نص المشرع بالمادة 136 و 137 من القانون المدني علي وجوب السبب في الالتزام والعقود والسبب هو الباعث والدافع الى التعاقد ولابد أن يكون السبب مشروعا غير مخالف للنظام العام والآداب العامة والا كان العقد برمته باطلا وهذا المقال هو بحث حول السبب في قانون الالتزامات والعقود.
محتويات المقال
نظرية السبب في القانون
تنص المادة 136 من القانون المدني على أن
إذا لم يكن للالتزام سبب أو كان سببه مخالفا للنظام العام أو الآداب كان العقد باطلا
المقصود بالسبب
المادة 136 من التقنين المدني الحالي تقرر أنه
إذا لم يكن للالتزام سبب أو كان سببه مخالفا للنظام العام أو الآداب كان العقد باطلا
فما المقصود بكلمة السبب الواردة في هذا النص ؟
- هل يقصد بها سبب الالتزام أي السبب وفقا للنظري التقليدية ؟
- أم سبب العقد أي السبب وفقا للنظرية الحديثة ؟
يذهب فريق من الشراح وعلي رأسهم أستاذنا الدكتور السنهوري إلي أن
التقنين المدني الحالي يعتنق النظرية الحديثة في السبب وينبذ النظرية التقليدية وأنه في مسلكه هذا لم يفعل أكثر من مسايرة الفقه والقضاء في مصر في ظل التقنين المدني السابق
غير انه يرى فريق آخر من الفقهاء أن التقنين الحالي قد أخذ بفكرة ازدواج السبب ذلك أن السبب بمعنى الباعث الدافع فحسب لا يستقيم مع نصوص القانون الحالي بل أن نصوص هذا القانون تنصرف كذلك إلي السبب بالمعني المقصود في النظرية التقليدية وأنه لا عيب هناك في فكرة ازدواج السبب ولا تعارض بين فكرة سبب الالتزام وفكرة سبب العقد
فسبب الالتزام هو الغرض المباشر الذي يسعي إليه المتعاقد، هو الأداء المقابل إذا كان العقد من عقود المعاوضات ونية التبرع إذا كان من أعمال التبرعات وهو بهذا الوصف يتمثل في صورة واحدة في كل ضرب من ضروب الالتزام ويعتبر جزء من العقد نفسه .
أما سبب العقد فهو الباعث الدافع إلي التعاقد وهو لا يعتبر شقا من التعاقد بل هو يختلف في العقد الواحد باختلاف شخص المتعاقد
ولا أدل علي صدق هذا النظر من أن بعض التقنيات كالتقنين اللبناني ( مادة 194 ) قد أخذت بفكرة ازدواج السبب وإذا كانت المذكرة الإيضاحية لقانوننا المدني الحالي قد انتقدت هذه الفكرة وصرحت بوجوب الأعراض عنها إلا أن ما جاء في هذه المذكرة لا يستقيم مع صياغة نص المادة 136 وطبيعي أنه عند تعارض نص القانون مع المذكرة الإيضاحية يجب تغليب النص .
ونص المادة 136 يشترط في السبب شرطين :
- الأول أن يكون موجودا
- والثاني أن يكون مشروعا
وشرط الوجود
لا يتطلب إلا في السبب كما حددته النظرية التقليدية أي لا يتطلب إلا في سبب الالتزام، لأن سبب العقد يفترض دائما وجوده ولا يتصور انعدامه إلا إذا كان العقد صادرا من غير ذي تمييز،
وشرط المشروعية
لا يتطلب إلا في سبب العقد لأن سبب الالتزام لا يتصور كما سبق أن ذكرنا أن يكون غير مشروع
ومعنى هذا أن المادة 136 تتكلم في سبب الالتزام وفي سبب العقد ولا تعارض هناك في الجمع بينهما بل أن في الجمع بينهما يحقق فائدتين :
الأولي خاصة بفكرة سبب الالتزام
إذ سبب الالتزام هو الذي يبين لنا علة ارتباط الالتزامات المتقابلة في العقود التبادلية وما تميزت به هذه العقود من خصائص ثلاث هي الدفع بعدم التنفيذ ونظرية الفسخ ونظرية تحمل التبعة
والثانية خاصة بفكرة سبب العقد
إذ يستطاع عن طريق سبب العقد إخضاع المعاملات لقواعد الآداب .
(انظر السنهوري مرجع سابق – سلطان مرجع سابق – مرقص مرجع سابق- وانظر المذكرة الإيضاحية للقانون)
أنواع السبب في العقد
سبب العقد والالتزام هو الباعث الدافع إلي التعاقد
سبب الالتزام يتمثل دائما في الأداء المقابل إذا كان العقد من عقود المعاوضات وفي نية التبرع إذا كان العقد من عقود التبرعات وأن السبب بهذا المعني شئ داخل في العقد لا يتغير في النوع الواحد من العقود غير أنه بجانب سبب الالتزام وهو أمر موضوعي
يوجد سبب العقد أي الباعث علي التعاقد وهو أمر ذاتي خارج عن العقد ويختلف باختلاف شخص المتعاقد ففي البيع مثلا قد يكون الباعث للبائع علي التعاقد هو رغبته في التخلص من متاعب إدارة المبيع أو رغبته في شراء شئ آخر أو رغبته في القيام برحلة يستعين علي نفقتها بالثمن… الخ
وهذا الباعث هو الذي اهتم به القضاء الفرنسي رغبة منه في إخضاع المعاملات لقواعد الآداب والنظام العام، فإذا كان الباعث علي التعاقد مخالفا لها بطل العقد وإن كان غير مخالف لها صح العقد
ولكن أليس في البحث عن هذا الباعث ما يعرض المعاملات لخطر عدم الاستقرار ؟
تنبه القضاء الفرنسي إلي هذا الأمر فلم يهتم بكافة بواعث الإرادة الدافع منها وغير الدافع، الرئيسي منها وغير الرئيسي بل اهتم فقط بالباعث الدافع علي التعاقد أي بالباعث الرئيسي إلي التعاقد ( cause impulsive et déterminante )
فهذا الباعث فقط هو الذي يقف عنده القاضي لمعرفة ما إذا كان مشروعا أو غير مشروع أما عداه من البواعث الثانوية التي قد توجد بجانبه فلا يتهم بها القاضي ولو كانت غير مشروعة لأنه لا أثر لها علي الإرادة وهذا هو القيد الأول الذي وضعه القضاء الفرنسي لفكرة الباعث .
أما القيد الثاني فهو اشتراط أن يكون هذا الباعث داخلا في دائرة التعاقد أي معلوما من المتعاقد الآخر علي اختلاف بين أعمال المعاوضات وأعمال التبرعات،
فالمعاوض أولي بالرعاية من المتبرع له ولذا فعقد المعاوضة لا يبطل إذا كان الباعث معلوما من المتعاقدين أما عمل التبرع سواء كان عملا يتم بإرادتين كالهبة أم بإرادة واحدة كالوصية، فلا يشترط لإبطاله إذا كان الباعث الدافع إليه غير مشروع أن يكون معلوما من المتبرع له.
وهذه التفرقة بين أعمال المعاوضات وأعمال التبرعات فيما يتعلق بالباعث الدافع إلي التعاقد ما هي إلا تطبيق لمبدأ عام هو أن ضمان استقرار المعاملات واجب الرعاية في المعاوضات عنه في التبرعات، وفي قانونا المدني تطبيقات مختلفة لهذا المبدأ .
(سلطان بند 174)
شروط سبب العقد
يشترط في سبب الالتزام شرطا واحدا وهو أن يكون موجودا
لأن الشرطين الآخرين وهما أن يكون صحيحا وأن يكون مشروعا لا محل لهما بالنسبة للسبب كما حددته النظرية التقليدية، لأن شرط صحة السبب المقصود به ألا يكون هناك غلط في السبب،
وإذا كان هناك غلط في السبب فمعني ذلك أن السبب غير موجود ولذا يندمج هذا الشرط في الشرط الأول أما بالنسبة للشرط الثالث وهو مشروعية السبب فقد رأينا أن السبب في الالتزام لا يمكن أن يكون إلا مشروعا وعلي ذلك لا داعي لتطلب مثل هذا الشرط مادام لا يمكن أن يقع المحظور وهو عدم مشروعية سبب الالتزام .
أما فيما يتعلق بسبب العقد
فلا يشترط فيه إلا شرطا واحدا وهو أن يكون مشروعا، فإذا كان غير مشروع، آي كان مخالفا للنظام العام أو الآداب بطل العقد، وهذا الاعتبار هو الذي حمل القضاء في فرنسا علي الاهتمام بالباعث الدافع لأنه عن طريق الباعث يمكن إخضاع المعاملات لقواعد الآداب حقيقة أنه فيما يتعلق بالعقود التبادلية يمكن الوصول إلي نفس النتيجة عن طريق سبب الالتزام، لأنه إذا كان محل التزام أحد المتعاقدين غير مشروع فإن التزام هذا المتعاقد يقع باطلا ويبطل بالتالي التزام المتعاقد الآخر لتخلف سببه
غير أن هذا الأمر إذا كان ميسرا إلي حد ما في العقود التبادلية، فهو ليس كذلك بالنسبة لغيرها من العقود وحتى فيما يتعلق بالعقود التبادلية قد لا نصل إلي إخضاع المعاملات لقواعد الآداب إذا اكتفينا فقط بالسبب كعنصر في الالتزام لأنه كما سنرى قد يكون محل الالتزام مشروعا بالرغم من عدم مشروعية الباعث علي التعاقد، وفي هذه الحالة تقتصر فكرة السبب الالتزام عن إخضاع العقد لقواعد الآداب ويتعين الاستعانة بفكرة الباعث لتحقيق هذا الغرض .
ولكن إذا كنا نتطلب في الباعث الدافع أن يكون مشروعا، فهل نتطلب فيه كذلك أن يكون موجودا ؟
حقيقة أن عدم وجود الباعث الدافع لا يتصور إلا إذا كان العاقد فاقد التمييز ولكن قد يكون الباعث موجودا ولكن مغلوطا،
فما حكم هذا الغلط ؟
ذكرنا أن الغلط في سبب الالتزام ينتهي إلي عدم وجوده أي ينتهي إلي عدم وجود الأداء المقابل أو عدم وجود نية التبرع .
ولما كان السبب بهذا المعني هو عنصر في داخل في تكوين العقد فإنه يترتب علي تخلفه بطلان العقد بطلانا مطلقا أما السبب بمعني الباعث الدافع إلي التعاقد فهو أمر ذاتي خارج عن العقد ولذا لا يؤدي الغلط فيه إلي بطلان العقد بطلانا أصليا وإن كان يؤدي إلي بطلانه بطلانا نسبيا بالتطبيق للنظرية الحديثة في الغلط التي من شأنها إبطال العقد للغلط إذا تناول الاعتبار الرئيسي في التعاقد أيا كان هذا الاعتبار .
(السنهوري مرجع سابق – سلطان مرجع سابق – وانظر مرقص مرجع سابق)
الفرق بين المحل وسبب العقد
يتعين فيما يتعلق بدراسة مشروعية سبب العقد، التفرقة بينه وبين المحل، خاصة وأن عدم المشروعية قد يكون عالقا بالمحل كما قد يكون عالقا بالسبب، فيختلط الأمر في علة البطلان، أهي عدم مشروعية المحل أم عدم مشروعية سبب العقد
ولتحديد هذه التفرق يميز فريق من الفقهاء بين محل الالتزام ومحل العقد
فمحل الالتزام
هو ما قد يتعهد المدين بأدائه ففي الإيجار مثلا محل التزام المستأجر هو دفع الأجرة، ومحل التزام المؤجر هو تسليم العين المؤجرة ومحل الالتزامين مشروع في هذا المثال ولو تعلق الأمر بإيجار بيت من بيوت العهارة ولذا لا يبطل العقد لعدم مشروعية محل الالتزام، وإنما يبطل لعدم مشروعية الباعث الدافع إلي التعاقد وهو استغلال العين العهارة أما محل العقد فهو العملية القانونية التي يراد تحقيقها.
وقد تكون هذه العملية القانونية مشروعة علي حين يكون الدافع إليها غير مشروع فمثلا في الفرض السابق العملية القانونية هي تأجير العين وتأجير العين عملا مشروع أما السبب الدافع فهو استغلال العين للعهارة، وهذا السبب غير مشروع، ولذا يبطل العقد لعدم مشروعية السبب بالرغم من مشروعية المحل
وقد يحصل العكس بأن يكون محل العقد أي العملية القانونية غير مشروعة بالرغم من مشروعية السبب فيبطل العقد لعدم مشروعية محله بالرغم من مشروعية سببه، ومثال ذلك التعامل في تركة مستقبلة، فهنا محل العقد غير مشروع لأنه محرم بنص في القانون .
ولذا يبطل العقد لعدم مشروعية ولو كان الباعث الدافع إلي التعامل في التركة المستقبلة مشروعا والتمييز بين حالات بطلان العقد لعدم مشروعية محله عن حالات بطلانه لعدم مشروعية سببه أمر ليس باليسير في الكثير من الحالات
وإن كان من الممكن كما يقول بعض الشراح إسناد البطلان إلي عدم مشروعية السبب إذا تعلق الأمر بمخالفة الآدابوإسناده إلي عدم مشروعية المحل إذا تعلق الأمر بمخالفة قاعدة قانونية ليست من صميم قواعد الآداب حقيقة أن هذا المعيار ليس صحيحا علي إطلاقه
بل قد توجد حالات يصعب فيها معرفة ما إذا كان البطلان راجعا لعدم مشروعية محل العقد أم راجعا لعدم مشروعية سببه، ولكن لا ينبغي أن تحملنا هذه الصعوبة علي استبعاد فكرة سبب العقد اكتفاء بفكرة المحل لإخضاع المعاملات لقواعد الآداب كما يقول اللاسببيون، لأنه كما سبق أن ذكرنا توجد حالات يكون فيها المحل مشروعا ومع ذلك يبطل العقد لعدم مشروعية سببه .
(سلطان بند 176)
العبرة بوجود السبب عند إبرام العقد
قضت محكمة النقض بأن
السبب ركن من أركان العقد فينظر في توفره وعدم توفره إلي وقت انعقاد العقد فإن انعقد العقد صحيحا بتوفر سببه فإنه لا يمكن أن يقال بعد ذلك بتخلف هذا السبب بعد وجوده فإذا كانت المظنة هي السبب في هذا النوع من الهبات – الشبكة – وذلك باعتبارها الباعث الدافع للتبرع فإن فسخها لا يمكن أن يؤدي إلي انعدام هذا السبب بعد أن تحقق
(طعن رقم 302 لسنة 28 ق جلسة 24/10/1963)
بأنه الهدايا التي يقدمها أد الخاطبين للآخر أيان الخطة ومنها الشبكة – وعلي ما جرى به قضاء هذه المحكمة – من قبيل الهبات فيسري عليها ما يسري علي الهبة من أحكام في القانون المدني لما كان السبب ركنا من العقد وينظر في توافره أو عدم توفره إلي وقت انعقاد العقد وكان العقد قد انعقد صحيحا بتوفر سببه
فإنه لا يمكن القول بعد ذلك بتخلف هذا السبب بعد وجوده ومن ثم فإذا كانت الخطبة هي السبب في هذا النوع من الهبات وذلك باعتبارها الباعث الدافع للتبرع فإن فسخها لا يمكن أن يؤدي إلي انعدام هذا السبب بعد أن تحقق وتظل الهبة صحيحة قائمة رغم العدول عن الزواج
طعن رقم 62 لسنة 39ق جلسة 22/6/1938 – الطعن رقم 62 لسنة 39ق جلسة 26/5/1974
أثر عدم ذكر سبب الالتزام في العقد
عدم ذكر سبب الالتزام في العقد لا يؤدي لبطلانه
( تنبيه – هناك فرق بين عدم ذكر السبب في العقد والذي لا يترتب علي عدم ذكره البطلان وبين الا يكون للعقد أساسا سبب أو يكون له سبب لكن مخالف للأداب والنظام العام ويرتب البطلان )
وقد قضت محكمة النقض بأن
إذ كان المطعون ضده أقام دعواه للمطالبة بمبلغ 100000 جنيه قيمة الشيك محل التداعي وكان الطاعن قد تمسك في دفاعه بأن سبب إصداره له كان ضمانا لحضور جلسة تحكيم بين عائلة وعائلة المطعون ضده وتنفيذ الحكم الذي يصدر من المحكمين وأنه نفذ هذه الالتزامات فلا محل لمطالبته بقيم الشيك
فإن الحكم المطعون فيه إذ التفت عن تحقيق هذا الدفاع بمقولة أن الحكم الجنائي الصادر في الجنحة المشار إليها قد رد عليه وطرحه وقضي تبعا لذلك بتأييد الحكم المستأنف بإلزامه بأن يدفع للمطعون ضده مبلغ 100000 جنيه قيمة ذلك الشيك
بما مفاده أنه أسبغ علي ذلك الحكم الجنائي حجية تتقيد بها المحكمة المدنية بشأن سبب إصدار الشيك محل التداعي حال أن الحكم الجنائي لا حجية له في هذا الصدد فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وهو ما حجية عن بحث دفاع الطاعن الجوهري الذي لو عنى الحكم ببحثه وتمحيصه لتغير به – إن صح – وجه الرأي في الدعوى وهو ما يعيبه أيضا بالقصور
(الطعنان رقما 4328 و 4332 لسنة 61 ق جلسة 21/1/1993)
وبأنه المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مجرد توقيع مصدر السند عليه يفيد التزامه بدفع قيمته ولو لم يذكر فيه سبب المديونية ذلك أن كل التزام لم يذكر له سبب في العقد يفترض أن له سببا مشروعا ما لم يقم الدليل علي غير ذلك ويقع عبء الإثبات علي من يدعى انعدام السبب غير أن الادعاء بانعدام السبب لا يجوز للمدين إثابته بغير الكتابة إذا كان الالتزام مدنيا طالما لم يدع المتعاقد بوقوع احتيال علي القانون
(الطعن رقم 366 لسنة 58 ق جلسة 30/1/1991)
وبأنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا أقر الدائن بعدم صحة السبب الوارد في سند المدين وذكر سببا آخر مشروعا علي أنه السبب الحقيقي كان إقراره هذا غير قابل للتجزئة ويبقي الالتزام قائما وصحيحا ما لم يثبت المدين أن هذا السبب الآخر غير صحيح
(الطعن رقم 1540 لسنة 52 ق جلسة 5/2/1986)
وبأنه المادة 136 من القانون المدني وإن كانت توجب أن يكون للالتزام سبب مشروع إلا أنها لم تشترط ذكر هذا السبب في العقد بل أن المادة 137 تنص علي أن كل التزام لم يذكر له سبب في العقد يفترض أن له سببا مشروعا ما لم يقم الدليل علي غير ذلك وهو ما يقطع بأن عدم ذكر سبب الالتزام في العقد لا يؤدي إلي بطلانه
(الطعن رقم 207 لسنة 35 ق جلسة 17/4/1969)
بطلان العقد لعدم مشروعية السبب
يبطل العقد إذا كان سببه غير مشروعا أو مخالفا للنظام العام
وقد قضت محكمة النقض بأن
إذا كانت واقعة الدعوى هي أنه حسما للنزاع القائم بين فريق قبيلتي السنافرة والقطعان وبين فريق الجبيهات بسبب حادثة قتل أحد أفراد السنافرة وآخر من القطعان واتهام قبيلة الجبيهات فيهما، اتفق بعض أفراد الفريقين بمقتضي كتابة موقع عليها منهم، علي أن يحكموا في هذا النزاع قومسيون تحكيم مؤلفا من حكمدار البحيرة رئيسا وثمانية أعضاء محكمين اختار كل فريق أربعة منهم
وقرر الجميع أنهم قابلون للحكم الذي يصدر من هذا القومسيون مهما كان وأنهم مستعدون لتنفيذه بكل الطرق، وأن قومسيون التحكيم المذكور أصدر حكمه بثبوت حصول القتل من قبيلة الجبيهات وبإلزام الموقعين عليه من أفراد هذه القبيلة بأن يدفعوا إلي الموقعين عليه من أفراد قبيلتي السنافرة والقطعان مبلغ أربعمائة جنيه دية عن كل واحد من القتيلين بمجرد إتمام حلف أولياء دم كل قتيل خمسة وخمسين يمينا بأن القتل حصل من قبيلة الجبيهات
ووقع علي هذا الحكم بعض أفراد هذه القبائل فإن هذا الحكم يرتب علي الموقعين عليه من أفراد قبيلة الجبيهات تعهدا بدفع مبلغ ثمانمائة جنيه للموقعين عليه من قبيلتي السنافرة والقطعان معلقا علي شرط حلف عدد معلوم من الإيمان
وهذا الشرط الذي قبل الطرفان تعليق تنفيذ التعهد علي تحققه ليس مخالفا للقانون بل له أصله في القسامة في مسائل الدية في الشريعة الإسلامية فهو إذا مستوف كل العناصر القانونية الواجب توافرها في التعهدات وسببه وهو حصول المتعهدين علي الصلح بينهم هم وباقي أفراد قبيلتهم وبين المتعهد لهم وباقي أفراد القبلتين الأخريين بخصوص حادثة القتل هو سبب صحيح جائز قانونا، فالحكم الذي لا يعتبر هذا تعهدا ملزما يكون مخالفا للقانون
(الطعن رقم 47 لسنة 11 ق جلسة 18/5/1944)
وبأنه مؤدي النص في المادة 136 من القانون المدني أن مناط التحلل من الالتزام ألا يكون له سبب أي أن يكون السبب معدوما أو أن يكون سببه مخالفا للنظام العام أو الآداب أي غير مشروع
(الطعن رقم 69 لسنة 68 ق جلسة 17/12/1998)
وبأنه لما كانت المادة 551 من القانون المدني لا تجيز الصلح في المسائل المتعلقة بالحالة الشخصية فإن التنازل عنه طلب الحجر يكون عديم الأثر قانونا ومن ثم فإذا كانت محكمة الموضوع قد استخلصت بأدلة سائغة في حدود سلطتها الموضوعية أن عقد البيع قد انعقد مقابل التنازل عن دعوى حجر وإن ثمنا لم يدفع فإنها تكون قد تحققت من صورية السبب الوارد في العقد والحكم المطعون فيه إذ انتهي إلي بطلان عقد البيع لا يكون قد خالف القانون
(الطعن رقم 86 لسنة 26 ق جلسة 27/12/1962)
وبأنه السبب غير المشروع الذي من شأنه أن يبطل العقد وفقا لحكم المادة 136 من القانون المدني يجب أن يكون معلوما للمتعامل الآخر فإذا لم يكن علي علم به أو ليس في استطاعته أن يعلمه فلا يعتد بعدم المشروعية
(الطعن رقم 626 لسنة 46 ق جلسة 29/11/1979)
وبأنه مفاد توقيع السند التزم موقعه بدفع قيمته ولو لم يذكر فيه سبب المديونية ويقع عبء إثبات انعدام السبب علي من يدعيه ويكون ذلك بالكتابة ما لم يدع المتعاقد بوقوع احتيال علي القانون أدى إلي نشوء هذا الالتزام
(الطعن رقم 366 لسنة 58 ق جلسة 30/1/1991)
سلطة المحكمة في تقدير الأدلة
لمحكمة الموضوع السلطة التقديرية في تقدير الأدلة
قضت محكمة النقض بأن
إذا كان السند الأدنى الذي بني عليه الحكم قضاءه بإلزام المدين بأن يدفع إلي الدائن قيمته قد جاء به أن القيمة وصلت المدين فإنه يكون صريحا في أن لالتزام المدين سبب علي أن مجرد عدم ذكر السبب لا يبطل السند إذ التزم المدين قرينة قانونية علي توافر السبب المشروع
وللمدين نفي هذه القرينة بإقامة الدليل العكسي كما هو شأنه إذا ادعى أن السبب المدون في سند الالتزام أريد التستر به علي سبب غير مشروع ولمحكمة الموضوع في الحالتين مطلق السلطة في تقدير الأدلة التي يتذرع بها المدين
فإذا ادعى أن سبب السند الذي التزم بوفاء قيمته هو سبب غير مشروع لأنه كان لقاء امتناع الدائن عن مزاحمته في مزاد وطلب إحالة الدعوى إلي التحقيق لإثبات ذلك فرفضت المحكمة طلبه لما اقتنعت به من بطلان هذا الادعاء من الأدلة التي استندت إليها فلا مخالفة للقانون فيما فعلت إذ هي غير ملزمة بإحالة الدعوى علي التحقيق لسماع بينة عن وقائع استيقنت من العناصر القائمة في الدعوى عدم صحتها
(الطعن رقم 139 لسنة 18 ق جلسة 6/4/1950)
وبأنه لا يقدح في الحكم أنه قد أجاز إثبات الصورية بين المتعاقدين بغير الكتابة مادام أن إخفاء الرهن وراء بيع الوفاء هو غش وتحايل علي القانون للتوصل إلي تملك الأطيان بغير اتخاذ الإجراءات التنفيذية وبثمن بخس، والصورية التي يكون هذا هو الغرض منها، جائزا إثباتها بين المتعاقدين بطرق الإثبات كافة بما فيها البينة والقرائن
(نقض 25/5/1944 ج 2 في 25 سنة ص 761)
افتراض السبب المشروع
نصت المادة 137 من القانون المدني على أن
كل التزام لم يذكر له سبب في العقد يفترض أنه له سببا مشروعا ما لم يقم الدليل علي غير ذلك ويعتبر السبب المذكور في العقد هو السبب الحقيقي حتى يقوم الدليل علي ما يخالف ذلك، فإذا قام الدليل علي صورية السبب فعلي من يدعى أن للالتزام سببا آخر مشروعا أن يثبت ما يدعيه
إثبات سـبب العقد
وظاهر من مطالعة نص المادة السابقة ومقارنته بما جاء في المذكرة الإيضاحية أن هذه المادة تتناول إثبات سبب العقد ، لأنها تتكلم في مشروعية السبب والمشروعية أو عدم المشروعية لا تثار إلا بالنسبة لسبب العقد علي حين أن المذكرة الإيضاحية تتكلم كذلك في إثبات سبب الالتزام لأنها تتحدث عن عبء إثبات عدم وجود السبب وشرط الوجود كما هو معروف خاص بسبب الالتزام ، وأن أردنا الحقيقة فالمادة 137 بصياغتها الحالية أكثر ملائمة لسبب الالتزام لأن سبب الالتزام هو الذي قد يذكر وقد لا يذكر في العقد، علي حين أن سبب العقد أي الباعث الدافع إلي التعاقد قلما أن يشار إليه في العقد
وفي اطار بحث موضوع السبب سنتناول
- أولا: إثبات سبب العقد
- ثانيا: إثبات سبب الالتزام
مع ملاحظة أن كلمة العقد الواردة في المادة 137 يقصد بها المحرر الكتابي المثبت للمتعاقد لا التعاقد ذاته أي لا العملية القانونية ذاتها .
وقد قضت محكمة النقض بأن
النص في الفقرة الأولي من المادة 137 من القانون المدني علي أن كل التزام لم يذكر له سبب في العقد يفترض أن له سببا مشروعا ما لم يقم الدليل علي غير ذلك وفي الفقرة الثانية علي أن يعتبر السبب المذكور في العقد هو السبب الحقيقي حتى يقوم الدليل علي ما يخالف ذلك فإذا قام الدليل علي صورية السبب فعلي من يدعي أن للالتزام سببا آخر مشروعا أن يثبت ما يدعيه
مؤداه أن ثمة فرضين
الأول أن يكون السبب غير مذكور في العقد
وفي هذا الفرض وضع المشرع قرينة قانونية يفترض بمقتضاها أن للعقد سببا مشروعا ولو لم يذكر هذا السبب، علي أن القرينة قابلة لإثبات العكس فإذا ادعى المدين أن للعقد سببا غير مشروع يقع علي عاتقه عبء إثبات ذلك، فإن أثبت ذلك فعليه أيضا أن يثبت علم الدائن بهذا السبب،
والفرض الثاني أن يذكر السبب في العقد
وفي هذا الفرض أيضا ثمة قرينة قانونية علي أن السبب المذكور في العقد هو السبب الحقيقي وهذه القرينة أيضا قابلة لإثبات العكس، ويكون علي المدين إما أن يقتصر علي إثبات الصورية وفي هذه الحالة ينتقل عبء إثبات السبب الحقيقي ومشروعيته إلي الدائن، وإما أن يثبت رأسا أن السبب الحقيقي للعقد غير مشروع، فثمة فارقا بين الفرضين المذكورين
(الطعن رقم 504 لسنة 46 ق جلسة 14/11/1982)
وبأنه مؤدي نص المادتين 136، 137 من القانون المدني أن المشرع قد وضع بهما قرينة قانونية يفترض بمقتضاها أن للعقد سببا مشروعا ولو لم يذكر هذا السبب فإن ذكر في العقد فإنه يعتبر السبب الحقيقي الذي قبل المدين أن يلتزم من أجله، وأن ادعى المدين صورية السبب المذكور في العقد كان عليه أن يقدم الدليل القانوني علي هذه الصورية ومن ثم ينتقل عبء إثبات أن للعقد سببا آخر مشروعا علي عاتق المتمسك به
(الطعن رقم 86 لسنة 26 ق جلسة 27/12/1962)
السبب غير مذكور في العقد
- السبب غير مذكور في العقد وهو الفرض الوارد في المادة 137/1 وقد كان المنطق القانوني يقضي بأن الدائن وهو المكلف بإثبات الدين ، هو الذي يثبت السبب لأن الدين لا يقوم بدونه ولكن النص وضع قرينة قانونية يفترض بمقتضاها أن للعقد سببا مشروعا ولو لم يذكر هذا السبب علي أن القرينة قابلة لإثبات العكس
- فإذا ادعى أن للعقد سبب غير مشروع سمع منه ذلك وكلف هو بإثباته، وله الإثبات بجميع الطرق بما في ذلك البينة والقرائن ويلاحظ أنه إذ ادعى المدين أن للعقد سببا غير مشروع، أثبت ذلك فعلية أيضا أن يثبت علم الدائن بهذا السبب، وله إثبات هذا العلم بجميع طرق الإثبات لأنه واقعة مادية .
وقد قضت محكمة النقض بأن
يترتب على عدم ذكر سبب الالتزام في العقد افتراض مشروعية سبب العقد ويقع عبء إثبات الادعاء بانعدام السبب علي مدعيه علي أن يكون الإثبات بالكتابة طالما لم يدع المتعاقد بوقوع احتيال علي القانون
(الطعن رقم 2914 لسنة 63 ق جلسة 19/12/2000)
وبأنه “مؤدي نص المادتين 136و 137 من القانون المدني أن المشرع قد وضع بهما قرينة قانونية يفترض بمقتضاها أن للعقد سببا مشروعا، ولو لم يذكر هذا السبب فإن ذكر في العقد فإنه يعتبر السبب الحقيقي الذي قبل المدين أن يلتزم من أجله، وأن ادعى المدين صورية السبب المذكور في العقد، كان عليه أن يقيم الدليل علي هذه الصورية
(نقض 28/4/1970 س 21 ص 716 ، طعن 44 س 41 ق نقض 25/11/1975 ، طعن 86 س 26 ق نقض 27/2/1962)
وبأنه عدم ذكر سبب الالتزام في العقد لا يؤدي إلي بطلانه
(الطعن رقم 636 لسنة 49 ق جلسة 9/4/1983)
وبأنه إذا اتفق الورثة في ورقة وصفوها بأنها شروط قسمة علي أن يختص زيد منهم بمقدار كذا من أطيان التركة ثم يوزع باقي التركة علي الورثة جميعا، وهو منهم، بالفريضة الشرعية ثم تنازعوا في هذا وطلب زيد الحكم له بصحة العقد المذكور ونفاذه
فرأت المحكمة أن هذا الاتفاق لم يكن ملحوظا فيه تقسيم التركة بين الورثة علي أساس توزيع الانصباء بالزيادة والنقصان تبعا لجودة الأرض وصعقها وغير ذلك من العوامل التي تراعي عادة عند القسمة فاعتبرت الورقة مجرد التزام، فلا يجوز لزيد التحدي في هذا المقام بالمادة 451 مدني
إذ هذه المادة إنما تبين كيفية إجراء القسمة التي من شأنها إنهاء حالة الشيوع، أما الاتفاق علي إعطاء أحد الورثة جزءا من التركة فوق نصيبه الشرعي فلا دخل له في كيفية القسمة وإذا كانت المحكمة بعد أن انحصر النزاع أمامها في تعرف سبب الالتزام قد أحالت الدعوى إلي التحقيق ليثبت من عليه الالتزام ما ادعاء من أن هذا الالتزام ليس له سبب مشروع فهذا منها سليم ولا غبار عليها فيه
إذ هي جرت في ذلك علي وفق المادة 94 من القانون المدني التي توجب لصحة الالتزام أن يكون مبينا علي سبب مشروع فإن لم يكن السبب مذكورا في العقد وادعى المدين أن التزامه ليس له من سبب أو أن سببه غير مشروع كان عليه عبء إثبات ما يدعيه من ذلك،
ثم إذا انتهيت المحكمة إلي القضاء ببطلان الالتزام لعدم وجود سبب له بناء علي ما ثبت لديها من التحقيق وما استظهرته من الأدلة التي ذكرتها في حكمها والتي من شأنها أن تؤدي غلي ما رتبته عليها فلا معقب علي قضائها
(الطعن رقم 125 لسنة 13ق جلسة 11/1/1945)
وبأنه إنه بناء علي المادة 94 من القانون المدني القديم يجب في كل تعهد أن يكون له سبب مشروع فإذا دفع المدعى عليه ببطلان السند المطالب بقيمته لصدوره من المورث وهو في حالة عته ، ولعدم وجود سبب للدين الوارد به ، وقصرت المحكمة بحثها علي مسألة العته وانتهت إلي التقرير بأن المورث كان وقت تحريره السند سليم العقل مدركا لنتائج تصرفاته
ثم قضت بإلزام الورثة بدفع قيمته فإن حكمها يكون مشوبا بالقصور لعدم تعرضه للدفع بعدم وجود السبب خصوصا إذا كان من تمسك به يستند في تأييد مدعاة إلي أوراق قدمها والمدعى نفسه يقرر أن السبب المذكور في السند لم يكن حقيقيا وإنما حرر بما كان باقيا له في ذمة مورث المدعي عليه من حساب الوصاية
(الطعن رقم 60 لسنة 11ق جلسة 28/5/1942)
وبأنه مجرد توقيع مصدر السند عليه يفيد التزامه بدفع قيمته ولو لم يذكر قيه سبب المديونية ذلك أن كل التزام لم يذكر له سبب في العقد يفترض أن له سببا مشروعا ما لم يقم الدليل علي غير ذلك ويقع عبء الإثبات علي من يدعى انعدام السبب
(نقض 8/4/1954 ج 2 في 25 سنة ص 837)
وبأنه لا يلزم أن يكون الغرض من التعاقد واردا في العقد بل للمحكمة أن تستخلصه من وقائع الدعوى وما تعارف عليه الناس
(نقض 24/12/1953 ج 2 في 25 سنة ص 837)
السبب مذكورا في العقد
- السبب مذكور في العقد وهو الفرض الوارد في المادة 137/2 وقد وضع النص هنا أيضا قرينة قانونية علي أن السبب المذكور في العقد هو السبب الحقيقي الذي رضي المدين أن يلتزم من أجله والقرينة قابلة لإثبات العكس، فإذا ادعى المدين أن السبب المذكور في العقد ليس هو السبب الحقيقي
- بل هو سبب صوري تستر سببا غير مشروع فله أن يتخذ أحد موفقين: إما أن يقتصر علي إثبات الصورية، وفي هذه الحالة ينتقل عبء إثبات السبب الحقيقي ومشروعيته إلي الدائن
- وإما أن يثبت رأسا أن السبب الحقيقي للعقد غير مشروع فإذا أراد أن يثبت صورية السبب وكانت قيمة التزامه تزيد علي مائتين جنيها وجب أن يثبت ذلك بالكتابة أو بما يقوم مقامها ويكون الأمر كذلك أيضا حتى لو لم تزد قيمة الالتزام عن مائتين جنيه إذا كان السبب الصوري مكتوبا لأنه لا يجوز إثبات عكس المكتوب إلا بالكتابة .
وقد قضت محكمة النقض بأن
نصت المادة 137 من القانون المدني علي أن كل التزام لم يذكر له سبب في العقد يفترض أن له سببا مشروعا، ما لم يقم الدليل علي غير ذلك ويعتبر السبب المذكور في العقد هو السبب الحقيقي حتى يقوم الدليل علي ما يخالف ذلك فإذا قام الدليل علي صورية السبب فعلي من يدعى أن للالتزام سببا آخر مشروعا أن يثبت ما يدعيه ومؤدي ذلك أن القانون وضع قرينة قانونية يفترض بمقتضاها أن للعقد سببا مشروعا ولو لم يذكر هذا السبب
فإن ذكر في العقد فإنه يعتبر السبب الحقيقي الذي قبل المدين أن يلتزم من أجله فإذا ادعى المدين عدم مشروعية السبب، فإن عبء إثبات ذلك يقع علي عاتقه، أما إذا كان دفاعه مقصورا علي أن السبب المذكور بالعقد هو سبب صوري فعليه أن يقدم للمحكمة الدليل القانوني علي هذه الصورية
وبذلك ينتقل عبء إثبات أن للعقد سببا آخر مشروعا إلي عاتق المتمسك به. وإذن فمتى كان الطاعنان لم يقدما الدليل علي صورية السبب المدون في السندات موضوع الدعوى
وكانت المحكمة قد رأت في حدود سلطتها الموضوعية أن القرائن التي ساقها الطاعنان ليستدلا بها علي عدم مشروعية سبب الدين غير جدية وغير كافية لإضعاف الدليل الذي قدمه المطعون عليه وهو إثبات قرضه بسندات إذنية ثابت بها أن قيمتها دفعت للمفلس أو لضامنه وأن هذه القرائن لا تبرر إجابة الطاعنين إلي طلب إحالة الدعوى علي التحقيق فإنها لا تكون قد خالفت مقتضي المادة 137 من القانون المدني
(الطعن رقم 406 لسنة 21 ق جلسة 2/4/1953)
وبأنه مؤدي نص المادة 137/2 من القانون المدني أنه إذا ذكر في السند سبب الالتزام فإنه يعتبر السبب الحقيقي الذي قبل المدين أن يلتزم من أجله غير أن هذا لا يمنع المدين من أن يثبت بجميع الطرق أن السبب الحقيقي للالتزام غير مشروع
(الطعن رقم 681 لسنة 41 ق جلسة 8/6/1976)
وبأنه ذكر سبب الالتزام في العقد لا يمنع المدين من إثبات أن هذا السبب غير حقيقي وأن الالتزام في الواقع معدوم السبب ولئن كان هذا الادعاء لا يجوز إثباته بغير الكتابة إذا كان الالتزام مدينا لأنه ادعاء بما خالف ما اشتمل عليه دليل كتابي إلا أن إثباته يكون جائزا بطرق الإثبات كافة إذا كان الالتزام تجاريا علي ما جرى عليه قضاء محكمة النقض من جواز إثبات ما يخالف ما اشتمل عليه دليل كتابي بغير الكتابة في المواد التجارية ومن ثم فإذا صح ما تمسك به الطاعن (المدين) من أن التزامه تجاري فإن الحكم المطعون فيه
إذ أقام قضاءه برفض طلب الطاعن تمكينه من إثباته انعدام سبب التزامه بغير الكتابة علي أن سبب الدين قد ذكر صراحة في السند وأن هذا يعتبر إقرارا من المدين بوجود ذلك السبب وبصحته يكون قد خالف القانون لما ينطوي عليه من مصادرة لحق الطاعن في نقض ما هو مذكور في السند بطرق الإثبات كافة كما أن إغفاله بحث دفاع الطاعن المتضمن أن الالتزام تجاري قد أعجز محكمة النقض عن التحقق من صحة تطبيقه للقانون
(الطعن رقم 243 لسنة 32 ق جلسة 27/10/1966)
وبأنه مفاد المادة 137/2 من القانون المدني أن ذكر سبب الالتزام في العقد لا يمنع المدين من إثبات أن هذا السبب غير حقيقي وأن الالتزام في الواقع معدوم السبب والادعاء بانعدام السبب لا يجوز للمدين إثباته بغير الكتابة إذا كان الالتزام مدينا لأنه إدعاء بما يخالف ما اشتمل عليه دليل كتابي، طالما لم يدع المتعاقد بوقوع احتيال علي القانون بقصد مخالفة قاعدة آمرة من قواعد النظام العام وذلك عملا بما تقضي به المادة 61/1 من قانون الإثبات وتقابلها المادة 401/1 من القانون المدني الملغاة
(نقض 21/12/1976 س 27 ص 1801)
وبأنه إذا كان سبب الالتزام ثابتا بالكتابة فإنه لا يجوز للمتعاقدين إثبات صوريته إلا بالكتابة، إلا أن المشرع قد أجاز الإثبات بالبينة فيما كان يجب إثباته بالكتابة إذا وجد مبدأ ثبوت بالكتابة، ومتى تعزز هذا المبدأ بالبينة والقرائن، فإنه يقوم مقام الدليل الكتابي الكامل في الإثبات
(نقض 5/5/1966 س 17 ص 1035)
وبأنه ذكر سبب الالتزام في العقد لا يمنع المدين من إثبات أن هذا السبب غير حقيقي وأن الالتزام في الواقع معدوم السبب، ولئن كان هذا الادعاء لا يجوز إثباته بغير الكتابة إذا كان الالتزام مدينا لأنه إدعاء بما يخالف ما اشتمل عليه دليل كتابي
إلا أن إثباته يكون جائزا بطرق الإثبات كافة إذ كان الالتزام تجاريا علي ما جرى عليه قضاء محكمة النقض من جواز إثبات ما يخالف ما اشتمل عليه دليل كتابي بغير الكتابة في المواد التجارية
ومن ثم فإذا صح ما تمسك به الطاعن (المدين) من أن التزامه تجاري، فإن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه برفض طلب الطاعن تمكينه من إثبات انعدام سبب التزامه بغير الكتابة علي أن سبب الدين قد ذكر صراحة في السند وأن هذا يعتبر إقرارا من المدين بوجود ذلك السبب وبصحته
ويكون قد خالف القانون لما ينطوي عليه من مصادرة لحق الطاعن في نقض ما هو مذكور في السند بطرق الإثبات كافة كما أن إغفاله بحث دفاع الطاعن المتضمن أن الالتزام تجاري قد أعجز محكمة النقض عن التحقق من صحة تطبيقه للقانون
(نقض 27/10/1966 س17 ص1592 ، نقض 31/5/1962 س13 ص754، نقض 16/5/1957 س8 ص749)
وبأنه عقد القرض يجوز إثبات صورية سببه بالأوراق الصادرة من التمسك به فإذا كانت سندات الدين مذكورا فيها أن قيمتها دفعت نقدا ثم اتضح من الرسائل الصادرة من مدعية الدين إلي مدينها في مناسبات وظروف مختلفة بل وقبل تواريخ السندات وبعدها إنها كانت تستجدي المدين وتشكر له إحسانه عليها وتبرعه لها، فهذه الرسائل يجوز اعتبارها دليلا كتابيا كافيا في نفي وجود قرض حقيقي
(مجموعة القواعد القانونية في 25 عام بند 41 ص837 جلسة 3/11/1932)
يكفي توافر السبب لصحة العقد ولو تخلف بعد ذلك
قضت محكمة النقض بأن
السبب ركن من أركان العقد فينظر في توفره وعدم توفره إلي وقت انعقاد العقد فإن انعقد صحيحا بتوفر سببه فإنه لا يمكن أن يقال بعد ذلك بتخلف هذا السبب بعد وجوده فإذا كانت الخطبة هي السبب في هذا النوع من الهبات – الشبكة – وذلك باعتبارها الباعث الدافع للتبرع فإن فسخها لا يمكن أن يؤدي إلي انعدام هذا السبب بعد أن تحق
(الطعن رقم 302 لسنة 28 ق جلسة 24/10/1963)
يجوز التصرف الذي انعدم سببه بعد تصحيحه
قضت محكمة النقض بأن
إذا كان الدائن قد اتخذ من خطاب صادر إليه من المدين دليلا علي أجازة المدين لإقرار الدين وتصحيحه من شائبة البطلان النسبي الناشئ عن التدليس وانعدام السبب وكان الحكم قد انتهي إلي أن سبب هذا الإقرار قد انعدم وكان في ذاته سببا غير مشروع لأنه وليد الغش والتدليس فإن سكوت الحكم عن تناول هذا الدليل بالرد رغم اتصاله بجوهر النزاع يعتبر قصورا موجبا لنقضه