التنفيذ القضائي تعريفه وأنواعه
يعد التنفيذ القضائي للأحكام المدنية خطوة أساسية للحصول على الحقوق قضائيا. يقدم هذا البحث شرحا تفصيليا لأنواع التنفيذ القضائي المختلفة ، مع التركيز على الإجراءات المتبعة في كل نوع ، ونماذج من كل نوع، وفوائد كل نوع ، ونصائح عملية لضمان تنفيذ الأحكام بكفاءة.
محتويات المقال
التنفيذ القضائي مفهومه
التنفيذ القضائي هو العملية التي تتيح للأطراف الفائزة في الدعوى تحقيق حقوقها من خلال تنفيذ الأحكام الصادرة ضد الخاسرين. يشمل التنفيذ القضائي الإجراءات والأساليب التي تساعد في تحقيق هذا الهدف وتنفيذ الأحكام المدنية يعد جزءًا أساسيًا من العدالة القضائية، ويساهم في تحقيق الحقوق والتوازن في المجتمع.
التنفيذ بصفة عامة:
التنفيذ بصفة عامة هو إعمال القواعد القانونية في الواقع العملي، فهو حلقة الاتصال بين القاعدة والواقع وهو الوسيلة التي يتم بها تسيير الواقع على النحو الذي يتطلبه القانون
والأصل أن يتم تحقيق القواعد القانونية في الواقع العملي بصورة تلقائية من خلال سلوك الأفراد اليومي المعتاد ، اذ تخاطب القواعد القانونية إرادات الأفراد وهم ملزمون باحترامها وتنفيذها ، فالحياة اليومية لكل فرد تتضمن تنفيذا تلقائيا للقواعد القانونية المختلفة، فمثلا في امتناع الفرد عن ارتكاب الجرائم تنفيذا لقواعد القانون الجنائي ، وقيامه بشراء أو بيع بعض السلع تنفيذا لقواعد القانون المدني .
كما أن العمل اليومي للموظف العام يمثل تنفيذا لقواعد القانون الإداري وهكذا ، ولكن قد لا يحدث التطبيق التلقائي للقواعد القانونية، وفى هذه الحالة يتم إجبار الأفراد على احترام القانون وتطبيقه ، وتتولى الدولة إجبار الأفراد على ذلك بواسطة إحدى سلطاتها العامة وهي السلطة القضائية.
و معنى كلمة التنفيذ في اللغة تحقيق الشيء وإخراجه من حيز الفكر والتصور إلى مجال الواقع الملموس ، فيقال نفذ المأمور الأمر أي أجراه وقضاه ولهذه الكلمة معانى أخوي في اللغة، فمثلا يقال نفذ وأنفذ الكتاب إلى فلان أي أرسله إليه ، وأنقذ الرجل عهده أي أمضاء وغير ذلك
وجدى راغب – النظرية العامة للتنفيذ القضائي – سنة ١٩٧٤ ، ص ٥
بيد أن للتنفيذ معنى أكثر تحديدا فهو يعنى الوفاء بالالتزام بحيث تبرأ منه ذمة المدين، فكل التزام يتضمن منذ نشوئه عنصرين إلا إذا كان هذا الالتزام طبيعيا ، وهما عنصر المديونية Devoir وعنصر المسئولية Engagement .
ويراد بعنصر المديونية العلاقة التي تنشأ بين الدائن والمدين ويجب على المدين بمقتضاها القيام بأداء معين، بينما يقصد بعنصر المسئولية خضوع المدين لسلطة الدائن للحصول على هذا الأداء ، فإذا لم يستجب المدين لعنصر المديونية فى الالتزام بالوفاء اختيارا وطواعية ، فإن الدائن يستعين بعنصر المسئولية لقهره على الوفاء بالتزامه رغم إرادته .
ولكن إذا كان الالتزام التزاما طبيعيا فإنه لا يتضمن سوى عنصر المديونية فقط، ومن ثم لا يستطيع الدائن الاستعانة بعنصر المسئولية لإجبار المدين على تنفيذ التزامه قهرا .
وينقسم التنفيذ بالمعنى السابق إلى نوعين :
- تنفيذ اختياري أو رضائي L’execution volontaire
- تنفيذ جبري أو قهري أو اجباري L’execution forcee
التنفيذ الاختياري:
هو الذى يقوم به المدين بمحض إرادته دون تدخل من السلطة العامة لإجباره عليه، ويعتبر التنفيذ اختياريا حتى ولو قام به المدين مدفوعا بالخوف من إجباره على الوفاء بالالتزام بواسطة ما أعده التنظيم القانوني من وسائل ، وهو يعتبر اختياريا أيضا حتى لو قام به المدين تحت تأثير الخوف من بطش الدائن
فتحي والى – التنفيذ الجبري – سنة ١٩٨٠ – بند ۲ ص ٤ . ۱۹۸۰
ومن أمثلة الالتزام الطبيعي الالتزام المتقادم إذ ينقضي الالتزام المدني بالتقادم ومع ذلك يبقى بذمة المدين التزام طبيعي ، ومن أمثلته أيضا الالتزام المترتب على العقد القابل للإبطال بسبب نقص الأهلية، فإذا تعاقد قاصر وطلب إبطال العقد بعد بلوغه سن الرشد وقضى له بذلك فإن التزامه المدني ينقلب إلى التزام طبيعي
ولا يثير التنفيذ الاختياري عادة أية صعوبة ، ولا توجد إجراءات خاصة به لأنه لا يتم بطريقة رسمية أو بتدخل السلطة القضائية اللهم إلا إذا رفض الدائن ما يوفى به المدين منازعا إياه في نوعيته أو كفايته ، وفي هذه الحالة يقوم المدين بعرض ما وجب عليه أداؤه عرضا فعليا على الدائن ثم يودعه خزانة المحكمة ويطلب منها الحكم بصحة هذا العرض إبراء لذمته.
ويحدث العرض الفعلي بإعلان يوجه إلى الدائن على يد محضر ويحرر المحضر محضرا يسمى محضر العرض ، ويجب أن يشتمل محضو العرض على بيان الشيء المعروض وشروط العرض وقبول المعروض أو رفضه ( مادة ٤٨٧ مرافعات ) .
وإذا رفض الدائن العرض وكان المعروض نقودا فإنه يجب على المحضر أن يقوم بإيداعها خزينة المحكمة في اليوم التالي لتاريخ المحضر على الأكثر ، كما يجب على المحضر أن يعلن الدائن بصورة من محضر الإيداع خلال ثلاثة أيام من تاريخه، أما إذا كان المعروض شيئا غير النقود فإنه يجوز للمدين الذى رفض عرضه أن يطلب من قاضي الأمور المستعجلة الترخيص في إيداعه بالمكان الذي يعينه القاضي إذا كان الشيء مما يمكن نقله ، أما إذا كان الشيء معدا للبقاء حيث وجد فإنه يجوز للمدين أن يطلب وضعه تحت الحراسة ( مادة ٤٨٨ مرافعات )
و نظرا لكون التنفيذ فى هذه الحالة اختياريا وليس اجباريا فإن الاختصاص ينعقد لقاضي الأمور المستعجلة لا لقاضي التنفيذ الذى لا يختص إلا بما يتعلق بالتنفيذ الجبري – أنظر في ذلك تقرير اللجنة التشريعية بشأن المادة ٤٨٨ مرافعات
ويلاحظ أنه يجوز العرض الحقيقي فى الجلسة أمام المحكمة بدون أية إجراءات إذا كان من وجه إليه العرض حاضرا ، وفي حالة رفضه العرض وكان المعروض نقودا فإنها تسلم لكاتب الجلسة لإيداعها خزانة المحكمة، أما إذا كان المعروض فى الجلسة من غير النقود فإنه ينبغي علـي العارض أن يطلب من المحكمة تعيين حارس عليه
وإذا لم يقبل الدائن عرض مدينه ، فإنه يجوز للمدين أن يرجع عن هذا العرض وأن يسترد من خزانة المحكمة ما أودعه ، وذلك بعد إخباره الدائن على يد محضر برجوعه عن العرض ومضى ثلاثة أيام على هذا الإخبار ( مادة ٤٩٢ مرافعات) ولكن إذا قبل الدائن ما عرضه المدين أو صدر حكم نهائي بصحة العرض ، فإنه لا يجوز للمدين الرجوع عن العرض، كما لا يجوز له أيضا أن يسترد ما أودعه ( مادة ٤٩٣ مرافعات).
التنفيذ الجبري :
فهو الذي تجريه السلطة العامة تحت إشراف القضاء ورقابته، بناء على طلب دائن بیده سند مستوف لشروط خاصة بقصد استيفاء حقه الثابت فى السند من المدين قهرا عنه .
فإذا ما أبي المدين الاستجابة لعنصر المديونية فى الالتزام وماطل ولم يوف بالتزامه اختياريا ، فإن الدائن يلجأ إلى الاستعانة بعنصر المسئولية في الالتزام لقهر المدين على تنفيذ التزامه جبرا .
بيد أن الدائن لا يستطيع في حالة تقاعس مدينه عن الوفاء أن يقتضى حقه من مدينه بنفسه Nul ne peut se faire justice a soi meme لأنه أن فعل ذلك قد يظلم المدين أو يذله بل قد يعجز هو عن اقتضاء حقه كما أن ذلك يعتبر مظهرا من مظاهر الفوضى التي لا تليق بالمجتمعات الحديثة المتمدينة .
ولذلك يجب على الدائن أن يستعين بالسلطة العامة لاستيفاء حقه قهرا عن مدينه المماطل ، بحيث ينفذ المدين التزامه جبرا ، وهذا النوع من أنواع التنفيذ هو الذى أهتم به المشرع، فأوضح إجراءاته فى قانون المرافعات ونص على القواعد المتعلقة
محمد حامد فهمي – تنفيذ الأحكام والسندات الرسمية – بند ۳ ص ۲، أحمد أبو الوفا – إجراءات التنفيذ – الطبعة السادسة – بند ۱۲ ص ۱۸ .
أنواع التنفيذ الجبري
أولا : التنفيذ الفردي والتنفيذ الجماعي :
نظم الشارع نوعين من التنفيذ الجبري ، تنفيذ جبري فردى وتنفيذ جبری جماعي معين ويفترض عدم أداء المدين لالتزامه ويتم غالبا بتحويل مال معين للمدين إلى نقود يستوفى الدائن حقه منها ، وهذا النوع هو الذى تنظم إجراءاته نصوص قانون المرافعات ، ويهدف التنفيذ الجبري الفردي إلى إشباع حق دائن
بينما يهدف التنفيذ الجماعي إلى إشباع حقوق كل دائني المدين ويقترض إفلاس المدين أو إعساره ويؤدى إلى تصفية كل ذمة المدين، ومن أمثلة هذا التنفيذ نظام الإفلاس في المواد التجارية حيث يتم التنفيذ تحت إشراف القضاء بغرض إجراء تصفية شاملة لذمة المدين التاجر لصالح جميع الدائنين ، وهو ما توضح إجراءاته وقواعده نصوص القانون التجارى .
ثانيا : التنفيذ المباشر أو العيني والتنفيذ غير المباشر :
بمقتضاه يحصل الدائن على عين ما التزم به المدين أيا كان محله وموضوعه ، سواء كان التزام المدين التزاما للقيام بعمل أو الامتناع عنه فمثلا تنفيذ التزام المدين بتسليم منقول أو عين معينة يكون بإكراه المدين على تسليم هذا المنقول أو العين ذاتها لدائنه ، وتنفيذ الالتزام ببناء مسكن
يكون بإقامة المسكن على نفقة المدين ، وتنفيذ الالتزام بعدم البناء فى أرض معينة يكون بهدم ما تم من البناء ، وتنفيذ الالتزام بإخلاء عقار معين يكون بإخلاء هذا العقار وطرد المدين منه ، وهكذا . ويشترط لإجراء التنفيذ المباشر شرطان: الأول عدم قيام مانع مادى من إجرائه بحيث يصبح هذا التنفيذ مستحيلا من الناحية المادية .
فلا يمكن تنفيذ الالتزام بتسليم شيء تنفيذا مباشرا إذا كان هذا الشيء قد هلك ، ففي هذه الحالة يتحول التزام المدين إلى التزام بمبلغ من النقود على سبيل التعويض ولكن إذا كان الهلاك بسبب أجنبي فإن الالتزام ينقضي.
ولا يصح التنفيذ المباشر كذلك إذا تحققت المخالفة في حالة ما إذا كان التزام المدين التزاما بالامتناع عن عمل معين بأن قام بهذا العمل رغم التزامه بالامتناع عنه ففي هذه الحالة لا يكون أمام الدائن إلا طلب التعويض من مدينه .
والشرط الثانى عدم قيام مانع أدبى من إجراء التنفيذ المباشر، اذ يجب أن يكون التنفيذ المباشر ممكنا من الناحية الأدبية، بحيث لا يؤدى القيام به إلى المساس بحرية المدين الشخصية ، فلا يجوز تكليف المدين بعمل أو بالامتناع عنه رغم إرادته بقهره على ذلك بل لا يصح الحجز على أموال المدين في مثل هذه الحالة لقهره على القيام بعمل أو الامتناع عنه إذا لم يجز القانون ذلك .
ولكن يجوز للدائن فقط طلب التعويض المناسب لجبر ما لحقه من ضرر وما فاته من كسب بسبب عدم الوفاء بالالتزام عينا من قبل مدينه
ولم ينظم المشرع المصري في قانون المرافعات كيفية إجراء التنفيذ المباشر، وهو ما يعتبر عيبا في التشريع وثغرة ينبغي على الشارع الإسراع بسدها، ويبدو أن تجاهل المشرع لتنظيم قواعد التنفيذ العيني يرجع إلى أنه في هذا التنفيذ لا تبدو حاجة ملحة إلى إجراءات مفصلة إذ يحصل الدائن على حقه مباشرة.
فلو صدر حكم بتسليم منقول معين أو هدم منزل فإن التنفيذ المباشر يتم بعمل واحد هو التسليم أو الهدم، ولكن إذا كان هذا صحيحا فليس معناه عدم الحاجة إلى قواعد منظمة لإجراءات التنفيذ المباشر
فتحي والى – بند ۳۲۷
وقد لمست التشريعات الأجنبية هذه الحاجة فنظمت إجراءات هذا التنفيذ ومن أمثلة هذه التشريعات التشريع الألماني والإيطالي والليبي والسوداني
أما التنفيذ غير المباشر أي التنفيذ على أموال المدين أو بطريق الحجز :
فهو لا يكون إلا فى حالة الالتزام بدفع مبلغ من النقود سواء كان محل الالتزام أصلا دفع مبلغ من النقود أو أنه أصبح كذلك بعد أن تحول الالتزام إلى التزام بمقابل أي عن طريق التعويض نتيجة لعدم إمكانية تنفيذه مباشرة ، لوجود مانع مادى مثل هلاك العين الملتزم بتسلمها أو وقوع العمل الملتزم بالامتناع عنه أو مانع أدبي مثل استحالة قهر المدين على إجراء العمل الملتزم به .
وفي التنفيذ غير المباشر لا يحصل الدائن على محل حقه مباشرة بل يحجز على أي مال من أموال مدينه وينزع ملكيته ببيعه ليحوله إلى نقود يستوفي حقه منها، فمعيـار تقسيم التنفيذ الجبري الفردي إلى تنفيذ مباشر وتنفيذ غير مباشر هـو كـون الدائن يصل إلى استيفاء حقه بالحصول عليه مباشرة أو يصل إليه عن طريق الالتجاء إلى إجراءات الحجز على أموال المدين وبيعها واقتضاء الحق من ثمنها، ففي الحالة الأولى يكون التنفيذ مباشرا وفى الحالة الثانية يكون غير مباشر أي بطريق الحجز ونزع الملكية
والتنفيذ بطريق الحجز يعتبر الطريق الرئيسي والأساسي للتنفيذ في قانون المرافعات المصري، وقد عنى به المشرع المصري عناية فائقة فوضع اعده وإجراءاته المختلفة، وهذا بعكس الحال بالنسبة للتنفيذ المباشر الذى تجاهله المشرع المصري كما أسلفنا ، وتمثل الحجوز مكانا هاما في دراستنا وسوف نتعرض لتوضيح إجراءاتها وكافة القواعد الخاصة بها بالتفصيل في موضعها .
التنفيذ المشترك بين الدول العربية للأحكام القضائية
قضت محكمة النقض في طعن مدني بالأثر المترتب علي انضمام مصر والكويت إلى اتفاقية تنفيذ الأحكام التي أصدرتها جامعة الدولة العربية:
- (1) انضمام مصر والكويت إلى اتفاقية تنفيذ الأحكام التي أصدرتها جامعة الدولة العربية. أثره. اعتبار الاتفاقية قانوناً واجب التطبيق.
- (2) تنفيذ الأحكام الأجنبية وفقاً لنصوص تلك الاتفاقية. شرطه. وجوب التحقق من صدور الحكم من هيئة مختصة وفقاً لقانون البلد الذي صدر فيه وإعلان الخصوم على الوجه الصحيح وتقديم شهادة من الجهات المختصة بنهائية الحكم.
- (3) تمسك الطاعن بوجوب التحقق من توافر الشروط المنصوص عليها في تلك الاتفاقية. إطراح المحكمة لهذا الدفاع دون التحقق من أن المحكمة مصدرة الحكم مختصة بنظر الدعوى وفق قانون البلد الذي صدر فيه ودون أن تبين صحة إعلانه وفق الإجراءات التي رسمها هذا القانون أو أن إجراءات الإعلان لا تتعارض مع اعتبارات النظام العام في مصر واستخلاصه نهائية الحكم في غير الطريق الذي رسمته الاتفاقية. خطأ وقصور.
القواعد:
1 – لما كانت المادة 301 من قانون المرافعات والتي اختتم بها المشرع الفصل الخاص بتنفيذ الأحكام والأوامر والسندات الأجنبية تقضي بأن العمل بالقواعد المنصوص عليها في المواد السابقة لا يخل بأحكام المعاهدات المعقودة أو التي تعقد بين الجمهورية وبين غيرها من الدول، وكانت جمهورية مصر وقد وافقت بالقانون رقم 29 لسنة 1954 على اتفاقية تنفيذ الأحكام التي أصدرها مجلس جامعة الدول العربية ثم أودعت وثائق التصديق عليها لدى الأمانة العامة للجامعة بتاريخ 25/ 7/ 1954 كما انضمت إليها دولة الكويت بتاريخ 20/ 5/ 1962 فإن أحكام هذه الاتفاقية تكون هي الواجبة التطبيق على واقعة الدعوى.
2 – لما كانت المادة الثانية من تلك الاتفاقية توجب في فقرتها (أ) التحقق من صدور الحكم الأجنبي من هيئة مختصة بنظر الدعوى وفقاً لقانون البلد الذي صدر فيه، كما أن الفقرة (ب) من ذات المادة توجب التحقق من إعلان الخصوم على الوجه الصحيح.
وأن القاعدة المنصوص عليها بالمادة 22 من القانون المدني تنص على أنه يسري على جميع المسائل الخاصة بالإجراءات قانون البلد الذي تجرى مباشرتها فيها، وإعلان الخصوم بالدعوى مما يدخل في نطاق هذه الإجراءات. وكذلك توجب المادة الخامسة من الاتفاقية سالفة الذكر في بندها الثالث تقديم شهادة من الجهات المختصة دالة على أن الحكم المطلوب تنفيذه حكم نهائي واجب التنفيذ، قبل أن يصدر الأمر بتذييله بالصيغة التنفيذية.
3 – لما كان الثابت من الأوراق أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بأنه يجب التحقق من اختصاص المحكمة التي أصدرت الحكم المطلوب تذييله بالصيغة التنفيذية، ومن إعلانه بالدعوى والحكم الصادر فيها وأنه نهائي واجب التنفيذ وذلك طبقاً لقانون البلد الذي صدر فيها إلا أن الحكم المطعون فيه أطرح هذا الدفاع واجتزأ القول بأن الثابت من ورقة الحكم إعلان الطاعن به إعلاناً قانونياً صحيحا.
واستدل على نهائية الحكم المطلوب تنفيذه من الحكم الصادر في الاستئناف المرفوع عنه والذي قضى فيه بعدم قبوله شكلاً لرفعه بعد الميعاد دون أن يبين أن المحكمة التي أصدرت ذلك الحكم مختصة بنظر الدعوى وفق قانون البلد الذي صدر فيه، وإن الطاعن قد أعلن إعلاناً صحيحاً وفق الإجراءات التي رسمها هذا القانون.
وأن إجراءات الإعلان لا تتعارض مع اعتبارات النظام العام في مصر، كما استخلص نهائية الحكم المطلوب تنفيذه وأنه واجب النفاذ عن غير الطريق الذي رسمته المادة الخامسة في البند الثالث من الاتفاقية آنفة الذكر وهو شهادة دالة على ذلك من الجهات المختصة بالبلد الذي صدر فيه الحكم، فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب بما يوجب نقضه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في:
أن المطعون ضده أقام على الطاعن الدعوى رقم 6884 سنة 1982 مدني كلي إسكندرية وطلب الحكم بتذيل الحكم الصادر لصالحه ضد الطاعن من محكمة الكويت بالصيغة التنفيذية وجعله بمثابة حكم واجب التنفيذ بجمهورية مصر العربية وقال بياناً لدعواه أنه بتاريخ 28/ 1/ 1982 صدر لصالحه الحكم رقم 2015 لسنة 1981 تجاري كلي الكويت بحل شركة الشاهين للتجارة ومقاولة البناء وإلزام الطاعن بأن يدفع له مبلغ 14470 دينار كويتي هو حصته في رأسمال الشركة وأرباحها.
وقد تم إعلان الحكم في 24/ 5/ 1982 وأصبح نهائياً ويحق له عملاً بالمواد من 296 إلى 298 مرافعات طلب تذييل الحكم بالصيغة التنفيذية حتى يتمكن من التنفيذ به على ممتلكات الطاعن بمصر. وبتاريخ 23/ 11/ 1983 حكمت المحكمة برفض الدعوى استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 1025 لسنة 39 ق مدني إسكندرية.
وبتاريخ 7/ 4/ 1984 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وأمرت بتذييل الحكم الصادر لصالح المطعون ضده على الطاعن من محكمة الكويت رقم 2015 لسنة 1981 تجاري كلي الكويت بالصيغة التنفيذية وجعله بمثابة حكم واجب التنفيذ بجمهورية مصر العربية. طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه. عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول:
- إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بضرورة إثبات اختصاص المحكمة التي أصدرت الحكم الأجنبي المطلوب تنفيذه اختصاصاً ولائياً أو بحسب قواعد الاختصاص الدولي، وأنه تم إعلانه على الوجه الصحيح.
- وأن الحكم نهائي واجب التنفيذ بمقتضى شهادة دالة على ذلك صادرة من سلطات البلد الأجنبي، إلا أن الحكم ذهب إلى أن الطاعن قد أعلن على الوجه الصحيح لأنه ثابت بالصورة التنفيذية للحكم المطلوب تنفيذه أنه تم إعلانه بتاريخ 24/ 5/ 1982، وأن الحكم نهائي لأنه قضى في الاستئناف المرفوع من الطاعن بعدم قبوله شكلاً لرفعه بعد الميعاد وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد
ذلك أنه لما كانت المادة 301 من قانون المرافعات التي اختتم بها المشرع الفصل الخاص بتنفيذ الأحكام والأوامر والسندات الأجنبية تقضي بأن العمل بالقواعد المنصوص عليها في المواد السابقة لا يخل بأحكام المعاهدات المعودة أو التي تعقد بين الجمهورية وبين غيرها من الدول.
وكانت جمهورية مصر وقد وافقت بالقانون رقم 29 لسنة 1954 على اتفاقية تنفيذ الأحكام التي أصدرها مجلس جامعة الدول العربية ثم أودعت وثائق التصديق عليها لدى الأمانة العامة للجامعة بتاريخ 25/ 7/ 1954 كما انضمت إليها دولة الكويت بتاريخ 20/ 5/ 1962 فإن أحكام هذه الاتفاقية تكون هي الواجبة التطبيق على واقعة الدعوى
لما كان ذلك
وكانت المادة الثانية من تلك الاتفاقية توجب في فقرتها ( أ ) التحقق من صدور الحكم الأجنبي من هيئة مختصة بنظر الدعوى وفقاً لقانون البلد الذي صدر فيه، كما أن الفقرة (ب) من ذات المادة توجب التحقق من إعلان الخصوم على الوجه الصحيح، وأن القاعدة المنصوص عليها بالمادة 22 من القانون المدني تنص على أنه يسري على جميع المسائل الخاصة بالإجراءات قانون البلد الذي تجرى مباشرتها فيها، وإعلان الخصوم بالدعوى مما يدخل في نطاق هذه الإجراءات.
وكذلك توجب المادة الخامسة من الاتفاقية سالفة الذكر في بندها الثالث تقديم شهادة من الجهات المختصة دالة على أن الحكم المطلوب تنفيذه حكم نهائي واجب التنفيذ، قبل أن يصدر الأمر بتذييله بالصيغة التنفيذية، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بأنه بجب التحقق من اختصاص المحكمة التي أصدرت الحكم المطلوب تذييله بالصيغة التنفيذية .
ومن إعلانه بالدعوى والحكم الصادر فيها وأنه نهائي واجب التنفيذ وذلك طبقاً لقانون البلد الذي صدر فيها إلا أن الحكم المطعون فيه أطرح هذا الدفاع واجتزأ القول بأن الثابت من ورقة الحكم إعلان الطاعن به إعلاناً قانونياً صحيحاً، واستدل على نهائية الحكم المطلوب تنفيذه من الحكم الصادر في الاستئناف المرفوع عنه والذي قضى فيه بعدم قبوله شكلاً لرفعه بعد الميعاد دون أن يبين أن المحكمة التي أصدرت ذلك الحكم مختصة بنظر الدعوى وفق قانون البلد الذي صدر فيه.
وإن الطاعن قد أعلن إعلاناً صحيحاً وفق الإجراءات التي رسمها هذا القانون وأن إجراءات الإعلان لا تتعارض مع اعتبارات النظام العام في مصر.
كما استخلص نهائية الحكم المطلوب تنفيذه وأنه واجب النفاذ عن غير الطريق الذي رسمته المادة الخامسة في البند الثالث من الاتفاقية آنفة الذكر وهو شهادة دالة على ذلك من الجهات المختصة بالبلد الذي صدر فيه الحكم، فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب بما يوجب نقضه دون حاجة لمناقشة باقي أوجه الطعن.
الطعن رقم 1794 لسنة 54 ق – أحكام النقض – المكتب الفني – مدني – الجزء الأول – السنة 45 – صـ 729 – جلسة 18 من إبريل سنة 1994
- انتهي البحث القانوني ويمكن لحضراتكم التعليق في صندوق التعليقات بالأسفل لأى استفسار قانوني
- زيارتكم لموقعنا تشرفنا ويمكن الاطلاع علي المزيد من المقالات والأبحاث القانونية المنشورة للأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض في القانون المدني والملكية العقارية من خلال أجندة المقالات .
- كما يمكنكم التواصل مع الأستاذ عبدالعزيز عمار المحامي من خلال الواتس اب شمال الصفحة بالأسفل
- كما يمكنكم حجز موعد بمكتب الأستاذ عبدالعزيز عمار المحامي من خلال الهاتف ( 01285743047 ) وزيارتنا بمكتبنا الكائن مقره مدينة الزقازيق 29 شارع النقراشي – جوار شوادر الخشب – بعد كوبري الممر – برج المنار – الدور الخامس زيارة مكتبنا بالعنوان الموجود على الموقع.