الراشي والوسيط والمرتشي في الرشوة

عقوبة إجرام الراشي، الوسيط، المرتشي

تعرف علي عقوبة اجرام كل من الراشي و الوسيط و المرتشي المستفيد، فى قانون العقوبات المصرى، مع أركان جريمة كل منهم في الرشوة، ودوره ومتى يتم الاعفاء من العقوبة ولمن.

عقوبة الراشي والمرتشي والوسيط

تناول المشرع إجرام الراشي فى المادة 107 مكرر عقوبات والتى نصت على

يكون من قبيل الوعد أو العطية كل فائدة يحصل عليها المرتشي أو الشخص الذي عينه لذلك أو علم به ووافق عليه أياً كان اسمها أو نوعها وسواء أكانت هذه الفائدة مادية أو غير مادية .

ونصت المادة 107 مكرراً على أنه :

يعاقب الراشي والوسيط بالعقوبة المقررة للمرتشي ومع ذلك يعفي الراشي أو الوسيط من العقوبة إذا أخبر السلطات بالجريمة أو اعترف بها .

وفيها قرر المشرع عقاب الراشى بالعقوبة المقررة للمرتشى لكنه لم يحدد أفعاله على أساس أنها تستفاد بالضرورة من أفعال المرتشي .

وقيام جريمة الرشوة فى جانب الموظف شرط مبدئى للبحث من بعده عن إجرام الراشى لأن جريمة الرشوة إنما بفعل الموظف بقبوله عرض الراشى أو باستجابة الراشى لطلب الموظف للوعد أو العطية .

وتناول المشرع أيضا إجرام الراشي فى المادة 109 م عقوبات والتى نصت على

” من عرض رشوة ولم تقبل منه يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تزيد على ألف جنيه وذلك إذا كان العرض حاصلاً لغير موظف عام تكون العقوبة الحبس لمدة لا تزيد على سنتين أو غرامة لا تجاوز مائتي جنيه ” .

والمادة 109 مكرراً ثانيا التى نصت على

مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد يقضي بها قانون العقوبات أو أي قانون أخر يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن مائتي جنيه ولا تزيد على خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من عرض أو قبل الوساطة فى رشوة ولم يتعد عمله العرض أو القبول.

فإذا وقع ذلك من موظف عمومي فيعاقب الجاني بالعقوبة المنصوص عليها فى المادة 104.

وإذا كان ذلك بقصد الوساطة لدي موظف عمومي يعاقب بالعقوبة المنصوص عليها فى المادة 105 مكرراً ” .

وفيها جرم العرض الخائب من جانب الراشي فلا تقوم فيها الجريمة فى جانب  الموظف   وإنما تقوم فى جانب الراشى إذا عرض الرشوة على الموظف فلم يستجيب له .

إجرام الراشي

حالات إجرام الراشي

اولا: الراشى فاعلاً فى جريمة الرشوة

لا يشترط القانون فى الراشى باعتباره فاعلاً أخر مع الموظف المرتشى أية صفة خاصة ولا يلزم أن يكون الراشى هو صاحب المصلحة فى العمل الذى يطلبه من الموظف فقد يكون العمل لمصلحة غيره .

وقد سبق ووضحنا أن الرشوة جريمة واحدة وهى جريمة الموظف العام ، إذ لولا وجوده ما كان لجريمة الرشوة أصلا وجود ، أما الراشى فلا يمكن اعتباره فاعلاً رئيسيا فى جريمة الرشوة لأن الاتجار بالوظيفة لا يقع منه بل يعتبر مجرد فاعل أخر لقيام جريمة الرشوة .

وعلى هذا الأساس فالراشى لا يصبح فاعلاً أخر فى جريمة الرشوة إلا إذا تحققت الوقائع المادية للرشوة أصلا من جانب الموظف العام وساهم فيها الراشى بفعل مادى هو الاعطاء أو الوعد وتوفر لديه القصد الجنائى على النحو التالى :

1- أن يتحقق واقعة الرشوة

وهو وقوع الجريمة من الموظف العام أو من فى حكمه والمتمثل فى الأخذ أو القبول أو الوعد لقاء القيام أو الامتناع بالعمل ، وهذا الشرط مبدئى لا يتحقق إجرام الراشى مطلقاً إلا إذا تحقق .

ويتحقق هذا الشرط بحصول تلك الوقائع بصرف النظر عن قيام أو عدم قيام  مسئولية الموظف  المرتشى فقد لا يعاقب الموظف لانتفاء القصد الجنائى ولا يؤثر ذلك على توافر الشرط المبدئى وهو تحقيق واقعة الرشوة .

لكن هذا الشرط لا يتحقق وبالتالى يتوقف البحث عن إجرام الراشى إذا لم يكن من قدمت إليه الرشوة موظفا ولم يقم بأعباء الوظيفة فعلا أو لم يكن غرض الرشوة أو مقابلها عمل وظيفى ، وكذلك إذا كان موظفا لكنه لم يكن مختصا بالعمل ولا معتقداً بأنه مختص ولم يزعم هذا الاختصاص

نقض 6/3/1961
2- مساهمة الراشى بالإعطاء أو الوعد

فيلزم أن يكون الراشى تقابل مع المرتشى وهذا التقابل يتحقق بفعل ” الإعطاء ” من الراشى ويقابله ” الأخذ ” من الموظف المرتشى أو بوعد من الراشى يقابله قبول من الموظف .

ثالثا : الركن المعنوى

يلزم أخيرا المسائلة الراشى أن يتوافر لديه  القصد الجنائى  فيلزم أن تتجح إرادة الراشى إلى فعل الإعطاء أو الوعد بالإعطاء وهو عالم بكافة عناصر الجريمة وهذا هو القصد العام .

لكن يلزم أن يتوافر كذلك بالنسبة للراشى قصد خاص وهو اتجاه نيته إلى شراء ذمة الموظف ، وعلى هذا الأساس ينتفى القصد الجنائى إذا كان الراشى يعتقد أنه يتجه بعطائه أو وعده إلى غير موظف عام أو إلى موظف عام غير مختص لتحفيزه على التدخل لمصلحته لدى الموظف المختص .

وقضت محكمة بأنه :

يجب فى جريمة الرشوة أن يكون العمل الذى قدم إلى الموظف لأدائه أو للامتناع عنه داخلا فى اختصاص وظيفته هو فإن لم يكن فى اختصاصه وكان الغرض هو مجرد سعيه لدى موظف أخر لا شأن له بالعمل فلا قيام لجريمة عرض الرشوة

ثانيا : جريمة العرض الخائب للرشوة

العرض الخائب للرشوة هو العرض الغير مستجاب من جانب الموظف ورد تجريمه بالمادة 109 م عقوبات .

والواقع لولا نص هذه المادة لأفلت الراشى من العقاب ، لأن مثل هذا العرض لا يشكل فى ذاته شروعاً فى رشوة لأن جريمة الرشوة كما ذكرنا جريمة موظف عام ولا يمكن أن يتحقق البدء فى تنفيذها إلا من جانبه ، وعرض الرشوة يقدم للموظف لا من الموظف

راجع د/ محمود نجيب حسنى – المرجع السابق ص 91
أركان جريمة عرض الرشوة

وهى ثلاثة الأولى صفة المعروض عليه والثانية الركن المادى وهو العرض والثالثة هى الركن المعنوى ، ولا تختلف جريمة عرض الرشوة عن الرشوة إلا فى عدم قبول العرض .

أولا : صفة المعروض عليه

يشترط أن يكون العرض مقدماً إلى موظف عام أو من فى حكمه كما حددناه فى الباب الأول من هذا الكتاب .

وذهب بعض الفقهاء إلى أنه لا يلزم أن يكون الموظف مختصاً طالماً أننا فى محاولة خائبة لشراء ذمة موظف

راجع د/ على راشد – المرجع السابق ص 77

ويرى البعض الأخر بأنه يلزم أن يكون الموظف مختصاً ولكن لا يكفى أن يزعم الاختصاص أو يعتقده بالفعل ، لكن الراجح فى الفقه والقضاء هو لزوم شرط الاختصاص سواء أكان حقيقيا أو متوهما أو مزعوماً .

د/ محمود نجيب حسنى – المرجع السابق – ص 94
ثانيا : الركن المادى ” العرض “

لا يختلف الركن المادى لجريمة عرض الرشوة عن جريمة الرشوة التامة إلا فى أمر واحد هو عدم قبول الموظف أو من فى حكمه للعرض لكن ما معنى عدم القبول فى هذه الجريمة ؟

يرى البعض أن عدم القبول هو جوهر هذه الجريمة لأنه العنصر الوحيد الذى يفرقها عن جناية الرشوة التامة ، ولا يتحقق عدم القبول إلا برفض الموظف أخذ الرشوة ويأخذ القبول الظاهر ، الذى يمكن السلطات من القبض على الراشى ، فالعرض وحده ولو اتصل به علم الموظف لا تتحقق به الجريمة وبالتالى لا تقع الجريمة ولو فى صورة شروع إذا سحب العارض عرضه قبل حصول رفض الموظف.

د/ أحمد فتحى سرور- المرجع السابق ” ص 107

لكن يرى أخرون أنه لابد من بسط الحماية الجنائية لسمعة الوظيفة العامة فاعتبروا عدم القبول هو العرض الذى بقى دون نتيجة وذلك معناه أنه لا يتحقق فقط من مجرد رفض العرض وإنماينصرف إلى عدم اتخاذ موقف حاسم يكشف عن إرادة الموظف كتجاهل العرض وعلى هذا الأساس تقع الجريمة بمجرد العرض ولا أثر لعدول العارض عن عرضه .

ثالثا : الركن المعنوى ” القصد الجنائى “

العرض الغير مستجاب جريمة عمدية يتخذ ركنها المعنوى صورة القصد وهذا يتطلب أن تتوافر لدى العارض إرادة العرض كما تتطلب أن يتوافر لديه العلم بأن من يعرض عليه الرشوة موظف عام ، ولا يشترط لتوافر القصد أن يصرح المتهم للموظف بقصده من عرضه بل يكفى أن تدل على ذلك ظروف الحال واستظهار القصد على أى حال من سلطات قاضى الموضوع.

د/ محمد زكى أبو عامر ” المرجع السابق ” ص 113

عقوبة الراشى

أولاً : عقوبة الراشى باعتباره فاعلا فى جريمة الرشوة .

قررت المادة 107 م عقوبات عقاب الراشى والوسيط بذات عقوبة المرتشى وهى العقوبات الأصلية وسائر العقوبات التكميلية بنفس الحدود والشروط التى عرضناها بالنسبة للمرتشى ، فنحيل إلى ما عرضناه هناك .

ثانيا : عقوبة الراشى فى حالة العرض الخائب

عقوبة الراشى فى هذه الحالة هى السجن والغرامة التى لا تقل عن خمسمائة جنيها ولا تزيد على ألف جنيها بالإضافة إلى العقوبات التكميلية كمصادرة والحرمان من الحقوق والعزل ( م 25 عقوبات ) ولم يحظر المشرع على القضاء استعمال الرأفة المخولة لهم بمقتضى المادة 17 عقوبات ، وبالتالى يجوز أن ينزل القاضى بالعقوبة إلى الحبس الذى لا يقل عن ثلاثة شهور .

الإعفاء من العقاب :

قضت المادة 107 م عقوبات بأنه :

ومع ذلك يعفى الراشى أو الوسيط من العقوبة إذا أخبر السلطات بالجريمة أو اعترف بها .

إجرام الوسيط

تعريف الوسيط

هو الشخص الذى يتدخل بالوساطة بين الراشى والمرتشى لعرض الرشوة أو لطلبها أو لأخذها ، ومهمة السفارة بين هذا ذاك لينقل للأخر عن لسانه رغبة صاحبه وشروطه ، رفعا للحرج أو خوفاً من الضبط وهو بذلك يعتبر سمسار فى مجال الجرائم يذلل عقباتها.

د/ محمد زكى أبو عامر ” المرجع السابق ” ص 117
ونصت المادة 109 م عقوبات فى فقرتها الثانية أنه

وإذا كان ذلك بقصد الوساطة لدي موظف عمومي يعاقب بالعقوبة المنصوص عليها فى المادة 105 مكرراً ” ويتخذ إجرام الوسيط حالتين الأولى هى الوساطة فى عرض الرشوة والثانية هى عرض الوساطة فى الرشوة .

الوساطة فى عرض الرشوة

الوسيط كما ذكرنا هو الذى يقوم بالسفارة باسم المرتشى أو الراشى فى جريمة الرشوة التامة ، فهو بذلك شريك فى رشوة بالاتفاق والمساعدة وهو كذلك حتى ولو كان وسيط للراشى ويعاقب بالتالى بالعقوبة المقررة للرشوة وفق ما تقضى به القواعد العامة وهو ما أكده المشرع فى المادة 107 مكرر عقوبات على عقابه بالعقوبة المقررة على المرتشى لكن يشترط أن تقع الجريمة بالفعل سواء تناول عن وساطته أجراً أم مجانية .

وجدير بالذكر أن الوسيط فى هذه الحالة توقع عليه نفس العقوبة المقررة للراشى ويستفيد بالإعفاء من العقاب إذا أخبر السلطات بالجريمة أو اعترف بها.

 نقض 29/5/1961 أحكام النقض س 12 ق 12 ص 628 .

أما إذا لم يستجب الموظف للعرض الذى قدمه الراشى ولم تقع الجريمة فإنه يعتبر شريكا فى جناية العرض الخائب للرشوة فيعاقب وفق ما تقضى به القواعد العامة بنفس العقوبات المقررة لجناية عرض الرشوة ( مادة 109 عقوبات ) ويلزم بالتالى أن يكون الوسيط لحساب الراشى وليس المرتشى .

عرض أو قبول الوساطة فى الرشوة

حرم المشرع عرض أو قبول الوساطة فى الرشوة بالقانون 112 لسنة 1957 على أساس أن النصوص السابقة فى تجريم الوساطة لم تكن إلا تأكيداً للقواعد العامة فى المساهمة الجنائية .

وشرط انطباقها أن تكون الجريمة قد وقعت بالفعل وبالتالى لم يكن ثمة عقاب على عرض الوساطة مجردا ولا على قبولها فى حد ذاته .

والركن المادى لهذه الجريمة فيكون من عرض الوساطة أو قبولها دون أن يتعدى عمل الوسيط العرض أو القبول بصريح النص وقبول الوساطة هو كالعرض تماماً غاية الأمر أنه مسبوق بطلب من جانب ذى المصلحة .

وشرط قيام هذه الجريمة هو تحقيق فعل عرض الوساطة أو قبولها دون أن تقع جريمة الرشوة أو عرض الرشوة فعلا .

حيث أن المشرع يقصد بهذه المادة مجرد عرض الوساطة فى الرشوة أو قبولها هذه الوساطة ، وأن يقف هذا الأمر دون أن يصل الأمر إلى إسهام الوسيط فى عرض الرشوة لأن عرض الوساطة شئ وعرض الرشوة شئ أخر .

طعن رقم 2352 لسنة 52 ق جلسة 4/1/1983

وقضت محكمة النقض فى بيانها للشروط اللازم توافرها لقيام جريمة عرض أو قبول الوساطة فى الرشوة بأنه : ” …….

طعن رقم 177 لسنة 53 ق جلسة 29/11/1983 .

ويترتب على هذا أنه إذا ثبت أن قصد الوسيط لم ينصرف البتة إلى الاتصال بالطرف الأخر المزمع ارشائه ينتفى القصد الجنائى اللازم لقيام الجريمة فى حقه .

أما الركن المعنوى فيتخذ فى هذه الجريمة صورة القصد فيلزم أن يتوافر لدى الوسيط العلم بكافة عناصر الجريمة .

عقوبة الوسيط

  1. تنص الفقرة الثانية من المادة 109 م عقوبات : وإذا كان ذلك بقصد الوساطة لدي موظف عمومي يعاقب بالعقوبة المنصوص عليها فى المادة 105 مكرراً .

وتنطبق هذه العقوبة إذا كان عارض الوساطة أو قابلها شخصاً عادياً وكانت وساطته متجهة نحو مستخدم خاص أو نحو صاحب الحاجة .

  1. وإذا كان الوسيط هو موظفا فتكون العقوبة السجن المؤبد والغرامة التى لا تقل عن ألفى جنيه ولا تزيد على ضعف ما أعطى أو وعد به .

إجرام المرتشي المستفيد

نصت المادة 108 م عقوبات على :

كل شخص عين لأخذ العطية أو الفائدة أو علم به ووافق عليه المرتشي أو أخذ أو قبل شيئاً من ذلك مع علمه بسببه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة مساوية لقيمة ما أعطي أو وعد به وذلك إذا لك يكن قد توسط فى الرشوة.

وإجرام المستفيد مستقل على إجرام المرتشى فمن الممكن أن تتحقق جريمة المستفيد دون أن تقع جريمة الرشوة ، والمستفيد هو الشخص المعين لتلقى العطية أو فائدة الرشوة ، وتتكون جريمة تلقى الفائدة من الركنين المادى والمعنوى

أركان إجرام المستفيد في الرشوة

الركن المادى

يتم الركن المادى بمجرد حصول فعل الأخذ أو القبول ويستفاد هذا الركن من تعبير القانون ” أخذ أو قبل ” ويستوى أن يكون المستفيد معينا باتفاق بين المرتشى والراشى ، لما لو اتفق الطرفان على تقديم لزوجة الأول

أو أن يكون المرتشى قد علم بمن تلقى الفائدة فوافق عليه كما لو تقدم الراشى من تلقاء نفسه بالعطية إلى زوجة الموظف دون علم زوجها فأخذتها وهى عالمة بأمرها ثم أخبرت زوجها فأقرها ووافق عليها

د/ محمد زكى أبو عامر – المرجع السابق –  ص 122

وتتوفر الجريمة فى حق المستفيد إذا أخذ العطية وهو عالم بالقصد منها دون أن يكون معنيا من قبل المرتشى ودون حصول إقرار لها من جانبه ، والجريمة تقوم من هذا الفرض على الرغم من عدم وقوع الجريمة من جانب المرتشى .

الركن المعنوى

يتخذ الركن المعنوى صورة القصد العام ، بمعنى أن يلزم أن يكون المستفيد قد أخذ العطية أو قبل الوعد بها مع علمه بسببها وهو شراء ذمة الموظف وحمله على الاتجار بأعمال الوظيفة فإذا انتفى علم المستفيد بالسبب كما لو تلقت زوجة الموظف سواراً من الراشى معتقدة بأنه هدية ، فلا تقوم الجريمة فى حقها ، ولو توافر لها العلم بعد ذلك لعدم تعاصر الركن المعنوى مع الركن المادى .

العقوبة :

جريمة المستفيد جنحة عقوبتها الحبس الذى لا يتجاوز الثلاث سنوات ولا يقل عن سنة والغرامة مساوية لقيمة ما أعطى أو وعد به ولا تنطبق أحكام الإعفاء على المستفيد إذا اعترف بالجريمة أو أخبر بها .

أحكام محكمة النقض عن الراشي والمرتشي والوسيط

لما كانت جريمة عرض الوساطة فى رشوة – والتى لم يتعد عمل الجانى فيها العرض – والمنصوص عليها فى المادة 109 مكررا ثانيا من قانون العقوبات والتى تتحقق بتقدم الجانى إلى صاحب الحاجة عارضا عليه التوسط لمصلحته لدى الغير فى الإرشاء بمعنى أن عرض الوساطة يأتى من تلقاء نفس العارض وأن هذه الجريمة بهذا الحسبان ذات كيان خاص يغاير جريمة الوسيط فى الرشوة والمنصوص عليها فى المادة 107 مكررا من قانون العقوبات.

والتى تعاقب الراشى والوسيط بالعقوبة المقررة للمرتشى فى جريمة الرشوة التى تنعقد بالاتفاق الذى تم بين الراشى والمرتشى ، ولا يتبقى بعد ذلك إلا إقامة الدليل على هذا الاتفاق ، وتنفيذ مقتضاه بتسليم المبلغ ، ومن ثم يكون الوسيط فى الجريمة الأخيرة عاملا من جانب الراشى أو المرتشى .

وإزاء اختلاف طبيعة الفعل المكون لكل من الجريمتين المشار إليهما فلقد كان لزاما على محكمة الجنايات قبل تعديلها التهمة المسندة إلى الطاعن من جريمة التوسط بين المبلغ ومتهم آخر فى طلب الرشوة – إلى جريمة عرض الوساطة فيها على المبلغ وإدانته بالوصف الجديد – أن تلفت نظر الدفاع إلى هذا التعديل فى التهمة ، والذى يتضمن تغييرا فى كيانها المادى .

أما وهى لم تفعل فإن حكمها وفق الوصف الجديد يكون باطلا للإخلال بحق الدفاع مما يوجب نقضه والإعادة ، ولا يغير من ذلك أن يكون الحكم قد أورد فى مقام الإدانة أن ثبت لديه أن الطاعن قد قبل الوساطة لأن الحكم أثبت أن الطاعن هو الذى عرضها على المجنى عليه ، مما ينبغى أن الأخير طلب وساطته .

ولا يساغ أن يكون قصد الحكم أن المتهم الأول هو الذى عرض عليه الوساطة وأن الطاعن قبلها – لأن الحكم نفى ذلك فى مدوناته وأقام قضاءه فى براءة المتهم الأول رئيس المحكمة استنادا إلى أنه لم يعلم بأمر هذه الوساطة ، وهو ما لا يتصور معه أن يكون قد عرضها .

( الطعن رقم 10554 لسنة 61 ق – جلسة 8/2/2000 )

إذ كان الحكم وهو بصدد التدليل على علم الطاعن بالسبب الذى من أجله تسلم المبلغ المضبوط قد أورد أن المحكمة ” وقد اطمأن وجدانها بصحة ما اسند إلى المتهمين دون ما تعويل على ما ساقه المتهم الثالث (الطاعن) من أقوال على عدم علمه بسبب أداء الراشى للمبلغ المضبوط معه ذلك أنه فضلا عما أقرت بها المتهمة الثانية فى سياق أقوالها فى تحقيقات النيابة من إفصاحها عن مسعاها فى طلب الرشوة وتحبيذه مسعاها فى هذا الشأن .

فإن مسلكه والبادى بإعطاء رقم حسابه للمتهم الأول والذى تخلله محاولة اتصال بالراشي فى تليفونه خارج البلاد وما لجأ إليه مشاركة مع المتهم الأول من محاولات ستر نشاطها فى طلب الرشوة التى تحدد المتهم الثالث لاستلامها بدءا بالإيداع رزمة من أوراق فئة المائة جنيه التى سلمها له عليه .

وهو عرض يرد محمولا على ما تقدم من شواهد كاشفا بغير لبس عن دوره فى استلام الرشوة إذ يحمل دلالة اختصاصه بجزء مما جرى تحصيله من الرشوة مقابل دوره فى هذا التحصيل وهى أمور تحمل أدلة تطمئن معها المحكمة إلى توافر علمه بسبب تحصيل المبالغ وأنه نتاج تحصيل رشوة مما انصرف إليه خطاب الشارع فى المادة 108 مكررا من قانون العقوبات .

وكان هذا الذى أورده الحكم يستقيم به التدليل على ثبوت القصد الجنائى فى حق الطاعن وتوافر علمه بالسبب الذى من أجله تسلم المبلغ المضبوط فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد ينحل إلى جدل فى مسألة واقعية تختص محكمة الموضوع بالفصل فيها بغير معقب مادامت تقيمها على ما ينتجها .

( الطعن رقم 32218 لسنة 69 ق – جلسة 7/5/2000 )
إن النص فى المادة 109 مكررا عقوبات على أنه

من عرض رشوة ولم تقبل منه يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تزيد على ألف جنيه وذلك إذا كان العرض حاصلا لموظف عام ، فإذا كان العرض حاصلا لغير موظف عام تكون العقوبة الحبس لمدة لا تزيد على سنتين أو غرامة لا تجاوز مائتى جنيه ” .

وكان من المقرر قانونا أن المقصود بغير الموظف العام المعروض عليه الرشوة فى مفهوم هذا النص هم المستخدمون فى المشروعات الخاصة الذين يخضعون لتبعية رب العمل فى الرقابة والتوجيه والالتزام من جانب المستخدم بالخضوع لهذه السلطة ، فإنه يخرج عن هذا المفهوم المحامى صاحب العمل الذى لا يخضع لهذه السلطة – من موكله .

كما هو الحال فى الدعوى المعروضة – فإن فعل عرض المطعون ضده لمبلغ نقدى على المحامى للامتناع عن أداء أعمال مهنته هو  الاستشكال فى الحكم  الصادر فى غير صالح موكله يكون بمنأى عن التجريم استنادا إلى النصوص المنظمة لعرض الرشوة وعدم قبولها كما وردت بقانون العقوبات وهو ما يلتقى مع ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه فى نتيجته من القضاء ببراءة المطعون ضده ورفض الدعوى المدنية ، ويكون الطعن لذلك قد جاء على غير أساس مفصحا عن عدم قبوله موضوعا .

( الطعن رقم 15903 لسنة 61 ق – جلسة 23/11/2000 )

من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن الفرق بين نص المادة 102 من قانون العقوبات ونص المادة 105 منه انه إذا وجد اتفاق بين الموظف وصاحب المصلحة على أداء العمل مقابل الجعل انطبقت المادة 103 من قانون العقوبات يستوى فى ذلك أن يكون العطاء سابقا أو معاصرا لأداء العمل أو لاحقا عليه ما دام أداء العمل كان تنفيذا لاتفاق سابق إذ أن نية الاتجار بالوظيفة فى هذه الحالة كون قائمة منذ البداية .

اما إذا كان أداء العمل – أو الامتناع عنه أو الإخلال بواجبات الوظيفة – غير مسبوق باتفاق بين الراشى والمرتشى فإن العطاء اللاحق فى هذه الحالة تنطبق عليه المادة 105 من القانون المذكور وكان البين مما حصله الحكم المطعون فيه أن المبلغ التجأ إلى الطاعن لتذليل العقبات التى اعترضت تأسيس الشركة .

فطلب الطاعن وأخذ منه المبالغ التى بينها الحكم لتيسير إجراءات التأسيس ، فإن الحكم إذا أخذ الطاعن بنص المادة 103 أنفة الذكر يكون قد طبق القانون على الواقعة تطبيقا صحيحا ويكون النعى عليه بأن المادة 105 من قانون العقوبات كانت الأولى بالتطبيق بعيدا من محجة الصواب .

[ طعن رقم 10830 ، للسنة القضائية 65 ، بجلسة 21/07/1997 ]

لما كان الأصل فى قواعد التفسير أن الشارع إذا ما أورد مصطلحاً معيناً فى نص لمعنى معين وجب صرفه لهذا المعنى فى كل نص آخر يرد فيه ، وكان يؤخذ من وضوح عبارة المادة 109 مكرراً ثانياً وما كشف عنه الأعمال التشريعية لها ، وإيرادها مع مثيلاتها فى باب بذاته من الكتاب الثانى من قانون العقوبات – هو الباب الثالث الخاص بالرشوة – أنه:

وإن كانت الجريمة المستحدثة بالمادة 109 مكرراً ثانياً آنفة الذكر ذات كيان خاص يغاير جريمة الوسيط فى الرشوة المنصوص عليها فى المادة 107 مكرراً من قانون العقوبات إذ تغيا الشارع من الجريمة المستحدثة تجريم الأفعال التى لا تجاوز عرض أو قبول الوساطة فى رشوة والتى لا تبلغ حد الاشتراك فى رشوة أو فى شروع فيها والتى لا يؤثمها نص المادة 109 مكرراً أو أى نص آخر ، وذلك للقضاء على سماسرة الرشوة ودعاتها .

إلا أنه وقد قرن الشارع الأفعال المادية المكونة لها بجريمة الرشوة بقوله ” كل من عرض أو قبل الوساطة فى رشوة ” فإنه لا قيام لهذه الجريمة المستحدثة إلا إذا كان عرض الوساطة أو قبولها إنما كان فى جريمة من جرائم الرشوة التى انتظمها وحدد عناصرها ومقوماتها ذلك الباب ما دام أن مدلول النص هو الإحالة بالضرورة – فى بيان المقصود بالرشوة وفى تحديد الأركان التى يلزم تحققها لقيام أى جريمة منها – إلى أحكام المادة 103 وما بعدها من قانون العقوبات .

لما كان ذلك

فقد لزم لقيام تلك الجريمة المستحدثة أن يأتى الجانى فعله فى المهد الأول للرشوة ، وهو عليم بوجود حقيقى لموظف عام أو من فى حكمه ، وبوجود عمل حقيقى أو مزعوم أو مبنى على اعتقاد خاطئ – لهذا الموظف يراد منه أداؤه أو الامتناع عنه ، وبوجود حقيقى لصاحب حاجة لهذا العمل .

ويلزم فى ذلك أن تكون إرادة الجانى – على هذا الأساس – قد اتجهت فى الحقيقة وليس بمجرد الزعم إلى إتيان فعل عرض أو قبول الوساطة فى رشوة ، ذلك بأنه لو أراد الشارع مد التأثيم فى هذه الجريمة إلى مجرد الزعم لعمد إلى الإفصاح عن ذلك فى صراحة ، على غرار نهجه فى المادة 104 مكرراً من قانون العقوبات من تأثيمه زعم الموظف أن العمل من أعمال وظيفته ، وليس يجوز القياس أو التوسع فى التفسير ، لأنه فى مجال التأثيم محظور .

[ طعن رقم 4684 ، للسنة القضائية 58 ، بجلسة 02/11/1989 ]

من المقرر أنه يشترط فى الاعتراف الذى يؤدى إلى إعفاء الراشى أو الوسيط من العقوبة وفقاً لنص المادة 107 مكرراً من قانون العقوبات أن يكون صادقاً كاملاً يغطى جميع وقائع الرشوة التى ارتكبها الراشى أو الوسيط ، دون نقص أو تحريف ، وأن يكون حاصلاً لدى جهة الحكم حتى تتحقق فائدته . فإذا حصل الاعتراف لدى جهة التحقيق ثم عدل عنه لدى المحكمة ، فلا يمكن أن ينتج الإعفاء أثره .

[ طعن رقم 7389 ، للسنة القضائية 58 ، بجلسة 20/02/1989 ]

لما كان النص فى المادة 109 مكرراً من قانون العقوبات – التى دين المطعون ضده الثانى …… بها على أنه : ” من عرض رشوة ولم تقبل منه يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن خمسمائة جنية ولا تزيد على ألف جنية إذا كان الغرض حاصلاً لموظف عام …… ” مؤداه أن الغرامة المقررة هى الغرامة العادية إذ هى محددة بحدين يتعين إلتزامهما وليست محددة بنسبة الضرر المترتب على الجريمة أو الفائدة التى تحصل عليها الجانى أو كان يأمل الحصول عليها – فهى ليست من قبيل الغرامات النسبية ومن ثم تعين وفقاً للمادة 44 من قانون العقوبات أن يحكم بها على كل متهم دين عن هذه الجريمة .

لما كان ذلك

وكان الحكم المطعون فيه قد أغفل القضاء بعقوبة الغرامة المنصوص عليها فى المادة 109 مكرراً من قانون العقوبات رغم وجوب ذلك – بالإضافة إلى العقوبة المقيدة للحرية المقضى بها على المطعون ضده الثانى ، فإنه يكون قد خالف القانون مما يتعين معه تصحيحه بتغريم المطعون ضده المذكور خمسمائة جنيه بالإضافة إلى العقوبة المقضى بها .

[ طعن رقم 1941 ، للسنة القضائية 58 ، بجلسة 02/02/1989 ]

نص الشارع فى المادة 104 من قانون العقوبات التى عددت صور الرشوة على الإخلال بواجبات الوظيفة كغرض من أغراض الرشوة وجعله بالنسبة إلى الموظف ومن فى حكمه أسوة بامتناعه عن عمل من أعمال الوظيفة وقد جاء التعبير بالإخلال بواجبات الوظيفة مطلقاً من التقييد بحيث يتسع مدلوله لاستيعاب كل عيب يمس الأعمال التى يقوم بها الموظف .

وكل تصرف وسلوك ينتسب إلى هذه الأعمال ويعد من واجبات أدائها على الوجه السوى الذى يكفل لها دائماً أن تجرى على سند قويم وقد استهدف المشرع من النص على مخالفة واجبات الوظيفة كصورة من صور الرشوة مدلولاً عاماً أوسع من أعمال الوظيفة التى تنص عليها القوانين واللوائح والتعليمات بحيث يشمل أمانة الوظيفة ذاتها.

فكل انحراف عن واجب من تلك الواجبات أو امتناع عن القيام به يجرى عليه وصف الإخلال بواجبات الوظيفة الذى عناه الشارع فى النص فإذا تقاضى الموظف جعلاً عن هذا الإخلال كان فعله ارتشاء وليس من الضرورى فى جريمة الرشوة أن تكون الأعمال التى يطلب من الموظف أداؤها داخله فى نطاق الوظيفة مباشرة بل يكفى أن يكون لها اتصال يسمح بتنفيذ الغرض المقصود من الرشوة وأن يكون الراشى قد أتجر معه على هذا الأساس .

كما لا يشترط فى جريمة الرشوة أن يكون الموظف المرشو أو الذى عرضت عليه الرشوة هو وحده المختص بالقيام بجميع العمل المتصل بالرشوة بل يكفى أن يكون له علاقة به أو يكون له نصيب من الاختصاص يسمح أيهما له بتنفيذ الغرض من الرشوة .

[ طعن رقم 2696 ، للسنة القضائية 55 ، بجلسة 19/12/1985 ]

لما كان المشرع قد تغيا من الجريمة المنصوص عليها فى المادة 109 مكرراً ثانياً – المطبقة فى الدعوى – تجريم الأفعال التى لا تجاوز عرض أو قبول الوساطة فى رشوة والتى لا تبلغ حد الاشتراك فى رشوة أو فى شروع فيها والتى لا يؤثمها نص آخر ، وذلك للقضاء على سماسرة الرشوة ودعاتها .

إلا أنه وقد قرن الشارع الأفعال المادية المكونة لها بجريمة الرشوة بقوله ” كل من عرض أو قبل الوساطة فى رشوة ، فإنه لا قيام لهذه الجريمة المستحدثة إلا إذا كان عرض الوساطة أو قبولها إنما كان فى جريمة من جرائم الرشوة التى انتظمها وحدد عناصرها ومقوماتها الباب الثالث من الكتاب الثانى من قانون العقوبات الخاص بالرشوة ، ما دام أن مدلول النص هو الإحالة بالضرورة – فى بيان المقصود بالرشوة وفى تحديد الأركان التى يلزم تحقيقها لقيام أى جريمة منها – إلى أحكام المادة 103 وما يعادلها من هذا القانون .

لما كان ذلك

فقد لزم لقيام تلك الجريمة المستحدثة أن يأتى الجانى فعله فى المهد الأول للرشوة وهو عليم بوجود حقيقى لموظف عام أو من فى حكمه ، وبوجود عمل حقيقى أو مزعوم أو مبنى على اعتقاد خاطئ لهذا الموظف يراد منه أداؤه أو الامتناع عنه ، وبوجود حقيقى لصاحب حاجة لهذا العمل ويلزم فوق ذلك أن تكون إرادة الجانى – على هذا الأساس – قد اتجهت فى الحقيقة وليس بمجرد الزعم إلى إتيان فعل عرض الرشوة أو قبول الوساطة فيها .

ذلك بأنه لو أراد الشارع من التأثيم فى هذه الجريمة إلى مجرد الزعم ، لعمد إلى الإفصاح عن ذلك فى صراحة ، على غرار سنته فى المادة 104 مكرراً من تأثيمه زعم الموظف أن العمل من أعمال وظيفته ، وليس يجوز القياس أو التوسع فى التفسير ، لأنه فى مجال التأثيم المحظور

لما كان ذلك ، وكان الدفاع المبدى من الطاعنين والمؤسس على أن قصدهما لم ينصرف البتة إلى الاتصال بالطرف الآخر المزمع إرشائه فى شأنه لو صح أن يؤدى إلى انتفاء القصد الجنائى للجريمة . وكان الحكم المطعون فيه لم يقسط هذا الدفاع الجوهرى حقه فى البحث فإنه يكون مشوباً بالقصور الذى يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على واقعة الدعوى كما صار إثباتها فى الحكم ، مما يعيبه ويوجب نقضه والإحالة

[ طعن رقم 1770 ، للسنة القضائية 53 ، بجلسة 29/11/1983 ]

من المقرر أن الشارع قد سوى فى نطاق جريمة الاتجار بالنفوذ المنصوص عليها فى المادة 106 مكرر من قانون العقوبات بين تذرع الجانى فى الطلب أو القبول أو الأخذ – بنفوذ حقيقى للحصول على مذية من سلطة عامة ، وبين تذرعه فى ذلك بنفوذ مزعوم فقد قدر الشارع أن الجانى حين يتجر بالنفوذ على أساس موهوم لا يقل استحقاقاً للعقاب عنه حين يتجر به على أساس من الواقع.

إذ هو حينئذ يجمع بين الغش – أو   الاحتيال   – والإضرار بالثقة الواجبة فى السلطات العامة والجهات الخاضعة لإشرافها ، والزعم هنا هو مطلق القول دون اشتراط اقترانه بعناصر أخرى أو وسائل احتيالية ولم يفرق الشارع – فى صدد تلك الجريمة وسائر جرائم الرشوة – بين الفائدة التى يحصل عليها الجانى لنفسه والفائدة التى يطلبها أو يقبلها لغيره ، فإن كان الجانى موظفاً عمومياً وجب توقيع عقوبة الجناية المنصوص عليها فى المادة 104 من قانون العقوبات .

[ طعن رقم 1078 ، للسنة القضائية 53 ، بجلسة 30/05/1983 ]

من المقرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة . أن رجال السلطة القضائية يدخلون فى عداد الموظفين العموميين الذين عناهم الشارع فى المادة 109 مكرراً من قانون العقوبات ، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن بأن رجال القضاء لا يعدون من الموظفين العموميين فى صدد تطبيق هذا النص وبانحسار هذه الصفة عن المبلغ لفقدانه صلاحية الفصل فى الدعوى ورد عليه بأنه قول ظاهر الفساد “.

إذ أنه من المقرر أن المراد بالموظف العام بحسب ” قصد الشارع فى المادة 109 مكرراً من قانون العقوبات كل شخص من رجال الحكومة بيده نصيب من السلطة العامة ، ولا عبرة بالنظام القانونى الذى يحكم طائفة معينة من الموظفين ، فلا يشترط خضوعه للقانون الخاص بنظام العاملين المدنيين بالدولة إذ أن هناك طوائف من الموظفين يخضعون لأنظمة خاصة كأعضاء الهيئات القضائية وهيئة التدريس بالجامعات وأفراد القوات المسلحة والشرطة .

ولم يثر أى جدال أو خلاف فى أنهم يدخلون فى نطاق الموظفين العموميين بالنسبة لتطبيق المادة 109 مكرراً من قانون العقوبات أما القول بأن رئيس المحكمة بعد أن جالس المتهم المعروض أمر قضيته عليه قد فقد صلاحيته وانقطعت صلته بالدعوى فهو قول يتضمن مغالطة كبيرة إذ أن المتهمين وهما يعرضان عليه الرشوة كانا يعلمان بأنه القاضى الذى سيفصل فى الاستئناف المرفوع من المتهم الثانى وصاحب الاختصاص ” .

وكان ما أورده الحكم فيما سلف صحيحاً فى القانون ذلك بأن فقد القاضى صلاحيته للفصل فى دعوى معينة لا صلة له – بحسب الأصل – بولايته للقضاء ، ولا يترتب عليه انحسار صفة الوظيفة العامة عنه فى خصوص المادة 109 مكرراً سالفة الذكر ، فإن ما يثيره الطاعن الثانى فى شأن ذلك لا يكون له محل .

[ طعن رقم 2352 ، للسنة القضائية 52 ، بجلسة 04/01/1983 ]

المادة 107 مكرراً من قانون العقوبات تنص على أنه ” يعاقب الراشى والوسيط بالعقوبة المقررة للمرتشى ومع ذلك يعفى الراشى أو الوسيط من العقوبة إذا أخبر السلطات بالجريمة أو اعترف بها ” . أما نص المادة 108 مكرراً من ذات القانون فيجرى بأنه ” كل شخص عين لأخذ العطية أو الفائدة أو علم به ووافق عليه المرتشى أو أخذ أو قبل شيئاً من ذلك مع علمه بسببه ويعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة مساوية لقيمة ما أعطى أو وعد به.

وذلك إذا لم يكن قد توسط فى الرشوة ” ويبين من هذين النصين أن المشرع عرض فى كل منهما لجريمة تختلف عن الواردة فى النص الآخر وأن جريمة الوساطة فى الرشوة تختلف عن جريمة تعيين شخص لأخذها .

ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت فى حق الطاعن بأدلة سائغة أنه ارتكب الجريمة المنصوص عليها فى المادة 108 مكرراً آنفة الذكر فإنه لا موجب لأعمال الإعفاء المقرر فى المادة 107 مكرراً من قانون العقوبات لكونه قاصراً على الراشى والوسيط دون غيرهما ويكون منعى الطاعن فى هذا الشأن لا سند له.

[ طعن رقم 4482 ، للسنة القضائية 52 ، بجلسة 28/11/1982 ]

الأصل فى قواعد التفسير أن الشارع إذا ما أورد مصطلحاً معيناً فى نص ما لمعنى معين وجب صرفه لهذا المعنى فى كل نص آخر يرد عليه فيه . ويؤخذ من وضوح عبارة المادة 109 مكرراً ثانياً من قانون العقوبات وما كشفت عنه الأعمال التشريعية لهذه المادة ، وإيرادها مع مثيلاتها فى باب بذاته من الكتاب الثانى – وهو الباب الثالث الخاص بالرشوة إنه وإن كانت الجريمة المستحدثة ذات كيان خاص .

يغاير جريمة الوسيط فى  الرشوة  المنصوص عليها فى المادة 107 مكرراً من قانون العقوبات إلا أنه وقد قرن الشارع الأفعال المادية المكونة لها بجريمة الرشوة فإنه يلزم لقيام تلك الجريمة المستحدثة أن يأتى الجانى فعله فى المهد الأول للرشوة وهو عليم بوجود حقيقى لموظف عام أو من فى حكمه ، وبوجود عمل حقيقى أو مزعوم أو مبنى على اعتقاد خاطئ لهذا الموظف يراد منه أداؤه أو الامتناع عنه ، وبوجود حقيقى لصاحب حاجة لهذا العمل .

ويلزم فوق ذلك أن تكون إرادة الجانى على هذا الأساس قد اتجهت فى الحقيقة وليس بمجرد الزعم إلى إتيان فعل عرض الرشوة أو قبول الوساطة فيها ، ذلك بأنه لو أراد الشارع مد التأثيم فى هذه الجريمة إلى مجرد الزعم ، لعمد إلى الإفصاح عن ذلك فى صراحة – على غرار سنته فى المادة 104 مكرراً من تأثيم زعم الموظف أن العمل من أعمال وظيفته وليس يجوز القياس أو التوسع فى التفسير ، لأنه فى مجال التأثيم محظور .

لما كان ذلك 

وكان الأمر المطعون فيه – الصادر من مستشار الإحالة بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية قد أثبت بما أورده من أدلة سائغة أن قصد المطعون ضدهما لم يتصرف البتة إلى الاتصال بالطرف الآخر المزمع إرشائه وأنهما إنما قصدا الاستئثار بالمبلغ لنفسيهما ، بما ينتفى معه – فى صورة الدعوى – الركن المعنوى للجريمة المنصوص عليها فى المادة 109 مكرراً ثانياً من قانون العقوبات ، فإن الأمر المطعون فيه يكون قد أصاب صحيح القانون .

[ طعن رقم 247 ، للسنة القضائية 43 ، بجلسة 11/11/1973 ]

إذ اشترطت المادة 106 مكرراً من قانون العقوبات لتطبيقها أن يطلب الفاعل لنفسهم أو لغيره أو يقبل أو يأخذ وعداً أو عطيه تذرعاً بنفوذه الحقيقى أو المزعوم بغرض الحصول على مزية للغير من أية سلطة عامة ، فقد دل ذلك على أن المشرع قد ساوى فى هذه الجريمة بين قبول العطية وأخذها وبين طلبها ، فلا يشترط لتحققها قبول العطية أو أخذها فحسب بل أن مجرد طلب العطية تتوافر به هذه الجريمة بتمامها ولا يعتبر هذا فى صحيح القانون بدءاً فى تنفيذها أو شروعاً فيها .

[ طعن رقم 1197 ، للسنة القضائية 38 ، بجلسة 14/10/1968 ]

عقوبة إجرام الراشي، الوسيط، المرتشي

ختاما: استعرضنا على ضوء نصوص قانون العقوبات وأحكام النقض الجنائية عقوبة اجرام  الراشي والمرتشي والوسيط ـ ومتى يتم الاعفاء من العقوبة المقررة للجرم الذي ارتكبه كل منهم.

عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض

الأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض خبرات قضائية فى القانون المدنى والملكية العقارية وطعون النقض ليسانس الحقوق 1997- احجز موعد 01285743047

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أوافق على سياسة الخصوصية 

body{-webkit-user-select:none;-moz-user-select:none;-ms-user-select:none;user-select:none} .separator a,.post-body img{-webkit-touch-callout:none;-webkit-user-select:none;-khtml-user-select:none;-moz-user-select:none;-ms-user-select:none;user-select:none;pointer-events:none} pre,kbd,blockquote,table{-webkit-user-select:text;-khtml-user-select:text;-moz-user-select:text;-ms-user-select:text;user-select:text}