الشروط الموضوعية لحجية الأمر المقضى فيه

الشروط الموضوعية للحجية

بحث حول الشروط الموضوعية لحجية الأمر المقضى فيه للأحكام القضائية وحجية الحكم الجنائى أمام المحاكم المدنية في دعاوى التعويض و بيان العملة التى يتم تقدير التعويض بها.

الشروط الموضوعية لحجية الأمر المقضى فيه

الشروط الموضوعية للحجية القضائية

يشترط لأعمال حجية الشئ المحكوم فيه عملاً بنص المادة 101 من قانون الإثبات وحدة الخصوم والموضوع والسبب وهو ما يعرف بالشروط الموضوعية لحجية الأمر المقضى .

الشرط الأول لحجية الأمر المقضى وحدة الخصوم

 أن مناط حجية الحكم الذى يتمسك به الخصم أن يكون صادرا بين ذات الخصوم أنفسهم مع اتحاد الموضوع والسبب فى الدعوتين ، فلا تقوم هذه الحجية متى كان الخصمان فى الدعوى الأولى قد تغير أحدهما أو كلاهما فى الدعوى الثانية .

( 4/6/1987 طعن 675 سنة 53ق – م نقض م – 38 768 )

وإذا اختلفت الخصوم انتفى الاحتجاج عليها بحجية الشئ المقضى به ولو كانوا شركاء فى الملك أو فى الدين المقضى به مادام لم يسبق تمثيلهم فى الخصومة ، ويجب هما عدم الخلط بين اتحاد طرفى الخصوم فى الدعوى واتحاد الأشخاص الذين يباشرونها فقد يكون الخصوم متحدين مع اختلاف الأشخاص

والعكس بالعكس فإذا رفع زيد دعوى بملكية عقار وقضى برفضها فلا يقبل من ورثته مباشرتها لأنه بالرغم من اختلاف الأشخاص فالقانون يعتبر الخصوم متحدين فى هذه الحالة لأن الورثة يمثلون شخص مورثهم وكذلك الدائنون العاديون لا يجوز لهم أن يباشروا دعاوى مدينهم نيابة عنه إذا كان قد سبق أن يباشرها

وأخفق فيها ويحتج على الخلفاء الخصوصيين بالأحكام التى صدرت ضد الخلف عنه ما داموا تلقوا الحق عنه بعد صدورها وتعلقت هذه الأحكام بالحقوق التى آلت إليهم وإذا رفع زيد دعوى باسمه الخاص ببطلان عقد وصيته واخفق فيها جاز له مباشرتها ثانياً بصفته وصياً على عمرو لأن اتخاذ أشخاص الخصوم

لا يحول دون العودة للنزاع إذا اختلفت الصفة التى يخاصمون بها ، ولا تقوم حجية الأحكام القضائية فى المسائل المدنية إلا بين من كان طرفاً حقيقة أو حكماً وعلى ذلك لا يجوز للخارج من الخصومة أن يتمسك بحجية الحكم السابق صدروه لمصلحة شخص أخر غيره اعتماداً على وحدة الموضوع .

ويلاحظ أن هناك أحكاماً لا تثبت لها الحجية حتى بالنسبة إلى أشخاص دخلوا فى الدعوى وهناك على العكس من ذلك أحكام تثبت لها الحجية حتى بالنسبة إلى أشخاص لم يدخلوا مثل الحالة الأولى أن يكون الشخص إذا دخل فى الدعوى ليس خصماً حقيقياً فيها ومثل الحالة الثانية أن يكون الحكم منشئاً لحالة مدنية كالحكم الصادر بتوقيع الحجز فإنه يكون حجة على الناس كافة من يدخل الدعوى ومن لم يدخل

ومن ثم فإن الحكم لا يعتبر حجة على الخصوم الحقيقيين فى الدعوى فحسب بل هو أيضاً حجة على خلفائهم سواء كانت خلافه عامة أو خاصة بل ويكون الحكم حجة أيضا على الدائنين إلا إذا صدر الحكم نتيجة لتواطؤ المدين مع خصمه إضراراً بالدائن فإن هذا الحكم لا يكون حجة على الدائن أما بالنسبة للغير أى غير الخلف العام والخلف الخاص والدائن العادى فلا يكون الحكم عليه ولا تختلف الغيرية هنا فى جوهر ما عن الغيرية فى العقد .

( راجع فى كل ما سبق العشماوى والسنهوري وتوفيق فرج ).

وقد قضت محكمة النقض:

أن  الحكم لا تكون له حجية إلا بالنسبة للخصوم أنفسهم ، وإذا كان الثابت أن الطاعنة الثانية عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر ومن بينهم الطاعن الأول قبل بلوغ الرشد أقامت الدعوى ضد المطعون عليها مطالبة الحكم بإلزامهما متضامنين التعويض لأن المطعون عليه الثانى تسبب بإهماله وعدم احتياطه فى قتل مورثهما ولأن المطعون عليه الأول متبوع للثاني ومسئول عن إهماله تابعه

وحكمت محكمة أول درجة بمبلغ التعويض على المطعون عليهما متضامنين ، فاستأنف المطعون عليه الأول والطاعنان هذا الحكم ولم يستأنف المطعون عليه الثانى .

وقضى الحكم المطعون فيه بإلغائه وبعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها استناداً إلى ان محكمة الجنح حكمت ببراءة المطعون عليه الثانى من تهمة  القتل الخطأ  ورفض الدعوى المدنية المقامة ضده من الطاعنة الثانية عن نفسها وبصفتها وصار الحكم فى الدعوى المدنية نهائياً بعدم استئنافه فيها

وأنه لا يغير من هذا النظر أن محكمة الجنح المستأنفة قضت بإدانة المطعون عليها الثانى لأن تلك مقصور على الدعوى الجنائية التى استأنفتها النيابة العامة وحدها .

لما كان ذلك ، فإنه لا يجوز للطاعنين أن يتمسكا ضد المطعون الأول – المتبوع – بحجية الحكم الصادر ضد المطعون عليه الثانى – التابع – بسبب اختلاف الخصوم ويكون الحكم المطعون فيه .

إذ قضى فى استئناف المطعون عليه الأول بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها دون أن يتقيد بحجية الحكم الابتدائي الذى ألزم المطعون عليه الثانى بالتعويض وصار نهائياً بالنسبة له بعدم استئنافه ، قد أصاب صحيح القانون ، ويكون النعى عليه فى غير محله “

( نقض 28/6/1977 سنة 28 ص 1524 )

 وبأنه ” لما كان الثابت من الحكم الصادر فى الدعوى رقم …. المؤيد بالاستئناف رقم ….. أن المدعية فى هذه الدعوى قد رفعتها ضد المطعون ضده والطاعنة طلبت فيها الحكم بإلزامهما متضامنين بالتعويض نتيجة خطأ المطعون ضده .

وإعمالاً لنص المادة 163 مدنى وأساس مسئولية الطاعنة خطأها عن عمل تابعها عملاً بالمادة 174 مدنى ، أما الدعوى  الراهنة فهى دعوى الحلول  التى يرجع بها المتبوع وهو فى حكم المتضامن على تابعه عند وفاته للمضرور ، وبالتالى فإن الدعويين يختلفان فى الخصوم والسبب .

(نقض 14/1/1982الطعن رقم 678 لسنه 41ق)

 وبأنه ” المحجوز لديه فى دعوى صحة الحجز ورفعه  . اعتباره خصما ذا صفة يحاج بالحكم الذى يصدر فيهما . مؤداه . اختصامه فى الطعن بالنقض صحيح “

( نقض  6/2/1981 الطعن رقم 318 لسنة 42ق )

 وبأنه ” حجية الحكم  فى نزاع شرطة اتحاد الخصوم فى الدعويين لا يغير من ذلك تعلق الحكم السابق بمسألة كلية شاملة “

( نقض 22/2/1981 الطعن رقم 684 لسنة 45ق )

الشرط الثانى لحجية الأمر المقضى وحدة السبب

 المقصود بسبب الدعوى هو مجموع الوقائع التى يستند إليها المدعى فى طلباته دون نظر إلى تكييفه لهذه الوقائع أو استناده إلى نص أو مبدأ قانونى معين إذ لا دخل لذلك بسبب الدعوى

( إبراهيم سعد بند 185 – والى بند 63 )

فهو بحسب تعبير محكمة النقض الواقع أو الوقائع التى يستمد منها المدعى الحق فى الطلب وهو لا يتغير الأدلة الواقعية والحجج القانونية التى يستند إليهما لخصوم فى دفاعهم

 (18/1/1989 طعن 2577 لسنة 56ق – 26/12/1988 طعن 74 سنة 43ق -م  نقض م – 28 – 413 – 4/6/1969 – م نقض م – 20 – 868 – 9/1/1964 – م نقض م – 15-53 )

 وهو بهذه المثابة لا تملك المحكمة تغييره من تلقاء نفسها

(26/16/1982 طعن 123 سنة 29ق )

 فى حين أن تكييف الخصم للدعوى لا يقيد المحكمة التى يجب عليها إعطاء الدعوى تكييفها الصحيح وتطبيقاً لذلك قضت محكمة النقض بان تكييف الحكم للدعوى باعتبارها دعوى حق وليست دعوى حيازة لا يجوز النعى عليه بتغييره سبب الدعوى متى تقيد بالوقائع والطلبات المطروحة عليه

( 12/2/1989 طعن 1169 لسنة 55ق – 24/1/1989 طعن 3 سنة 57ق – 18/8/1989 طعن 1848 سنة 51ق )

وقد تكون الواقعة التى يستند الواقعة التى يستند إليها الخصم فى طلبه عقداً أو إرادة منفردة أو فعلاً غير مشروع أو إثراء بلا سبب أو نصا فى القانون

(9/1/1964 – م نقض م –  15-53 )

فالسبب الذى يحدد معالم دعوى معينة ليس هو النص القانونى المجرد وغنما هو العناصر أو الظروف الواقعية أساس الدعوى ، ولذلك فإن المدعى إذا استند إلى وقاع معينة كسب لدعواه فإن الدعوى تظل واحدة لوحدة السبب ولو غير المدعى تكييفه هذه الوقائع أو غير القاعدة القانونية التى يستند إليها فى دعواه . (على بند 63)

ومن خلال هذا النظر قضت محكمة النقض بأن  :

إذ استند المدعى فى طلب التعويض إلى وقائع معينة تعتبر فعلاً ضاراً فإن هذه الوقائع تعتبر هى سبب الدعوى دون نظر إلى القاعدة القانونية المنطبقة وما إذ كانت تتعلق بالمسئولية العقدية أو   المسئولية التقصيرية   الثابتة أو المفترضة إذ ان ذلك إنما يتصل بتكييف تلك الوقائع

فلا يؤثر على سبب الدعوى ، ومن ثم  يجوز لهذا المدعى رغم استناده إلى الخطأ التقصيرى الثابت أو المفترض أن يستند ولو لأول مرة أمام محكمة الاستئناف إلى المسئولية العقدية  ، كما يجوز ذلك لمحكمة الموضوع لأن هذا الاستناد يعتبر من وسائل الدفاع فى الدعوى ولا يعتبر تغيير لسببها .

 ( 2/4/1968 – م نقض م – 19 – 289 – 27/1/1966 – م نقض م – 17 – 182 – ومع ذلك قارن 4(/6/1969 – م نقض م – 20- 868 )

الذى أكدته فيه خطأ الحكم الذى يقيم قضاءه بطلبات المدعى على أسا المسئولية التقصيرية فى حين كان المدعى يستند إلى أحكام المسئولية العقدية لأنهما أساسان متغايران ) .

والعبرة تكون بالسبب الذى بنى عليه الحكم السابق دون نظر للسبب الذى استند إليه المحكوم له فإذا  رفضت دعوى المطالبة بنصيب المدعية فى شركة تضامن كان مورثها شريكاً فيها فإن الحكم لا تكون له حجية فى الدعوى التى رفعتها بالمطالبة بحصتها فى ربح شركة الواقع التى قالت بقيامها بعد وفاة مورثها .

( 12/1/1981 طعن 420 سنة 47ق – م نقض م – 32 – 178 )
وقد قضت محكمة النقض بأن :

 متى كان المدعى قد رفع دعواه أمام المحكمة الجزئية بطلب إثبات حالة منزله الذى استولت عليه وزارة المعارف استناداً إلى القانون رقم 95 لسنة 1945 والقانون رقم 76 لسنة 1947 فدفعت الوزارة بعدم اختصاص المحكمة الجزئية بنظر الدعوى بمقولة أنها من الدعاوى التى يختص القضاء المستعجل بالفصل فيها

وقضى نهائياً برفض الدفع ثم رفع المدعى دعوى أخرى أمام المحكمة الابتدائية يطالب الوزارة بأجرة المنزل على أسا تقدير الخبير فى دعوى إثبات الحالة فدفعت الوزارة هذه الدعوى بعدم اختصاص المحكمة بنظرها استنادا إلى القانون رقم 76 لسنة 1947 الذى يوجب فى شأنه إجراءات المعارضة فى قرارات لجان التقدير اتباع الأحكام المنصوص عليها فى المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945

فإن كلا من الدفعتين يكون مختلفاً عن الآخر فى أساسه ومرماه ولا تحول حجية الحكم النهائى برفض أولهما فى حلقة من حلقات النزاع دون التمسك بالدفع الآخر بالحلقة التالية والفصل فى هذا الدفع لا يعتبر إهدار لحجية الحكم الأول “

( نقض 8/5/1958 سنة 9 ص 431 )

وبأنه “وحيث إن هذا النعى مردود بأن الأصل أن حجية الشئ المحكوم فيه  تلحق إلا بمنطوق الحكم ولا تلحق بأسبابه إلا ما كان منها مرتبطاً بالمنطوق ارتباطا وثيقا وفيما فصل فيه الحكم بصفة صريحة أو بصفة ضمنية حتمية سواء فى المنطوق أو فى الأسباب التى لا يقوم المنطوق بدونها

وما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعا لحكم يحوز قوة الأمر المقضى . لما كان ذلك . وكان الثابت من الأوراق أن مطالبة المطعون ضده الأول الطاعن بالتعويض المدنى أمام المحكمة الجنائية كان مبناها المسئولية عن الأعمال الشخصية طبقاً للمادة 163 من القانون المدنى .

ولم تتناول قلم المحكمة وما كان لها ان تتناول وعلى ما جرت به قضاء الدارة الجنائية بمحكمة النقض – بحث طلب التعويض على أساس آخر ، وقضت برفض الدعوى المدنية استناداً إلى انتفاء ركن الخطأ فى حق الطاعن

فإن ذلك لا يحول دون مطالبته أمام المحاكم المدنية باعتباره مسئولا عن الضرر الذى أحدثه تابعه بعمله غير المشروع طبقا للمادة 174 من القانون المدنى لاختلاف السبب فى كل من الطلبين

ولا ينال من ذلك توجيه إعلان من المطعون ضده الأول على الطاعن أثناء محاكمته جنائياً بمسئوليته عن التعويض بصفته متبوعاً ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعى عليه بهذا السبب يكون على غير أساس “

( نقض 4/12/1986 سنة 37 ، العدد الثانى ص 930 )

وبأنه ” من المقرر وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة ألا تكون للأحكام حجية إلا إذا توافرت فى الحق المدعى بع شروط ثلاثة اتحاد الخصوم ووحدة الموضوع والمحل والسبب

ولا تتوافر هذه الوحدة إلا إن تكون المسألة المقضى فيها مسألة أساسية لا تتغير وبشرط أن يكون الطرفان قد تناقشا فيها فى الدعوى الأولى واستقرت حقيقتها بينهما بالحكم الأول استقرارا جامعاً مانعاً فتكون هى بذات الأساس فيما يدعيه بالدعوى الثانية .

لما كان ذلك وكان الثابت من الحكم الصادر فى الدعوى رقم …. المؤيد بالاستئناف رقم ……  أن المدعية فى هذه الدعوى التى أقامتها ضد المطعون ضده والطاعنة طلبت فيها الحكم بإلزامهما متضامنين نتيجة خطأ المطعون ضده وإعمالاً لنص المادة 163 مدنى وأساس مسئولية الطاعنة خطؤها عن عمل تابعها عملاً بالمادة 174 مدنى

أما الدعوى الراهنة فهى دعوى الحلول التى يرجع هذا المتبوع وهو فى حكم الكفيل المتضامن على تابعه عند وفائه للمضرور وبالتالى فإن الدعويين تختلفان فى الخصوم والسبب “

(نقض 14/1/1982 ، الطعن رقم 905 لسنة 49ق )
وقد استقر قضاء النقض الجنائى على أن :

مادامت الدعوى المدنية قد رفعت أمام المحكمة الجنائية فإن هذه المحكمة إذ انتهت إلى أن أحد المتهمين هو وحده الذى قارف الجريمة المطلوبة التعويض عنها وأن المتهمين الآخرين أحدهما لم يقع منه سوى تقصير فى الواجبات التى يفرضها عليه العقد المبرم بينه ( مستخدم ببنك التسليف ) وبين المدعى بالحقوق المدنية ( بنك التسليف)

والذى  لم يثبت أى تقصير منه ، إذ انتهت على ذلك فإنه يكون متعينا عليها ألا تقضى بالتعويض إلا على ما ثبت عليه الجريمة ، وأن تقضى برفض الدعوى بالنسبة للمتهمين الآخرين لأن حكمها على المتهم الذى خالف شروط العقد لا يكون إلا على أساس المسئولية التعاقدية

وهو غير السبب المرفوع به الدعوى أمامها ، وهذا لا يجوز فى القانون ولأن حكمها بالتعويض على المتهم الأخر ليس له ما يبرره مادام لم يثبت وقوع أى خطا منه

أما القول بأن المحكمة كان عليها فى هذه الحالة أن تحكم بعدم الاختصاص فى الدعوى المدنية بالنسبة لهذين المتهمين أحدهما أو كليهما لا برفضهما فمردود بأنه ” من المقرر أن مناط حجية الأحكام هى وحدة الخصوم والموضوع والسبب ويجب للقول باتحاد السبب أن تكون الواقعة التى يحاكم المتهم عنها هى بعينها الواقعة التى كانت محلاً للحكم السابق

ولا يكفى للقول بوحدة السبب فى الدعويين أن تكون الواقعة الثانية من نوع الواقعة الأولى  أن تتحد معها فى الوصف القانونى ، أو أن تكون الواقعتان كلتاهما حلقة من سلسلة وقائع متماثلة ارتكبها المتهم لغرض واحد إذا كان لكل واقعة من هاتين الواقعتين ذاتية خاصة وظروف خاصة تتحقق بها المغايرة التى يمتنع معها القول بوحدة السبب ف كل منهما

وكان الحكم المطعون فيه – على ما سلف بيانه – قد أثبت اختلاف ذاتية الواقعة محل الدعوى الراهنة وظروفها والنشاط الإجرامى الخاص بها عن الوقائع الأخرى اختلافا تتحقق به هذه المغايرة ، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون فيما قضى به من رفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها “

( نقض 2/4/1987 سنة 38 الجزء الأول ص 537 )

وبأنه ” مادامت الدعوى قد رفعت على أساس المسئولية التقصيرية والمدعى لم يطلب أن يقضى له فيها بالتعويض على أساس المسئولية التعاقدية ، إن صح له أن يطلب ذلك أمام المحكمة الجنائية فليس للمحكمة أن تتبرع من عندها فتبنى الدعوى على سبب غير الذى رفعها صاحبها به فإنها إن فعلت تكون قد حكمت بما لم يطلبه منها الخصوم ، وهذا غير جائز فى القانون “

( نقض جنائى 8/9/1943 مجموعة القواعد القانونية للنقض الجنائى فى 25 سنة ، الجزء الثانى ص 632 قاعدة 215 )

وبأنه ” المطالبة بالتعويض على أساس المادة 101 من القانون المدنى باعتبار المدعى عليه مسئولاً عن فعل غيره ومقتضى هذا أنه إذا رفعت الدعوى على أحد هذين الأساسين ، وقضى برفضها فلا يجوز فى الاستئناف الفصل فى الدعوى على الأساس الأخر ، وخصوصاً إذا كان الخصم يعارض فى ذلك “

(نقض 17/12/1945 ص 623 قاعدة 217 مجموعة القواعد القانونية للنقض الجنائى فى 25سنة الجزء الثانى )

الشرط الثالث لحجية الأمر المقضى اتحاد المحل

مفاد نص المادة 101 من قانون الإثبات الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968 أن المسألة الواحدة بعينها – متى كانت أساسية – وكان ثبوتها أو عدم ثبوتها هو الذي ترتب عليه القضاء بثبوت الحق المطلوب فى الدعوى

فإن هذا القضاء يحوز قوة الشي المحكوم فيه في تلك المسألة الأساسية بين الخصوم أنفسهم ويمنعهم من التنازع بطريق الدعوى أو الدفع في شأن أى حق يتوقف ثبوته أو انتفاؤه على ثبوت تلك المسألة السابق الفصل فيها بين هؤلاء الخصوم أنفسهم أو على انتفائها وأن المنع من إعادة نظر النزاع في المسألة المقضي فيها

يشترط فيه أن المساه وأحده في الدعويين ، ولا تتوافر هذه الوحدة إلا أن تكون المسألة هي فيها نهائيا أساسية لا تتغير ، وأن يكون الطرفان قد تناقشها فيها فى الدعوى الأولى واستقرت  حقيقتها بينهما بالحكم لأولى استقرار جامعا مانعا وأن تكون هى بذاتها الأساس فما يدعى به فى الدعوى الثانية

وينبني علي ذلك إن ما  لم تنذر فيه المحكمة بالفعل على ذلك إن لم تنظر فيه المحكمة بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم حائز لقوة الأمر المقضى

ومن ثم تقتصر حجية الحكم على ما طلب فى الدعوى التى صدر فيها فيجب للتمسك بحجية الأمر المقضى به أن يكون محل الدعوى الجديدة هو ذات محل الدعوى التى فصل فيها الحكم فإذا رفعت دعوى بطلب إبطال عقد أو الحكم بملكية عين

وقضى برفضها امتنع على المدعى أن يرفع جديدة إبطال ذات العقد أو للحكم له بملكية ذات العين ولكن يجوز له أن يرفع دعوى بقسمة العقد أو بانقضاء الالتزام الناشئ عنه فى الحالة الأولى أن يدعى من جديد بحق انتفاع على ذات العين أو بملكية عين أخرى فى حيازة المدعى عليه ووحدة المحل تبقى قائمة أيا كانت التغيرات التى تصيب هذا المحل بعد ذلك من نقص أو زيادة أو تعديل

والقاعدة فى معرفة ما إذا كان محل الدعويين متحدة أن يتحقق القاضى من أن قضاءه فى الدعوى الجديدة لا يعدو أن يكون مجرد تكرار للحكم السابق فلا تكون هناك فائدة أو أن يكون مناقضا للحكم السابق فلا تكون هناك فائدة منه أو أن يكون مناقضا للحكم السابق سواء بإقرار حق أو إنكار حق أقره فيكون حكمان متناقضان .

( انظر السنهورى ومحمود جمال الدين زكى )
وقد قضت محكمة النقض بأن :

 المنع من إعادة النزاع فى المسألة المقضى فيها يستلزم أن تكون المسألة واحدة فى الدعويين ، وإذ يشترط لتوافر هذه الوحدة أن تكون المسألة المقضى فيها نهائيا مسألة أساسية لا تتغير وتكون هى بذاتها الأساس فيها يدعيه فى الدعوى الثانية

وكان النزاع الذى طرح على محكمة الجنح يتعلق بقبول أو عدم قبول الدعوى المدنية من المطعون عليه الأول ضد الطاعن ، وإذ انتهت محكمة الجنح على عدم قبول الدعوى المدنية لأنها غير مختصة بنظرها وذلك تأسيسا على أن المطلوب ليس هو التعويض عن ارتكاب جنحة

وكان لا علاقة لهذا القضاء بموضوع الدعوى الذى فصل فيه الحكم المطعون فيه – وهو قيمة الشيكات المحولة إلى المطعون عليه الأول – فإن هذا الحكم لا يكون فيه افتئات على الحكم السابق لاختلاف المسألة التى قضى فيها كل منهما.

وإن استطرد الحكم السابق إلى القول بأن الشيكات إسمية فلا يجوز تظهيرها إذ يعد ذلك منه تزيدا غير لازم للفصل فى الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية أمام محكمة الجنح بعد أن أورد الأسباب التى تحمل قضاءه فى هذا الخصوص “

( نقض  جلسة 31/12/1968 المكتسب الفنى السنة 19 رقم247 ص 1616 )

 وبأنه ” حجية الحكم تقتصر على الشئ المقضى به ، وما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم قوة الأمر المقضى ، وإذا كان الحكم الصادر فى الجنحة المستأنفة رقم ….

قد قضى بعدم قبول الدعوى المدنية لأن المطعون عليه أقامها أمام المحكمة الجنائية بعد الميعاد المنصوص عليه فى المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية ، فإن حجية هذا الحكم تقتصر على ما فصل فيه

لأن ذلك الحكم لم يفصل فى الموضوع أبداً ، وإذا كان المطعون عليه يدع أن حكم له بالتعويض المؤقت من محكمة الجنح المستأنفة – وقبل نقض هذا الحكم والقضاء بعدم قبول الدعوى المدنية أمام المحكمة الجنائية – قد قام دعواه للمطالبة بباقي التعويض ، فإن ذلك لا يعد جمعاً بين دعويين فى وقت واحد

( نقض جلسة 25/1/1979 المكتب الفنى السنة 30 رقم 76 ص 391  )

وبأنه ” إن كون قيمة التعويض فى الدعوى الأخيرة زادت على ما طلب فى الأخرى لا يغير شيئا من اتحاد الموضوع إذ العبرة بماهية الموضوع وإلا كان للخصم أن يغير فى موضوع الدعوى كيفما شاء لتعديل فى قيمة الدعوى فلا يقف التقاضى عند حد “

( نقض مدنى 15/4/1943 المحاماة 25 – 162 – 60 )

وبأنه ” متى كان الأساس المشترك بين الدعويين ، دعوى المطالبة بالإيجار ودعوى المطالبة بالتعويض – إيجار خيمة إحدى الجامعات لأداء الامتحان وتعويض عن حريق الخيمة – هو العقد المبرم بين الطرفين ، وكان الحكم الصادر من محكمة النقض قد حسم النزاع حول تكييف هذا العقد

وانتهى إلى أنه عقد إداري لا تختص المحاكم العادية بنظر المنازعات الناشئة عنه ، فإنه ما كان يجوز للحكم المطعون فيه مخالفة هذا الأساس القانونى فى أي نزاع لا حق يكون ناشئاً عنه أو مترتباً عليه ولو اختلفت الطلبات فى الدعويين “

( نقض مدنى 8/6/1973 مجموعة أحكام النقض 23 – 1987 – 170 )

 وبأنه ” المسألة الواحدة بعينها إذا كانت أساسية وكان ثبوتها أو عدم ثبوتها هو الذى ترتب عليه القضاء بثبوت الحق المطالب به فى الدعوى أو بانقضائه

فإن هذا القضاء – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – يحوز  قوة الشئ المحكومبه فى تلك المسألة الأساسية الكلية السابق الفصل فيها بين هؤلاء الخصوم أنفسهم ويمنعهم فى التنازع بطريق الدعوى أو بطريق الدفع فى شأن أى حق أخر يتوقف ثبوته أو انتفاؤه على ثبوت تلك المسألة الكلية السابق الفصل فيها بين هؤلاء الخصوم أنفسهم أو على انتفائها . لما كان ما تقدم

وكان الحكم المطعون فيه قد رفض القضاء للطاعن بفروق الأجرة المستحقة له عن مدة تالية على أساس ما استقر له بموجب الحكم الصادر فى الدعوى رقم …… عمال جزئي إسكندرية والاستئناف رقم …….. عمال مستأنف الإسكندرية من حق فى فروق أجر حدد مقدارها الحكم المشار إليه عن المدة من 1/1/1962 حتى نهاية سبتمبر سنة 1966 لاستكمال أجرة ليتساوى بالأجر المحدد لزميله المقارن به خلال ذات الفترة

وما لهذا القضاء من حجية قولا منه أن هذه الحجية قاصرة على فترة النزاع التى تعرض لها الحكم المذكور ولا يمتد أثرها إلى غير الفترة الزمنية التى صدر بشأنها ، مع أنه لا اعتبار لاختلاف المدة المطالب بفروق الأجر عنها فى الدعويين مادام الأساس فيها واحد ، ذلك الأساس الذى فصل فيه الحكم السابق باستحقاق الطاعن لهذه الفروق ، فإنه يكون قد فصل فى النزاع خلافا لحكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضى “

( نقض جلسة 13/1/1980 المكتب الفنى السنة 31 رقم 32 ص 142 )

 وبأنه ” المنع من إعادة النزاع فى المنزلة المقضى فيها يشترط فيه أن تكون المسألة واحدة فى الدعويين ـ ويشترط لتوافر هذه الوحدة أن تكون المسألة المقضى فيها نهائياً مسألة أساسية لا تتغير

يكون الطرفان قد تناقشا فيها فى الدعوى الأولى واستقرت حقيقتها بينهما بالحكم الأول استقرار جامعاً مانعاً وتكون هى بذاتها الأساس فيما يدعيه بعد فى الدعوى الثانية أى الطرفين قبل الآخر من حقوق متفرعة عنها فإذا توافر هذا الشرط وجاء الحكم الثانى المؤسس عليها مخالفاً للحكم الأول أمكن القول بوجود التناقض بين الحكمين وبطلان ثانيهما”

(نقض 21/1/1937 مجموعة عمر جزء 2 رقم 30 ص 76 )

وبأنه  “إذا قام الدائن دعواه بطلب الدين على المدينين المتضامنين مجتمعين رصد فيها الحكم لصالحه ، فإن الاستئناف المرفوع من المحكوم عليهم بالتضامن لا يتعدد بتعددها

والحكم الصادر برفض هذه الاستثناءات وتأييد الحكم الابتدائي إنما هو بمثابة حكم جديد بذات حق الدائن  لا يتعدد بتعدد المسئولين عن الالتزام التضامني ، بل يقوم على وحدة المحل ، كما يقوم المدينون المتضامنون بعضهم مقام البعض فى الاحتجاج على الدائن بأوجه الدفع المشتركة سببهم جميعا

وينصب استئناف كل منهم على نفس طلبات الآخرين وهو ما يجعلها فى حكم الاستئناف الواحد ، يستحق بالنسبة لها رسم واحد ، ولا وجه للقول باستقلال كل مدين فى الخصومة وفى مسلكه فيها ولا طعن على ما يصدر فيها من أحكام واعتبار الاستئناف المرفوع من أحدهم مستقلاً عن استئناف الآخر بصدد تسوية الرسوم المستحق عنه

كما أن صدور الحكم بإلزام المدعون عليه أحد المحكوم عليهم بالتضامن – بمصروفات استئنافه وبإلزام باقى المحكوم عليهم بمصروفات استئنافهم ، لا يعتبر مانعا من تقدير الرسوم المستحقة على هذه الاستئنافات وتسويتها وفقا لأحكام القانون وبالتالى فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى باحتساب رسم واحد عن جميع الاستئنافات ، لا يكون قد خالفا الحكم السابق أو مس حجيته “

( نقض جلسة 22/4/1971 المكتب الفنى السنة 22 رقم 86 ص 549 )

وبأنه ” الاستئناف المرفوع من الضامن عن الحكم الصادر ضده لصالح المدعى فى الدعوى الأصلية لا يطرح على محكمة الاستئناف دعوى الضمان الفرعية وحدها ، وإنما يطرح عليها الدعويين معاً الأصلية والفرعية بحيث يكون لها أن تحكم للمدعى الأصلى على الضامن أو على مدعى الضمان حسبما يتراءى لها من توافر أركان المسئولين

ولا وجه لما تتمسك به الطاعنة المحافظة المدعى عليها فى الدعوى الأصلية وهى المدعى فى دعوى الضمان – من أن محكمة أول درجة قد حكمت بإخراجها من الدعوى بلا مصاريف

وقد أضحى حكمها فى هذا الخصوص نهائياً لعدم استئنافه أصلياً فى الميعاد من المضرور ، ذلك أن الارتباط الوثيق بين الدعويين الأصلية والفرعية يقتضى أن يتناول الاستئناف المرفوع من الضمان ، بحث أصل الخصومة ومدى مسئولية كل من المدين والضامن عن الضرر “

( نقض جلسة  3/6/1971 المكتب الفنى السنة 22 رقم 119 ص 724 )

 وبأنه ” إذا طلب المدعى عليه احتياطياً الحكم بالمبلغ المطالب به ما هو على شخص بصفته ضامنا له فقضت المحكمة برفض هذا الطلب لعدم توجيه دعوى الضمان توجيها صحيحاً فقضاؤها بذلك لا يمكن أن يحوز قوة الأمر المقضى بالنسبة على موضوع الطلب إذ الحكم لم يتعرض للفصل فيه “

( نقض 9/5/1946 مجموعة عمر جزء 5 رقم 73 ص 159 )

قوة الأمر المقضى وحجية الحكم وعيوب التدليل ومخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه

وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن

الطاعنة قد اعترضت لدى هيئة الإذاعة البريطانية “جهة عملها” على إخضاع راتبها للضريبة على كسب العمل، فأحالته لمأمورية الضرائب المختصة التي أحالته بدورها للجنة الطعن الضريبي حيث قيد لديها تحت رقم …. لسنة 1996، وبتاريخ 6 من مارس سنة 1997 أصدرت قرارها برفض الطعن وتأييد المأمورية،

أقامت الطاعنة الدعوى رقم …. لسنة 1997 ضرائب جنوب القاهرة الابتدائية طعنا على هذا القرار، ومحكمة أول درجة بعد أن ندبت خبيرا فيها أودع تقريره، حكمت بتاريخ 27 من إبريل سنة 2000 برفض الطعن، استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم …. لسنة 117 ق لدى محكمة استئناف القاهرة

وبتاريخ 24 من إبريل سنة 2002 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة على هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة – في غرفة مشورة – حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة وبعد المداولة وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.

وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بالسبب الأول منهما وبالوجه الأول من السبب الثاني بالخطأ في تطبيق القانون وتفسيره وتأويله والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة

إن الحكم الابتدائي المؤيد بقضاء الحكم المطعون فيه اعتبر أن هيئة الإذاعة البريطانية تعد هيئة خاصة وفقا لمفهوم الفقرة الأولى من المادة 49 من القانون 187 لسنة 1993 ورتب على ذلك خضوع الرواتب التي تؤديها للعاملين بها لضريبة كسب العمل بالرغم من أن هذا الوصف يخالف نص المادة 11/2 من التقنين المدني التي تستوجب الرجوع في ذلك لقانون البلد الذي يقع فيه المركز الرئيسي للهيئة .

وهي المملكة المتحدة وبمقتضى قانونها تعد هيئة الإذاعة البريطانية من الهيئات العامة الأجنبية التي لا تخضع رواتب العاملين فيها للضريبة على كسب العمل طبقا لمفهوم المخالفة لحكم البند الثاني من المادة 55 من القانون رقم 157 لسنة 1981 والفقرة الأولى من المادة 49 من القانون رقم 187 لسنة 1993 وهو ما يعيب قضاء الحكم بما يستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي غير سديد

ذلك بأن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تفسير النصوص القانونية المراد تطبيقها على واقعة الدعوى المطروحة على المحكمة هو من صميم عملها وأولى واجباتها للوصول إلى معرفة حكم القانون فيما هو معروض عليها، وأن إعمال التفسير اللغوي أو اللفظي للنص باستنباط المعنى الذي أراده الشارع من الألفاظ والعبارات التي يتكون منها النص سواء من عبارته أو إشارته أو دلالته.

فإذا تعذر على القاضي الوقوف على قصد المشرع عن طريق التفسير اللغوي فقد تعينه على الكشف عن هذا القصد عناصر خارجية أي غير مستمدة من الدلالات المختلفة للنص كالأعمال التحضيرية والمصادر التاريخية والحكمة من النص والجمع بين النصوص.

وكانت النصوص التشريعية وفقا لحكم المادة الأولى من التقنين المدني تسري على جميع المسائل التي تتناولها في لفظها وفحواها، وأن فحوى اللفظ لغة يشمل إشارته ومفهومه واقتضاءه والمراد بمفهوم النص هو دلالته على شيء لم يذكر في عبارته وإنما يفهم من روحه، فإذا كانت عبارة النص تدل على حكم واقعة يفهم من روحه.

فإذا كانت عبارة النص تدل على حكم واقعة اقتضته، وجدت واقعة أخرى مساوية لها في علة الحكم أو أولى منها، بحيث يمكن فهم المساواة أو الأولوية بمجرد فهم اللغة من غير حاجة إلى اجتهاد أو رأي.

فإنه يفهم من ذلك أن النص الذي يتناول الواقعتين وأن حكمه يثبت لهما لتوافقهما سواء كان مساويا أو أولى، ويسمى مفهوم الموافقة أو المفهوم من باب أولى، فالتفسير يجب أن يتوخى الكشف عن المعنى أو المعاني التي ينطوي عليها النص اختيارا للحل الأقرب إلى تحقيق العدالة باعتباره الحل المناسب الذي أوجب القانون إعماله، خاضعا لرقابة محكمة النقض وهي تضطلع بمهمتها في توحيد فهم القانون.

وكان المشرع الضريبي وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 157 لسنة 1981 قد اعتبر أن الضريبة أحد مظاهر التضامن الاجتماعي الذي يتحتم على كل مواطن تحمل نصيبه من أعباء الدولة مقابل حصوله على الضمانات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للسلطة العامة بحيث تأتي الضريبة معبرة عن السلام الاجتماعي الذي يتمثل في مجال الضريبة على وضع جانب من نشاط المواطنين في خدمة الجماعة وفقا لقدرات كل منهم.

وقد اعتد في مجال تحديد اختصاصه في فرض الضرائب على فكرة التبعية الاقتصادية القومية وقوامها العلاقة التي تنشأ بين الفرد والدولة وتحكم مساهمته في الحياة الاقتصادية والاجتماعية وركيزتيها الموطن أو الإقامة في الدولة وهو ما يطلق عليه التبعية الاجتماعية.0

وموقع المال أو مصدر الدخل الناتج عن المشاركة في أعمال الاستهلاك أو التداول أو إنتاج الثروة في الدولة وهو ما يطلق عليه إقليمية الضريبة وأخذ في تحديد الموطن بحكم المادة 40 من القانون المدني وبين في المادة الثالثة من القانون 187 لسنة 1993 أن الشخص الطبيعي يعد مقيما في مصر في أحوال عددها ….. 2 أن تكون مصر محلا لإقامته الرئيسية …. أخذا بمفهوم أن الممول الذي يقيم في إقليم الدولة ويحمل جنسيتها ويزاول نشاطا منتجا للثروة (الدخل) ويستفيد من المزايا العامة والخاصة التي تؤديها له الدولة.

كما ينتفع أيضا من المرافق العامة الموجودة بها إلى أقصى حد ولهذا يتعين أن يؤدي واجبه كاملا نحو الاشتراك في الأعباء المالية لها بأداء الضرائب المقررة، وكان النص في المواد 1، 2، 3 من القانون رقم 187 لسنة 1993 المنطبق على واقع النزاع المتعلقة بتحديد نطاق سريان الضريبة على الأفراد الطبيعيين.

يدل على أن المشرع الضريبي قد أخذ بمبدأ التبعية الاقتصادية القومية كمعيار في تحديد نطاق سريان أحكامه والتي مقتضاها خضوع كافة دخول المقيمين على الأراضي المصرية للضريبة سواء كانت من مصادر داخل أو خارج مصر وعلى الدخول التي تتحقق داخل مصر سواء كان الممول مقيما في مصر أو خارجها

وجعل مناط فرض الضريبة أحد أمرين أولهما إقامة الممول في مصر وفي هذه الحالة أخضع الدخل للضريبة سواء تحقق من مصدر داخل مصر أو خارجها، وثانيهما إخضاعه الدخل للضريبة إذ تحقق من مصدر داخل مصر أيا كانت إقامة الممول داخل أو خارج مصر، واستثنى من هذه القاعدة وفقا للمادة الرابعة دخول السفراء والدبلوماسيين الأجانب العاملين في مصر بشرط المعاملة بالمثل

وكذا الفنيين والخبراء والأجانب المقيمين في مصر متى كان استخدامهم بناء على طلب الحكومة المصرية أو إحدى الهيئات العامة أو الخاصة أو الشركات أو أحد الأفراد بالنسبة لإيراداتهم الناتجة عن مصادر خارج مصر، وهو ما أعاد المشرع تقريره في القانون 91 لسنة 2005 إذ جرى نص المادة التاسعة منه الخاصة بتحديد نطاق ضريبة كسب العمل في بندها الثاني على خضوع ما يستحق للممول من مصدر أجنبي عن أعمال أديت في مصر للضريبة.

ورائد المشرع في ذلك أن الضريبة هي فريضة مالية تفتضيها الدولة من المكلفين بها إسهاما منهم في أعبائها وتكاليفها العامة بحسبان أنهم يقيمون على أراضيها ويتمتعون بما تقدمه من خدمات أو تمثل الدولة لهم مصدر الدخل. لما كان ذلك، وكان الواقع في الدعوى حسبما حصله الحكم المطعون فيه أن الطاعنة مصرية الجنسية وتقيم بصفة دائمة على الأراضي المصرية، وتعمل مراسلة لهيئة الإذاعة البريطانية B.B.C من مصر.

وهي حسبما تدعي هيئة أجنبية تابعة للحكومة البريطانية، ومن ثم فإن الدخل (المرتب) الذي تحصل عليه من هذه الهيئة وفقا لمفهوم المادة 2 من القانون رقم 187 لسنة 1993 يخضع للضريبة على كسب العمل بوصف أنه دخل حصلت عليه مصرية مقيمة في الأراضي المصرية بصفة دائمة من مصدر أجنبي عن أعمال أدتها له في مصر

ولا يخضع بهذه المثابة للإعفاء الوارد بالبند الثاني من المادة الرابعة من ذات القانون بحسبان أن عملها بناء على طلب هيئة أجنبية وليست مصرية على النحو السالف بيانه، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى تأييد خضوع الطاعنة للضريبة على كسب العمل عن راتبها الذي تتقاضاه من هيئة الإذاعة البريطانية فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة ويضحى تعييبه بسبب الطعن قائما على غير أساس.

وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب

وفي بيان ذلك تقول إنه لما كان راتبها يدفع من خزينة الحكومة البريطانية وبالرغم من ذلك أيد الحكم المطعون فيه خضوعها للضريبة عن كسب العمل وهو ما يعد مخالفا ومتعارضا مع حجية الحكم الصادر في الاستئناف رقم …. لسنة 115 ق القاهرة والذي انتهى إلى أن هيئة الإذاعة البريطانية هيئة أجنبية لا تهدف إلى تحقيق الربح ومن ثم لا تخضع للضريبة، وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي غير سديد

ذلك بأن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن النص في المادة 101 من قانون الإثبات على أن الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق ولا يجوز قبول دليل ينتقص هذه الحجية، ولكن لا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية إلا في نزاع قام بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم وتتعلق بذات الحق محلا وسببا وتقضي المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها

يدل على أن حجية الأحكام القضائية في المسائل المدنية

لا تقوم إلا بين من كان طرفا في الخصومة حقيقة أو حكما، ولا يستطيع الشخص الذي صدر لمصلحته حكم سابق الاحتجاج به على من كان خارجا عن الخصومة ولم يكن ممثلا فيها وفقا للقواعد القانونية المقررة في هذا الشأن ويجوز لغير الخصوم في هذا الحكم التمسك بعدم الاعتداد به.

لما كان ذلك

وكان الحكم المحاج به موضوعه المطالبة بعدم خضوع هيئة الإذاعة البريطانية للضريبة على شركات الأموال، حال أن الدعوى الراهنة موضوعها الاعتراض على إخضاع الطاعنة لضريبة العمل عن راتبها الذي تتقاضاه من الهيئة السالف بيانها .

ومن ثم فإن الموضوع مختلف في الدعويين فضلا على أن الطاعنة لم تكن خصما في الدعوى السابقة وبالتالي فإن إعراض الحكم المطعون فيه عن إعمال حجية الحكم المحاج به إن كان لذلك محل على النزاع الراهن يكون بمنأى عن مخالفة القانون ويضحى تعييبه بوجه النعي قائما على غير أساس.

أحكام النقض المدني الطعن رقم 814 لسنة 72 بتاريخ 25 / 2 / 2014 – صـ 64

حجية الحكم الجنائي أمام المحاكم المدنية فى دعوي التعويض

 تنفيذ المحكمة المدنية التى ترفع إليها  دعوى التعويض  بما قد يكون صدر من المحكمة الجنائية من حكم فصل فصلا لازما فى وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين ووصفه القانونى ونسبته الى فاعله وذلك وفقا لما هو مقرر فى ظل قانونى الإثبات والإجراءات الجنائية ، أما ما قضى به الحكم الجنائى فى الدعوى المدنية التابعة من تعويض

فهو لا يقيد المحكمة المدنية إلا إذا كان قد قضى به كتعويض نهائى وعلى ذات الأساس الذى رفعت به الدعوى المدنية ، أما إذا كان قد قضى به كتعويض مؤقت ، أو كانت الدعوى المدنية التابعة رفعت على أساس الخطأ الشخصى ثم رفعت دعوى التعويض أمام المحكمة المدنية على أساس مسئولية الحارس أو مسئولية المتبرع لم يكن لذلك الحكم حجية فى هذه الدعوى .

(المستشار محمد كمال عبد العزيز – المرجع السابق) .

وقد قضت محكمة النقض بأن : القضاء للمدعى بالحق المدنى أمام محكمة الجنح بالتعويض المؤقت عن الضرر الذى أصابه لا يحول بينه وبين المطالبة بتكملة التعويض أمام المحكمة المدنية لأنه لا يكون قد استنفذ كل ما له من تعويض أمام محكمة الجنح وذلك أن موضوع الدعوى أمام المحكمة المدنية ليس هو ذات موضوع الدعوى الأولى بل تكملة لـه .

(23/5/1978 فى الطعن رقم 870 سنة 45ق)

وبأنه ” الحكم الصادر فى المواد الجنائية تكون له حجية فى الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية كلما كان قد فصل فصلا لازما فى وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفى الوصف القانونى لهذا الفعل ونسبته الى فاعله

فإذا فصلت المحكمة الجنائية فى هذه الأمور فإنه يمتنع على المحاكم المدنية أن تعيد بحثها ويتعين عليها أن تلزمها فى بحث الحقوق المدنية المتصلة بها لكى لا يكون حكمها مخالفا للحكم الجنائى السابق له .

وإذ كان الثابت من الحكم الصادر فى الدعوى الجنائية أنها رفعت على حارس المزلقان بهمتي القتل الخطأ والتسبب فى حصول حادث للقطار فقضت المحكمة بإدانته وقد صار الحكم انتهائيا بتأييده

ولما كان الفعل غير الشروع الذى وقعت الدعوى الجنائية على أساسه هو بذاته الذى ينشأ عنه إتلاف السيارة – والذى يستند إليه الطاعن فى دعواه المدنية الراهنة – فان الحكم الجنائى المذكور إذ قضى بإدانة حارس المزلقان لثبوت الخطأ فى جانبه يكون قد فصل فصلا لازما فى وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية .

وفى الوصف القانونى لهذا الفعل ونسبته الى فاعله ، فيجوز فى شأن هذه المسألة المشتركة حجية الشئ المحكوم فيه أمام المحكمة المدنية وتتقيد به هذه المحكمة ويمتنع عليها ان تخالفه أو تعيد بحثه ، وإذ لم يعتد الحكم المطعون فيه بحجية الحكم الجنائى فى هذا الخصوص فقضى على خلافه برفض دعوى الطاعن بمقولة (أن خطأ قائد السيارة يستغرق خطأ حارس المزلقان) ، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه “

(17/1/1979 فى الطعن رقم 729 سنة 40ق)

وبأنه ” لما كان الثابت من الأوراق أن مطالبة الطاعنة بالتعويض المدنى أمام المحكمة الجنائية كان مبناها المسئولية عن الأعمال الشخصية طبقا للمادة 163 من القانون المدنى ولم تتناول المحكمة – وما كان لها أن تتناول – وعلى ما جرى به قضاء الدائرة الجنائية بمحكمة النقض – بحث طلب التعويض على أى أساس آخر

وقضت برفض الدعوى المدنية استنادا الى انتفاء ركن الخطأ فى حق الطاعنة فان ذلك لا يحول دون مطالبتها أمام المحكمة المدنية باعتبارها مسئولة عن الضرر الذى أحدثه تابعها بعمله غير المشروع طبقا للمادة 174 من القانون المدنى لاختلاف السبب فى كل من الطلبين

وإذا لم يخالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعى عليه بمخالفة القانون يكون على غير أساس ولا يغير من هذا النظر ما ورد بحكم المحكمة الجنائية من أن المتهم وحده هو الذى أحضر العمال وأشرف عليهم حين قيامهم بالعمل الذى تسبب فى وقوع الحادث إذ أن ذلك كان بصدد نفى مسئولية الطاعنة عن عملها الشخصي “

(6/6/1978 فى الطعن رقم 369 سنة 45ق) .

العملة التى يقدر بها التعويض

الشروط الموضوعية لحجية الأمر

 يقدر مبلغ التعويض بالعملة المصرية طالما ليس هناك إتفاق وقانون يلزم بإتباع معايير معينة بخصوصه كما أنه يراعى فى تقدير التعويض مدى الضرر الواقع على المضرور وجسامته وهل هو مناسباً لجبره أم لا.

وقد قضت محكمة النقض بأن :

يقدر التعويض بقدر الضرر والنوع الذى تراه محكمة الموضوع مناسباً طالما أنه لم يرد بالقانون أو بالاتفاق نص يلزم باتباع معايير معينة فى خصوصه . فإذا كان موضوع الدعوى هو المطالبة بتعويض عن  فسخ العقد  .

وكان المتعاقدان لم يتفقا على نوع التعويض أو مقداره عند إخلال أحدهما بالتزاماته المترتبة على  العقد فإن المحكمة المطعون فيه إذ قدر مبلغ التعويض بالعملة المصرية لا بالدولار الأمريكي الذى اتفق على الوفاء بالثمن على أساسه لا يكون قد خالف القانون .

( الطعن رقم 242 لسنة 31 ق جلسة 9/12/1965 )
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض

الأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض خبرات قضائية فى القانون المدنى والملكية العقارية وطعون النقض ليسانس الحقوق 1997- احجز موعد 01285743047

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أوافق على سياسة الخصوصية 

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

body{-webkit-user-select:none;-moz-user-select:none;-ms-user-select:none;user-select:none} .separator a,.post-body img{-webkit-touch-callout:none;-webkit-user-select:none;-khtml-user-select:none;-moz-user-select:none;-ms-user-select:none;user-select:none;pointer-events:none} pre,kbd,blockquote,table{-webkit-user-select:text;-khtml-user-select:text;-moz-user-select:text;-ms-user-select:text;user-select:text}