📅 نُشر في:
🔄 آخر تحديث:
شرح قانوني لموضوع التعويض عن الدعاوى الكيدية في القانون المصري وفق المادة 188 من قانون المرافعات مع شروط الحكم بالتعويض والغرامات وأمثلة من أحكام النقض.
مقدمة حول الدعاوى الكيدية والتعويضات
في النظام القانوني المصري، يمكن الحكم بالتعويضات عن الدعاوى و الدفوع الكيدية لتحقيق العدالة وحماية الأفراد من سوء استخدام الحق في التقاضي.
وتنص المادة 188 من قانون المرافعات على إمكانية الحكم بالتعويضات لتغطية النفقات الناتجة عن دعوى أو دفاع كيدي، مع فرض غرامة مالية في حالات سوء النية.
ومن ثم، يهدف هذا البحث إلى توضيح مفهوم الدعاوى المرفوضة لعدم الجدية، فى الخصومات المفتعلة، وشروط الحكم بالتعويضات، والأحكام القضائية ذات الصلة.
النقاط الرئيسية:
- تعريف الدعاوى والدفوع الكيدية وفق القانون المصري.
- شروط الحكم بالتعويضات والغرامات.
- أمثلة من أحكام النقض لتوضيح التطبيق العملي.
مصطلحات قانونية مشابهة لمفهوم “الدعاوى الكيدية”:
من المهم أن نوضح أن مصطلح الدعاوى الكيدية لا يُستخدم وحده في الساحة القانونية، بل توجد عدة تعبيرات مرادفة تُشير إلى ذات المعنى أو صور قريبة منه، منها:
الخصومة المفتعلة، الدعوى المُسيئة، الدعوى بسوء نية، الادعاء الكاذب، سوء استخدام الحق في التقاضي، الدفوع الكيدية، الطعون التعسفية، الخصومة الصورية، الدعوى التعطيلية، والدعاوى العدائية غير المستندة إلى أساس قانوني.
ويجدر التأكيد على أن هذه المصطلحات، وإن اختلفت في الصياغة، إلا أنها تدور جميعًا في فلك استعمال الخصومة المدنية أو الإجراءات القضائية بنية الإضرار بالغير، دون وجود غرض مشروع أو مصلحة حقيقية.
ما المقصود بالدعوى والدفاع الكيدي؟
الدعوى أو الدفاع الكيدي هو إجراء قانوني يُتخذ بسوء نية بهدف الإضرار بالخصم أو التنكيل به دون وجود أساس قانوني مشروع.
ووفقًا للمادة 188 من قانون المرافعات، يحق للمحكمة الحكم بالتعويضات عن النفقات الناتجة عن هذه الإجراءات، مع إمكانية فرض غرامة تتراوح بين 40 و400 جنيه على الخصم الذي يتصرف بسوء نية.
ومن ثم، الدعوى أو الدفع الكيدي هو إجراء قضائي يقدمه أحد الخصوم بسوء نية دون مسوغ قانوني، بقصد الإضرار بالخصم أو تعطيل العدالة.
وتُعد هذه الممارسات خرقًا لمبدأ حسن النية في استعمال الحق في التقاضي .
📌اذا ومما تقدم، وفق المادة 188 من قانون المرافعات، يجوز الحكم بالتعويضات والغرامات عند ثبوت الكيد أو سوء النية.
شروط الحكم بالتعويضات
للحكم بالتعويضات، يجب توافر الشروط التالية:
- سوء النية: يجب أن يكون الهدف من الدعوى أو الدفاع هو الإضرار بالخصم أو تعطيل الإجراءات القضائية.
- ثبوت الكيد: تقدر المحكمة وجود الكيد بناءً على ظروف القضية، مثل تكرار الدعاوى دون مبرر أو الاعتماد على مستندات مزورة.
- النفقات الفعلية: يتم تقدير التعويضات بناءً على جميع النفقات التي تحملها الخصم، وليس فقط المصاريف القانونية الأساسية.
مثال قضائي: في حكم نقض بتاريخ 15 أكتوبر 1959، أُلزمت المدعية بالتعويض لتقديمها دعوى كيدية تكرر نزاعًا تم الفصل فيه سابقًا.
جدول يبين شروط الحكم بالتعويض في الدعاوى التي تُقام بسوء نية كيدا واضرارا
| الشرط | التوضيح |
|---|---|
| سوء النية | أن يكون القصد من الدعوى أو الدفع هو إضرار الخصم أو تأخير الفصل في الدعوى بدون مبرر قانوني. |
| ثبوت الكيد | يُستدل عليه من ظروف الدعوى، مثل تكرار رفعها بلا أساس، أو تقديم مستندات مزورة أو منكرة. |
| النفقات الفعلية | يجب أن تُثبت النفقات فعليًا كمصاريف تقاضٍ أو أتعاب محاماة تكبدها الطرف المتضرر. |
أحكام النقض المتعلقة بالدفوع الدعاوى التي تقام بسوء نية بقصد الإضرار
تُظهر أحكام محكمة النقض تفاصيل دقيقة حول تطبيق المادة 188، حيث تُركز على ضرورة إثبات سوء النية وانحراف الخصم عن الحق المشروع في التقاضي.
أمثلة من أحكام النقض
- طعن رقم 11865 لسنة 65 (1997): أقامت الطاعنة بلاغات كاذبة ضد المطعون عليهما، مدعية الاعتداء عليها، لكن الأحكام الجنائية ببراءتهما لم تثبت كذب البلاغ بشكل قاطع. ألغت محكمة النقض الحكم لعدم كفاية الأدلة على الكيد.
- طعن رقم 461 لسنة 48 (1983): أُدين الطاعن بسبب عبارات تشهيرية في مذكرة دفاع، لكن المحكمة اعتبرت أن عدم توجيه الدعوى لشركاء المذكرة يُسقط الحق في المطالبة بالتعويض.
دور المادة الخامسة من القانون المدني
تُعتبر المادة الخامسة من القانون المدني مرجعًا أساسيًا لتحديد سوء استخدام الحق.
وتنص على أن استعمال الحق يكون غير مشروع إذا كان الهدف الوحيد هو الإضرار بالغير دون مصلحة مشروعة .
وتُطبق هذه المادة على جميع فروع القانون، بما في ذلك الدعوى الكيدية.
الغرامات المترتبة على الدعوى بإساءة استخدام الحق في التقاضي
إلى جانب التعويضات، تُخوّل المادة 188/2 المحكمة فرض غرامة على الخصم الذي يتخذ إجراءات كيدية. هذه الغرامة:
- الحد الأدنى: 40 جنيهًا.
- الحد الأقصى: 400 جنيه.
- الهدف: ردع الخصوم عن إساءة استخدام الحق في التقاضي.
ملاحظة: الحكم بالغرامة لا يمنع الخصم من طلب التعويضات وفق الفقرة الأولى من المادة 188.
جدول يبين الغرامات بالمادة 188/2
| العنصر | القيمة |
|---|---|
| الحد الأدنى | 40 جنيهًا |
| الحد الأقصى | 400 جنيه |
| شرط الحكم | ثبوت سوء النية في استعمال الحق في التقاضي أو تقديم الدفع الكيدي |
مهم: الحكم بالغرامة لا يمنع المحكمة من الحكم أيضًا بالتعويض عن الضرر.
جدول: مقارنة بين التعويضات والغرامات
| المعيار | التعويضات | الغرامات |
|---|---|---|
| الأساس القانوني | المادة 188/1 | المادة 188/2 |
| الهدف | تعويض النفقات الفعلية التي تكبدها الخصم المتضرر | ردع الخصوم عن إساءة استعمال الحق في التقاضي |
| القيمة | تُحدد بحسب تقدير المحكمة للنفقات الفعلية | بين 40 و400 جنيه |
| شروط التطبيق | ثبوت الكيد ووقوع ضرر على الخصم | ثبوت سوء النية بشكل واضح |
أمثلة عملية على الدعوى الكيدية
- إنكار مستندات: إذا أنكر خصم مستندًا وقّع عليه بنفسه دون مبرر، يُعتبر ذلك كيديًا (استئناف مختلط 4 فبراير 1925).
- تجديد نزاع مفصول: إعادة رفع دعوى تم الفصل فيها أو الصلح بشأنها تُعد كيدية (نقض فرنسي 22 نوفمبر 1905).
- الاعتماد على مستندات مزورة: إذا ثبت أن الخصم اعتمد على مستند مزور دون علمه بذلك، لا يُعتبر كيديًا (استئناف مختلط 5 فبراير 1893).
وبالتالي، وفي سياق التعامل مع الادعاءات القضائية غير المبررة، يُطرح تساؤل جوهري حول كيفية تمييز الدعوى المفتقرة إلى أساس قانوني جاد عن غيرها من النزاعات المشروعة.
فبعض المتقاضين قد يستخدمون إجراءات الخصومة كوسيلة للضغط أو التأخير، دون امتلاك مظلة قانونية حقيقية،
وهو ما يضع عبئًا غير مبرر على منظومة العدالة.
ولذلك، ينبغي على المحكمة التفرقة بين التقاضي المشروع والادعاء المُفتعل الذي لا يهدف إلا إلى إلحاق الضرر أو تشويه سمعة الطرف الآخر.
ويدخل في ذات السياق ما يُعرف بـ سوء استخدام الوسائل القانونية، والتي تُعد خرقًا للضمانات الدستورية لحسن سير القضاء.
اذا الخلاصة:
أن الحكم بالتعويضات عن الدعاوى والدفوع الكيدية وسيلة قانونية لردع سوء استخدام التقاضي وحماية حقوق الأفراد من خلال تطبيق نص المادة 188 من قانون المرافعات.
ويمكن للمحكمة فرض تعويضات تغطي النفقات الفعلية وغرامات مالية لمعاقبة الخصوم ذوي النية السيئة.
الحكم بالتعويضات عن الحكم بالتعويض عن الخصومة غير الجادة في القانون المصري: شرح قانوني وفق المادة 188 🏛️
في ظل التمدد المتسارع في استخدام الحق في التقاضي، برزت الحاجة المُلحّة لحماية هذا الحق من سوء الاستعمال للدعاوى التي تُقام بسوء نية التي تُرهق القضاء وتُهدد حقوق الخصوم.
وهنا يتجلى الدور الحاسم للمادة 188 من قانون المرافعات المصري، التي أرست إطارًا قانونيًا واضحًا لردع السلوك القضائي السيئ، عبر الحكم بالتعويضات والغرامات في حالات الكيد وسوء النية.
ومن واقع خبرتي العملية كمحامٍ بالنقض، أُقدّم لكم هذا الشرح القانوني المفصل، إعداد الأستاذ عبدالعزيز حسين عمار – خبير الطعون والمرافعات، لتوضيح الإجابة على أبرز التساؤلات العملية والتطبيقية:
- ما هي الدعوى الكيدية وفق القانون المصري؟
- متى تُفرض التعويضات أو الغرامات؟
- كيف تُثبت الكيدية أمام المحكمة؟
- ما مدى فعالية المادة 188 في تحقيق الردع القضائي وحماية الحقوق؟
ستجد في هذا الدليل أمثلة قضائية من أحكام محكمة النقض ، وتحليلاً قانونيًا دقيقًا يُساعدك في تقييم الموقف القانوني إذا كنت طرفًا في دعوى يُشتبه في كيديتها.
الخصومة المفتعلة والتعويض في القانون المصري
تواجه المنظومة القضائية المصرية أحيانًا ما يعرف بـ”الخصومة المفتعلة”، وهي صورة من صور إساءة استخدام الحق في التقاضي عندما يلجأ أحد الأطراف إلى رفع دعوى أو تقديم دفاع دون مصلحة مشروعة، بقصد الإضرار بالخصم أو تعطيل العدالة فقط.
وقد أقر المشرّع المصري في المادة 188 من قانون المرافعات حق المحكمة في الحكم بتعويضات لتغطية النفقات التي يتكبّدها المتضرر نتيجة مثل هذه الممارسات.
مع إمكانية فرض غرامة مالية تتراوح بين 40 و400 جنيه عند ثبوت سوء النية، في خطوة رادعة تهدف إلى حماية الأطراف من عبث الخصومة وضمان نزاهة العدالة.
نص المادة 188 من قانون المرافعات
يجوز للمحكمة أن تحكم بالتعويضات مقابل النفقات الناشئة عن دعوى أو دفاع قصد بهما الكيد.
ومع عدم الإخلال بحكم الفقرة السابقة يجوز للمحكمة عند إصدار الحكم الفاصل في الموضوع أن تحكم بغرامة لا تقل عن أربعين جنيهاً ولا تجاوز أربعمائة جنيه على الخصم الذي يتخذ إجراء أو يبدي طلباً أو دفعاً أو دفاعاً بسوء نية.
المصاريف والتعويضات عند توجيه دعوى أو دفوع كيدية
رأينا أن مصاريف الدعوى تقدر على أساس المصاريف الأساسية أي اللازمة قانونا لرفع الدعوى والسير فيها . ورأينا أن الخصم المحكوم عليه يتحملها لأن القانون يلزمه بذلك تحقيقاً لمقتضيات العدالة .
وهو لا يتحمل المصاريف على سبيل التعويض عن الضرر الذي لحق خصمه من جراء منازعته لأن إخفاق الشخص فيما يدعيه لا يعتبر في ذاته دليلا على خطئه موجبا لمسئوليته .
ونضيف أن الخصم إنما يكون مسئولا عن الضرر الذي يلحق خصمه إذا وجه إليه دعوى أو دفاع قصد بهما الكيد له لأنه في هذه الأحوال ينقلب حق الالتجاء إلى القضاء أو حق إنكار الدعوى إلى مخبثة .
فالمادة 188 تجيز للمحكمة أن تحكم بالتضمينات في مقابل كل النفقات الناشئة عن توجيه مثل هذه الدعوى أو ذلك الدفاع ، فتقدر المصاريف في هذا الصدد على أساس كل النفقات الفعلية التي تحملها الخصم
وإنما يشترط للحكم بها عليه أن يكون القصد من توجيه الدعوى أو الدفاع هو مجرد الإضرار بالخصم والتنكيل به ومشاكسته .
وأمر تقدير الكيد متروك لمطلق تقدير المحكمة تستنتجه من ظروف كل قضية، فإذا كان للخصم ذريعة تبرر إنكاره أو كانت له شبهة على الأقل تسوغ مسلكه فلا مؤاخذة عليه
إستئناف مصر 10 إبريل 1949 المحاماة 31 ص 764 . ونقض 9 نوفمبر سنة 1933 المحاماة 14 ص 93 .
أنظر أمثلة الدعوي الكيدية (نقض 15 أكتوبر 1959 السنة 11 ص 574 ونقض 27 مايو 1965 السنة 16 ص 178) .
ويلاحظ أن للمحكمة أن تستند – عند الحكم بالتضمينات المتقدمة – إلى حكم المادة الخامسة من القانون المدني التي تتولى سرد حالات سوء إستعمال الحق ، والتي يتعين بسط تطبيقها على كل فروع القانون .
وقد حكم بأنه إذا أنكر خصم ورقة نسبت إليه أو طعن فيها بالتزوير وقضى بصحة الورقة
إستئناف مختلط 4 فبراير 1925 (مجلة التشريع والقضاء السنة 27 ص 212)
وجب الحكم عليه بالتعويض لأن لا عذر له في أن ينكر ورقة وقع عليها بنفسه ، بخلاف ما إذا كانت الورقة المطعون فيها بالإنكار أو التزوير ليست صادرة من المنكر أو الطاعن وكان يجهل التوقيع عليها ممن أسندت له.
فلا مؤاخذة أن هو أنكرها أو طعن فيها بالتزوير حتى ولو قضى بصحة الورقة .
وإذا إعتمد خصم على ورقة تبين أنها مزورة كان سيء النية إلا إذا ثبت أنه وقت إستعمالها لم يكن عالما بما يعيبها كما لو كان قد تلقاها من الغير
إستئناف مختلط 5 فبراير سنة 1893 (مجلة التشريع والقضاء السنة 5 ص 161)
وإذا ثبت أن الدعوى ليست إلا تجديد لنزاع سبق الفصل فيه (أو الصلح فيه) وجب الحكم على المدعي بتعويض الضرر الناشئ عنها
نقض فرنسي 22 نوفمبر 1905 (دالوز 1906 – 1 – 207)
وإذا أنكر أخ أخته التي نشأت معه فلا يحمل الإنكار إلا على محمل الكيد والعنت.
إستئناف مصر 12 إبريل 1916 (الشرائع 3 عدد 192 فقرة)
وراجع أيضاً الأحكام العديدة التي أشار إليها الأستاذ مصطفى مرعي في مؤلفه “المسئولية المدنية في القانون المصري” الطبعة الثانية 1944 . وراجع نقض 10 إبريل سنة 1952 المحاماة 34 ص 432 .
وإذا تعدد من وجه الدعوى أو الدفاع الكيدي جاز الحكم عليهم جميعا بالتضامن بالتعويضات.
وذلك عملا بنص المادة 169 من القانون المدني التي تنص على أنه:
إذا تعدد المسئولون عن عمل ضار كانوا متضامنين في التزامهم بتعويض الضرر.
وجرى القضاء على وجوب رفع دعوى التعويض أمام المحكمة المطروح أمامها الدعوى الكيدية أو الدعوى التي دفعت بدفاع كيدي (ولو كانت هي محكمة الاستئناف) .
لأن هذه المحكمة هي وحدها المختصة بالفصل في الحكم بمصاريف الدعوى التي تنظرها ، القضائية منها وغير القضائية
راجع الجدول العشري الثاني للمحاماة (المرافعات) رقم 1649 و1654 و1657 و1664، وأنظر دراسة تفصيلية لهذا الموضوع في كتاب نظرية الأحكام رقم 63 وراجع وقارن المراجع والأحكام العديدة المشار إليها فيه.
وقد استحدث القانون الجديد ما قرره في الفقرة الثانية من المادة 188 التي تخول للمحكمة عند إصدار الحكم الفاصل في الموضوع (أو المنهي للخصومة أمامها) أن:
تحكم بغرامة لا تقل عن أربعون جنيها على الخصم الذي يتخذ إجراء أو يبدي طلباً أو دفعاً أو دفاعا بسوء نية
أي أن يكون الخصم وهو يتخذ الإجراء عالما ألا حق له فيه وإنما قصد بإبدائه مجرد تعطيل الفصل في الدعوى أو الإضرار بالخصم الآخر .
والحكم بالغرامة لا يخل بحق الخصم في طلب التضمينات عملا بالفقرة الأولى من المادة 188 .
هذا، وتنص المادة 235 / 4 من قانون المرافعات الجديد صراحة على أنه يجوز لمحكمة الدرجة الثانية أن تحكم بالتعويضات إذا كان الاستئناف قد قصد به الكيد .
(تراجع أيضاً المادة 246 في إلتماس إعادة النظر والمادة 270 في النقض)
وبداهة لا يقتصر تطبيق المادة 188/2 على مجرد الطلبات والدفوع الكيدية فحسب، وإنما يمتد حكمها عند إتخاذ إجراءات حجز أو تنفيذ كيدية .
لأن عبارة إجراء في المادة هي عبارة عامة تنطبق بالنسبة لإجراءات الخصومة.
فضلا عن إنطباقها بالنسبة لإجراءات الحجز والتنفيذ .
ما تقدم : يراجع د/ أحمد أبوالوفا ، المرافعات المدنية والتجارية ، مرجع سابق ، صـ 769 وما بعدها .
شروط الحكم بالتعويضات والغرامات عن المنازعة التعسفية
لكي تحكم المحكمة بالتعويضات أو الغرامات عن المنازعة التعسفية (وهي مرادف للدعوى الكيدية)، ينبغي توافر ثلاثة شروط أساسية:
أولاً، إثبات سوء النية، أي أن يكون القصد من الدعوى أو الدفع الإضرار بالخصم أو تعطيل الفصل في الخصومة دون مسوّغ قانوني.
ثانيًا، ثبوت التعسف في استعمال الحق، ويترك للمحكمة تقدير الكيد استنادًا إلى الملابسات؛ كأن يتكرر رفع دعاوى بلا أساس أو الاعتماد على مستندات مزوّرة.
ثالثًا، إثبات التكاليف الفعلية: حيث تُقدر المحكمة التعويض على أساس جميع النفقات الفعلية التي تحمّلها المتضرر وليس فقط المصاريف القانونية التقليدية.
وتؤكد أحكام محكمة النقض مثل الطعن رقم 11865 لسنة 65 ق أهمية إثبات الكيد وسوء النية بشكل جازم قبل الحكم بالتعويض والغرامة.
كيف يثبت سوء النية والكيدية أمام المحكمة وفق المادة 188 من قانون المرافعات
لإثبات “سوء النية” والكيدية أمام المحكمة وفق المادة 188 من قانون المرافعات المصري، يجب تقديم أدلة وظروف موضوعية تبيّن أن الخصم لم يكن له مبرر قانوني في رفع الدعوى أو الدفع.
بل قصد بها الإضرار بالخصم أو تعطيل الفصل في الخصومة فقط.
وفيما يلي معايير الإثبات والعناصر التي تعتمد عليها المحكمة عمليًا:
المعيار الموضوعي لسوء النية:
سوء النية يُقصد به علم الخصم وهو يتخذ إجراء أو يقيم دعوى أو يدفع بدفع أنه لا حق له فيه، أي أنه يتصرف مع إدراكه لانعدام الأساس القانوني لهدفه، وبتعمد واضح لإلحاق الضرر بالخصم الآخر.
والمحكمة تبحث في وقائع القضية وسلوك الطرف المدعي أو المدافع، وتستشف النية الكيدية من تكرار الدعاوى بدون مسوغ، أو الاعتماد على مستندات مزوّرة، أو إنكار أمور ثابتة عليه دون سبب واقعي.
دلائل ثبوت الكيدية:
تستند المحكمة إلى عدة قرائن وأمارات، أهمها:
- رفع دعاوى متكررة تتعلق بنفس النزاع المبتوت فيه سابقًا.
- تقديم مستندات أو دفوع سبق القضاء برفضها أو ثبوت زيفها.
- إنكار توقيعات أو مستندات خاصة بالمُنكِر موجودة عليه دون أي شبهة جادة.
- اللجوء لإجراءات الحجز أو التنفيذ دون سند قانوني.
- ثبوت التواطؤ مع أطراف أخرى لتعطيل التقاضي.
هذه كلها تُعد قرائن كافية لإثبات الكيدية إن لم يجد الخصم تفسيرًا مشروعًا لسلوكه.
تقدير المحكمة وتكييف الوقائع:
الأمر متروك في النهاية للسلطة التقديرية للمحكمة؛ فهي تُقيّم الملابسات مجتمعة لتستخلص وجود سوء النية من عدمه. إذا وُجد للخصم ذريعة أو شبهة تبرر موقفه، غالباً لا يؤاخذ.
وأما إذا ثبت أن سلوك المدعي أو المدافع كان لا هدف منه سوى الإضرار أو تعطيل العدالة، تثبت الكيدية ويُحكم بالتعويضات والغرامات وفق المادة 188.
باختصار:
إثبات سوء النية والكيدية يتطلب بيان أن الإجراء اتُّخذ مع علم المدعي بانعدام حقه، بقصد الإضرار أو العرقلة فقط، ويُستدل عليه من تكرار النزاع أو اعتماد وقائع أو مستندات غير صحيحة أو تم رفضها سابقاً.
وتعود السلطة التقديرية للمحكمة في استخلاص ذلك من ظروف كل قضية.
كيف يمكن للمحامي تقديم أدلة تؤكد نية الكيد في الدعوى
يمكن للمحامي أن يقدم أدلة تؤكد نية الكيد وسوء النية في الدعوى عبر مجموعة وسائل وتكتيكات عملية وقانونية، تعتمد جميعها على بناء ملف متين من القرائن والأدلة الموضوعية التي تُقنع المحكمة بانعدام الحق وجدية الضرر.
أبرز هذه الوسائل:
عرض ملابسات تكرار الدعاوى أو النزاع:
إثبات أن المدعي أو الخصم سبق له رفع دعاوى متكررة بشأن ذات المسألة أو موضوع سبق الفصل فيه، أو أنه يعيد الخصومة بلا جديد ظاهر أو مصلحة حقيقية.
ويمكن تدعيم ذلك بإرفاق صور من الأحكام أو المستندات القضائية التي تؤكد انتهاء النزاع مسبقًا.
إثبات انعدام السبب الجدي للدعوى:
بيان أن صحيفة الدعوى أو الطعن خالية من مستندات أو أدلة جدية، أو أن أسباب الطعن أو الدفوع مجردة من المضمون القانوني،
وذلك بمقارنة وقائع الدعوى بالمستندات الجوهرية للقضية أو بعناصر الإثبات الفعلي. ويتم ذلك عبر مذكرة قانونية تبرز ضعف الأدلة واعتماد الخصم على الادعاءات فقط دون تقديم دليل ملموس.
التركيز على الوقائع والمستندات المفتعلة أو المزورة:
إيضاح أن الطرف الآخر قدم مستندات سبق إثبات زيفها، أو أنكر توقيعاته الثابتة، أو لجأ إلى إجراءات حجز أو تنفيذ دون سند قانوني. في هذه الحالة،
ويُفضل إرفاق الأدلة الفنية (كأحكام الإدعاء بالزور)، أو شهادات رسمية بعدم صحة التوقيع أو الأوراق للإيضاح.
سرد سلوك الخصم في تعطيل العدالة أو إرهاق القضاء:
عرض سلوك الطرف المضر بصورة واقعية: كالمماطلة، أو رفض تنفيذ الأحكام، أو اتخاذ إجراءات بلا مبرر بهدف التسويف فقط، مع إبراز الأثر السلبي على صاحب الحق وسير الدعوى (مثل تأخير التنفيذ، إشهار الإفلاس، إلخ).
طلب سماع الشهود وضم المستندات الرسمية:
في أوضاع خاصة، يمكن للمحامي طلب سماع شهود حول واقعة أو نية الكيد، خصوصًا إذا قُدمت أقوال متضاربة أو كان هناك قرائن اجتماعية أو عرفية تدعم الادعاء.
الاستفادة من أحكام قضائية مشابهة:
تقديم نصوص وأحكام صادرة عن محكمة النقض أو محاكم الاستئناف في وقائع مماثلة لخلق حالة مقاربة تدعم وجود سوء نية وتُقنع المحكمة بتوافرها في الدعوى الراهنة.
باختصار:
يحقق المحامي ذلك بجمع الأدلة والقرائن المستندية، وبتسليط الضوء على غياب المصلحة المشروعة، أو على سبق الفصل في الحق، أو باعتماد المدعي على وقائع وهمية أو مستندات منكرة.
مع تكييف هذه العناصر قانونيًا وموضوعيًا بما يقنع المحكمة بثبوت نية الكيد وتحقيق شروط التعويض طبقًا للمادة 188 من قانون المرافعات المصري.
كيفية نفي الكيدية وإثبات حسن النية في الدعاوى القضائية وفق قانون المرافعات المصري
لنفي أن الدعوى أو الدفع كيدي، يجب أن يُظهر المدعى عليه أو مقدم الدفع أن لديه مسوغًا جديًا أو ذريعة قانونية ـ حتى ولو كانت ضعيفة ـ تبرر رفع الدعوى أو تقديم الدفاع.
وتتمثل الحجة الأقوى في إيضاح وجود شبهة جدية أو نزاع حقيقي على الواقعة أو الحق محل الطلب، أو بيان وجود وقائع أو مستندات يُحتمل معها صحة ادعاءه ولو بحسب الظاهر.
كما يؤخذ في الاعتبار إذا كان تصرف الخصم استند إلى تفسير محتمل للنص القانوني أو اعتمد على سوابق قضائية تؤيد موقفه أو كان يجهل وجود حكم سابق في الموضوع بسبب تشابه الوقائع أو تعدد الأطراف.
وبذلك تكون حسن النية قائمة متى ثبت أن الهدف من الدعوى أو الدفع ليس مجرد الإضرار بالخصم، بل السعي الجاد لحماية حق أو اتقاء ضرر محتمل.
ويكفي للمحكمة أن تجد شبهة موضوعية تسوغ معقولية الطلب أو الدفع كي تنتفي الكيدية، فلا يسأل الخصم لمجرد الإخفاق في الدعوى أو الدفاع طالما وُجِد أساس معقول لتحريك الخصومة القضائية.
أبرز أحكام النقض في الدعوى الكيدية
بما أن الدعوى بقصد الإضرار تشكل خطرًا حقيقيًا على نزاهة التقاضي، ولهذا أصدرت محكمة النقض المصرية أحكامًا حاسمة ترسّخ المبادئ القانونية لمواجهة إساءة استخدام الحق في التقاضي.
لذلك، في هذا المبحث، نستعرض أبرز ما قضت به محكمة النقض بشأن التعويضات والغرامات في الدعاوى التي تُقام بسوء نية، مع توضيح كيفية استخلاص الكيد وسوء النية من وقائع الدعوى.
وهذه الأحكام تمثّل مرجعًا عمليًا لكل محامٍ يسعى لحماية موكّله من الخصومة الكيدية.
دعوى تعويض بسبب بلاغ كاذب وإساءة التقاضي – طعن النقض رقم 11865 لسنة 65 ق
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في:
أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم (……………) لسنة 1991 مدني شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم:
بإلزام الطاعنة بأن تؤدي له مبلغ 50000 جنيه والفوائد القانونية.
وقال بياناً لذلك:
إنه لخلاف بين المطعون عليه الثاني والطاعنة على ممر فاصل بين منزليهما أبلغت الشرطة ضدهما وآخر كذباً بأنهم اعتدوا عليها بالضرب وضبط عن ذلك قضية الجنحة رقم (………) لسنة 1987 شبين القناطر.
وقد استبعدته النيابة العامة من الاتهام فأقامت ضدهما الجنحة المباشرة رقم (………) لسنة 1988 شبين القناطر عن ذات الواقعة.
كما أبلغت ضده وزارة العدل والنيابة العامة أنه بصفته مستشاراً تدخل لدى قاضي محكمة شبين القناطر لعرقلة الفصل في هذه الجنحة الأخيرة وقد أصابته – نتيجة لذلك – أضرار أدبية يقدر التعويض عنها بالمبلغ المطالب به.
أقام المطعون عليه الثاني الدعوى رقم (……..) لسنة 1991 مدني شمال القاهرة الابتدائية بطلب إلزام الطاعنة بأن تؤدي له مبلغ 50000 جنيه و الفوائد القانونية .
قولاً منه إنها – للخلافات المشار إليها – أبلغت جهة الشرطة ضده والمطعون عليه الثاني وآخر بالاعتداء عليها بالضرب.
كما أنه فتح مطلات على ملكها وضبط عن ذلك قضية الجنحة رقم (……..) لسنة 1987 شبين القناطر سالفة الذكر واتهمته أيضاً بذلك في الجنحة رقم (………..) لسنة 1988 شبين القناطر.
كما أقامت ضده بطريق الادعاء المباشر قضية الجنحة رقم (……..) لسنة 1988 شبين القناطر تتهمه فيها بذات الوقائع المبلغ عنها, وقد قضي ببراءته مما نسبته إليه في تلك الجنح جميعها بحكم صار باتاً.
وإذ لحقته من جراء ذلك أضرار مادية وأدبية يقدر التعويض الجابر لها بالمبلغ المطالب به فقد أقام الدعوى.
كما أقامت الطاعنة الدعويين رقمي (……….) لسنة 1991, (………) لسنة 1991 مدني شمال القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليهما المذكورين بطلب الحكم :
بإلزام كل منهما بأن يؤدي لها مبلغ 250000 جنيه تعويضاً على قالة أنهما تعديا عليها بالضرب مما أدى إلى إصابتها بأزمة قلبية سافرت على أثرها للعلاج في الخارج .
وانحسم النزاع بينهما صلحاً بيد أنهما أقاما ضدها الدعويين سالفتي الذكر بما يعد إساءة لاستعمال حق التقاضي وقد لحقتها أضرار مادية وأدبية تقدر التعويض عنها بالمبلغ المطالب به.
ومن ثم أقامت هاتين الدعويين.
ضمت المحكمة الدعاوى الأربعة ثم حكمت بتاريخ 31/8/1994 في الدعوى رقم (……..) لسنة 1991 مدني كلي شمال القاهرة بإلزام الطاعنة بأن:
تؤدي للمطعون عليه الأول مبلغ 10000 جنيه تعويضاً عن الأضرار الأدبية والفوائد القانونية.
وفي الدعوى رقم (……..) لسنة 1991 بإلزامها بأن تؤدي للمطعون عليه الثاني مبلغ 5000 جنيه تعويضاً عن الأضرار المادية 5000 جنيه تعويضاً عن الأضرار الأدبية والفوائد القانونية.
وفي الدعويين رقمي (………) لسنة 1991, (………) لسنة 1991 برفضهما.
استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالأستئنافين رقمي (………) لسنة 111ق, (……….) لسنة 111ق,
كما استأنفه المطعون عليهما لدى ذات المحكمة بالاستئناف رقم (………) لسنة 111ق أمرت المحكمة بضم الاستئنافات الثلاثة.
وفي 9/11/1995 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف.
طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض, وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه.
وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك تقول:
إنها تمسكت لدى محكمة الموضوع بأن إبلاغها في حق المطعون عليهما كان نتيجة لما وقع فعلاً من اعتداء على نفسها ومالها
ولاعتقادها بأن الشكوى تحقق لها الحماية القانونية وأنها السبيل إلى ذلك وإلى درء تكراره ولم تقصد محض الإضرار بهما.
وأنها كانت تستعمل حقاً مشروعاً ولم تنحرف به إلى الكيد والعنت.
غير أن الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذا الدفاع الجوهري, هذا إلى أن الأحكام الجنائية الصادرة في قضايا الجنح أرقام:
(………..) لسنة 1987, (……….) لسنة 1988, (………..) لسنة 1988 شبين القناطر ببراءة المطعون عليه الثاني لم تفصل في صحة البلاغ أو سوء قصدها .
وإنما كان مبناها الشك الذي تفسره المحكمة لصالح المتهم.
كما وأن النيابة العامة لم ترفع الدعوى الجنائية ضد المطعون عليه الأول واستبعدته من الاتهام بما مؤداه أن هذه الأحكام لا تكون لها حجية أمام القضاء المدني.
غير أن الحكم خالف الثابت بالأوراق واعتد بحجية الأحكام الجنائية المشار إليها في ثبوت عدم صحة الوقائع المبلغ بها وتوافر نية الانحراف بحق الطاعنة في الإبلاغ والتقاضي.
ورتب على ذلك توافر الخطأ في جانبها وألزمها بالتعويض المقضي وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله:
ذلك أن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن مفاد النص في المادتين الرابعة والخامسة من القانون المدني أن من استعمل حقه استعمالاً مشروعاً لا يكون مسئولاً عما ينشأ عن ذلك من ضرر بالغير.
وأن استعمال الحق يكون غير مشروع إذا لم يقصد به سوى الإضرار بالغير وهو ما يتحقق بانتفاء كل مصلحة من استعمال الحق.
وأن حق التقاضي وحق الإبلاغ وحق الشكوى من الحقوق المباحة للأشخاص واستعمالها لا يدعو إلى مساءلة طالما لم ينحرف به صاحب الحق ابتغاء مضارة المبلغ ضده.
ولا يسأل من يلج أبواب القضاء تمسكاً بحق يدعيه لنفسه أو زوداً عن هذا الحق إلا إذا ثبت انحرافه عنه إلى اللدد في الخصومة والعنت مع وضوح الحق ابتغاء الإضرار بالخصم.
وأن تبليغ الجهات المختصة بما يقع من الجرائم لا يعد خطأ تقصيرياً يستوجب مسئولية المبلغ إلا إذا ثبت كذب الواقعة المبلغ بها
وأن التبليغ صدر عن سوء قصد وبغية الكيد والنيل والنكاية بمن أبلغ عنه أو ثبت صدور التبليغ عن تسرع ورعونة وعدم احتياط.
فمجرد عجز المبلغ عن إثبات الوقائع المبلغ عنها لا يقطع حتماً بكذبها.
كما أن المقرر أنه ولئن كان استخلاص الفعل الذي يؤسس عليه طلب التعويض مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع .
إلا أنه يشترط أن يكون هذا الاستخلاص سائغاً وله أصل ثابت بالأوراق.
فضلاً عن أن تكييف هذا الفعل بأنه خطأ أو نفي هذا الوصف عنه هو من مسائل القانون التي تخضع لرقابة محكمة النقض.
فيتعين على الحكم الذي ينتهي إلى مسئولية خصم عن الأضرار الناشئة عن استعمال حق التقاضي أن يورد العناصر الواقعية والظروف الحاصلة التي يصح استخلاص نية الانحراف والكيد منها استخلاصاً سائغاً.
لما كان ما تقدم:
وكان مفاد نص المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 102 من قانون الإثبات أن للحكم الصادر في الدعوى الجنائية حجية الشيء المحكوم فيه أمام المحاكم المدنية.
إذا كان الحكم الجنائي قد فصل فصلاً لازماً في أمر يتعلق بوقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفي الوصف القانوني للفعل ونسبته إلى فاعله .
فإن فصلت المحكمة الجنائية بحكم بات في هذه المسائل امتنع على المحاكم المدنية مخالفة الحكم الجنائي السابق عليه, أما قضاء المحكمة الجنائية بالبراءة للشك الذي تفسره المحكمة لصالح المتهم .
لا يدل بمجرده على كذب الواقعة المبلغ عنها ولا يمنع المحكمة المدنية من إعادة بحث عناصر المسئولية المدنية طالما لم تفصل المحكمة الجنائية في هذا الأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية.
كما أن استبعاد النيابة العامة أحد المتهمين من الاتهام وإقامة الدعوى الجنائية على غيره لا ينهض دليلاً على عدم صحة الوقائع المبلغ بها.
ولا يقيد ذلك المحكمة المدنية التي يجب ألا تبني قضاءها إلا على ما يقتضيه بحثها عناصر المسئولية من النزاع المطروح عليها.
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بمسئولية الطاعنة وبإلزامها بالتعويض المقضي به على قوله “….. إن المستأنفة – الطاعنة -أساءت حقها في الإبلاغ والتقاضي …..
وكان ذلك منطوياً على سوء قصد متسماً بالرعونة والتهور ابتغاء مضارة المبلغ ضده وثبت ذلك بأحكام جنائية باتة .
ذلك أنها أبلغت كذباً بأن المستأنف ضده الثاني تعدى عليها في الجنحة رقم (……..) لسنة 1987 شبين القناطر وصدور حكم جنائي بات ببراءته لأن الواقعة ملفقة
كما أنها أبلغت كذباً بأن المستأنف ضدهما تعديا عليها بالضرب …. رغم علمها بعدم تواجدهما بالبلدة …..
وإذ تحرر عن الواقعة المحضر رقم ……. واستبعدت النيابة العامة المستأنف ضده الأول من الاتهام وقدمت الثاني إلا أنها رغم ذلك رفعت الجنحة رقم (………) لسنة 1988 شبين القناطر … ضد المستأنف ضدهما
وقد صدر حكم جنائي بات بالبراءة لعدم صحة الواقعة لعدم تواجد المستأنف ضدهما بالبلدة حسبما أسفرت عنه تحريات المباحث وكان هذا الذي ساقه الحكم المطعون فيه
وأقام عليه قضاءه لا يصلح سنداً لتوافر الخطأ الموجب للتعويض فهو لا يكفي لإثبات انحراف الطاعنة عن حقها المكفول في الإبلاغ والتقاضي إلى الكيد والعنت واللدد في الخصومة بقصد مضارة المطعون ضدهما
هذا إلى أن الثابت من الأوراق أن مبنى الحكم ببراءة المطعون عليه الثاني في الأحكام الجنائية سالفة البيان هو الشك الذي تفسره المحكمة لصالح المتهم
وهو ما لا يدل بمجرده على كذب الوقائع المبلغ بها, ولم يكن مبناه الكيدية وعدم الصحة – على ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه
هذا إلى أن النيابة العامة لم تقم الدعوى الجنائية ضد المطعون عليه الأول في الجنحة المذكورة واستبعدته من الاتهام وقدمت غيره للمحاكمة الجنائية
وهذا الذي انتهت إليه النيابة العامة بالنسبة له – أياً كان سنده – لا ينهض بذاته دليلاً على عدم صحة الواقعة المبلغ بها.
كما أنه لم يكن متهماً محكوماً عليه في الأحكام الجنائية آنفة البيان فلا يكون له أن يستند إلى حجيتها أو أن يفيد من أي تقريرات تكون قد وردت في سياق مدونات أسبابها.
ما دام أنها لم تفصل في أمر يكون الأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية على ما سلف بيانه.
وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتد بحجية الأحكام الجنائية في أمور لم تفصل فيها واتخذ منها دليلاً على قيام الخطأ الموجب للمسئولية رغم أنها لا تصلح لاستخلاص ما انتهى إليه.
وإذ لم يبين العناصر الواقعية والظروف الحاصلة التي استخلص منها توافر نية الانحراف والكيد لدى الطاعنة:
فإنه يكون قد أقام قضاءه على واقعة ظنية افترضها دون أن يكون في الأوراق ما يرشح لقيامها أو توافر دليل على ثبوتها .
وحجب نفسه بذلك عن بحث وتمحيص دفاع الطاعنة الوارد بسبب النعي رغم أنه دفاع جوهري من شأنه – لو صح – أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى.
فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
الطعن رقم 11865 لسنة 65 بتاريخ 6/29/1997
دعوى تعويض عن بلاغ كاذب وقذف قضائي – نقض مدني 461 لسنة 48 ق
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في:
أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 2871 سنة 1975 مدني كلي شمال القاهرة على الطاعن طالباً الحكم:
بإلزامه بأن يدفع له مبلغ عشرة آلاف جنيه.
وقال بياناً لدعواه:
أنه إبان عمله رئيساً للمحكمة بمحكمة المنصورة الابتدائية عرضت عليه قضايا خاصة بالطاعن فصل في بعضها.
وإذ لم تصادف بعض الأحكام قبولاً لدى الطاعن فقد زعم أنه تقدم بشكوى إلى إدارة التفتيش القضائي بوزارة العدل ورتب على ذلك قيام خصومة بينهما.
وأقام ضده دعوى الرد رقم 1456 سنة 1973 مدني كلي المنصورة ودعوى المخاصمة رقم 178 سنة 25 استئناف المنصورة التي نسب فيها له ارتكاب الغش والخطأ المهني الجسيم والتدليس.
وضمن صحيفتها عبارات توحي بقيام صلة بينه وبين خصومه ورغم إخفاقه في هاتين الدعويين فقد طعن على الحكم الصادر في دعوى المخاصمة بطريق النقض بالطعن رقم 141 سنة 44 القضائية وضمن صحيفة الطعن عبارات مماثلة .
كما أورد الطاعن دون مبرر هذه العبارات في مذكرة دفاعه في الدعاوى 2346، 1909، 1661، 2315، 1810 سنة 1971 مدني كلي المنصورة التي تقدم بها بعد نقله من محكمة المنصورة الابتدائية .
مما يعد قذفاً في حقه وبلاغاً كاذباً ضده وهو ما يتحقق به الخطأ الموجب للمسئولية.
وإذ كان قد أصيب بأضرار أدبية من جراء ذلك يقدر التعويض عنها بالمبلغ المطالب به فقد أقام دعواه ليحكم له بطلباته.
أقام الطاعن دعوى فرعية على المطعون ضده الأول ووزير العدل المطعون ضده الثاني طالباً الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا له مبلغ عشرين ألف جنيه .
وقال بياناً لها :
أن المطعون ضده الأول لم يبغ بدعواه سوى الكيد له إذ زعم عدم علمه بالشكوى المقدمة ضده إلى إدارة التفتيش القضائي رغم إخطاره بتقديمها .
وبما مؤداه صحة ما نسبه إليه الطاعن فلا محل معه لإقامة دعوى التعويض من المطعون ضده الأول.
وقد ألحق به ذلك ضرراً يسأل عن تعويضه المطعون ضده الأول بالتضامن مع متبوعه المطعون ضده الثاني.
كما دفع الطاعن بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى الأصلية وبعدم قبولها وقرر في قلم الكتاب بالادعاء بتزوير صورة المذكرة المقدمة من المطعون ضده الأول.
والمنسوب إلى الطاعن تقديمها في الدعوى رقم 1609 لسنة 1971 مدني كلي المنصورة وطلب استجواب المطعون ضده الأول عن كيفية حصوله عليها ثم تنازل الطاعن عن الادعاء بالتزوير.
بتاريخ 22/6/1976 قضت المحكمة بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون ضده الأول مبلغ خمسة آلاف جنيه وبرفض الدعوى الفرعية.
استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 3035 لسنة 93 القضائية طالباً إلغاءه والحكم له بطلباته.
وبتاريخ 30/1/1978 قضت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون ضده الأول مبلغ ألف جنيه ورفض ما عدا ذلك من الطلبات.
طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها
المحكمة
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعي الطاعن بالوجه السادس من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والفساد في الاستدلال من شقين:
وفي بيان الشق الأول يقول:
أنه لا تجوز قانونا مساءلته عن العبارة التي وردت بالمذكرة المقدمة في الدعوى رقم 1609 لسنة 1971 مدني كلي المنصورة ذلك أن هذه المذكرة قدمت من المحامي بوصفه وكيلا عنه وآخرين في الدعوى.
وما دام المطعون ضده الأول قد قصر دعواه على الطاعن دون شريكتيه في هذه المذكرة مما مفاده تنازله عن حقه في مقاضاة شريكتيه عما ورد بها من سب وقذف.
فإن مؤدى ذلك سقوط حقه في مقاضاة الطاعن عن ذلك، هذا فضلا عن أنه إذ كان لا يجوز مساءلة المحامي عن العبارة التي وردت بهذه المذكرة وفق نص المادة 91 من قانون المحاماة 61 سنة 1968 .
فإنه لا يجوز تبعا لذلك مساءلة الطاعن عنها وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بمسئولية الطاعن عن هذه العبارة يكون قد خالف القانون،
وفي بيان الشق الثاني يقول:
إن العبارة الواردة بهذه المذكرة لا تنصرف صراحة إلى المطعون ضده الأول ولا يستطيع قارئها أن يحدد أنه بذاته المعني بها مما ينتفي معه مساءلة الطاعن عنها.
وإذ استدل الحكم المطعون فيه من ذات العبارة على أن المطعون ضده الأول هو المعني بها يكون فاسد الاستدلال.
وحيث إن الطاعن ينعي بالوجه السابع من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول أن الطعن في أعمال الموظف لا يدخل تحت طائلة العقاب ما دام قد حصل بحسن نية دون أن يتعدى أعمال الوظيفة .
وبشرط إثبات حقيقة كل فعل أسند إليه، وإذ كان الثابت من الحكم الصادر في دعوى المخاصمة بجواز قبولها أنه قد خلص إلى أن خطأ المطعون ضده الأول بلغ في جسامته درجة تكاد تصل إلى حد الغش .
ويتمثل في الجهل الفاحش بالمبادئ الأساسية في القانون مما مفاده سلامة موقف الطاعن وثبوت الخطأ الجسيم المنسوب للمطعون ضده الأول فإن الحكم المطعون فيه.
إذ أقام قضاءه على أن ما صدر من الطاعن كان بقصد التشهير والتجريح لسلوكه كل الطرق التي رسمها القانون بغير حق لإبعاد المطعون ضده الأول عن نظر قضاياه.
وأنه لا يقبل من الطاعن إثبات صحة ما قذف به ويتعين إدانته ولو كان يستطيع الإثبات يكون قد خالف القانون.
وحيث إن الطاعن ينعي بالوجه الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب .
وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك لدى محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف.
وفقاً لما تقضي به المادة 271 من قانون المرافعات بعد ما قضى بنقض الحكم الصادر بعدم جواز المخاصمة في الطعن رقم 141 سنة 44 قضائية .
والمقدم صورته باعتبار أن الحكم الصادر في دعوى المخاصمة كان أساساً للحكم المستأنف.
وإذ أغفل الحكم المطعون فيه الرد على هذا الدفاع الجوهري يكون معيباً بالقصور في التسبيب بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الطاعن ينعي بالوجه الثاني من السبب الأول وفي الوجه الأخير من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب من ثلاثة مواضع :
وفي بيان أولها يقول:
أنه نعى في صحيفة استئنافه على الحكم الابتدائي الإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق ذلك أنه أثبت بمدوناته أن طرفي النزاع طلبا الفصل في الدعوى على أساس ما ورد بها وما قدم فيها من مستندات.
حال أنه كان قد طلب التأجيل للرد على مذكرة المطعون ضده الأول، كما أنه قبل من الأخير مذكرتين في فترة حجز الدعوى للحكم وعول على ما جاء بإحداهما في قضائه رغم عدم إعلانه بها.
وفي بيان الشق الثاني يقول :
أنه نعى على الحكم الابتدائي إخلاله بحق الدفاع إذ رفض طلبه استجواب المطعون ضده الأول عن كيفية وصول صورة مذكرة الطاعن في الدعوى 1609 سنة 1971 مدني كلي المنصورة إليه.
وفي بيان الشق الثالث يقول:
أنه نعى على الحكم الابتدائي القصور إذ أورد بمدوناته أن هذه المذكرة حق للخصم الذي تسلمها وهو ما لا يصلح رداً على ما أبداه الطاعن من أن وجود هذه المذكرة في حوزة المطعون ضده الأول يقطع بقيام صلة بينه وبين خصومه.
وإذ أغفل الحكم المطعون فيه الرد على هذا الدفاع الجوهري يكون معيبا بالقصور.
وحيث إن الطاعن ينعي بالوجهين الأول والثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول:
أن مفاد نص المادة 499 من قانون المرافعات اختصاص محكمة المخاصمة وحدها بنظر طلب التعويض المتعلق بدعوى المخاصمة.
وأن مفاد نص المادة 270 من قانون المرافعات اختصاص محكمة النقض وحدها بنظر طلب التعويض عن الطعن الكيدي.
وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدفع المبدى منه بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر طلب التعويض عن دعوى المخاصمة .
والطعن بالنقض في الحكم الصادر فيها وبرفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
وحيث إن الطاعن ينعي بالوجه الثالث من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول:
أن مفاد نص المادة 165 من قانون المرافعات أن للقاضي المطلوب رده الخيار بين أن يرفع دعوى التعويض على طالب الرد فيفقد بذلك صلاحيته لنظر الدعوى أو أن يترك إجراءات الرد تسير في طريقها المرسوم فيفقد بذلك حقه في رفع دعوى التعويض.
ولما كان المطعون ضده الأول قد ترك إجراءات الرد تسير في طريقها المرسوم فإن دعواه بعد ذلك بطلب التعويض تكون غير مقبولة.
وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى على سند من أن المشرع لم يفوض المحكمة التي تنظر طلب الرد الحكم فيها بتعويض يكون قد خالف القانون.
وحيث إن الطاعن ينعي بالوجه الرابع من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول :
إن مفاد نص المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية أن الدعوى الجنائية عن جريمتي السب والقذف تسقط بعدم تقديم المجني عليه شكوى خلال ثلاثة أشهر من يوم علمه بالجريمة ومرتكبها.
وأن مفاد نص المادة 172 من القانون المدني أن دعوى التعويض عن العمل غير المشروع تسقط بانقضاء ثلاث سنوات من يوم علم المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه أو بانقضاء خمس عشرة سنة من يوم وقوع العمل.
غير المشروع على أنه إذا كانت الدعوى ناشئة عن جريمة، وكانت الدعوى الجنائية لم تسقط بعد انقضاء هذه المواعيد فإن دعوى التعويض لا تسقط إلا بسقوط الدعوى الجنائية.
ومؤدى هاتين المادتين أن عدم تقديم الشكوى خلال الموعد المقرر عن جريمتي السب والقذف ليس مؤداه سقوط الدعويين الجنائية والمدنية أمام المحاكم الجنائية فحسب.
بل أيضاً سقوط دعوى التعويض عن هاتين الجريمتين أمام المحاكم المدنية ذلك أن التقادم يقضي على الحق ذاته ويستتبع تقادم الدعوى.
وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر بتقريره أن التقادم الوارد بالمادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية قاصر على الدعوى الجنائية دون الدعوى المدنية يكون قد خالف القانون.
وحيث إن الطاعن ينعي بالوجه الخامس من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول:
إن إساءة استعمال حق التقاضي وإن جاز أن تترتب عليها المسئولية التي توجب التعويض إلا أنها ليست خطأ تقصيرياً مما يدخل في نطاق المادة 163 من القانون المدني.
وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بالتعويض على أساس المسئولية التقصيرية يكون قد خالف القانون.
وحيث إن الطاعن ينعي بالوجه الثامن من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول:
أن الحكم المطعون فيه خلص إلى أن نسبة الغش والتدليس والخطأ المهني الجسيم إلى المطعون ضده الأول تقتضيها ضرورات الدفاع في دعوى المخاصمة.
وإذ كانت باقي الأوصاف التي نسبها إلى المطعون ضده الأول هي صفات لصيقة بمن يثبت الغش والتدليس والخطأ الجسيم في حقه.
فإن نسبتها إليه – تبعاً لذلك – لا تكون تجاوزاً لحق الدفاع وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر يكون قد خالف القانون.
وحيث إن الطاعن ينعي بالوجه التاسع من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول:
أنه تمسك لدى محكمة الاستئناف بمخالفة محكمة أول درجة للقانون إذ فصلت في دعوى التزوير والموضوع بحكم واحد ذلك أنه وإن كان قد تنازل عن الطعن بالتزوير لدى محكمة أول درجة.
إلا أن الخصومة في دعوى التزوير قد رفعت إلى القضاء ويتعين صدور حكم فيها بما كان يوجب على محكمة أول درجة أن تقصر قضاءها على إثبات هذا التنازل دون الفصل في موضوع الدعوى.
وإذ التفت الحكم المطعون فيه عن ذلك على سند من أن إجراءات الطعن بالتزوير تعتبر كأن لم تكن بالتنازل عنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن الطاعن ينعي في الوجه الأخير من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول:
أن ما أورده المطعون ضده الأول بصحيفة دعواه من قوله بأنه تأثر غاية التأثر من شكاوى الطاعن ومما جاء بكل من تقرير المخاصمة وطلب الرد وبلغ من تأثره أن أصابته الأمراض والأسقام.
يعد إقراراً قضائياً كاشفاً عن عدم صدقه فيما أورده رداً على كل من دعوى المخاصمة وطلب الرد من أنه لا يحمل شعوراً خاصا للطاعن أو لخصومه وعن مسلكه الخاطئ باستمراره في نظر الدعاوى رغم هذا التأثر.
بما يكفي دليلاً في دعوى الطاعن الفرعية يغني عن تقديم دليل آخر فيها،
وإذ لم يعرض الحكم المطعون فيه إلى هذا الدليل وقضى برفض دعواه الفرعية على سند من انعدام الدليل على عدم صدق الرد على دعوى المخاصمة وطلب الرد .
وأن مجرد تقديم شكوى لا يحول بين القاضي والفصل في الدعوى ما دام لم يستشعر الحرج، يكون فضلاً عن قصوره مشوباً بالفساد في الاستدلال.
الطعن رقم 461 لسنة 48 بتاريخ 3/24/1983
بطلان إجراءات مرسي المزاد والتعويض عن الخصومة الكيدية – نقض مدني 47/209
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في:
أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 3593 لسنة 1971 مدني كلي جنوب القاهرة ضد الطاعن الثاني طالباً الحكم:
ببطلان إجراءات حكم مرسي المزاد الصادر في الدعوى رقم 53 لسنة 1965 بيوع كلي القاهرة.
وقال بياناً لها:
إنه اشترى بموجب عقد بيع ابتدائي مؤرخ في 1 أغسطس سنة 1954 من مورث المطعون ضدهن من الثانية إلى الرابعة مساحة سهم واحد و10 قراريط في العقار الصادر عنه حكم مرسي المزاد سالف الذكر لصالح الطاعن الثاني.
ولما كان الحصول على هذا الحكم قد تم بطريق الغش والتدليس فقد أقام دعواه للحكم له بطلباته.
ثم أدخل المطعون ضده الأول الطاعن الأول والمطعون ضدهم من الثانية إلى الخامس في الخصومة بصحيفة قال فيها:
إن الطاعنين والمطعون ضده الخامس اتفقوا على الاستيلاء على ملكه وأن الطاعن الأول هو الرأس المدبرة والمفكرة في توجيه شركائه للاستيلاء على أملاك خمسة مواطنين بطرق ملتوية مخالفة للقانون والنظام العام.
ثم أقام الطاعن الأول دعوى فرعية ضد المطعون ضده الأول طالباً الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ ثلاثة آلاف جنيه كتعويض عما ناله من ضرر مادي وأدبي من جراء إدخاله في خصومة دون مقتض وما وجهه إليه فيها من قذف وسب.
كما أقام المطعون ضدهم من السادس إلى الأخيرة الدعوى رقم 4033 لسنة 1967 مدني كلي القاهرة ضد الطاعن الثاني وفي مواجهة المطعون ضده الأول ببطلان إجراء حكم مرسي المزاد سالف الذكر.
مؤسسين دعواهم على:
أنهم اشتروا ووضعوا اليد على أجزاء من العقار موضوع تلك الإجراءات، وبصدور قانون المرافعات الجديد أحيلت تلك الدعوى إلى قاضي التنفيذ بمحكمة الزيتون وقيدت أمامها برقم 132 لسنة 1969 .
ثم أحيلت إلى محكمة القاهرة الابتدائية لنظرها مع الدعوى الحالية رقم 3593 لسنة 1971 مدني كلي جنوب القاهرة للارتباط وقيدت أمامها برقم 685 لسنة 1972 مدني كلي جنوب القاهرة.
دفع الطاعن الثاني الدعويين بعدم جواز نظرهما لسابقة الفصل فيهما في الدعوى رقم 1397 لسنة 1967 مدني كلي القاهرة واستئنافها رقم 1472 لسنة 84 قضائية القاهرة.
فقضت المحكمة بتاريخ 30 يونيه 1975 بعدم جواز نظر الدعويين سالفتي الذكر لسابقة الفصل فيهما وبرفض الدعوى الفرعية.
استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 3292 لسنة 92 قضائية طالباً إلغاءه والحكم بعدم اختصاص محكمة أول درجة بنظر الدعوى وإحالتها إلى قاضي التنفيذ.
كما استأنفه الطاعن الأول بالاستئناف رقم 3297 لسنة 92 قضائية القاهرة طالباً إلغاءه والقضاء له بطلباته، وبتاريخ 20 ديسمبر سنة 1976 .
حكمت المحكمة في الاستئناف رقم 3292 لسنة 92 قضائية بإلغاء الحكم المستأنف وإحالة دعوى المطعون ضده الأول إلى قاضي التنفيذ بمحكمة الزيتون الجزئية.
وفي الاستئناف رقم 3297 لسنة 92 قضائية بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض.
دفع المطعون ضده الأول بعدم جواز الطعن المرفوع من الطاعن الثاني تأسيساً على أنه حكم غير منه للخصومة لا يجوز الطعن فيه بالنقض.
وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الدفع وبعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهم من السادس إلى الأخيرة وفي الموضوع برفضه.
وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها
الطعن رقم 209 لسنة 47 بتاريخ 1/28/1981
🧾 جدول ملخصات الطعون القضائية حول التعويض عن التقاضي الكيدي
| رقم الطعن | المحكمة | الوقائع | الحكم | المبدأ القضائي |
|---|---|---|---|---|
| 11865 لسنة 65ق | نقض مدني | بلاغات كاذبة وادعاء اعتداء على المدعية ثبت عدم صحتها، تكرار رفع دعاوى كيدية. | نقض الحكم لعدم كفاية الأدلة على الكيد. | يشترط ثبوت سوء النية للحكم بالتعويض عن الدعوى الكيدية. |
| 461 لسنة 48ق | نقض مدني | عبارات تشهيرية بمذكرة دفاع، وادعاءات غير مثبتة ضد قاضي سابق. | تعديل مبلغ التعويض إلى ألف جنيه، ورفض الدعوى الفرعية. | توجيه العبارات المهينة في سياق التقاضي دون مبرر يعد خطأ يوجب التعويض. |
| 438 لسنة 43ق | نقض مدني | تحصيل رسوم ترخيص استيراد بغير وجه حق، رغم صدور أحكام ببراءة الذمة. | تأييد استرداد المبلغ المحصل والتعويض بمبلغ 1000 جنيه. | تحصيل أموال دون سند قانوني يوجب ردها مع تعويض الضرر. |
حماية القضاء من التعسف في استعمال الحق
يتضح من استقراء المادة 188 من قانون المرافعات المصري أن المشرّع لم يقف مكتوف اليدين أمام ما يُعرف بـالدعوى العبثية أو المنازعة التعسفية.
وهي تلك التي يُقحم فيها القضاء دون مبرر قانوني سليم، بقصد النكاية بالخصم أو عرقلة سير العدالة.
وتُعد هذه الصورة من صور التحايل القضائي أو الخصومة الزائفة انتهاكًا مباشرًا لحق التقاضي المشروع.
ولذلك أتاح القانون للمحكمة توقيع جزاءات مزدوجة تشمل التعويضات والغرامات، متى ثبت للمحكمة أن هناك انحرافًا عن الغاية القانونية للادعاء، سواء في صورة دعوى أو دفع، على نحو يؤدي إلى إرهاق الخصم أو إساءة استغلال إجراءات التقاضي.
كما عززت محكمة النقض هذا الاتجاه في العديد من أحكامها التي قررت مسؤولية الخصم عن التعويض حال الادعاء الباطل أو المجحف، حتى وإن تذرع بحق ظاهر.
الأسئلة الشائعة حول تعويض المتضرر من الدعوى الكيدية في القانون
ما هي الدعوى الكيدية في القانون المصري؟
متى يحق للمحكمة فرض غرامة على الدعوى الكيدية؟
كيف تُثبت الدعوى الكيدية أمام المحكمة؟
هل يمكن طلب التعويضات والغرامات معًا؟
ما دور المادة الخامسة من القانون المدني في الدعاوى التي تُقام بسوء نية؟
هل تُعتبر أحكام البراءة الجنائية دليلًا على الكيد؟
في الختام، نقول أن الحكم بالتعويضات عن الدفع الكيدي للاضرار بالخصم قد يشكل وسيلة قانونية فعالة لحماية حق التقاضي من الاستغلال، وردع الخصوم عن إساءة استعمال الإجراءات.
فإذا واجهت دعوى كيدية استشرنا لتقييم دعواك والتأكد من مشروعيتها.
شاركنا رأيك في التعليقات أو تواصل معنا لمزيد من الاستفسارات القانونية!
👨⚖️ عن كاتب المقال:
- الأستاذ عبدالعزيز حسين عمار
- محامٍ بالنقض والإدارية العليا، مؤسس مكتب عبدالعزيز حسين عمار للمحاماة بمدينة الزقازيق.
- يمتلك خبرة قانونية تمتد لأكثر من 28 عامًا في مجال المرافعات والطعون، لا سيّما في قضايا التعويضات والدعوى بقصد الإضرار والطعون المدنية والإدارية.
- متخصص في صياغة المذكرات القانونية، وتحليل أحكام محكمة النقض، وتقديم استشارات قانونية معمقة للمهنيين والباحثين في مصر والعالم العربي.
- ينشر مقالاته وتحليلاته عبر موقعه الرسمي:
🔗 عبدالعزيز حسين عمار – محامي قضايا ميراث وملكية في الزقازيق .
لا تتردد فى الاتصال بنا وارسال استشارتك القانونية فى أي قضية.
مكتب الخدمات القانونية وأعمال المحاماة والتقاضي: عبدالعزيز حسين عمار محامي – قضايا الملكية والميراث والمدني الاتصال على الارقام التالية :
- حجز موعد: 01285743047
- واتس: 01228890370
- عنوان المكتب : 29 شارع النقراشي – برج المنار – الدور الخامس / القاهرة / مصر
ارسال الاستفسار القانوني من خلال الرابط : اتصل بنا الأن .
راسلنا على الواتس مجانا، واكتب سؤلك وسنوالى الرد خلال 24 ساعة عبر الرقم: 01228890370
احجز موعد للاستشارة المدفوعة بالمكتب من خلال: الاتصال على 01285743047 ، وسيرد عليك أحد ممثلينا لتحديد الموعد.
اشترك لتحصل على دليلك المجاني حول الميراث والعقارات .
دلالية:
#خدمات_قانون_الخدمة المدنية
#خدمات قانون الملكية فى مكتب عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض
#قضايا الفرز والتجنيب وتقسيم الورث قضائيا
#تحرير عقود القسمة الاتفاقية للأملاك الشائعة بالميراث.
#قضية تثبيت الملكية بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة.
#تسجيل العقود العرفية ونقل ملكية العقارات الى المشتري فى الشهر العقاري والسجل العيني.
#محامي_قضايا قانون العمل.
#خدمات_قضايا_الإيجارات، قديم وجديد.
#محام القانون المدني في القاهرة، والزقازيق.
عبدالعزيز حسين عمار – محامي الميراث والملكية بالزقازيق بخبرة 28 عاما في تقسيم التركات، إزالة الشيوع، وضع اليد، مدني، الايجار، احجز استشارتك القانونية الآن.
تاريخ النشر: 2025-07-28
🔖 معلومات المرجع: تم إعداد هذه المادة القانونية بواسطة عبدالعزيز حسين عمار – محامي بالنقض. للاطلاع على النسخة المعتمدة، تفضل بزيارة الرابط: https://azizavocate.com/2025/07/تعويض-الدعاوى-الكيدية.html. تاريخ الإتاحة العامة: 2025-07-28.






