قيود حرية استنباط القاضى من القرائن ( مادة 100 اثبات )

تعرف علي قيود حرية استنباط القاضى من القرائن و مشكلات الاثبات بالقرائن فالقاضي المدني مقيد في الاثبات عكس القاضي الجنائي ويحق للخصم دائما ضحد قرائن خصمه وفي هذا البحث نتعرف علي ذلك وفقا لشرح المادة 100 من قانون الاثبات

قيود القاضي بالنسبة للقرائن ومقدمة البحث

القرينة قانونا وواقعا تعرف بأنها  استنباط أمر مجهول من واقعة ثابتة ومعلومة ، اما اذا كانت الواقعة محتملة غير ثابتة فإنها لا تصلح مصدرا لاستنباط القاضي وان فعل كان حكمه باطلا معيبا بالفساد في الاستدلال والقرائن القضائية في اثبات الدعوي له أهمية عظيمة لأنها تخفف من عبء الإثبات سواء بما يؤيد طلبات الدعوي أو بما يثبت عدم الأحقية فيها ومن ثم رفضها

ومن ثم فالقرائن القضائية هي التي لم ينص عليها القانون ، وأما القرينة القانونية هي التى بنص في القانون ومن حق قاضي الموضوع استنباط كل قرينة من القرائن المعروضة عليه من ظروف الدعوى وتقدير مدى جديتها ودلالتها في الاثبات فيها.

ومن ثم فلقاضي الدعوي دور هام في استنباط دلالة القرائن و قد سميت القرائن القضائية بذلك  للدلالة على الدور الذي يلعبه القضاء فيها وننوه أنه لا يهم أن يقوم القاضي بنفسه بعملية الاستنباط ، فقد يقوم بها أحد الخصوم ، وللقاضي سلطة تقديرية في قبول الاستنباط الذي توصل إليه الخصم من القرينة  أو عدم قبولها

قيود حرية الاستنباط في المادة 100 اثبات

قيود حرية استنباط القاضى من القرائن

المادة 100 من قانون الاثبات تنص علي :

يترك لتقدير القاضي استنباط كل قرينة لم يقررها القانون ولا يجوز الإثبات بهذه القرائن إلا في الأحوال التي يجوز فيها الإثبات بشهادة الشهود.

قيود حرية القاضي والصيغة المعيبة للمادة 100

حيث ان الصيغة المعيبة لنص المادة 100 اثبات توحى بأنه ليس للخصوم الحق في طلب الإثبات بالقرائن فقد صيغت المادة رقم 100 من قانون الإثبات علي نحو قد يفهم منه أنه ليس للخصوم طلب الإثبات بالقرائن القضائية وأن الإثبات بهذه القرائن هو محض اختيار للقاضي فعبارة ” يترك لتقدير القاضى استنباط كل قرينة لم يقررها القانون ” التي استفتح بها المشرع هذه المادة توحي بذلك والحقيقة أنه  يجوز للخصوم المطالبة بالإثبات بالقرائن القضائية .

ويقرر الدكتور عبد الحكم فودة :

ويبين من هذا النص أن الشرع جعل الإثبات بالقرائن القضائية مقصوراً علي الحالات التي يجوز فيها الإثبات بشهادة الشهود فيكلف الخصم الذي يقع عليه عبء الإثبات أن يقدم للقاضي الإمارات أو العلامات التي يستخلصها من ظروف الدعوى ليستدل بها علي صحة ادعائه ومن واجب القاضي أن يفحص هذه العلامات والإمارات للتحقق من صحتها وله أن يأخذ من تلقاء نفسه بقرينة يستنبطها من وقائع الدعوى وملابساتها

عزالدين الدناصوري – الاثبات – المجلد الثاني ص 716 – بند 746

ومن قضاء النقض فيما يؤكد هذه الحقيقة  بأن للخصوم طلب الإثبات بالقرائن القضائية ما قضت به محكمة النقض

إذا كان الطاعنون – المستأجرون – قد استدلوا علي ما دفعوا به من تنازل الملاك السابقين عن حقهم في اقتضاء ثمن المياه بسكوتهم عن ذلك مدة طويلة وكان مجرد السكوت عن المطالبة بالحقوق الدورية المتجددة لا يستقيم دليلاً كافياً علي التنازل عن الاتفاق المنشئ لها فإنه لا علي الحكم المطعون فيه إذا هو لم يعتد بهذه القرينة وحدها لمجاراة الطاعنين في دفاعهم

الطعن رقم 642 لسنة 46 ق جلسة 20-2-1980 س 31 ص 557 ع 1
كما قضت محكمة النقض :

محاضر جمع الاستدلالات التي تقدم صورها الرسمية في الدعاوى المدنية لا تعدوا أن تكون مستندا من مستندات الدعوى ، من حق المحكمة أن تستخلص مما تضمنته من استجوابات ومعاينات مجرد قرينة يستهدي بها للتوصل إلي وجه الحق في الدعوى المعروضة عليها فلها أن تأخذ بها ولها أن تهدرها ولها أن تنتقي جزءاً منها وتطرح سائرة دون أن يكون لها تأثيراً عليها في قضائها الجانب الفني و اختيار القاضي لواقعة ثابتة يقيناً ففحصها لاستنباط القرينة – شرح القرائن فى الاثبات المدنى [ المواد 99 و 100 من قانون الاثبات ]

الجانب الفني و اختيار القاضي لواقعة ثابتة يقيناً ففحصها لاستنباط القرينة التي يستدل بها علي صحة الواقعة مصدر الحق المدعي به الحرية التي منحها المشرع للقاضي في اختيار الواقعة أساس الاستنباط مقيدة بأن تكون هذه الواقعة ثابتة ثبوتاً يقينياً . لكنها مع ذلك تثير التساؤل بشأن مدي اشتراط أن تكون الواقعة من داخل الدعوى أو من خارجها .

الإجابة تبدوا منطقية إذا قررنا أنه يشترط أن تكون الواقعة التي يتخذها القاضي أساساً للاستنباط من الوقائع المعروضة داخل الدعوى ولكن لا خلاف مع المنطق إذا كانت هذه الوقائع من خارج الدعوى متي أثيرت أثناء سير الدعوى وقدم ما يدلل علي وجودها حتي يستند الاستنباط إلي ما هو موجود فعلا  والتفصيل فيما يلي

أولا : الاستنباط من وقائع داخل الدعوى

بمعني أنها أحد فاعليات هذه الدعوى ؛ فللقاضي أن يستخلص القرينة القضائية من مناقشات الخصوم ، أو من شهود أحد الخصوم الذين سمعوا في الدعوى ، أو من تقرير الخبير المنتدب في الدعوى أو من أقوال الشهود الذين سمعهم الخبير بغير حلف يمين ، أو من أي مستند قدم في الدعوى حتي لو لم يكن الخصم طرفاً فيه أو من تصرف قانوني ، أو من امتناع الخصم عن الحضور في الجلسة المحددة للاستجواب أو من امتناعه عن الإجابة عن الأسئلة التي توجه إليه بالجلسة ….. الخ

عز الدين الدناصوري – المرجع السابق المجلد الأول ص 678

السؤال  المرتبط

  • هل يشترط أن تكون الواقعة محل الاستنباط  وليدة إجراء صحيح ؟
  • وبسؤال أوضح ألا تكون الواقعة أساس الاستنباط وليدة إجراءات باطلة ؟
الإجابة بلا

لا يشترط أن تكون الواقعة أساس الاستنباط وليدة إجراءات صحيحة . وهي في رأينا إجابة مبررة لأن الواقعة التي يتخذها القاضي أساساً للاستنباط ليست  دليلاً في ذاتها حتي يلزم أن تكون وليدة إجراءات صحيحة لا باطلة لذا يجوز الاستنباط استناداً لتصرف قانوني باطل ، كما يجوز الاستنباط من تحقيقات باطلة

د. عبد الحكم فودة – الاثبات – المجلد الثاني – ص 762

يضاف لذلك أن في اشتراط صحة الواقعة أساس الاستنباط معاداة لفكرة الاستنباط ذاتها كعمل عقلي وذهني بحت يقوم به القاضي ، فالواقعة التي تتخذ أساساً للاستنباط ليس دليل لأنها لو كانت كذلك ما كان القاضي بحاجة إلي الاستنباط أساساً

ثانياً : الاستنباط من وقائع خارج الدعوى

في هذه الحالة يتخذ القاضي واقعة محددة أساساً للاستنباط ومشكلة هذه الواقعة أنها ليست من وقائع الدعوى ذاتها لكنها مرتبطة علي نحو ما بهذه الوقائع وهو ما يبرر الاستناد إليها فلا مخالفة للمنطق استناد القاضي – في الاستنباط – إلي وقائع خارج الدعوى كتحقيق إداري أو محاضر إجراءات جنائية ولو كانت هذه المحاضر قد انتهت بالحفظ

إذن فكما يجوز وإذا كان يجوز استنباط القرينة القضائية من وقائع خارج الدعوى إلا أنه يشترط لذلك أن تكون الأوراق الخاصة بهذه الوقائع مقدمة ضمن مستندات الدعوى ، فيجوز للقاضي أن يستخلص من صورية إجراءات التقاضي في دعوى سابقة انتهت بالحكم بصحة ونفاذ بيع قرينة علي صورية هذا العقد إضراراً بالدائن الذي لم يكن ممثلاً في تلك الدعوى

قضت محكمة النقض :

للقاضي أن يستنبط القرينة التي يعتمد عليها من أي تحقيق قضائي أو إداري أو من شهادة شاهد لم يؤد اليمين أمام النيابة في التحقيق الذي أجرته

الطعن رقم 112 لسنة 18 ق جلسة 2-3-1950
كما قضت محكمة النقض :

للمحكمة أن تستمد من واقع الدعوى ما تراه من القرائن القضائية المؤدية عقلا إلي النتيجة التي تنتهي إليها فإذا كانت المحكمة قد حصلت من شهادة الشهود المدعي عليه بأنهم لا يعرفون أنه مدين للمدعي إحدى قرائن صورية الدين المدعي به فذلك في حدود حقها الذي لا رقابة عليه لمحكمة النقض

الطعن رقم 124 لسنة 16 ق جلسة 30-11-1947
كما قضت محكمة النقض :

قاضي الموضوع حر في استنباط القرائن التي يأخذ بها من وقائع الدعوى والأوراق المقدمة فيها ولا شأن لمحكمة النقض معه فيما يستنبطه منها متي كان استنباطه سائغاً

الطعن رقم 36 لسنة 26 ق جلسة 9-3-1961 س 12 ص 212
كما قضت محكمة النقض :

لمحكمة الموضوع حرية استنباط القرائن القضائية التي تأخذ بها من وقائع الدعوى ما دامت مؤدية عقلاً إلي النتيجة التي انتهت إليها بما لا رقابة لمحكمة النقض عليها فيه

الطعن رقم 161 لسنة 38 ق جلسة 26-6-1973 س 24 ص 1967

قيود حرية استنباط القاضى من القرائن

قيود حرية استنباط القاضى من القرائن

فيما يلي نتعرف علي قيود القاضي في استنباط القرائن وضرورة أن يكون استخلاص القرينة سائغا وله سنده في الأوراق والا كان استخلاصه فاسدا معيبا بالفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق

ما معني أن يكون استخلاص القرينة سائغا وله سنده في الأوراق ؟

حين منح المشرع القاضي الحرية في الاستنباط باختيار واقعة محددة من داخل الدعوى أو من خارجها ومن ثم استنباط القرينة اللازمة للحكم  فإنه قيد ذلك بقيدين اتفق الفقه والقضاء علي حتميتهما وسنتبينهما فيما يلي علي التولي وفقا لقضاء النقض

القيد الأول في الاستباط من القرائن

أن يكون الاستنباط سائغاً أي أن يكون استنتاج القرينة منطقياً ومقبولاً فيكون من شأن وجود هذه الواقعة الثابتة يقيناً والتي تختارها المحكمة – بحكم العقل – وجود واقعة أخري تثبت بثبوتها ، ولذا حكمت محكمة النقض بأنه لا يعد استنباطاً سائغاً اتخاذ الحكم من عجز المشترية عن إثبات أدائها الثمن قرينة علي أن العقد يخفي وصية

نقض مدني – جلسة 5-1-1971 سنة 22 ص 3

كما لا يعد استنباطاً سائغاً نفي الصورية عن العقد علي سند من أن بنوده خلت مما يدل علي اقترانه بالغش أو التحليل علي القانون وإخفاء سبب غير مشروع في حين أن الصورية لا يلجأ إليها إلا ابتغاء ستر هذه الأمور

نقض مدني – جلسة 27-12-1980 الطعن رقم 1732 لسنة 49 ق

كما لا يعد استنباطاً سائغاً الاستدلال علي تنازل الملاك السابقين عن حقهم في ثمن المياه بسكوتهم عن ذلك مدة طويلة ، وكان مجرد السكوت عن المطالبة بالحقوق الدورية المتجددة لا يستقيم دليلاً كافياً علي التنازل عن الاتفاق المنشئ لها ، فإنه لا علي الحكم المطعون فيه إذا لم يعتد بهذه القرينة وحدها لمجاراة الطاعنين في دفاعهم

نقض مدني – الطعن رقم 642 لسنة 46 ق جلسة 20-2-1980 س 31 ص 557

القيد الثاني لاسنباط القاضي من القرينة

أن تكون الواقعة التي اتخذها القاضي أساساً للاستنباط ثابتة بالأوراق أي أن يكون لها مصدر مشار إليه بالأوراق وقد سبق أن تعرضنا لذلك

وفي ذلك قضت محكمة النقض :

إذا بني القاضي حكمه علي واقعة استخلصها من مصدر لا وجود له أو موجود ولكنه مناقض لما أثبته ، أو غير مناقض ولكن من المستحيل استخلاص تلك الواقعة منه كان هذا الحكم معيباً متعيناً نقضه فإذا جعلت المحكمة عمادها في قضائها وقائع قالت أنها استخلصتها من تقرير الخبير والأوراق الأخرى التي أشارت إليها وكانت هذه الوقائع بعيدة عما يمكن استخلاصه من تلك الأوراق ، فإنه يتعين نقض حكمها

نقض مدني – جلسة 18-5-1939 مج عمر جزء 2 رقم 183 ص 560

حق الخصم في مواجهة القرينة القضائية ودحضها

حق الخصم في مواجهة القرينة القضائية بالدفع بأنها غير ثابتة بقين أو بالدفع بأنها لا تؤدي عقلاً للنتيجة التي استخلصتها المحكمة

وسائل ضحد القرائن القضائية

من حق الخصوم دائماً ضحد القرائن القضائية ومواجهة القرائن تتحقق بثلاث وسائل هي :-

الوسيلة الأولي : ضحد القرينة اعتماداً علي عدم وجود أصل لها بالأوراق :

صحيح أن للقاضي أن يستخلص القرينة القضائية من أي مصدر علي نحو ما أشرنا سلفاً إلا أنه يتحتم أن يكون لها مصدر ، ومصدر القرينة هو الواقعة المنشئة لهذه القرينة وهي ما اصطلح علي تسميته بالدلائل أو الإمارات .

الوسيلة الثانية : ضحد القرينة من خلال التمسك بأن الاستنباط غير سائغ

فإذا كان للقاضي الحق في الاستنباط لتكوين عقيدته وصولاً للحكم في النزاع المعروض عليه إلا أنه يجب أن يكون هذا الاستنتاج متاح عقلاً أي متصور الحصول ، لذا فإن استنتاج القاضي يكون دائماً علي سبيل الترجيح مع منح الخصوم الحق في إثبات العكس

الوسيلة الثالثة : ضحد القرينة بالدفع بعد جواز الإثبات بالقرائن

إذ لا يجوز الإثبات بهذه القرائن إلا فى الأحوال التى يجوز فيها الإثبات بشهادة الشهود إعمالاً للمادة 100 من قانون الإثبات – محل البحث – وهو ما سيلي التعرض له استقلالا .

المشكلة العملية التي تواجه الإثبات بالقرائن

أن المحكمة دائماً لا تفصح حال تداول الدعوى أمامها عنها لاعتبارين . الاعتبار الأول خشية الإفصاح عن عقيدتها قبل إصدار حكم في الموضوع . الاعتبار الثاني أن عملية الاستنباط ترتبط بمرحلة حجز الدعوى للحكم حيث تبحث المحكمة جميع ما عرض وقدم من وقائع ومستندات .

وخلاصة القول أن

لمحكمة الموضوع السلطة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وفي تقدير ما يقدم لها من أدلة ولا تثريب عليها في الأخذ بأي دليل تكون قد اقتنعت به ما دام هذا الدليل من طرق الإثبات القانونية ، وبحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها علي أسباب سائغة تكفي لحمله وهي غير ملزمة بالتحدث في حكمها عن كل قرينة من القرائن غير القانونية التي يدلي بها الخصوم استدلالاً علي دعواهم من طريق الاستنباط ، كما أنها غير مكلفة بأن تتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم

نقض مدني – الطعن رقم 239 لسنة 38 ق جلسة 18-12-1973 س 24 ص 1287

لكن القول باستقلال محكمة الموضوع بتقدير القرائن القضائية وبإطراح ما لا تري الأخذ به منها محله أن تكون قد اطلعت عيها وأخضعتها لتقديرها ، فإذا باب من الحكم أن المحكمة لم تطلع علي تلك القرائن وبالتالي لم تبحثها فإن حكمها يكون قاصراً قصوراً يبطله

الطعن رقم 306 لسنة 35 ق جلسة 11-4-1973 س 24 ص 584

حكم الاحالة للتحقيق يتضمن الاثبات بالقرائن

منطوق حكم الإحالة للتحقيق للإثبات بشهادة الشهود يتضمن الإثبات بالقرائن القضائية حيث ان منطوق حكم الإحالة للتحقيق للإثبات بشهادة الشهود يتضمن  الإثبات بالقرائن القضائية والمستفاد من نص المادة 100 من قانون الإثبات أنه حيث يجوز الإثبات بشهادة الشهود يجوز الإثبات بالقرائن والقرائن المعنية في هذا الصدد هي القرائن القضائية لذا إذا قررت المحكمة إحالة الدعوى للتحقيق فإنها تضمن منطوق هذا الحكم جواز الإثبات والنفي بشهادة الشهود وبالقرائن

نموذج حكم تمهيدي للتحقيق مع القرائن

هذا نموذج لحكم تحقيق في دعوى اعتراض علي الإنذار بالدخول في الطاعة ثابت به أن المحكمة تصرح بمنطوق الحكم باستحضار الشهود أو إعلانهم

حكمت المحكمة :

وقبل الفصل فى الموضوع بإحالة الدعوى للتحقيق لتثبت المُعترضة بكافة طرق الإثبات بما فيها القرائن وشهادة الشهود عناصر دعواها

وعلى وجه الخصوص إثبات أن المُعتَرض ضده غير أمين على نفسها ومالها وأنه دائم التعدي عليها بالسب والضرب وأن المسكن المُوجه عليه إنذار الطاعة غير شرعي ولا يقوم بالإنفاق عليها وبدد أعيان جهازها

وعلى وجه العموم تحقيق أوجه دفاع المدعية ومدى أحقيتها فى طلباتها الواردة بعريضة الدعوى . وللمُعترض ضده النفي بذات الطرق

والمحكمة حددت جلسة _/_/___م لبدء التحقيق على أن ينتهي خلال ثلاثة شهور من تاريخ هذه الجلسة

وندبت لإجرائه السيد رئيس الدائرة وله ندب من يشاء من أعضاء الدائرة وعلى طرفي الدعوى إعلان شهودهم أو إحضارهم للجلسة المحددة

واعتبرت النطق بالحكم إعلاناً للمدعية وكلفتها بإعلان المدعى عليه بمنطوق الحكم والجلسة وأبقت الفصل فى المصاريف

وقد  قضت محكمة النقض :

متي قررت محكمة الموضوع إحالة الدعوى إلي التحقيق لإثبات واقعة ما أو نفيها كان لها أن تعتمد في استجلاء الحقيقة علي أية قرينة تطرح عليها

نقض مدني جلسة 31-10-1982 الطعن رقم 443 لسنة 49 ق .

عدد القرائن في الدعوي الواحدة

قيود حرية استنباط القاضى من القرائن

هل القرينة القضائية دليل وهل يشترط عدد معين من القرائن للحكم في الدعوى ؟

في البدء يجب أن نقرر أن القرينة القضائية من الأدلة لكنها وبسبب ما قررته المادة 100 من قانون الإثبات لا تكون دليلاً يصح أن يحمل حكماً إلا في المنازعات التي يجوز إثباتها بشهادة الشهود إذ قررت المادة المشار إليه عبارة نصها ” ولا يجوز الإثبات بهذه القرائن إلا فى الأحوال التى يجوز فيها الإثبات بشهادة الشهود “

فقد قضت محكمة النقض بأن :

القرينة القضائية من الأدلة التي لم يحدد القانون حجيتها . تقدير القرائن القضائية من مطلق تقدير القاضي

نقض مدني – جلسة 14-11-1965 مجموعة المكتب الفني سنة 16 ص 973
كما قضت محكمة النقض أيضا
وفي الإقرار بأن القرينة القضائية دليل في الدعاوى التي يجوز الإثبات فيها بشهادة الشهود :

لا تثريب علي المحكمة في تكوين عقيدتها من أقوال شهود سمعوا في قضية أخري إن هي أخذت بهذه الأقوال كقرينة وكان الإثبات في الدعوى مما يجوز فيه قبول القرائن

نقض مدني – جلسة 2-3-1950 – مج القواعد القانونية في 25 سنة – ص 79 قاعدة 380

والثابت أن للقاضي سلطان واسع في اختيار الوقائع التي تعد أساساً للاستنباط من داخل  الدعوى أو من خارجها وهي ما تسمي بالدلائل أو الإمارات شريطة أن تكون ثابتـة يقيناً علي نحو ما أوضحنا سابقاً

فقد قضت محكمة النقض :

القرينة هي استنباط أمر مجهول من واقعة ثابتة معلومة بحيث إذا كانت هذه الواقعة محتملة وغير ثابتة بيقين فإنها لا تصلح مصدراً للاستنباط

نقض مدني جلسة 27-4-1961 سنة 12 ص 399

وكما أن للقاضي سلطان واسع في إجراء عملية الاستنباط بمعني التدليل باعتباره محضر عمل عقلي ذهني فإن لهذا القاضي سيراً علي ذات النهج سلطان واسع في تقدير القرائن بمعني أن القاضي قد تقنعه قرينة واحدة يراها قوية الدلالة في حين قد لا تقنعه قرائن متعددة إذا رأي أنها ضعيفة ، وفي الحالتين لا سلطان عليه في ذلك لمحكمة النقض

إذ يتعلق الأمر بعمل ذهني عقلي للقاضي لا يمكن أن يخضع لتقدير أحد غيره ، إلا أن القاضي قد يخضع نفسه لرقابة محكمة النقض طبقا لما قررته محكمة النقض إذ قررت :

ولئن كان تقدير القرائن من مسائل الواقع التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع إلا أنها إذا أوردت أسباباً لإثبات القرينة أو نفيها فإن هذه الأسباب تخضع لرقابة محكمة النقض

نقض مدني – جلسة 28-11-1968 سنة 19 ص 1426

أثر تعدد القرائن في الحكم

تعدد القرائن يثير مشكلة قبولها مجتمعة وحقيقة الحال أن القاضي إذا أسس حكمه علي القرائن قرائن متعددة فإن هذا التعدد قد يعني أحد الاحتمالات التالية :

الاحتمال الأول :

أن يؤسس الحكم علي عدد من القرائن لكنها متساندة إلي حد أنها تشكل وحدة واحدة بما يعني أنه يصعب بيان أثر كل منها في الحكم فهي تكمل بعضها البعض فلا يمكن مناقشة كل منها علي انفراد بما يعني أن فساد أحد هذه القرائن يعني فساد باقي القرائن فلا يبقي من القرائن ما يكفي لحمل الحكم

وقد قضت محكمة النقض :

من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا أقام الحكم قضاءه علي قرائن متساندة دون أن يبين أثر كل منها في تكوين عقيدة المحكمة فإن فساد إحداهما يودي بالدليل المستمد من تساندها

نقض مدني الطعن رقم 130 لسنة 50 ق جلسة 30-5-1985 سنة 36 ص 841
كما قضت محكمة النقض :

إقامة الحكم قضاءه علي أدلة أو قرائن متساندة . عدم بيان أثر كل منها في تكوين عقيدة المحكمة . فساد إحداها يودي بالدليل المستمد من تساندها

الطعن رقم 3340 لسنة 67 ق جلسة 25/ 3/ 1999

الاحتمال الثاني :

أن يؤسس الحكم علي عدد من القرائن  لكل منها دلالة محددة يوضح ذلك الحكم نفسه بحيث يمكن مناقشة كل منها علي حدة وهو ما يعني أن فساد أحد هذه القرائن قد لا يؤثر في الحكم إذا كانت القرائن الأخرى كافية لحمل الحكم

وقد قضت محكمة النقض :

استناد الحكم إلي جملة من القرائن يكمل بعضها بعضاً . لا يقبل من الطاعن مناقشة كل قرينة علي حدة لإثبات عدم كفايتها في ذاتها

نقض مدني – جلسة 30-1-1983 الطعن رقم 269 لسنة 47 ق

تحديد ما يجوز إثباته بالقرائن القضائية

طبقاً لصريح نص المادة 100 من قانون الإثبات لا يجوز الإثبات بهذه القرائن إلا فى الأحوال التى يجوز فيها الإثبات بشهادة الشهود ، وهذا يعني وجوب الرجوع إلي النصوص الخاصة بالإثبات بشهادة الشهود والتي أودعها قانون الإثبات بالباب الثالث والمعنون بشهادة الشهود .

طبقاً للمادة 60 من قانون الإثبات

إذا كان التصرف القانوني تزيد قيمته على ألف جنيه أو كان غير محدد القيمة فلا تجوز شهادة الشهود فى إثبات وجوده أو انقضائه ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضى بغير ذلك .

ويقدر الالتزام باعتبار قيمته وقت صدور التصرف ، ويجوز الإثبات بشهادة الشهود إذا كانت زيادة الالتزام على ألف جنية لم تأت إلا من ضم الفوائد والملحقات إلى الأصل

وإذا اشتملت الدعوى على طلبات متعددة ناشئة عن مصادر متعددة جاز الإثبات بشهادة الشهود فى كل طلب لا تزيد قيمته على خمسمائة جنيه ولو كانت هذه الطلبات فى مجموعها تزيد على هذه القيمة ولو كان منشؤها علاقات بين الخصوم أنفسهم أو تصرفات من طبيعة واحدة وتكون العبرة فى الوفاء إذا كان جزئيا بقيمة الالتزام الأصلي.

طبقاً للمادة 61 من قانون الإثبات

لا يجوز الإثبات بشهادة الشهود ولو لم تزد القيمة على ألف جنيه :

  • أ- فيما يخالف أو يجاوز ما اشتمل عليه دليل كتابي .
  • ب- إذا كان المطلوب هو الباقي أو هو جزء من حق لا يجوز إثباته إلا بالكتابة .
  • ج- إذا طالب أحد الخصوم فى الدعوى بما تزيد قيمته على خمسمائة جنيه ثم عدل عن طلبه إلى ما لا يزيد على هذه القيمة

طبقا للمادة 62 من قانون الإثبات

يجوز الإثبات بشهادة الشهود فيما كان يجب إثباته بالكتابة إذا وجد مبدأ ثبوت الكتابة وكل كتابة تصدر من الخصم ويكون من شأنها أن تجعل وجود التصرف المدعى قريب الاحتمال تعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة .

طبقا للمادة 63 من قانون الإثبات

يجوز كذلك الإثبات بشهادة الشهود فيما كان يجب إثباته بدليل كتابي :

  • أ- إذا وجد مانع مادي أو أدبي يحول دون الحصول على دليل كتابي .
  • ب- إذا فقد الدائن سنده الكتابي بسبب أجنبي لا يد له فيه .

خاتمة قيود القاضي في الأخذ بالقرائن

قيود حرية استنباط القاضى من القرائن

في ختام البحث نقول أن استنباط القاضي من القرائن هي عملية تحليل الأدلة المقدمة بالأوراق والشواهد المتاحة بالدعوي من أجل اتخاذ حكم سليم غير معيب وهو اجراء هام في القضاء لأن القاضي يعتمد على القرائن المتوفرة لديه للوصول إلى الحقيقة واتخاذ الأحكام العادلة

ويتضمن استنباط القاضي من القرائن عدة خطوات :

  1. جمع الأدلة المتاحة من القرائن المعروضة حيث يقوم القاضي بجمع جميع الأدلة المتاحة في القضية سواء من مستندات الدعوي أو من الوقائع الثابتة و سواء كانت من شهادات الشهود او من المستندات أو من الحقائق الواردة بالواقع ووقائع الدعوي
  2. تحليل الأدلة حيث يقوم القاضي بتحليل الأدلة المجمعة من هذه القرائن بعناية ومراجعتها لفهمها وتقييمها حتى لا يكون الحكم معيبا بالقصور في فهم الواقع بالدعوي أو بالفساد في الاستدلال باستنباط أمور من دليل فاسد لا يجوز الأخذ به أو غير موجود أصلا بأوراق الدعوي أو مخالفة الثابت بهذه القرائن باستدلاله منها علي مسائل لا تؤدي اليها في الأصل
  3. ربط الأدلة المستخرجة من القرائن بالقوانين حيث انه بعد تحليل القرينة يتعين على القاضي ربطها بالقوانين ووقائع الدعوي
  4. اصدار الحكم علي ضوء ربط الأدلة وما تم استنباطه من القرينة بالقوانين والوقائع بالدعوي
Print Friendly, PDF & Email
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض

الأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض خبرات قضائية فى القانون المدنى والملكية العقارية ودعاوى الإيجارات ودعاوى الموظفين قطاع حكومى وخاص وطعون مجلس الدولة والنقض ليسانس الحقوق 1997

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

©المقالة محمية بحقوق النشر الحقوق ( مسموح بالتحميل pdf في نهاية المقالة)

* { -webkit-touch-callout: none; /* iOS Safari */ -webkit-user-select: none; /* Safari */ -khtml-user-select: none; /* Konqueror HTML */ -moz-user-select: none; /* Old versions of Firefox */ -ms-user-select: none; /* Internet Explorer/Edge */ user-select: none; /* Non-prefixed version, currently supported by Chrome, Opera and Firefox */ }