أحكام النقض عن اثبات الالتزام والتخلص منه
تعرف علي قواعد محكمة النقض بشأن إثبات الالتزام وإثبات التخلص منه، فالقاعدة وفقا للمادة الأولي من قانون الاثبات في المواد المدنية والتجارية أن عبء اثبات الحق بالدعوى علي من يدعي فان أثبت انتقل عبء النفي علي المدعي عليه وعليه التخلص من الالتزام فالبينة علي من ادعي واليمين علي من أنكر.
اثبات ونفي الالتزام في قضاء النقض
لأهمية المادة الأولي من قانون الاثبات لتعلقها باصول اثبات الدعوي نستعرض أهم أحكام محكمة النقض بشأن قواعد إثبات الالتزام وإثبات التخلص منه
الطعن الأول عن المادة الأولى من قانون الاثبات
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضدها – الشركة ……. لصناعة الورق (….) الدعوى رقم 506 لسنة 1974 عمال كلي الإسكندرية طالبا الحكم بإلزامها بأن تدفع له مبلغ 504.400 جنيه وقال بيانا لها إنه بتاريخ 1/12/1965 التحق بالعمل لدى المطعون ضدها في وظيفة سائق بأجر شهري مقداره 18.600 جنيه وظل يعمل منذ ذلك التاريخ تسع ساعات ونصف يوميا من الساعة السابعة صباحا حتى الساعة الرابعة والنصف مساء بزيادة ساعتين ونصف عن ساعات العمل المحددة في اليوم بسبع ساعات.
وإذ يستحق الأجر المقابل للساعات الإضافية التي عملها منذ تاريخ التحاقه بالعمل حتى 28/2/1974 وأبت عليه المطعون ضدها هذا الحق فقد أقام الدعوى بطلبه السالف البيان، وبتاريخ 19/11/1974 قضت المحكمة بندب خبير لأداء المهمة المبينة بمنطوق الحكم.
وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت في 1/3/1977 بإلزام المطعون ضدها بأن تدفع للطاعن مبلغ 91.028 جنيه، استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية وقيد الاستئناف برقم 219 لسنة 33ق وبتاريخ 27/2/1978 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى.
طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ستة أسباب
ينعي الطاعنان بالسببين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق وفي بيان ذلك
يقول أنه أسس دعواه على أنه عمل ساعتين ونصف زيادة عن ساعات العمل اليومي وقد أقرت المطعون ضدها بدرجتي التقاضي أنه يعمل يوميا من الساعة السابعة صباحا حتى الرابعة والنصف مساء .
كما أثبت الخبير أنه خلال هذه الفترة يكون تحت إشراف المطعون ضدها وإدارتها وذلك هو مناط استحقاق الأجر كاملا عن ساعات العمل الرسمية والإضافية ولما كان الحكم المطعون فيه قد افترض دون سند في الأوراق أنه لم يعمل هذه الفترة الإضافية وجرى على أن عمله مقصور على توصيل العمال والموظفين إلى مقر الشركة صباحا وعودتهم منه مساء ولا يؤدي طوال اليوم عملا سواه فإنه يكون فضلا عن مخالفته الثابت بالأوراق قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح
ذلك أنه لما كانت المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 133 لسنة 1961 في شأن تنظيم تشغيل العمال في المؤسسات الصناعية تنص على أنه:
(استثناء من أحكام القانون رقم 91 لسنة 1959 المشار إليه لا يجوز للمؤسسات الصناعية التي يصدر بتحديدها قرار من وزير الصناعة المركزي تشغيل العامل تشغيلا فعليا أكثر من 42 ساعة في الأسبوع ولا تدخل فيها الفترات المخصصة لتناول الطعام والراحة)
ونصت المادة الأولى من قرار وزير الصناعة رقم 144 – الصادر بتاريخ 7 فبراير سنة 1962 بتحديد ساعات العمل في بعض الشركات والمصانع وبزيادة عدد العاملين فيها على أنه :
(تحدد ساعات العمل في الشركات والمصانع الموضحة بالكشف المرفق بسبع ساعات يوميا أو 42 ساعة في الأسبوع لا تدخل فيها الفترات المخصصة لتناول الطعام والراحة ..)
وانتظم الكشف المرفق بهذا القرار الشركة المطعون ضدها ضمن الشركات الخاضعة لأحكامه؛ فإن مفاد ذلك تحديد الحد الأقصى لساعات العمل فيها بسبع ساعات يوميا أو 42 ساعة في الأسبوع والعبرة في هذا الخصوص بساعات التشغيل الفعلي في العمل الذي يؤديه العامل لحساب صاحب العمل فلا تدخل فيها الفترات المخصصة لتناول الطعام والراحة أو ما ينفقه العامل من أوقات الانتظار بمكان العمل قبل بدئه.
وكان البين من أوراق الدعوى أن الطاعن يعمل لدى المطعون ضدها سائق سيارة مخصصة لنقل عمالها وموظفيها من منازلهم بالإسكندرية إلى مقرها بالطالبية في فترة صباحية تمتد من الساعة السابعة حتى الثامنة والنصف ثم يعود بهم بعد انصرافهم في فترة مسائية تستغرق ساعة واحدة من الثالثة والنصف حتى الرابعة والنصف ويقضى الوقت بين الفترتين بدون عمل في مكان إيواء السيارات.
ولازم ذلك أن ساعات التشغيل الفعلي للطاعن لا تتجاوز الحد الأقصى المقرر قانونا فلا يسوغ له المطالبة بمقابل ساعات عمل زائدة عليه ولا وجه للتحدي في هذا الشأن بتواجده يومياً بمقر المطعون ضدها خلال الوقت الفاصل ما بين فترتي عمله طالما أنه لم يكن يؤدى فيه عملاً لحسابها يجاوز به الحد الأقصى المقرر لتشغيله، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإن النعي عليه بهذين السببين يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالأسباب الثالث والرابع والخامس على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول
أن الثابت من تقرير الخبير أنه كان يعمل يوميا طوال الفترة من الساعة السابعة صباحا حتى الرابعة والنصف مساء دون الحصول خلالها على ساعتين ونصف راحة أو ما يقابلها من أجر وأن المطعون ضدها لم تنفذ الاتفاق المعقود بينها وبين العمال والتزمت فيه بإعداد مكان مناسب لقضاء فترات الراحة مما يعد إخلالا منها بهذا الالتزام .
وإذ كانت المطعون ضدها قد عجزت عن إثبات الوفاء بأجر الساعات الإضافية وكانت الكشوف التي قدمتها هي كشوف إجمالية عن ساعات عمل مغايرة أداها بعد الساعة الرابعة والنصف مساء وفي أيام العطلات الأسبوعية والإجازات الموسمية وكان الحكم المطعون فيه لم يناقش هذا الدفاع واعتبر المكان المخصص لتناول المشروبات كافيا لقضاء فترات الراحة بمقولة أن القانون لم يستلزم فيه مواصفات خاصة، فإنه يكون فضلا عن مخالفة القانون والخروج على قواعد الإثبات قد أخل بحق الدفاع وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود
ذلك أنه لما كانت المادة الأولى من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 تنص على أنه (على الدائن إثبات الالتزام وعلى المدين إثبات التخلص منه) وكان الأصل هو براءة الذمة وانشغالها عارض ويقع عبء الإثبات على عاتق من يدعي خلاف الثابت أصلاً مدعياً كان أو مدعى عليه وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدعوى على ما حصله صحيحا في الأوراق من انتفاء تشغيل الطاعن ساعات إضافية زائدة عن المقرر قانونا فانحسر عنه بالتالي الحق في المطالبة بأجر عنها مما لا يجدي معه البحث في أدلة الوفاء به،
وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لقاضي الموضوع سلطة تحصيل فهم الواقع طالما له سنده وكان لا خروج فيه على الثابت بالأوراق وبحسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله ولا عليه بعد ذلك أن يتتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم ويرد استقلالاً على كل قول أو حجة أو طلب أثاروه ما دام أن قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها فيه الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات، لما كان ذلك فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذه الأسباب يكون في غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب السادس على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع
إذ لم يمحص دفاعه الوارد بالمذكرتين المقدمتين منه إلى محكمة أول درجة ومحكمة الاستئناف وأبداه أمام الخبير المنتدب في الدعوى.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول
ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة إعمالا لنص المادة 253 من قانون المرافعات أنه يجب أن تكون أسباب الطعن واضحة وأن تعرف تعريفا كاشفا عن المقصود منها كشفا وافيا نافيا عنها الغموض والجهالة وبحيث يبين منها العيب الذي يعزوه الطاعن إلى الحكم المطعون فيه وموضعه منه وأثره في قضائه وإلا كان النعي غير مقبول ولما كان الطاعن لم يبين بسبب النعي أوجه الدفاع التي قصر الحكم المطعون فيه في بحثها وأثرها في قضائه فإن النعي بهذا السبب يكون مجهلا وغير مقبول.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن
الطعن رقم 916 لسنة 48 بتاريخ 26/12/1983
الطعن الثانى عن المادة الأولى من قانون الاثبات
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعنة – الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية – الدعوى رقم 996 سنة 1988 مدني بني سويف الابتدائية بطلب الحكم ببراءة ذمته من مبلغ 1854.663 جنيها وقال بيانا لدعواه :
أن الطاعنة طالبته في 9/2/1988 بأن يؤدي إليها مبلغ 1854.663 جنيها قيمة اشتراكات تأمين على العاملين الذين استخدمهم في تشييد العقار المملوك له ولما كان هؤلاء العاملين من الحرفيين وقد عهد إليهم بالعمل كل في حدود حرفته دون أن يكونوا تابعين له أو يعملون تحت إشرافه وبالتالي لا يعتبر صاحب عمل بالنسبة لهم ولا يلتزم بالتأمين عليهم فقد اعترض على تلك المطالبة لدى لجنة فحص المنازعات.
وإذ انتهت اللجنة إلى رفض اعتراضه فقد أقام الدعوى وبتاريخ 31/1/1989 حكمت المحكمة له بطلباته استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 124 لسنة 27 ق وبتاريخ 7/11/1990 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف.
طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك تقول
أنه من المقرر قانونا أن صاحب البناء يلتزم بالتأمين على العمال الذين استخدمهم في إقامة البناء باعتباره صاحب عمل إلا إذا أخطر الهيئة باسم المقاول الذي عهد إليه بالبناء إذ في هذه الحالة الأخيرة يلتزم المقاول بسداد الاشتراكات المقررة على هؤلاء العمال وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى ببراءة ذمة المطعون ضده من قيمة الاشتراكات المطالب بها على سند من أنه لا يعتبر صاحب عمل بالنسبة للعمال الذين استخدمهم فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد
ذلك أن النص في المادة الثانية من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 على أن “تسري أحكام هذا القانون على العاملين من الفئات الآتية:
أ-………..
ب- العاملين الخاضعين لأحكام قانون العمل الذين تتوافر فيهم الشروط الآتية:
1-………
2- أن تكون علاقة العمل التي تربط المؤمن عليه بصاحب العمل منتظمة …… ويستثنى من هذا الشرط عمال المقاولات ….
والنص في المادة الخامسة من ذات القانون على أن
في تطبيق أحكام هذا القانون يقصد
أ-……….
ب-…………
ج-………
د- بصاحب العمل: كل من يستخدم عاملا أو أكثر من الخاضعين لأحكام هذا القانون …..
والنص في الفقرة الثالثة من المادة 152 المضافة بالقانون رقم 25 لسنة 1977 على أن:
ويجب على من يعهد بتنفيذ أية أعمال لمقاول أن يخطر الهيئة باسم ذلك المقاول وعنوانه وبياناته عن العملية قبل بدء العمل بثلاثة أيام على الأقل ويكون مسند الأعمال متضامنا مع المقاول في الوفاء بالالتزامات المقررة وفقا لأحكام هذا القانون في حالة عدم قيامه بالإخطار.
يدل على أن عمال المقاولات يخضعون لأحكام قانون التأمين الاجتماعي سالف البيان سواء كانت علاقتهم بصاحب العمل منتظمة أم مؤقتة وأنه لا يشترط في صاحب العمل أن يتخذ من العمل الذي يزاوله العامل حرفة أو مهنة له وإنما يكفي أن يستخدم عاملا أو أكثر من الخاضعين لأحكام هذا القانون.
لما كان ذلك وكان الالتزام بسداد الاشتراكات يقع وفقا للمادة 129 من القانون سالف الذكر على صاحب العمل بصفة أصلية فإن مالك البناء يعتبر صاحب عمل بالنسبة لعمال المقاولات الذين يستخدمهم في أعمال البناء ويلتزم بسداد الاشتراكات عنهم أما إذا عهد بهذه الأعمال إلى مقاول وأخطر الهيئة باسمه وعنوانه وبياناته عن العملية قبل بدء العمل بثلاثة أيام انتقل هذا الالتزام إلى المقاول .
وإذا تخلف عن الإخطار فإنه يعتبر متضامنا مع المقاول في الوفاء بالالتزامات المقررة ومؤدى هذه المسئولية التضامنية المقررة قانونا أن المشرع أعفى الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية من إثبات أن الأعمال إنما تمت عن طريق عمال استخدمهم صاحب العمل وليست بعمال المقاول.
لما كان ما تقدم وكان الثابت في الأوراق أن المطعون ضده استخدم بنفسه عمالا في تشييد البناء المملوك له فإنه يعد صاحب عمل بالنسبة لهم ويلتزم بسداد اشتراكات التأمين المقررة عنهم إلى الهيئة الطاعنة وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى ببراءة ذمته من هذه الاشتراكات بمقولة أنه لا يعتبر صاحب عمل فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
ولا يدحض ذلك ما أورده الحكم من أن مناط أعمال المادة الثانية من القانون رقم 79 لسنة 1975 سالف الإشارة إليها أن يكون سن المؤمن عليه 18 سنة فأكثر وأن الأوراق قد خلت من دليل على توافر هذا الشرط في العمال الذين استخدمهم المطعون ضده.
ذلك أن النص في المادة الأولى من قانون الإثبات على أن: على الدائن إثبات الالتزام وعلى المدين إثبات التخلص منه”
يدل على أنه يكفي الدائن إثبات نشأة الالتزام وعلى المدين إثبات براءة ذمته منه ومن ثم فإنه إذا ادعى المطعون ضده تخلف الشرط سالف الذكر ابتغاء إسقاط التزامه بالسداد الذي يفرضه القانون وبراءة ذمته فيكون عليه عبء إثبات ذلك .
ولما كان المطعون ضده لم يتمسك بهذا الدفاع ولم يقدم ما يفيد أن العمال الذين استخدمهم يقل سنهم عن 18 سنة فإن التزامه بالتأمين على أولئك العمال يكون قائما على النحو السابق .
وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد نقل عبء الإثبات من عاتق المدين إلى عاتق الدائن على خلاف ما تقضي به قواعد الإثبات بما يعيبه ويوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم يتعين القضاء في موضوع الاستئناف رقم 124 لسنة 27 ق بني سويف بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى.
الطعن رقم 23 لسنة 61 بتاريخ 8/6/1995
الطعن الثالث عن المادة ( 1 ) من قانون الاثبات
الوقائع
وحيث إن الوقائع تتحصل – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – في أن
المطعون ضده عن نفسه وبصفته ممثلا عن إخوته ووالدته …… أقام على الطاعن الدعوى رقم 584 سنة 1992 أمام محكمة بنها الابتدائية (مأمورية قليوب) بطلب الحكم بإخلاء الشقة المبينة بالصحيفة والتسليم، وقال في شرحها إن الطاعن استأجر الشقة محل النزاع بأجرة شهرية قدرها 9.750 جنيه بالإضافة إلى ثمن استهلاك المياه وقد تخلف عن سداد الأجرة عن المدة من 1/3/1991 حتى 31/8/1991، أجرة شهري يناير وفبراير سنة 1992 وثمن استهلاك المياه عن المدة من 1/3/1991 حتى 31/10/1991 برغم تكليفه بالوفاء بها ولما لم يستجب أقام الدعوى حكمت المحكمة بالإخلاء والتسليم.
استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 982 سنة 26 ق طنطا (مأمورية بنها) وتمسك في دفاعه بجلسة 28/11/1993 بأنه سدد الأجرة عن المدة من 1/3/1991 حتى 31/8/1991 وثمن استهلاك المياه عن المدة من 1/3/1991 حتى 31/10/1991 لوالدة المطعون ضده وطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات دفاعه واحتياطيا توجيه اليمين الحاسمة لوالدة المطعون ضده وتمسك بجلسة 12/1/1994 ببطلان التكليف بالوفاء لتضمنه مبالغ سبق الوفاء بها وبتاريخ 19/2/1994 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف.
طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقد أمرت المحكمة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وحددت جلسة لنظر الطعن وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وبجلسة المرافعة التزمت النيابة رأيها
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إنه مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك يقول
إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف أنه قام بسداد الأجرة عن المدة من 1/3/1991 حتى 31/8/1991 وثمن استهلاك المياه عن المدة من 1/3/1991 حتى 31/10/1991 وطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق أو ندب خبير لإثبات دفاعه كما طلب توجيه اليمين الحاسمة على سبيل الاحتياط لوالدة المطعون ضده السيدة ……..
وهي أحد الخصوم في الدعوى إلا أن المحكمة رفضت دفاعه في شقه الأول على سند من أن المشرع أوجب أن يتم الوفاء بالأجرة إلى المؤجر بمقتضى إيصال مكتوب وخط للمستأجر طريقا لإبراء ذمته من الأجرة المستحقة بالإيداع المنصوص عليه في المادة 27 من القانون رقم 49 لسنة 1977 بعد اتخاذ إجراءات معينة.
وأنه إذا تنكب المستأجر هذا الطريق فليس له أن يدعي سداد الأجرة بطريق آخر في حين أن وسيلة الإثبات التي تمسك بها هي السبيل الوحيد له في الإثبات، كما أغفل الحكم الرد على دفاعه في شقه الثاني الخاص بتوجيه اليمين ولم يقل كلمته فيه برغم أنه جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى سيما وأن الأجرة التي طلب إثبات الوفاء بها هي جزء من الأجرة التي تضمنها إنذار التكليف بالوفاء وقد تمسك ببطلانه لسابقة الوفاء بها، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي سديد
ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهريا مؤثرا في النتيجة التي انتهى إليها الحكم إذ يعتبر ذلك الإغفال قصورا في أسباب الحكم الواقعية ويترتب عليه البطلان، كما أن المقرر أن طلب الخصم تمكينه من إثبات أو نفي دفاع جوهري بوسيلة من وسائل الإثبات الجائزة قانونا هو حق له إذا كانت هي الوسيلة الوحيدة التي له في الإثبات .
ومن المقرر – أن المشرع في المادة 18 / ب من القانون رقم 136 لسنة 1981 أوجب على المؤجر تكليف المستأجر بالوفاء بالأجرة المستحقة بكتاب موصى عليه أو بإعلان على يد محضر قبل رفع الدعوى بالإخلاء لعدم سداد الأجرة واعتبر التكليف بالوفاء شرطا أساسيا لقبول الدعوى .
فإذا خلت الدعوى منه أو وقع باطلا لتضمنه أجرة سبق الوفاء بها أو أجرة غير قانونية تعين الحكم بعدم قبول الدعوى وهي مسألة متعلقة بالنظام العام تقضي بها المحكمة من تلقاء نفسها ولو لم يتمسك المدعى عليه بها .
لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن الطاعن قد تمسك بسداده الأجرة عن المدة من 1/3/1991 حتى 31/8/1991 وكذلك ثمن استهلاك المياه عن المدة من 1/3/1991 حتى31/10/1991 وطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق أو ندب خبير لتحقيق دفاعه وقد رفض الحكم المطعون فيه هذا الطلب بدعوى أن المادة 27 من القانون رقم 49 لسنة 1977 نصت على أن يتم سداد الأجرة بمقتضى طريق معين واجب الإتباع ولا يجوز للمستأجر سلوك طريق آخر في حين أن المطعون ضدهم لم يعترضوا أمام المحكمة على طلب الطاعن .
ومن ثم يجوز للأخير إثبات هذا الوفاء بتلك الطرق سيما وأن الطاعن هو المدين بالأجرة وهو المكلف بإثبات السداد وليس في ذلك أي مخالفة لنص المادة الأولى من قانون الإثبات ولا يترتب عليه نقل عبء الإثبات كما أدعى الحكم المطعون فيه، خاصة وأن الطاعن قد تمسك ببطلان التكليف بالوفاء إذ أن الأجرة التي أدعى سدادها هي جزء من الأجرة الواردة بإنذار التكليف بالوفاء الموجه من المطعون ضدهم إلى الطاعن .
ومن المسلم به أن بطلان التكليف من المسائل المتعلقة بالنظام العام وإذ رفض الحكم المطعون فيه إجابة الطاعن إلى طلب التحقيق أو ندب خبير لتحقيق دفاعه بسداد الأجرة وثمن استهلاك المياه عن المدة المبينة بطلبه فإنه يكون معيبا بما يوجب نقضه.
وحيث إن النعي سديد في شقه الثاني
إذ أن اليمين لغة هو إخبار عن أمر مع الاستشهاد بالله تعالى على صدق الخبر فهو لا يعتبر عملا مدنيا فحسب بل هو أيضا عمل ديني فطالب اليمين يلجأ إلى ذمة خصمه والحالف عندما يؤدي اليمين إنما يستشهد بالله ويستنزل عقابه وقد نصت مواد الباب السادس من قانون الإثبات رقم 25 سنة 1968 في المواد من 114 حتى 130 على طلب اليمين الحاسمة وشروط توجيهها ويستدل منها على أن اليمين ملك للخصم لا للقاضي ويجوز للخصم توجيهها في أية حالة كانت عليها الدعوى.
وعلى القاضي أن يجيب الخصم لطلبه متى توافرت شروط توجيهها وهي أن تكون متعلقة بالدعوى ومنتجة فيها وغير مخالفة لقاعدة من النظام العام ويجوز للقاضي أن يرفضها إذا كانت غير منتجة أو كان في توجيهها تعسفا من الخصم .
وخلاصة القول أن توجيه اليمين الحاسمة احتكام لضمير الخصم لحسم النزاع كله أو في شق منه عندما يعوز الخصم الدليل لإثبات دعواه سيما عندما يتشدد القانون في اقتضاء أدلة معينة للإثبات ويتمسك الخصم الآخر بذلك فإن حلفها الخصم فقد أثبت إنكاره لصحة الادعاء ويتعين رفضه .
وإن كان ذلك بمثابة إقرار ضمني بصحة الادعاء ووجب الحكم عليه بمقتضى هذا الإقرار ولا يغير من ذلك أن يكون طلب توجيه اليمين الحاسمة من باب الاحتياط بعد العمل بقانون المرافعات الحالي وقانون الإثبات ذلك أن المادة 166 من قانون المرافعات الأهلي والمادة 187 من قانون المرافعات المختلط كانتا تنصان على أنه لا يجوز التكليف من باب الاحتياط باليمين الحاسمة لأن التكليف بتلك اليمين يفيد ترك ما عداها من أوجه الإثبات ومن ثم فقد سار القضاء في ذلك الوقت على عدم جواز توجيه اليمين بصفة احتياطية.
إلا أن هذا القضاء قد يؤدي إلى ضياع حق المدعي الذي قد يملك أدلة قد لا تقبلها المحكمة منه فيرى التمسك بتوجيه اليمين الحاسمة على سبيل الاحتياط والعدالة تقتضي أن يسمح له بعرض أدلته على المحكمة مع الاحتفاظ بحقه في توجيه اليمين إذا رفضت المحكمة الأخذ بتلك الأدلة لأن اليمين طريق احتياطي أخير يلجأ إليه الخصم عندما يعوزه الدليل فيجب أن يبقى هذا الطريق مفتوحا أمامه إلى أن يستنفد ما لديه من أدلة.
وإذ صدر قانون المرافعات الصادر بالقانون رقم 77 لسنة 1949 استبعد نص المادة 166/187 من القانون السابق عليه على اعتبار أن حكمها موضوعي وليس محله قانون المرافعات ومن جهة أخرى لم يرد على هذا الحكم نص في قانون الإثبات الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968.
كما صدر التقنين المدني الجديد خاليا من نص مماثل كان يشتمل عليه التقنين المدني السابق (المادة 225 مدني أهلي) 290 مدني مختلط من أن التكليف باليمين يعني أن طالبها ترك حقه فيما عداها من أوجه الثبوت فأصبح النص على تحريم اليمين على سبيل الاحتياط غير موجود في التشريع المصري الحالي فيكون قد أقر ضمنا الرأي الراجح في الفقه والقضاء الذي يقضي بجواز توجيه اليمين الحاسمة على سبيل الاحتياط إذ يتعذر على الخصم أن يتعرف على رأي المحكمة في الأدلة التي ساقها
خاصة إذا كان النزاع مطروحا أمام محكمة الاستئناف أو أمام محكمة أول درجة في الأنزعة التي تفصل فيها بصفة انتهائية إلا بعد الحكم في النزاع فأصبح الباب منغلقا أمامه لإبداء حقه في التمسك بتوجيه اليمين الحاسمة إذا ما رفضت المحكمة الأدلة الأخرى التي تمسك بها بصدور حكم نهائي في النزاع فلا يستطيع بعد ذلك أن يوجه اليمين الحاسمة إلى خصمه ومن ثم فلا مفر إلا أن يتمسك الخصم باليمين الحاسمة على سبيل الاحتياط أثناء نظر الدعوى وقد ساير قضاء هذه المحكمة الرأي الراجح في الفقه وأجاز توجيه اليمين الحاسمة على سبيل الاحتياط وأجاز توجيهها قبل كل دفاع أو بعده.
لما كان ذلك وكان الثابت من الإطلاع على محضر جلسة 17/10/1993 أن المستأنف (الطاعن) حضر عنه الأستاذ …….. بالتوكيل رقم 6905 سنة 91 عام شبرا الخيمة وتمسك بجلسة 28/11/1993 بسداده الأجرة عن المدة من 1/3/1991 حتى 31/8/1991 ومقابل استهلاك المياه عن المدة من 1/3/1991 حتى 31/10/91 وهي جزء من الأجرة وملحقاتها المطلوبة في التكليف بالوفاء المعلن للطاعن في 22/2/1992 .
وطلب احتياطيا توجيه اليمين الحاسمة إلى والدة المطعون ضده وهي السيدة ….. أحد الخصوم في الدعوى وتمسك بجلسة 12/1/1994 ببطلان التكليف بالوفاء لتضمنه المطالبة بأجرة غير مستحقة سبق الوفاء بها وقدم ضمن أوراق الطعن التوكيل رقم 6905 سنة 91 عام شبرا الخيمة الصادر منه للأستاذ .. الذي يخوله رفع الطعن الماثل وهو ذات التوكيل الذي حضر بموجبه المحامي المذكور أمام الاستئناف .
وقد أجاز له الطاعن طلب توجيه اليمين الحاسمة وكانت الواقعة محل الاستحلاف متعلقة بالنزاع ومنتجة في الدعوى سيما وأنها عن جزء من الأجرة والملحقات التي تضمنها التكليف بالوفاء وقد أغفل الحكم المطعون فيه الرد على هذا الطلب وهو دفاع جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى ومن ثم يكون معيبا بالإخلال بحق الدفاع الذي يوجب أيضا نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
الطعن رقم 2938 لسنة 64 بتاريخ 08/12/1994
الطعن الرابع عن اثبات الالتزام واثبات التخلص منه
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعنة أقامت على المطعون ضدهم الدعوى رقم 2431 لسنة 1977 أمام محكمة طنطا الابتدائية بطلب الحكم بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 1/9/1959 وإخلاء الشقة المبينة بالصحيفة وتسليمها لها، وقالت في بيان دعواها أن المطعون ضده الثالث يستأجر منها الشقة، وإذ تأخر في سداد الأجرة فقد استصدرت أمراً بتوقيع الحجز التحفظي على منقولاته.
ولدى تنفيذ هذا الأمر اعترضت المطعون ضدها الثانية بدعوى ملكيتها وزوجها المطعون ضده الأول للمنقولات الموجودة بالعين معلنة تنازل المطعون ضده الثالث لهما عن إجارتها فأقامت الدعوى بطلباتها آنفة البيان. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق ثم حكمت للطاعنة بطلباتها. استأنف المطعون ضدهما الأولى والثانية هذا الحكم أمام محكمة استئناف طنطا برقم 238 سنة 30 قضائية، وبتاريخ 17/3/1982 قضت بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى.
طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة رأت فيها رفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة ووحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعي الطاعنة بأولهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك تقول
أن المطعون ضده الأولى كان قد طلب أمام محكمة الاستئناف توجيه اليمين الحاسمة إليها على أنه لم يشغل الشقة محل النزاع برضائها وأنها لم تتسلم منه أجرة شهري يناير وفبراير سنة 1977 إلا أن المحكمة لم توجه إليها هذه اليمين، على سند من أنه قد طلب بعد ذلك إحالة الدعوى إلى التحقيق مما يعد عدولاً منه عن توجيه اليمين، مع أنها لم ترتض الحلف أو ترده عليه، بل طلبت بالجلسة أجلاً لحضور محاميها الأصلي مما يعد ذلك قبولاً منها لأداء اليمين لا يجوز معه لموجهها أن يعدل عنهما.
وحيث إن هذا النعي غير سديد
ذلك أن ما نصت عليه المادة 116 من قانون الإثبات من أنه “لا يجوز لمن يوجه اليمين أن يردها أو يرجع في ذلك متى قبل خصمه أن يحلف” يدل على أحقية الخصم الذي يوجه اليمين إلى خصمه في أن يعدل عن ذلك إلى أن يقبل خصمه الحلف، ولا يسقط حق الرجوع إلا إذا أعلن الخصم الذي وجهت إليه اليمين أنه مستعد للحلف، فإذا لم يعلن عن ذلك بقى حق الرجوع قائماً حتى يحلف فعلاً.
لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن المطعون ضده الأولى وجه اليمين المشار إليها إلى الطاعنة بجلسة 22/10/1981 فطلب وكيلها أجلاً لحضور محاميها الأصلي. وبالجلسة التالية لم تعلن الطاعنة عن استعدادها لحلف اليمين بينما قدم وكيل المطعون ضدها الأولى والثانية مذكرة بدفاعه طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات العلاقة الإيجارية بينهما وبين الطاعنة
وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى من ذلك صحيحاً إلى أن عدول المطعون ضده الأول عن طلب توجيه اليمين الحاسمة إلى طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق قد تم قبل قبول الطاعنة الحلف فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في الإسناد وفي بيان ذلك تقول
إن الحكم أورد بمدوناته أن ما قرره شاهداها من أن خلافاً وقع بينهما وبين المطعون ضده الأول بسبب إقامته بالعين محل النزاع لا يفيد تخلي المطعون ضده الثالث له عن إجارة العين أو تأجيرها له من الباطن رغم أن مفاد هذه الأقوال إن ترك العين للمطعون ضده الأول كان هو مثار ذلك النزاع، هذا إلى أن المطعون ضده الأول لم يقدم الدليل على أن وضع يده على هذه العين يستند إلى سبب صحيح.
وحيث إن هذا النعي مردود
ذلك أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن عبء إثبات تخلي المستأجر عن العين المؤجرة، سواء بالتنازل عنها لآخر أو بتأجيرها له من الباطن إنما يقع على عاتق مدعية، وذلك أخذاً بالأصل المقرر بالمادة الأولى من قانون الإثبات من أن على الدائن إثبات الالتزام، واستهداء بالمبدأ العام في الشريعة الإسلامية والذي يقضي بأن البينة على من ادعى،
لما كان ذلك، وكان المقرر أيضاً في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع سلطة تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها ما دامت لم تخرج بها إلى ما لا يؤدي إليه مدلولها، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه برفض دعوى الطاعنة على ما استخلصه من أقوال شاهديها من أنهما لا يعلمان شيئاً عن واقعة تنازل المطعون ضده الثالث للمطعون ضدهما الأولى والثانية عن الشقة محل النزاع أو تأجيرها لهما من الباطن .
وعجزها بالتالي عن إثبات ذلك، وعلى ما استخلصه أيضاً من تحقيقات الشكوى رقم 5506 سنة 1977 إداري قسم أول طنطا من أن إقامة الأخيرين بهذه الشقة إنما تم برضاء الطاعنة، وكان هذا الاستخلاص سائغاً ومقبولاً وله أًصله الثابت بالأوراق، وفي حدود ما لقاضي الموضوع من سلطة تقدير الأدلة وفهم الواقع في الدعوى، فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن
الطعن رقم 1361 لسنة 52 بتاريخ 28/05/1989
الطعن الخامس عن المادة الأولى اثبات
الوقائع
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن مؤسسة …………. الطاعنة أقامت الدعوى رقم 172 سنة 1982 شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإلزام المطعون ضده بصفته بأن يدفع لها مبلغ 4200 جنيه والفوائد القانونية وقالت بياناً لها أنه بموجب عقد مؤرخ 20/6/1977 وملحقه المؤرخ 30/9/1979 اتفقت مع المطعون ضده على إقامة تركيبات إعلانية بمسطح العين الموضحة بالعقد في المدة من 1/7/1977 حتى 30/9/1980 وإنها أوفت بالأجرة المتفق عليها وقدرها 4200 جنيه.
بيد أن المطعون ضده لم يمكنها من ذلك, قضت المحكمة برفض الدعوى. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 855 سنة 100 ق القاهرة, وبتاريخ 7/11/1983 حكمت المحكمة برفضه وتأييد الحكم المستأنف, طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة رأت فيها رفض الطعن وعرض على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين حاصلهما الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك تقول الطاعنة
أن محكمة الاستئناف تصدت من تلقاء نفسها لواقعة الوفاء بالقيمة الإيجارية رغم أنها واقعة غير منكورة أو مجحودة من المطعون ضده واستندت في قضائها بتأييد الحكم المستأنف القاضي برفض الدعوى إلى تخلف الوفاء بقيمة الأجرة محل المطالبة رغم أن المستندات المقدمة منها وخاصة الإنذار الموجه من المطعون ضده بصفته إلى الملاك يقطع بسدادها لتلك القيمة.
هذا أن الوفاء لا يعدو أن يكون واقعة مادية تعد ثابتة بعدم إنكار الخصم لها أو في القليل موافقته الضمنية على صحتها, كما أن مسلك الحكم هذا ومفاجئته لها والقول بعدم سدادها الأجرة حال بينها وبين إتاحة الفرصة أمامها لتقديم دفاعها في هذا الخصوص, هذا إلى أنه كان على المحكمة أن تأمر باستجواب الخصوم أو بإحالة الدعوى إلى التحقيق ولما كان الالتزام لم يتحقق سببه فإنه كان يتعين القضاء برد الأجرة أما وقد خالف الحكم هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول
ذلك أن الإثبات بمعناه القانوني هو إقامة الدليل أمام القضاء بالطرق التي حددها القانون فهو قوام الحق الذي يتجرد عن قيمته ما لم يقوم الدليل ولما كانت الدعوى الراهنة قد أقيمت من الطاعنة – المستأجرة – بطلب استرداد ما دفعته مقدماً كأجرة إزاء تخلف المؤجر – المطعون ضده بصفته – عن تنفيذ التزامه الناشئ عن عقد الإيجار بتمكينها من الانتفاع بالعين المؤجرة.
وكان ذلك يقتضي من الطاعنة أن تقيم الدليل بداءة على سدادها تلك الأجرة فضلاً عن إثباتها لواقعة إخلال المؤجر بالتزامه الناشئ عن العقد وذلك بالطرق التي حددها القانون وليس من بينها سكوت المدعى عليه أو عدم جحده لواقعة لم يقدم دليلها إذا ذلك لا يعد تسليماً منه بها ولا يقوم قرينة على صحتها باعتبار أن الأصل هو براءة الذمة وإن انشغالها أمر عارض فيتعين إقامة الدليل عليه .
وبالتالي فإن ما تثيره الطاعنة بشأن سكون المطعون ضده بصفته – المؤجر – وعدم جحده ما أوردته بعريضة دعواها بشأن وفائها مقدماً بالأجرة التي تطالب باستردادها, لا يجديها إلا أن تكون قد أقامت الدليل على هذا الوفاء, ولما كان الإثبات يتناول في واقع الأمر مسائل موضوعية فإنه يدخل في سلطة محكمة الموضوع في تحصيل فهم الواقع في الدعوى ولا يخضع فيه لرقابة محكمة النقض متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق وتؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها.
وذلك من واقع ما يقدمه الخصوم من أوراق ومستندات وما يستخلص منها من أدلة أو قرائن فلا التزام عليها بتكليفهم بإقامة الدليل على دفاعهم أو لفت نظرهم إلى مقتضيات هذا الدفاع, ولا يعاب عليها عدم إحالتها الدعوى إلى التحقيق أو إصدار حكم الاستجواب من تلقاء نفسها إذا أن ذلك من الرخص المخولة لها وحتى تصح بمقتض تقديرها.
لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى رفض الدعوى على سند مما أورده بمدوناته من واقع بحثه لأوراق الدعوى من أن الطاعنة لم تقدم الدليل على قيامها بالوفاء بالمبلغ المطالب برده مستنداتها ومنها عقد الاتفاق المؤرخ 20/6/1977 جاء خلوا مما يثبت ذلك إذ اقتصر على تحديد القيمة الإيجارية السنوية دون الوفاء بها وكانت هذه الأسباب سائغة ولها أصلها الثابت في الأوراق ولا تخالف الثابت بها وتكفي لحمل قضاء الحكم .
وكان لا ينال من ذلك أن الحكم لم يعن بالرد على كل ما قدمته الطاعنة من أوراق طالما أنها لا تغير من وجه النظر في الدعوى ذلك أن الإعلان المنسوب لمنطق صدوره إلى المطعون ضده بصفته جاء خلواً من توقيعه فلا يحاج به, كما أن الإنذارات المرسلة من الطاعنة هي في حقيقتها لا تعد دليلاً أو قرينة على وفائها بالأجرة باعتبار أنه لا يجوز للشخص أن يتخذ من عمل نفسه دليلاً لصالحه. لما كان ذلك, فإن ما تثيره الطاعنة بسببي الطعن لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً فيما لمحكمة الموضوع سلطة تحصيله وتقديره بغية الوصول إلى نتيجة مغايرة وهو ما لا يقبل التحدي به أمام محكمة النقض.
وحيث أنه لما تقدم يتعين رفض الطعن
الطعن رقم 20 لسنة 54 بتاريخ 22/05/1989
الطعن السادس عن اثبات الالتزام
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعنين أقاموا على المطعون ضدهما الدعوى رقم 8496 لسنة 1972 مدني كلي شمال القاهرة بطلب الحكم بإخلاء الشقة المبينة بالصحيفة وتسليمها لهم، وقالوا في بيان دعواهم إن المطعون ضده الأول استأجر هذه الشقة بموجب عقد مؤرخ 6/2/1959 محول إليهم من المالكة السابقة، إلا أنه تنازل عن الإجارة لشقيقه المطعون ضده الثاني بالمخالفة لشروط العقد.
طعن المطعون ضده الأول بتزوير أوراق إعلانه بالدعوى، والذي تم بمحل غير شقة النزاع، وبعد سماع شهود الطرفين حكمت محكمة الدرجة الأولى بتاريخ 23/3/1974 برفض الادعاء بالتزوير وبصحة الإعلانات فيها، ثم قضت بتاريخ 26/4/1975 بالإخلاء، استأنف المطعون ضدهما هذا الحكم بالاستئناف رقم 2408 سنة 92ق القاهرة.
وبتاريخ 21/6/1976 أحالت محكمة الاستئناف الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعنون أن المطعون ضده الأول ترك الشقة موضوع التداعي للمطعون ضده الثاني متنازلا له عن إجارتها، وبعد سماع الشهود قضت بتاريخ 21/1/1980 في موضوع دعوى التزوير الفرعية برفض الاستئناف وبتأييد الحكم المستأنف بشأنها، وفي موضوع الدعوى بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى الطاعنين،
طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، ينعي الطاعنون بأولهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقولون
إن الحكم قضى برفض الاستئناف المرفوع عن الحكم الصادر في دعوى التزوير الفرعية وبتأييد الحم المستأنف في شأنها، كما قضي في ذات الوقت في موضوع الدعوى الأصلية بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى الطاعنين، وذلك بالمخالفة لنص المادة 44 من قانون الإثبات الذي يوجب أن يكون الحكم برفض الإدعاء بالتزوير سابقاً على الحكم في موضوع الدعوى الأصلية.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول
ذلك أنه ولئن كان المقرر وفقاً لنص المادة 44 من قانون الإثبات أنه لا يجوز للمحكمة أن تقضي بصحة المحرر أو رده، أو بسقوط الحق في إثبات صحته وفي الموضوع معاً، بل يجب أن يكون قضاؤها بذلك سابقاً على الحكم في موضوع الدعوى، اعتباراً بأنه يجمع بين هذه الحالات الثلاث استهداف ألا يحرم الخصم المحكوم عليه في الإدعاء بالتزوير من أن يقدم ما قد تكون لديه من أدلة قانونية أخرى أو يسوق دفاعاً متاحاً جديداً.
إلا أنه إذا ما أنتفت هذه الحكمة التي ابتغاها المشرع من عدم جواز الجمع بين القضاء في الإدعاء بالتزوير وفي الموضوع بحكم واحد، فلا يكون هناك من مسوغ لتطبيق هذه القاعدة، وإذ كان المقرر – عملاً بنص الفقرة الأولى من المادة الثالثة من قانون المرافعات لا يقبل أي طلب أو دفع لا تكون لصاحبه فيه مصلحة قائمة يقرها القانون.
وكان الواقع في الدعوى أن المطعون ضده الأول هو الذي سلك سبيل الإدعاء بتزوير أوراق إعلانه أمام محكمة الدرجة الأولى، فإنه يكون وحده صاحب المصلحة في النعي على قضاء الحكم المطعون فيه في الإدعاء بالتزوير وفي الموضوع معاً باعتباره الخصم المحكوم عليه في هذا الإدعاء، والذي استهدف النص إتاحة الفرصة أمامه ليقدم ما عسى أن تكون لديه من أدلة قانونية أخرى لإثبات ما أراده من الإدعاء بالتزوير أو الإنكار، أما الطاعنون وهم المدعى عليهم في هذا الإدعاء، والمقضي لصالحهم فيه، فلا مصلحة لهم في النعي على الحكم بهذا السبب، و من ثم فهو غير مقبول.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجهين الثاني والثالث من السبب الثاني من سببي الطعن على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون
إن الثابت من محضر الحجز التحفظي الموقع بشقة النزاع في 17/ 11/ 1975 وجود زوجة المطعون ضده الثاني بها، ومخاطبتها المحضر في شأن سداد زوجها للأجرة، مما يؤكد واقعة تنازل المطعون ضده الأول عن الإجارة للمطعون ضده الثاني، إلا أن الحكم أهدر دلالة هذه الواقعة وعلل وجود الزوجة بشقة النزاع وقتئذ باحتمال المصادفة.
وهو تعليل غير مقبول لم تقل هي به، كما استند الحكم أيضاً في نفي ترك المطعون ضده الأول هذه الشقة إلى سكن والده الموجود بشارع الرشيد إلى إقامة والدته وشقيق آخر له وأولاده به، بينما هذا السكن هو (فيلا) من ثلاث طوابق تتسع لكل هؤلاء خاصة بعد طلاق المطعون ضده الأول لزوجته، الأمر الذي يشوب الحكم بالفساد في الاستدلال.
هذا إلى أن الطاعنين قدموا لمحكمة الاستئناف مذكرة بدفاعهم أوردا بها أدلة دعواهم المستفادة مما تضمنته الشكوى رقم 5883 سنة 1972 إداري مصر الجديدة من شهادة لبواب العمارة الكائنة بها شقة النزاع بأن المطعون ضده الأول أجر هذه الشقة من باطنه لزوجة شقيقه المطعون ضده الثاني، وأقوال شهودهما كذلك أمام محكمة الموضوع، وإشهاد طلاق المطعون ضده الأول لزوجته المؤيد لأقوال شهودهم بأنها نقلت أثاث منزلها من شقة النزاع والكشف الرسمي الخاص بالمسكن الكائن بشارع الرشيد والدال على أنه مكلف باسم والد المطعون ضدهما، إلا أن الحكم لم يرد على هذه الأدلة مما يشوبه بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود
ذلك أن الإيجار من الباطن – أو التنازل عن الإيجار – إنما يتم بالاتفاق بين المستأجر الأصلي ومن أحله محله في الانتفاع بالعين المؤجرة، فإذا أنعدم الدليل على وجود مثل هذا الاتفاق، أو قامت إثارة من شك في حصوله انتفى هذا التخلي من جانب المستأجر الأصلي، وإقامة الدليل تقع على عاتق من يدعيه.
وذلك لما هو مقرر من أن الأصل براءة الذمة، وانشغالها عارض، ويقع عبء الإثبات على عاتق من يدعي ما يخالف الثابت أصلاً. لما كان ذلك، وكان تقدير أقوال الشهود – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – هو بما يطمئن إليه وجدان قاضي الموضوع ولا سلطان عليه في ذلك إلا أن يخرج عما يؤدي إليه مدلولها، وكان لقاضي الموضوع كذلك السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وبحث الأدلة والمستندات المقدمة فيها، وموازنة بعضها بالبعض الآخر، وترجيح ما تطمئن نفسه إلى ترجيحه،
وهو غير ملزم بالرد على كل ما يقدمه الخصوم من مستندات، ولا بالتحدث عن كل قرينة غير قانونية يدلون بها، ولا بأن يتتبعهم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم، ويرد استقلالاً على كل منها ما دام أن قيام الحقيقة التي أقتنع بها وأورد دليلها فيه الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات، وكان إثبات أو نفي ترك المستأجر للعين المؤجرة أو تنازله عنها لآخر من مسائل الواقع التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها دون معقب عليها في ذلك متى أقامت قضاؤها على أسباب سائغة تكفي لحمله،
وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بنفي ترك المطعون ضده الأول الشقة مثار النزاع للمطعون ضده الثاني على ما أورده بمدوناته من أن (المحكمة تطمئن إلى شهادة شاهدي المستأنفين (المطعون ضدهما) وترجحها على شهادة شاهدي المستأنف عليهما
إذ أن شهادة أولهما سماعية واستنتاجية لم يجزم فيها بيقين عن أمر من الأمور التي شهد بها وأن ثانيهما حارس العقار وتابع المستأنف عليهما وأن الاثنين لا يعرفان المحل الذي انتقل إليه المستأنف الأول حينما زعما أنه ترك شقته للمستأنف الثاني. أما شاهدا المستأنفين فقد جزما بوقائع ثابتة أيدتها مستندات الدعوى وتستخلص المحكمة منها أن المستأنف الأول ظل بعد طلاق زوجته بتاريخ 19/ 10/ 1971 مقيماً مع أولاده بالعين موضوع النزاع ولم يتركها إلى أي مكان آخر ولم يتنازل عنها إلى أخيه المستأنف الثاني المقيم بشارع … …،
كما دلت على ذلك شهادة هيئة المواصلات السلكية واللاسلكية المقدمة من المستأنفين … أما محضر الحجز المقدمة صورته الرسمية بحافظة المستأنف عليهما رقم 11 دوسيه والذي وقعه المستأنف عليهما ضد المستأنفين وتخاطب فيه المحضر مع زوجته المستأنف الثاني، فلا يقطع بسكنى هذا الأخير وزوجته وأولاده بالعين موضوع النزاع أو بترك المستأنف الأول الإقامة بها وتنازله عنها إلى أخيه المستأنف الثاني، إذ قد يتصادف وجود زوجة المستأنف الثاني بهذه العين للزيارة أو لأي سبب آخر وانتهز المستأنف عليهما فرصة تواجدها وقاما بتوقيع هذا الحجز على منقولات لم تذكر بالمحضر أنها مملوكة لها …
وكذلك الحال بالنسبة (للفيلا) رقم 28 شارع … … التي أدعى المستأنف عليهما انتقال المستأنف الأول إليها، فقد ثبت بالدليل القاطع من شهادة شاهدي المستأنفين أن أولاداً ثلاثة للشقيق الثالث للمستأنفين ولدوا بهذه الشقة في الفترة من يناير سنة 1971 حتى مارس سنة 1973 – كما ثبت من جواز سفر والدة المستأنفين المؤرخ 14/ 12/ 1972 أن محل إقامتها بهذه الفيلا.
ولا يعقل أن المستأنف الأول وأولاده يشاركون أخاه وأسرته ووالدته بهذا المسكن تاركين شقتهم موضوع النزاع للأخ الثالث الذي يقيم فعلاً بمسكن مستقل، وكان هذا الذي أورده الحكم سائغاً ومقبولاً وله أصله الثابت بالأوراق وفيه الرد الضمني المسقط لما يثيره الطاعنون على خلافه والذي لا يعدو أن يكون مجادلة موضوعية في تقدير الدليل بغية الوصول إلى نتيجة مغايرة لما انتهى إليه الحكم وأورد دليله، فإن النعي على الحكم بهذين الوجهين يضحى في غير محله.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الأول من السبب الثاني من سببي الطعن على الحكم المطعون فيه التناقض
إذ استند في قضائه …. برفض دعواهم إلى أن المطعون ضده الأول لا يزال يقيم بشقة النزاع ولم يتركها لشقيقة المطعون ضده الثاني الذي يقيم بالمسكن الكائن بشارع …، بينما يستفاد من قضائه برفض الإدعاء بالتزوير صحة الإعلانات الموجهة إلى المطعون ضده الأول بالمسكن الأخير وإلى المطعون ضده الثاني بشقة النزاع مما يشوبه بالتناقض.
وحيث إن هذا النعي غير سديد
ذلك أنه لما كانت مهمة المحضر وفقاً لنص المادة السادسة من قانون المرافعات هي إجراء الإعلان أو التنفيذ، وليست – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – التحقق من إقامة المعلن إليه بالفعل بمكان إعلانه أو تركه إلى غيره، أو التحقق من شخصية المخاطب معه.
فإن ما يقرره المحضر على لسان المخاطب معه في شأن هذه الإقامة لا تكون له حجية إلا في شأن واقعة انتقال المحضر إلى محل الإعلان وسؤاله عن المعلن إليه وتلقيه الإجابة التي أثبتها بمحضره من المخاطب معه، وذلك دون التطرق إلى مدى صحة هذه الإجابة.
ومن ثم فإن فصل محكمة الموضوع في الإدعاء بالتزوير الذي تناول أوراق إعلان المطعون ضدهما أمام محكمة الدرجة الأولى لم يكن ليستطيل إلى بحث حقيقة إقامة المطعون ضدهما بمكان إعلانهما وإنما يقتصر على تبيان حقيقة انتقال المحضر إلى مكان الإعلان وسؤاله عن المعلن إليهما وتلقيه الإجابة من المخاطب معه دون التحقق من مدى صحة هذه الإجابة.
لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد – في شأن الإدعاء بالتزوير – بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه في هذا الشأن على ما أورده بمدوناته من أن “مناط ذلك الإدعاء هو ثبوت أن المحضر الذي تولى الإعلان قد أثبت على خلاف الحقيقة أنه انتقل إلى محل إقامة الطاعن (بالتزوير) المثبت بالإعلانات المطعون عليها وأنه خاطب تابعاً له يصح مخاطبته عملاً بنص المادة 10 مرافعات.
وحيث إنه اقتصرت شهادة شاهد الطاعن “بالتزوير” على أن الطاعن المذكور يقيم بالعقار 98 شارع … … منذ عشر سنوات سابقة بينما المدعى عليه الثاني يقيم بالعقار 28 شارع …، ولم تتضمن شهادة هذا الشاهد ثمة طعن على ما أثبته المحضر الذي تولى الإعلان ولم يرد بأقواله أن المحضر المذكور لم ينتقل إلى المحل المبين بالإعلانات المطعون عليها أو أنه لم يخاطب من خاطبهم في تلك الإعلانات فإن الطاعن يكون قد أخفق في إثبات ما ادعاه” .
كما أضاف الحكم المطعون فيه إلى ذلك “أن المحضر الذي باشر الإعلانات المطعون عليها بالتزوير قد قام بواجبه في حدود السلطات المخولة له قانوناً.
وأن ما ينسبه له المستأنفان من أخطاء لا يرقى إلى مرتبة تعمد إخفاء الحقيقة”، وكان التناقض الذي يعيب الحكم هو – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – ما تتعارض به الأسباب وتتهاتر ويسقط بعضها بعضاً بحيث لا يبقى منها ما يقيم الحكم ويحمله. وهو ما لم يقم بحال بين قضاء الحكم في الادعاء بالتزوير وما قضى به في موضوع النزاع الأمر الذي يضحى معه هذا النعي ولا سند له. ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
الطعن رقم 678 لسنة 50 بتاريخ 28/11/1985
الطعن السابع عن اثبات ونفي الالتزام
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة ووحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام على الطاعنة والمطعون ضدها الثانية (شركة القاهرة للإسكان والتعمير) الدعوى رقم 2882 لسنة 1973 مدني أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية وقال بيانا لها
إن زوجته الطاعنة أبرمت باسمها مع الشركة المطعون ضدها الثانية عقد بيع ابتدائي مؤرخ 3/4/1953 بمقتضاه اشترت من هذه الشركة أرض فضاء مبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى لقاء ثمن مقداره ألف وستمائة جنيه، وهذا البيع وإن كان قد انعقد في الظاهر باسم زوجته الطاعنة إلا أنه كان في الحقيقة لحسابه واتخذ من اسم الزوجة ستارا لإخفاء الحقيقة نظرا لظروف أحاطت به وبنشاطه التجاري دعته إلى سلوك هذا السبيل.
ومن بعد تسلم الأرض المبيعة أقام عليها من ماله بناء منزل مكون من عدة طوابق، وكانت الزوجة الطاعنة تنوب عنه في حيازته بدلالة أنه في عام 1963 أصدر إليها توكيلا عاما موثقا أنابها فيه بقبض الأجرة من المستأجرين، وظل الحال هكذا حتى نشب نزاع بينهما فتنكرت الطاعنة لهذه الحقيقة وادعت ملكيتها للعقار مستندة إلى ظهور إسمها بعقد شراء الأرض وسائر الأوراق المتعلقة بالبناء الذي أقيم عليها.
ولجأت إلى قضاء الأمور المستعجلة ابتغاء وضع العقار تحت الحراسة القضائية فصدر الحكم في الدعوى رقم 774 لسنة 1972 مستعجل القاهرة بتعيين حارس على العقار وتكليفه بإيداع صافي الريع خزانة المحكمة حتى ينتهي النزاع القائم بينهما على ملكيته.
وإنه لما كان عقد بيع الأرض صوريا في شخص المشترية إذ كان التعاقد في حقيقته لحسابه مستترا باسم الطاعنة وقد وفى الثمن من ماله وشيد البناء من ماله أيضا فيكون هو مالك العقار ولا تعدو الزوجة الطاعنة إلا نائبة عنه، ولذا فقد أقام الدعوى بطلب الحكم باعتباره المالك لأرض ومباني العقار المبين بالصحيفة مختصما الشركة المطعون ضدها الثانية لتبدي ما لديها من معلومات بشأن النزاع.
وأثناء سير الدعوى أقامت الطاعنة الدعوى رقم 4247 لسنة 1973 مدني كلي شمال القاهرة على المطعون ضدهما طالبة الحكم في مواجهة المطعون ضده الأول بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 2/4/1953 المتضمن بيع الشركة المطعون ضدها الثانية لها الأرض المبينة الحدود والمعالم بهذا العقد وصحيفة الدعوى لقاء ثمن مقداره ألف وستمائة جنيه.
قائلة تبيانا لذلك إنها اشترت الأرض محل العقد ووفت الثمن وأقامت عليها بناء منزل من خمسة طوابق إلا أن المطعون ضده الأول نازعها مدعيا لنفسه حقوقا على هذا العقار مما ألجأها لإقامة هذه الدعوى ليحكم فيها في مواجهته بطلباتها، وقررت المحكمة ضم الدعوى الثانية إلى الدعوى الأولى ليصدر فيهما حكم واحد.
وبتاريخ 26 من مايو سنة 1974 قضت بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون ضده الأول بطرق الإثبات كافة أن عقد البيع المؤرخ 2/4/1953 عقد صوري في شخص المشتري وأن التعاقد في حقيقته لحسابه مستترا باسم الزوجة الطاعنة وهو الذي وفي الثمن من ماله وأقام البناء على الأرض من ماله أيضا وصرحت للطاعنة بالنفي بذات الطرق، وبعد إجراء التحقيق قضت بتاريخ 13 من فبراير سنة 1975 في الدعوى رقم 2882 لسنة 1973 بتثبيت ملكية المطعون ضده الأول إلى كامل أرض وبناء العقار الموضح بالصحيفة،
وفي الدعوى رقم 4247 لسنة 1973 برفضها. استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبة إلغاءه والقضاء بطلباتها وبرفض دعوى المطعون ضده الأول، وقيد الاستئناف برقم 1316 لسنة 92 قضائية، وبتاريخ 28 من ديسمبر سنة 1977 قضت المحكمة بقبول الاستئناف شكلا وبإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون ضده الأول بشهادة الشهود أن عقد البيع الابتدائي المؤرخ 2/4/1952 إنما هو عقد صوري وأن زوجته الطاعنة كانت إسما مستعارا له في كل ذلك ولهذه الأخيرة النفي بذات الطريق.
وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين قضت بتاريخ 29 من يناير سنة 1979 بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب تنعي الطاعنة بالسبب الثاني منها على الحكم المطعون فيه بطلانه لبطلان الحكم الابتدائي الذي قضى بتأييده، وتقول في بيان ذلك
إن الثابت من محاضر جلسات محكمة أول درجة أن الدعوى نظرت بجلسة 12 من مايو سنة 1974 ثم حجزت للحكم لجلسة 26 من مايو سنة 1974 وبهذه الجلسة صدر حكم الإثبات، ويبين من هيئة المحكمة الثابتة بمحضري هاتين الجلستين أن عضو اليمين الذي كان حاضرا سماع المرافعة بجلسة 12 من ماية سنة 1974 هو خلاف عضو اليمين الذي حضر جلسة 26 من مايو سنة 1974 التي صدر بها الحكم مما يجعل هذا الحكم معيبا بالبطلان الذي يمتد أثره إلى الحكم المنهي للخصومة من محكمة أول درجة ويستطيل بدوره الى الحكم المطعون فيه القاضي بتأييد حكم محكمة أول درجة، وهو بطلان يتعلق بالنظام العام مما يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول
ذلك ان النص فى المادة 167 من قانون المرافعات على أنه لا يجوز أن يشترك في المداولة غير القضاة الذين سمعوا المرافعة وإلا كان الحكم باطلا، والنص في المادة 170 من هذا القانون على وجوب أن يحضر القضاة الذين اشتركوا في المداولة تلاوة الحكم فإذا حصل لأحدهم مانع وجب أن يوقع مسودة الحكم.
ثم النص في المادة 178 من هذا القانون على وجوب أن يبين في الحكم أسماء القضاة الذين سمعوا المرافعة واشتركوا في الحكم وحضروا تلاوته، مفاده أن النعي ببطلان الحكم بصدوره من قضاة غير الذين سمعوا المرافعة يكون شاهده ودليل ثبوته هو نسخة الحكم ذاته ولا يكفي في إثباته محضر الجلسة التي تلى بها منطوق الحكم.
ذلك أن العبرة بسلامة الحكم في هذا الصدد هو بالهيئة التي أصدرته لا الهيئة التي نطقت به إذ ليس ثمت ما يمنع من مشاركة قاض في الهيئة التي نطقت بالحكم وحلوله محل القاضي الذي سمع المرافعة واشترك في إصدار الحكم ووقع مسودته ثم تغيب لمانع عند النطق به .
وهو بيان يثبت بنسخة الحكم الأصلية ولا يتطلب القانون إثباته بمحضر الجلسة، لما كان ذلك وكان محضر جلسة 26من مايو سنة 1974 الذي قدمت الطاعنة صورته لا يحوي إثبات أسماء القضاة الذين حضروا تلاوة منطوق الحكم مما لا يعد وحده ودون تقديم صورة من نسخة الحكم الأصلية دليلا كاشفا عن أن عضو اليمين الذي ورد اسمه بهذا المحضر مخالفا لاسم من سمع المرافعة فقد اشترك في الفصل في الخصومة بإصدار الحكم المنعي عليه بالبطلان، ومن ثم يكون النعي بهذا السبب غير مقبول لافتقاره إلى الدليل.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالسبب الأول من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون من وجوه أربعة، وتقول في بيان الوجه الثاني
إن الطعن بالصورية على عقد البيع المؤرخ 2/4/1953 الذي تمسك به المطعون ضده الأول لا يجوز إثباته إلا بالكتابة ولكن محكمة أول درجة خالفت قواعد الإثبات فأحالت الدعوى إلى التحقيق لإثبات هذا الطعن بالبينة والقرائن، وحين استأنفت الحكم المنهي للخصومة من تلك المحكمة تمسكت في صحيفة استئنافها باعتراضها على إثبات الطعن بالصورية بغير الكتابة الا ان محكمة الاستئناف التفت عن اعتراضها وقضت بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ذلك الطعن بشهادة الشهود ثم اتخذت من نتيجة التحقيق أساسا لقضائها على نحو ما ورد بأسباب الحكم المطعون فيه بما يعيب هذا الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود
بأن قاعدة عدم جواز الإثبات بالبينة في الأحوال التي يجب فيها الإثبات بالكتابة – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – ليست من النظام العام فعلى من يريد التمسك بالدفع بعدم جواز الإثبات البينة أن يتقدم بذلك إلى محكمة الموضوع قبل البدء في سماع شهادة الشهود فإذا سكت عن ذلك عد سكوته تنازلا منه عن حقه في الإثبات بالطريق الذي رسمه القانون.
وإذ كان الواقع أن محكمة الاستئناف حكمت بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون ضده الأول بشهادة الشهود أن عقد البيع الابتدائي المؤرخ 2/4/1953 صوري باتخاذه اسم زوجته الطاعنة اسما مستعارا له في الشراء، وكانت الطاعنة لم تبد اعتراضا على هذا الحكم لدى تنفيذه بل تقدمت أثناء التحقيق بشاهدين سمعت المحكمة أقوالهما.
فإن في ذلك ما يعد تنازلا عن الدفع بعدم جواز الإثبات بالبينة الذي تمسكت به في صحيفة الاستئناف فلا تثريب على الحكم المطعون فيه إن هو اعتبر هذا الدفع دفعا غير قائما للنزول عنه واتخذ من التحقيق الذي أجرته المحكمة عمادا لقضائه.
وحيث إن النعي بالوجه الثالث يقوم على قول من الطاعنة بأن
صورية عقد البيع المدعى بها إنما تنصرف آثارها فيما لو ثبتت صحتها إلى العلاقة القائمة بينها وبين المطعون ضده الأول وهي بهذه المثابة ما كانت تحول دون القضاء بمطلبها من دعوى صحة ونفاذ عقد البيع الذي أبرمته مع الشركة البائعة المطعون ضدها الثانية، وإذ كان الحكم قد خالف هذا النظر وقضى برفض دعواها فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد
ذلك أن دعوى صحة ونفاذ عقد البيع – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – هي دعوى موضوعية تمتد سلطة المحكمة فيها إلى بحث موضوع العقد ونفاذه في مواجهة خصوم المشتري وتستلزم أن يكون من شأن البيع موضوع التعاقد نقل الملكية حتى إذا ما سجل الحكم قام تسجيله مقام تسجيل العقد في نقلها وهذا يقتضي أن يفصل القاضي في أمر صحة التعاقد وآثاره وبالتالي تتسع هذه الدعوى لبحث كل ما يثار من منازعات تتعلق بانعقاد العقد ومدى صحته وجديته.
ولما كانت الطاعنة قد أقامت دعواها بطلب صحة ونفاذ عقد البيع العرفي المؤرخ 2/4/1953 مختصمة المطعون ضده الأول باعتباره منازعا إياها في الحقوق الناشئة عن هذا العقد، فدفع دعواها بصورية عقد البيع صورية نسبية بطريق التسخير على سند من أن العقد في الحقيقة لحسابه إذ استعار اسم زوجته الطاعنة في الشراء فلا تكتسب شيئا من حقوق ذلك العقد.
وكان هذا الدفع من المنازعات التي تتصل بموضوع انعقاد البيع وآثاره مما يتسع الفصل في الدعوى لبحثه ويلزم حسمه قبل الحكم فيها وصولا إلى الوقوف على حقيقة المشتري الذي انعقد البيع لحسابه وانصرفت إليه آثاره.
لما كان ذلك وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن من يعير اسمه ليس إلا وكيلا عمن أعاره، وتعامله مع الغير لا يغير من علاقته بالموكل شيئا، فهو كسائر الوكلاء لا يفترق عنهم إلا أن وكالته مستترة، فكان الشأن شأنه في الظاهر مع أنه في الواقع شأن الموكل.
وينبني على ذلك أن الوكيل المستتر في الشراء لا يكتسب شيئا من الحقوق المتولدة من عقد البيع الذي عقده، بل تنصرف هذه الحقوق إلى الأصيل، أما في علاقة الغير بهذا الأصيل فإن من المقرر على ما تقضي به المادة 106 من القانون المدني أن أثر العقد لا يضاف إلى الأصيل دائنا أو مدينا إلا في حالتين هما:
إذا كان من المفروض حتما أن من تعاقد معه النائب يعلم بوجود النيابة أو كان يستوي عنده أن يتعامل مع الأصيل أو النائب، وكان الثابت من واقع الدعوى أن الشركة المطعون ضدها الثانية لم تتمسك بعقد البيع وفقا لظاهر نصوصه من كون الطاعنة هي المشترية بل اتخذت من الخصومة موقفا سلبيا وطلبت إخراجها من الدعوى بما يفيد أن تعاملها يستوي سواء أكان مع الزوجة الطاعنة أم مع زوجها المطعون ضده الأول.
وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قضى برفض دعوى صحة ونفاذ عقد البيع محمولا في أسبابه على أن العقد وقد ثبتت صوريته في شخص المشتري، فإن آثاره تنصرف إلى الأصيل المطعون ضده الأول فلا يسوغ أن تطلب الطاعنة الحكم لنفسها في مواجهته بصحة ونفاذ هذا العقد فإنه يكون قد أنزل القانون منزلة الصحيح على واقع الدعوى ويكون النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن النعي بالوجه الرابع يتحصل فيما تقوله الطاعنة من أن
تكييف الحكم لعلاقتها بالمطعون ضده الأول في إبرام عقد البيع بأنها علاقة وكالة ينطوي على خطأ في القانون إذ يشترط في عقد الوكالة الشكل الواجب توافره في العمل القانوني محل الوكالة وإذ كان عقد بيع العقار لا ينشىء آثاره إلا بالتسجيل فإنه يجب في الوكالة التي يكون محلها إبرام هذا العقد أن تكون ثابتة بشكل رسمي.
كذلك فإن تكييف الحكم المطعون فيه لعلاقاتها بالمطعون ضده الأول بكونها علاقة وكالة أمر يختلف تماما عن صورية عقد البيع التي قال بثبوتها بل ويتناقض معها وهو ما يعيب الحكم فضلا عن الخطأ في تطبيق القانون بالتناقض في الأسباب.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول مردود
ذلك أن قانون تنظيم الشهر العقاري فيما يتطلبه من تسجيل عقد بيع العقار لا يضفي على هذا العقد شكلا رسميا معينا فهو لم يغير شيئا من طبيعته من حيث كونه من عقود التراضي التي تتم وتنتج آثارها القانونية بمجرد توافق الطرفين وإنما قد عدل فقد آثاره بالنسبة للعاقدين وغيرهم فجعل نقل الملكية غير مترتب على مجرد العقد بل متراخيا إلى ما بعد حصول التسجيل.
وإذ كان نص المادة 700 من القانون المدني يوجب أن يتوافر في الوكالة الشكل الواجب توافره في العمل القانوني الذي يكون محل الوكالة في بيع وشراء العقار تكون هي أيضا رضائية ولا يستوجب القانون شكلا رسميا لانعقادها، وهذا الأمر يستوي سواء أكانت الوكالة ظاهرة سافرة أو وكالة مستترة.
والنعي في شقه الثاني غير صحيح
ذلك أن التناقض الذي يفسد الأحكام هو الذي تتماحى به الأسباب بحيث لا يتأتى معه فهم الأساس الذي أقيم عليه الحكم، وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أنه قضى في الدعوى على أساس من ثبوت استعارة المطعون ضده الأول لاسم زوجته الطاعنة في إبرام عقد البيع فكانت وكالتها مستترة في الشراء.
وهذا الذي قال به الحكم هو بعينه ما كان محلا لادعاء المطعون ضده الأول، مما تعتبر معه الصورية التي عناها الحكم هي الصورية في شخص المشتري وهي لوكالة المستترة وهذه الصورية النسبية بطريق التسخير تفترق عن الصورية التي تنصرف إلى التعاقد ذاته إذ هي تفترض قيام العقد وجديته، ومن ثم فلا يكون تناقض اعترى أسباب الحكم.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالأسباب الثالث والرابع والخامس على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بالحق والدفاع والفساد في الاستدلال من وجهين
تقول بيانا لأولهما
إنها طرحت على محكمة الموضوع الإيصالات الدالة على الوفاء بثمن الأرض المبيعة والكشوف المستخرجة من سجلات المحافظة عن البناء الذي أقيم على الأرض وقرارات لجنة تحديد أجرة المساكن وعقود إيجار هذه المساكن، وهي أوراق جميعها تحمل اسمها دون اسم الزوج المطعون ضده الأول.
كما قدمت لمحكمة الاستئناف مذكرة بدفاعها عقب فراغ المحكمة من التحقيق ضمنها تجريحا لأقوال شهود خصمها وأظهرت التناقض بين هذه الأقوال وما أدلى به شاهدان آخران قدمهما لمحكمة أول درجة واعترضت على شهادة هؤلاء جميعا لما يحملونه لها من عداوة وبغضاء .
وتناولت بالتنفيذ مستندات الخصم التي دلل بها على ملاءته إلا أن الحكم المطعون فيه أخل بحقها في الدفاع بإعراضه عن دلالة تلك المستندات التي قدمتها ولم يعن بتمحيص دفاعها بشأن ما أثارته من اعتراض على شهود المطعون ضده الأول ومستنداته وقصرت أسبابه عن الرد على هذا الدفاع وجاء مشوبا بالفساد في الاستدلال بتعويله على أقوال هؤلاء الشهود.
وتقول الطاعنة في الوجه الثاني
إنها تمسكت في دفاعها أمام محكمة الاستئناف باكتساب ملكية العقار محل النزاع بالحيازة مدة تزيد على خمسة عشر عاما لها إذ استمرت الحيازة لها منذ إبرامها عقد البيع في تاريخ 3/4/1953 إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل تحقيق هذا الدفاع مما يعيبه بقصور يبطله.
وحيث إن هذا النعي في وجهه الأول مردود
ذلك بأنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها واستنباط القرائن القضائية من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع دون رقابة من محكمة النقض ما لم تخرج بأقوال الشهود إلى غير ما يؤدي إليه مدلولها أو كان استنباط القرائن غير سائغ أو اعتراه الفساد.
وهي في مجال تقديرها لأدلة الدعوى ليست ملزمة بتعقب الخصوم في شتى مناحي دفاعهم وكافة ما يعرضونه من مستندات لمن يكفي أن يقام حكمها على أسباب تسوغه وفي ذلك بيان للحقيقة القضائية التي اقتنعت بها وتعليل ضمني لإسقاط كل حجة تخالفه.
وإذ يبين من الحكم المطعون فيه أنه أورد بأسبابه مضمون الشهادة التي أدلى بها كل من شهود الطرفين في التحقيق الذي أجرته محكمة الاستئناف واتخذ من هذا التحقيق سندا لقضائه دون تحقيق محكمة أول درجة وأبان أنه لا يثق بشهادة شاهدي الطاعنة بينما يطمئن إلى شهادة الشهود الثلاثة الذين أشهدهم المطعون ضده الأول قائلا “إن أولهم وثانيهم مستأجران بالمنزل مثار النزاع الذي تقيم به المستأنفة وثالثهم يتجر في الخردة التي يتجر فيها المستأنف عليه الأول.
وقد اجتمعت شهادة الشاهدين الأولين على أن المستأنف عليه الأول هو الذي كان يقوم ببناء المنزل دفع تكاليف هذا البناء وشهد ثالثهم بأنه حضر واقعة دفع المستأنف عليه الأول مقدم ثمن الأرض المقام عليها المنزل من ماله الخاص وأنه هو الذي كان يمول العقار باسمه إذ كان يحاسب مقاول البناء ويدفع له الأجرة.
وقد تأيدت أقوال هؤلاء الشهود بالعديد من المستندات التي عمرت بها الدعوى والدالة على أن المستأنف عليه الأول تاجر كبير من تجار الخردة كان يتجر في آلاف الجنيهات وحسب المحكمة أن تشير إلى فاتورة صادرة من شركة الحديد والصلب بتاريخ 23/10/1978 تفيد شراء المستأنف عليه منها ألفي طن من الحديد بسعر الطن 95 جنيها وأنه تم سداد التأمين وقدره خمسة عشر ألف جنيه.
كما تأيد ذلك … … بأن صافي الضرائب المستحقة عليه في السنوات من 1955 حتى 1959 وعن سنتي 1964، 1967 مبلغ 809 ج و680 م … ….. وأن صافي أرباحه عن كل من السنوات 1969 حتى 1973 مبلغ 3444 جنيها وهو ما تطمئن معه المحكمة إلى أن المستأنف عليه كان يملك ثمن شراء الأرض المقام عليها المنزل أما المستأنفة فلم يقم دليل على أنها كانت تملك ثمن شراء الأرض والمباني المقامة عليها عدا شهادة شاهديها اللذين لم تطمئن المحكمة إلى شهادتها …. …..”
وجاء بأسباب الحكم في موضع آخر قوله “بأن المستأنفة لا يكون لها أن تتحيل للاستئثار بالمنزل اعتمادا على أن عقد شراء الأرض وإيصالات سداد باقي الثمن وصدور الرخصة والرسم والمكلفة باسمها فذلك إنما تم لحساب الأصيل المستأنف عليه الأول” كما أورد الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قرائن أخرى استمدها من المستندات المطروحة على بساط البحث وهي توكيل أصدره المطعون ضده الأول إلى الطاعنة برقم 424 سنة 1963 توثيق شبرا وكلها فيه باستلام الأجرة من مستأجري منزل النزاع وإنذارات عرض من أحد المستأجرين بعرض الأجرة المتأخرة وأثبت بها قبض الطاعنة الأجرة نيابة عن زوجها بموجب التوكيل آنف الذكر ودلل الحكم من هذه المستندات على أن حيازة الطاعنة للعقار كانت نيابة عن زوجها المطعون ضده الأول.
لما كان ذلك وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه قد أسس قضاءه بشأن صورية عقد بيع الأرض محل النزاع وسائر الإجراءات المتصلة بالبناء الذي أقيم عليها صورية مردها الوكالة المستترة بإعارة الطاعنة اسمها لزوجها على اعتبارات سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق إذ اعتد فيها على ما استخلصه من شهادة الشهود الذين سمعتهم المحكمة بما لا تخرج عن مؤدى أقوالهم ومن قرائن استنبطها مؤدية إلى النتيجة التي انتهى إليها.
فإن ما تثيره الطاعنة من نعي في هذا الصدد لا يعدو أن يكون مجادلة منها في تقدير محكمة الموضوع لشهادة الشهود والقرائن التي استنبطها بغية الوصول إلى نتيجة غير التي أخذ بها الحكم المطعون فيه مما لا يقبل أمام هذه المحكمة.
والنعي في وجهه الثاني مردود
ذلك أن حيازة النائب إنما هي حيازة بالوساطة وفقا لنص المادة 951/1 من القانون المدني فأثرها ينصرف إلى الأصيل دون النائب، وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أنه واجه دفاع الطاعنة المؤسس على اكتسابها ملكية العقار بالتقادم الطويل فرد عليه بقوله:
“أنه لما كانت المحكمة قد انتهت إلى أن حيازة المستأنفة للمنزل مثار النزاع كانت عن طريق الوكالة عن المستأنف عليه الأول لذا فإن ادعاءها ملكية ذلك المنزل بوضع اليد المكسب للملكية بالمدة الطويلة يكون على غير أساس “لما كان ذلك وكان هذا الذي أورده الحكم صحيحا في القانون وكاف لحمل قضائه في إطراح دفاع الطاعنة في هذا الصدد، فإن النعي عليه بهذا الوجه يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالوجه الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان هذا الوجه تقول إنه
من القواعد المقررة في القانون أن من واجب المحكمة تكييف الدعوى تكييفا صحيحا يتفق مع المقصود من طلباتها دون اعتداد بالألفاظ التي صيغت بها وأنه وإن كان المطعون ضده الأول قد طلب الحكم باعتباره مالكا للعقار محل النزاع إلا أن ما استهدف من دعواه سوى اعتبار عقد البيع المؤرخ 2/4/1953 عقدا صوريا .
فإذا كان هذا هو المقصود من هذه الدعوى وكان الحكم الابتدائي الصادر فيها المؤيد بالحكم المطعون فيه قد قضى بتثبيت ملكية المطعون ضده الأول إلى العقار دون أن تتضمن مدونات أي من الحكمين توافر سبب من أسباب التمليك سواء كان عقد بيع مسجل او كان اكتسابا للملكية بوضع اليد المؤدي إلى التمليك فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وقضى بما يغاير طلبات الخصوم مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في شقه المتصل بتكييف الدعوى مردود بأنه
وإن كان على محكمة الموضوع إعطاء الدعوى وصفها الحق وتكييفها التكييف القانوني الصحيح دون تقيد بتكييف الخصوم إلا أنها لا تملك تغيير سبب الدعوى ويجب عليها الالتزام بطلبات الخصوم وعدم الخروج عليها وإذ كان الثابت من الوقائع أن المطعون ضده الأول لم يقتصر في دعواه على الطعن بصورية عقد البيع بل أفصح في صراحة ووضوح عن أن الصورية التي يعنيها هي الصورية النسبية بطريق التسخير فكان هو المشتري الحقيقي في عقد البيع مستترا باسم زوجته الطاعنة وأقام البناء على الأرض المبيعة من ماله وما كانت الزوجة إلا نائبة عنه في إجراءات البناء وحيازته.
ورتب على ذلك على ذلك قوله بأنه يكون هو مالك العقار أرضا وبناء، واختتم المدعي بطلب الحكم باعتباره مالك هذا العقار فلا يكون صحيحا ما تثيره الطاعنة من أن تكييف الدعوى قاصر على طعن بصورية عقد البيع بل هي دعوى ملكية طلب فيها رافعها بلفظ ريح الحكم له بملكية العقار موضوع التداعي ودفعتها الطاعنة نفسها باكتسابها هي هذه الملكية بوضع اليد المدة الطويلة على نحو ما سلف بيانه.
وحيث إن النعي في شقة الثاني المتعلق بخطأ الحكم المطعون فيه إذ قضى بثبوت الملكية دون أن يقيم قضاءه على تملك المطعون ضده الأول للعقار بناء على سبب من أسباب الملكية المقررة في القانون، فهو نعي سديد
ذلك أنه لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه قضى بتأييد الحكم الابتدائي القاضي بتثبيت ملكية المطعون ضده الأول للعقار محل النزاع محمولا في أسبابه على مجرد القول بثبوت الوكالة المستترة للزوجة الطاعنة فيما أبرمته من عقد شراء الأرض ما اتخذته من إجراءات البناء عليها وأن في ذلك ما يكفي لاعتبار الأصيل في علاقته بالوكيل هو المالك بغير حاجة إلى أي إجراء إذ لا يحتاج لكي يحتج على وكيله المخسر لملكية ما اشتراه إلى تصرف جديد من الوكيل ينقل به الملكية.
وكان هذا الذي أقام عليه الحكم قضاءه في هذا الخصوص لا ينطبق على وقائع الدعوى إذ هو يصدق على حالة ما إذا تم تسجيل البيع الصادر للوكيل المعير اسمه فتكون الملكية قد خرجت من ذمة البائع وهي وإن انتقلت إلى الوكيل في الظاهر إلا أن انتقالها في الحقيقة يعتبر لحساب الأصيل فيصبح في علاقته بالوكيل هو المالك بغير حاجة إلى صدور تصرف جديد من هذا الأخير ينقل به الملكية إليه.
وإذ كان الثابت من مدونات الحكم أن عقد البيع الذي تعلق بعقار لم يسجل بعد فلا تكون ملكية المبيع قد انتقلت إلى الزوجة الطاعنة التي أبرمته بطريق الوكالة المستترة بل هي لا تزال باقية على ذمة الشركة المطعون ضدها الثانية بائعة العقار ويكون التصرف إلى الأصيل المطعون ضده الأول هي الحقوق الشخصية وليدة عقد البيع الذي لم يسجل.
وهذا العقد غير المسجل لا يترتب عليه أيضا تملك المطعون ضده الأول لما أقامه على الأرض المبيعة من مبان ذلك أن حق القرار – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – حق عيني من قبيل الملكية فلا ينشأ ولا ينتقل وفقا لنص المادة التاسعة من قانون الشهر العقاري إلا بالتسجيل.
أما قبل تسجيل سند المشتري الباني فإن ملكية المنشآت تكون للبائع بحكم الالتصاق نظير تعويض المشتري عنها تطبيقا للقاعدة المنصوص عليها في المادة 925 من القانون المدني، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بثبوت ملكية المطعون ضده الأول رغم عدم توافر السبب القانوني المؤدي إلى التملك يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للحكم فيه – فيما رأت هذه المحكمة نقضه من الحكم المطعون فيه – ولما سبق بيانه تكون دعوى المطعون ضده الأول بطلب الحكم بملكيته للعقار محل التداعي غير مقبولة ذلك أنه طالما لم يتم تسجيل عقد البيع العرفي الذي انصرفت إليه الحقوق الشخصية المتولدة عنه فإن هذا العقد بذاته لا يصلح سببا للقضاء بأحقيته في ملكية الأرض المبيعة بهذا العقد أو ما أقامه عليها من بناء، ومن ثم يتعين إلغاء الحكم الابتدائي الصادر في الدعوى رقم 2882 لسنة 1973 مدني كلي شمال القاهرة والقضاء بعدم قبول الدعوى.
الطعن رقم 648 لسنة 49 بتاريخ 24/04/1980
ختاما: عزيزى زائر موقعنا، يمكنك تحميل الأحكام المقدمة بهذا البحث من خلال أيقونة التحميل pdf أخر المقال، كما يمكنك طباعتها، متمنيا دوام التوفيق للجميع.