يُعد الحكم حجة ملزمة للطرفين من أهم المبادئ الراسخة في النظام القضائي المصري،  حيث نظم المشرع هذه الحجية بموجب المادة 101 من قانون الإثبات والمادة 116 من قانون المرافعات لضمان استقرار الأحكام القضائية.
ويتساءل الكثيرون عن كيفية اعتبار الحكم حجة ملزمة وفقًا لحجية الأمر المقضي به، والتي تمنع الخصوم من إعادة طرح النزاع ذاته أمام المحاكم بعد صدور حكم نهائي فيه.
وحرص المشرع على تعزيز جلال الأحكام القضائية من خلال إضفاء حجية مطلقة لا يجوز نقضها بأي دليل، مما يحقق الاستقرار القانوني للحقوق بين الخصوم ويمنع تضارب الأحكام.
وتكتسب قاعدة الحكم حجة ملزمة أهمية خاصة كونها تتعلق بالنظام العام، حيث تلتزم المحاكم بالقضاء بها من تلقاء نفسها حتى لو لم يتمسك بها الأطراف.
العناصر الأساسية التي تجعل الحكم حجة ملزمة:
  • صدور حكم قطعي حائز لقوة الأمر المقضي
  • توافر شروط الحجية: وحدة الخصوم والمحل والسبب
  • منع إعادة مناقشة المسألة المفصول فيها
  • ارتباط الحجية بالنظام العام
  • التزام المحاكم بإعمالها تلقائيًا.
الحكم حجة ملزمة وفقا لحجية الأمر المقضي به
 

حسم النزاع بالحكم حجة ملزمة للخصوم

محتويات المقال إخفاء
  • حجية الحكم القضائي هي قاعدة قانونية تكرّس مبدأ قانوني، وهو استقرار الأحكام.
  •  ومفادها أن الخصوم في الدعوى التي صدر فيها الحكم يمتنع عليهم بقوة القانون، من العودة إلى مناقشة المسألة التي تم الفصل فيها بحكم نهائي من جديد بدعوي جديدة.
  •  أو بدفع في دعوي منظورة، حتى لو استندوا إلى أدلة قانونية أو واقعية جديدة لم تُطرح في الدعوى الأولى.
  • هذا المبدأ يعكس حرص المشرع على حماية هيبة الأحكام القضائية، واستقرار الحقوق ومنع صدور أحكام متعددة عن نزاع واحد.

مفهوم الحكم حجة ملزمة وحجية الأمر المقضي كدليل

ينصرف مفهوم حجية الأمر المقضي به كدليل إلى ما يضفيه المشرع علي الأحكام القضائية من جلال واحترام يحول دون العبث والمساس بها بإعادة طرح موضوع النزاع مرة أخري علي المحاكم.

فالحكم القضائي طبقاً لقاعدة حجية الأمر المقضي به يحوز الحجية فيما بين الخصوم فيما فصل فيه من الحقوق .

فلا يجوز لأحد الخصوم أن يعود مرة أخرى إلى المنازعة فيما قضى به الحكم عن طريق رفع دعوى جديدة على الخصم الأخر عن ذات الموضوع .

فإذا حسم  الحكم القضائي  النزاع بين الطرفين فهو حجة عليهما معاً  .

المحامي عبدالعزيز حسين عمار

الأستاذ / عبدالعزيز حسين عمار

محامي بالنقض والإدارية العليا
ليسانس الحقوق - جامعة الزقازيق 1997
خبرة +28 عامًا في قضايا الميراث والملكية والمدني
متخصص في الطعون أمام محكمة النقض

قالت محكمة النقض:

حجية الحكم . مفادها . امتناع الخصوم في الدعوى التي صدر فيها من العودة إلى مناقشة المسألة التي فصل فيها في دعوى تاليه ولو بأدلة قانونية أو واقعية لم يسبق إثارتها في الدعوى الأولي  .

  1. واضح أن غاية هذه الحجية إذن حسم المنازعات على الحقوق بين الخصوم بصفة نهائية .
  2. دون الحاجة إلى العودة إليها مرة أخرى .
  3. مما يؤدي إلى تأبيد النزاعات مما يحقق الاستقرار في الأمن الاجتماعي .
  4. كما أنه يحقق الاحترام الكامل للأحكام القضائية .
  5. ولا يمكنن القول أن الحجية تؤذي العدالة في جوهرها بتأييد الأحكـام القضائية فيما قضت به ولو خالفت قواعد العدالة وروحها .
  6. فالحكم القضائي لا يصدر إلا بعد سماع أطراف الخصومة ودفاعهم ودفوعهم .
  7. وبالأدنى تمكينهم من ذلك، وما يستندون إليه من أدلة.
  8. ثم تقدر هذه الأدلة وتقيم من جانب المحكمة، من حيث الواقع والقانون معاً.
  9. ما يؤدي إلى أن يصدر الحكم القضائي في الغالب من الأمور معبراً عن الحقيقة .
  10. صحيح أن الخطأ في الأحكام القضائية أمر وارد فهي انتهاءً جهد بشري .
  11. ولكن مبررات الاستقرار توجب التضحية في سبيل استقرار الأوضاع في المجتمع وتحقيق الاستقرار للأفراد في نزعاتهم.
  12. ومن ناحية أخيرة فإن السماح للأفراد بنقض هذه الحجية بتجديد موضوع النزاع مرات ومرات يضر العدالة.

فهو يفتح الباب واسعاً أمام محاولات غير مشروعة للحصول علي ما يدعون أنه حق بأي طريق  .

وقد قضت محكمة النقض في هذا الصدد:

الفصل نهائياً في مسألة تجادل فيها الخصوم في دعوى سابقة مانع من التنازع فيها بين ذات الخصوم في أي دعوى تالية تكون هذه المسألة بذاتها الأساس لما يدعيه أحدهما من حقوق مترتبة عليها . لا يغير من ذلك اختلاف الطلبات في الدعويين .

كيف يمكن القول بأن الحجية دليل؟

يجب أن يسبق الحديث عن الحجية كدليل التعرض لتلك التفرقة القائمة بيم حجية الأمر المقضي به وقوة الأمر المقضي به ، ويمكننا القول بأن حجية  الأمر المقضي به تثبت لكل حكم قضائي قطعي .

أي يفصل في موضوع النزاع أو في جزء منه ، سواء أكان قابلاً للطعن فيه بطرق الطعن العادية أم غير قابل للطعن فيه ، وعلى ذلك لا يجوز للخصم إعادة رفع دعوى قضائية أخرى عن الموضوع أو الشق الذي فصل فيه الحكم القضائي.

فإذا رفعت دعوى جديدة أمكن للخصم أن يتمسك بهذه الحجية  .

وتبقى هذه الحجية قائمة للحكم القضائي حتى يلغى أو يزول حتى ولو طعـن فيه بطريق من طرق الطعن العادية بالاستئناف أو بطـرق الطعـن غير العادية النقض والتماس إعادة النظر .

أما قوة الأمر المقضي به ، فهي لا تثبت إلا للأحكام القضائية النهائية ، أي الأحكام التي لا تقبل الطعن فيها بطريق الطعن العادية في الأحكام أي الطعن بالاستئناف .

حتى وإن كان جائزاً الطعن فيها بطريق النقض أو التماس إعادة النظر . فإن قوة الأمر المقضي به تظل قائمة للحكم القضائي النهائي حتى وإن طعن فيه بالنقض أو  التماس إعادة النظر حتى يلغى الحكم .

وتظهر أهمية التفرقة بين قوة الأمر المقضي به وحجية الأمر المقضي به ، في ان الحكم القضائي تثبت له الحجية ويظل متمتعاً به ، وإن لم تثبت له قوة الأمر المقضي به .

فالحكم القضائي وإن كان قابلاً للطعن فيـه بالاستئناف ، فإنه يتمتع بحجية الأمر المقضي به .

فقوة الأمر المقضي هي المرتبة الثانية التي صل إليها الحكم إذا أصبح غير قابل للطعن عليه بأي طريق من طرق الطعن غير العادية .

فالحكم الحائز لقوة الأمر المقضي يحوز في نفس الوقت الحجية أي حجية الشيء المحكوم فيه .

إذا قلنا أن جوهر قاعدة حجية الأمر المقضي به أنها تقرر قاعدة موضوعية جوهرها عدم جواز إعادة المنازعة في الحكم القضائي .

طالما كان قائما لم يلغى بطريق من طرق الطعن العادية أو غير العادية.

ولا يجوز نقض هذا الحكم الموضوعي عن طريق الإقرار من الخصم الذي صدر الحكم لصالحة أو توجيه اليمين إليه .

أمكننا القول وببساطة أن الحجية دليل فهي قرينة قانونية أقامها المشرع ونص عليها صراحة

هل حجية الأحكام قرينة قانونية قاطعة ؟

تعرف القرائن القانونية القاطعة بأنها قرائن نص المشرع عليها ، أي نص قانوناً ، سواء في قانون الإثبات أو في أي قانون آخر ، ويجوز نقض هذه القرينة بالدليل العكسي ما لم يوجد نص يقضي بغير ذلك .

وفي ذلك تنص المادة 99 من قانون الإثبات :

القرينة القانونية تغني من قررت لمصلحته عن أيـة طريقة أخرى من طرق الإثبات ، على أنه يجوز أن تقضي هذه القرينة بالدليل العكسي ، ما لم يوجد نص يقضي بغير ذلك  .

وما يهمنا في تعريف  القرائن   القانونية القاطعة في هذا المقام أنـه وطبقاً للمادة 99 من قانون الإثبات يجوز هدم حجيتها بالإقرار واليمين ما لم يوجد نص يقضي بغير ذلك .

لما سبق لا يمكن القول بأن الحجية قرينة قانونية قاطعة ، إذ يجوز وكما سبق إثبات عكس هذه القرينة القانونية القاطعة بالإقرار واليمين ،

أما الحجية فلا يجوز مطلقاً إثبات عكسها ، لذا عالج مشرع قانون الإثبات الحجية كدليل في فصل مستقل بقانون الإثبات .

وفي بيان غايات ذلك قررت المذكرة الإيضاحية لمشروع قانون الإثبات

أورد المشرع أحكام حجية الأمر المقضي في فصل مستقل عن الفصل الخاص بالقرائن ، وإن جميعها في الباب الرابع منه .

ذلك على أن حجية الأمر المقضى ، وإن اشترطت مع القرائن القانونية في الأساس ، واتحدت معها في أن استنباطها مبنى على الغالب من الأحوال .

إلا أنها تختلف عنها في أنها لا يجوز إثبات عكسها ، بأي طريق من طرق الإثبات ، ولو بإقرار أو يمين .

وهو ما جعل الفقه الحديث يعتبرها من القواعد الموضوعية .

مما تقدم يتضح أن قاعدة  حجية الأمر المقضي به  تعتبر من قبيل القواعد الموضوعية التي لا يجوز نقضها بأي طريق من طرق الإثبات ولو بالإقرار أو اليمين  .

لماذا تتعلق حجية الأمر المقضي بالنظام العام ؟

لعل تساؤل يثار عن ماهيـة هذا النظام العام الذي ترتبط به الحجية.

وفي ذلك يقرر الفقيه الدكتور فتحي سرور :

فكرة النظام العام هي من الأفكار السائدة في جميع فروع القانون وتلعب دوراً هاماً في النظام القانوني .

والاعتقاد السائد في نظرية النظام العام تنطوي علي فكرة عامة مجردة قد تترتب عليها نتائج بالغة الخطورة.

من بينهما أن القاضي ربما أباح لنفسه أن يتخذ من النظام العام نظرية فلسفية أو دينية يؤسسها علي مجموعة من المبادئ الدستورية أو سياسة التشريع العامة

أو علي رأيه الخـاص في المسائل الاجتماعيـة أو الفلسفة الأخلاقية أو الدينية  .

والواضح أن محاولات تعريف النظام العام – لم تفلـح – ويقرر الدكتور محمد المنجي

وقد كانت  فكرة النظام العام  محل تعريفات عديدة لم تفلح إحداها نحو الوصول إلى الغرض المنشود حتى قيل بأن النظام العام يستمد عظمته من ذلك الغموض الذي يحيط به.

فمـن مظاهر سموه أنه ظل متعالياً علي كل الجهود التي بذلها القضاء لتعريفه  .

وفي هذا المعني قالت الدائرة الجنائية لمحكمة النقض المصرية

أنه إن كان الشارع قد حاول تنظيم النظام العام إلا أن النصوص تدل في عبارتها الصريحة أن الشارع لم يحصر وما كان في مقدوره أن يحصر

والقوانين السياسية والإدارية والماليـة والجنائية أبداً متغيرة – المسائل المتعلقة بالنظام العام  .

وفي رأينا أن النظام العام لا يعدوا أن يكون مجموعة القيم الجماعية – الأخلاقية والدينية والقانونية والسياسية والاقتصادية – التي ارتضي جماعة من الناس في وقت معلوم العيش في ظلها اختياراً .

والتعريف المبسط لنا للنظام العام يتفادى من ناحية أزمة ثبات مفهوم النظام العام:

فهو يقر بتغير المفهوم بتغير مكونات هذا النظام ، وهو من ناحية أخري يقر بوجود تعدد لمدخلات النظام العام وترتيب هذه المدخلات باهميتها بحيث لا يشكل ملامح هذا النظام العام سوى ما احتل مرتبة متقدمة من الأهمية .

والنظم القانونية علي التعريف السابق من مكونات النظام العام ، هي تتغير نعم لكنها وهي تتغير تشغل حيزاً زمنياً واسعاً يسمح بأن يستقر البعض منها ردحاً من الزمن يمكن معه القول بأن قاعدة ما من النظام العام إلى أن تتغير وتحل محلها أخري .

وعن ارتباط حجية الأمر المقضي بالنظام العام تقرر المذكرة الإيضاحية لقانون الإثبات

وعملاً على استقرار الحقوق لأصحابها ومنعاً من تضارب الأحكام نص المشرع في المادة 101 منه المقابلة للمادة 405 من القانون المدني القائم.

على تعلق حجية الأمر المقضي به بالنظام العام . مسلماً به بالنسبة للأحكام الجنائية ، فهي تقوم في المسائل المدنية على ما يفرضه القانون من ثقة مطلقة في حكم القضاء رعاة لحسن سير العدالة .

واتقاء لتأبيد المنازعات وضماناً للاستقرار الاقتصادي والاجتماعي .

وهي أغراض تتصل اتصالاً وثيقاً بالنظام العام.

وغنى عن البيان ، أن إقرار الخصم على حق التنازل عن هذه الحجية ومنع القاضي من إثارتها من تلقاء نفسه .

يمكن لاحتمال تعارض الأحكام وتجديد المنازعات ، وهو احتمال قصد المشرع اتقائه .

من نتائج ارتباط الحجية بالنظام العام التزام محكمة الموضوع – بالحجية – ولو لم يتمسك بها خصوم الدعوى

ارتباط حجية الأمر المقضي به بالنظام العام علي النحو الذي أوردناه تخول لمحكمة الموضوع إثارتها من تلقاء نفسها .

وكما أن علي محكمة الموضوع القضاء بها من تلقاء نفسها ، ولذات السبب يجوز التمسك بالحجية ولو أمام محكمة النقض .

وفي ذلك تنص المادة 101 من قانون الإثبات :

الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق ، ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية.

ولكن لا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية إلا في نزاع قام بين الخصوص أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم وتتعلق بذات الحق محلا وسبباً .

وتقضي المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها .

وفي ذلك تنص المادة 116 من قانون المرافعات

الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها.

ما هو الحكم الذي يصلح أساساً  للحجية؟

يقصد بالحكم القضائي الحكم الذي يصدر من سلطة قضائية مشكلة طبقاً للقانون .

ويكون الحكم كذلك سواء كان صادراً من المحاكم العادية بدوائرها المدنية أو التجارية .

أو المحاكم الاستثنائية كالمحاكم العسكرية أو من اللجان الإدارية ذات الاختصاص القضائي  .

لذا، لا تعد القرارات الإدارية التي تصدر من السلطات الإداريـة أو القـرارات التي تصدر من النيابة العامة أو من  لجان الضرائب

 فهي لا تعتبر أحكام لصدورها من سلطات إدارية بما لها من سلطة بمقتضى القانون .

ولكي يكون الحكم قضائياً – علي النحو السابق – يجب أن يكون القرار صدر من المحكمة بمقتضى سلطتها القضائية في الفصل في المنازعات بين طرفين ، سواء قضى في النزاع كله أو في شق منها فصلاً نهائياً .

لذا، لا تعد القرارات التي تصدر من المحاكم بمقتضى سلطتها الولائية أحكاماً قضائيـة لأنها لا تفصل في نزاع بين طرفين على حق معين ، وإنما هـي تصدر أمر أو قرار لتقرير وضع قانوني معين  .

ولكي يكون الحكم قضائياً – علي النحو السابق – يجب أن يكون الحكم صادراً من محكمة مختصة نوعياً ومحلياً بإصداره .

ويراعي أن الحكم القضائي الصادر من جهة قضائية تكون له حجية الأمر المقضي بالنسبة لجهات القضاء التي يتبعها .

أما جهات القضاء الأخرى فإن الحكم لا تكون له حجية الأمر المقضي أمامها .

وعلى ذلك فإن الحكم الذي يصدر من المحاكم العادية لا تكون له حجية الأمر المقضي أمام محاكم مجلس الدولة .

ولكن يحوز حجية الأمر المقضي بالنسبة للمحكمة التي أصدرته وغيرها من محاكم الجهة القضائية ذاتها .

قضت محكمة النقض في ذات الصدد

المحاكم صاحبة الولاية العامة للقضاء فتختص بالفصل في كافة المنازعات أيا كان نوعها ، وأياً كان أطرافها ، ما لم تكن إدارية أو يكون الاختصاص بالفصل فيها مقرراً بنص الدستور أو القانون لجهة أخرى استثنائية لعلة أو لأخرى.

فليست العبرة بثبوت العلة وإنما بوجود النص … مؤدي نص المادة 92 من الدستور أن اختصاص مجلس الشعب بالفصل في صحة عضوية أعضائه اختصاص استثنائي .

فلا يتوسع فيه ولا يقاس عليه فيقصر على الطعن في صحة العضوية به.

ويكون لقراره في شأنها حجية الأمر المقضي به طبقاً لشروط الحجية المنصوص عليها في المادة 101 من قانون الإثبات .

الطعن رقم 538 لسنة 46 ق ـ جلسة 27/2/1983

ولكي يكون للحكم القضائي حجية يجب أن يكون حكماً قطعياً ، والحكم القطعي هو الحكم الذي يحسم موضوع النزاع كله أو شق من أو في دفع من الدفوع الشكلية كالدفع بعد الاختصاص.

أو  الدفوع الموضوعية  كالدفع بعدم توافر الصفة أو بطلان صحيفة الدعوى .

لذا، فالأحكام غير القطعية ، فليس لها حجية الأمر المقضي به ، والأحكام غير القطعية هي الأحكام التي لا تفصل في موضوع النزاع أو شق منه أو في دفع من الدفوع .

ومن أمثله الأحكام غير القطعية . الأحكام التحضيرية كالحكم بإحالة الدعوى للتحقيق أو الأحكام التمهيدية كالحكم بتعيين خبير في الدعوى للقيام بإجراء قانوني معيـن .

أو الأحكام الوقتية كالحكم بتعين حارس قضائي . فكل هذه الأحكام غيـر قطعية لأن المحكمة غير مقيدة بنتيجتها .

ولذات السبب، لا يعتبر الحكم القضائي حكم قطعي إذا قضي برفض الدعوى لقيام عقبـة قانونية تحول دون قبولها في الوقت الذي رفعت فيه دون أن يفصل في موضوع النزاع.

فإن ذلك لا يمنع طرف النزاع من إعادة طرح الموضوع مرة أخرى أمام المحكمة دون أن يكون لأحدهما حق التمسك بقاعدة حجية الأمر المقضي ، لأن الحكم الصادر من المحكمة غير قطعي .

في هذا الصدد قضت محكمة النقض

لكي يجوز التمسك بحجية الحكم يتعين كشرط أساسي أن يكون هناك حكم قضائي صادراً من جهة قضائية لها ولاية في النزاع المطروح عليها

وأن يظل هذا الحكم قائماً ولم يتم إلغاؤه من جهة القضاء المختصة  .

والحكم القطعي، هو ذلك الذي يضع حداً للنزاع في جملته أو في جزء منها أو في مسألة متفرعة عنه بفصل حاسم لا رجوع فيه من جانب المحكمة التي أصدرته

ولا حجية للحكم إلا فيما يكون قد فصل فيه بين الخصوم بفصه صريحة أو ضمنية حتمية سواء في المنطوق أو في الأسباب التي لا يقوم المنطوق إلا بها .

اقتصار الحجية على منطوق الحكم والأسباب التي لا يقوم الحم إلا بها لا تثبت حجية الأمر المقضي إلا لمنطوق الحكم

لا تثبت حجية الأمر المقضي إلا لمنطوق الحكم ، وهي لا تثبت لكل المنطوق ، وإنما لما ورد في منطوق الحكم وكان حاسماً للنزاع بين طرف الخصومة

والذي كان معروضاً على المحكمة ، وأبدى لكل من طرفي النزاع بشأنه دفاعهم ودفوعهم .

فإذا تطرق منطوق الحكم إلى أمور لم تكن معروضة على المحكمة في النزاع بنين الطرفين لم يقدم بشأنها دفاع أو دفوع ، فلا ثبت لها الحجية.

مثلا، فإذا وضعت المحكمة المدعى عليه المدين بدين مدني بأنه تاجر ، ولم تكن هذه الصفة معروضة علي المحكمة بين عناصر النزاع ، فلا حجية لوصف المحكمة له بصفة التاجر ، ولا حجية لما ورد في منطوق الحكم .

تثبت حجية الأمر المقضي به أيضاً لأسباب الحكم التي يرتبط بها المنطوق

تثبت حجية الأمر المقضي به أيضاً لأسباب الحكم التي يرتبط بها المنطوق ، والتي لا يقوم إلا بها .

مثال، إذا انتهى منطوق الحكم إلى أن المدعى عليه يملك الأرض المتنازع عليها ملكية مفرزة غير شائعة .

وكانت أسباب الحم قد أوضحت أن ذلك يرجع إلى  قسمة نهائية  ، بين المدعى عليه وشركائه على الشيوع .

فإن ما جاء في الأسباب من وقوع القسمة يجوز حجية الأمر المقضي .

فلا يحوز مرة أخرى إعادة عرضة على المحكمة في دعوى جديدة .

قضت محكمة النقض

الحكم بإحالة الدعوى للتحقيق سواء أكان بندب خبيراً أو بأي طريق أخر من طرق الإثبات لا يحوز حجية بالنسبة لما يثيره من وجهات نظر قانونية أو افتراضات موضوعية ما دام لم يتضمن حسماً لخلاف بين الخصوم .

ولا يجوز العدول عنه والالتفات عما تضمنه من أراء قانونية أو افتراضات واقعية .

بقصد إنارة الطريق أمام التحقيق المأمورية حتى تتهيأ الدعوى للفصل في موضوعها .

الطعن رقم 311 لسنة 48 ق ـ جلسة 30/3/1983
كما قضت محكمة النقض

من المقرر ـ في قضاء هذه المحكمة ـ أنه إذا صدر حكـم حائز قوة الأمر المقضي بثبوت أو نفي حق في دعوى سابقة بالبناء على مسألة أولية .

فإن الحكم يحوز الحجية في تلك المسألة بين الخصوم أنفسهم ويمنعهم من التنازع بطريق الدعوى أو الدفع في شأن أي حق آخر يتوقف بثبوته من التنازع بطريق الدعوى أو الدفع.

في شأن أي حق آخر يتوقف بثبوته أو انتفاؤه على ثبوت أو نفي تلك المسألة الأساسية السابق الفصل فيها بين الخصوم أنفسهم

فإن الحكم المطعون فيه إذا انتهى في قضائه إلى رفض دعوى الطاعنة بمطالبة الشركة المطعون ضدها بالرسوم الجمركية المستحقة عن ذات العجز في الرسالة موضوع النزاع.

يكون قد أهدر الحجية التي أضفاها الحكم النهائي ـ الذي قضى برفض معارضة الشركة وتأييد قرار الغرامة لوجود عجز غير مبرر في الرسالة السابق صدوره في الدعوى رقم / … على  المسألة الأساسية الواحدة  في الدعويين وهي وجود أو نفي العجز في الرسالة موضوع التداعي .

الطعن رقم 552 لسنة 46 ق ـ جلسة 5/6/1980

قوة الأمر المقضي لا تلحق من الحكم إلا ما يكون قد قضى به في منطوقة في نطاق ما كان مطروحاً على المحكمة من طلبات

من المقرر أن قوة الأمر المقضي لا تلحق من الحكم إلا ما يكون قد قضى به في منطوقة في نطاق ما كان مطروحاً على المحكمة من طلبات

وما يكون متصلاً بهذا المنطوق من الأسباب اتصالاً وثيقاً بحيث لا تقوم له قائمة إلا به .

لما كان ذلك وكان ورثة البائع ـ المطعون ضدهم ـ لم يطلبوا في الدعوى الحكم لصالحهم بصورية العقد وإنما اقتصروا على التسليم بطلب المدعى فيها ـ صورية عقد الطاعن ـ وانضموا إليه فيه.

فإن هذه الأسباب لا تتضمن قضاء في صورية عقد الطاعن بين طرفية لأن هذه الصورية لم تكن معروضة على المحكمة.

بل رفضاً لدفاع المطعون ضدهم في الطلب الأصلي الذي كان مطروحاً من المشتري بالعقد الأخر ، يحوز حجية في الدعوى المطعون في حكمها .

 الطعن رقم 1480 لسنة 48ق ـ جلسة 28/1/1982

الحجية تثبت لمنطوق الحكم والأسباب التي ترتبط بمنطوقة ارتباطاً وثيقاً .

لما كان ذلك وكان الطاعن قد أقام الالتماس رقم 3947 لسنة 8 ق طعناً على الحكم الصادر بإخلاء الشقة التي يستأجرها من المطعون ضده الأول.

تأسيساً على أنه بعد الحكم الصادر في الاستئناف تمكن من الحصول على عقد الاتفاق المؤرخ 23/12/1967 وفيه صرح له المطعون ضده بتأجير شقة النزاع مفروشة .

ولم يحصل على هذا الاتفاق إلا بتاريخ _/_/____م  ، حيث كان مودعاً عند المطعون ضده الثاني لحين سداد مبلغاً من المال .

ولما حصل هذا الاتفاق بادر برفع الالتماس ، وقدم صورة فوتوغرافية لعقد الاتفاق ، وقضت محكمة الالتماس بقبوله شكلاً ، ثم قضت بتاريخ 17/6/1982 برفضه موضوعياً وتأييد لحكم الملتمس فيه .

وقد أورد الحم في مدوناته وفقاً لتلك الأسباب أن محكمة الالتماس لم تعول على الصورة الفوتوغرافية للمستند التي أنكرها المطعون ضده وانتهت إلى عدم صحة هذا المستند ، وإلا كان قد تمسك به الطاعن عند نظر دعوى الإخلاء .

ومن ثم فإن هذا الحكم تناول في أسبابه المرتبطة بالمنطوق مناقشة المستند المؤرخ 23/1/1967 وطرحه لعدم صحته ، وهو في مقام تقرير الدليل المقدم في دعوى الالتماس.

ولما كان هذا الحكم نهائياً بشأنه مرة أخرى باعتبار أنه قد فصل نهائياً في مسألة تجادل فيها الخصوم ،ولا يغير من ذلك اختلاف الطلبات في الدعويين.

إذ لا يجوز طلب صحة التوقيع على محرر سبق الحكم بعدم صحته بين ذات الخصوم ـ إذ الحكم في الكل الحائز للحجية يمنع إعادة النظر في جزء منه .

وإذ التزم الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر .

وقضى  بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها  في الالتماس رقم 3947 لسنة 98 ق القاهرة فإنه يكون قد أعمل صحيح القانون .

الطعن رقم 1122 لسنة 58 ق ـ جلسة 26/11/1992

هل تثبت للحكم حجية إذا قضي بغير ما طلب خصوم الدعوي؟

تثبت الحجية للحكم القضائي ولو كانت المحكمة قد قضت بأكثر مما طلبه الخصم أو قضت بما لم يطلبه ، ولو أن الحكم في هذه الحالة يكون قابلاً للطعن فيه بطريق التماس إعادة النظر .

وثبوت الحجية للحكم لا ينال منه أن تكون المحكمة التي أصدرته قد أخطأت في تطبيق القانون ، في ولو كان خطؤها بالحكم مسألة متعلقة بالنظام العام .

إذ أن حجية الأمر المقض تعلو على قواعد النظام العام ، وإن كان الحكم مشوباً بعيب من العيوب التي يكون يكون جزاؤها بطلان الحكم.

فإن هذا العيب الذي شاب الحكم لا يؤدي إلى زوال هذه الحجية عنه إلا إذا طعن فيه بإحدى الطرق المقررة قانوناً لطعن في الأحكام القضائية وألغى بناء على هذا الطعن الحكم.

أما وقائع الدعوى فهي في الأصل لا حجية لها في دعوى أخرى ، وإنما هي حجية بما جاء فيا من نفس الدعوى .

كما أن محكمة النقض في ضوء رقابتها على محكمة الموضوع ، تتقيد بما أثبته الأخيرة من وقائع ، ولا تبسط رقابتها إلا على مسائل القانون .

ولكن قد تكمل بعض وقائع الدعوى منطوق الحكم بحيث يكون المنطوق ناقصاً بدونها . فتكون للوقائع عندئذ حجية الأمر المقضي به ، بينما تكمل فيه ـ منطوق الحكم .

فقد قضى بأنه:

إذا لم يوضح في منطوق الحكم مقدار الشيء المحكوم به وكان هذا المقدار مبنياً في عريضة الدعوى وفي وقائع الحكم .

ولم ينازع فيه الخصم ، ولم تمس المحكمة من جهتها المقدار المذكور بأي نقصان.

فإنه يتعين اعتبار وقائع الحكم ومنطوقة مكونين في هذه النقطة لمجموع واحد لا يتجزأ ، بحيث يكون للحكم فيما يختص بذلك المقدار حجية الأمر المقضي .

هل تثبت الحجية ضمنياً؟

قد يفصل المنطوق في بعض نقاط النزاع بطريق ضمني فتثبت الحجية لهذا المنطوق الضمني ، ما دام هو النتيجة الحتمية ـ للمنطوق الصريح .

فالحكم الذي قضى بصمة الإجراءات التي اتخذت لتنفيذ سند تكون له حجية الأمر المقضي في صحة هذا السند ونفاذه .

لأن الحكم بصحة الإجراءات يقتضي ضرورة صحة السند وقابليته للتنفيذ .

كذلك يشتمل المنطوق الذي تثبت له الحجية ما قضى به لا في الدعوى الأصلية فحسب .

بل أيضاً في الدعاوى والدفوع التبعية .

حجية الحكم الصادر بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان

الحكم بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان ، له حجية مؤقتة تدوم بدوام الدواعي التي أدت إلى عدم قبولها وتزول بزوالها .

الحكم بعدم قبول  دعوى تمكين  من عين مفرزة لرفعها قبل الأوان على سند من أنها لازالت شائعة له حجية التي تمنع من نظر الدعوى اتحدت معها أطرافا ومحلاً وسباً ، ما لم يثبت حصول قسمة رضائية أو قضائية بين الشركاء .

الحكم في دعوى تالية بين الخصوم أنفسهم ولذات السبب بالتمكين ورفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها ،

لما أورده الخبير في تقريره من أن الأراضي المبيعة – على خلاف الثابت بعقد البيع – مفرزة على الطبيعة دون استظهار مدى موافقة باقي الشركاء أو حصول قسمة بينهم . قصور وخطأ في تطبيق القانون  .

حجية الحكم الصادر برفض الدعوى بالحالة التي هي عليها

الحكم برفض الدعوى بالحالة التي هي عليها يكون له حجية مؤقتة تقتصر على الحالة التي كانت عليها الدعوى حين رفعها أول مرة ، وتحول دون معاودة طرح النزاع من جديد متى كانت الحالة التي انتهت بالحكم السابق هي بعينها لم تتغير .

ولما كان الثابت أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى الماثلة على مورث الطاعنين بذات الطلبات في الدعوى السابقة – والتي قضى فيها بعدم قبولها بحالتها – دون أن يطرأ تغيير على ظروف الدعوى.

وكان الحكم المطعون فيه قد رفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى تأسيسا على مجرد القول بأن الحكم السابق ليست له حجية في الدعوى الحالية لأنه لم يفصل في موضوعها . فإنها يكون قد أخطأ في تطبيق القانون  .

حجية الحكم الصادر في طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه

القضاء في طلب  وقف تنفيذ الحكم  المطعون فيه بالتطبيق للمادة 257 من قانون المرافعات – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – هو قضاء وقتي لا يحوز قوة الأمر المقضي.

لأن الفصل فيه إنما يستند إلى ما تتبينه المحكمة من جسامة الضرر الذي يخشى وقوعه من التنفيذ وإمكان تداركه .

وليس لهذا الحكم من تأثير على الفصل في الطعن ولا على الفصل في طعن آخر يتردد بين الخصوم أنفسهم مهما كان الارتباط بين الخصومتين .

حجية الأحكام المدنية للأطراف والغير وفق قانون الإثبات

أهم عناصر حجية الأحكام المدنية

  • تمنع إعادة طرح النزاع المقضي فيه أمام المحاكم
  • تعتبر قرينة قانونية لا يجوز نقضها بأي دليل
  • تتعلق بالنظام العام وتقضي بها المحكمة من تلقاء نفسها
  • تقتصر على الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي
  • تشترط وحدة الخصوم والمحل والسبب

التأصيل القانوني لحجية الأحكام المدنية

نص المادة 101 من قانون الإثبات:

تنص المادة 101 من قانون الإثبات المصري على أن الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق، ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية.

لا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية إلا في نزاع قام بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم وتتعلق بذات الحق محلاً وسبباً. تقضي المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها وفقاً لما استقر عليه قضاء محكمة النقض المصرية.

المبادئ الأساسية للحجية

يتضح من نص المادة 101 إثبات أن الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي تكون حُجةً فيما فصلت فيه من الحقوق، ولا تستطيع محكمة النقض عند نظرها موضوع الدعوى أن تسلك ما يتعارض مع تلك الحُجية.

حجية الأحكام القضائية في المسائل المدنية لا تثبت إلا بالنسبة لطرفي الخصومة التي فُصل فيها الحكم إعمالاً لمبدأ نسبية الأحكام.

لا يستطيع الشخص الذى صدر لمصلحته حكم سابق الاحتجاج به على من كان خارجاً عن الخصومة ولم يكن ممثلاً فيها.

أحكام محكمة النقض في حجية الأحكام

الحجية النسبية للأحكام

قضت محكمة النقض في الطعن رقم 18215 لسنة 88 ق بأن حجية الأحكام القضائية في المسائل المدنية لا تقوم إلا بين من كان طرفاً في الخصومة حقيقةً أو حُكماً.

لا يستطيع الشخص الذى صدر لمصلحته حكم سابق الاحتجاج به على من كان خارجاً عن الخصومة ولم يكن ممثلاً فيها وفقاً للقواعد القانونية المقررة.

يجوز لغير الخصوم في هذا الحكم التمسك بعدم الاعتداد به طبقاً لما استقر عليه قضاء النقض.

الحجية والنظام العام

أكدت محكمة النقض في الطعن رقم 3435 لسنة 84ق أن  حجية الأحكام  من الأسباب التي تتعلق بالنظام العام، فيجوز للنيابة العامة إثارتها وللمحكمة أن تتصدى لها من تلقاء نفسها.

حجية الأحكام تعلو وتسمو على النظام العام، حتى وإن كان الاختصاص النوعي من النظام العام. إذا خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما حجبه عن الفصل في موضوع الدعوى.

مناط حجية الحكم المانعة: الفصل الصريح والضمني

مناط حجية الحكم المانعة من إعادة طرح النزاع أن يكون هذا الحكم قد قطع بصفةٍ صريحةٍ أو ضمنيّةٍ في المنطوق أو في الأسباب المرتبطة بالمنطوق في مسألةٍ أساسية.

يشترط أن يكون الطرفان قد تناقشا في المسألة واستقرت حقيقتها بينهما بالحكم الأول استقرارًا جامعًا مانعًا.

يمنع نفس الخصوم والمحكمة من العودة إلى مناقشة ذات المسألة التي فصل فيها ولو بأدلةٍ قانونيةٍ أو واقعيةٍ لم يسبق إثارتها.

طبيعة حجية الأحكام

حجية الأحكام من النظام العام يُلزم المحكمة أن تحكم به من تلقاء نفسها وفقاً لما نصت عليه المادة 253 من قانون المرافعات. لا حجية للحكم إلا فيما يكون قد فصل فيه بين الخصوم بصفة صريحة أو بصفة ضمنية حتمية

سواء فى المنطوق أو فى الأسباب المتصلة به اتصالاً وثيقاً. الأسباب التي لا يقوم المنطوق بدونها تحوز ذات حجية المنطوق طبقاً لأحكام محكمة النقض.

الحكم كدليل وحجيته المطلقة: حجية الحكم كقرينة قانونية

ينصرف مفهوم حجية الأمر المقضي به كدليل إلى ما يضفيه المشرع علي الأحكام القضائية من جلال واحترام يحول دون العبث والمساس بها بإعادة طرح موضوع النزاع.

الحكم القضائي طبقاً لقاعدة حجية الأمر المقضي به يحوز الحجية فيما بين الخصوم فيما فصل فيه من الحقوق.

لا يجوز لأحد الخصوم أن يعود مرة أخرى إلى المنازعة فيما قضى به الحكم عن طريق رفع دعوى جديدة على الخصم الآخر.

الفرق بين الحجية والقرائن القاطعة

لا يمكن القول بأن الحجية قرينة قانونية قاطعة، إذ يجوز إثبات عكس القرينة القانونية القاطعة بالإقرار واليمين وفقاً للمادة 99 من قانون الإثبات.

أما الحجية فلا يجوز مطلقاً إثبات عكسها بأي طريق من طرق الإثبات ولو بالإقرار أو اليمين. لذا عالج مشرع قانون الإثبات الحجية كدليل في فصل مستقل بقانون الإثبات بعيداً عن باب القرائن.

حجية الحكم والنظام العام: مفهوم النظام العام

النظام العام لا يعدو أن يكون مجموعة القيم الجماعية الأخلاقية والدينية والقانونية والسياسية والاقتصادية التي ارتضى جماعة من الناس في وقت معلوم العيش في ظلها. فكرة النظام العام تتغير بتغير مكونات هذا النظام

وترتيب هذه المدخلات بأهميتها بحيث لا يشكل ملامحه سوى ما احتل مرتبة متقدمة من الأهمية. النظم القانونية من مكونات النظام العام وتشغل حيزاً زمنياً واسعاً يسمح بأن يستقر البعض منها ردحاً من الزمن.

ارتباط الحجية بالنظام العام

تقرر المذكرة الإيضاحية لقانون الإثبات أن المشرع نص على تعلق حجية الأمر المقضي به بالنظام العام عملاً على استقرار الحقوق لأصحابها ومنعاً من تضارب الأحكام.

حجية الأحكام تقوم على ما يفرضه القانون من ثقة مطلقة في حكم القضاء رعاية لحسن سير العدالة واتقاء لتأبيد المنازعات.

تهدف الحجية إلى ضمان الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي وهي أغراض تتصل اتصالاً وثيقاً بالنظام العام.

التزام المحكمة بالحجية: القضاء بالحجية من تلقاء المحكمة

ارتباط حجية الأمر المقضي به بالنظام العام يخول لمحكمة الموضوع إثارتها من تلقاء نفسها حتى ولو لم يتمسك بها خصوم الدعوى.

على محكمة الموضوع القضاء بالحجية من تلقاء نفسها، ولذات السبب يجوز التمسك بالحجية ولو أمام محكمة النقض.

تنص المادة 116 من قانون المرافعات على أن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها.

الأحكام التي تصلح أساساً للحجية

الأحكام القضائية الصادرة من سلطة مختصة

يقصد بالحكم القضائي الحكم الذي يصدر من سلطة قضائية مشكلة طبقاً للقانون سواء من المحاكم العادية أو المحاكم الاستثنائية.

لا تعد القرارات الإدارية التي تصدر من السلطات الإدارية أو النيابة العامة أو لجان الضرائب أحكاماً لصدورها من سلطات إدارية.

يجب أن يكون القرار صادراً من المحكمة بمقتضى سلطتها القضائية في الفصل في المنازعات بين طرفين فصلاً نهائياً.

الأحكام القطعية والحجية

الحكم القطعي هو الذي يحسم موضوع النزاع كله أو شق منه أو دفع من الدفوع الشكلية أو الموضوعية. الأحكام غير القطعية كالأحكام التحضيرية والتمهيدية والوقتية ليس لها حجية الأمر المقضي به.

الحكم بوقف تنفيذ حكم مطعون فيه هو قضاء وقتي لا يحوز قوة الأمر المقضي لأنه يستند إلى جسامة الضرر وإمكان تداركه.

نطاق حجية الحكم

الحجية في المنطوق والأسباب

لا تثبت حجية الأمر المقضي إلا لمنطوق الحكم الذي كان حاسماً للنزاع والمعروض على المحكمة وأبدى الطرفان بشأنه دفاعهم. تثبت حجية الأمر المقضي أيضاً لأسباب الحكم التي يرتبط بها المنطوق والتي لا يقوم إلا بها.

قوة الأمر المقضي لا تلحق من الحكم إلا ما يكون قد قضى به في منطوقة في نطاق ما كان مطروحاً من طلبات.

الحجية الضمنية للأحكام

قد يفصل المنطوق في بعض نقاط النزاع بطريق ضمني فتثبت الحجية لهذا المنطوق الضمني ما دام هو النتيجة الحتمية للمنطوق الصريح.

الحكم الذي قضى بصحة الإجراءات المتخذة لتنفيذ سند تكون له حجية في صحة هذا السند ونفاذه. يشتمل المنطوق الذي تثبت له الحجية ما قضى به في الدعوى الأصلية والدعاوى والدفوع التبعية.

شروط الدفع بحجية الأمر المقضي

الشرط الأول: وحدة الخصوم

يقصد بوحدة الخصوم أن يكون النزاع في الدعوى القضائية الأولى والدعوى الثانية بين ذات الخصوم أنفسهم بصفاتهم. يشترط

فضلاً عن وحدة الخصوم وحدة صفاتهم أيضاً، فالحكم الذي يصدر في دعوى النائب يكون حجة على الأصيل.

تمتد حجية الحكم القضائي لتشمل خلف الخصم سواء خلفاً عاماً كالوراثة أو خلفاً خاصاً كالمشتري للعين.

الشرط الثاني: وحدة الموضوع

موضوع الدعوى هو الحق الذي يطلبه الخصم أو المصلحة التي يسعى إلى تحقيقها بالتداعي. يشترط لإعمال قاعدة حجية الأمر المقضي به أن يكون موضوع الدعوى الجديدة هو ذات الموضوع الذي فصل فيه الحكم السابق.

تتوافر وحدة الموضوع في الدعويين متى كان الأساس فيهما واحداً حتى ولو تغيرت الطلبات أو قيمتها.

الشرط الثالث: وحدة السبب

يقصد بالسبب الواقعة القانونية التي نشأ عنها الحق المدعى به أو المصدر القانوني للحق المطالب به. اختلاف السبب في الدعويين يعني عدم وجود محل للدفع بحجية الأمر المقضي به.

يجب التمييز بين السبب في الدعوى وبين الأدلة أو الوسائل للوصول إلى الحق، فالعبرة لأعمال قاعدة حجية الأمر المقضي به بوحدة السبب لا بوحدة الدليل.

حجية الأحكام في حالات خاصة: الحجية المؤقتة للأحكام

الحكم بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان له حجية مؤقتة تدوم بدوام الدواعي التي أدت إلى عدم قبولها وتزول بزوالها.

الحكم برفض الدعوى بالحالة التي هي عليها يكون له حجية مؤقتة تقتصر على الحالة التي كانت عليها الدعوى حين رفعها أول مرة. تحول الحجية المؤقتة دون معاودة طرح النزاع من جديد متى كانت الحالة هي بعينها لم تتغير.

"الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق، ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية، ولكن لا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية إلا في نزاع قام بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم وتتعلق بذات الحق محلاً وسبباً، وتقضى المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها."
- المادة 101 من قانون الإثبات المصري

الأسئلة الشائعة

1 ما هي حجية الأحكام المدنية وما الأساس القانوني لها؟

حجية الأحكام المدنية هي قاعدة قانونية تكرّس مبدأ استقرار الأحكام، ومفادها أن الخصوم في الدعوى يمتنع عليهم بقوة القانون العودة إلى مناقشة المسألة التي تم الفصل فيها بحكم نهائي. الأساس القانوني لها هو المادة 101 من قانون الإثبات والمادة 116 من قانون المرافعات.

2 هل يمكن للمحكمة الحكم بحجية الأمر المقضي من تلقاء نفسها؟

نعم، حجية الأحكام من النظام العام وتقضي بها المحكمة من تلقاء نفسها حتى لو لم يتمسك بها الخصوم. يجوز للنيابة العامة إثارتها وللمحكمة التصدي لها تلقائياً إعمالاً للمادة 253 من قانون المرافعات.

3 ما هي الشروط الواجب توافرها للدفع بحجية الأمر المقضي؟

يشترط لإعمال حجية الأحكام توافر ثلاثة شروط: وحدة الخصوم بصفاتهم، ووحدة الموضوع أو المحل، ووحدة السبب القانوني. يجب أن يكون النزاع قائماً بين نفس الأطراف وعن ذات الحق وللسبب نفسه.

4 هل تمتد حجية الحكم للغير أو خلف الأطراف؟

الأصل أن حجية الأحكام نسبية لا تمتد إلا للخصوم الحقيقيين في الدعوى. لكن تمتد الحجية لخلف الخصم سواء كان خلفاً عاماً كالوارث أو خلفاً خاصاً كالمشتري، في حدود ما تلقوه من السلف.

5 ما الفرق بين حجية الأمر المقضي وقوة الأمر المقضي؟

حجية الأمر المقضي تثبت لكل حكم قطعي حتى لو كان قابلاً للطعن، أما قوة الأمر المقضي فلا تثبت إلا للأحكام النهائية غير القابلة للطعن بالطرق العادية. الحكم الحائز لقوة الأمر المقضي يحوز في نفس الوقت الحجية.

6 هل يجوز نقض حجية الأحكام بأي طريق من طرق الإثبات؟

لا يجوز نقض حجية الأحكام بأي طريق من طرق الإثبات ولو بالإقرار أو اليمين. تختلف الحجية عن القرائن القانونية القاطعة التي يجوز إثبات عكسها بالدليل المضاد.

📚 مراجع البحث

1

الدناصوري، محمد وعكاز، محمد. التعليق على قانون الإثبات. (دار النشر، سنة النشر)

2

طلبة، أنور. قانون الإثبات. (دار النشر، سنة النشر)

📌 ملاحظة: تم الاعتماد على المراجع القانونية المتخصصة في قانون الإثبات المصري وأحكام محكمة النقض المصرية الصادرة في الفترة من 2019 حتى 2025.

الحكم حجة ملزمة وفقا لحجية الأمر المقضي به

الخاتمة

تُمثل حجية الأحكام المدنية ركيزة أساسية لاستقرار المراكز القانونية ومنع تضارب الأحكام القضائية في النظام القانوني المصري. تعلو الحجية على جميع القواعد القانونية بما فيها قواعد النظام العام، مما يؤكد أهميتها في تحقيق العدالة والاستقرار الاجتماعي. يجب على المتقاضين فهم شروط الحجية ونطاقها لتجنب رفع دعاوى غير مقبولة، والاستعانة بمحامٍ متخصص يضمن حماية حقوقهم القانونية.

🔹 هل تواجه نزاعاً قانونياً يتعلق بحجية الأحكام؟

احصل على استشارة قانونية متخصصة الآن من مكتب الأستاذ عبدالعزيز حسين عمار - محامي النقض والإدارية العليا بخبرة تتجاوز 28 عاماً!

📞 اتصل بنا الآن
📌 نُشر هذا المقال أولًا على موقع عبدالعزيز حسين عمارhttps://azizavocate.com/2025/01/الحكم-حجة-ملزمة-حجة-الأمر-المقضي-به.html
تاريخ النشر الأصلي: 2025-01-11

🔖 معلومات المرجع: تم إعداد هذه المادة القانونية بواسطة عبدالعزيز حسين عمار – محامي بالنقض. للاطلاع على النسخة المعتمدة، تفضل بزيارة الرابط: https://azizavocate.com/2025/01/الحكم-حجة-ملزمة-حجة-الأمر-المقضي-به.html. تاريخ الإتاحة العامة: 2025-01-11.

شارك

عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض

الأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض خبرات قضائية فى قضايا الميراث والملكية والمدنى والايجارات وطعون النقض وتقسيم التركات ومنازعات قانون العمل والشركات والضرائب، في الزقازيق، حاصل على ليسانس الحقوق 1997 - احجز موعد 01285743047.

المقالات: 2255

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  • Rating

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.