تصرفات المورث وحقوق الوارث
في هذا البحث شرح وافي لأثر تصرفات المورث علي حقوق الوارث والتي أبرمها حال حياته فمنها من ينتقل اليه بالتزامات يلتزم بها ومنها ما لا يلتزم به فما هي هذه الالتزامات الملزمة و الالتزامات غير الملزمة للوارث من مورثه.
محتويات المقال
- انصراف أثر العقد إلى الخلف العام
- أحوال القانون بعدم انتقال آثار العقد للخلف العام
- شخصية الوارث و شخصية المورث
- تصرفات المورث التى يعتبر فيها الوارث من الغير
- حجية التصرف الصادر من المورث لأحد الورثة علي باقي الورثة
- حجية الأحكام الصادرة علي المورث علي خلفه العام ( الورثة )
- اليمين الحاسمة التي يوجهها الخصم للوارث عن التصرف الصادر من مورثه
انصراف أثر العقد إلى الخلف العام
انصراف أثر عقد يبرمه شخص إلى خلفه العام بعد وفاته يعني إمكان انتقال الحقوق الناشئة عن هذا العقد إلى الخلف العام، وكذا مطالبة هذا الخلف بالتزاماته المترتبة على هذه العقود ويترتب على انصراف أثر العقد إلى الخلف العام أنه يسري في حقه ما يسري في حق السلف الخاص بشأن هذا العقد فلا يشترط ثبوت تاريخ العقد حتى يكون هذا التاريخ حجة له وعليه وفي الصورية يسري في حقه العقد الحقيقي دون العقد الصوري .
(الشرقاوي ص 379 – السنهوري بند 199)
وقد قضت محكمة النقض بأن
الوارث لا يعتبر في حكم الغير بالنسبة للتصرف الصادر من المورث إلى وارث آخر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – إلا إذا كان طعنه على هذا التصرف هو أنه وإن كان في ظاهره بيعاً منجزاً إلا أنه في حقيقته يخفي وصية إضراراً بحقه في الميراث أو أنه صدر في مرض موت المورث
فيعتبر إذ ذاك في حكم الوصية لأنه في هاتين الصورتين يستمد الوارث حقه من القانون مباشرة حماية له من تصرفات مورثه التي قصد بها الاحتيال على قواعد الإرث التي تعتبر من النظام العام أما إذا كان مبنى الطعن في العقد أنه صوري صورية مطلقة وأن علة تلك الصورية ليست هي الاحتيال على قواعد الإرث
فإن حق الوارث في الطعن في التصرف في هذه الحالة إنما يستمده من مورثه لا من القانون، ومن ثم لا يجوز له إثبات طعنه إلا بما كان يجوز لمورثه من طرق الإثبات
ولما كانت الطاعنة قد طعنت بالصورية المطلقة على عقد البيع الرسمي المسجل – الصادر من المورث إلى المطعون عليها – ودللت على تلك الصورية بقيام علاقة الزوجية بين البائع المشترية ومن أنها كانت عالمة بحصول التصرف الصادر إلى مورث الطاعنة منذ صدوره ولم تشر الطاعنة إلى أن هذا التصرف فيه مساس بحقها في الميراث ودفعت المطعون عليها بعدم جواز إثبات الصورية المطلقة إلا بالكتابة، إذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون يكون غير سديد
(الطعن رقم 729 لسنة 41ق جلسة 16/6/1976)
وبأنه المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يترتب على انصراف آثار العقد إلى الخلف العام طبقاً لنص المادة 145 من القانون المدني أنه يسري في حقه ما يسري في حق السلف بشأن هذا العقد فلا يشترط إذا ثبوت تاريخ العقد أو تسجيله حتى يكون التصرف حجة للخلف أو عليه لأنه قائماً مقام المورث ويلتزم بتنفيذ ما التزم به مورثه.
لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن هو أحد ورثة الشريك الذي أبرم عقد القسمة محل النزاع مع المطعون ضدهما ومن ثم فإن أثر هذا العقد ينصرف إليه باعتباره خلفاً عاماً لمورثه – وليس خلفاً خاصاً كما يدعي – ويكون حجة عليه دون توقف على ثبوت تاريخه أو تسجيله وفي طلبه نقض القسمة للغبن يسري في حقه ما يسري في حق مورثه من وجوب تقديم هذا الطلب في خلال السنة التالية للقسمة طبقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 845 من القانون المدني
(الطعن رقم 342 لسنة 57ق جلسة 15/4/1992)
وبأنه حق الشريك في إقرار عقد القسمة الذي لم يكن طرفاً فيه يظل قائماً له ما بقيت حالة الشيوع ويكون لورثته من بعده، ذلك أن عقد القسمة ليس من العقود التي لشخصية عاقديها اعتبار في إبرامها لأنها لو لم تتم بالرضا جاز إجراؤها قضاء، ولا يحول دون مباشرة الورثة لهذا الحق كون العقد الذي لم يوقعه أحد الشركاء ممن خص بنصيب مفرز فيه يعتبر بمثابة إيجاب موجه إلى ذلك الشريك فلا خلافة فيه إذ هو في قصد من وقعه إيجاب لا لشخص الشريك الآخر بالذات بل لكل من يمتلك نصيبه ومن ثم فإنه لا ينقضي بموت ذلك الشريك
(الطعن رقم 78 لسنة 22 ق جلسة 19/5/1955)
وبأنه وإن كانت الملكية لا تنتقل بعقد البيع غير المسجل إلا أنه يترتب عليه التزامات شخصية وهذه الالتزامات وأهمها تمكين المشتري من نقل الملكية تبقى في تركة المورث بعد وفاته ويلتزم بها ورثته من بعده فليس للوارث أن يتمسك ضد المشتري بعدم تسجيل عقد البيع الصادر له من المورث
(23/1/1941 مجموعة القواعد القانونية – المكتب الفني في 25 عاما)
وبأنه المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أنه يترتب على انصراف أثر العقد إلى الخلف العام أنه يسري في حقه ما يسري في حق السلف بشأن هذا العقد فلا يشترط إذن ثبوت تاريخ العقد أو تسجيله حتى يكون التصرف حجة للخلف أو عليه لأنه يعتبر قائماً مقام المورث ويلتزم بتنفيذ ما التزم به طالما أن العقد نشأ صحيحاً وخلصت له قوته الملزمة ما لم يطعن عليه بطريق الطعن المناسب
(الطعن رقم 861 لسنة 60ق جلسة 10/12/1992)
وقد قضت محكمة النقض أيضاً بأن
متى كانت شخصية الوارث مستقلة – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – عن شخصية المورث، وكانت التركة منفصلة عن أشخاص الورثة وأموالهم الخاصة فإن ديون المورث تتعلق بتركته التي تظل منشغلة بمجرد الوفاة بحق عيني تبعي لدائني المتوفى يخولهم تتبعها لاستيفاء ديونهم منها
ولا تشغل بها ذمة ورثته ومن ثم لا تنتقل التزامات المورث إلى ذمة الوارث لمجرد كونه وارثاً إلا في حدود ما آل إليه من أموال التركة، ويكون الوارث أن يرجع بما أوفاه عن التركة من دين عليها على باقي الورثة بما يخصهم منه كل بقدر نصيبه بدعوى الحلول أو بالدعوى الشخصية، فإن كان بدعوى الحلول فإنه يحل محل الدائن الأصلي في مباشرة إجراءات استيفاء حقه إذا أحاله إليه
(الطعن رقم 1313 لسنة 50 ق جلسة 30/5/1984)
وبأنه من المقرر أن شخصية الوارث تستقل عن شخصية المورث وتنفصل التركة عن أشخاص الورثة وأموالهم الخاصة وتتعلق ديون المورث بتركته ولا تشغل بها ذمة ورثته ومن ثم لا تنتقل التزامات المورث إلى ذمة الوارث لمجرد كونه وارثاً إلا في حدود ما آل إليه من أموال التركة، فلا يصح توقيع الحجز لدين على المورث إلا على تركته
(الطعن رقم 318 لسنة 42 ق جلسة 16/2/1981)
وبأنه التصرفات المنجزة الصادرة من المورث في حال صحته لأحد ورثته كون صحيحة ولو كان المورث قد قصد بها حرمان بعض ورثته لأن التوريث لا يقوم إلا على ما يخلفه المورث وقت وفاته.
أما ما يكون قد خرج من ملكه حال حياته فلا حق للورثة فيه ولا يعتبر الوارث في حكم الغير بالنسبة للتصرف الصادر من المورث إلى وارث آخر إلا إذا كان طعنه على هذا التصرف هو أنه وإن كان في ظاهره بيعاً منجزا إلا أنه في حقيقته وصية إضراراً بحقه في الميراث أو أنه قد صدر في مرض موت المورث
فيعتبر حينئذٍ في حكم الوصية لأن في هاتين الصورتين يستمد الوارث حقه من القانون مباشرة حماية له من تصرفات مورثه التي قصد بها التحايل على قواعد الإرث أما إذا كان مبنى الطعن غير ذلك فإن حق الوارث في الطعن في التصرف في هذا الحال إنما يستمده من مورثه – باعتباره خلفاً عاماً له – فيتقيد الوارث في إثبات هذا الطعن بما كان يتقيد به المورث من طرق الإثبات
(الطعن رقم 220 لسنة 31ق جلسة 13/1/1966)
وبأنه يدل نص المادة الثانية من مواد إصدار القانون رقم 203 لسنة 1991 بإصدار قانون شركات قطاع الأعمال العام على أن هيئات القطاع العام المنشأة بالقانون رقم 97 لسنة 1983 قد ألغيت وحلت محلها الشركات القابضة المنشأة بالقانون الأول فتكون للأخيرة كافة الحقوق المقررة للأولى وعليها كافة التزاماتها باعتبارها الخلف العام لها
(الطعن رقم 5445 و 5449 لسنة 61 ق جلسة 25/6/1992)
وبأنه للحكم الصادر ضد المورث حجية الأمر المقضي قبل الوارث إذا استند في الحق الذي يدعيه إلى تلقيه عن هذا المورث
(الطعن رقم 1323 لسنة 59 ق جلسة 30/3/1994)
وبأنه إن كان الأصل أن إقرارات المورث تعتبر ملزمة لورثته وأن الوارث لا يعتبر من طبقة الغير بالنسبة إلى الإقرارات الصادرة من المورث فإنها تسري عليه إلا أن شرط ذلك أن تكون هذه الإقرارات صحيحة
(الطعن رقم 381 لسنة 58 ق جلسة 11/2/1993)
وبأنهليس للخلف أن يسلك في الإثبات سبيلاً ما كان لمورثه أن يسلكه
(الطعن رقم 8662 لسنة 65 ق جلسة 6/2/1997)
أحوال القانون بعدم انتقال آثار العقد للخلف العام
ومن الأحوال التي يقضي القانون فيها بعدم انتقال آثار العقد فيها إلى الخلف العام، عقد الشركة، فالمادة 528 من القانون المدني تنص على انقضاء الشركة بموت أحد الشركاء، فلا يستطيع وارث الشريك أن يتمسك ببقاء الشركة وحلوله محل مورثه، وكذا عقد الوكالة حيث تنقضي الوكالة بموت الموكل أو الوكيل (المادة 714 مدني) وعقد العمل الذي ينتهي بوفاة العامل (المادة 697/1).
وكذلك لا تنصرف آثار العقد إلى الخلف العام إذا كان طرفاه قد اتفقا على عدم انتقالها إلى هذا الخلف ولو كانت طبيعة العقد لا تحول دون هذا الانتقال، ولو لم يكن هناك نص قانوني على منع انصراف أثر العقد إلى الخلف، كتأجير عين لشخص على ألا ينتقل حق الإيجار إلى ورثته أو الاتفاق على توريد سلعة على أن ينتهي التزام المورد بوفاته أو بوفاة الطرف الآخر.
وقد تقتضي طبيعة المعاملة عدم انصراف أثر العقد إلى الخلف العام كما لو كان عقد مرتب لمدى حياة شخص فمضمون الاتفاق نفسه يعني انقضاءه بمجرد وفاة مستحق المرتب وعدم انتقاله إلى ورثته، كذا العقود تنصب على عمل شخص ذي خبرة وشهرة خاصة كطبيب أو فنان، يحق لوارثه ولو كان من نفس حرفته أو مهنته، أن يطلب الحلول محل مورثه، في عقوده المتعلقة بهذه الحرفة أو المهنة
(الشرقاوي بند 63 وانظر السنهوري بند 347 – جمال زكي بند 140 – مرقص بند 297)
وقد قضت محكمة النقض بأن
لما كان البين من الأوراق أن الطاعنين استأنفا السير في الدعوى أمام محكمة الاستئناف بعد وفاة ابنهما المستأنف الأصلي تنفيذاً للحكم الصادر عليه من المحكمة العسكرية العليا في قضية الجناية رقم 7 لسنة 1981 عسكرية عليا والتي أقام الخصومة الماثلة اتقاء تطبيق أحكام قانون الأحكام العسكرية رقم 25 لسنة 1961 عليه فيها،
وكان لازم وفاة المدعي انقضاء الحق المدعى به متى كان لصيقاً بشخصه غير متصور أن تنتقل المطالبة به إلى الغير، ومن ثم فلا تكون للطاعنين ثمة صفة في حمل لواء الخصومة في الاستئناف بعد وفاة المستأنف للحكم لهما بالطلبات السالف الإشارة إليها وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة الصحيحة وقضى بعدم قبول الاستئناف على سند من انتفاء صفة الطاعن فيه فإنه يكون قد وافق صحيح القانون
(الطعن رقم 2441 لسنة 60 ق جلسة 26/3/1995)
وبأنه النص في المادة 145 من القانون على أن ”ينصرف أثر العقد إلى المتعاقدين والخلف العام دون إخلال بالقواعد المتعلقة بالميراث ما لم يتبين من العقد أو من طبيعة التعامل أو من نص القانون أن هذا الأثر لا ينصرف إلى الخلف العام“ يدل – وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية – على أن طبيعة التعامل التي تأبى أن ينتقل الحق أو الالتزام من المتعاقد إلى خلفه العام تستوجب أن يكون هذا الحق أو الالتزام مما ينقضي بطبيعته بموت المتعاقد لنشوئه عن علاقة شخصية بحتة
(الطعن رقم 1657 لسنة 49 ق جلسة 11/3/1985)
وبأنه “إذ كان البين من نص المادة 145 من القانون المدني ومذكرتها الإيضاحية أنها وضعت قاعدة تقضي بأن آثار العقد لا تقتصر على المتعاقدين بل تجاوزهم إلى من يخلفهم خلافة عامة عن طريق الميراث أو الوصية ولم يستثنى من هذه العبارة إلا الحالات التي تكون فيها العلاقة القانونية شخصية بحتة وهي تستخلص من إرادة المتعاقدين صريحة أو ضمنية أو من طبيعة العقد أو من نص في القانون
(الطعن رقم 688 لسنة 64 ق جلسة 8/11/1995)
شخصية الوارث لا تعتبر امتداداً لشخصية المورث، ولذا فهو لا يحل محله في علاقاته القانونية. ولا يلتزم الوارث بأي دين، يجاوز ما كسبه من حقوق التركة ذلك أن انتقال التركة من المورث إلى الوارث يحكمه مبدأ ينسب إلى الشريعة الإسلامية هو أنه لا تركة إلا بعد سداد الدين، أي أن ما يستحقه الوارث من أموال المورث هو ما يبقى بعد سداد ما على المورث من ديون
فإن لم يبق شيء لم يرث شيئا، وإن زادت الديون على الأموال لم يلتزم الوارث من زيادة هذه الديون بشيء. وتطبيق هذا لا يمنع انتقال حقوق التركة، منذ وفاة المورث، محملة بالتزاماتها، إلى الوارث، ولكنها تكون عندئذ ذمة خاصة للوارث تحصر فيها مسئوليته عن ديون التركة، ولا تمتد هذه المسئولية إلى ذمته العامة التي لا تدخل حقوق التركة في عناصرها
(الشرقاوي بند 62)
وقد قضت محكمة النقض بأن
لما كانت شخصية الوارث مستقلة عن شخصية المورث وكانت التركة منفصلة شرعاً عن أشخاص الورثة وأموالهم الخاصة فإن ديون المورث تتعلق بتركته ولا تنشغل بها ذمة ورثته، ومن ثم لا تنتقل التزامات المورث إلى ذمة الوارث لمجرد كونه وارثاً إلا في حدود ما آل إليه من أموال التركة
لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أن الدعوى الحالية أقيمت على مورث الطاعنين بطلب فسخ عقد البيع الصادر من المورث إلى المطعون ضده بالنسبة إلى الأطيان التي تثبت ملكيتها للغير وإلزام المورث برد ثمنها،
وإذا انقطع سير الخصومة في الدعوى لوفاة المورث أقام المطعون ضده بتعجيلها في مواجهة الورثة (الطاعنين) بذات الطلبات فإن الحكم المطعون فيه إذ أيد الحكم الابتدائي فيما قضى به من إلزام الطاعنين شخصياً بأن يدفعوا للمطعون ضده ثمن الأطيان المشار إليها ولم يحمل التركة بهذا الالتزام يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه”
(الطعن رقم 950 لسنة 45ق جلسة 19/6/1978)
وبأنه الأصل المقرر في التشريع الفرنسي في شأن الوارث الذي يقبل التركة بغير تحفظ أنه لا يستطيع – بمقتضى متابعته لشخصية المورث – أن يطلب استحقاق العين التي تصرف فيها مورثه لو كانت هذه العين مملوكة له بسبب خاص أما إذا قبل الوارث التركة بشرط الجرد كانت شخصيته مستقلة عن شخصية المورث
ولا يصح أن يواجه بالتزام المورث عدم التعرض للمشتري إذا ادعى الاستحقاق لعين من الأعيان التي تصرف فيها مورثه للغير – وقد أخذ المشرع المصري في انتقال التركات بما يتقارب في هذا الخصوص مع ما يقرره القانون الفرنسي بشأن الوارث إذا قبل التركة بشرط الجرد لأنه يعتبر شخصية الوارث مستقلة عن شخصية المورث
وأن ديون المورث إنما تتعلق بتركته لا بذمة ورثته فلا يمكن أن يقال بأن التزامات المورث تنتقل إلى ذمة الوارث لمجرد كونه وارثاً إلا إذا أصبح الوارث مسئولاً شخصياً عن التزامات المورث كنتيجة لاستفادته من التركة – وعلى ذلك – فمتى تبين من وقائع الدعوى أن المورث كان قد تصرف في أطيان له للغير بمقتضى عقد بدل لم يسجل ثم تصرف في ذات الأطيان بالبيع لأحد أولاده بعقد بيع مسجل فأقام هذا الأخير بعد وفاة البائع دعوى على المتبادل معه بطلب تثبيت ملكيته إلى هذا القدر فقضى برفض دعواه اتباعا لما هو مقرر في التشريع الفرنسي في شأن الوارث الذي يقبل التركة بغير تحفظ فإن الحكم يكون قد خالف القانون
(الطعن رقم 291 لسنة 23ق جلسة 26/12/1957)
وبأنه الديون – المستحقة على التركة- غير قابلة للانقسام في مواجهة الورثة فيلتزم كل منهم بأدائها كاملة إلى الدائنين طالما كان قد آل إليه من التركة ما يكفي للسداد فإن كان دون ذلك فلا يلزم إلا في حدود ما آل إليه من التركة، لأن الوارث لا يرث دين لمورث وله الرجوع على باقي الورثة بما يخصهم في الدين الذي وفاه كل بقدر نصيبه
(الطعن رقم 518 لسنة 43 ق جلسة 23/2/1977)
التصرفات التي يصبح فيها الوارث من الغير
أن القانون يعطي للوارث حقوقاً يتلقاها منه مباشرة لا بطريق الميراث عن سلفه، ويقصد بها حماية الوارث من تصرفات مورثه الضارة به، وذلك يعتبر الوارث في هذه الفروض من الغير بالنسبة إلى هذه التصرفات فالقانون يبيح للمورث التصرف في جميع أمواله حال حياته، معاوضة أو تبرعاً حتى لو أضر هذا التصرف بالورثة
وحتى لو تعمد المورث هذا الإضرار أما إذا تصرف في ماله لما بعد الموت بطريق الوصية، وهو تصرف لا يكفله شيئاً في حياته، فيتحكم بذلك في حظوظ ورثته تحكماً يأباه النظام العام فإن القانون – والمقصود به هنا الشريعة الإسلامية إذ هي التي تطبق في مصر غالباً في هذه المسألة – يتقدم لحماية الوارث ويقيد من تصرفات المورث
فلا يبيح له أن يتصرف في مال بطريق الوصية إلا بقدر الثلث وكالوصية كل تصرف صدر في مرض الموت ويكون مقصوداً به التبرع (م916 جديد) .
ويترتب على ذلك أنه إذا باع المورث عيناً وهو في مرض موته لوارث أو لغير وارث، وكانت العين تزيد على ثلث التركة، فإن البيع لا يسري في حق الورثة فيما يزيد على الثلث إلا إذا أجازوه، ومن ثم لا يكون عقد البيع حجة عليهم إلا إذا كان ثابت التاريخ، فلو أن تاريخ العقد العرفي يرجع إلى عهد كان المورث فيه غير مريض
لم يكن هذا التاريخ حجة عليهم ولهم أن يثبتوا بجميع طرق الإثبات أن هذا التاريخ قد قدم عمداً حتى لا يظهر أن العقد قد صدر في مرض الموت، وقد نص القانون على ذلك صراحة في الفقرة الثانية من المادة 916 مدني.
(السنهوري بند 352)
وقد قضت محكمة النقض بأن
إن كان الوارث يحل محل مورثه بحكم الميراث في الحقوق التي لتركته وفي الالتزامات التي عليها، إلا أن القانون جعل للوارث مع ذلك حقوقاً خاصة به لا يرثها عن مورثه بل يستمدها من القانون مباشرة وهذه الحقوق تجعل الوارث غير ملزم بالتصرفات التي تصدر من المورث على أساس أن التصرف قد صدر إضراراً بحقه في الإرث فيكون تحايلاً على القانون
ومن ثم فإن موقف الوارث بالنسبة للتصرف الصادر من مورثه – سواء لأحد الورثة أو للغير – يختلف بحسب ما إذا كانت صفته وسنده وحقه مستمداً من الميراث – أي باعتباره خلفاً عاماً للمورث – أو مستمدا من القانون – أي باعتباره من الغير بالنسبة لهذا التصرف – فإن كانت الأولى – أي باعتباره وارثاً – كان مقيداً لمورثه بالالتزامات والأحكام والآثار المفروضة عليه طبقاً للتعاقد والقانون
أما إذا كانت الثانية – أي باعتباره من الغير – فإنه لا يكون ملتزماً بالتصرف الصادر من المورث ولا مقيداً بأحكامه ولا بما ورد في التعاقد الصادر بشأنه بل يسوغ له استعمال كامل حقوقه والتي خولها له القانون في شأنه بما لازمه اختلاف دعوى الوارث في كل من الموقفين عن الآخر من حيث الصفة والسبب والطلبات والإثبات
(الطعن رقم 1935 لسنة 49 ق جلسة 15/5/1984)
وبأنه التحايل الممنوع على أحكام الإرث لتعلق الإرث بالنظام العام – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – هو ما كان متصلاً بقواعد التوريث وأحكامه المعتبرة شرعاً كاعتبار شخص وارثاً وهو في الحقيقة غير وارث أو العكس
وكذلك ما يترفع عن هذا الأصل من التعامل في التركات المستقبلة كإيجاد ورثة قبل وفاة المورث غير من لهم حق الميراث شرعاً أو الزيادة أو النقص في حصصهم الشرعية
ويترتب على هذا أن التصرفات المنجزة الصادرة من المورث في حالة صحته لأحد ورثته أو غيرهم تكون صحيحة، ولو كان يترتب عليها حرمان بعض ورثته أو التقليل من أنصبتهم في الميراث لأن التوريث لا يقوم إلا على ما يخلفه المورث وقت وفاته، ما يكون قد خرج من ماله حال حياته فلا حق للورثة فيهم
(الطعن رقم 599 لسنة 50 ق جلسة 15/12/1983)
وبأنه لا يعتبر الوارث قائماً مقام المورث في التصرفات الماسة بحقه في التركة عن طريق الغش والتحايل على مخالفة أحكام الإرث بل يعتبر في هذه الحالة في حكم الغير ويباح له الطعن على التصرف وإثبات صحة طعنه بكافة الطرق، ولا تقف صراحة نصوص العقد الدالة على تنجيز التصرف حائلاً دون هذا الطعن
(الطعن رقم 39 لسنة 29ق جلسة 9/1/1964).
وقد قضت محكمة النقض أيضا بأن
طعن الوارث بالصورية النسبية على عقد البيع الصادر من مورثه – قضاء الحكم المطعون فيه برفض الطعن استناداً إلى إقرار الوارث بصحة التصرف بتوقيعه عليه كشاهد رغم حصول التوقيع قبل وفاة المورث- خطأ
(الطعن رقم 5370 لسنة 61 ق جلسة 21/3/1998)
وبأنه “طعن الوارث في التصرف الصادر من مورثه بأنه يخفي وصية أو بأنه صدر في مرض الموت يجوز إثباته بكافة الطرق لأنه يستمد حقه من القانون مباشرة حماية له من تصرفات مورثه بأنه يخفي وصية أو بأنه صدر في مرض الموت يجوز إثباته بكافة الطرق لأنه يستمد حقه من القانون مباشرة حماية له من تصرفات مورثه التي قصد بها التحايل على أحكام الإرث
(الطعن رقم 1324 لسنة 60 ق جلسة 20/11/1996)
ولا يعتبر الوارث قائم مقام المورث في صدد حجية التصرف الذي صدر منه لأحد الورثة
وقد قضت محكمة النقض بأن “لا يعتبر الوارث قائماً مقام المورث في صدد حجية التصرف الذي صدر منه لأحد الورثة إلا في حالة خلو هذا التصرف من محل طعن، فإذا كان التصرف يمس حق وارث في التركة عن طريق الغش والتدليس والتحايل على مخالفة أحكام الإرث، فلا يكون الوارث ممثلاً للمورث بل يعتبر من الأغيار، ويباح له الطعن في التصرف وإثبات صحة طعنه بكافة الطرق
(نقض مدني في 15 أبريل سنة 1937 مجموعة عمر 2 رقم 52 ص 150)
ويلاحظ أن الورثة لا يكونون من الغير إلا إذا أثبتوا أن التصرف صادر في مرض الموت، ولذلك كان عبء الإثبات عليهم في ذلك، وقبل هذا الإثبات يكون التاريخ العرفي للتصرف حجة عليهم لأنهم لم يصبحوا بعد من الغير، حتى إذا ما أثبتوا أن التصرف صدر في مرض الموت أصبحوا من الغير، ولا يكون عندئذٍ حجة عليهم إلا التاريخ الثابت للتصرف.
وقد قضت محكمة استئناف مصر الوطنية بأن
التصرف في مرض الموت إما أن يكون بمحرر ذي تاريخ ثابت أو غير ثابت، فإذا كان تاريخه ثابتاً فلا يصح الاحتجاج به على الوارث إلا من اليوم الذي اكتسب فيه هذا التاريخ الثابت بناء على أنه من الأغيار، ولا عبرة في هذه الحالة بالتاريخ العرفي الذي يحمله المحرر طبقاً للمادة 288 مدني (قديم)
أما إذا كان تاريخ غير ثابت كان للوارث الحق في أن يثبت بكل الطرق القانونية أن هذا التاريخ صوري وأن التصرف واقع في مرض الموت، وظاهر أن هذا ترخيص يمنح للوارث المذكور في هذه الحالة لإثبات ما يدعيه لأنه أجنبي عن التصرفات بحيث إذا لم يقم بإثباته كان التاريخ العرفي المعترف به من المورث حجة عليه
(19 أكتوبر سنة 1947 المحاماة 31 رقم 133)
وقد قضت محكمة النقض بأن “إذا جاز أن الأحكام الصادرة على السلف حجة على الخلف بشأن الحق الذي تلقاه منه، فإنه لا حجية للأحكام التي تصدر في مواجهة الخلف الخاص قبل مانح الحق متى كان هذا الأخير لم يختصم في الدعوى
(الطعن رقم 713 لسنة 45 ق جلسة 15/1/1980)
وبأنه “استناد الخلف العام في إثبات ملكيته لأرض النزاع إلى سبب آخر غير الميراث أثره – عدم محاجاته بالحكم الصادر ضد المورث
(الطعن رقم 2766 لسنة 59ق جلسة 25/12/1997)
وبأنه مؤدى نص المادة 454 من قانون المرافعات – وما ورد في المذكرة الإيضاحية – أن دعوى الاستحقاق الفرعية لا ترفع إلا من الغير أما من يعتبر طرفاً في إجراءات التنفيذ فوسيلته للتمسك بحق له على العقار هي الاعتراض على قائمة شروط البيع على أن الشخص قد يعتبر طرفاً في التنفيذ بصفة وغيراً بصفة أخرى وعندئذٍ يكون له بصفته الثانية أن يرفع دعوى الاستحقاق الفرعية
ولا يقال في هذا المجال أنه يتعين عليه أن يبدي كل ما لديه بجميع صفاته مرة واحدة بطريق الاعتراض- مادام قد أخبر بإجراءات التنفيذ بإحدى هذه الصفات – إذ في ذلك مصادرة لحقه في اتخاذ الوسيلة القانونية المناسبة في الوقت المناسب وفقاً لكل صفة من صفاته.
لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم الصادر في الاعتراض المقدم من الطاعنة على قائمة شروط البيع أنها أقامته بوصفها وارثة للمدين الجاري التنفيذ على تركته أما دعواها الماثلة فقد رفعتها بمقولة أنها مالكة للأطيان محل التنفيذ ملكية ذاتية لا تستمد سندها من المدين ومن ثم فهي بهذه الصفة لا تعتبر طرفاً في إجراءات التنفيذ وإنما تعد من الغير ويجوز لها بالتالي إقامة دعوى الاستحقاق الفرعية. إذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى خلاف ذلك يكون قد أخطأ في القانون
(الطعن رقم 473 لسنة 44ق جلسة 20/6/1979)
وبأنه العبرة في اتحاد الخصوم فيما يتعلق بقوة الشيء المحكوم فيه، إنما هي بالخصوم من حيث صفاتهم لا من حيث أشخاصهم فالحكم الصادر في وجه شخص لا تكون له حجية على من يخلفه من وارث أو مشتر أو متلق إذا استند هذا الخلف في إثبات ملكيته إلى سبب آخر غير التلقي مستعيناً بهذا السبب الآخر عن سبب التلقي
وكان الحكم للطاعن بصحة البيع في الدعوى رقم ….. لم يصدر في مواجهة المطعون عليه الثالث بصفته الشخصية بل في مواجهة تركة مورثه وخوصم باعتباره أحد وارثيه فلا تكون له حجية تمنع من نظر الدعوى بملكية الأطيان المبيعة والتي ركنت فيها المطعون عليها الأولى إلى حيازتها وسلفها المطعون عليه الثالث المدة الطويلة المكسبة للملكية إذ التقادم يكفي بذاته متى توافرت شروطه لكسب ملكيتها مستقلاً عن تلقيها ميراثاً عن المرحوم …. مورث سلفها المطعون عليه الثالث
(الطعن رقم 451 لسنة 47 ق جلسة 10/2/1981)
وبأنه شخصية الوارث – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة- تعتبر مستقلة عن شخصية المورث وتتعلق ديون المورث بتركته لا بذمة ورثته ولا يقال بأن التزامات المورث تنتقل إلى ذمة الوارث لمجرد كونه وارثاً إلا إذا أصبح الوارث مسئولاً شخصياً عن التزامات المورث كنتيجة لاستفادته من التركة
وتبعاً لذلك لا يعتبر الوارث الذي جعلت له ملكية أعيان التركة أو جزء منها قبل وفاة مورثه مسئولاً عن التزامات الأخير قبل من تعامل معه بشأنها ولم تنتقل إليه ملكيتها بعد ويعتبر هذا الوارث شأنه شأن الغير في هذا الخصوص،
لما كان ذلك وكان الطاعن قد آلت إليه ملكية الأطيان البالغ مساحتها 2 س 8 ط 2 ف بموجب عقد بيع صدر حكم بصحته ونفاذه وسجل الحكم وباع مورثه هذه الأطيان للمطعون عليهم من الأول إلى الثانية عشر وفقاً لما سلف بيانه فإن الطاعن لا يكون ملزماً بتسليمهم الأطيان المذكورة كأثر من آثار عقد البيع الصادر لهم
(الطعن رقم 7722 لسنة 49 ق جلسة 23/12/1980)
وبأنه وإن كان الأصل أن تكون للحكم حجية الأمر المقضي قبل خلفاء كل من طرفيه، إلا أنه يتعين لمحاجة الوارث بالحكم الصادر ضد مورثه – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن يكون الحق الذي يدعيه قد تلقاه عن هذا المورث فلا يكون الحكم الصادر في مواجهة المورث حجة على من يخلفه من وارث أو مشتر إذا استند هذا الخلف إلى سبب آخر غير التلقي من المورث”
(الطعن رقم 19 لسنة 49 ق جلسة 24/11/1981).
كما أن حجية الأحكام تتعدى الخصوم إلى خلفهم فيكون الحكم الصادر على الخصم حجة على خلفه ومنهم ورثته
وقد قضت محكمة النقض في حكم حديث لها بأن
من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن تنظيم إجراءات التقاضي ومواعيد إتمامها وحجية الأحكام وطرق الطعن فيها من النظام العام تتعرض لها المحكمة من تلقاء نفسها، وأن حجية الأحكام تتعدى الخصوم إلى خلفهم فيكون الحكم الصادر على الخصم حجة على خلفه ومنهم ورثته، كما وأن الوارث يخلف مورثه في خصومة الطعن التي يكون المورث قد بدأها من الوقت الذي أصبح فيه وارثاً وذلك كنتيجة لاستفادته من التركة إذا ما كسبه بطريق التبعية واللزوم،
كما يحتج عليه بالطعن المرفوع على مورثه طالما أن هذا الوارث لم يستند إلى حق ذاتي له مستقلاً عن التركة ففي هذه الحالة يكون له بصفة شخصية سلوك طرق الطعن العادية وغير العادية بالشروط التي رسمها القانون، وأن قضاء المحكمة بقبول استئناف المحكوم عليه شكلاً مانعاً لها من مناقشة إعلانه بالحكم الابتدائي أو القول بانفتاح ميعاد الاستئناف بالنسبة لورثته عن الحكم الصادر على مورثهم وإنما يكون لهؤلاء الورثة ومن وقت اكتسابهم هذه الصفة الحلول محل مورثهم فيما كان المورث قد بدأه من خصومة الطعن
كما وأنه ولئن كان يجوز أن يرفع المستأنف استئنافاً آخر عن ذات الحكم ليستدرك ما فاته من أوجه الطعن إلا أن ذلك مشروط بأن يكون ميعاد الطعن ممتداً وألا تكون محكمة الاستئناف قد فصلت في موضوع الاستئناف الأول فإذا تخلف أحد هذين الشرطين في الطعن الآخر تعين الحكم بعدم جواز قبوله دون التعرض لموضوعه،
وأنه يترتب على الحكم باعتبار استئناف المورث كأن لم يكن وصيرورته باتاً بعدم طعن الورثة عليه بالنقض اعتبار الحكم الابتدائي الصادر على مورثهم نهائياً حائزاً لقوة الأمر المقضي فيزول الحق في استئنافه من جديد من قبل هؤلاء الورثة ولا يقبل تعييبه بأي وجه من الوجوه فيما خلص إليه من نتيجة – أخطأت المحكمة أم أصابت – وتقضي المحكمة بعدم جواز قبول الاستئناف الثاني المقام من ورثة المحكوم عليه احتراماً لقوة الأمر المقضي التي اكتسبها الحكم الابتدائي والتي تسمو على اعتبارات النظام العام.
لما كان ذلك وكان البين من أوراق الطعن أن الحكم الابتدائي صدر على مورث المطعون ضدهم بتاريخ 21/12/1987 فأقام عنه الاستئناف رقم 104 سنة 21ق. طنطا “مأمورية شبين الكوم” وبعد أن قبلته المحكمة شكلاً ولعدم حضور المستأنف بجلساته قررت المحكمة شطبه فقام الطاعن بتجديده من الشطب في مواجهة ورثته المطعون ضدهم بطلب الحكم باعتباره كأن لم يكن فأجابته المحكمة لطلبه وقضت فيه بجلسة 13/4/1994 باعتباره كأن لم يكن
ولم يطعن الورثة على هذا الحكم بطريق النقض وإنما أقاموا بتاريخ 16/3/1993 بصفتهم ورثة المحكوم عليه ابتدائياً الاستئناف موضوع الحكم المطعون فيه فتمسك الطاعن بعدم قبوله لرفعه بعد الميعاد وبصيرورة الحكم الابتدائي نهائياً حائزاً لقوة الأمر المقضي إلا أن الحكم المطعون فيه رفض ما تمسك به الطاعن من دفوع وقبل استئناف المطعون ضدهم الجديد شكلاً ثم فصل في موضوعه بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى بحالتها على ما أورده بأسبابه من أن الحكم الابتدائي صدر في غيبة المورث ولم يعلن له فيكون ميعاد الاستئناف بالنسبة لورثته مازال منفتحا
وأن القضاء باعتبار استئناف المورث كأن لم يكن لم يفصل في موضوع الخصومة الأصلية فلا ينال حجية مانعة من الفصل في موضوع الاستئناف المطروح في حين أن المطعون ضدهم بوصفهم ورثة يخلفون مورثهم فيما كان قد بدأه من خصومة الطعن وبصدور الحكم ضدهم باعتبار استئناف مورثهم كأن لم يكن وبعدم الطعن عليه منهم يكون الحكم الابتدائي نهائياً حائزاً لقوة الأمر المقضي بما يمتنع معه على المحكمة العودة لمناقشة إعلان المحكوم عليه بالحكم الابتدائي والقول بانفتاح ميعاد الاستئناف بالنسبة لورثته
لأن حق هؤلاء الأخيرين لم يتقرر إلا بعد وفاة مورثهم ومن آخر إجراء قام به المورث، فإذا أقام المورث استئنافاً أصلياً فإن الخصومة التي ينظر إليها في مجال إجراءاتها هي خصومة هذا الاستئناف فإن شطبت أو انقطعت الخصومة بوفاة أحد الخصوم فيها أو حكم فيها باعتبارها كأن لم تكن ولم يطعن على تلك الإجراءات التي اتخذت فيها والأحكام التي صدرت فيها بثمة مطعن
فإن ذلك مانعاً للخصوم أو لورثتهم من بعدهم من إقامة استئنافاً آخر ويكون هذا الاستئناف الثاني غير جائز القبول شكلاً ودون التعرض لموضوعه احتراماً لقوة الأمر المقضي التي اكتسبها الحكم الابتدائي بالقضاء في الاستئناف الأول باعتباره كأن لم يكن. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه
(الطعن رقم 7653 لسنة 65 ق جلسة 22/4/2007)
اليمين الحاسمة التي يوجهها الخصم للوارث عن التصرف الصادر من المورث إنما تنصب على عدم علمه بهذا التصرف ويجوز توجيهها على سبيل الاحتياط طالما توافرت شروط توجيهها :
وقد قضت محكمة النقض بأن
من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن كل طلب أو وجه دفاع يدلي به لدى محكمة الموضوع ويطلب إليها بطريق الجزم أن تفصل فيه ويكون الفصل فيه مما يجوز أن يترتب عليه تغيير وجه الرأي في الدعوى يجب عليها أن تجيب عليها أن تجيب عليه بأسباب خاصة وإلا اعتبر حكمها خالياً من الأسباب
وكان الدفع بالصورية – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – هو دفع موضوعي يجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة الاستئناف – وأن اليمين الحاسمة التي يوجهها الخصم للوارث عن التصرف الصادر من المورث إنما تنصب على عدم علمه بهذا التصرف ويجوز توجيهها على سبيل الاحتياط طالما توافرت شروط توجيهها طبقاً للقانون
لما كان ذلك، وكان الثابت من مذكرة الطاعنين المقدمة بجلسة 15/5/1999 أمام محكمة الاستئناف أنهم طعنوا على عقد البيع المؤرخ 24/11/1942 بالصورية المطلقة وأنهم ركنوا في إثباتها للقرائن واحتياطياً إلى يمين العلم الحاسمة التي طلبوا توجيهها إلى المطعون ضدهم عن تصرف صادر لمورثهم
وكان هذا الدفع مما لو صح يتغير به وجه الرأي في الدعوى، وكان الحكم المطعون فيه قد خلت أسبابه من إيراد هذا الدفع والرد عليه وأقام قضاءه على قالة صحة العقد المطعون عليه وأن الطاعنين باتوا غير محقين في دعواهم بثبوت الملكية لنصف الشقة المقامة في عقار النزاع، فإنه يكون قد عاره بطلان جوهري يوجب نقضه”
(الطعن رقم 3784 لسنة 69 ق جلسة 24/12/2006)
توقيع الوارث كشاهد على عقد البيع من مورثه لأحد الورثة
توقيع الوارث كشاهد على عقد البيع المطعون عليه بالصورية فى وقت لم يكن قد أصبح فيه وارثاً ، لا يعدو أن يكون شهادة منه بصدور التصرف من المورث وليست شهادة تنجيزه”
مبادئ الطعن عن أثر توقيع الوارث كشاهد
(١) توقيع الوارث كشاهد على عقد البيع المطعون عليه بالصورية وقت صدوره من مورثه . لا يفيد إجازته للعقد . علة ذلك .
(٢) عدم جواز التعويل في القضاء بنفي الصورية على ذات المستند المطعون عليه أو على أى مستند آخر أُعد لإخفائه وستره متى كان هذا المستند أساساً له ومترتباً عليه .
(٣) الوارث . اعتباره في حكم الغير في التصرفات الصادرة من مورثه الماسة بحقه في التركة عن طريق الغش والتحايل لمخالفة أحكام الإرث . مؤداه . جواز الطعن على تصرف مورثه وإثبات صحة طعنه بكافة الطرق . ورود نصوص وعبارات العقد دالة على تنجيز التصرف . لا أثر له . علة ذلك .
(٤) جواز من كان حقه تالياً للتصرف الصوري أن يطعن بصوريته . علة ذلك .
(٥) الاتفاق الذى ينطوى على التصرف في حق الإرث قبل استحقاق الوارث إياه يقع باطلاً بطلاناً مطلقاً فلا تلحقه الإجازة . جواز إثبات التحايل على قواعد الميراث بكافة الطرق ولوكان الوارث طرفاً في الاتفاق . علة ذلك .
(٦) تمسك الطاعنة بصورية عقد البيع محل النزاع لصدوره من مورثها بقصد الإيصاء والتحايل على قواعد الإرث وتدليلها باحتفاظ المورث بالعين مدى الحياة وعدم سداد ثمة ثمن منه . دفاع جوهرى . قضاء الحكم المطعون فيه بنفى الصورية معولاً ذلك على النصوص والعبارات الدالة على تنجيز التصرف الواردة بالعقد المطعون عليه ذاته وإقرارها بالتخارج وتوقيعها عليه كشاهدة رغم بطلان ذلك لوروده على ما لا تملك . قصور وفساد في الاستدلال . علة ذلك .
﴿الطعن رقم ٤٨٧ لسنة ٨٥ ق ــ جلسة ٢٠١٦/٤/٣﴾
أثر توقيع الوارث كشاهد علي بيع مورثه لوارث أخر
محكمة النقض المصرية
الطعن رقم ٤٨٧ لسنة ٨٥ قضائية
الدوائر المدنية – جلسة ٢٠١٧٠٧٠٣
إرث ” تصرفات المورث – طعن الوارث بالصورية ” صورية ” الطعن بالصورية – الطعن بالصورية من الوارث على التصرف الصادر من مورثه
الموجز : توقيع الوارث كشاهد على عقد البيع الطعون عليه بالصورية وقت صدوره من مورثه لا يفيد إجازته للعقد ، علة ذلك
القاعدة : المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن توقيع المطعون عليه كشاهد على عقد البيع المطعون عليه بالصورية في وقت لم يكن قد أصبح فيه وارثاً لا يعدو أن يكون شهادة بصحة صدوره من المورث ولا يعتبر إجازة منه للعقد لأن هذه الإجازة لا يعتد بها إلا إذا حصلت بعد وفاة المورث إذ أن صفة الوارث التي تحوله حقاً في التركة لا تثبت له إلا بهذه الوفاة .
الحكم
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر / شهاوى إسماعيل عبد ربه ” قالب رئيس المحكمة ” والمرافعة وبعد المداولة و حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع – على ما يسن من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في
- أن المطعون ضدهم أقاموا على الطاعنة الدعوى رقم ۲۲۸۱ لسنة ٢٠١٣ يطلب الحكم بطردها من شقة التداعي وتسليم ما بها من منقولات وقالوا بياناً لذلك إنهم بموجب عقد البيع المؤرخ ٢٠١٢/١/٢ وملحقه اشتروا من مورثهم ” أبيهم ” شقة التداعي وما بها من منقولات
- واستمر الأخير وزوجته ” الطاعنة ” تقيمان بها على سبيل الاستضافة وبعد وفاته انتقى مبرر حيازة الطاعنة لها – فأقاموا الدعوى دفعت الطاعنة بصورية عقد البيع فأحالت المحكمة الدعوى للتحقيق وبعد أن استمعت الشهود قضت برفضها
- استأنفه المطعون ضدهم لدى محكمة استئناف القاهرة ” مأمورية الجيزة بالاستئناف رقم ٦٧٢٤ لسنة ١٣١ ق التي قضت بتاريخ ٢٠١٤/١١/٢٨ بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء للمطعون ضدهم بالطلبات
- طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفضه وإذ غرض الطعن على هذه المحكمة – في غرفة مشورة – حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب
وفي بيانه تقول
إنها تمسكت بصورية عقد البيع سند المطعون ضدهم المؤرخ ۲۰۱۲/۱/۳ وساقت دليلاً على ذلك احتفاظ المتصرف بحيازة العين والانتفاع بها مدى حياته كما أن العقد لم يدفع فيه ثمن كما ورد بأقوال الشهود ولم يسجل غير أن الحكم المطعون فيه لم يعرض اما تمسكت به من دفاع ولم يناقش ما سافته من أدلة واتخذت من مجرد توقيعها كشاهده على العقد دليلاً على تنجيزه ورتب على ذلك قضاءه بطردها من عين التداعي بما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي سديد
ذلك بأن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن الوارث لا يعتبر قائماً مقام مورثه في التصرفات الماسة بحله في التركة عن طريق الغش والتحايل على مخالفة أحكام الإرث .
بل يعتبر في هذه الحالة في حكم الغير ويباح له الطعن على التصرف وإثبات صحة طعنه بكافة الطرق لأنه في هذه الصورة لا يستعد حله من المورث وإنما من القانون مباشرة ولا تقف نصوص العقد وعباراته الدالة على تنجيز التصرف مهما كانت صراحتها حائلاً دون هذا الإثبات
وأنه لا يجوز للحكم أن يعول في قضائه بنفي الصورية على ذات المستند المطعون عليه بالصورية أو إذا كان هذا المستند قد أعد لإعفاء وستر محرر آخر طعن عليه بالصورية خاصة إذا كان هذا المحرر غير أساساً له ومترتباً عليه، وأن توقيع المطعون عليه كشاهد على عقد البيع المطعون عليه بالصورية في وقت لم يكن قد أصبح فيه وارثاً لا يعدو أن يكون شهادة بصحة صدوره من المورث ولا يعتبر إجازة منه المعقد
لأن هذه الإجازة لا يعتد بها إلا إذا حصلت بعد وفاة المورث إذ أن صفة الوارث التي تحوله حقاً في التركة لا تثبت له إلا بهذه الوفاة وأن الاتفاق الذي ينطوي على التصرف في حل الإرث قبل انفتاحه لصاحبه واستحقاقه إياه أو يؤدى إلى المساس بحق الإرث في كون الإنسان وارثاً أو غير وارث وكونه يستقل بالإرث أم يشاركه فيه غيره .
هو اتفاق مخالف للنظام العام إذ يعد تحايلاً على قواعد الميراث فيقع باطلاً بطلانا مطلقاً لا تلحقه الإجازة ويباح إثباته بكافة الطرق ولو كان الوارث طرقاً في الاتفاق وأنه يجوز لمن كان حقه تالياً للتصرف الصوري أن يطعن بصوريته إذ أن التصرف الصوري إذا صح وأصبح تاقتاً لأشربه.
لما كان ذلك
وكان الثابت بمدونات الحكم المطعون فيه في معرض رده على ما تمسكت به الطاعنة من أن عقد البيع المؤرخ ٢٠١٢/١/٣ قصد به الإيصاء والاحتيال على قواعد الإرث إضراراً بحقها في الميراث، اجتزا القول بأن العقد صدر صحيحاً منتجاً لأثاره
ولا يحمل ثمة تصرف مستتراً وماق دليلاً على ذلك ما أورده البند الثامن من العقد من اتفاق طرفيه على أن يظل البالغ مقيماً بالعين لحين وفاته وأنه لا يجوز لأي طرف مهما كانت صلته بالبالغ الاعتراض على تسليم العين وما بها من منقولات التي حولها كشف موقع من الطاعنة
فإنه يكون قد عول في فضاله بنفي الصورية على ذات المستند المطعون عليه واستدل من نصوصه على تنجيزه رغم أن حقيقة ادعاء الطاعنة أن هذه العبارات وإن دلت في ظاهرها على تنجيز التصرف إلا أنها لا تعبر عن الحقيقة
وإنما قصد بها الاحتيال على قواعد الميراث ، كما خلص إلى نفى الصورية وإجازة الطاعنة للبيع محل الطعن من توقيع الأخيرة كشاهدة على عقد البيع وكشف المنقولات الملحق به وإقرارها بالتخارج والتنازل عن الإقامة في عين النزاع بعد وفاة زوجها ” مورث المطعون ضدهم ، رغم أن توقيعها على العائد كشاهدة كان في وقت لم تصبح فيه وارثة ، ومن ثم فهو لا يعدو أن تكون شهادة بصدور التصرف من المورث وليست شهادة بتنجيزه .
أما تخارجها وتنازلها عن الإقامة في عين التداعي فقد كانا في تاريخ لم تكن فيه الطاعنة زوجة ، وبالتالي فقد وردا على ما لا تملك ، فإن قيل أن صفة الوارث التي تحولها حقا في الشركة قد توافرت بوفاة مورثها ، فمردود عليه بأن هذه الصفة لم تتوافر لها حال التخارج أو التنازل
ومن ثم فيقعان باطلين بحسبانهما تصرف في تركة مستقبلة فإذا أضيف إلى ما تقدم أن موافقة مورث المطعون ضدهم على استحقاق الطاعنة دون غيرها من الورثة للمعاش الخاص به لا يعدو أن يكون لقوا لا أثر له ، ذلك أن القانون حدد المستحقين لمعاش المؤمن له وصاحب المعاش في حالة وفاته وحدد انصبتهم
فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أقام قضاءه على قرائن فاسدة لا تصلح رداً على دفاع الطاعنة وهو ما حال بينه وبين الوقوف على مدى تحقق شرطي القرينة المنصوص عليها في المادة ٦٧٧ من القانون المدني
والوقوف على حقيقة العقد وإنزال حكم القانون المنطبق على وصفه الصحيح. وفي حال اعتباره وصية استظهار عناصر التركة وتقدير صافي قيمتها ومقدار الثلث الذي يجوز فيه الإيصاء بغير إجازة بما يعيبه فضلاً عن الفساد في الاستدلال بالقصور في التسبيب بما يوجب نقضه على أن يكون مع النقض الإحالة .
لذلك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه، وأحالت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة ” مأمورية الجيزة ” والزمت المطعون ضدهم المصاريف ومبلغ مالتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.