الاعذار شرط التعويض التعاقدي

شرط هام للقضاء بالتعويض للدائن وهو ضرورة اعذار المدين لاستحقاق التعويض أولا وفقا لنص المادة 218 مدني وهو شرط لا يكون الا في التعويض عن المسئولية العقدية وليس شرطا في التعويض عن المسئولية التقصيرية.

اعذار المدين فى المادة 218 مدني

اعذار المدين لاستحقاق التعويض

لا يستحق التعويض إلا بعد إعذار المدين ما لم ينص على غير ذلك.

  النصوص العربية المقابلة للمادة 218 مدني

هذه المادة تقابل في نصوص القانون المدني بالأقطار العربية المواد التالية المادة 221 ليبي و 219 سوري و 256 عراقي و 253 لبناني .

 ورد هذا النص في المادة 296 من المشروع  التمهيدي علة وجه مطابق لما استقر عليه في التقنين الجديد وأقرته لجنة المراجعة تحت رقم المادة 225 من المشروع النهائي ووافق عليه مجلس النواب ثم مجلس الشيوخ تحت رقم المادة 218 “

(مجموعة الأعمال التحضيرية 2 ص 555 – ص 556)
وجاء بمذكرة المشروع التمهيدي أنه

دعوة توجه إلى المدين قصد منها إنذاره يوجب الوفاء

ويترتب على ذلك ما يأتي :
  • أولاً لا ضرورة للإعذار إذا كان الدائن يطالب بالوفاء عيناً ، لا بالوفاء بمقابل ( التعويض )
  • ثانياً لا فائدة في الإعذار إذا أصبح من المحقق أن المدين لا يمكنه تنفيذ الالتزام عينا ، لو أنه لم يرغب في ذلك
  • أما إذا كان محل الالتزام امتناعا عن عمل فمجرد الإخلال بالتعهد يجعل الإعذار عديم الجدوى

شرح المادة 218 مدني ( اعذار للمدين )

المقصود بالاعذار

وضع المدين موضع المتأخر في تنفيذ التزامه بإثبات تأخيره في الوفاء به وذلك أن مجرد حلول أجل الالتزام لا يفيد تمسك الدائن بهذا الأجل وتضرره من تأخير التنفيذ ما لم يسجل الدائن ذلك عن طريق   الإعذار   فالاعذار ضروري لتنبيه المدين إلى نية الدائن إلى الالتجاء إلى التنفيذ الجبري إذا لم يف بالتزامه باختياره .

( أنور سلطان ص 149 )
وقد قضت محكمة النقض بأن

المقصود بالاعذار هو وضع المدين في مركز الطرف المتأخر عن تنفيذ التزامه ولا موجب للإعذار متى أصبح التنفيذ غير ممكن بفعله

(الطعن رقم 260 لسنة 53ق س38 42ص  1129جلسة 20/12/1989)

وبأن  قد مفاد نص المادتين 218 ، 230/1 من القانون المدني أنه ولئن كان   التعويض  لا يستحق إلا بعد إعذار المدين مالم ينص على غير ذلك إنه لا ضرورة لهذا الاعذار إذا أصبح تنفيذ الالتزام غير ممكن أو غير مجد بفعل المدين

( الطعن رقم 1556 لسنة 56ق س40 ع1 ص840 )

العلة في اشتراط الاعذار قبل الالتجاء إلى التنفيذ الجبري ترجع إلى اعتبارين

  1. الأول أخلاقي ويقصد به تنبيه المدين إلى وجوب الوفاء بالتزامه لتفادي التنفيذ الجبري وما يتضمنه من وسائل القهر .
  2. والثاني قانوني وأساسه افتراض أن عدم تضرر الدائن من التأخير في التنفيذ دليل على قبوله ضمناً مد أجل الوفاء ولذا يكون على الدائن نفى هذا الافتراض باعذار المدين .
( أنور سلطان ص149 )
وقد قضت محكمة النقض بأن

لما كان اعذار المدين هو وضعه قانوناً في حالة التأخير في تنفيذ التزامه إذ أن مجرد حلول أجل الالتزام والتأخير الفعلي في تنفيذه لا يكفي لاعتبار المدين متأخراً في التنفيذ على نحو يوفر مسئوليته القانونية عن هذا التأخير بل لابد من إعذاره بالطرق التي بينها القانون فعندئذ يصبح المدين ملزماً بتنفيذ التزامه فوراً

(الطعن رقم 268 لسنة 62ق جلسة 12/4/1998)

وبأنه ” مفاد نص المادة 18 من القانون المدني أن شرط استحقاق التعويض عند عدم تنفيذ الالتزام أو التأخير في تنفيذه اعذار المدين مالم ينص على غير ذلك ولا يغني عن هذا الاعذار أن يكون التعويض مقداراً في العقد أو أن يكون قد حل أجل الوفاء به وتأخر المدين فعلاً في أدائه

( الطعن رقم 268 لسنة 62ق جلسة 12/4/1998)

وبأن لما كان المبين من الأوراق أن  عقد البيع   سند الدعوى قد خلا من النص على الإعفاء من الاعذار وهو إجراء واجب لاستحقاق التعويض المتفق عليه فيه وكان هذا الاعذار لم يتم إلا بتاريخ 20/4/1989 فإنه من ذلك التاريخ يحق للمطعون عليهما المطالبة بالتعويض المنصوص عليه بالبند السابع من عقد البيع سالف الذكر

لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه المؤيد للحكم الابتدائي قد خالف هذا النظر وقضى بالزام الطاعنة بالتعويض المطالب به عن المدة 1/3/1983 حتى 31/1/1989 وهي الفترة السابقة على حصول الاعذار الموجه إليها من المطعون ضدهما في 20/4/1989 – رغم تمسكها بدفاعها الوارد بسبب النعي – فإنه يكون قد أخطأ في القانون

(الطعن رقم 268 لسنة 62ق جلسة 12/4/1998)

وجوب إعذار المدين قبل استحقاق التعويض ما لم ينص  على غير ذلك

أوجبت المادة 218 مدني سالفة الذكر على وجوب اعذار المدين قبل استحقاق التعويض وذلك ما لم ينص على غير ذلك  ، فقد نصت على أن ” لا يستحق التعويض  إلا بعد اعذار المدين ما لم ينص على غير ذلك

وقت الاعذار

 

 لما كان الغرض من الاعذار هو إثبات تقصير المدين وامتناعه عن تنفيذ التزامه ، ولذلك يجب أن يتم بعد حلول الأجل المحدد للتنفيذ وإن كان هذا الاخلال يرتب ضرراً  للدائن إلا أن الأخير لا يجوز له المطالبة بالتعويض إلا عن الضرر الذي يلحقه اعتباراً من وقت الإعذار دون الضرر السابق عليه إذ تقوم قرينة قانونية قاطعة على أن الضرر لم يتحقق إلا من وقت الاعذار ، طالما تم بعد حلول الأجل المحدد للتنفيذ

فإن تم قبل ذلك كان حابط الاثر حتى ولو تم الاخلال بعده بقليل إذ لا يساغ القول بتحقيق الضرر قبل خطأ المدين ، وأن الاعذار هو مناط توافر الضرر فإن أقام   دعوى التعويض    بعد الاخلال بالالتزام وتضمنت تكليفاً بالوفاء على نحو ما تقدم ، فإنه يعتد بالضرر اعتباراً من تاريخ اعلان الدعوى دون الضرر الذي تحقق قبل ذلك

وإذا تعددت الاعذارات كانت العبرة بالاعذار الأخير باعتباره متضمنا ً ما استقرت عليه إرادة الدائن وتتحدد مسئولية المدين عن الاخلال محل الاعذارات السابقة وفقاً لما تضمنه الااعذار الأخير ،

فقد يحتفظ الدائن بحقه في التعويض عن الضرر الذي لحقه من جراء هذا الاخلال ويسعى بالاعذار الأخير إلى تكليف المدين بالتنفيذ العيني لالتزامه الذي حل ، وقد يتضمن تنازلاً عن التعويض المستحق ، ويخضع تفسير الاعذار الأخير لقواعد تفسيرات المحررات

( أنور طلبه ص 255 )
وقد قضت محكمة النقض بأن

إمهال الدائن مدينة ذو شأن في تعين تاريخ التقصير فإذا كان الحكم قد اعتد في تعين تاريخ التقصير باعذار صادر في تاريخ معين دون الاعذار الصادر بعده المشتمل على منح مهلة للوفاء وذلك من غير أن يوضح علة اطراحه الاعذار الاخير فإنه يكون قاصراً

( نقض 29/4/1948 جـ 1 في 25سنة ص260 )

وبأن وإن كانت التضمينات في حالة العجز عن الوفاء إلا أنه إذا لم يظهر هذا العجز للدائن فإن التضمينات تكون مستحقة من الوقت الذي يمتنع فيه المدين عن الوفاء به بعد تكليفه رسمياً من قبل الدائن عملاً بالقاعدة العامة

على ذلك إذا سلم البائع جزءاً من المبيع متأخر عن الميعاد المتفق عليه ثم توقف عن تسليم الباقي حتى اعذاره المشتري ، ولم يثبت من وقائع الدعوى ما يدل على ظهور عجز البائع عن الوفاء من اليوم الذي حصل فيه تسليم ذلك الجزء

بل أن كانت الوقائع دالة على أن ميعاد التوريد المتفق عليه في العقد قد عدل عنه برضاء الطرفين فإن التضمينات لا تكون مستحقة إلا من الوقت الذي امتنع فيه البائع عن الوفاء بعد تكليفه به رسمياً وإذا تمسك المشتري ( بسبب ارتفاع الأسعار  ) باستحقاق التضمينات من تاريخ التسليم الجزئي باعتبار أنه التاريخ الذي ظهر فيه عجزه عن الوفاء بالباقي وقض المحكمة بذلك كان حكمها مخطئاً في تطبيق القانون

(مجموعة القواعد القانونية في العام 25 بند 68 ص355)

وإذا تضمن الاعذار الأخير منح المدين مهلة أخرى لتنفيذ التزامه ، أو ما تبقى منه ثم أخل بالوفاء رغم حلول الأجل الذي تضمنه الإعذار جاز للدائن رفع دعوى التعويض مباشرة دون أن يسبقها باعذار لأن المهلة الجديدة بمثابة منحة من الدائن ويكون الاخلال الجديد امتداداً للاخلال السابق الذي توافر الاعذار بالنسبة له وإذا قام المدين بالوفاء الجزئي بعد اعذاره وقبل الدائن هذا الوفاء ولم يمنح المدين مهلة للوفاء بباقي الالتزام فإن استحقاق تعويض عن هذا الاخلال يتطلب اعذاراً جديداً لانقضاء أثر الاعذار السابق بالوفاء الجزئي .

( أنور طلبه ص 256 )
قضت محكمة النقض بأن

ولا يستحق التعويض إلا بعد اعذار المدين ما لم ينص على غير ذلك فإذا كان الثابت من تقريرات الحكم المطعون فيه أن الطاعنة ( المشترية) لم تعذر المطعون عليهم (البائع والضامن له) بالوفاء عند حلول الأجل المحدد لتوريد القطن وكان العقد المبرم بين الطرفين قد خلا من النص على الإعفاء من الاعذار وهو إجراء واجب لاستحقاق التعويض المتفق عليه فيه ، فإن الطاعنة لا تكون على حق في المطالبة بهذا التعويض

( نقض 3/5/1962 س13ص583 )

وبأن كانت التضمينات في حالة العجز عن الوفاء العيني تعتبر مستحقة من الوقت الذي يظهر فيه الدائن عجز المدين عن الوفاء ، إلا أنه إذا لم يظهر هذا العجز للدائن فإن التضمينات تكون مستحقة من الوقت الذي يمتنع فيه المدين عن الوفاء بعد تكليفه به رسمياً من قبل الدائن عملاً بالقاعدة القانونية العامة وعلى ذلك اذا سلم البائع جزاءاً من المبيع متأخراً عن الميعاد المتفق عليه تم نوقف عن تسليم الباقي حتى اعذره المشتري

ولم يثبت من وقائع الدعوى ما يدول على ظهور عجز البائع عن الوفاء من اليوم الذي فيه تسليم ذلك الجزء بل كانت تلك الوقائع دالة على أن ميعاد التوريد المتفق عليه في العقد قد عدل عنه برضاء الطرفين ، فإن التضمينات لا تكون مستحقة إلا من الوقت الذي امتنع فيه البائع عن الوفاء بعد تكليفه به رسمياً .

وإذا تمسك المشتري (بسبب ارتفاع الأسعار) باستحقاق التضمينات من تاريخ التسليم الجزئي باعتبار أنه هو التاريخ الذي ظهر فيه عجزه (البائع) عن الوفاء بالباقي ، وقضت المحكمة بذلك كان حكمها مخطئاً في تطبيق القانون

(نقض  25/1/1945 جـ1 في 25 سنة ص355)

أثار الاعذار

 

يترتب على اعذار المدين النتائج التالية :

أولاً : يصبح المدين مسئولا عن التعويض لتأخيره في تنفيذ الالتزام وذلك من وقت الاعذار

أما في الفترة التي سبقت الاعذار فلا يعوض المدين الدائن عن التأخير في التنفيذ فالمفروض أن الدائن قد رضى بهذا التأخير ولم يصبه منه ضرراً ما دام أنه لم يعذر المدين والنص صريح في هذا المعنى فقد قضت المادة 218 مدني بأنه لا يستحق التعويض إلا بعد اعذار المدين ويلاحظ أنه إذا كان محل الالتزام مبلغاً من النقود فالتعويض عن التأخير – أي الفوائد – لا يكون مستحقاً بمجرد اعذار المدين بل لابد من رفع الدعوى ولا تسري الفوائد إلا من وقت إعلان صحيفة الدعوى

( السنهوري ص 758)
ثانياً : إمكان مطالبة الدائن بفسخ العقد التبادلي بسبب عدم قيام الطرف الأخر بتنفيذ التزامه :

فقد نصت المادة 157/1 من القانون المدني على أنه ” في العقود الملزمة للجانبين إذا لم يوف أحد المتعاقدين بالتزامه جاز للمتعاقد الأخر بعد اعذاره المدين أن يطالب بتنفيذ العقد أو بفسخه ، ومع التعويض في الحالتين إذا كان له مقتض ( مادة 158 )

(عزمي البكري ص 621)
ثالثاً : انتقال تبعة الهلاك من طرف إلى أخر :

الأصل في تبعة الهلاك أنه على المدين في العقود الملزمة للجانبين وعلى الدائن في العقود الملزمة لجانب واحد غير أنه قد يغير من هذا الأصل صدور اعذار من الدائن إلى المدين في العقود الملزمة للجانبين أنه اذا استحال على المدين تنفيذ التزامه لسبب أجنبي انقضى هذا الالتزام وانقضى تبعاً له الالتزام المقابل (م 373 مدني)

ومعنى ذلك أن المدين قد استحال تنفيذ التزامه لا يستطيع مطالبة الدائن بتنفيذ ما تعهد به وبذلك يتحمل المدين في العقد التبادلي تبعة   استحالة تنفيذ التزامه   ففي البيع مثلاً إذا هلك المبيع المعين بالذات قبل التسليم لسبب أجنبي ، تحمل البائع وهو المدين بالتسليم تبعة هذا الهلاك وانقضى التزام الدائن أي المشتري بدفع الثمن

وإذا كان هذا هو الأصل بالنسبة للعقود التبادلية فلن يغير منه شيئاً صدور الاعذار من الدائن أو عدم صدوره ولكن إذا كان العقد من العقود الملزمة لجانب واحد كالوديعة غير المأجورة  واستحالة على المدين أي على المودع عنده تنفيذ التزامه بالرد لسبب أجنبي  كهلاك الشئ المودع بقوة قاهرة انقضى هذا الالتزام ، وتحمل المودع أي الدائن تبعة الهلاك

ولكن إذا فرض وكان المودع قد أعذر المودع عنده برد الوديعة قبل وقوع الهلاك ، ترتب على هذا الاعذار انتقال تبعة استحالة تنفيذ الالتزام من الدائن إلى المدين وإلى هذا الحكم أثارت المادة 207/1 من التقنين المدني بقولها ” إذا التزم المدين أن ينقل حقاً عيناً أو أن يقوم بعمل وتضمن التزامه أن يسلم شيئاً ولم يقم بتسليمه بعد أن اعذر فإن هلاك الشيء يكون عليه ولو كان الهلاك قبل الاعذار على الدائن

غير أن هذا النص ليس قاطعاً في نقل تبعة الهلاك من الدائن إلى المدين المعذر ، إذ قد أجازت الفقرة الثانية من المادة السالفة الذكر للمدين أن يثبت أن الشيء كان يهلك كذلك عند الدائن لو أنه سلمه إليه ،وبذلك لا يستطيع المدين أن يتخلص من هذه المسئولية ولا يستثنى من هذه القاعدة إلا حالة ما إذا كان المدين قد قبل أن يتحمل تبعة الحوادث المفاجئة

( أنور سلطان ص 154)
وقد قضت محكمة النقض بأن

ومتى كان الطاعن قد أعلن المطعون ضده باعتبار العقد مفسوخاً من جهته وكان الحكم المطعون فيه رتب على هذا الاعلان أن المطعون ضده لم يكن بحاجة إلى اعذار الطاعن قبل المطالبة بالتعويض باعتبار أن  الطاعن قد صرح بهذا الاعلان أنه لا يريد القيام بالتزامه فإن الحكم يكون قد التزم صحيح القانون

( الطعن رقم 222 لسنة 33ق جلسة 14/2/1967)

وبأن ” النص في حق البيع على المشتري في التنازل عنه للغير وحصول هذا التنازل بالفعل لا يحرم البائع من استعمال حقه في طلب فسخ ذلك العقد عند قيام موجبه ولا يلزمه بتوجيه الاعذار إلا إلى المشتري منه أما المتنازل إليه فليس طرفاً في العقد المطلوب فسخه ومن ثم فلا ضرورة لاعذاره

( الطعن رقم 188 س32ق جلسة 24/3/1966)

وبأن ” ولئن كانت المادة 203/1 من القانون المدني أوجبت حصول الاعذار عند المطالبة بالتنفيذ العيني إلا أن الاعذار ليس شرطاً لقبول الدعوى وإنما هو شرط للحكم بالتنفيذ العيني ، والاعذار هو وضع المدين في حالة المتأخر في تنفيذ التزامه ويكون ذلك بإنذاره بورقة رسمية من أوراق المحضرين أو ما يقوم مقامه وتعتبر المطالبة القضائية ذاتها اعذاراً

( الطعن رقم 1414 لسنة 53ق جلسة 3/2/1991)

وبأنه لما كان الاعذار إجراء واجباً لاستحقاق التعويض ما لم ينص على غير ذلك – وكان المقصود بالاعذار هو وضع المدين موضع المتأخر في تنفيذ التزامه – والأصل في الاعذار أن يكون بإنذار المدين على يد محضر بالوفاء بالتزامه الذي تخلف عن تنفيذه ،ويقوم مقام الاعذار أيه ورقة رسمية يدعو فيها الدائن المدين بالوفاء بالتزامه ويسجل عليه التأخير في تنفيذه على أن تعلن هذه الورقة إلى المدين بناء على طلب الدائن

لما كان ذلك وكان الانذاران الموجهان من الطاعنة إلى الشركة المطعون ضدهم بتاريخ 7/4/1969، 19/8/1970 – والمرفقان  بملف الطعن – لم يتضمنا دعوة الطاعنة للشركة المطعون ضدها للوفاء بالتزامها بتمكينه من تنفيذ باقي الأعمال المسندة إليه والتي يدعى أن الشركة المطعون ضدها منعته من تنفيذها

وإذا لم تشتمل صحيفة الدعوى – كذلك – على الاعذار بالمعنى الذي يتطلبه القانون وكان عقد المقاولة – المحرر عن هذه الأعمال – والمرفق بملف الطعن – قد خلا من النص على الاعفاء من الاعذار – فإن الحكم المطعون فيه إذا انتهى إلى رفض طلب التعويض لتخلف الاعذار يكون قد صادف صحيح القانون

( الطعن رقم 1164 لسنة 48ق جلسة 12/3/1974)

وبأن لا يكفي لترتيب الأثر القانوني للاعذار أن يكون المشتري قد قال في دعوى أخرى أن البائع قد انذره مادام ذلك القول قد صدر في وقت لم يكن النزاع على العقد المتنازل فيه مطروحاً بل يجب تقديم الانذار حتى يمكن للمحكمة أن تتبين أن كان يترتب على الفسخ أم لا وذلك بالرجوع إلى تاريخه وما تضمنه لأنه قد يكون حاصلاً قبل الميعاد المعين للوفاء أو قبل قيام البائع بتعهداته التي توقفت عليها تعهدات المشتري

(الطعن رقم 80 لسنة 13ق جلسة 16/3/1944)

وبأن التأخير في تسليم الأرض المتبادل عليها تقصير تعاقدي حكمه وارد بالمادة 119 من القانون المدني وهو ايجاب التضمينات على المدين المقصر ثم بالمادة 120 التي تقضي بأن تلك التضمينات لا تكون مستحقة إلا بعد تكليف المتعهد بالوفاء تكليفاً رسمياً وهذه القاعدة العامة هي نفس القاعدة الواردة في باب البيع في المادة 278 عند تأخر البائع عن تسليم  المبيع تلك المادة التي تسري حكمها على المقايضات بمقتضى المادة 360 الواردة في باب المعاوضة

(الطعن رقم 62 لسنة 4ق جلسة 11/4/1935)

عدم تعلق الاعذار بالنظام العام

الاعذار لا يتعلق بالنظام العام ، وإنما شرع لمصلحة المدين وله أن يتنازل عنه إذا لم يبد تمسكه بعدم إعذار الدائن له أمام محكمة الموضوع ( محكمة أول درجة أو ثاني درجة ) فلا يقبل منه إثارة الدفاع لأول مرة أما محكمة النقض ، وينبني على ذلك أنه لا يجوز للمحكمة التصدي للإعذار من تلقاء نفسها

( عزمي البكري ص 624)
وقد قضت محكمة النقض بأن

الثابت من العقد المبرم بين الطرفين أن البند السادس منه ينص على حق الشركة الطاعنة في اسناد أعمال النقل لآخر فوراً وبدون تنبيه أو انذار وتحت   مسئولية الناقل    إذا لم يقدم الأخير العدد المطلوب من السيارات في المواعيد التي تضمنها البند السابع من العقد

ومن ثم يكون المطعون ضدهم قد تنازلوا عن حقهم في الاعذار قبل اسناد تنفيذ التزاماتهم الناشئة عن العقد إلى آخرين إذا قعدوا عن تنفيذها ويكون الحكم المطعون فيه إذا استلزم اعذارهم على خلاف ما تم الاتفاق عليه في العقد قد خالف نصوص العقد مما يعتبر خطأ منه في تطبيق القانون

( الطعن رقم 350 لسنة 50ق جلسة 10/1/1983)

وبأن  من المقرر أن الاعذار شرع لمصلحة المدين له أن يتنازل عنه فإذا لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بأن الدائن لم يعذره قبل رفع الدعوى ، فلا يقبل منه اثاره هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض وإذا خلت الأوراق على ما يدل على سبق تمسك الطاعنين بهذا الدفاع أمام محكمة الاستئناف فإنه من ثم يعد سبباً جديداً وبالتالي غير مقبول

( الطعن رقم 1362 لسنة 49ق جلسة 22/3/1983)

وبأن الاعذار قد شرع لمصلحة المدين وله أن يتنازل عنه فإذا لم يتمسك المدين أمام محكمة الاستئناف بأن الدائن لم يعذره قبل رفع الدعوى بفسخ العقد ، فإنه لا يقبل منه اثاره هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض .

(الطعن رقم 370 لسنة 39ق جلسة 14/5/1964)

وبأن الاعذار – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – قد شرع لمصلحة المدين وله أن يتنازل عنه فإذا لم يتمسك المدين أمام محكمة الاستئناف بأن الدائن لم يعذره قبل رفع الدعوى بفسخ العقد فإنه لا يقبل منه اثاره هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض وإذا خلت الأوراق مما يدل على سبق تمسك الطاعنة بعدم اعذارها قانوناً قبل رفع الدعوى ومن ثم يعد دفاعها هذا سبباً جديداً وبالتالي غير مقبول

( الطعن رقم 1432 لسنة 59ق جلسة 44/4/1991)

وبأن لما كان من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – الاعذار شرع  لمصلحة المدين وله أن يتنازل عنه ، وكان البين من الأوراق أن الشركة المطعون ضدها لم تتمسك في دفاعها بأن الطاعن لم يعذرها بتنفيذ التزامها وإذا تصدت المحكمة من تلقاء نفسها لذلك وانتهت إلى رفض الدعوى لعدم اعذار الشركة فإن كان الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون

(الطعن رقم 877 لسنة 58ق جلسة 29/6/1993)

عدم سريان حكم المادة 218 مدني على المبلغ الاضافي الذي يلتزم به صاحب العمل في حالة تأخيره عن دفع الاشتراكات

المبلغ الاضافي الذي يلتزم به صاحب العمل في حالة تأخيره عن دفع الاشتراكات لا تسري عليه حكم المادة 218 مدني سالفة الذكر ، ذلك أنه ليس تعويضاً مما تشترط المادة 218 لاستحقاقه اعذار المدين بل هو جزاء مالي فرضه المشرع على صاحب العمل لحمله على أداء الاشتراكات المستحقة في مواعيداها .

اعذار المدين لاستحقاق التعويض

وفي ذلك قالت محكمة النقض أن

المبلغ الإضافي الذي يلتزم به صاحب العمل في حالة تأخيره في أداء الاشتراكات والمنصوص عليه في المادة 17 من قانون التأمينات الاجتماعية رقم 63 لسنة 1964 ليس تعويضاً مما تشترط المادة 218 من القانون المدني لاستحقاقه اعذار المدين بل هو جزاء مالي فرضه المشرع على صاحب العمل لحمله على أداء الاشتراكات المستحقة في مواعيدها

وهذا الجزاء شبيه بالجزاء الذي فرضه المشرع في المادة 7 من القانون رقم 233 لسنة 1960 على حائزي أجهزة استقبال الإذاعة التليفزيونية الذين لا يؤدون الرسم المقرر في المواعيد المحددة لأدائه فقط إلزامهم ذلك القانون بدفع الرسم مضاعفاً

ووصفت مذكرته الإيضاحية هذا الجزاء بأنه عقوبة مالية وهو ما يقطع بأنه ليس تعويضاً إذ أنه يختلف عن التعويض الذي هو مقابل الضرر الذي يلحق الدائن بسبب خطأ المدين والذي لابد لاستحقاقه من ثبوت هذا الخطأ ووقوع الضرر للدائن نتيجة له

بينما المبلغ الإضافي يستحق بمجرد ثبوت التأخير في  دفع الاشتراكات المستحقة   ودون إثبات أي عنصر من تلك العناصر اللازمة لاستحقاق التعويض ومتى كان هذا المبلغ الإضافي لا يعتبر تعويضاً فإنه لا يسري عليه حكم المادة 218 من القانون المدني الذي يوجب الاعذار ويستحق بمجرد انقضاء المواعيد المحددة لأداء الاشتراكات المستحقة أسوة بالفوائد التي ألزم بها المشرع رب العمل في هذه الحالة.

(الطعن رقم 337 لسنة 35ق جلسة 12/6/1969)
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض

الأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض خبرات قضائية فى القانون المدنى والملكية العقارية وطعون النقض ليسانس الحقوق 1997- احجز موعد 01285743047

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أوافق على سياسة الخصوصية 

body{-webkit-user-select:none;-moz-user-select:none;-ms-user-select:none;user-select:none} .separator a,.post-body img{-webkit-touch-callout:none;-webkit-user-select:none;-khtml-user-select:none;-moz-user-select:none;-ms-user-select:none;user-select:none;pointer-events:none} pre,kbd,blockquote,table{-webkit-user-select:text;-khtml-user-select:text;-moz-user-select:text;-ms-user-select:text;user-select:text}