نعرض بحث المستشار أحمد محمود موافى أحمد الرئيس بنيابة النقض ، عن ضوابط تطبيق شريعة غير المسلمين في مصر ، الطوائف والملل ، المسيحيين – ومتى تطبق أحكام شريعتهم ، ومتى تطبق أحكام الشريعة الإسلامية عليهم ، وقد سبق وأن نشرنا بموقعنا من الواقع العملى لمكتبنا :

ضوابط-تطبيق-شريعة-غير-المسلمين-في-مصر

 

 

 

 

ضوابط-تطبيق-شريعة-غير-المسلمين-في-مصر

 

 

 

ضوابط-تطبيق-شريعة-غير-المسلمين-في-مصر

 

 

 

 

نص القانون

ضوابط تطبيق شريعة غير المسلمين في مصر

 

تنص المادة الثالثة من الدستور الجديد على أن مبادئ شرائع غير المسلمين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسي للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية ، وشئونهم الدينية ، واختيار قياداتهم الروحية . وهو ما يدعونا أن نقف على مدلول مصطلح الأحوال الشخصية ، ومفهوم  المبادئ التي تحكمها ، وضوابط هذا التطبيق فى ضوء الدستور الجديد

 

 

مسألة تحديد الشريعة واجبة التطبيق

ضوابط تطبيق شريعة غير المسلمين في مصر

 

 

تعتبر مسألة تحديد الشريعة واجبة التطبيق فيما يتعلق بمسائل الاحوال الشخصية من أهم المشكلات العملية التى تواجه المشتغلين بهذا الفرع من فروع القانون نظراً لتعدد وتشعب القوانين التى صدرت فى هذا الشأن تارة ، والقوانين التى تطبق على هذه المسائل تارة أخرى ، ولتعلقها وخضوعها لشريعة أطرافها بضوابط معينة من جهة ثالثة .

ولكن يمكن القول بأن مسائل الاحوال الشخصية من حيث القوانين التى تخضع لها هذه المسائل تتنوع  الى قواعد او قوانين إجرائية وأخرى موضوعية وذلك على التفصيل والبيان التالي .

 

القواعد الإجرائية واجبة الاتباع فى مسائل الاحوال الشخصية:ـ

 

تسرى على القواعد الإجرائية الاحكام المقررة فى القانون رقم 1لسنة 2000 كقاعدة عامة وتعديلاته بالقانون 10 لسنة 2004 فان لم يوجد نص تطبق القواعد الإجرائية الواردة فى قانون المرافعات على النحو الذى نصت عليه المادة الأولى من مواد اصدار هذا القانون وما نصت عليه المادة 13 من القانون 10 لسنة 2004وتلك القواعد تسرى على المصريين ـ مسلمين وغيرهم .

 

وقد بينت المادة الأولى من مواد اصدار القانون 1 لسنة 2000 نطاق تطبيق القانون بانه يسرى على جميع المصريين مسلمين وغير مسلمين متحدى الطائفة والملة ام مختلفين فيها ، وكذا يسرى على الأجانب

كما ورد بالمذكرة الايضاحية لهذا القانون ( فقد جمع المشروع بين دفتيه شتات القواعد التى تنظم  اجراءات التقاضى فى مسائل الاحوال الشخصية ، مع تقنيتها وتنقيحها وتوحيدها ، بالنسبة للمصريين والأجانب والمسلمين وغير المسلمين ).وهذا فيما يتعلق بالقواعد الإجرائية .

 

اما بالنسبة للقواعد والأحكام الموضوعية واجبة التطبيق فى مسائل الأحوال الشخصية

 

نصت الفقرة الأولى من المادة الثالثة من مواد اصدار القانون 1 لسنة 2000 على انه ( تصدر الأحكام طبقاً لقوانين الأحوال الشخصية والوقف المعمول بها , ويعمل فيما لم يرد بشأنه نص فى تلك القوانين بأرجح الأقوال من مذهب الأمام أبى حنيفة.

 

فقد وضعت تلك الفقرة القاعدة العامة فى نطاق تطبيق القواعد والقوانين الموضوعية فى مسائل الاحوال الشخصية بحيث تطبق القوانين الموضوعية التى تنظم تلك المسائل كالقانون 25 لسنة 1920، 25لسنة 1929 وتعديلاتهما بالقانون 100لسنة1985 ، و 4لسنة 2005 فان خلت تلك القوانين من نص فانه تطبق ارجح الأقوال من مذهب الإمام أبى حنيفة .

 

وقد قضت محكمة النقض

 

((الشريعة الإسلامية هي القانون العام الواجب التطبيق في مسائل الأحوال الشخصية وعملاً بالمادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية – الواجبة التطبيق – تصدر الأحكام فيها طبقاً لما هو مدون بهذه اللائحة ولأرجح الأقوال من مذهب الإمام أبي حنيفة ، فيما عدا الأحوال التي وردت بها قواعد خاصة للمحاكم الشرعية

تضمنت قواعد مخالفة للراجح من هذه الأقوال ؛ فتصدر الأحكام فيها طبقاً لتلك القواعد ومؤدى ذلك انه ما لم تنص تلك القوانين على قواعد خاصة – تعين الرجوع إلى أرجح الأقوال من مذهب أبي حنيفة

وهو ما لا يجوز معه – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – القول بأن سكوت القانون أو خلوه من النص على حكم في مسألة من المسائل إنما أراد به المشرع أن يخالف نصاً في القرآن الكريم أو السنة الصحيحة أو حكماً اتفق عليه فقهاء المسلمين.))

{ الطعن 485 لسنة 69 ق  جلسة 3/1/2005}

 

شروط تطبيق القواعد الخاصة بغير المسلمين من المصريين

ضوابط تطبيق شريعة غير المسلمين في مصر

 

تكون القواعد الموضوعية الواجبة التطبيق على غير المسلمين المتحدى الطائفة والملة هى تلك الواردة فى شريعتهم الخاصة بشروط أربعة هى : ـ

  • (1) أن تكون المسألة موضوع الدعوى من مسائل الاحوال الشخصية .
  • (2) ان يكون غير المسلمين متحدى الديانة والملة الطائفة.
  • (3) الا تخالف تلك القواعد الموضوعية فى الشريعة الخاصة لغير المسلمين المتحدى الطائفة والملة قواعد النظام العام فى مصر 
  • (4) ان تكون لهم جهة قضائية ملية منظمة حتى 31/12/1955، وقت صدور القانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والمجالس الملية.

 

الشرط الاول 

 أن تكون المسألة موضوع الدعوى من مسائل الاحوال الشخصية

 

يشترط حتى تكون القواعد الموضوعية الواردة فى الشرائع الخاصة هى القاعدة واجبة التطبيق أولا ان تكون الدعوى متعلقة بإحدى مسائل الاحوال الشخصية باعتبار أن هذه المسائل وحدها هى التى جعل القانون فيها سلطان الفصل فيها ـ كقاعدة عامة ـ لقوانين الطوائف الملية ، أما ما عدا هذه المسائل فلا يقيم لها القانون ثمة سلطان ، باعتبار ان الدستور يقضى بأن جميع المواطنون لدى القانون سواء وهم متساوون فى الحقوق والواجبات

 

أهمية تحيد المقصود بمسائل الاحوال الشخصية 

 

تبدو أهمية تحيد المقصود بمسائل الاحوال الشخصية من ناحيتين :ـ

  1. الأولى :ـ تحديد جهة القضاء والمحكمة المختصة بنظر هذه الدعاوى.
  2. الثانية :ـ تحديد القانون والقواعد الموضوعية واجبة التطبيق .

فمن الناحية الأولى أن جهة القضاء والمحاكم المختصة بمسائل الاحوال الشخصية هى محاكم الاسرة واختصاصها بنظر هذه المسائل والدعاوى الناشئة عنها اختصاص استئثاري ، ومتعلق بالنظام العام ، ولا تشاركها فى نظر تلك الدعاوى ثمة جهات او محاكم أخرى ، حيث تنص الفقرة الأولى من المادة الثالثة من القانون 10 لسنة 2004

“تختص محاكم الأسرة دون غيرها، بنظر جميع مسائل الأحوال الشخصية التي ينعقد الاختصاص بها للمحاكم الجزئية والابتدائية طبقاً لأحكام قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية الصادر بالقانون رقم 1 لسنة 2000 .

كما أن القانون  اختص  هذه المسائل بقواعد واجراءت مقررة استثناء على القواعد العامة فى الإجراءات والقواعد واجبة الإتباع  فى المسائل الأخرى التى تخرج من نطاق مسائل الاحوال الشخصية ، فنصت المادة الثالثة عشرة من القانون رقم 10 لسنة 2004 نصت على انه

“يتبع أمام محاكم الأسرة ودوائرها الاستئنافية القواعد والإجراءات المقررة في هذا القانون، وفي قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية المشار إليه، وتطبق فيما لم يرد به نص خاص فيهما أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية وأحكام قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية، وأحكام القانون المدني في شأن إدارة وتصفية التركات”.

أهمية تحديد المقصود بالأحوال الشخصية تبدو فى تحديد جهة القضاء والمحكمة المختصة بنظر تلك المسائل وهى كما سبق القول محاكم الاسرة التى تختص بنظر دعاوى الاحوال الشخصية للمصريين ـ مسلمين وغيرهم ـ وكذا تختص بنظر دعاوى غير المصريين .هذا من ناحية .

ومن ناحية أخرى تبدو هذه الأهمية فى معرفة القانون واجب التطبيق  فإذا تعلق النزاع بإحدى مسائل الاحوال الشخصية استلزم ذلك صدور الاحكام فى منازعات الاحوال الشخصية طبقاً لما نصت عليه المادة الثالثة من مواد اصدار القانون 1لسنة 2000  من أن تصدر الأحكام طبقاً لقوانين الأحوال الشخصية والوقف المعمول بها , ويعمل فيما لم يرد بشأنه نص فى تلك القوانين بأرجح الأقوال من مذهب الأمام أبى حنيفة.

ومع ذلك تصدر الأحكام فى المنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية بين المصريين غير المسلمين المتحدي الطائفة والملة الذين كانت لهم جهات قضائية ملية منظمة حتى 31 ديسمبر سنة 1955 _ طبقاً لشريعتهم _ فيما لا يخالف النظام العام .

أما بالنسبة للأجانب  فيرجع الى قواعد القانون الدولي الخاص لكى يتبين القانون واجب التطبيق وهى بصفة عامة تسرى عليهم القواعد القانونية للدولة التى ينتمون اليها بجنسيتهم ، اما القواعد الموضوعية للأجانب فإنها تتعدد وتختلف تبعاً لاختلاف الدول التى يحملون جنسيتها.

تحديد المقصود بمسائل الاحوال الشخصية :ـ

لم يعرف القانون المصرى المقصود بمدلول الاحوال الشخصية بل جرى على ذكر وايراد بيان لما يعد من هذه الاحوال كالمواد 16 من لائحة ترتيب المحاكم الاهلية ، والمادة 28 من لائحة التنظيم القضائى للمحاكم المختلطة، والمادة 2 من المرسوم بقانون رقم 91 لسنة 1937 بشأن اختصاصا محاكم الاحوال الشخصية المصرية

ثم المادة 13 ، 14 من قانون نظام القضاء الصادر بالقانون رقم 147 لسنة 1949 والمادة 4 مدنى مختلط وجميع هذه المواد الغيت ونذكرها على سبيل بيان للحالات التى اعتبرها القانون من مسائل الاحوال الشخصية .

موقف القضاء من تحديد مدلول الاحوال الشخصية :ـ

ثار خلاف فى القضاء حول تحديد مدلول اصطلاح الاحوال الشخصية فذهب رأى الى القول بان ما لم ينظمه المشرع المدنى تنظيماً كاملاً فهو من الاحوال الشخصية .

وذهب رأى اخر الى ان وجوب التفرقة بين المنازعات ذات اللون المالي وتلك ذات اللون الشرعى .

ولما عرض الامر على محكمة النقض فى 30 من نوفمبر سنة 1933 بصدد منازعة تدور حول النفقات انتهت الى ان النفقة فى الأصل من اختصاص جهات الاحوال الشخصية .

ونظراً لعدم وجود تعريف محدد لمدلول الاحوال الشخصية ولاتجاه المحاكم المختلطة الى التوسع فى تفسير هذا الاصطلاح حاولت محكمة النقض ان تضع تعريفاً لمدلول هذه الاحوال فقضت بأنها :ـ

(( الأحوال الشخصية هى مجموعة ما يتميز به الإنسان عن غيره من الصفات الطبيعية أو العائلية التى رتب القانون عليها أثراً قانونياً فى حياته الاجتماعية ككون إنسان ذكراً أو أنثى ، و كونه زوجاً أو أرملاً أو مطلقاً أو أباً أو ابنا شرعياً ، أو كونه تام الأهلية أو ناقصها لصغر سن أو عته أو جنون ، أو كونه مطلق الأهلية أو مقيدها بسبب من أسبابها القانونية .

أما الأمور المتعلقة بالمسائل المالية فكلها بحسب الأصل من الأحوال العينية ، و إذن فالوقف و الهبة و الوصية و النفقات على اختلاف أنواعها و مناسئها هى من الأحوال العينية لتعلقها بالمال و باستحقاقه و عدم استحقاقه .

غير أن المشرع المصرى وجد أن الوقف و الهبة و الوصية – و كلها من عقود التبرعات – تقوم غالباً على فكرة التصدق المندوب إليه ديانة ، فألجأه هذا إلى اعتبارها من قبيل مسائل الأحوال الشخصية كيما يخرجها عن اختصاص المحاكم المدنية التى ليس من نظامها النظر فى المسائل التى قد تحوى عنصراً دينياً ذا أثر فى تقرير حكمها .

على أن أية جهة من جهات الأحوال الشخصية إذا نظرت فى شئ مما تختص به من تلك العقود ، فإن نظرها فيه بالبداهة مشروط بإتباع الأنظمة المقررة قانوناً لطبيعة الأموال الموقوفة و الموهوبة و الموصي بها .

إذا لم يقم النزاع لا على علاقة الموصى بالموصي لهم و لا على علاقته بباقي ورثته ، و لم يكن متعلقاً بصيغة الوصية و لا بأهلية الموصى للتبرع ، فلا يعتبر ذلك مما يتعلق بالأحوال الشخصية . و لكن إذا قام النزاع على وصف الحقوق العينية التى رتبها الموصى للفقراء و الكنائس و لبناته على العقار الموصى بحق الإنتفاع به ، و على حكم القانون فى هذا الوصف 

فليس فى ذلك شئ من الأحوال الشخصية التى يحكمها قانون الملة و يقضى فيها المجلس الملى ، بل هو متعلق بأمور عينية يجب الرجوع فيها إلى القانون المدنى – الذى هو قانون موقع العقار – و إتباع قواعده ، لأنها من النظام العام .))

الطعن40 لسنـــة  3ق جلسة  21 / 6 / 1934 مكتب فني 1ع

ويبدو ان هذا الحكم قد تأثر بما جرى عليه الفقه الفرنسي فى تحديده للأحوال الشخصية ، وخاصة فى تحديده للمقصود بالحالة ، ولكن الحكم لم يقف عند التعريف الذى وضعه يحدد فيه الاحوال الشخصية ، بل أضاف بعد ذلك ما ذهب اليه المشرع المصرى من جعل الوقف والهبة والوصية من مسائل الاحوال الشخصية

وبذلك فقد التعريف أهميته فى ان يكون أساسا علمياً للتفرقة بين الاحوال الشخصية والاحوال العينية ، واذا كان الحكم قد ذكر ان تلك المسائل ( الوقف والهبة والوصية )من مسائل الاحوال العينية ثم اعتبرت من مسائل الاحوال الشخصية فإن الذى اوقعه فى ذلك هو ربط الاختصاص التشريعي بالاختصاص القضائى

فطالما ان تلك المسائل قد أخرجت من اختصاص المحاكم المدنية والحقت باختصاص محاكم الاحوال الشخصية فإنها تعتبر من مسائل الاحوال الشخصية حتى ولو كانت بحسب طبيعتها من الاحوال العينية .

 

ويلاحظ كذلك على هذا الحكم انه اعتبر النفقات على اختلاف أنواعها ومناسئها من الاحوال العينية ، مع ان هناك ما يفيد اعتبارها من الاحوال الشخصية ، وهذا ما كانت تقضى به المحاكم الاهلية تطبيقاً لنص المادة 16 من اللائحة سالفة الذكر.

كما انه يناقض حكمها السابق والذى انتهى الى اعتبار النفقات من الاحوال الشخصية واختصاص جهات الاحوال الشخصية بها .

كما يلاحظ على هذا الحكم أيضا انه أورد تعريفاً للأحوال الشخصية وهو اقرب الا ان يكون تعريفاً للحالة وسبب ذلك تأثر الحكم بتعريف الفقه الفرنسي لمدلول مسائل الاحوال الشخصية

كما ان الحكم لم يميز بطريقة ظاهرة بين الحالة والأهلية إذ اعتبر الأخيرة داخلة فى الأولى مع انها فى الواقع نتيجة لها ، مما يخلص منه انها وان حاولت ان تضع تعريفاً لمدلول مسائل الاحوال الشخصية الا انها لم تحدده بصورة واضحة مانعة من نقد الفقه (1).

ولكن يؤخذ مما تقدم ان الاحوال الشخصية هى :ـ

  • (1) المسائل المتعلقة بحالة الأشخاص واهليتهم والولاية والوصاية والقوامة والحجر والاذن بالإدارة والغيبة واعتبار المفقود ميتاً .
  • (2) المسائل المتعلقة بنظام الاسرة كالخطبة والزواج ونظام الأموال بين الزوجين والطلاق والتطليق والانفصال الجسماني والنسب والتبني والالتزام بالنفقة بين الأقارب والاصهار والمواريث والوصايا والهبات .

وهذه المسائل هى التى يعهد الى القانون الديني فى الأصل بالحكم فيها ، غير ان المشرع المصرى اخرج بعض هذه المسائل من ولاية القانون الديني وقنن فيها تشريعاً عاماً يسرى على جميع المصريين مسلمين وغير مسلمين . والحكمة التى من اجلها وحد القانون فيها إخضاع هذه المسائل لقوانين وضعية هى انها مسائل تبعد عن العقيدة الدينية  وهذه المسائل هى :ـ

(1) الاهلية والولاية والقوامة والاذن بالإدارة ويحكمها القانون رقم 119 لسنة 1952 والقانون المدنى ( المواد من 44 ـ 48 ) اما أحكام الغيبة واعتبار المفقود ميتاً فينظمها القانون رقم 25 لسنة 1920 والقانون رقم 25 لسنة 1929 المعدل بالقانون2 لسنة 2006 وقواعد الشريعة الإسلامية تطبيقاً للمادة 32 من القانون المدنى .

(2) الهبة ويحكمها القانون المدنى ( المادة من 286 ـ 500).

(3)  الوصايا والمواريث ، اما الوصية فقد نصت المادة 915 مدنى على ان تسرى عليها احكام الشريعة الإسلامية والقوانين الصادرة فى شأنها ،واهم هذه القوانين القانون رقم 71 لسنة 1946

وكذلك بالنسبة للمواريث نصت المادة 875 مدنى على ان ( تعيين الورثة وتحديد انصابهم فى الارث وانتقال أموال التركة اليهم تسرى فى شأنها احكام الشريعة الإسلامية والقوانين الصادرة فى شأنها ،واهم هذه القوانين القانون رقم 77لسنة 1943،

وهذا يعنى ان احكام الوصايا والمواريث أصبحت موحدة بالنسبة للمصريين جميعاً مسلمين وغيرهم .

 

تحديد المقصود بغير المسلمين

ضوابط تطبيق شريعة غير المسلمين في مصر

 

يستخلص من نص الفقرة الثانية من المادة الثالثة من مواد اصدار القانون 1لسنة 2000 والتى حددت غير المسلمين الذين لهم الحق فى الاحتكام الى شرائعهم الدينية بانهم هم  المصريين  غير المسلمين متحدى الطائفة والملة الذين لهم جهات قضائية ملية منظمة حتى 31 ديسمبر سنة 1955 وهو وقت صدور القانون رقم 462 لسنة 1955

وهذا النص لا ينطبق الا على الديانة اليهودية والمسيحية فقط فهاتين الديانتين هما اللتان كانت لأتباعهما مجالس ملية منظمة وقت صدور القانون 462 لسنة 1955 ، وقد تفرق اتباعهما الى مذاهب وطوائف وهذا يقتضى منا بيان المقصود بالديانة والمذهب والملة وبيان تلك المذاهب والطوائف فى هاتين الشريعتين .

تعريف الديانة :ـ

هى رسالة موحى بها من الله سبحانه وتعالى الى نبي من انبيائه ، وتشتمل على التعاليم التى جاءت بها تلك الديانة والتى يبلغها النبي الموحى اليه.

والديانات المعترف بها فى مصر ـ غير الإسلام ـ هى الديانة اليهودية والمسيحية وهى التى اعتد بها القانون المصرى ورتب اثراً عليها فى احتكام تابعيهما الى احكام شريعتهما .

تعريف الملة :

طريقة معينة لعبادة الله سبحانه وتعالى وهى تقترب من معنى الدين وتختلف عن المذهب وهو أسلوب من النظر فى الملة .

تعريف الطائفة :

هى مجموعة تشكل وحدة دينية داخل الملة .

وهناك من يرى بان الملة هى وسيلة فى فهم الديانة وان الطائفة هى جماعة من الناس يعتنقون ملة واحدة ويجمعهم برابط مشترك من جنس او لغة او عادات او غير ذلك ، فالطائفة وحدة اجتماعية والملة وحدة دينية .

وهذا التعريف يخلط بين الملة والمذهب .

وهناك من يعرف الطائفة بانها مجموعة من الناس تؤمن بديانة معينة وتستخلص من شريعة تلك الديانة عقيدة تقول بها ، وان المذهب هو العقيدة التى تقول بها الطائفة فالطائفة تعتنق مذهبا من ديانة.

والملة هى طريقة ممارسة مجموعة من طائفة للمذهب الذى تعتنقه .

وتعد الملل لا يستتبع تعدد المذاهب بل قد يكون المذهب واحد ولكن اختلاف الملة يرجع الى اختلاف الأصل او اللغة او العادات وهذا الاختلاف يؤدى الى ان يمارس اهل كل ملة المسائل الروحية بطقوس معينة وبلغة معينة تغاير تلك التى تمارسها الملل الأخرى التى تتبع ذات المذهب .وعدد هذه الطوائف أربعة عشرة طائفة .

 

هل الطوائف الأربعة عشر واردة على  سبيل الحصر بشأن تطبيق حكم الفقرة الثانية من المادة الثالثة من مواد اصدار القانون 1لسنة 2000؟

 

هل الطوائف الوارد بيانها سلفاً واردة على سبيل الحصر من حيث الاختصاص التشريعي لها ام يمكن وجود طوائف او ديانات أخرى يكون لها ذات الاختصاص التشريعي المقرر للطوائف المذكورة سلفاً ؟

فى البداية ان هذا التساؤل منشؤه ما كفله الدستور ونص عليه فى المادة 46 من ان تكفل الدولة حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية .

واغلب نصوص الدساتير العالمية تكفل حرية العقيدة باعتناق أي دين من الأديان السماوية او غير السماوية ، او عدم اعتناق ثمة دين وهو ما يعرف بالإلحاد.

وحرية العقيدة : ـ

تقتضى ان يكون لكل إنسان أن يؤمن بما يشاء من الأديان والعقائد التى يطمئن إليها ضميره وتسكن إليها نفسه ولا سبيل لأى سلطة عليه فيما يدين به في قرارة نفسه وأعماق وجدانه .

 

ومنطق حرية العقيدة قد يؤدى الى ان يوجد من لا يدينون بدين سماوي .

 

فهل نص الفقرة الثانية من المادة الثالثة من مواد اصدار القانون 1لسنة 2000 تنصرف الى كل من يعتنق اية ديانة ولو كانت غير سماوية كالديانات الهندوسية(عبدة البقر) او المجوسية (عبدة النار )  او من لا يدينون أصلا بثمة ديانة كالملاحدة او الشيوعيين ؟

 

مفهوم حرية العقيدة فى قضاء المحكمة الدستورية العليا :ـ

 

لقد ابانت المحكمة الدستورية مفهوم حرية العقيدة بصدد الدعوى التى أقيمت بعدم دستورية قرار وزير التربية والتعليم رقم 113لسنة 1994 ، والقرار المفسر له رقم 208 لسنة 1994 والذى قيد تلاميذ المدارس الرسمية والخاصة بارتداء الزى المبين بالقرار تبعاً لمراحل التعليم المختلفة حيث قالت

 

((إن النعى على القرار المطعون فيه ، مخالفته لحرية العقيدة التى نص عليها الدستور فى المادة 46 ، مردود بأن هذه الحرية ـ فى أصلها ـ تعنى ألا يحمل الشخص على القبول بعقيدة لا يؤمن بها أو التنصل من عقيدة دخل فيها أو الإعلان عنها أو ممالاة إحداها تحاملاً على غيرها سواء بإنكارها أو التهوين منها أو ازدرائها

بل تتسامح الأديان فيما بينها ويكون احترامها متبادلاً . ولا يجوز كذلك فى المفهوم الحق لحرية العقيدة أن يكون صونها لمن يمارسونها إضراراً بغيرها ولا أن تيسر الدولة ـ سراً أو علانية ـ الانضمام إلى عقيدة ترعاها إرهاقاً لآخرين من الدخول فى سواها ولا أن يكون تدخلها بالجزاء عقاباً لمن يلوذون بعقيدة لا تصطفيها وليس لها بوجه خاص أن يكون إذكاء صراع بين الأديان تمييزاً لبعضها على البعض

 

كذلك فإن حرية العقيدة لا يجوز فصلها عن حرية ممارسة شعائرها وهو ما حمل الدستور على أن يضم هاتين الحريتين فى جملة واحدة جرت بها مادته السادسة والأربعون بما نصت عليه من أن حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية مكفولتان وهو ما يعنى تكاملهما وأنهما قسيمان لا ينفصلان

وأن ثانيتهما تمثل مظاهر أولاهما بإعتبارها انتقالاً بالعقيدة من مجرد الايمان واختلاجها فى الوجدان إلى التعبير عن محتواها عملاً ليكون تطبيقها حياً فلا تكمن فى الصدور

ومن ثم ساغ القول بأن أولاهما لا قيد عليها وأن ثانيتهما يجوز تقييدها من خلال تنظيمها توكيداً لبعض المصالح العليا التى ترتبط  بها وبوجه خاص ما يتصل منها بصون النظام العام والقيم الأدبية وحماية حقوق الآخرين وحرياتهم .

الطعن 8 سنة 17 ق مكتب فني 7 جلسة 18 / 5 / 1996ص 656

 

كما قضت أيضا

(( إنه يبين من استقصاء النصوص الخاصة بحرية العقيدة في الدساتير المصرية المتعاقبة أنها بدأت في اصلها بالمادتين الثانية عشرة والثالثة عشرة من دستور سنة 1923 كانت أولاهما تنص على أن

“حرية العقيدة مطلقة” وكانت الثانية تنص على أن “تحمى الدولة حرية القيام شعائر الأديان والعقائد طبقا للعادات المرعية في الديار المصرية على أن لا يخل ذلك بالنظام العام ولا ينافى الآداب “

وتفيد الأعمال التحضيرية لهذا الدستور أن النصين المذكورين كانا في الأصل نصا واحدا اقترحته لجنة وضع المبادئ العامة للدستور مستهدية بمشروع الدستور أعده وقتئذ لورد كيرزون وزير خارجية إنجلترا التى كانت تحتل مصر وكان يجرى على النحو الآتى:

 

“حرية الاعتقاد الديني مطلقة فلجميع سكان مصر الحق في أن يقوموا بحرية تامة علانية أو في غير علانية بشعائر أية ملة أو دين أو عقيدة ما دامت هذه الشعائر لا تنافى النظام العام أو الآداب العامة”

وقد أثار هذا النص معارضة شديدة من جانب أعضاء لجنة الدستور لأنه من العموم والإطلاق بحيث يتناول شعائر الأديان كافة في حين أن الأديان التى يجب حماية شعائرها هى الأديان المعترف بها وهى الأديان السماوية الثلاثة الإسلام والمسيحية واليهودية – واستقر الرأى على أن يكون النص مقصورا على شعائر هذه الأديان فحسب فلا يسمح باستحداث أى دين، وصبغ النص مجزأ في المادتين الثانية عشرة والثالثة عشرة اللتين تقدم ذكرهما

 

وتضمنت الأولى النص على حرية العقيدة وتضمنت الثانية النص على حرية القيام بشعائر الأديان والعقائد … و… وظل هذان النصان قائمين حتى ألغى دستور سنة 1933 وحل محله دستور سنة 1956 وهو أول دستور للثورة فأدمج النصين المذكورين في نص واحد تضمنته المادة 43 وكان يجرى على النحو الآتى:

 

“حرية الاعتقاد مطلقة وتحمى الدولة حرية القيام بشعائر الأديان والعقائد طبقا للعادات المرعية على ألا يخل ذلك بالنظام العامة أو ينافى الآداب” ثم تردد هذا النص في دستور سنة 1958 في المادة (10) ثم دستور سنة 1964 (في المادة 23) واستقر أخيراً في المادة 46 من الدستور القائم ونصها

“تكفل الدولة العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية”.ومن حيث إنه يستفاد مما تقدم أن المشرع قد التزم في جميع الدساتير المصرية مبدأ حرية العقيدة وحرية إقامة الشعائر الدينية باعتبارهما من الأصول الدستورية الثابتة المستقرة في كل بلد متحضر –

فلكل إنسان أن يؤمن بما يشاء من الأديان والعقائد التى يطمئن إليها ضميره وتسكن إليها نفسه ولا سبيل لأى سلطة عليه فيما يدين به في قرارة نفسه وأعماق وجدانه.

أما حرية إقامة الشعائر الدينية وممارستها فهى مقيدة بقيد أفصحت عنه الدساتير السابقة وأغفله الدستور القائم وهو “قيد عدم الإخلال بالنظام العام وعدم منافاة الآداب”

 

ولا ريب أن أغفاله لا يعنى إسقاطه عمدا أو إباحة إقامة الشعائر الدينية ولو كانت مخلة بالنظام أو منافية للآداب. ذلك أن المشرع رأى أن هذا القيد غنى عن الإثبات والنص عليه صراحة باعتباره أمر بدهيا واصلا دستوريا يتعين إعماله ولو أغفل النص عليه – أما الأديان التى يحمى هذا النص حرية القيام بشعائرها فقد استبان من الأعمال التحضيرية لدستور سنة 1923 عن المادتين 12، 13 منه وهما الأصل الدستورى لجميع النصوص – ومنها نص المادة 46 من الدستور الحالى – حرية القيام بشعائرها إنما هى الأديان المعترف بها وهى الأديان السماوية الثلاثة.

 

إن العقيدة البهائية على ما أجمع عليه أئمة المسلمين ليست من الأديان المعترف بها – ومن يدين بها من المسلمين يعتبر مرتدا- ويبين من استقصاء تاريخ هذه العقيدة أنها بدأت في عام 1844 حين دعا إليها مؤسسها ميرزا محمد على الملقب بالباب في إيتان عام 1844 معلنا أنه يستهدف بدعوته إصلاح ما فسد وتقويم ما أعوج من أمور الإسلام والمسلمين

وقد اختلفت الناس في أمر هذه الدعوى وعلى الخصوص في موقعها من الشريعة الإسلامية وحسما لهذا الخلاف دعا مؤسسها إلى مؤتمر عقد في بادية “بدشت” بإيران في عام 1848 حيث أفصح عن مكنون هذه العقيدة وأعلن خروجها وانفصالها التام عن الإسلام وشريعته

 

كما حلت كتبهم المقدسة وأهمها كتاب البيان الذى وضعه مؤسس الدعوى ثم الكتاب الأقدس الذى وضعه خليفته ميزرا حسن على الملقب بالبهاء أو بهاء الله وقد صيغ على نسق القرآن الكريم بما يؤيد هذا الإعلان من مبادئ واصول تناقض مبادئ الدين الإسلامى وأصوله كما تناقض سائر الأديان السماوية وشرعوا لأنفسهم شريعة خاصة على مقتضى عقيدتهم تهدر أحكام الإسلام في الصوم والصلاة ونظم الأسرة وتبتدع أحكاما تنقضها من أساسها.

ولم يقف مؤسسو هذه العقيدة عند حد ادعاء النبوة والرسالة معلنين أنهم رسل يوحى إليهم من العلى القدير منكرين بذلك أن محمد عليه الصلاة والسلام خاتم الأنبياء والمرسلين كما جاء في القرآن الكريم “ما كان محمدا أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين” بل جاوزا ذلك فأدعوا الألوهية

ثم خرجوا من مجال العقيدة الدينية إلى مجال السياسة المعادية للأمة العربية فضلا عن الإسلام والمسلمين فبشروا في كتبهم بالدعوة الصهيونية، معلنين أن بنى إسرائيل سيجتمعون في الأرض المقدسة حيث تكون “أمة اليهود التى تفرقت في الشرق والغرب والشمال والجنوب مجتمعة”.

الطعن 7  لسنــة 2ق  جلسة 1 / 3 / 1975  مكتب فني 1

اذا كانت حرية العقيدة مكفولة لكن القانون المصرى لم يرتب اثراً من حيث الاختصاص التشريعي بشأن مسائل الاحوال الشخصية الا على الديانة المسيحية واليهودية بالنسبة لغير المسلمين ، لان النص المذكور بالمادة الثالثة من القانون 1لسنة 2000

ومن قبله نص المادة السادسة من القانون 462 لسنة 1955 صريحة وواضحة فى اشتراط ان يكون لغير المسلمين الذين يراد تطبيق شريعتهم قضاء ملى منظم وقت صدور القانون 462 لسنة 1955 ، ولم يكن هناك قضاء ملى معترف به سوى القضاء بين تابعي هاتين الديانتين فقط

 وقد أكدت المحكمة الدستورية فى حكمها بصدد الطعن على قرار حل المحافل البهائية

(( إن الحماية التى يكفلها الدستور لحرية إقامة الشعائر الدينية مقصورة على الأديان السماوية الثلاثة المعترف بها كما تفصح عن ذلك الأعمال التحضيرية للمادتين 12، 13 من دستور سنة 1923 التى تقدم ذكرهما وهما الأصل التشريعي الذى ترجع إليه النصوص الخاصة بحرية العقيدة وحرية إقامة الشعائر الدينية في الدساتير المصرية التى تلت هذا الدستور. ولما كانت العقيدة البهائية ليست دينا سماويا معترفا به فإن الدستور لا يكفل حرية إقامة شعائرها.))

 الطعن 7  لسنــة 2ق  جلسة 1 / 3 / 1975  مكتب فني 1

ويترتب على ذلك تطبيق القاعدة العامة وهى الشريعة الإسلامية عند نشوء نزاع بين غير المسلمين ولم يتعلق بمسيحيين او يهود تتوافر شروط تطبيق شريعتهم ، وذلك بالنسبة لغير المسلم الذى لم يكن لطائفته او ديانته التى ينتمى اليها قضاء ملى منظم قبل 31 ديسمبر 1955، فلا يكون لشريعته ثمة اختصاص بالتطبيق على نزاعه هذا وانما يتم تطبيق القاعدة العامة وهى الشريعة الإسلامية .

ومع ذلك اتجهت بعض المحاكم الى عدم الاعتراف بحرية العقيدة وبالتالى عدم تطبيق النتائج التى تترتب على تخلف شروط تطبيق شريعة غير المسلمين

ففى قضية ذكرت فيها الزوجة انها اعتنقت العقيدة الفرعونية فأصبحت ملحدة ( والواقع انها أصبحت لا تدين بدين سماوي ) بعد ان كانت هى وزوجها مسيحيين من مذهب الكاثوليك ، وانها لذلك تطلب التفريق بينها وبينه إعمالاً لاحكام الشريعة الاسلامية لاختلاف مذهب الطرفين ، إذ هذه الشريعة لا تسمح باستمرار الزواج بين الكتابى والملحدة .

فلم تجبها المحكمة الى دعواها ، وبينت ان حرية العقيدة لا تكون الا فى حدود الأديان السماوية ، وبالتالى فإن إنحراف الزوجة الى غير دين سماوي او عقيدة او عقيدة او ملة او ديانة لها أصول وشرائع ، يؤدى الى القول ببقائها على ملتها الاصلية والتى كانت تتحد فيها مع زوجها ، فتطبق شريعتها الدينية ، خاصة ان الدول المتمدينة لم تنظم شريعة تطبق على الملحدين (1) .

ولكن كما سبق القول ان الدستور كفل حرية العقيدة وان القانون فيما يتعلق بالأحوال الشخصية لغير المسلمين قد اعتد بالديانة المسيحية واليهودية وطوائفهما الأربعة عشرة وجعل لها اختصاص تشريعي بأن أجاز لها الاحتكام الى شريعتهما فى مسائل احوالهما الشخصية دون ما عداها من مسائل ، ودون ما عداها من ديانات او طوائف غير معترف بها ، او لم يرتب القانون لها اثراً ،

لانه كما سبق البيان ان الضابط فى ذلك وجود جهات قضائية ملية منظمة لهذه الديانة او الطوائف التابعة لها  وذلك متى توافرت الشروط التى أحال بموجبها القانون الى شريعة هذه الديانة ، فان انتفى هذا الشرط ولم يكن لهذه الديانة او الطائفة او الملة جهات قضائية ملية منظمة وقت صدور القانون 462 لسنة 1955 ، او كان لها ذلك المجلس ولكن لم تتوافر الشروط التى سيأتي ذكرها بعد ، طبقت احكام الشريعة العامة وهى الشريعة الإسلامية على الدعوى عندئذ .

مدلول الشريعة  الخاصة واجبة التطبيق على المصريين غير المسلمين:

ساد فى القضاء اتجاهان حول المقصود بالشريعة الخاصة بالمصريين غير المسلمين الواجب تطبيقها عند توافر شروط تطبيقها :ـ

 (الاتجاه الاول ) :

 ذهب الى ان الكتب السماوية هى المصدر الوحيد للشريعة الخاصة لغير المسلمين وقيد أنصار هذا الاتجاه أحوال الطلاق بما ورد فى هذه الكتب السماوية من ان رابطة الزوجية لا تقبل الفسخ الا لعلة الزنا ، وهذا الرأى مرجوح .

 ( الاتجاه الثانى ) :

 يذهب الى ان المقصود بالشريعة الخاصة هو ما اشتملت عليه الكتب السماوية وغيرها من المصادر ، وهذا الرأى هو الراجح والذى استقر عليه قضاء محكمة النقض  .

وقد جاء بالمذكرة الايضاحية للقانون فى هذا الشأن (ان القواعد الموضوعية التى تطبقها أكثر المجالس فيما يطرح عليها من الاقضية غير مدونة وليس من اليسير ان يهتدى اليها عامة المتقاضين وهى مبعثرة فى مظانها بين متون الكتب السماوية وشروح وتأويلات لبعض المجتهدين من رجال الكهنوت ))

وفى ذلك قضت محكمة النقض

(( أن ما تقضى به الفقرة الثانية من المادة السادسة من القانون 462 لسنة 1955 من صدور الأحكام فى المنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين المتحدي الطائفة و الملة طبقاً لشريعتهم لا يقتصر مدلوله على ما جاء بالكتب السماوية وحدها بل ينصرف إلى ما كانت تطبقه جهات القضاء الملى قبل إلغائها باعتبارها شريعة نافذة .))

( الطعن رقم 16لسنـة 58ق  تاريخ الجلسة23 /1 / 1990 مكتب فني 41 )

وقد اكدت المحكمة الدستورية العليا هذا الاتجاه وخضوع الشريعة الخاصة بالمفهوم السابق لرقابتها الدستورية : ـ

حيث قضت بانه

(( جرى قضاء هذه المحكمة على ان المشرع وقد أحال فى شأن الاحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين الى شرائعهم مستلزما تطبيقها دون غيرها فى كل ما يتصل بها فانه يكون قد ارتقى بالقواعد التى تتضمنها هذه الشرائع الى مرتبة القواعد القانونية من حيث عمومتها وتجريدها وتمتعها بخاصية الالزام لينضبط بها المخاطبون بأحكامها ويندرج تحتها فى نطاق الاحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس لائحتهم التى اقرها المجلس الملى العام فى 9 مايو 1938 وعمل بها اعتبارا من 8 يوليو 1938

اذ تعتبر القواعد التى احتوتها هذه اللائحة – على ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 1 لسنة 2000 بإصدار قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضى فى مسائل الاحوال الشخصية التى حلت محل الفقرة الثانية من المادة السادسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 – شريعتهم التى تنظم أصلا مسائل احوالهم الشخصية بما مؤداه خضوعها للرقابة الدستورية التى تتولاها هذه المحكمة .

الطعن201 لسنة20 ق دستورية مكتب فني 9 جلسة 6/ 1/ 2001 ص835

اذن العبرة بمجموعة 1938 باعتبار أن المجالس الملية كانت تجرى على احكامها حتى إلغائها بالقانون 462لسنة 1955 .

ولذلك فان سلامة التطبيق فى دعاوى التطليق للفرقة واستحكام النفور يكون استناداً الى نص المادة 57 من مجموعة 1938،وكذا الاستناد الى المادة 56 فى التطليق لسوء السلوك وفساد الاخلاق ، ولا محل للتحدى بأن احكام مجموعة 1955هى واجبة التطبيق وانها قد خلت من نص خاص يجيز التطليق لهذا السبب

وذلك لانه لا الزام فى الاستناد الى الاحكام التى حوتها نصوص هذه المجموعة دون غيرها من المصادر الأخرى التى يرجع اليها لدى الطائفة المذكورة ، إذ لم يصدر لأى منهما تشريع من الدولة بحيث يجوز القول بأن التنظيم اللاحق يلغى التنظيم السابق وان العبرة فى ذلك بما كانت تسير عليه المحاكم الملية فى قضائها استقاءً من المصادر المختلفة لشريعة تلك الطائفة.

والملاحظ ان احكام محكمة النقض المتواترة فى الاخذ بمجموعة الاقباط الأرثوذكس لسنة 1938 دون مجموعة 1955جعل المجموعة الأولى قانوناً وضعياً مصدره القضاء .

 

الشرط الثانى 

 أن يكون هناك اتحاد فى الطائفة والملة عند رفع الدعوى .

سبق القول بان الملة هى طريقة معينة لعبادة الله سبحانه وتعالى وهى تقترب من معنى الدين وتختلف عن المذهب وهو أسلوب من النظر فى الملة .

وان الطائفة : هى مجموعة تشكل وحدة دينية داخل الملة .

وهناك من يعرف الطائفة :بانها ذلك الفريق من الناس الذين يجمعهم رباط مشترك من الجنس او اللغة او العادات تؤمن بدين معين وتعتنق مذهباً او ملة واحدة .

مفهوم الاتحاد ونطاقه

يشترط ان يكون غير المسلمين متحدى الطائفة والملة حتى تطبق عليهم احكام شريعتهم ، فلا يكفى الاتحاد فى الديانة او الطائفة فقط ، بل يلزم الاتحاد فى الطائفة والملة فلا يكفى مثلاً ان يكون الخصوم من المذهب الأرثوذكسي بل يجب ان يكونوا من طائفة واحدة

بان يكونوا مثلاُ من الاقباط الارثوذكس او الارمن الارثوذكس او الروم الارثوذكس ، فان اختلف احدهما عن الاخر بان كان احدهما قبطى ارثوذكسى والاخر ارمنى ارثوذكسى لا تطبق احكام الشريعة الارثوذكسية بل تطبيق الشريعة الاسلامية .

فيكون القانون قد استلزم لتطبيق الشريعة الخاصة الاتحاد فى الطائفة والملة ورتب الأثر على الاختلاف فيهما كالاختلاف فى الديانة فى استبعاد الشريعة الخاصة من التطبيق .

وذلك ما اعتد به القانون واستقر عليه القضاء وذلك على عكس ما ذهب اليه البعض من ان المقصود بالاتحاد هو الاتحاد فى المذهب فقط وان الاختلاف فى الطائفة لا يحول دون تطبيق احكام الشريعة الخاصة .

وهذا الراي يهدف الى الحد من نطاق تطبيق الشريعة العامة والتوسع فى نطاق تطبيق احكام الشريعة الخاصة بغير المسلمين .

وهذا الراي إضافة الى مخالفته النصوص الصريحة الواردة فى المادة السادسة من القانون 462 لسنة 1955 والتى سبق ذكرها ، والتى استعيض عنها بنص المادة الثالثة من مواد اصدار القانون رقم 1لسنة 2000لان النص صريح فى اشتراط الاتحاد فى الطائفة والملة ، ولو قصد النص الاتحاد فى الديانة او المذهب فقط دون الملة او الطائفة لنص على ذلك صراحة

ولا ينال من ذلك التذرع بان هذا الرأي يتفق مع حرية العقيدة وتطبيق الشريعة الخاصة على اطراف النزاع افضل من تطبيق الشريعة العامة عليهما فانه يرد على ذلك بان الأصل هو تطبيق الشريعة العامة وان الاستثناء كما سبق القول تطبيق الشريعة الخاصة وان ولاية هذه الشرائع الدينية ولاية استثنائية واذا سمح بتطبيقها

فانه يتعين ان يكون ذلك فى اضيق نطاق ، والاستثناء لا يقاس عليه ولا يتوسع فى تفسيره ، كما ان القواعد العامة فى هذه الشرائع الخاصة غير موحدة حتى يمكن الاكتفاء بشرط الاتحاد فى المذهب دون الطائفة او الملة ، كما ان ولاية هذه الشرائع الدينية استثناء من الاصل والتوسع فيه يتنافى مع الروح العامة فى التشريعات التى الغيت بها جهات القضاء الدينية وهى روح التوحيد فعدم التوسع فى تطبيق القواعد الاستثنائية يتفق مع روح التوحيد.

موقف محكمة النقض من مفهوم ونطاق شرط الاتحاد

كما ان احكام محكمة النقض قد استقرت على شرط الاتحاد فى الطائفة والملة ورتبت على الاختلاف فى الطائفة استبعاد الشريعة الخاصة من التطبيق وعدت الاختلاف فيها بمنزلة الاختلاف فى المذهب .

تغيير الطائفة او الملة وأثره فى تحديد الشريعة واجبة التطبيق :ـ

حكم التغيير فى ظل القانون 462 لسنة 1955

 لقد كانت المادة السابعة من القانون رقم 462 لسنة 1955 تضع معيارً محدداً لمعرفة مدى توافر اتحاد الخصوم فى الطائفة والملة من عدمه واثر ذلك فى تحديد القواعد الموضوعية واجبة التطبيق على النزاع .

وهذا المعيار هو وقت رفع الدعوى فاذا كان الطرفان وقت رفع الدعوى متحدى الطائفة والملة والديانة تطبق عليهم شريعتهم الخاصة ما لم يكن فيها ما يخالف النظام العام

ولا يغير من سريان قواعد شريعتهم الخاصة على النزاع تغيير احدهم ديانته او طائفته او ملته الى ملة أخرى اثناء سير الدعوى ما لم يكن هذا التغير الى الإسلام فانه يطبق فى هذه الحالة احكام الشريعة الإسلامية .فنصت على انه

 ( لا يؤثر فى الفقرة الثانية من المادة المتقدمة ، تغيير الطائفة او الملة بما يخرج احد الخصوم عن وحدة طائفية الى أخرى اثناء سير الدعوى ، الا اذا كان التغيير الى الإسلام فتطبق الفقرة الأولى من المادة من هذا القانون  )

والعبرة فى وقت الاتحاد هو وقت رفع الدعوى  وقد أراد  القانون أن يتخذ من سير الدعوى وانعقاد الخصومة فيها ـ وهو وصف ظاهر منضبط ـ لا من مجرد قيام النزاع ، مناطاً يتحدد به الاختصاص والقانون الواجب التطبيق على أطرافها ، كما نه هو التاريخ الذى تظهر عنده المنازعة الجدية ، كما انه لا يحول دون حرية العقيدة وما يترتب عليها من اثر عند تغييرها الى طائفة او ملة أخرى.

حكم التغيير فى ظل القانون 1 لسنة 2000

لما صدر القانون 1 لسنة 2000 لم يحدد معيار اخر لذلك فيظل الأمر على حاله ويبقى معيار وقت رفع الدعوى هو الأساس فى تحديد القواعد الموضوعية واجبة التطبيق .وقد استقر قضاء النقض على ذلك .

وتسرى كذلك حالة التغيير المنصوص عليها فى المادة السابعة من القانون الملغى رقم 462 لسنة 1955

( لا يؤثر فى الفقرة الثانية من المادة المتقدمة ، تغيير الطائفة او الملة بما يخرج احد الخصوم عن وحدة طائفية الى أخرى اثناء سير الدعوى ، الا اذا كان التغيير الى الإسلام فتطبق الفقرة الأولى من المادة من هذا القانون  )

مع انه تجدر الإشارة الى ان النص المذكور وإن كان النص فيه يقتصر على تغيير الطائفة او الملة الا انه من باب أولى تغيير الديانة ينتج اثره اذا كان اثناء سير الدعوى الى الإسلام ولم ينص القانون على ذلك صراحة لانه لا توجد طوائف او  ملل او مذاهب فى الإسلام

وانما كله ديانة واحدة  والتغيير اليه يقتضى تغيير الديانة ، ولذلك لم يرتب القانون او النص ثمة اثر على التغيير من الديانة الى أخرى غير الإسلام فإنه لا يعتد بهذا التغيير الذى يحدث اثناء نظر الدعوى ، ويسرى عليه ذات حكم التغيير الذى يطرأ على الطائفة او الملة فكما ان التغيير فيهما لا ينتج اثراً اثناء سير الدعوى فكذلك تغيير الديانة لا يعتد به ولا ينتج اثراً ما لم يكن الى الإسلام .

واذا كان التغيير اثناء سير الدعوى كما سبق القول لا يعتد به ولا ينتج ثمة اثر وتظل الشريعة التى كانت تحكم الخصوم عند رفع الدعوى هى نفسها التى تسرى على النزاع حتى بعد التغيير اثناء سير الدعوى ، وذلك استناداً الى ان القانون قد اقام قرينة على ان التحول اثناء سير الدعوى قصد به التحايل على تطبيق احكام الشريعة الخاصة والتهرب من تطبيقها وهذه القرينة قاطعة لا تقبل اثبات العكس والتى أقامها القانون على افتراض نية الغش والتحايل على القانون .

مع ملاحظة ان هذا الأثر المترتب على التغيير نسبى بمعنى انه اذا كان القانون لم يعتد بهذا التغيير الذى تم اثناء سير الدعوى وافترض فيه نية التحايل ولم يرتب عليه اثراً فى هذه الدعوى فانه يرتب اثراً فى المستقبل بالنسبة للدعاوى التى ستقام بعد ذلك لان التغيير هنا يكون قد تم قبل رفع الدعوى ، ولم يكن بنية التحايل .

ومفهوم المخالفة للنص المذكور يقتضى ان التغيير قبل رفع الدعوى ينتج اثره سواء اقتضى تطبيق احكام الشريعة العامة ، او تطبيق شريعة أخرى خاصة وذلك يحدث فى حالة ما اذا كان طرفى الدعوى كانا مختلفين عند العقد ثم غير احدهما ملته الى الآخر قبل رفع الدعوى ترتب على ذلك توافر شرط الاتحاد فى الطائفة والملة ومن ثم يقتضى ذلك تطبيق احكام الشريعة الخاصة بطرفي الدعوى .

هذا التغيير لا يتم بمجرد ابداء الرغبة او الطلب بل لابد من موافقة الطائفة أو الملة التى يرغب فى الانضمام اليها واعتماد هذا الطلب من الجهة المختصة بهذه الطائفة والتى تملك بحث الدوافع الى التغيير

وتملك ابطال هذا التغيير ان ثبت ان القصد منه التحايل كما لو اخفى الزوج مثلاً نزاعه مع زوجته ، كما تملك الجهة الدينية فصله من هذه الطائفة ، وانه لا يعتد بهذا التغيير الا اذا تم بعد استيفاء هذه الإجراءات قبل رفع الدعوى  ما لم يكن هذا التغيير الى الإسلام  .

فاذا كان التغيير الى الإسلام فانه ينتج اثره سواء كان قبل رفع الدعوى او اثناءها او بعدها ويرتب اثره فى تطبيق الشريعة الإسلامية  والمستقر عليه فى قضاء محكمة النقض أن الاعتقاد الديني من الأمور التى تبنى الأحكام فيها على الأقوال بظاهر اللسان ، و التى لا يجوز لقاضى الدعوى أن يبحث فى جديتها و لا فى بواعثها أو دواعيها .

 

عبء اثبات تغيير الطائفة او الملة 

 

يقع عبء اثبات اختلاف الملة او الطائفة على من يتمسك به باعتباره مدعياً عكس الثابت أصلاً ـ وهى واقعة مادية يجوز اثباتها بكافة طرق الاثبات عن طريق البينة والقرائن والاقرار .

وقد يستدل على هذا التغيير مما هو ثابت فى شهادة الميلاد او من شهادة كنسية الطائفة او القيد فى سجلاتها او التعميد فيها .

 

الشرط الثالث 

 ان يكون للطائفة قضاء ملى منظم حتى 31 ديسمبر 1955

يشترط لتطبيق الشريعة الخاصة على النزاع المتعلق بمصريين غير مسلمين ومتعلق بإحدى مسائل الاحوال الشخصية على النحو سالف البيان اضافة الى اتحادهما فى الملة والطائفة ان يكون لهذه الطائفة قضاء ملى منظم حتى تاريخ صدور القانون 462 لسنة 1955 وهو 31 /12/ 1955. وهذا لا ينطبق الا على الديانة المسيحية واليهودية وعددها أربعة عشرة طائفة

فان القانون لم يرتب اثراً الا على هذه الطوائف الأربعة عشر ، وعلى ذلك ما عدا هذه الطوائف الأربعة عشرة لا يكون لها ثمة اختصاص تشريعي فيما يتعلق بمسائل الاحوال الشخصية وتسرى من ثم على منازعاتها احكام الشريعة الإسلامية حتى وان كانت المنازعة تتعلق بإحدى مسائل الاحوال الشخصية ، حتى وإن اتحد الخصوم فى الديانة او الطائفة والملة ، وحتى ولو لم يكن فى تطبيق شريعتهم ما يخالف النظام العام فى مصر

وذلك لانه لم يكن لهذه الطائفة او الديانة او الملة قضاء ملى منظم فى 31 /12 /1955 ، وإن كانت حرية العقيدة مكفولة الا ان القانون قيد جعل الاختصاص التشريعي للطوائف الدينية الخاصة بان يكون لها قضاء ملى منظم

ومن ثم ما يخالف ذلك يخضع لأحكام الشريعة الإسلامية وهى الشريعة العامة كما ان الدستور نص على ان الإسلام هو دين  الدولة ، وتطبيق الشريعة الخاصة استثناء وهو لا يقاس عليه ولا يتوسع فى تفسيره . وفى هذا رد على ما ينادى به البعض من الاعتراف بالمذاهب التى ظهرت حديثاً وتطالب بتطبيق قواعد خاصة بها كالبهائية وغيرها .

 

الشرط الرابع

 الا تخالف احكام هذه الشريعة قواعد النظام العام والآداب فى مصر 

يمكن القول بان النظام العام هو التقاليد الراسخة فى العائلة المصرية والمصالح الأساسية السائدة فيها ، ويصعب وضع معيار محدد لمفهوم النظام العام فى الاسرة لانه امر غامض وغير واضح ولكن مما يساعد على تصوره فهم الحكمة التى على أساسها اعتبر القانون

( النظام العام ) مانعاً من تطبيق شرائع المصريين غير المسلمين.

وعرفت محكمة النقض النظام العام بانه

يشمل القواعد التي ترقي إلى تحقيق المصلحة العامة للبلاد ، والتي تتعلق بالوضع الطبيعي المادي أو المعنوي لمجتمع منظم ، وتعلو فيه على مصالح الأفراد ، وتقوم فكرته على أساس مذهب علماني بحت يطبق مذهباً عاماً تدين به الجماعة بأسرها ، ولا يجب ربطه البتة بأحد أحكام الشرائع الدينية

وإن كان هذا لا ينفي قيامه أحياناً على سند مما يمت إلى العقيدة الدينية بسبب متى أصبحت هذه العقيدة وثيقة الصلة بالنظام القانوني والاجتماعي المستقر في ضمير الجماعة بحيث يتأذى الشعور العام عند عدم الاعتداد به

ومن ذلك المبادئ المتصلة بجوهر العقيدة المسيحية ، والتي تعد مخالفة المسيحي لها مروقاً من ديانته وانحرافاً عن عقيدته وخرقاً لمسيحيته ، طالما لا تنطوي مبادئ الشرعية الخاصة على ما يتجافى وقواعد النظام العام في مصر

ومن قبيل هذه المبادئ ما تدين به العقيدة الكاثوليكية بطوائفها المختلفة من عدم قابلية العلاقة الزوجية للانحلال ، واحتراماً لهذه العقيدة ورفعاً للمشقة عن معتنقيها نص القانون على عدم قبول دعوى الطلاق فيما بينهم.

نطاق تطبيق احكام الشريعة الإسلامية على المصريين غير المسلمين مختلفى الطائفة والملة

يثور التساؤل عن النطاق الذى يتم فيه تطبيق احكام الشريعة الإسلامية على مختلفي الطائفة او الملة من غير المسلمين ؟ هل تطبق القواعد الواردة فى الشريعة الإسلامية باعتبارها الشريعة العامة ولو تعارضت او تصادمت مع أحد المبادئ المتصلة بجوهر العقيدة المسيحية و التى تعد مخالفة المسيحى لها مروقاً من ديانته و انحرافا عن عقيدته و خرقاً لمسيحتيه ، طالما لا تنطوى مبادئ الشريعة الخاصة على ما يتجافى و قواعد النظام العام فى مصر؟

ام لا تطبق فى هذه الحالة القواعد الواردة فى الشريعة الإسلامية لتعارضها مع القواعد المتصلة بجوهر العقيدة المراد تطبيق مبادئها الخاصة بشريعتها ؟

وهنا يثور التساؤل عن الحكمة من الإحالة الى القواعد الواردة فى الشريعة العامة وهى الشريعة الإسلامية طالما انها لن تطبق وتغدو معها إحالة القانون اليها لغواً لأنها قصد من نص الإحالة الوارد فى المادة الثالثة من مواد اصدار القانون 1 لسنة 2000تطبيق قواعد الاسناد والتى تقضى بترك غير المسلمين وما يدينون فى تنظيم احوالهم الشخصية ؟

 و من قبيل هذه المبادئ التى لا تتعارض و قواعد النظام العام و تعتبر من الأصول الأساسية فى الديانة المسيحية مبدأ حظر تعدد الزوجات والقول بتطبيق احكام الشريعة العامة على مختلفي الطائفة او الملة من غير المسلمين اعمالاً لنص الإحالة الى الشريعة العامة الوارد فى المادة سالفة الذكر

فان ذلك مؤداه اباحة هذا التعدد والقول بذلك يصطدم مع أحد المبادئ المتصلة بجوهر العقيدة المسيحية و التى تعد مخالفة المسيحى لها مروقاً من ديانته و انحرافا عن عقيدته و خرقاً لمسيحتيه ،حالة كون هذا المبدأ لا ينطوى على ما يتجافى و قواعد النظام العام فى مصر؟

ولقد أثيرت هذه المسألة بمناسبة حكم صدر من محكمة استئناف القاهرة فى 21 / 3/ 1978 وقد ذهب رأى الى ان المسيحى المصرى اذا كان متفقاً مع زوجته طائفة وملة فلا يجوز له ان يعدد زوجاته ، لان الارتباط بزواج قائم مانع من الزواج عند المسيحيين ، اما اذا اختلفا فعندئذ تطبق الشريعة الإسلامية تطبيقاً لنص المادة 3 من القانون 1لسنة 2000.

ومن قبله القانون 462 لسنة 1955 والذى قنن ما كان يجرى عليه العمل اثناء قيام المجالس الملية والمحاكم الشرعية ، وقد استقر قضاء محكمة النقض منذ 3/12 / 1936 على الاعتداد بتغيير الطائفة او الملة بحيث لا يصح ان يدعى احد الزوجين فى مواجهة الآخر بان له حقاً مكتسباً من عقد الزواج ، خصوصاً وان الزواج عقد شخصى وليس عقداً مالياً ، كما انه يجرى الامر على جواز التطليق بارادته المنفردة المختلفة معه فى الطائفة والملة .

ولكن هذا الرأي غير مقبول من الكنيسة القبطية الارثوذكسية على أساس ان الطوائف المسيحية تحرم تعدد الزوجات ، وانه يجب الوقوف عند شريعة العقد وعدم الاعتداد بالتغيير فى الطائفة الذى يتم بعد عقد الزواج .

 

 ومع ذلك قضت إحدى دوائر محكمة النقض  واجابت على التساؤل السابق فى قضائها بان

 

(( المستقر فى قضاء هذه المحكمة أن الشريعة الإسلامية هى شريعة القانون العام و بمعنى أنها تختص أصلاً بحكم علاقات الأسرة بالنسبة للمسلمين و غيرهم و أن الشرائع الأخرى تختص بصفة إستثنائية و عند توافر شروط معينة بحكم هذه العلاقات ، و مفاد المادتين 6 و 7 من القانون رقم 462 لسنة 1955 بشأن إلغاء المحاكم الشرعية و المحاكم الملية و المادة 280 من المرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 بلائحة ترتيب المحاكم الشرعية ، أن أحكام الشرعية الإسلامية باعتبارها الشريعة العامة هى الواجبة التطبيق فى منازعات الأحوال الشخصية التى تقوم بين الزوجين المسيحيين إذا اختلفا طائفة أو مله

و المقصود بالخضوع للشريعة الإسلامية أن تكون أحكامها الموضوعية التى يخضع إليها المسلم – دون أحكام الشريعة الخاصة – هى الواجبة التطبيق ، لأنه من غير المقصود أن يكون تطبيق الشريعة العامة يقصد به تطبيق قواعد الإسناد التى تقضى بترك غير المسلمين و ما يدينون فى تنظيم أحوالهم الشخصية و تكون الإحالة إلى الشريعة الإسلامية منذ البداية لغواً ينبغى أن ينزه عنه المشرع

إلا أنه لا محل لأعمال هذه القواعد الموضوعية فى الشريعة العامة و التى يتمتع بمقتضاها الزوج المسيحى بنفس حقوق الزوج المسلم إذا تصادمت مع أحد المبادئ المتصلة بجوهر العقيدة المسيحية و التى تعد مخالفة المسيحى لها مروقاً من ديانته و إنحرافاً عن عقيدته و خرقاً لمسيحيته

طالما لا تنطوى مبادئ الشريعة الخاصة على ما يتجافى و قواعد النظام العام فى مصر و من قبيل هذه المبادئ التى لا تتعارض و قواعد النظام العام و تعتبر من الأصول الأساسية فى الديانة المسيحية مبدأ حظر تعدد الزوجات أذ لا يجوز إعمال ما يناقضه من الأحكام الموضوعية فى الشريعة العامة

 

لما كان ما تقدم و كان ما أوردته المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 462 لسنة 1955 من أنه ” يكفل احترام ولاية القانون الواجب التطبيق حتى لا يكون هناك إخلال بحق أى فريق من المصريين مسلمين أو غير مسلمين فى تطبيق شريعة كل منهم ” دليل غير داحض على أن المشرع إنما قصد احترام كافة الشرائع عامة و خاصة و أن الإخلال بالقواعد الأساسية المتعلقة بصميم العقيدة و بجوهر الديانة

لم يدر بخلده و فيه مجاوزة لمراده . يؤيد هذا النظر أن الشارع استبقى الفقرة الأخيرة من المادة 99 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية التى تستلزم الدينونة بالطلاق لسماع الدعوى به من أحد الزوجين غير المسلمين على الآخر ، عانياً بذلك طائفة الكاثوليك التى تدين بعدم قابلية العلاقة الزوجية للانحلال

احتراما لمبدأ أصيل متعلق بجوهر العقيدة الكاثوليكية بطوائفها المختلفة أخذاً بتخصيص القضاء و دفعاً للحرج و المشقة . يظاهر هذا القول أن إباحة تعدد الزوجات فى الشريعة الإسلامية مقيد بعد مجاوزة الزواج من أربع و مشروط بالعدل بين الزوجات و القدرة على الإنفاق

 

و لئن لم يكن هذان الشرطان من شروط الصحة فينعقد الزواج صحيحاً رغم تخلفهما ، إلا أن الشخص يكون آثماً يحاسبه الله سبحانه على الجور و على عدم القيام بتكاليف الزواج ، فإن الخطاب فى هذا الشأن – كما هو ظاهر – موجه إلى المسلمين دون غيرهم

و يغلب فيه الجزاء الديني بحيث يستعصى القول بانسحاب هذه القاعدة الدينية البحتة على من لا يدين أصلاً بالعقيدة التى تستند إليها إباحة التعدد ، و يكون إجازة تعدد الزيجات المتعاصرة للمسيحي حتى عند اختلاف الملة أو الطائفة بغير سند

و إذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر و جعل عمدته فى قضائه أعمال الأحكام الموضوعية للشريعة العامة فى غير حالات انطباقها و أباح تعدد الزوجات للمسيحي رغم تنافره مع أصل أساسي من أصول عقيدته فإنه يكون مخالفاً للقانون) .

 

الطعن رقم 16 لسنـة 48ق جلسة 17 /1 / 1979 مكتب فني 30 ص 276

 

واستندت محكمة النقض فى هذا القضاء بان

 

  1. (1) حظر تعدد الزوجات من الأصول الأساسية فى الديانة المسيحية على اختلاف مللها وطوائفها ويجب اعتبار الزواج الثانى مع قيام الزواج الأولى باطلاً ولو رضى به الزوجان . ولا محل لإعمال احكام الشريعة الإسلامية اذا تعارضت مع جوهر العقيدة المسيحية فيما لا يخالف النظام العام .
  2. (2) توجب المذكرة الايضاحية للقانون رقم 462 لسنة 1955 احترام كافة الشرائع فقد ورد بها ان هذا القانون يكفل احترام ولاية القانون الواجب التطبيق حتى لا كون هناك اخلال بحق أي فريق من المصريين مسلمين او غير مسلمين فى تطبيق شريعة كل منهم .
  3. (3) تحريم تعدد الزوجات على المسيحى احتراماً لعقيدته يتفق مع اتجاه واضع القانون من منع سماع دعوى التطليق بين طوائف الكاثوليك احتراماً لعقيدتهم ودفعاً للحرج والمشقة عنهم .
  4. (4) جواز تعدد الزوجات فى الشريعة الإسلامية خطاب موجه الى المسلمين فحسب ، ويغلب فيه الجزاء الديني عند مخالفه شروطه من العدل والقدرة على الاتفاق .

وقد أورد الأستاذ الدكتور / عبد الناصر توفيق العطار  ان هذا الحكم أخطأ فى فهم الشريعة المسيحية وفى فهم الشريعة الإسلامية ، وفى تفسير القانون 462 لسنة 1955وبيان ذلك كالاتي :ـ

 

(1) اعترف حكم النقض بوجوب تطبيق الشريعة الإسلامية عند اختلاف الزوجين المسيحيين فى الطائفة ، وهو صريح نص القانون 462 لسنة 1955، الا انه قضى بوجوب تقييد تطبيق احكام الشريعة الإسلامية على المسيحيين بجوهر العقيدة المسيحية ، وهو قيد لم ينص عليه القانون 462 لسنة 1955 ولم يرد فى أي قانون 

وينشئ قاعدة تشريعية جديدة مؤداها انه اذا اختلف الزوجان المسيحيان فى الطائفة فتطبق عليهما القواعد التى تتصل بجوهر العقيدة المسيحية والا فقواعد الشريعة الإسلامية ، ومحكمة النقض لا تملك التشريع .

(2)  نص المذكرة الايضاحية للقانون 462 لسنة 1955 صريح فى وجوب احترام ولاية القانون واجب التطبيق ، فاذا كانت الشريعة الإسلامية واجبة التطبيق بحسب قواعد هذا القانون فهل احترام ولايتها لا يتفق مع تقييد تطبيقها بما لا يتعارض مع جوهر العقيدة المسيحية ؟

(3) نص واضع اللائحة الشرعية على عدم سماع دعوى التطليق بين الزوجين المسيحيين اللذين لا يدينان به ، دون نصه على عدم سماع دعوى فسخ او بطلان الزواج لتعدد الزوجات عند المسيحيين المختلفين الطائفة دليل على انه يجيز للمسيحي ان يعدد زوجاته ، والا فلو كان واضع النص قد رأى غير ذلك لنص عليه كما نص على عدم سماع دعوى التطليق .

(4) تقييد تطبيق الشريعة الإسلامية بجوهر العقيدة المسيحية ، يتعارض مع روح القانون 462 لسنة 1955 الذى وسع من تطبيق الشريعة الإسلامية بدليل اعتداده بتغيير الملة الحاصل الى الإسلام ولو تم اثناء سير الدعوى .

(5)  لم يرد نص يقيد تطبيق الشريعة الإسلامية بالا يكون هناك مجال للخيرة بين الاحكام الموضوعية للشرائع الطائفية ، ولم يجر العمل بذلك اثناء قيام المجالس الملية والمحاكم الشرعية التى قنن واضع القانون 462لسنة 1955 ما كانت تجرى عليه .

(6) ظن حكم النقض سالف الذكر ان تعدد الزوجات محرم عند المسيحيين منذ عشرين قرناً ، والصحيح الذى حققه فقهاء القانون المسيحيون انفسهم ان تعدد الزوجات لم يحرم عند المسيحيين الا فى القرن السادس عشر الميلادي 

فاذا كان الحكم قد احاز للمسيحي ان يطلق زوجته بارادته المنفردة على أساس ان تحريم ذلك عند المسيحيين لم يتم الا بعد تسعة قرون من ظهور المسيح عليه السلام ، فأولى ان يجيز له تعدد الزوجات على أساس ان تحريم ذلك عند المسيحيين لم يتم الا بعد ستة عشر قرناً .

(7) تعدد الزوجات فى الإسلام لم يخاطب الشارع به المسلمين فحسب ، بل خاطب به الناس كافة ، بدليل ان جواز تعدد الزوجات ورد فى الآية الرابعة من سورة   النساء فى القران الكريم ، وقد بدأ الخطاب فى هذه السورة بقوله تبارك وتعالى ( يا أيها الناس ) ولو كان الحكم مخاطباً به المسلمون فحسب لكان الخطاب بقوله (يا أيها الذين آمنوا).

 

أما الامر بالعدل والقدرة على الانفاق فهو امر لكل زوج سواء كان متزوجاً بواحدة ام معدداً زوجاته ، وسواء كان مسلماً ام غير مسلم ، غاية الامر ان النص على ذلك فى تعدد الزوجات تنبيه الى ان هذين الامرين يحتاجان من الزوج الذى يعدد زوجاته الى عناية خاصة ، نظراً لاختلاف سلوك كل زوجة مع زوجها واختلاف مطالب كل منهن عن الاخرى .

 

 امر الشريعة الإسلامية بترك اهل الذمة وما يدينون يعنى انها تأمرنا باحترام مشاعر إخواننا المسحيين ، لكنها فى نفس الوقت توسع على المسيحيين وتساويهم فى هذا الحكم مع المسلمين ، فمن أراد منهم ان يعدد زوجاته فلا مانع من ذلك

وهى بهذا تجعل للزوجة الثانية حقوقاً باعتبارها زوجة وتجعل أولادها من هذا الزوج اولاداً شرعيين لهم حقوقهم 

بينما حكم النقض سالف الذكر يضيق على المسيحيين فيجعل الزواج الثانى زنا ، ولا حقوق فيه للزوجة الثانية باعتبارها عشيقة لا زوجة ، وليس لأولادها منه حقوق باعتبارهم اولاد زنا .

 

(8) على انه اذا ارادت الكنائس منع المسيحيين المصريين من تعدد الزوجات فذلك يمكن ان يتم عن طريق التنبيه على الكهنة بمنع عقد زواج المسيحى المتزوج زواجاً دينياً ، كما يمكن باستصدار قانون من مجلس الشعب ينص على انه ( لا يجوز للمسيحي ان يعدد زوجاته ولو اختلف الزوجان طائفة او ملة

 

وعن مدى اعتبار المسألة سالفة الذكر من النظام العام من عدمه ومعيار مدلوله

 

قضت محكمة النقض بانه

 

((وإن خلا التقنين المدنى و القانون رقم 462 لسنة 1955 من تحديد المقصود بالنظام العام ، إلا أن المتفق عليه أنه يشمل القواعد التى ترمى إلى تحقيق المصلحة العامة للبلاد سواء من الناحية السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية و التى تتعلق بالوضع الطبيعي المادى و المعنوى لمجتمع منظم و تعلو فيه على مصالح الأفراد و تقوم فكرته على أساس مذهب علماني بحت يطبق مذهباً عاماً تدين به الجماعة بأسرها و لا يجب ربطه البته بأح أحكام الشرائع الدينية 

و أن كان هذا لا ينفى قيامه أحياناً على سند مما يمت إلى العقيدة الدينية بسبب متى أصبحت هذه العقيدة وثيقة الصلة بالنظام القانونى و الاجتماعي المستقر فى ضمير الجماعة ، بحيث يتأذى الشعور العام عند عدم الإعتداد به ، مما مفاده وجوب أن تنصرف هذه القواعد إلى المواطنين جميعاً من مسلمين و غير مسلمين بصرف النظر عن دياناتهم 

فلا يمكن تبغيض فكرة النظام العام و جعل بعض قواعده مقصورة على المسيحيين و ينفرد المسلمون ببعضها الآخر ، إذ لا يتصور أن يكون معيار النظام العام شخصياً أو طائفياً و إنما يتسم تقديره بالموضوعية ، متفقاً و ما تدين به الجماعة فى الأغلب الأعم من أفرادها ، و بهذه المثابة فلا يمكن إعتبار مبدأ عام تعدد الزوجات من النظام العام بالمعنى السابق تجليته ، أخذاً بما هو مسلم به من قصره على الشريعة المسيحية وحدها .))

 

الطعن  16 لسنـة 48ق جلسة 17 /1 / 1979 مكتب فني 30 ص276

 

تعديل  لائحة الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس.2008

ضوابط تطبيق شريعة غير المسلمين في مصر

 

(المادة الأولى )

 

 يستبدل بنصوص المواد: (26 و27 و38 و41 و49 و50 و51 و68 و69 و70) من لائحة الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس التي أقرها المجلس الملي العام في 9/5/1938, النصوص التالية:

 

(المادة 26 )-:ـ

 

ليس للمرأة التي توفي زوجها أو قضى بانحلال زواجها منه أن تعقد زواجا ثانيا, إلا بعد انقضاء عشرة أشهر ميلادية كاملة من تاريخ الوفاة أو من تاريخ الحكم النهائي بانحلال زواجها منه إلا إذا وضعت حملها قبل هذا الميعاد.

 

(المادة 27):ـ

 

لا يجوز الزواج في الأحوال الآتية:ـ

 

(أ‌) “ـ إذا كان لدى أحد طالبي الزواج مانع طبيعي أو مرضي لا يرجى زواله يمنعه من الاتصال الجنسي..

(ب) :ـ إذا كان أحدهما مجنونا.

(ج):ـ إذا كان أحدهما مصابا بمرض قتال أو بمرض يجعله غير صالح للحياة الزوجية ولم يكن الطرف الآخر يعلم به وقت الزواج.

 

(المادة 38 ):ـ

يشترط لطلب الإبطال في الأحوال المنصوص عليها في المادة (37) أن ترفع الدعوى خلال ستة أشهر من وقت أن يصبح الزوج متمتعا بكامل إرادته أو من وقت العلم بالغش أو الغلط.

 

(المادة 41) – كل عقد يقع مخالفا لأحكام المواد (15 و16 و21 و22 و24 و25 و26 و27) يعتبر باطلا ولو رضي به الزوجان.

 

(المادة 49 ):ـ – الفصل الثامن: في انحلال الزواج:

 

ينحل الزواج الصحيح بأحد أمرين:

 

الأول: موت أحد الزوجين حقيقة أو حكما.

الثاني: التطليق.

 

الفصل الثامن: في انحلال الزواج. في أسباب التطليق. (المادة 50-) :ـ

 

  “يجوز لكل من الزوجين أن يطلب التطليق بسبب زنا الزوج الآخر.ويعتبر في حكم الزنا كل عمل يدل على الخيانة الزوجية لأي من الزوجين كما في الأحوال التالية:

1:ـ هروب الزوجة مع رجل غريب ليس من محارمها أو مبيتها معه بدون علم زوجها أو إذنه بغير مقتض. وكذلك مبيت زوج مع أخرى ليست من محارمه.

2:ـ ظهور دلائل أو أوراق صادرة من أحد الزوجين لشخص غريب تدل على وجود علاقة آثمة بينهما.

3:ـ وجود رجل غريب مع الزوجة بحالة مريبة أو وجود امرأة غريبة مع الزوج في حالة مريبة.

4:ـ تحريض الزوج زوجته على ارتكاب الزنا أو على ممارسة الفجور في علاقته بها.

5:ـ  إذا حبلت الزوجة في فترة يستحيل معها اتصال زوجها بها.

(م68):ـ – الفصل الثالث: في الآثار المترتبة على التطليق:

يترتب على التطليق انحلال رابطة الزوجية من تاريخ الحكم النهائي الصادر به فتزول حقوق كل من الزوجين وواجباته قبل الآخر ولا يرث أحدهما الآخر عند موته.

(المادة 69):ـ :”يصدر المجلس الإكليريكي تصريح زواج لكل من قضي له بالتطليق أو بطلان الزواج طبقا لأحكام هذه اللائحة خلال ستة أشهر من تاريخ تقديم الطلب مرفقا به صورة رسمية من الحكم النهائي بانحلال الرابطة الزوجية. وفي حالة رفض الطلب أو عدم الرد خلال ستة أشهر يجوز لطالب التصريح التظلم لقداسة البابا البطريرك لاتخاذ ما يلزم.

(م70) :ـ

“يجوز للزوجين بعد الحكم النهائي بالتطليق أو الإبطال التصالح واستئناف الحياة الزوجية من جديد على أن يثبت ذلك بعقد الزواج الكنسي وبعد استيفاء الإجراءات الدينية التي تقتضيها قوانين الكنيسة, على أن يتم التنازل عن حكم التطليق أو الإبطال على أصل صورة الحكم المشمولة بالصبغة التنفيذية”.

( المادة الثانية )

تلغى المادة (23) من الفصل الثالث والمادة (40) من الفصل السادس من الباب الأول والمواد من (52) إلى (58) من الفصل الأول من الباب الثاني والمواد من (59) إلى (67) الواردة بالفصل الثاني من الباب الثاني والمواد من (71) إلى (72) من الفصل الثالث من الباب الثاني.

( المادة الثالثة  )

 يستبدل بعبارة المجلس الملي العام عبارة المحكمة المختصة أينما وردت بهذه اللائحة.

( المادة الرابعة )

تنشر هذه التعديلات بالوقائع المصرية, ويعمل بها بعد شهر من اليوم التالي لتاريخ نشرها .

التوقيع : رئيس المجلس الملى العام قداسة البابا/ شنودة الثالث

 

موقف المحاكم من تطبيق هذه اللائحة

ضوابط تطبيق شريعة غير المسلمين في مصر

اختلفت المحاكم فى شأن تطبيق تعديلات هذه اللائحة إذ بعض المحاكم ترى انها غير ملزمة إذ لم يتم تعديل اللائحة طبقاً لإجراءات تعديل القوانين أو المراسيم بقوانين من خلال عرضها على السلطة التشريعية المختصة فى الدولة وهى مجلس الشعب

بينما بعض المحاكم ترى ان هذه اللائحة تحكم مسائل الأحوال الشخصية الخاصة بغير المسلمين والتى المرد فيها لشريعتهم وما يدينون ، وهى شأنها شأن لائحة 1938 ، و1945 ومن ثم تعد فى مرتبة القواعد القانونية التى يتعين على المحاكم الالتزام بها .

 

موقف محكمة النقض 

 

قضت محكمة النقض فى أحدث حكم لها بوجوب التقيد بأحكام اللائحة والتى تعد فى مرتبة القواعد القانونية تلتزم المحاكم بتطبيقها

 

(الطعن رقم 16384 لسنة 79ق تاريخ الجلسة   8/ 2 / 2011 )

 

يذكر أن محكمة النقض سبق وأن أرست مبدأ فى شأن تطبيق أحكام لائحة 1938 جاء فى أسبابه

 

تقضى الفقرة الثانية من المادة السادسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والملية على أنه ” أما بالنسبة للمنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية للمصرين غير المسلمين والمتحدي الطائفة والملة الذين لهم جهات قضائية ملية منظمة وقت صدور هذا القانون فتصدر الأحكام فى نطاق النظام العام طبقاً لشريعتهم ” ولفظ شريعتهم التى تصدر الأحكام طبقاً لها – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة

هو لفظ عام لا يقتصر مدلوله على ما جاء فى الكتب السماوية وحدها، بل ينصرف إلى كل ما كانت تطبقه جهات القضاء الملى قبل إلغائها بإعتباره شريعة نافذة، إذ لم يكن فى ميسور المشروع حين ألغى هذه الجهات أن يضع القواعد الواجبة التطبيق فى مسائل الأحوال الشخصية لغير المسلمين، فاكتفى بتوحيد جهات القضاء تاركاً الوضع على ما كان عليه بالنسبة للأحكام الموضوعية التى يتعين على المحاكم تطبيقها،

 

وأحال إلى الشريعة التى كانت تطبق فى تلك المسائل أمام جهات القضاء الملى، ولم تكن هذه الشريعة التى جرى العمل على تطبيقها تقتصر على ما جاء بالكتب السماوية. وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أنه استند فى قضائه بالتطليق لسوء السلوك وفساد الأخلاق إلى نص المادة 56 من مجموعة القواعد الخاصة بالأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس التى أقرها المجلس الملى العام فى 9/5/1938، وعمل بها من 8/7/1938بعد تجميعها من مصادرها

وأضطردت المجالس الملية على تطبيقها، لما كان ذلك، وكان لا محل للتحدى بأن أحكام مجموعة سنة 1955 هى الواجبة التطبيق وأنها قد خلت من نص خاص يجيز التطليق لهذ السبب، ذلك أنه لا إلزام فى الاستناد إلى الأحكام التى حوتها نصوص هذه المجموعة دون غيرها من المصادر الأخرى التى يرجع إليها لدى الطائفة المذكورة

 

إذ لم يصدر بأى منهما تشريع من الدولة بحيث يجوز القول بأن التنظيم اللاحق يلغى التنظيم السابق، والعبرة فى هذا الخصوص بما كانت تسير عليه المحاكم الملية فى قضائها استقاء من المصادر المختلفة لشريعة تلك الطائفة

ولما كان الحكم المطعون فيه، وعلى ما سلف البيان، قد طبق على واقعة الدعوى النص الوارد بشأنها فى مجموعة سنة 1938 باعتبار أن المحاكم الملية قد جرت على تطبيق أحكام هذه المجموعة منذ وضعها حتى ألغيت تلك المحاكم بالقانون رقم 462 لسنة 1955، فإنه لا يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون.

 

[الطعن رقم 3 لسنة42ق تاريخ الجلسة 6/6/1973 مكتب فني24ج2ص870 ]

 

إعداد المستشار/ أحمد محمود – رئيس نيابة النقض

 

تحميل البحث – ضوابط تطبيق شريعة غير المسلمين في مصر

 

اضغط على تطبيق شريعة غير المسلمين

Print Friendly, PDF & Email
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض

الأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض خبرات قضائية فى القانون المدنى والملكية العقارية ودعاوى الإيجارات ودعاوى الموظفين قطاع حكومى وخاص وطعون مجلس الدولة والنقض ليسانس الحقوق 1997

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

لا يمكنك نسخ محتوى هذه الصفحة