قوة النسبية الملزمة للعقد
تعرف علي ماهية نسبية العقد وقوته الملزمة للأشخاص والموضوع في القانون المدني، بمعني سريان أثاره بين عاقديه بقوة القانون، الا أنه لا يسري في حق الغير ان كان له حق علي محل التعاقد، لكن هناك عقد له طابع خاص يسري بين المتعاقدين والغير لا سيما عائلة المتعاقد .
محتويات المقال
في هذا الموجز القانوني نتعرف علي النسبية وما هو العقد الذي له طابع خاص فيسري على غير المتعاقدين .
تعريف نسبية التعاقد
تعني أن أثار العقد وما يرتبه من التزامات يقتصر فقط علي أطرافه دون الغير الذي ليس طرفا بالعقد، ومن ثم يكون للعقد قوة ملزمة علي المتعاقدين فيه، الا أنه ليس له حجية علي الغير الذي طرفا به .
ملاحظة: لفظ المتعاقدين بالعقد ينصرف اليهم والى خلفهم العام
فقد جاء بالمذكرة الايضاحية للمادة 125 مدني بشأن نسبية العقود
الأصل في العقود ان تقتصر آثارها علي ما قنتتها لا يترتب ما تنشئ من إلتزامات إلا في ذمة المتعاقدين ومن ينوب عنهم من الخلفاء والدائنين ، وليس الوعد بإلتزام الغير إلا تطبيقاً لهذه القاعدة ، وكذلك الشان فيما ترتب العقود من حقوق ، فلا ينصرف نفعها إلا إلي المتعاقدين ومن ينوب عنهم . علي انه يجوز الاشتراط لمصلحة الغير وهذا هو الإستثناء الحقيقي الذي يرد علي القاعدة.
الأعمال التحضيرية للقانون المدني – الجزء الثاني – ص 302
استثناءات النسبية في التعاقد
هذا المبدأ له استثناءات هي
1- أعمال الإدارة
فالحائز – وهو غير مالك- لا يكون له في الأصل إيجار العين التي في حيازته، إلا أنه نظراً لما يتطلبه استقرار التعامل، فإن تصرفه ينفذ في حق المالك الحقيقي، أما إن كان أحد المتعاقدين سيء النية، فلا ينفذ الإيجار في حق المالك الحقيقي، ويكون للأخير عند استرداد الحيازة إخلاء العين ممن يشغلها لانتفاء السند.
2- تصرفات الوارث الظاهر
وهو من يستولى على أعيان التركة ويظنه الناس وارثاً وهو في حقيقته غير وارث، فإن أبرم عقداً، سواء كان حسن النية أو سيئها، فإن قواعد العدالة تقتضي أن ينفذ هذا العقد في حق الوارث الحقيقي رغم أنه أجنبي عن العقد ومثل الوارث الظاهر الوكيل الظاهر.
3- وفاء المدين
الحاصل بحسن نية لمن بيده سند الدين، فإن الوفاء باعتباره تصرفاً، ينفذ في حق الدائن رغم أنها أجنبية عن الصلح. وانصراف أثر التصرف في الحالات السابقة للغير، لم يكن مقصوداً من المتعاقدين وإنما بني على اعتبارات لا دخل لإرادتهما فيها، إنما بناء على نص القانون. أما إن قصد المتعاقدان انصراف أثر التصرف إلى الغير، فإن ذلك يكون في نطاق التعهد عن الغير والاشتراط لمصلحة الغير على النحو الوارد بالمواد التالية.
(المستشار أنور طلبة – المطول في شرح القانون المدني – ص 92 وما بعدها)
مبدأ نسبية العقد في القانون المدني
مؤدى نص المادة 152 مدني أن
مبدأ نسبية العقد يهيمن على قوته الملزمة بالنسبة للأشخاص والموضوع بما يقتضي أن أثر العقد إنما يقتصر على طرفيه والخلف العام أو الخاص أو الدائنين في الحدود التي بينها القانون فلا تنصرف الحقوق الناشئة عنه والالتزامات المتولدة منه إلا إلى عاقديه .
نسبية العقد تسري على قوته الملزمة بالنسبة للأشخاص والموضوع معا
قضت محكمة النقض بأن
النص في المادة 152 من القانون المدني على أنه لا يرتب العقد التزاماً في ذمة الغير ولكن يجوز أن يكسبه حقاً، يدل على أن مبدأ نسبية أثر العقد يسري على قوته الملزمة بالنسبة للأشخاص والموضوع مما يقتضي أن أثر العقد إنما يقتصر على طرفيه والخلف العام أو الخاص أو الدائنين في الحدود التي بينها القانون فلا تنصرف الحقوق الناشئة عنه والالتزامات المتولدة منه إلا لعاقديه غير أنه يجوز الخروج على المبدأ السالف بإرادة طرفيه في شقه الإيجابي وهو إنشاء الحق دون شقه السبي وهو تقرير الالتزام، بمعنى أنه ليس لطرفي العقد أن يرتبا باتفاقهما التزاماً في ذمة الغير، وإن كان لهما أن يشترطا حقاً لمصلحة ذلك الغير.
(الطعن رقم 320 لسنة 44 ق جلسة 29/3/1978)
الأصل في العقود طبقاً لنص المادة 152 من القانون المدني، ألا ينصرف أثرها إلى غير المتعاقدين أو الخلف العام أو الخاص إلا إذا كان من شأنها أن تكسب هذا الغير حقاً.
(الطعن رقم 442 لسنة 45 ق جلسة 22/11/1978)
المطعون ضدهم ومورثهم إذ لم يكونوا أطرافاً في عقد القسمة المسجل الذي اختص فيه الطاعنون بأرض النزاع فإن القاعدة في نسبية أثر العقد طبقاً لما جرى به نص المادة 145 من التقنين المدني أنها لا تكون ملزمة إلا لعاقديها سواء كان العقد عرفياً أو رسمياً أو مسجلاً.
(الطعن رقم 553 لسنة 41 ق جلسة 21/2/1977)
لا ينصرف أثر العقد إلى غير عاقديه وخلفائهم ولا يمكن أن يرتب التزاماً في ذمة الغير ولو كان تابعاً لأحد المتعاقدين.
(الطعن رقم 516 لسنة 29 ق جلسة 12/11/1964
المقرر شرعاً أن الزوج هو المكلف بإعداد مسكن الزوجية فإذا قامت الزوجة بإعداده وأقام معها زوجها فإن ذلك يكون على سبيل التسامح وتكون إقامة الأخير مع زوجته وانتفاعه بالسكنى بشقة النزاع هو انتفاع متفرع عن حق زوجته وتابع لها في استمرارها في شقتها مادامت قد بقيت هي فيها.
(الطعن رقم 2740 لسنة 59 ق جلسة 12/5/1994)
المقرر في قضاء هذه المحكمة – أنه وإن كان التسليم يعد أثراً من آثار عقد البيع باعتباره التزاماً يقع على عاتق البائع سجل العقد أو لم يسجل إلا أن … آثار العقد وفقاً لنص المادة 145 من القانون المدني لا تنصرف إلى الغير الذي لم يكن طرفاً فيه ولم تربطه صلة بأي من طرفيه سواء كانت هذه الآثار حقاً أم التزاماً.
(الطعنان رقما 5870، 7251 لسنة 66 ق جلسة 12/6/1997)
من المقرر أن العقد لا يتناول أثره بوجه عام إلا أطرافه ومن يمثلونهم في التعاقد من خلف عام أو خاص، وأنه لا يكون حجة على من يخلف المتعاقد من وارث أو مشترٍ أو متلق عنه إذا استند هذا الخلف في إثبات ملكيته إلى سبب آخر غير التلقي.
(الطعن رقم 28 لسنة 45 ق جلسة 21/12/1981)
الأصل في العقود طبقاً لنص المادة 152 من القانون المدني، ألا ينصرف أثرها إلى غير المتعاقدين أو الخلف العام أو الخاص إلا إذا كان من شأنها أن تكسب هذا الغير حقاً.
(الطعن رقم 442 لسنة 45 ق جلسة 22/11/1978)
مشتري العقار بعقد غير مسجل حقه في مطالبة المستأجر بالحقوق الناشئة عن عقد الإيجار. شرطه حوالة البائع لعقد الإيجار إليه ونفاذها في حق المستأجر.
(الطعون أرقام 1095، 1389 لسنة 60 ق، 3124 لسنة 63 ق جلسة 3/7/1996)
إذ كان المشتري لعقار بعقد غير مسجل – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – يعتبر دائناً للبائع وكان الحكم بصحة العقد الصادر من المدين حجة على دائنة لأن المدين يعتبر ممثلاً لدائنه في الخصومات التي يكون هذا المدين طرفاً فيها، وكان الحكم نهائياً بصحة ونفاذ العقد هو قضاء بانعقاده صحيحاً ونافذاً بين طرفيه فإنه يمتنع على من يعتبر ذلك الحكم حجة عليه العودة إلى الإدعاء بتزوير ذلك العقد ولو بأدلة قانونية أو واقعية لم يسبق إثارتها في الدعوى التي صدر فيها الحكم الأول إذ أن الإدعاء بالتزوير في هذه الحالة لا يعدو أن يكون وسيلة دفاع في ذات موضوع الدعوى كان يجب إبداؤه أمام المحكمة التي نظرت هذا الموضوع ولا يكون لغيرها أن تنظره.
(الطعن رقم 276 لسنة 43 ق جلسة 9/6/1983)
عقد الإيجار كغيره من العقود يخضع للقاعدة العامة الواردة في المادة 152 من القانون المدني ومؤداها أن أثر العقد إنما يقتصر على طرفيه والخلف العام والخاص في الحدود التي بينها القانون فلا تنصرف الحقوق الناشئة عنه والالتزامات المتولدة منه إلا لعاقديه، بحيث لا يسوغ القول بأن للمساكن وهو ليس طرفاً في عقد الإيجار حقاً قبل المؤجر – ولو عاصرت المساكنة بداية الإيجار – طالما بقي عقد المستأجر الأصلي قائماً.
ولا يملك المؤجر قبل انتهاء عقد المستأجر الأصلي أو فسخه أن يخلع على المساكن صفة المستأجر عن كامل العين المؤجرة أو جزء منها وإلا عد ذلك إيجاراً ثانياً وهو باطل بطلاناً مطلقاً طبقاً لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة في تفسير نص المادة 16 من القانون 52 لسنة 1969 وإعمالاً لصريح نص المادة 24 من القانون 49 لسنة 1977.
(الطعن رقم 4 لسنة 52 ق جلسة 7/3/1984)
ولئن كان لعقد إيجار الأماكن طابع عائلي وجماعي لا يتعاقد فيه المستأجر ليسكن بمفرده بل ليعيش معه أفراد أسرته ولمن يتراءى له إيواؤهم الذين لا تترتب في ذمتهم التزامات قبل المؤجر خلال فترة مشاركتهم المستأجر الأصلي في السكن، ويبقى هذا الأخير هو الطرف الأصيل والوحيد في التعامل مع المؤجر.
ولا يسوغ القول بأن المقيمين مع المستأجر يعتبرون مستأجرين أصليين أخذاً بأحكام النيابة الضمنية انحرافاً عن المبادئ العامة في نسبية آثار العقد لأن هؤلاء ليسوا طبقاً للقانون أطرافاً في عقد الإيجار ولا تربطهم بالمؤجر أية علاقة تعاقدية مباشرة أو غير مباشرة سواء كانت إقامتهم في بداية الإيجار أو بعده.
وإنما تمتعهم بالإقامة في العين كان قياماً من المستأجر بالتزامات وواجبات أدبية ذات طابع خاص قابلة للتغيير والتبديل متعلقة به هو ولا شأن لها بالمؤجر، وكيفية استعمال المستأجر لمنفعة المسكن مسألة عارضة لا تبرر فكرة المجاز القانوني على أساس النيابة الضمنية.
(الطعن رقم 1088 لسنة 50 ق جلسة 21/2/1981)
الغير فيما يتعلق بنسبية أثر العقد
أثر العقد كما سبق القول ينصرف إلى المتعاقدين وأيضاً إلى خلفهما العام والخاص وإلى دائنيهما في حدود معينة، وفي نطاقها لا يعتبر الخلف بنوعيه والدائن من طبقة الغير، أما خارج هذا النطاق، فيكونون من الغير ومن ثم فلا ينصرف أثر العقد إليهم.
فيعتبر الخلف العام من طبقة الغير
إذا كان التصرف صادراً من سلفه في مرض موته “مادة 916” أو كان التصرف مضافاً إلى ما بعد موت السلف “مادة 917، 146” وفي هذه الحالة لا ينفذ أثر العقد إلى الخلف العام إلا باعتباره وصية.
أما الخلف الخاص
فيعتبر من طبقة الغير إذا انتقل إليه الشيء قبل العقد الصادر من سلفه، أو كان الحق أو الالتزام الناشئ من العقد غير مكمل للشيء أو غير محدد له، ومن ثم فلا ينصرف أثر العقد إليه وبالتالي لا يحاج به، ويصبح الدائن من طبقة الغير، إذا أبرم مدينه العقد إضراراً به، ويتحقق ذلك متى أثبت الشروط الواردة بالمادة 237 وما بعدها.
توجد طائفة أخرى من الغير غير الخلف والدائنين، وتتضمن هذه الطائفة
كل من كان أجنبياً عن العقد، فلم يشترك في إبرامه ولم يكن ممثلاً فيه، والأصل أن يظل هذا الغير أجنبياً عن العقد فلا ينصرف إليه أثره، فالصلح الذي يعقده الدائن مع بعض الورثة لا يسري في حق باقي الورقة، والعقد الذي يبرمه شريك مشتاع لا ينفذ في حق باقي الشركاء إلا في حدود الفضالة، وبيع ملك الغير لا ينفذ في حق المالك الحقيقي. إلا أن هذا المبدأ له استثناءات تنحصر في أعمال الإدارة وتصرفات الوارث الظاهر ووفاء المدين الحاصل بحسن نية لمن بيده سند الدين، وقد بينا هذه الاستثناءات بالشرح في بداية هذا البحث.
(أنور طلبة ص 92 وما بعدها)
ليس لطرفي العقد أن يرتبا باتفاقهما التزاماً في ذمة الغير وإن كان لهما أن يشترطا حقاً لمصلحة ذلك الغير
قضت محكمة النقض بأن
متى كان إعمال آثار عقد المقاولة وفقاً للقانون يؤدي إلى اعتبار الجمعية التعاونية وحدها صاحبة الحق في مطالبة المقاول المتعاقد معها بتنفيذ التزاماته الناشئة عن هذا العقد بتعويض الأضرار الناتجة عن الإخلال بتلك الالتزامات فإنه لا يجوز قبول دعوى أحد أعضاء الجمعية بطلب هذا التعويض إلا إذا ثبت أن حق الجمعية في طلبه قد انتقل إليه بما ينتقل به هذا الحق قانوناً إذ لا تقبل الدعوى إلا من صاحب الحق المطلوب الحكم به ولا يكفي لاعتبار هذا العضو مالكاً للحق وذا صفة في التداعي بشأنه مجرد إقرار الجمعية له بهذا الحق إذ يجب ثبوت أنه اكتسبه بإحدى الطرق المقررة في القانون لكسبه.
(الطعن رقم 277 لسنة 32 ق جلسة 29/12/1966)
النص في المادة 152 من القانون المدني على أنه لا يرتب العقد التزاماً في ذمة الغير ولكن يجوز أن يكسبه حقاً يدل على أن مبدأ نسبية أثر العقد يهيمن على قوته الملزمة بالنسبة للأشخاص والموضوع مما يقتضي أن أثر العقد إنما يقتصر على طرفيه الخلف العام أو الخاص أو الدائنين في الحدود التي بينها القانون، فلا تنصرف الحقوق الناشئة عنه والالتزامات المتولدة منه إلا إلى عاقديه. غير أنه يجوز الخروج على المبدأ السالف بإرادة طرفيه في شقه الإيجابي وهو إنشاء الحق دون شقه السلبي وهو تقرير الالتزام، بمعنى أنه ليس لطرفي العقد أن يرتبا باتفاقهما التزاماً في ذمة الغير، وإن كان لهما أن يشترطا حقاً لمصلحة ذلك الغير.
(الطعن رقم 320 لسنة 44 ق جلسة 29/3/1978)
آثار العقد وفقاً لنص المادة 145 من القانون المدني لا تنصرف إلى الغير الذي لم يكن طرفاً فيه ولم تربطه صلة بأي من طرفيه، سواء كانت هذه الآثار حقاً أم التزاماً، وإذ كان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعنة (المشترية) قد اتفقت مع الشركة البائعة بمقتضى عقد البيع المبرم بينهما على أن كل نزاع ينشأ عن هذا العقد يكون الفصل فيه من اختصاص هيئة التحكيم.
وإذ لم تكن الشركة الناقلة طرفاً في هذا العقد وإنما تتحدد حقوقها والتزاماتها على أساس عقد النقل المبرم بينها وبين الشركة البائعة فإن شرط التحكيم الوارد في عقد البيع لا يمتد أثره إلى الشركة الناقلة ولا يجوز لها التمسك به عند قيام النزاع بين هذه الأخيرة وبين الطاعنة (المشترية) وذلك تطبيقاً لمبدأ القوة الملزمة للعقود.
(الطعن رقم 510 لسنة 35 ق جلسة 20/1/1970)
انصراف أثر العقد لغير طرفي العقد إذا نص القانون على ذلك
قضت محكمة النقض بأن
للشخص أن يتعاقد باسمه على التزامات يشترطها لمصلحة الغير مما يترتب عليه اكتساب الغير حقاً مباشراً قبل المتعهد بتنفيذ الاشتراط ويكون للأخير التمسك قبل المنتفع بالدفوع التي تنشأ عن العقد.
(الطعن 278 لسنة 69 ق جلسة 15/11/2000)
اشتراط مؤسسة مصر للطيران لصالح ركبها الطائر بموجب وثيقة تأمين جماعي التزمت فيها شركة مصر للتأمين أداء مبلغ التأمين لمن يفقد منهم رخصة الطيران بسبب فقد اللياقة الطبية نهائياً، للمؤمن التمسك بسقوط حق المنتفعين في الرجوع عليه بالتقادم الثلاثي عملاً بالمادة 752 / 1 من القانون المدني.
(الطعن رقم 278 لسنة 69 ق جلسة 15/11/2000)
من المقرر أيضاً أن الأصل أن العقود لا تنفذ إلا في حق عاقديها وأن صاحب الحق لا يلتزم بما صدر من غيره من تصرفات بشأنها إلا أنه باستقراء نصوص القانون المدني يبين أن المشرع قد اعتد في عدة تطبيقات هامة بالوضع الظاهر لاعتبارات توجبها العدالة وحماية حركة التعامل في المجتمع وتنضبط جميعاً مع وحدة علتها واتساق الحكم المشترك فيها بما يحول ووصفها بالاستثناء وتصبح قاعدة واجبة الإعمال متى توافرت موجبات إعمالها واستوفت شرائط تطبيقها.
ومؤداها أنه إذا كان صاحب الحق قد أسهم بخطئه – سلباً أو إيجاباً – في ظهور المتصرف على الحق بمظهر صاحبه مما يدفع بالغير حسن النية إلى التعاقد معه للشواهد المحيطة بهذا المركز والتي من شأنها أن تولد الاعتقاد الشائع بمطابقة هذا المظهر بالحقيقة مقتضاه نفاذ صاحب الحق.
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد واجه طلب الطاعنين إزالة البناء المقام على الأرض ملكهم استناداً للحق المقرر بالمادة 924 / 1 من القانون المدني كأثر لقيام المطعون ضده الأول بالبناء عليها دون رضاهم وبسوء نية.
وأطرحه لما يتسم به هذا الطلب من تعسف في استعمال حقهم في ملكية الأرض مغلباً عليه حق المطعون ضده الأول وباقي المطعون ضدهم من الثالث حتى الأخير من بعده – مشترو الوحدات السكنية للمبنى المقام على تلك الأرض – على سند من توافر مظاهر المالك الظاهر للمطعون ضده الأول وتحقق حسن النية في مشتري تلك الوحدات منه وإلى أن حيازة كل منهم لوحدته.
إنما تستند إلى سبب صحيح وذلك دون أن يعرض لمدى توافر موجبات إعمال كل من قاعدتي إساءة استعمال الحق والمالك الظاهر وكذلك الحق في اكتساب ملكية العقار بوضع اليد عليه مدة خمس سنوات مع تحقق السبب الصحيح واستيفاء شرائط كل منها على نحو ما سلف بيانه فإنه يكون معيباً بالقصور المبطل بما يوجب نقضه.
(الطعن رقم 4338 لسنة 61 ق جلسة 22/7/1997)
نسبية عقد إيجار المساكن
[ عقد ايجار المسكن له طابع عائلي وجماعي ]
قلنا في بداية هذا البحث انه هناك عقد ذو طابع خاص بالنسبة لمبدأ نسبية العقود، والمقصود عقد الايجار، ذلك أن المستأجر عندما يتعاقد يتعاقد عن نفسه وعن من يعولهم من زوجة وأولاد ووالدين، وهو ما يطرح تساؤل:
هل عقد الايجار يخرج عن مبدأ بسبية العقود وقوته الملزمة للأشخاص والموضوع أم أنه يخضع للمبدأ ؟
أجابت محكمة النقض عن هذا التساؤل في عدة أحكام قضائية ، فقد قضت محكمة النقض أن
مؤدى نص المادة 152 من القانون المدني على أنه
لا يرتب العقد التزاماً في ذمة الغير ولكن يجوز أن يكسبه حقوقاً” في ضوء ما جاء بالأعمال التحضيرية، وما نصت عليه المادة 29 من قانون إيجار الأماكن 49 لسنة 1977 المقابلة لنص المادة 21 من القانون 52 لسنة 1969 أن الالتزامات الناشئة عن العقود عامة بما في ذلك عقد الإيجار لا تقع على عاتق طرفيه، وإن كان لهما باتفاقهما أن يرتبا حقوقا للغير، ومن طبيعة عقد إيجار المساكن أنه عائلي وجماعي لا يتعاقد فيه المستأجر ليسكن بمفرده بل لتعيش معه أفراد أسرته أو غيرهم ممن يتراءى له إسكانهم … الخ
(الطعن رقم 8797 لسنة 66 ق جلسة 23/6/2003)
المقرر في قضاء محكمة النقض أن لعقد إيجار المسكن طابعاً عائلياً وجماعياً لا يتعاقد فيه المستأجر ليقيم في المسكن بمفرده، وإنما لينضم إليه أفراد أسرته، ومن يتراءى له إيواءهم به، وأن المساكنة تنشئ للمنتفعين بالعين المؤجرة من غير الأقارب المحددين بالمادة 21 من القانون رقم 52 لسنة 1969 المقابلة للمادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977م حقاً في البناء فيها بالرغم من ترك المستأجر لها أو وفاته بشرط أن يثبت حصولها منذ بدء الإيجار.
ومادام أن إقامة هؤلاء المساكنين لم تنقطع – فإنه يحق لهم الإفادة من الامتداد القانوني للعقد، وأنه وإن كانت محكمة الموضوع تستقل بتقدير حصول هذه المشاركة السكنية أو نفيها باعتبارها من مسائل الواقع التي تستخلصها المحكمة مما تطمئن إليه من أدلة الدعوى دون معقب عليها إلا أن ذلك مشروط بأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله، وأن تكون قد واجهت كل دفاع جوهري يثيره الخصوم بما يقتضيه.
(الطعن رقم 5169 لسنة 62 ق جلسة 27/3/1996)
لعقد الإيجار طابع عائلي وجماعي لا يتعاقد فيه المستأجر ليسكن بمفرده بل ليعيش معه أفراد أسرته ومن يتراءى له إيواءهم وقد استهدفت التشريعات الخاصة بإيجار الأماكن حماية شاغلي العين المؤجرة من عسف المؤجر وتمكينه والمقيمين معه من إقامة مستقرة في السكن إبان أزمة الإسكان، وجعلت عقد إيجار تلك الأماكن ممتدة تلقائياً وبحكم القانون إلى غير مدة محددة طالما بقيت تلك التشريعات التي أملتها اعتبارات النظام العام بحيث لا يجوز إخراج المقيمين إقامة مستديمة مع المستأجر بغير إرادتهم إلا بسبب من الأسباب التي حددتها تلك التشريعات على سبيل الحصر.
إلا أن ذلك لا ينفي نسبية أثر عقد الإيجار من حيث الأشخاص فلا يلتزم بها غير عاقديه الأصليين اللذين يأتمران بقانون العقد، ومن حيث المضمون فلا يلزم العقد إلا بما تضمنه من التزام، طالما بقي المستأجر الأصلي على قيد الحياة يسكن العين المؤجرة، لم يبرحها إلى مسكن آخر، ولم ينسب إليه أنه تنازل عن حقه في الإيجار أو أجره من باطنه خلافاً لما يفرضه عليه القانون.
يؤيد هذا النظر الذي لم يرد به نص صريح في القانون رقم 121 لسنة 1947 أن المشرع في المادة 21 من القانون رقم 52 لسنة 1969 ثم في المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 عني بتعيين المستفيد من مزية الامتداد القانوني بعد وفاة المستأجر الأصلي أو تركه العين بما يشير إلى أن المقيمين مع المستأجر الأصلي لا تترتب في ذمتهم التزامات قبل المؤجر خلال فترة مشاركتهم المستأجر الأصلي في السكن، ويبقى هذا الأخير هو الطرف الأصيل الوحيد في التعامل مع المؤجر.
ولا يسوغ القول بأن المقيمين مع المستأجر يعتبرون مستأجرين أصليين أخذاً بأحكام النيابة الضمنية، انحرافاً عن المبادئ العامة في نسبية أثر العقد حين يقوم بإرادة النائب وينصرف أثره إلى الأصيل لأن هؤلاء ليسوا طبقاً للقانون أطرافاً في عقد الإيجار ولا تربطهم بالمؤجر أية علاقات تعاقدية مباشرة أو غير مباشرة سواء كانت إقامتهم في بداية الإيجار أو بعده.
وإنما تمتعهم بالإقامة في العين قياماً من المستأجر بالتزامات أدبية ذات طابع خاص قابلة للتغيير والتعديل متعلقة به هو ولا شأن لها بالمؤجر، وكيفية استعمال المستأجر لمنفعة المسكن مسألة عارضة لا تبرر فكرة المجاز القانوني على أساس النيابة الضمنية.
لما كان ذلك وكان الواقع في الدعوى أن عقد إيجار عين النزاع أبرم في 16/9/1967 بين الطاعنة وبين ابنتها التي كانت زوجاً للطاعن آنذاك، وأن المؤجرة استصدرت حكماً في الدعوى رقم 10977 لسنة 1970 مدني مستعجل القاهرة قبل ابنتها المستأجرة منها بطردهم من العين المؤجرة لتخلفها في سداد الأجرة من أول يناير سنة 1968 ولتضمن عقد الإيجار الشرط الصريح الفاسخ.
وكان هذا الحكم قد نفذ بإخلاء المستأجرة وزوجها المطعون عليه الذي كان يقيم معها في 12/4/1971، فإن ما خلص إليه الحكم المطعون فيه من أن المطعون عليه غير ملزم بأجرة شقة النزاع طالما أنه كان مقيماً مع المستأجرة الأصلية بسبب علاقة الزوجية التي كانت تربطهما خلال الفترة المطالب بأجرتها وطالما أنه لم ينفرد بشغل الشقة بأي سبيل بعد خروج المستأجرة الأصلية منها هو النتيجة التي تتفق والتطبيق الصحيح للقانون.