذلك دون أن يخل هذا بحق المستأجر في إنقاص الأجرة إن كان لذلك محل.

وكانت المادة الرابعة من القانون المدني تنص على أن

من استعمل حقه استعمالاً مشروعاً لا يكون مسئولاً عما ينشأ عن ذلك من ضرر”،

كما تنص المادة الخامسة منه على أن

يكون استعمال الحق غير مشروع في الأحوال الآتية:

  • (أ) إذا لم يقصد به سوى الإضرار بالغير.
  • (ب) إذا كانت المصالح التي يرمي إلى تحقيقها قليلة الأهمية، بحيث لا تتناسب البتة مع ما يصيب الغير من ضرر بسببها.
  • (ج) إذا كانت المصالح التي يرمي إلى تحقيقها غير مشروعة.

فإن استعمال المالك لحقه المقرر في المادة 32 من القانون رقم 49 لسنة 1977 لا يتقيد إلا بالقيود العامة المقررة في المادتين الرابعة والخامسة من القانون المدني، وإذ اقتصرت الطاعنة في دفاعها أمام محكمة الموضوع على القول بأن تنفيذ الأعمال المرخص بها سوف يصيبها بضرر دون أن تدعي أن المطعون ضده لم يقصد سوى الإضرار بها أو أن المصلحة التي هدف إلى تحقيقها .

وهي فضلاً عن الجانب الشخصي منها مصلحة عامة تتمثل في زيادة عدد الوحدات السكنية – لا تتناسب البتة مع ما يصيبها من ضرر بسببها، أو أنها مصلحة غير مشروعة فإن طلبها تعيين خبير في الدعوى لبيان ما يلحق بها من أضرار من جراء تنفيذ أعمال البناء المرخص بها يكون طلباً غير منتج في النزاع لا يعيب الحكم المطعون فيه أنه لم يعرض له ويكون النعي على غير أساس.

ولما تقدم يتعين رفض الطعن

الطعن رقم 2451 لسنة 57 بتاريخ 27/12/1993

الوقائع

وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن ……………., ………….. عن نفسه وبصفته ولياً طبيعياً على ولديه القاصرين …………. (ملاك عقار النزاع) أقاموا على ………….. (المستأجر الأصلي) ومدير شركة …………, و………….. عن نفسه وبصفته مديراً لشركة ………. للروايح, الدعوى رقم 588 لسنة 1976 مدني جنوب القاهرة طالبين الحكم بإخلاء المحلين رقمي 1, 2 بالعقار المبين بالصحيفة وبتسليمهما لهم.

وقالوا بياناً لدعواهم أنه بموجب عقد مؤرخ 30/9/1975 استأجر …………. الدكانين المذكورين من المالك السابق الذي أذن له بتأجير جزء من المحلين من  الباطن  على أن يكون التأجير للسيدتين …………., …………. دون غيرهما وإذ قام المستأجر المذكور بتأجير كامل المحلين من الباطن للشركة المشار إليها مخالفاً بذلك حدود الإذن الصادر له بالتأجير.

فقد أقاموا الدعوى كما أقام ……….. (المستأجر الأصلي) على المدعين في الدعوى السابقة وعلى كل من ………. و………… و…………. عن نفسه وبصفته مديراً لشركة ……… للروايح, و…………….., …………., ……………, ………….. بوصفهم شركاء في الشركة المذكورة الدعوى رقم 5723 لسنة 1976 مدني جنوب القاهرة طالباً الحكم بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 12/9/1965 وملحقه وإخلاء الدكانين محل النزاع وملحقاتهما وتسليمهما له بجميع مشتملاتهما.

وقال شرحاً لدعواه أنه بموجب العقد سالف الذكر استأجرت منه السيدتان ……….., ………….. الدكان رقم (2) وجزءاً من الدكان رقم (1) محل النزاع في الدعوى الأولى مجهزين بالمنقولات الموضحة بالكشف الملحق بالعقد وإذ تنازلتا عن إيجار هذين المحلين بالكامل إلى شركة الروايح المشار إليها بالمخالفة للعقد فقد أقام الدعوى.

كما أقام ………. و…………. و………….. و………….. و………… على ملاك العقار والمستأجر الأصلي الدعوى رقم 7967 لسنة 1978 مدني جنوب القاهرة طالبين الحكم بثبوت العلاقة الإيجارية بينهم وبين المدعى عليهم عن الدكان رقم (2) وعن الجزء الأمامي من الدكان رقم (1) محل النزاع وذلك بالأجرة القانونية المقررة.

وقالوا بياناً لدعواهم أنه بتاريخ 1/5/1966 قامت شركة توصية بسيطة للروايح بين …………. وباقي المدعين مارست نشاطها بالدكان رقم (2) وبتاريخ 14/1/1969 باعت السيدة المذكورة حصتها في الشركة وفي الدكانين رقمي 1, 2 محل النزاع لباقي شركائها, وإذ أنكر عليهم ملاك العقار والمستأجر الأصلي حقهم كمستأجرين للمحلين المذكورين, فقد أقاموا الدعوى.

وبعد أن أمرت المحكمة بضم الدعاوى الثلاثة للارتباط حكمت بتاريخ 29/11/1979 برفض الدعويين رقمي 588, 5723 لسنة 1976, وفي الدعوى رقم 7967 سنة 1979, بثبوت العلاقة الإيجارية بين الطرفين عن الدكانين محل النزاع وذلك بالأجرة القانونية المقررة, استأنف مالك العقار هذا الحكم بالاستئناف رقم 105 لسنة 97 ق القاهرة .

كما استأنفه المستأجر الأصلي بالاستئناف رقم 144 لسنة 97 ق القاهرة وبعد أن قررت المحكمة ضم الاستئنافين حكمت بتاريخ 23/11/1981 بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به بالنسبة للدكان رقم (1) وبإخلاءه وتسليمه للملاك, وبرفض ثبوت العلاقة الإيجارية عن الدكان رقم (2) بين المستأجر الأصلي و ………….. مع رفض تخفيض أجرة هذه العين وبتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك.

طعن ملاك العقار في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 143 لسنة 52ق, كما طعن فيه …………. عن نفسه وبصفته مديراً لشركة ……. للروايح, و……….. بالطعن رقم 168 لسنة 52 ق, وطعن فيه أيضاً ………. (المستأجر الأصلي) بالطعن رقم 170 لسنة 52 ق, وقدمت النيابة مذكرة في كل من الطعون الثلاثة أبدت فيها الرأي برفض الطعن.

وإذا عرضت هذه الطعون على المحكمة في غرفة مشورة رأت أنها جديرة بالنظر وحددت جلسة لنظرها وفيها أمرت المحكمة بضم الطعنين رقمي 168, 170 لسنة 52 ق للطعن رقم 143 لسنة 52 ق ليصدر فيها حكم واحد, والتزمت النيابة رأيها

 المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية في كل من الطعون الثلاثة.

أولاً عن الطعن رقم 143 لسنة 52ق:
حيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولون

أن المالك السابق أشترط في الأذن الصادر للمستأجر الأصلي (…..) أن يكون التأجير قاصراً على …… و….. دون غيرهما، وأن يقتصر التأجير على جزء من العين المؤجرة، يتم الاتفاق كتابة على تحديده ورغم أن المستأجر الأصلي لم يلتزم بالشرطين الأخيرين وأجر المحل رقم (2) بأكمله للمذكورتين بغير موافقة المالك، إلا أن الحكم المطعون فيه أقام قضاه برفض إخلاء الدكان على سند من أن هذين الشرطين ليسا من الشروط الجوهرية في العقد،

وأن التمسك بهما يعد تعسفا من جانب المالك في استعمال حقه، وأن سكوت الملاك مدة طويلة قبل رفع الدعوى، يشير إلى موافقتهم على تأجير المحل بأكمله هذا رغم أن مجرد السكوت لا يصلح دليلاً على ذلك، كما أن المؤجر لا يعد متعسفا في استعمال حقه بتقييد الإذن بالتأجير من الباطن وقصره على جزء من العين المؤجرة الأمر الذي يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي سديد

ذلك أنه من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن التشريع الاستثنائي بعد أن سلب المؤجر حقه في طلب إخلاء المكان المؤجر بعد انتهاء مدة الإيجار الاتفاقية، مقررا مبدأ امتداد عقد الإيجار تلقائيا أجاز له طلب الإخلاء لأسباب حددها من بينها تأجير المستأجر للمكان من باطنه أو تنازله عنه أو تركه للغير بأي وجه من الوجوه بغير إذن كتابي صريح من المالك.

مما يضحى معه الأصل في ظل هذا القانون الآمر هو انفراد المستأجر – ومن يتبعه بالانتفاع بالمكان المؤجر، وعدم جواز تخليه عنه للغير كليا أو جزئيا، واعتبار هذا التخلي بجميع صوره خروجاً من المستأجر على نص عقد الإيجار مكملاً بحكم القانون يجيز للمؤجر طلب الإخلاء والأصل أنه لا جناح على من يستعمل حقه استعمالا مشروعا فلا يكون من ثم مسئولا عما ينشأ عن ذلك من ضرر بغيره على نحو ما نصت عليه المادة الرابعة من القانون المدني.

أما ما أوردته المادة الخامسة منه من قيد على هذا الأصل فهو إعمال لنظرية إساءة استعمال الحق يتمثل في أحد معايير ثلاثة يجمع بينها ضابط مشترك هو نية الإضرار سواء في صورة تعمد الإساءة إلى الغير دون نفع يعود على صاحب الحق في استعماله أو في صورة استهانة ما يحيق بذلك الغير من ضرر جسيم تحقيقا لنفع يسير يجنيه صاحب الحق بحيث لا يكاد يلحقه ضرر من الاستغناء عنه الأمر الذي يربط بين نظرية إساءة استعمال الحق وبين قواعد المسئولية المدنية وقوامها الخطأ وينأى بها عن مجرد اعتبارات الشفقة،

وعلى ذلك فإنه لا يسوغ اعتبار المؤجر مسيئا لاستعمال حقه في طلب الإخلاء وفقا لأحكام القانون، إذا ما وقع من المستأجر ما يبرره لمجرد أنه يترتب عليه حرمان هذا الأخير من الانتفاع بالمكان المؤجر، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر، وأقام قضاءه بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض إخلاء المحل رقم (2) عن ما أورده – بمدوناته من أنه :

عن الدكان رقم (2) فقد التزم مستأجره بمضمون التصريح الصادر له من المالك بالتأجير من الباطن للسيدتين ……، ….. منفذا بذلك الشرط الجوهري في التصريح وهو حق المالك في اختيار شخص المستأجر من الباطن، ولا ينال من ذلك أن المستأجر الأصلي أجر المحل بأكمله من الباطن أو أنه لم ينتظر اتفاقا كتابيا على تحديد الجزء المسموح بتأجيره من الباطن إذ فضلا عن أن هذين الشرطين ليسا من الشروط الجوهرية في التصريح وأن التمسك بهما تعسف من جانب المالك في استعمال حقه في طلب عدم الاعتداد بالتصريح.

فقد انقضى ما يقرب من عشر سنوات بين تنفيذ التصريح بصورته محل النعي وبين تاريخ إقامة الدعوى رقم 588 لسنة 1976 ثلاث منها أيام المالك السابق وسبع منها بعد انتقال الملكية للمستأنفين (الطاعنين) بما يشير لموافقة المالك السابق والملاك الحاليين على تأجير المحل بأكمله من الباطن .

وإذ كان هذا الذي خلص إليه الحكم لا يتفق وصحيح القانون ذلك أن إقامة الطاعنين دعواهم بطلب إخلاء العين المؤجرة لتأجيرها بأكملها من الباطن على خلاف التصريح الصادر من المؤجر الأصلي، بقصر الإذن للمستأجر بالتأجير على جزء منها يتم الاتفاق عليه بين طرفي العقد هو استعمال مشروع لحقهم في هذا الطلب ولا تعسف فيه، وليس هناك ما يمنع قانونا من أن يتفق طرفا عقد الإيجار على تحديد نطاق الأذن بالتأجير من الباطن على النحو المشار إليه.

وإذ خلت الأوراق مما يمكن معه استخلاص أن القيد المذكور للتصريح بالتأجير من الباطن ليس شرطا جوهريا في مقصود العاقدين على نحو ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه، وكان مجرد انقضاء فترة من الزمن قبل رفع دعوى الإخلاء لا يفيد بمجرده تنازل المؤجر عن حقه في طلب إخلاء العين المؤجرة.

وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا انقضى عقد الإيجار الأصلي فإن عقد الإيجار من الباطن ينقضي حتما بانقضائه ولو كان التأجير من الباطن مأذونا به من المؤجر، إذ أن – المستأجر الأصلي إنما يؤجر من الباطن حقه المستمد من عقد الإيجار، فإذا أنقضى هذا العقد أنقضى العقد المستمد منه ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض طلب إخلاء المحل رقم (2) بعقار النزاع فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.

ثانيا/ عن الطعن رقم 170 لسنة 52ق:
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه

بالنسبة لما قضى به من إخلاء المحل رقم (1) وتسليمه لملاك العقار وفي بيان ذلك يقول أن الحكم قضى بإخلاء هذا المحل بمقولة أنه خالف التصريح الممنوح له بتأجير العين إلى شخص معين هو …..، بأن أجره إلى من يدعى ……،

هذا في حين أنه ألتزم بحدود الأذن الصادر له وقام بتأجير العين من باطنه إلى …… وهو الذي تنازل عن الإجارة إلى …… دون موافقة الطاعن، ومع ذلك أعتبره الحكم مسئولا عن هذه المخالفة رغم أنه لا توجد أية علاقة إيجارية بينه وبين الأخير، أما الوعد بالتأجير الصادر له من الطاعن بتاريخ 16/ 11/ 1965

فقد كان مقيداً بشرط الحصول على موافقة المالك، وألا يتم شغل العين إلا بعد تحرير عقد إيجار له وإخلاء المستأجر من الباطن – …. لها، وقد كان لزاما على الحكم أن يقضي بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 1/ 9/ 1962 الصادر منه إلى هذا المستأجر لتأجيره العين إلى ……. دون تصريح سابق له بذلك، والذي تنازل بدوره عنها إلى …..، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي غير مقبول

ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا أقام الحكم قضاءه على دعامات متعددة وكانت أحداها كافية وحدها كي يستقيم بها فإن تعيبه في باقي الدعامات – أيا كان وجه الرأي فيه – يكون غير منتج، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بأخذ الدكان رقم (1) وتسليمه لملاك العقار على سند مما أورده بمدوناته من أنه عن الدكان رقم (1) فقد جاء تصريح المالك السابق للعقار بتأجير جزء منه من الباطن مقيدا بشخص معين هو السيد ……. دون سواه ومؤدى هذا النظر أن التصريح بفقد آثاره وحجيته بمجرد الخروج على مقتضاه.

وحيث إن الثابت بإقرار ……. (الطاعن) بصحيفة استئنافه أن هذا الجزء من المأجور آل للسيد …… كمستأجر بعد أن أخلاه السيد ……. (المستأجر من الباطن) ومن ثم فإن تواجد ……… بالعين بصفته هذه يشكل خروجا على مقتضى التصريح بالتأجير من الباطن آنف البيان ويجعل من هذا التواجد مخالفة للبند الثامن من عقد الإيجار المؤرخ 30/ 9/ 1957 مخالفة تتيح لملاك العقار طلب إخلاء العين

وحيث إن عقد الإيجار من الباطن ينقضي حتما بانقضاء عقد الإيجار الأصلي فإن المحكمة تقضي بإنهاء العلاقة الإيجارية بشأن الدكان رقم (1) وبإخلاء شاغليها منها ….. وإذ كان هذا الذي خلص إليه الحكم سائغا له أصل ثابت بالأوراق ولا مخالفة فيه للقانون .

ذلك أن الثابت بمطالعة صحيفة الاستئناف المرفق من الطاعن (144 لسنة 97ق) أنه أقر فيها صراحة بأنه تصالح مع …….. أمام الخبير في الدعوى 4482 لسنة 1966 كلي القاهرة وأنه وافق على اعتبار ……. مستأجرا لجزء من المحل رقم (1) وفقا للعقد المؤرخ 9/ 1/ 1964، مما مفاده أن الطاعن أقام علاقة إيجارية مباشرة مع هذا الشخص خلفا للمستأجر السابق …….،

وإذ كانت هذه الدعامة التي أقيم عليها الحكم كافية لحمل قضائه فإن تعييبه فيما استطرد إليه من مسئولية الطاعن في مواجهة العذر عن مخالفات المستأجر من الباطن بقبوله حلول …… محله في دكان النزاع – وأيا كان وجه الرأي فيه – يكون غير منتج ولا جدوى منه.

وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن بباقي أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال

وذلك بالنسبة لما قضى به الحكم في خصوص المحل رقم “2” وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أقتصر على إخلاء …… من المحل رقم “2” وأعتد بعقدي الشركة وبيع الجدك الصادرين منها لشركة ……… رغم قضائه بانتهاء عقد استئجارها للمحل المذكور من الباطن مما لازمه زوال حقوق هذه الشركة التي تلقت الحق من المستأجرة المذكورة.

كما لا يجوز قانونا للمستأجر من الباطن أن يبيع العين المؤجرة له  بالجدك ، وإذ قضى الحكم بثبوت العلاقة الإيجارية بين الطاعن وبين أصحاب شركة ….. فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي غير مقبول

ذلك أنه وقد انتهى قضاء هذه المحكمة في الطعن السابق رقم 143 لسنة 52ق إلى نقض الحكم المطعون فيه بالنسبة لما قضى به من رفض إخلاء المحل رقم “2” من الطاعن ومن الشاغلين (أصحاب شركة ……) على نحو ما سلف بيانه، فقد أضحى النعي على تصرفات المستأجر للمحل من الباطن (……) وأثرها بالنسبة للمركز القانوني لأصحاب الشركة المذكورة أيا كان وجه الرأي فيه – يكون غير منتج التحدي به. ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

ثالثا/ عن الطعن رقم 168 لسنة 52ق:
حيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى بها الطاعنان على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال والتناقض وفي بيان ذلك يقولان أن

الحكم أخطأ إذ أعتبر الدكانين رقمي 1، 2 محل النزاع مؤجرين بالفرش من المستأجر الأصلي ….. رغم أن الثابت من تقارير الخبراء المقدمة في الدعوى أنهما مؤجران خاليان وبالتالي فإن كلا من الدكانين يخضع لأحكام قانون إيجار الأماكن, كما أخطأ الحكم إذ قضى بإخلاء الدكان رقم “1” رغم أن المستأجر الأصلي قام بتأجيرها …… و…… مع الدكان رقم “2” بعقد لاحق في سنة 1968 لم يفسخ قضاء أو رضاء، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي بكافة أسبابه غير مقبول

ذلك أنه وقد انتهى قضاء هذه المحكمة في الطعن الأول رقم 143 لسنة 52ق إلى نقض الحكم المطعون فيه بالنسبة لما قضى به من رفض إخلاء المحل رقم “2” من الطاعنين والمستأجر الأصلي كما انتهى قضاؤها في الطعن الثاني رقم 170 لسنة 52ق إلى صحة قضاء الحكم المطعون فيه بإخلاء الدكان رقم “1” وذلك لما سلف بيانه من أسباب.

ولما كان انقضاء عقد الإيجار الأصلي لمستأجر محلي النزاع يترتب عليه حتما انقضاء عقد الإيجار من الباطن الصادر منه كما تزول حقوق كل من تلقى حقا من المستأجر الأصلي أو من المستأجر من الباطن على العين المؤجرة.

وإذ كان إدعاء الطاعنين يستند إلى أنهما يضعان اليد على الدكانين باعتبارهما مشترين لهما بالجدك من المستأجرة من الباطن، وكان الهدف من الطعن هو سريان أحكام قانون إيجار الأماكن على هذين المحلين وما يترتب على ذلك من الامتداد القانوني للإجارة، ومن ثم فقد أضحى النعي – أيا كان وجه الرأي فيه غير منتج ولا جدوى منه.

ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

وحيث إن الموضوع بالنسبة للمحل رقم “2” صالح للفصل فيه ولما تقدم

وإذ ثبت أن المستأجر الأصلي ….. قام بتأجير الدكان المذكور من الباطن على خلاف مقتضى التصريح الصادر له بذلك، إذ قام بتأجيره بالكامل من باطنه رغم أن التصريح كان قاصراً على جزء منه يتم تحديده باتفاق الطرفين ومن ثم فإنه يحق لملاك العقار طلب إخلاء العين وفقا لنص المادة 18/ ج من القانون رقم 136 لسنة 1981 بشأن إيجار الأماكن، وهو ما يترتب عليه حتما انقضاء حق المستأجرين من الباطن لهذا الدكان وبالتالي زوال حق باقي المطعون ضدهم (……) على العين المؤجرة مما يتعين معه تسليمها إلى ملاك العقار وهم الطاعنون في الطعن رقم 143 سنة 52ق وإلغاء الحكم المستأنف بالنسبة لما قضى به على خلاف ما تقدم

الطعن رقم 1848 لسنة 45 بتاريخ 23/02/1976

الوقائع

أقامت المطعون ضدهما دعواهما بالطريق المباشر أمام محكمة جنح عابدين الجزئية قيدت بجدولها برقم 3955 لسنة 1972 ضد الطاعنة متهمتين إياها بأنها في يومي 11 من أبريل سنة 1971 و28 نوفمبر سنة 1971 بدائرة قسم عابدين محافظة القاهرة: قامت بصرف قيمة الشيكين المبينين بعريضة الدعوى منتحلة صفة وهمية.

وطلبتا عقابها بالمادة 336 من قانون العقوبات وإلزامها بأن تؤدي لهما مبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت. وفي أثناء نظر الدعوى أمام المحكمة المذكورة أقامت الطاعنة دعوى مدنية فرعية ضد المدعيتين بالحقوق المدنية – تطلب فيها إلزامهما بأن يؤديا إليها مبلغ ألف جنيه تعويضا عما أصابها من أضرار أدبية من جراء إقامة الدعوى عليها .

ثم قضت المحكمة حضوريا:

  • (أولا) ببراءة المتهمة (الطاعنة) مما أسند إليها ورفض الدعوى المدنية وألزمت المدعيتين بالحقوق المدنية مصاريفها.
  • (ثانيا) برفض دعوى التعويض الفرعية وألزمت رافعتها (الطاعنة) مصاريفها.

فاستأنفت المدعيتان بالحقوق المدنية هذا الحكم، كما استأنفته المتهمة وقيد الاستئناف برقم 3277 لسنة 1973، ومحكمة القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الأستاذ … … المحامي بصفته وكيلا عن … … في هذا الحكم بطريق النقض … إلخ

 المحكمة
حيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى برفض دعواها المدنية قبل المطعون ضدهما – المدعيتين بالحقوق المدنية – قد انطوى على خطأ في تطبيق القانون وشابه فساد في الاستدلال وقصور في التسبيب

ذلك بأنهما ما أقامتا دعواهما قبلها بالطريق المباشر طالبتين بالمادة 336 من قانون العقوبات وإلزامها التعويض إلا ابتغاء الإساءة إليها والإضرار بها لإبعادها عن الشركة وإجبارها على التنازل عن حقوقها في شركتين أخريين, وإذ لم يسلكا سبيلهما الطبيعي إلى ذلك بالالتجاء إلى القضاء المدني.

ولم يحركا ساكناً لاستلام المبلغ المتنازع عليه الذي عرضه أحد الشركاء وأودعه خزانة المحكمة حسماً للجدل الذي ثار حول تصفية الشركة – بما ينبئ عن سوء نيتهما, فقد حقت مساءلتهما بالتعويض عملاً بنص المادتين 5 من القانون المدني, 267 من قانون الإجراءات الجنائية – بيد أن الحكم المطعون فيه رغم قضائه ببراءتها – رفض دعواها المدنية بالتعويض قبلهما بأسباب لا تصلح ولا تكفي لحمل قضائه مما يعيبه ويوجب نقضه.

 وحيث إن الحكم المطعون فيه حاصل واقعة الدعوى في أن المدعيتين بالحقوق المدنية – المطعون ضدهما – أقامتا دعواهما المباشرة قبل الطاعنة بصحيفة قالتا فيها أنهما كانتا شريكتين في الشركة العربية لمستحضرات التجميل وقد خضعت الشركة للحراسة سنة 1966 وقامت الحراسة ببيع جميع جدك الشركة إلى شركة القاهرة لتعبئة الزجاجات وأصبح اسمها شركة القاهرة للحاصلات الغذائية والعطرية.

وتم تقييم الشركة وحدد مبلغاً نقدياً لكل شريك وكان نصيب كل منهما 3100 ج, وقامت الشركة بأداء نصيب الشركاء جميعاً بمقتضى شيكين أحدهما بمبلغ 5100ج و451م  والثاني بمبلغ 4966ج و 229م على بنك الإسكندرية وحدد اسم المستفيد أصحاب الشركة العربية لمستحضرات التجميل سابقاً, وأن المتهمة – الطاعنة – قامت بصرف قيمة الشيكين منتحلة صفة وهمية هي أنها مصفية ومديرة الشركة التي أصبح لا وجود لها وانتهت المدعيتان في صحيفتهما إلى طلب توقيع العقوبة الجنائية على المتهمة طبقاً للمادة 336 من قانون العقوبات.

وإلزامها بأن تؤدي لهما مبلغ 51 جنيها على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف, وبعد أن عرض الحكم لإنكار المتهمة من أن الشركة ما زالت قائمة إذ صدر قرار برفع الحراسة عنها بمقتضى القرار الجمهوري رقم 400 لسنة 1968, وإقامتها لدعوى فرعية ضد المدعيتين بالحقوق المدنية بطلب إلزامهما بان يؤديا إليها مبلغ ألف جنيه تعويضاً عما أصابهما من أضرار من جراء إقامة الدعوى, انتهى الحكم إلى القضاء ببراءة المتهمة – الطاعنة – مما أسند إليها ورفض الدعوى المدنية قبلها استناداً إلى أنها إحدى أصحاب الشركة.

ومن ثم فإنها إذ تسلمت الشيكين المحررين باسم أصحاب الشركة لا تكون قد اتخذت لنفسها صفة كاذبة, وأنه لم يقم دليل على اتخاذها كذلك صفة المصفية, ثم أورد الحكم في خصوص قضائه – برفض الدعوى المدنية المقامة من الطاعنة ضدهما قوله

وحيث إنه عن الدعوى الفرعية

استعمال الحق في قضاء النقض

فإنه من المقرر قانوناً أن الالتجاء إلى القضاء من الحقوق المقررة للكافة التي لا يتوافر بشأن ممارسة هذا الحق توافر ثمة خطأ إلا إذا أثبت توافر قصد الإساءة الأمر الذي لا تفصح عنه الأوراق وتناهضه ظروف وملابسات الدعوى ومن ثم يتعين رفض الدعوى مع إلزام رافعتها المصاريف”.

لما كان ذلك, وكان الأصل أن  حق الالتجاء إلى القضاء  هو من الحقوق العامة التي تثبت للكافة وأنه لا تثريب عليه المساءلة بالتعويض إلا إذا ثبت أن من باشر هذا الحق قد انحرف به عما وضع له واستعمله استعمالاًَ كيدياً وابتغاء مضارة الغير سواء اقترن هذا القصد بنية جلب المنفعة لنفسه أو لم تقترن به تلك النية به طالما أنه كان يستهدف بدعواه مضارة خصمه.

لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص في حدود سلطة المحكمة التقديرية أن المطعون ضدهما قد رفعتا دعواهما المباشرة في حدود استعمالهما المشروع لحقهما في التقاضي دون أن ينحرفا في استعمال هذا الحق, وأنه لم يثبت أنهما قصدتا بذلك مضارة خصمهما.

وكان هذا الذي أورده الحكم كافياً وسائغاً في نفي الخطأ التقصيري في جانب المطعون ضدهما ومن شأنه أن يؤدي إلى ما انتهى إليه الحكم من رفض دعوى الطاعنة قبلهما فإن ما تثيره في هذا الشأن بوجه طعنها ينحل إلى جدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى وعناصرها بما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم, فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً ومصادرة الكفالة وإلزام الطاعنة المصاريف المدنية.

عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض

الأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض خبرات قضائية فى القانون المدنى والملكية العقارية وطعون النقض ليسانس الحقوق 1997- احجز موعد 01285743047

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أوافق على سياسة الخصوصية 

body{-webkit-user-select:none;-moz-user-select:none;-ms-user-select:none;user-select:none} .separator a,.post-body img{-webkit-touch-callout:none;-webkit-user-select:none;-khtml-user-select:none;-moz-user-select:none;-ms-user-select:none;user-select:none;pointer-events:none} pre,kbd,blockquote,table{-webkit-user-select:text;-khtml-user-select:text;-moz-user-select:text;-ms-user-select:text;user-select:text}