هناك العديد من ضمانات الموظف القانونية في التحقيق التي كفلها المشرع والقضاء للموظف المخالف من هذه الضمانات ما يلي عرضه وشرحه وفقا لأحكام الإدارية العليا وقانون العاملين قبل الغاؤه وهو لا يختلف عن قانون الخدمة المدنية في هذا الشأن

ضمانات التحقيق مع الموظف

ضمانات الموظف القانونية في التحقيق

  • تدوين التحقيق
  • حيدة جهة التحقيق
  • مواجهة الموظف بالتهمة المنسوبة إليه
  • استعانة الموظف المخالف بمحامي

تدوين التحقيق

الأصل في التحقيق أن يكون كتابة ، والاستثناء أن يجري شفاهه ويثبت المحقق مضمونه كتابة ، ولا يشترط إفراغ التحقيق في شكل محدد ، فيجوز للمحقق الإداري أن يجري التحقيق دون أن يستصحب كاتباً

وللمحقق أن يكتبه بنفسه ولا يكفي التعامل بالمكاتبات أو المذكرات والاستفسارات للقول بوجود تحقيق صحيح .

فقد نصت المادة (79) من القانون رقم 47 لسنة 1978 على أنه

” لا يجوز توقيع جزاء على العامل إلا بعد التحقيق معه كتابة وسماع أقواله وتحقيق دفاعه ويجب أن يكون القرار الصادر بتوقيع الجزاء مسبباً ” .

وتكمن أهمية التحقيق في كونه حجة على الكافة وهذا يتطلب إفراغ التحقيق في محضر أو محاضر كما أن الكتابة هى الأكثر شيوعاً وتعد أفضل وسيلة للإثبات .

وقد وضع المشرع قاعدة تستمد أصولها من المبادئ الدستورية العامة وذلك في نص المادة 79 من قانون نظام العاملين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 التي تقرر أنه

” لا يجوز توقيع جزاء العامل إلا بعد التحقيق معه كتابة وسماع أقواله وتحقيق دفاعه ويجب أن يكون القرار الصادر بتوقيع الجزاء مسبباً ، ومع ذلك يجوز بالنسبة لجزاء الإنذار والخصم من الأجر لمدة لا تجاوز ثلاثة أيام أن يكون الاستجواب أو التحقيق شفاهه على أن يثبت مضمونه في القرار الصادر بتوقيع الجزاء .

ومن حيث أن مؤدى ذلك أن القاعدة التي لا استثناء لها هى أنه لا يجوز توقيع جزاء تأديبي دون أن يسبقه تحقيق أو استجواب ، وأن الأصل أن يكون التحقيق كتابة يسمع فيه أقوال المتهم ويحقق فيه دفاعه

وأن الاستثناء هو أن يكون التحقيق أو الاستجواب شفاهه على أن يثبت مضمونة في القرار الصادر بتوقيع الجزاء وهذا الاستثناء محدود النطاق يحكمه النص الذي قرره لاعتبارات حسن سير المرافق العامة في مواجهة بعض المخالفات محدودة الأهمية بما يحقق الردع المرجو دون إخلال بالقاعدة العامة النابعة من حقوق الإنسان والمتمثلة في أنه لا يجوز توقيع أى جزاء دون أن يكون مستندا إلى تحقيق أو استجواب .

ومن حيث أن القاعدة العامة على ما قدمنا هى أن يكون التحقيق كتابة فتسمع أقوال المتهم وتحقيق دفاعه ، فإن مواجهة المتهم وسماع أقواله هما سبيل أساسي لتحقيق دفاعه

وهما ضمان التحقيق السليم الموافق لأحكام القانون والذي يصلح سندا وأساسا لأن يقام عليه قرار الجزاء فإذا ما أغفل التحقيق إحدى عناصر هذا الضمان على نحو مخل بحق الدفاع بات التحقيق معيبا ، ومن ثم لا يصلح سندا لأن يقام عليه قرار الجزاء “

(الطعن رقم 170 لسنة 35ق عليا جلسة 24/6/1989)

ولا يعني باشتراط كتابة التحقيق إلزام الجهة المنوط بها إجراؤه بشكل معين .

والمشرع التأديبي إذ يشترط في التحقيق أن يكون مكفولاً في كافة الأحوال فإنه يشترط الى جانب ذلك شروطاً أخرى إذ لم يضع تنظيما للتحقيق الإداري

وفي ذلك تقول المحكمة الإدارية العليا

” …. لا يوجد ما يوجب إفراغ التحقيق في شكل معين أو في وضع مرسوم ، إذا ما تولته الجهة الإداري ذاتها أو أجهزتها القانونية المتخصصة في ذلك ، كما لم ترتب جزاء البطلان على إغفال إجرائه على وده خاص وكل ما ينبغي ملاحظته ، هو أن يتم التحقيق في حدود الأصول العامة ، وبمراعاة الضمانات الأساسية التي تقوم عليها حكمته بان تتوافر فيه ضمانات السلامة ، والحيدة ، والاستفتاء لصالح الحقيقة ، وأن تكفل به حماية الدفاع للموظف تحقيقا للعدالة “

(الإدارية العليا في 27/11/1965)

واستثناءً من قاعدة تدوين التحقيق جاءت الفقرة الثانية من المادة 79 من قانون العاملين المدنيين بالدولة تنص على أنه

” …. ومع ذلك يجوز بالنسبة لجزاء الإنذار والخصم من الأجر لمدة لا تجاوز ثلاثة أيام أن يكون الاستجواب أو التحقيق شفاهه على أن يثبت مضمونه في القرار الصادر بتوقيع الجزاء “

وهذا معناه أن يجوز استثناء شفوية التحقيق طالما كانت العقوبة التي ستوقع على المخالفة التأديبية لا تتعدى الإنذار أو الخصم من المرتب لمدة لا تجاوز ثلاثة أيام ، إلا أن ذلك مشروط بذكر مضمون هذا التحقيق في قرار الجزاء الصادر .

وقد قضت المحكمة الإٌدارية العليا في هذا الصدد بأن

” الأصل هو التحقيق الكتابي الذي يدون كاملا وعلى علته ، واستثناء من هذا الأصل أجيز إجراء التحقيق شفاهه على أن يثبت مضمونه في المحضر الذي يحوي الجزاء ، إذ يعتبر إثبات هذا الموضوع في حالة التحقيق الشفهي بديلا عن تدوين التحقيق كاملا في حالة التحقيق الكتابي ….”

(حكم الإدارية العليا الصادر بجلسة 15/4/1967 في الطعن رقم 226 لسنة 9ق)

وقد أوضحت ذات المحكمة المقصود بذكر مضمون التحقيق في قرار الجزاء وذلك بقولها ” ليس المقصود من إثبات مضمون التحقيق الشفهي بالمحضر الذي يحوي الجزاء ، ضرورة سرد ما دار بالموضوع محل الاستجواب بالمحضر تفصيلا ، بسرد كل الوقائع المنسوبة الى العامل

وبيان الأحوال التي استخلصت منها ، وذكر ما ورد على ألسنة الشهود بشأنها وترديد دفاع العامل وتقضي كل ما ورد فيه من وقائع وأدلة إثبات أو نفى ، إذ أن كل ذلك من شأنه أن يقلب التحقيق الشفهي الى تحقيق كتابي ، وهو ما يعطل الحكمة من إجازة التحقيق الشفهي وهو تسهيل العمل

وإنما المقصود من ذلك إثبات حصول التحقيق والاستجواب وما أسفر عنه هذا التحقيق في شأن ثبوت المخالفة الإدارية قبل العامل على وجه يمكن السلطة القضائية من بسط رقابتها القانونية على صحة قيام الوقائع وصحة تكييفها القانوني “

(حكم المحكمة الإدارية العليا الصاد بجلسة 29/12/1973 في الطعن رقم 451 لسنة 13ق عليا)

ويترتب على عدم تدوين مضمون التحقيق الشفوي في قرار الجزاء التأديبي بطلان الجزاء الصادر ويجوز للعامل الدفع وهذا البطلان في أية حالة تكون عليها الدعوى التأديبية وللمحكمة أن تقضي بذلك من تلقاء نفسها لتعلق هذا الدفع بالنظام العام .

التحقيق الشفهي

سكرنا أن الكتابة شرط لصحة التحقيق الذي يتم بمعرفة النيابة الإدارية ، ومن ثم فإن أثر تخلفه معناه بطلان التحقيق .

ومن حيث أن مفاد – نص المادة 81 من القانون رقم 48 لسنة 1978 بنظام العاملين بالقطاع العام … هو أ، القاعدة العامة في مجازاة العاملين بالقطاع العام تستلزم إجراء التحقيق معهم في المخالفات المنسوبة إليهم وسماع أقوالهم وأوجه دفاعهم وعلى أن يكون ذلك التحقيق كتابة حتى يمكن للجهات الرئاسية والهيئات الرقابية القضائية مراقبة مشروعية القرارات الصادرة بمجازاة هؤلاء العاملين في حالة التظلم من هذه الجزاءات أو الطعن عليها قضائيا

إلا أن المشرع قرر استثناء من هذه القاعدة بالنسبة للجزاءات الإنذار والخصم من المرتب عن مدة لا تجاوز ثلاثة أيام أو الوقف عن العمل لمدة لا تجاوز ثلاثة أيام فأجاز أن يكون الاستجواب أو التحقيق فيها شفاهه بشرط أن يثبت مضمونه في المحضر الذي يحوي الجزاء ولقد هدف المشرع من ذلك أن يضع ضمانة تحمي العاملين بالقطاع العام من عسف السلطة الرئاسية أو الجور على حقوقهم بتمكينهم من الدفاع أنفسهم بمسلكهم الوظيفي

وبطريقة تمكن جهات الاختصاص من رقابة مشروعية قرارات الجزاء التي تصدر ضد هؤلاء العاملين إلا أن المشرع  رغبة منه في التيسير على الجهات الرئاسية في إدارة العمل ومراقبة تصرفات العاملين الخاضعين لإشرافها المباشر أجاز – خلافا للقاعدة العامة المقررة – إجراء التحقيق مع العامل شفاهه إذا كان الجزاء الذي وقع عليه هو الإنذار أو الخصم من المرتب عن مدة لا تجاوز ثلاثة أيام أو الوقف عن العمل لمدة لا تجاوز ثلاثة أيام

إلا أن المشرع لم يغفل توفير الضمانات اللازمة للتثبيت مع صحة ذلك الجزاء وذلك حرصا من الشارع على تحقيق دفاع العامل وسماع أقواله عند توجيه الاتهام إليه ، فإذا صدر قرار الجزاء بدون أن يثبت مضمون للتحقيق الشفهي في المحضر الذي يحوي الجزاء ، فإن النتيجة المترتبة على ذلك هى الإخلال بضمانة أساسية من الضمانات المقررة للعاملين بالقطاع العام وتخلف إجراء جوهري من الإجراءات التي قررها القانون وبطلان الجزاء الصادر بغير اتباع هذا الإجراء …”

(الطعن رقم 2131 لسنة 32ق عليا جلسة 24/3/1987)

تدوين التحقيق بواسطة الكاتب

بالنسبة للتحقيق الذي تجريه الجهة الإدارية فلا يشترط كتابته بمعرفة كاتب التحقيق أى أن وجود كاتب للتحقيق في هذه الحالة أمر جوازي الأمر الذي يؤكده وزير العدل رقم 569 لسنة 1977 الخاص بلائحة تنظيم العمل في الإدارات القانونية بالهيئات العامة وشركات القطاع العام

حيث جاءت المادة 28 منه تشير الى أنه من حق الجهة الإدارية الاستعانة بكاتب للتخفيف ، وهذا أمر جوازي لها ، ومن ثم لا يترتب على مخالفته بطلان التحقيق ، لذلك نصت على أنه

” يثبت في محضر التحقيق تاريخ اليوم وساعته ومكانه واسم المحقق وكاتب التحقيق إن وجد وزيل بعد الانتهاء منه بما يفيد قفله وساعة ذلك مع بيان جلسة التحقيق التالية والإجراءات التي يتخذ فيها”

وهو ما أكدته المادة 29 من ذات القرار بقولها “يوقع عضو الإدارة وكاتب التحقيق إن وجد في نهاية كل صفحة …” .

أما بخصوص التحقيقات التي تجريها النيابة الإدارية فقد نصت المادة (39) من التعليمات المنظمة للعمل الفني للنيابة الإدارية تنص على أنه ” يجب تحرير محضر التحقيق بمعرفة كاتب من العاملين بالنيابة الإدارية ” .

كما نصت المادة (57) من ذات التعليمات الصادرة بقرار رئيس هيئة النيابة الإدارية رقم 136 لسنة 1994 على أنه ” يجب تحرير محاضر التحقيق بمعرفة كاتب من العاملين بالنيابة الإدارية الذي عليه أن يتحرى الدقة والوضوح والنظافة في تدوين المحضر

وأن يستمر في التحقيق الذي بدأه الى أن يقر عضو النيابة إنهائه حتى ولو استطال وقت التحقيق أى ما بعد انتهاء ميعاد العمل الرسمي

فإذا لحق بكاتب التحقيق أثناء مباشرته عمله عذر قهري أو ألم به حادث فجائي يتعارض معه استمراره في أدائه لعمله كلف عضو النيابة المحقق كاتب آخر باستكمال التحقيق ويراعى إثبات اسم كاتب التحقيق البديل وواقعة الاستبدال بمحضر التحقيق بعد حلف اليمين ” .

إلا أنه يجوز لاعتبارات السرية أو كرامة الوظيفية أو غيرها أن يجري المحقق التحقيق الإداري دون اصطحاب كاتب للتحقيق ولا يخل ذلك بحق الدفاع إذ ” …. أنه فيما ينعاه الطاعن على التحقيق المذكور من أنه قد تم دون اصطحاب المحقق كاتب تحقيق ، فإنه وإن كان يبين من استقراء القواعد الإجرائية المنظمة لتحقيقات النيابة العامة والنيابة الإدارية

أن الأصل كقاعدة عامة ومستمدة أصلا كفرع من الإجراءات التي تحمي حق الدفاع المقرر بمقتضى المادة 67 من الدستور لأى مواطن يجري معه التحقيق سواء أكان ذلك في مجال المسئولية التأديبية والإدارية أو المسئولية الجنائية ، مؤدى ذلك وجوب استصحاب الضمانة في مجال التحقيق التأديبي

إلا أن ذلك لا يمنع جواز تحرير المحقق الإداري بنفسه دون اصطحاب كاتب تحقيق بشرط ألا يخالف ذلك نص القانون ويكون أساسه مراعاة لمقتضيات حسن سير وانتظام المرافق العامة بمراعاة الاعتبارات الثابتة عند إجراء التحقيق وظروف الإمكانيات في جهات الإدارة أو لاعتبار كرامة الوظيفة التي يشغلها من يجري معه التحقيق ، وبما لا يخل على أى وجه من الوجوه بحقوق الدفاع لمن يجري معهم التحقيق “

(الطعن رقم 646 لسنة 32ق عليا جلسة 5/11/1988)

بيانات محضر التحقيق

هناك بيانات معينة يجب أن يشتمل عليا محضر التحقيق وهذه البيانات هى :

1- التاريخ :

وهو من البيانات الأساسية في محضر التحقيق لأنه يحدد الوقت الذي تم فيه مباشرة إجراءات التحقيق ، وبالتالي معرفة المدة التي استغرقها التحقيق لأنها لو زادت عن الحد المعقول تحمل معنى الإكراه الأمر الذي يترتب عليه بطلان التحقيق .

ويذكر التاريخ باليوم والشهر والسنة بل وساعة افتتاح المحضر وساعة غلقه

2- الديباجة :

حيث يجب ذكر اسم وصفة محقق المحضر كذلك اسم كاتب المحضر إن وجد .

3- مضمون المحضر :

والمقصود بمضمون المحضر البيانات اللازمة لكى يكون وثيقة متكاملة لها وضعها القانوني .

فيجب بعد إثبات التاريخ والديباجة ذكر المناقشة التفصيلية ومواجهة الموظف المتهم بالأدلة وذلك بتدوين الأسئلة التي وجهها المحقق والاقتراحات التي يدلي بها الموظف المخالف .

4- التوقيع :

حيث يتعين توقيع كل من المحقق والكاتب و الموظف المخالف على كل ورقة من أوراق المحضر في نهايتها ، وذلك هو الأصل .

أما الاستثناء الوحيد من توقيع المحقق أو الكاتب ، هو أن يكون التحقيق يتم دون وجود كاتب تحقيق ، على أن يكون المحقق هو الذي قام بكتابة التحقيق بنفسه

وهو ما أقرته المحكمة الإدارية العليا بقولها

” لا وجه لاشتراط توقيع المحقق والكاتب على محضر التحقيق متى تبين أن التحقيق بخط يد المحقق ولظروف استدعت عدم حضور كاتب وكان اسم المحقق ثابتا في صدر التحقيق”

(حكم الإدارية العليا الصادر بجلسة 5/11/1988 في الطعن رقم 646 لسنة 32ق عليا ، مجموعة أحكام السنة 34 ، ص61)

حيدة جهة التحقيق

ضمانات الموظف القانونية في التحقيق

والمقصود بحيدة جهة التحقيق هو استقلاها عن جهة المحاكمة . أى أن حيدة جهة التحقيق تتحقق باستقلال سلطة التحقيق عن سلطة المحاكمة

وفي النظام الجنائي نجد النيابة العامة هى سلطة التحقيق الرئيسية وتجمع بين تحريك الدعوى الجنائية ومتابعة السير فيها وأعضاء النيابة العامة مستقلون في تصرفاتهم عن رجال القضاء الجالس رغم كونهم من رجال القضاء حتى أنه لا يجوز للمحاكم أن توجه الى النيابة لوما أو نقدا .

فقد قضى بأن ” ليس لمحكمة الجنايات أن تنعى على النيابة في حكمها بأنها أسرفت في الاتهام وأنها أيضا أسرفت في حشد التهم وكيلتها للمتهمين جزافا وقد يحذف هاتين العبارتين .

(نقض 16/5/1932 ، مجموعة القواعد القانونية ج2 رقم 351 ص547)

والحقيقة أن اشتراط حيدة المحقق هى من مقتضيات العدالة المجردة الواجبة الاحترام في كافة التحقيقات بغض النظر عن السلطة القائمة بها ، فهو ليس قاصرا على التحقيقات التي تباشرها السلطة الرئاسية ، بل ينطبق مبدأ الحيدة على التحقيقات التي تقوم بها النيابة الإدارية

ومن قم إذا انتفت الحيدة انتفت معها سلامة التحقيق وثبت بطلانه ، وهو ما أشارت إليه المحكمة الإدارية العليا بقولها ” إن قيام مقدم الشكوى بالتحقيق مع المشكو في حقه يهدره ويبطله لتخلف ضمانة الحيدة في المحقق ، ويترتب على ذلك بطلان التحقيق والقرار الذي قام عليه “

(حكم الإدارية العليا الصادر بجلسة 16/12/1986 في الطعن رقم 1341 لسنة 31ق عليا ، مجموعة أحكام السنة 32 ، ص415)

كما قضت ذات المحكمة أيضاً بأن

” التحقيق بضفة عامة يعني الفحص والبحث والتقصي الموضوعي والمحايد والنزيه لاستبانة وجه الحقيقة واستجلائها فيما يتعلق بصحة حدوث وقائع محددة ونسبتها الى أشخاص محددين وذلك لوجه الحق والصدق والعدالة ، ومن حيث إن استظهار وجه الحقيقة في أمر اتهام موجه على إنسان لا يتسنى إلا لمن تجرد من أية ميول شخصية إزاء ما يجري التحقيق معهم سواء أكانت هذه الميول لصالحهم أو كانت ضدهم

إذ أن هذا التجرد هو الذي يحقق الحيدة والنزاهة والموضوعية التي تقود مسار التحقيق ، إن التجرد الواجب توافره في المحقق بحكم الأصول العامة المنتسبة الى القواعد العليا للعدالة لا ينبغي أن يقل عن القدر المتطلب في القاضي لأن الحكم في المجال العقابي جنائيا كان أو تأديبيا إنما يستند الى أمانة المحقق واستقلاله ونزاهته وحيدته

كما يستند الى أمانة القاضي ونزاهته وحيدته سواء بسواء ، وقد قام رئيس النيابة بالتحقيق مع الطاعن في الطعن الماثل وقد جمعته بالطاعن خصومة قضائية ثابتة على نحو ما تقدم ، ومن ثم لم يكن المحقق صالحا للتحقيق مع الطاعن ، وبالتالي فقد أضحى التحقيق الذي أجراه باطلا ، الأمر الذي رتب بطلان الحكم التأديبي المبني عليه “

(حكم الإدارية العليا الصادر بجلسة 13/5/1989 في الطعن رقم 3285 لسنة 35ق مجموعة المبادئ القانونية س34 ص976 : 979)

ويلاحظ أن مخالفة حظر جمع سلطات التحقيق بالاتهام والمحاكمة في يد شخص واحد ينطوي على طعن بمخالفة الحكم الذي صدر من مجلس التأديب في الدعوى التأديبية لنصوص قانون المرافعات في شأن صلاحية القضاء للفصل في الخصومة ، وهو أمر يتعلق بمخالفة القانون ولا يرقى الى حد مخالف الدستور “

(الدعوى رقم 17 لسنة 2ق عليا دستورية جلسة 1/4/1978)

ومن حيث أن هناك قاعدة أصولية تقتضيها ضمانات المحاكمة التأديبية ، كما تقتضيها العدالة كمبدأ عام في كل محاكمة تأديبية ، هى أنه يتعين ألا يحيل الموظف الى المحاكمة التأديبية  من قامت بينه وبين هذا الموظف خصومات جدية حتى يطمئن المحال الى حيدة المحيل وموضوعية الإحالة ، وحتى لا يكون هناك كمجال لتأثر المحيلة بهذه الخصومة عند قيامه باتخاذ قرار الإحالة إن هذه القاعدة مستقرة في الضمير ، وتميلها العدالة المثلى ، وليسن في حاجة الى نص خاص يقررها .

ومن حيث أنه لما سبق ، فإنه إذا قامت خصومة بين رئيس الجامعة من جهة ، ومن الطاعن من جهة أخرى ، فإن هذا يمثل مانعا  يحول دون اتخاذ قرار الإحالة من قبل رئيس الجامعة ، وإلا كان قرار الإحالة إذا ما اتخذ غير مشروع ، وشرط عدم مشروعية قرار الإحالة عند وجود خصومة ، هو أن تكون هذه الخصومة جيدة ….”

(الطعن رقم 3429 لسنة 36ق جلسة 1/6/1991)

وقد قضت المحكمة الإدارية العليا بأن

” …. متى كان زوج المحققة التي باشرت التحقيق مع العامل والذي انتهى الى مجازاته ونقله ، قد حل محل العامل الذي جوازي ونقل من وظيفته بعد صدور قرار نقله منها ، وأنه رقى فعلا الى وظيفة ، إلا أن ذلك لا يكفي وحده للقول بسوء نية المحققة وانحرافها ، طالما أنه ليس ثمة ما يشير الى أن للسيدة المذكورة نفوذ في إجراء التنقلات والترقيات بالشركة ، الى أنها كانت طرفا في تخطيط مسبق قصد به الإضرار بالعامل على نحو يؤثر في صلاحيتها لإجراء ذلك التحقيق ، وهو أمر إن صح يعيب القرار ويجعله قابلا للإبطال وبالتالي يحق للمحكمة إلغاء القرار “

(الطعن رقم 614 لسنة 32ق عليا جلسة 5/12/1981 مجلة العلو س36 ع2 حيدة المحقق)

وبأنه “….. قيام مقدم الشكوى بالتحقيق مع المشكو في حقه ، يهدره ويبطله لتخلف ضمانة الحيدة في المحقق ، ويترتب على ذلك بطلان التحقيق والقرار الذي قام عليه ، ولا ينال من ذلك استكمال التحقيق بعد ذلك بمعرفة موظف آخر ، أساس ذلك أن التحقيق قد اعتمد في اتمامه على تحقيق مقدم الشكوى ، الذي كان حريصا على إعداد دليل في صلب التحقيق الذي بدأه ، ومن شأنه ذلك أن يثير الشك في صحة ما انتهى إليه هذا التحقيق “

(الطعن رقم 1341 لسنة 7ق جلسة 16/12/1986 مجلة العلوم س36 ع2 حيدة المحقق)

وبأنه ” من المبادئ التي تقتضيها العدالة دون حاجة الى نص يقررها ، ضرورة توافر الصلاحية فيمن يقوم بالتحقيق ، وإلا تعين عدم الاعتداد بهذا التحقيق ، فإذا كان المحقق وكيلا قضائيا عن رئيس الجامعة في الدعاوى التي أقامها على الطاعن ، فهو غير صالح للتحقيق مع الطاعن ، وقرار مجلس التأديب المستند الى قرار الإحالة الباطل والتحقيق الباطل غير مشروع ….”

(طعن رقم 3429 لسنة 36ق عليا جلسة 1/6/1991)

مواجهة الموظف بالتهمة المنسوبة إليه

مواجهة الموظف المخالف بالتهمة المنسوبة إليه من أبرز ضمانات حق الدفاع التي كفلها له الدستور

وقد قضى بأن

” ومن حيث أنه من أول ضمانات التحقيق التأديبي أن يواجه المتهم بما هو منسوب إليه حتى يتمكن من تقديم أوجه دفاعه ودفوعه في شأن ما نسب إليه ، بحيث إذا أهدر التحقيق هذه الضمانة الجوهرية من ضمانات الدفاع كان منسوبا في هذا الشق منه بعيب جسيم يهدره ويهدر ما يبنى عليه من قرار جزاء “

(الطعن رقم 1234 لسنة 34ق عليا جلسة 9/12/1989)

كذلك قضت  المحكمة الإدارية العليا بأن

” لا يجوز مجازاة العامل إلا بعد التحقيق معه وأن هذا التحقيق يجب أن تكون له مقوماته القانونية وضماناته ، من وجوب استدعاء العامل وسؤاله ومواجهته بما هو منسوب إليه … وإتاحة الفرصة له لمناقشة شهود الإثبات وسماع شهود النفى ، ويلزم حتى تؤدي مواجهة العامل بالتهمة غايتها كضمانة جوهرية للعامل أن تكون على وجه يستشعر معه العامل أن الإدارة بسبيل مجازاته فينشط للدفاع عن نفسه “

(حكم الإدارية العليا الصادر بجلسة 16/11/1996 في الطعن رقم 315 لسنة 41ق عليا)

وبأنه ” من ضمانات التحقيق إحاطة العامل علما بما هو منسوب إليه ، وتمكينه من الدفاع عن نفسه قبل توقيع الجزاء عليه …. ولا يكفي إلقاء الأسئلة على العامل حول وقائع معينة ، بل ينبغي مواجهته بالاتهامات المنسوبة إليه ليكون على بينة منها فيعد دفاعه على أساسها”

(حكم الإدارية العليا الصادر بجلسة 27/12/1986 في الطعن رقم 870 لسنة 28ق عليا

أشار إليه د/ عبد العزيز عبد المنعم ، مرجع سابق ، ص130)

والمواجهة تقتضي أن تكون الاتهامات محددة أى أن يواجه الموظف المخالف بوقائع محددة سواء من حيث نوع المخالفة أو تاريخ ارتكابها وإلا كانت المواجهة قائمة على غير سند صحيح وبالتالي يلغى قرار الجزاء الصادر بناء على هذه المواجهة ، لذا قضى بأن ” لا تصح المواجهة باتهامات غير محددة المعالم والأبعاد لا يتحقق معها كفالة حق الدفاع .

إذ يتعذر على المتهم تفنيد هذه الاتهامات والرد عليها والقاعدة أنه لا تكليف بغير مقدور فإذا وجهت النيابة الإدارية الى المتهم أنه أهمل الإشراف على المشروعات التي يرأسها مما ألحق بها خسارة معينة فإنه يكون عليها أن تحدد وجه الإهمال في الإشراف على تلك المشروعات

بأن تحدد بداءة الأخطاء التي شابت إدارة كل مشروع منها ثم تحدد الخطأ الذي وقع من المسئول عن كل مشروع ثم تنتهي الى إسناد وصف الإهمال الى الطاعن باعتباره رئيس الوحدة المحلية التي تتبعها هذه المشروعات ، ذلك أن  الإهمال الى الطاعن باعتباره رئيس الوحدة المحلية التي تتبعها هذه المشروعات

ذلك أن الإهمال في الإشراف إنما يمثل مخالفة تأديبية وكل مخالفة تأديبية هى خروج على واجب وظيفي لابد وأن يكون محدد الأبعاد من حيث المكان والزمان والأشخاص وسائر العناصر الأخرى المحددة لذاتية المخالفات ذلك التحديد الذي لابد وأن يواجه به المتهم في التحقيق بعد بلورته في ضرورة دقيقة المعالم على النحو الذي يمكن المتهم من الدفاع عن نفسه وإلا كان الاتهام مطاطاً يتعذر على المتهم تفنيده وهو ما يعتبر إخلالاً بحث الدفاع “

(الطعن رقم 813 لسنة 34ق جلسة 9/12/1989)

كما قضى بأن

…. حتى يتحقق مبدأ المواجهة يجب أن يواجه المتهم باتهام محدد سواء من حيث نوع المخالفة أو تاريخ ارتكابها ، وأنه يبين من أوراق التحقيق الذي تم مع الطاعنة أنه لم يتم توجيه اتهام محدد بها بالوصف السابق ، حيث لم تحدد الاتهامات الموجهة إليها وتاريخ وقوع المخالفة ، ولا وصفا دقيقا لهذه المخالفة

وإنما قام التحقيق على أساس العبارات المبهمة الواردة بشكوى رئيس القطاع المالي عن سلوك الطاعنة عموما ، وتم أخذ أقوال الشهود على هذا السلوك المجمل للطاعنة دون تحديد لوصف دقيق للاتهام الذي يمكن نسبته إليها ، وإنما كل ما جاء على لسانهم تأكيد شكوى رئيس القطاع المالي ، وعليه وإزاء هذا القصور في التحقيق ، يكون القرار المطعون فيه غير قائم على سبب صحيح متعينا الإلغاء

(حكم الإدارية العليا الصادر بجلسة 25/11/1989 في الطعن رقم 900 لسنة 32ق عليا)

الموجهة يجب أن تكون بوضوح وبصورة مباشرة

وفي ذلك تقول المحكمة الإدارية العليا بأن ” من حيث أنه من المقرر في مجال التأديب أن سلامة القرار التأديبي تتطلب أن تكون النتيجة التي ينتهي إليها مستخلصة استخلاصاً سائغاً من تحقيق تتوافر له كل المقومات الأساسية للتحقيق القانوني السليم وأول هذه المقومات ضرورة مواجهة المتهم في صراحة ووضح بالمآخذ المنسوبة إليه والوقائع المحددة التي تمثل تلك المآخذ وأن تتاح له فرصة الدفاع عن نفسه إزاء ما هو منسوب إليه بسماع من يرى الاستشهاد بهم من شهود نفى ومناقشة شهادة من سمعت شهادتهم من شهود الإثبات “

(الطعن رقم 1134 لسنة 23ق جلسة 25/1/1992)

ويراعى في المواجهة إحاطة المتهم بكافة الأدلة التي تشير الى ارتكابه المخالفة حتى يستطيع أن يدلي بأوجه دفاعه :

فقد قضى بأن ” …. كان من المتعين على المحقق أن تشتمل تحقيقاته التهمة الموجهة للمطعون ضده والتي جوازي بسببها حتى يقف العامل على حقيقة التهمة المنسوبة إليه ويحيطه علما بمختلف الأدلة التي تشير الى ارتكابه المخالفة حتى يستطيع أن يدلي بأوجه دفاعه ولا يغير من هذا القول أنه تمت مواجهة المطعون ضده بالإهمال المنسوب إليه في أداء الواجب الوظيفي لأن من المسلم به أن التحقيق الإداري إنما يهدف الى الكشف عن خطأ يدعى قيامه ومعاقبة المتسبب فيه وبالتالي يلزم تحديد التهمة المنسوبة للعامل دون لبس أو إبهام ومواجهته بها ولا يكفي في هذا الصدد الاكتفاء بمواجهة العامل بتهمة عامة غير محددة تتمثل في الإهمال في واجبات وظيفته وإذا كان الحكم للمطعون فيه قد اعتنق هذا النظر فإنه يكون صحيحاً …”

(الطعن رقم 1620 لسنة 34ق جلسة 22/5/1990)

وبأنه ” لا يكفي مجرد إلقاء الأسئلة على العامل حول وقائع معينة وإنما يلزم مواجهته بالاتهامات المنسوبة إليه حتى يكون على علم وبينه منها فيحدد دفاعه على أساسها وبذا يكفل له حق الدفاع عن نفسه كضمانة أساسية في مجال التأديب وإلا كان الجزاء المستند الى هذا التحقيق مخالفا للقانون “

(الطعنان رقما 3989 ، 4076 لسنة 41ق عليا جلسة 4/5/1996 ، و3291 لسنة 41ق عليا)

استعانة الموظف المخالف بمحامي

ضمانات الموظف القانونية في التحقيق

للموظف المخالف لاستعانة بمحام أثناء التحقيق معه ، وذلك لأن الدساتير كفلت للمتهم الدفاع عن نفسه سواء بالأصالة أو بالوكالة – توكيل محام – ولقد أوصت المؤتمرات التي اهتمت بحقوق الإنسان بوجه عام وحقوق المتهم بوجه خاص بضرورة كفالة حق الدفاع وتمكين المتهم من الاستعانة بمدافع بحيث يمكن المحامي من أداء رسالته على الوجه المرضي

” (د/ سليمان سعيد “الضمانات التأديبية” مرجع سابق ص98)

والاستعانة بمحام قد يكون أمر ضروري لممارسة حق الدفاع على الوجه الأمثل ، لأن المتهم في بعض الأحيان قد لا يتمكن من الدفاع عن نفسه بسبب الخوف أو التوتر …. الخ . الأمر الذي يستلك الاستعانة بشخص مؤهل علمياً ومهنياً للدفاع عنه وهو المحامي .

وقد قضت محكمة النقض بأن

” الشكاوى والبلاغات  والتحريات وإن كانت تصلح سنجا لتوجيه الاتهام بالنسبة لمن تشير إليه ، إلا أنها لا تصلح سندا لتوقيع الجزاء عليه ، ما لم تجر جهة الإدارة تحقيقا مع المتهم يواجه فيه بما نسب إليه ويمكن من إبداء دفاعه أمام سلطة التحقيق التي يقع عليها عبء تحقيق هذا الدفاع “

(حكم الإدارية العليا الصادر بجلسة 27/2/1988 في الطعن رقم 2355 لسنة 26ق عليا)

وبأنه ” …. ينبغي أن يتم التحقيق في حدود الأصول العامة ، وبمراعاة الضمانات الأساسية التي تقوم عليها حكمته بأن تتوافر فيه ضمانة السلامة والحيدة والاستقصاء لصالح الحقيقة وأن تكفل حماية حق الدفاع للموظف تحقيقا للعدالة بأن تسمح له بإبداء أقواله ودفاعه وملاحظاته إما كتابة بمذكرة أم شفهيا أو مرافعة سواء بنفسه أو بواسطة محام عنه “

(حكم الإدارية العليا الصادر بجلسة 27/2/1960 مجموعة أحكام السنة الخامسة ص494)

لا يترتب البطلان على عدم حضور محام التحقيق

عدم السماح لمحامي الطاعن بحضور التحقيق الإداري فإن هذا الحق وإن كان القانون رقم 61 لسنة 1986 بإصدار قانون المحاماة قد نص في المادة 82 منه على عدم تعطيله إلا أنه لم يرتب على مخالفاته بطلان التحقيق .

( جلسة 3/6/1972 الطعن رقم 17 )

Print Friendly, PDF & Email
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض

الأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض خبرات قضائية فى القانون المدنى والملكية العقارية ودعاوى الإيجارات ودعاوى الموظفين قطاع حكومى وخاص وطعون مجلس الدولة والنقض ليسانس الحقوق 1997

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

لا يمكنك نسخ محتوى هذه الصفحة