بطلان عقد بيع المورث أم التزام الورثة بالعقد
البحث يرد علي سؤال (متي لا يكون الوارث من الغير في بيع مورثة لوارث أخر) ، فالفرض هو بيع المورث حال حياته لأحد ورثته، طارحا السؤال هل يلتزم باقي الورثة بعقد مورثهم، أم أنه بيع باطل، وهل لا يحق للوارث الطعن علي البيع باعتباره خلف عام لمورثه يلتزم بالتزاماته وواجباته.
اثبات صورية تصرف المورث بالكتابة فقط أم بكافة طرق الاثبات
القاعدة القانونية عدم جواز اثبات صورية البيع بين طرفيه الا بالكتابة، والوارث المتضرر هنا خلف عام لمورثه المتصرف ومن ثم لا يجوز له اثبات صورية تصرف مورثه بالبيع الا بالكتابة .
لكن القانون خرج علي تلك القاعدة القانونية في طعن الوارث علي بيع مورثه لوارث أخر، وأباح له اثبات الصورية بكافة طرق الاثبات، وعلي الوارث المشتري نفي البطلان، و اثبات صحة البيع وأنه بيع منجز مكتمل الأركان .
لذا كان عنوان هذا البحث متى لا يكون الوارث من الغير في بيع مورثه لوارث أخر ؟
أهمية اثبات أن الوارث ليس من الغير
- تكمن أهمية عدم اعتبار الوارث في هذا المقام من الغير أنه لا يستطيع ابطال بيع مورثه لوارث أخر الا بالكتابة، مثلما ممتنع علي مورثه حال حياته بعد ابرام التصرف.
- ان نجح الوارث المشتري اثبات أن الوارث الاخر ليس من الغير فقد قيد طريق الاثبات له بوجوب اثبات صورية البيع بالكتابة فقط وأغلق له كافة طرق الاثبات الأخري .
لذلك سنستعرض أحكام محكمة النقض في هذا الصدد من خلال المبادئ المستقرة لها في بيان عما اذا كان الوارث من الغير أو لا يعد كذلك في التصرف الصادر من مورثه لوارث أخر .
أحكام عدم اعتبار الوارث في حكم الغير
الوارث: عدم اعتباره في حكم الغير بالنسبة للتصرف بالبيع الصادر من مورثه لوارث آخر. شرطه
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل – في أن مورث الطاعن والمطعون ضدهما كان قد أقام الدعوى ….. سنة 1982 شبين الكوم الابتدائية على المطعون ضده الأول بطلب الحكم بصورية عقد البيع المؤرخ 1/10/1979 عن العقار المبين بالصحيفة لقاء ثمن قدره سبعة آلاف جنيه.
وقال بيانا لذلك
Hنه لم يعقب ذرية من بعده وحرر لهذا السبب لابن أخيه – المطعون ضده الأول – ذلك العقد دون فيه على خلاف الحقيقة أنه قبض الثمن واستحصل في ذات مجلس العقد على ورقة ضد في صورة عقد رهن عن العقار ذاته نظير دين رهن يعادل الثمن وإذ كان هذا البيع مضافاً إلى ما بعد الموت وليس منجزاً فأقام الدعوى.
كما أقام المطعون ضده الأول الدعوى ….. سنة 1982 شبين الكوم الابتدائية على المورث بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع سالف البيان، وبعد أن ضمت المحكمة الدعويين حكمت في الأولى برفضها وفي الثانية بالطلبات بحكم استأنفه المورث برقم ….. سنة 17ق طنطا – مأمورية شبين الكوم – وفيه قضت المحكمة بالتأييد.
فطعن المورث على هذا الحكم بطريق النقض بالطعن ….. سنة 56ق وبتاريخ 11/4/1989 نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى محكمة الاستئناف. عجل المورث السير في الاستئناف فأحالته المحكمة إلى التحقيق ليثبت المورث صورية البيع الصادر منه وخلال الأجل المحدد للتحقيق توفى المورث فقضت المحكمة بانقطاع سير الخصومة لوفاته فعجلها المطعون ضده الأول قبل الطاعن والمطعون ضده الثاني .
فحكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة، وبعد المداولة ,حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك يقول
إنه تمسك لدى مثوله لأول مرة في الاستئناف بطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت بشهادة الشهود صورية عقد البيع الصادر من مورثه سند الدعوى إلا أن الحكم لم يلتفت لهذا الدفاع ولم يأبه لوجود مقدمه وقضى بتأييد الحكم المستأنف على قالة تقاعس المستأنف عن إحضار شهوده حال أن المورث توفى خلال أجل التحقيق وأن حق الطاعن في إبداء دفاعه لم يتقرر له إلا بعد وفاة مورثه مما كان يتوجب معه على الحكم توجيه إجراءات الإثبات في مواجهته وهو مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله
ذلك أن المقرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن كل طلب أو وجه دفاع يدلى به لدى محكمة الموضوع ويطلب إليها بطريق الجزم أن تفصل فيه ويكون الفصل فيه مما يجوز أن يترتب عليه تغيير وجه الرأي في الدعوى يجب على محكمة الموضوع أن تجيب عليه في أسباب الحكم وإلا كان حكمها مشوباً بالقصور.
كما أنه من المقرر أن الوارث لا يعتبر في حكم الغير بالنسبة للتصرف الصادر من المورث إلى وارث آخر إلا إذا :
كان طعنه على هذا التصرف هو أنه وإن كان في ظاهره بيعاً منجزاً إلا أنه في حقيقته وصية إضراراً بحقه في الميراث أو أنه صدر في مرض موت المورث فيعتبر إذ ذاك في حكم الوصية لأنه في هاتين الصورتين يستمد الوارث حقه من القانون مباشرة حماية له من تصرفات مورثه التي يقصد بها التحايل على الميراث.
لما كان ذلك
وكان الثابت بالأوراق أن الطاعن مثل أمام محكمة الاستئناف بعد وفاة مورثه وتمسك بصورية عقد البيع سند الدعوى الصادر من الأخير للمطعون ضده الأول وأنه يستر تصرفاً مضافاً إلى ما بعد الموت وطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات هذا الدفاع إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل هذا الدفاع ولم يعن بفحصه وتمحيصه رغم كونه دفاعاً جوهرياً من شأنه – لو صح – أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى.
وقضى بتأييد الحكم المستأنف على قالة:
تقاعس المستأنف عن إحضار شهوده وهو ما لا يواجه هذا الدفاع أو يحمل رداً يغني عن بحثه وتحقيقه فضلاً عن أن إجراءات الإثبات يجب أن تتخذ في مواجهة طرفي الخصومة من غير خلافه فيها، مما يعيب الحكم بالقصور المبطل ويستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إنه وإن كانت المادة 269 من قانون المرافعات
توجب على محكمة النقض إذا حكمت بنقض الحكم المطعون فيه وكان الطعن للمرة الثانية أن تحكم في الموضوع، إلا أن التصدي لموضوع الدعوى يقتصر على ما إذا كان الطعن للمرة الثانية ينصب على ذات ما طعن عليه في المرة الأولى، وإذ كان الطعن الثاني مقام من الوارث عن طلب ذاتي لنفسه أغفل الحكم إيراده والرد عليه ويغاير طلب المورث في الطعن الأول من حيث مصدره وسببه وهو ما لم يكن معروضا أصلا في الطعن الأول فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.
أحكام النقض المدني الطعن رقم 502 لسنة 65 بتاريخ 22 / 1 / 2006 – مكتب فني 57 – صـ 60
ختاما: نخلص مما تقدم الى أن الوارث في حال الطعن علي تصرف مورثة بالبيع لوارث أخر لا يعد من الغير ان كان طعنه منصبا علي الصورية المطلقة، فيلتزم في اثبات الصورية بما كان التزاما علي مورثه وهو الاثبات بالكتابة باعتباره خلفا عاما له يلتزم بالتزاماته، أما ان كان طعنه منصبا علي الصورية النسبية باعتبار البيع وصية اضرارا بحقه في الميراث فانه ليعد في هذه الحالة من الغير ويحق له اثبات الصورية بكافة طرق الاثبات لأنه يستمد حقه في ذلك من القانون مباشرة لوجود تحايل علي قواعد الميراث.