تعرف علي ماهية البيوع الآجلة في البورصة حبث أنه في البورصة يتعاقد المتعاملون في الأوراق المالية المسعرة أو في البضائع فلا يلتزم البائع بالتسليم الناقل للملكية ولا يلتزم المشتري بدفع الثمن إلا بعد أجل يحل في يوم معين يسمى بيوم التصفية وهذا ما يسمى بالبيع الأجل ( marcha a terme )
البيوع بالبورصة أوراق مالية أو بضائع
ولما كان المبيع من المثليات فهو إما أوراق مالية أو بضائع فإن مثلها يوجد في السوق ويستطيع البائع وقت التسليم أن يشتريها بالنقد ولذلك يعمد كثير من المتعاملين اليبع أوراق أو بضائع لا يملكونها وقت البيع اعتمادا علي استطاعتهم الحصول عليها من السوق وقت التسليم وهذا ما يسمى بالبيع الآجل علي المكشوف ( a decouvert )
وكثيرا ما تنصرف نية البائع إلي عدم التسليم أصلا وتنصرف نية المشترى إلي عدم التسلم أصلا وتؤول عمليتا البيع والشراء إلي مجرد دفع الفروق بين الأسعار .
وبيان ذلك أن البائع يبيع بيعا آجلا مائة سهم مثلا بسعر السهم عشرة جنيهات، ويكون معتمدا علي أن سعر السهم سيهبط يوم التسليم إلي تسعة جنيهات، فهو إذن مضارب علي الهبوط .
أما المشتري الذي اشترى هذه الأسهم بسعر السهم عشر جنيهات فإنه يكون معتمد علي أن سعر السهم سيصعد يوم التسليم إلي أحد عشر جنيها فهو إذن مضارب علي الصعود وعند حلول يوم التسليم قد يتحقق أمل البائع فينزل سعر السهم إلي تسعة جنيهات
وعند ذلك يسلم البائع المشتري مائة سهم سعر السهم منها تسعة جنيهات ويتقاضى منه الثمن علي أساس أن ثمن السهم هو عشرة جنيهات، بل يقتصر علي تقاضي الفرق من المشتري فقد ربح في كل سهم جنيها واحدا، ويكون مجموع ربحه مائة جنيه يتقاضاها من المشتري. وقد يتحقق علي العكس من ذلك أمل المشتري
فيصعد سعر السهم إلي أحد عشر جنيها، وعند ذلك يكون المشتري هو الذي يتقاضى الفرق من البائع، وهو مائة جنيه عن الأسهم المائة.
ونرى من ذلك أن البيع الآجل في البورصة الذي يؤول إلي مجرد دفع الفروق بين الأسعار هو عملية مضاربة يضارب البائع علي الهبوط ويضارب المشتري علي الصعود ومن ثم جاز إلحاقها بالمراهنة فالبائع يراهن علي هبوط السعر علي النحو الذي قدمناه.
وإذا الحق البيع الآجل بالمراهنة، فإنه يكون كالمراهنة غير مشروع، ومن ثم يكون باطلا ولا يلتزم الخاسر بدفع الفروق بين الأسعار وإذا دفعها جاز له استردادها .
(السنهوري ص866)
غير أنه يشترط لصحة البيع الآجل الذي يؤول إلي مجرد دفع الفروق أن يكون قد انعقد في بورصة مرخص فيها وأن يكون قد انعقد طبقا لقانون البورصة ولوائحها
وقد جاء نص التعديل صريحا في هذا المعني إذ يقول كما رأينا “لأعمال المضافة إلي أجل المعقودة في بورصة مصرح بها طبقا لقانون البورصة ولوائحها..”
فإن لم يتوافر هذا الشرط وكان من الواضح أن البيع الآجل ليس إلا مجرد مراهنة بين المتعاقدين فهو بيع باطل لأنه يكون مراهنة غير مشروعة أما إذا تبين أنه بيع جدي فإنه يقضي بصحته ولو انعقد خارج البورصة وآل إلي دفع الفروق .
قضاء النقض عن بيع صفقة قطن الآجلة
قد قضت محكمة النقض بأن
إذا استبانت محكمة الموضوع أن البيع واردا علي صفقة من القطن كانت مزروعة فعلا في أرض الطاعنين ووقع البيع خارج البورصة ولم يكن معقودا بين طرفين من التجار ولا علي سبيل المقامرة وخلصت في قضائها إلي أن العقد لا ينطوي علي أعمال المضاربة المكشوفة والتي يقصد بها مجرد الإفادة من فرق الأسعار
فأعملت الشرط الإضافي في عقد البيع وأوجبت تنفيذه عينا بتسليم كمية القطن المتفق عليها أو دفع فروق الأسعار عن الجزء الذي لم يسلم منها
فإنه لا محل للتحدي بالفقرة الثانية من المادة 73 تجاري التي تنص علي أنه لا تقبل أي دعوى أمام المحاكم بخصوص عمل يؤول إلي مجرد دفع فروق إذا انعقدت علي ما يخالف النصوص المتقدمة .
(نقض مدني 12 نوفمبر سنة 1959 مجموعة أحكام النقض 10 رقم 97 ص641)
القضاء الاداري عن البيع الآجل بورصة القطن
كما قضت محكمة القضاء الإداري بأن
بورصة القطن إنما أنشأت لتأمين مراكز التجار وتحديد أسعار القطن علي أساس المنافسة الحرة القائمة علي العرض والطلب الخاليين عن عوامل الاصطناع، وفي تحقيق هذا الغرض وضعت البورصة نظما ولوائح تسير علي مقتضاها المضاربات العادية، فكل انحراف أو خروج علي هذه النظم يعد خروجا علي القانون يهدد الصالح الخاص والصالح العام علي السواء
وفي الواقع من الأمر لم تكن عمليات ” الكورنر ” إلا انحرافا عن المضاربات العادية إلي أخطر أنواع المضاربات الغير المشروعة والكورنر في حالتنا هذه كان اتفاقا بين قلة من التجار لحصول علي احتكار صنف القطن الأشموني أو معظمه خفية وفي غفلة من سائر التجار بقصد الاستيلاء علي ربح غير مشروع
فيعمل هؤلاء المحتكرون علي رفع الأسعار رفعا مصطنعا مستندين في ذلك إلي عمليات صورية وهمية للحصول علي فروق باهظة هي وليدة المقامرة، ودليل الاصطناع يؤيده الأمر الواقع إذ بينما وصل سعر الأشموني إلي 154 ريالا داخليا صدره المحتكرون لروسيا بسعر 63 ريالا وليوغوسلافيا بسعر 73 ريالا
وكان السعر الداخلي للأشموني أعلي من سعر الكرنك علي خلاف المعتاد فلم تعد هذه الأسعار تمثل الحقيقة حتى تؤخذ أساسا في المعاملات وكان من أثر ذلك أن اضطرب السوق وتوقفت المعاملات.
والاتفاقات التي تهدف إلي الاحتكار ورفع الأسعار إلي حد باهظ تعتبر باطلة من الناحية القانونية سواء وقعت هذه الاتفاقات تحت طائلة القانون الجنائي أو لم تقع إذ أنها طبيعتها ترمي إلي أغراض غير مشروعة ما دامت تقيد من حرية التجارة بوجه عام وتقضي علي المنافسة الاقتصادية المشروعة.
وقد ثبت أن التعامل في سوق القطن علي صنف الأشموني كان قائما في موسم 1949/1950 علي أسس احتكارية ومضاربات علي الصعود غير مشروعة وأسعار مصطنعة فتكون جميع العمليات التي قامت في ذلك العهد خاصة بهذا الصنف مبينة علي المقامرة، ومن ثم تعتبر باطلة قانونا”
(محكمة القضاء الإداري 21 أبريل سنة 1953 المحاماة 35 رقم 902 ص1702)
البيع الآجل والمضاربة بالبورصة
قضي بأن
التوكيل المعطى لسمسار لعقد صفقات بقصد المضاربة في البورصة عقد باطل لعدم مشروعية السبب
(استئناف مختلط 15 مارس سنة 1933 م45 ص203 ص50)
ويشترط بعض الفقهاء في مصر لصحة البيع الآجل أن يكون المتعاقدان من المشتغلين بالتجارة حتى يكون البيع منعقدا طبقا لقانون البورصة ولوائحها ويقول الأستاذ محمد صالح في هذا الصدد لكننا نسارع إلي القول بأن صحة العقود الآجلة مشروطة بأن تكون حاصلة من المشتغلين بالتجارة فإذا كان المضارب مستخدما في أحد المحلات التجارية أو البنوك أو موظفا في الحكومة أو مستخدما أيا كان، جاز له إبداء دفع المقامرة
(م65 من اللائحة العامة لبورصة البضائع الآجلة)
كما أن السمسار الذي يثبت عليه أنه ساعد أو أغرى علي المضاربات غير مشتغل بالتجارة يحكم عليه من مجلس تأديب البورصة بغرامة لا تتجاوز مائة جنيه مصري حتى بذلك تقتصر المضاربة علي المضاربين المدربين ولأنه من المشاهد أن الأزمات المالية تقع غالبا بسبب سذاجة رواد البورصة غير الفنيين فحزب الصعود يبدأ بالتأثير فيهم ويغريهم بأحلى الوعود حتى إذا أمنعوا في الشراء تخلى عنهم فلا يذوقون إلا حنظلا وهذه هي سيرة كل الأزمات”
لا تعليق