هل الشرط المانع من التصرف يبطل التصرف ؟

الشرط المانع من التصرف فى التعاقدات

تعريف الشرط المانع من التصرف فى القانون المدنى المصري ، وشروط صحته أو بطلانه ، فقد يبيع شخصا شيئا عقار أرض أو شقة لأحد أقاربه أو لوارث مستقبلي أو للغير ويضع شرطا بعقد البيع يمنع المشترى أو الموصي اليه من التصرف فى هذا الشيء ونعرض أحكام هذا الشرط فى القانون المصرى .

والتساؤل:

هل هذا الشرط صحيح ونافذ ؟

أم أنه يتعارض مع عناصر الملكية الثلاث الاستعمال والاستغلال والتصرف ويتنافى مع أحد أهم أركان وشروط صحة التصرف بيع كان أو هبة أو وصية .

هذا ما سنتعرف عليه فى هذا البحث القانونى

النص القانونى للشرط المانع من التصرف

تنص المادة 823 من القانون المدنى على

  1. إذا تضمّن العقد أو الوصية شرطاً يقضي بمنع التصرف في مال، فلا يصح هذا الشرط ما لم يكن مبنياً على باعث مشروع، ومقصوراً على مدة معقولة.
  2. ويكون الباعث مشروعاً متى كان المراد بالمنع من التصرف حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو للمتصرف إليه أو للغير.
  3. والمدة المعقولة يجوز أن تستغرق مدى حياة المتصرف أو المتصرف إليه أو الغير.

وتنص المادة 824 من القانون المدنى على

إذا كان شرط المنع من التصرف الوارد في العقد أو الوصية صحيحاً طبقاً لأحكام المادة السابقة، فكل تصرف مخالف له يقع باطلاً.

  الأعمال التحضيرية للشرط المانع من التصرف

1 ـ عرض المشروع للشرط المانع من التصرف في نصين ( المادتين 1191 و 1192 من المشروع ) لا نظير لهما في التقنين الحالي ، وقد قنن المشروع أحكام القضاء المصري في هذا الموضوع . فالشرط المانع قد يرد ي وصية أو في عقد ، ويكون العقد في الغالب هبة أو هبة مستترة في بيع

ويصح هذا الشرط إذا كان الغرض منه حماية مصلحة مشروعة للمتصرف ، كما إذا اشترط الانتفاع بالعين طول حياته فيكون الشرط المانع من التصرف مؤكداً لذلك ، أو حماية مصلحة مشروعة للغير ، كما إذا كان الانتفاع بالعين مشروطاً لمصلحة هذا الغير ، أو حماية مصلحة مشروعة للمتصرف إليه

كما إذا كان سيء التدبير وأراد المتصرف أن يحميه من طيشه بالشرط المانع من التصرف . ويجب أيضاً لصحة الشرط المانع أن يكون لمدة معقولة ، قد تكون مدي حياة المتصرف أو المتصرف إليه أو الغير ، ولكن لا يصح تأييد هذا الشرط ولا جعله لمدة طويلة تجاوز الحاجة التي دعت إليه .

2 ـ فإذا لم يتوافر هذان الشرطان كان الشرط المانع من التصرف باطلاً ، ويكون التصرف الذي اشتمل علي هذا الشرط باطلاً أيضاً إذا كان الشرط المانع هو الدافع الي هذا التصرف . أما إذا كان التصرف تبرعاً ولم يكن الشرط المانع هو الدافع ، صح التبرع ولغا الشرط .

3 ـ وإذا توافر الشرطان اللذان تقدم ذكرهما ، فالشرط المانع من التصرف صحيح . فإذا خولف كان التصرف المخالف باطلاً بطلاناً مطلقاً لعدم قابلية المال للتصرف .

وقد حسم المشروع بهذا الحكم خلافاً قام حول هذه المسألة ، إذ كان القضاء متردداً بين بطلان التصرف المخالف أو فسخ التصرف الأصلي . والذي يطلب بطلان التصرف المخالف هو المتصرف إذ له دائماً مصلحة في ذلك .

ويطلبه كذلك المتصرف له أو الغير إذا كان الشرط المانع أريد به أن يحمي مصلحة مشروعة لأحد منهما ، وهذه هي القاعدة التي سبق تقريرها في الاشتراط لمصلحة الغير . والمال الذي منع التصرف فيه قابل مع ذلك أن يتم تملكه بالتقادم

(مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني – -جزء 6 –  ص76 و77)هل الشرط المانع من التصرف يبطل التصرف ؟
ورد هذا النص فى المادة 1191 من المشروع التمهيدى على الوجه الآتى :
  • 1- إذا تضمن العقد أو الوصية شرطا يقضى بمنع التصرف فى مال أو بمنع الإيصاء به ، فلا يصح هذا الشرط ما لم يكن مبنيا على باعث مشروع ، ومقصوراً على مدة معقولة
  • 2- ويكون الباعث مشروعاً متى كان المراد بالمنع من التصرف حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو المتصرف إليه أو الغير ،
  • 3- وقد تكون المدة المعقولة مدى حياة المتصرف ، أو المتصرف ، أو المتصرف إليه أو الغير ، وفى لجنة المراجعة عدل النص ، فأصبح مطابقا لما أستقر عليه فى التقنين المدنى الجديد ، وصار رقمه 894 فى المشروع النهائى ووافق عيه مجلس النواب تحت رقم 812 ثم مجلس الشيوخ تحت رقم 823
( مجموعة الأعمال التحضيرية 6ص 73 ، ص75)
وقد جاء بالمذكرة الإيضاحية المشروع التمهيدى أنه

عرض المشروع لشرط المانع من التصرف فى نصين لا نظير لهما فى التقنين الحالى ، وقد قنن المشروع أحكام القضاء المصرى فى هذا الموضوع ، فالشرط المانع قد يرد فى وصية أو فى عقد

ويكون العقد فى الغالب هبة أو هبة مستترة فى بيع ويصح هذا الشرط إذا كان الغرض منه حماية مصلحة مشروعة للمتصرف ، كما إذا اشترط الانتفاع بالعين طوال حياته.

فيكون الشرط المانع من التصرف مؤكدا لذلك ، أو حماية مصلحة مشروعة للغير ، كما إذا كان الانتفاع بالعين مشروطا لمصلحة هذا الغير ، أو حماية مصلحة مشروعة للمتصرف إليه

كما إذا كان سيء التدبير وأراد المتصرف أن يحميه من طيشه بالشرط المانع من التصرف ، ويجب أيضا لصحة الشرط المانع ، أن يكون لمدة معقولة  قد تكون مدة حياة المتصرف أو المتصرف إليه أو الغير

ولكن لا يصح تأييد هذا الشرط ، ولا جعله لمدة طويلة تجاوز الحاجة التى دعت إليه فإذا لم يتوافر هذان الشرطان ، كان الشرط المانع من التصرف باطلا

ويكون التصرف الذى اشتمل على هذا الشرط باطلا أيضا إذا كان الشرط المانع هو الدافع  إلى هذا التصرف ، أما إذا كان التصرف تبرعا ، ولم يكن الشرط المانع هو الدافع صح التبرع ولغا الشرط

(مجموعة الأعمال التحضيرية ج6ص76)

شرح الشرط المانع من التصرف

شرح الشرط المانع من التصرف وبيان بطلان التصرف المخالف للشرط المانع من التصرف المنصوص عليهما بالمادتين 823 ، 824 من القانون المدنى المصرى بدءا بشرح أحكام المادة 823 ثم المادة 824

تعريف الشرط المانع من التصرف فى القانون

المقصود بالشرط المانع من التصرف

هو شرط فى عقد أو وصية فيمنع المالك من التصرف فى مال معين من أمواله وإذا كان الشرط المانع من التصرف واراد فى عقد ، فيستوى أن يكون هذا العقد من عقود التبرعات أو من عقود المعاوضات

ولكن الغالب أن يرد مثل هذا الشرط فى عقد من عقود التبرعات ، فنظرا لأن تجرد الشخص عن ماله دون مقابل يجعله سلطة فرض هذا الشرط وحمل المتبرع له على قبوله مادام قد ملكه الشئ المتبرع به دون عوض

ومع ذلك ، قد يتصور الشرط المانع من التصرف واراد فى عقد من عقود المعاوضات إذا وجد ما يبرر ايراده فيه كالشراط البائع على المشترى امتناعه عن التصرف فى الشئ المبيع الى حين الوفاء بكامل الثمن زيادة فيما له من ضمان استيفاء باقى الثمن أو اشتراط البائع الذى احتفظ لنفسه بحق الإنتفاع على الشئ المبيع امتناع المشترى عن التصرف فيه طوال بقاء الانتفاع تجنبا لاحتكاك بمالك رقبة آخر غريب

أو اشتراط الدائن المرتهن على المدين الراهن امتناع التصرف فى العقار المرهون حتى حلول أجل الدين ، زيادة فى ضمانه وتفاديا للإجراءات الطويلة التى يستلزمها التنفيذ على العقار فى حالة التصرف فيه وتداوله بين أيد متعددة واجتنابا للمخاطر التى قد تصحب استعمال حق التتبع أو تنجم عن تطهير الحائز للعقار .

أو اشتراط الموعود له بالبيع على الواعد الامتناع عن التصرف فى الشئ الموعود ضمانا لبقاء هذا الشئ على ملك الواعد إذا أظهر الموعود له رغبته فى الشراء

( حسن كيرة ص 122)

تعليق فقهاء القانون على المادة 823 مدنى

1 ـ يفهم من نص المادة 823 مدني أن الأصل هو تحريم الشرط المانع من التصرف لسببين أحدهما قانوني والآخر اقتصادي . فأما السبب القانوني فلأن من أخص عناصر الملكية أن يكون للمالك حق التصرف في ملكه ، فاذا منع من ذلك حرم من أخص عناصر حقه .

وأما السبب الاقتصادي فلأن تداول الأموال من الأمور التي تجب ملاحظتها ، ومنع المال من تداول بتحريم التصرف فيه أمر خطير من الناحية الاقتصادية فلا يجوز هذا المنع الا لمسوغ قوي .

ويلاحظ أن الشرط المانع من التصرف في المال يرد في تصرف قانوني ، أي عقد أو وصية حسبما جاء في نص الفقرة الأولي من المادة 823 مدني . والوصية تصرف قانوني من جانب واحد علي سبيل التبرع ، والعقد غالباً ما يكون من عقود التبرع ، هبة صريحة أو هبة مستترة في عقد بيع .

وقد يكون من عقود المعاوضة ، عقد بيع جدي مثلاً . والغالب أن يكون التصرف المتضمن الشرط المانع تصرفاً بنقل ملكية المال مع اشتراط عدم جواز التصرف فيه ، وقد يتناول هذا الشرط حق الانتفاع ، والايراد المرتب مدي الحياة ، وقد يرد علي الوعد بالبيع .

ولا بد من اجتماع أمرين حتي يصح الشرط المانع من التصرف :

الباعث المشروع ، والمدة المعقولة .

وكل منهما معيار مرن يساير الملابسات الخاصة بكل قضية من الأقضية التي تعرض علي المحاكم ، فيكون القاضي أوسع حرية في التقدير ويتسنى له أن يعطي لكل حالة حكمها المناسب .

1 ـ الباعث المشروع ـ وحتي يكون الباعث مشروعاً ـ طبقاً لحكم المادة 823/2 مدني ـ والشرط المانع صحيحاً  ، أن يكون التصرف قد قصد بالشرط المانع الذي ضمنه العقد أو الوصية حماية  مصلحة مشروعة له هو ، أو مصلحة مشروعة لمن تصرف له أو مصلحة مشروعة لأجنبي ( أي للغير ) .

فإذا كان الشرط المانع ليس له باعث مشروع ، ولم تكن هناك مصلحة مشروعة تراد حمايتها به لا للمتصرف ولا للمتصرف له ولا للغير ، كان الشرط المانع باطلاً . والمفروض أن للشرط المانع باعثاً مشروعاً إلي أن يثبت المتصرف له أن الباعث غير مشروع .

ويكون التصرف الذي اشتمل علي هذا الشرط ( الباطل ) باطلاً أيضاً إذا كان الشرط المانع هو الدافع إلي هذا التصرف . أما إذا كان التصرف تبرعاً ولم يكن الشرط المانع هو الدافع صح التبرع ولغي الشرط .

2 ـ المدة المعقولة ـ فلكي يكون الشرط المانع صحيحاً يجب الا يكون مانعاً من التصرف منعاً دائماً ، إذ تخرج العين بهذا المعني من دائرة التعامل بتاتاً .

وهذا أمر مخالف للنظام العام ولا يجوز الا بنص في القانون كما هو الحال في الوقف ، ومن ثم يكون الشرط المانع منعاً دائماً شرطاً باطلاً ، يلغو ويبقي التصرف الذي تضمن الشرط ما لم يكن الشرط هو الدافع الي التصرف ، فيبطل كل من الشرط و التصرف .

ومعرفة ما إذا كانت مدة المنع المحددة طويلة إلي حد أن تكون مدة غير معقولة فيبطل الشرط من وسائل الواقع يبت فيها قاضي الموضوع ولا معقب عليه من محكمة النقض   .

2 ـ يتضح من نص المادة 823 مدني أن المشرع لا يبيح اشتراط حظر التصرف إلا لمدة مؤقتة ، وبناء علي باعث مشروع . وهذه هي الحدود التي أباح القضاء في نطاقها الخروج علي مبدأ حرية تداول الأموال .

ولذلك يكون من المقطوع به أن اشتراط حظر التصرف في مال معين علي التأييد محرم تحريماً باتاً ، فمثل هذا الحظر لا يصح الا عن طريق الوقف .

ويري الدكتور محمد علي عرفه أن اقتران العمل القانوني ، عقدا كان أم وصية ، بشرط حظر التصرف علي التأييد ، من شأنه أن يؤدي الي بطلان التصرف بطلاناً مطلقاً

وذلك تطبيقاً لنص المادة 266 مدني ، التي تقضي بأن

لا يكون الالتزام قائماً إذا علق علي شرط غير ممكن ، أو علي شرط مخالف للآداب أو النظام العام …” . ولما كان شرط المنع من التصرف المؤبد مخالفاً للنظام العام ، فانه يمنع من قيام التصرف الذي يقترن به .

فمن الخطأ إذن الحكم ببطلان الشرط ونفاذ التصرف ، لأن هذا الشرط يعد من قبيل الشروط الدافعة للالتزام ، فبطلانه يستتبع دائماً بطلان التصرف المقترن به ، سواء أكان هذا التصرف معاوضة أم تبرعاً  .

3 ـ متي كان شرط مانع من التصرف صحيحاً ، كان الشئ غير قابل للتصرف فلا يستطيع المكتسب نقل ملكيته للغير بتصرف من التصرفات الناقلة للملك . ولا يجوز له أن يرتب عليه من الحقوق العينية ما يؤدي الي احتمال إخراجه من ذمته كالرهن مثلاً . أما الحقوق العينية الأخرى التي لا تؤدي إلي هذه النتيجة

ويري الدكتور عبد المنعم البدراوي

أن شرط المنع من التصرف لا يحول دون تقريرها ، ذلك أن المنع وارد علي حق التصرف كله ، فالذي قصد إليه المتصرف من المنع هو إبقاء الشئ في ملك المتصرف إليه ، فليس ما يمنع في رأيه ـ  المتصرف إليه من أن يقرر علي المال حق ارتفاق أو حق انتفاع ما لم يكن المنع قد امتد إلي هذه الحقوق بصريح العقد أو الوصية . فالشرط تحكم كونه استثناء يجب التضييق في تفسيره

ويترتب أيضاً علي شرط المنع من التصرف عدم جواز الحجز علي المال ، فهو يخرج بحكم المنع عن سلطان الدائنين ، ذلك أن الحجز يؤدي الي التصرف في العين .

فاذا كان الحجز ممكناً استطاع المتصرف إليه أن يجعل الشرط لغوا   بأن يستدين ثم يترك الدائن ينفذ علي الشئ وينزع ملكيته . فالمنع من التصرف يستتبع بالضرورة عدم جواز الحجز وان كان العكس غير صحيح .

ولكن شرط المنع من التصرف لا يحول دون تملك الشئ بالتقادم لأن التقادم يتم رغم إرادة مالك الشئ   .

4 ـ إذا افترضنا قيام شرط المنع من التصرف صحيحاً فمن اللازم أن نبدأ في تحديد آثاره ببيان مضمون هذا الشرط ، أي تحديد نطاق المنع الذي يترتب عليه قبل محاولة تحديد طبيعة هذا المنع أو الجزاء الذي يترتب علي مخالفته .

والشرط بما يقتضيه من منع التصرف يعني حرمان المالك من نقل ملكية الشئ أو نقل ملكية جزء منه الي الغير بعوض أو بغير عوض ، كما يعني حرمانه من التصرفات التي ، وان لم تكن ناقلة للملكية ، فهي  تؤدي الي ذلك وتعتبر لذلك من أعمال التصرف ، كرهن الشئ المملوك .

ويري كثير من الكتاب

أن المنع من التصرف يقتضي كذلك حرمان الممنوع من ترتيب حق انتفاع أو ارتفاق علي الشئ الممنوع الصرف فيه ، علي أساس أن ترتيب هذه الحقوق تصرف جزئي ، وأن اطلاق المنع من التصرف يقتضي منع التصرف الكلي والتصرف الجزئي ، ولكن البعض يري أن ترتيب الانتفاع أو الارتفاق لا يعد تصرفاً ما دام لا يخرج الملكية من الذمة ، وعلي ذلك لا يشمله المنع من التصرف

ويعتقد الدكتور جميل الشرقاوي

أن تحديد نطاق المنع من التصرف يجب أن يعتد فيه بالغاية المقصودة من المنع ، فإذا كانت تعارض مع ترتيب الانتفاع أو الارتفاق وجب القول باعتباره  داخلاً في نطاق المنع . كما لو وهي شخص ملكية منزل لآخر لسكنه أو ليخصصه لغرض محدد يتعارض مع ترتيب الإنتفاع أو الارتفاق .

فإذا قام الشك في حكم التصرف في ضوء القصد من شرط المنع ، وجب القول يجاوز التصرف أعمالاً للأصل وهو حرية تصرف المالك فيما يملك .

أما أعمال الادارة كالتأجير فلا تدخل في نطاق المنع من التصرف لأنها لا تدخل في معني التصرف ، وكذلك التصرفات المقررة للحقوق كالقسمة .

ويتساءل الفقه عن حكم وصية الممنوع من التصرف بملكية الشئ الذي منع من التصرف فيه

ويري البعض أن هذه الوصية جائزة ، لأن الملكية بمجرد العمل الارادي ، بل يتحقق انتقالها بالوفاة ، وهي واقعة طبيعية لا تدخل في معني التصرف الذي يشمله المنع .

ولكن البعض الآخر يذهب الي أن الغاية من اشتراط الامتناع عن التصرف علي مكتسب الملكية ، قد تتعارض مع تصرفه بالوصية ، مما يقتضي اعتبارها من التصرفات الممنوعة .

واذا كان شرط المنع من التصرف يقتضي عدم جواز التصرفات الناقلة للملكية ، فانه لا يمتد بطبيعة الحال ، الي حالات انتقال الملكية بأسباب غير ارادية كالميراث الذي يترتب علي الموت ، أو اكتساب الغير ملكية الشئ بالتقادم المكسب أو نزع الملكية للمنفعة العامة .

ويلاحظ أن مقتضي التزام المالك بالامتناع عن التصرف تصرفاً قانونياً بنقل حقه الي الغير ، من مقتضي هذا الالتزام أن يمتنع أيضاً عن التصرف   مادياً في الشئ المملوك تحت شرط المنع .

فلا يجوز له  هدمه ان كان  منزلاً ، كما لا يجوز له تغييره أو تغيير استعماله بصورة تؤثر تأثيراً بيناً علي قيمته كتحويل أرض الحديقة الي مقبرة للسيارات أو مكان لجمع القمامة . لوكن مخالفة المالك في هذه الصورة لالتزامه بعدم التصرف المادي ، لا تثير تطبيق الجزاء الذي يترتب علي مخالفة شرط المنع بتصرف قانوني ناقل للملكية   .

5 ـ إذا كان شرط المنع من التصرف صحيحاً فيترتب عليه أن يمتنع علي المالك طوال المدة المحددة في الشرط ، نقل ملكية الشئ الي غيره ، بعوض أو بغير عوض .

كما يمتنع عليه أن يرهن الشئ لأن الرهن يفقد كل قيمته إذا لم يتمكن الدائن المرتهن من التنفيذ علي الشئ المرهون ليستوفي علي دينه من ثمنه بالأولوية .

والمنع من التصرف يقتضي عدم جواز التنفيذ علي الشئ الممنوع التصرف فيه . كما يمتنع علي المالك أن ينشئ علي الشئ حقاً من الحقوق العينية الأصلية المتفرعة عن الملكية كالانتفاع أو الاستعمال  أو السكني أو الارتفاق ، لأن هذا يعتبر تصرفاً جزئياً ، والأصل أن شرط المنع إذا ورد مطلقاً ، فيشمل التصرف الكلي والتصرف الجزئي .

اما أعمال الادارة كتأجير الشئ ، فلا أثر لشرط المنع عليها فيجوز للمالك أن يباشرها وتعتبر صحيحة .

وواضح مما سبق أن الذي يمتنع هو نقل الملكية بتصرف قانوني ، فلا يحول شرط المنع من التصرف دون إمكان نقل ملكية الشئ بسبب آخر غير التصرف القانوني كالميراث والتقادم المكسب ، كما لا يحول شرط المنع بداهة دون نزع ملكية الشئ للمنفعة العامة .

ويري بعض الشراح

  أن شرط المنع لا يحول دون نقل الملكية بالوصية رغم أن الوصية عمل اداري من جانب المالك الممنوع من التصرف وذلك علي أساس أن انتقال الملكية  بمقتضي الوصية لا يتحقق إلا بموت المالك مما يفترض خروج الشئ عن ملكه نتيجة واقعة مادية غير إدارية هي الموت .

بينما يذهب بعضهم الآخر إلى

أن شرط المنع يقتضي منع المالك من إنشاء الحقوق العينية جميعاً . علي حين يذهب آخرون   إلي أن شرط المنع لا يحرم المالك الا من نقل الملكية أو انشاء الحقوق العينية التي تؤدي الي احتمال إخراج الشئ من ذمته كالرهن . أما الحقوق العينية الأخرى التي لا تؤدي إلي هذه النتيجة ، كالانتفاع والارتفاق ، فلا يحول شرط المنع دون تقريرها .

ويري الدكتور منصور مصطفي منصور

أن الغرض الذي يراد تحقيقه من شرط المنع قد يقتضي منع الوصية ، كما لو وهب شخص لآخر مالاً وحتي يحتفظ به مدي حياته لينتقل بعد وفاته الي أولاده اشترط عليه عدم التصرف في هذا المال مدي الحياة .

أي حياة المشترط عليه ، فتصحيح الوصية في مثل هذه الحالة قد يؤدي الي تفويت الغرض الذي قصده المشترط وهو أيلولة المال الي ورثة الموهوب عند وفاته .

واذا كان الأصل أن يترتب علي شرط المنع حرمان المالك من التصرف ، الا أن الشرط قد يرد بصورة خاصة تعرف بشرط الاستبدال ومقتضاه أنه لا يجوز التصرف الا مع استبدال مال آخر بالمال المتصرف فيه ليبقي في ذمة المالك الي أن يتحقق الغرض المقصود

ففي هذه الحالة إذا تم الاستبدال وفقاً لما ورد في الشرط ، فيحل المال الجديد محل التصرف فيه بحيث يصبح بدوره غير قابل للتصرف الا مع استبدال غيره به ،

وذلك تطبيقاً لنظرية الحلول العيني . وحتي إذا ورد  شرط المنع من التصرف مطلقاً ، أي لم يذكر فيه شئ عن الاستبدال واقتضت الضرورة أو المصلحة التصرف في الشئ ،

كأن كان مبني وأصبح مهدداً بالسقوط ، فيجوز  للمالك إذا لم يتمكن من الحصول علي موافقة من تقرر الشرط لمصلحته علي التصرف أن يطلب الاذن بالتصرف من القضاء.

وللمحكمة أن تأذن بالتصرف إذا وجد ما يقتضيه علي أن يكون الاذن مصحوباً بما يكفل استمرار تحقيق الغرض من شرط المنع فتأذن بالتصرف مع الاستبدال   .

6 ـ افترضت المادة 823 مدني ورود الشرط المانع من التصرف ضمن عقد أو   وصية   ، ولذلك فان الرأي مستقر علي أنه لا يجوز للمالك أن يمنع نفسه بإرادته المنفردة من التصرف في ملكه ، فهذه الإرادة لا تكون عقداً أو وصية ،

وتؤدي الي أن يكون هذا المالك مشترطاً ومشترطاً عليه في الوقت ذاته ، في حين أن القانون في تنظيمه للشرط المانع يفترض وجود شخصين أحدهما المشترط وقد سماه القانون المتصرف ، والآخر المشترط عليه أو الممنوع من التصرف وقد سماه القانون المتصرف إليه ،

والغالب أن يقصد المالك من تقييد نفسه بعدم التصرف ، الا يجوز الحجز علي ملكه ، لأن من أثر جعل الشئ غير قابل للتصرف فيه ، عدم جواز الحجز عليه ، ومن شأن ذلك السماح للمدين بالانتقاص من الضمان العام لدائنيه بإرادته المنفردة وهو ما لا يسمح به القانون . أما إذا ورد المنع ضمن عقد أو وصية ، فانه يكون صحيحاً متي توافرت الشرائط التي يتطلبها القانون .

ويتوسع بعض الشراح

ويرون امكان ورود الشرط المانع من التصرف ضمن وعد بجائزة موجه للجمهور ، وذلك علي أساس أن ذكر المشرع للوصية انما كان باعتبارها مثال للتصرف الانفرادي .

ومن المسلم أن العقد المتضمن الشرط قد يكون عقد تبرع كهبة أو عقد معاوضة كبيع ، وان كان الغالب عملاً أن يرد المنع في عقد تبرع ، لأن المتبرع وهو يتجرد عن ملكه دون مقابل يستطيع عملاً أن يفرض شروطه علي المتبرع له .

ويشترط بعض الشراح أن

يكون العقد المتضمن للمنع هو الذي نقل الملكية الي الشخص الممنوع ، وذلك لأن القانون عبر عن المشترط بالتصرف ، وعن الممنوع من التصرف بالتصرف إليه ، فهو يفترض تصرفاً ناقلاً للملكية تضمن منع مكتسب الملكية ( المتصرف إليه ) من التصرف

بحيث يتعاصر اشتراط المنع من التصرف مع ابرام التصرف الناقل ذاته ، فلا يجوز أن يبرم التصرف الناقل دون أن يرد به المنع من التصرف ، ثم يشترط هذا المنع بعد ذلك باتفاق لاحق   .

ويذهب رأي آخر الي

عدم اشتراط أن يكون العقد المتضمن للمنع من التصرف هو الذي نقل الملكية الي الشخص الممنوع من التصرف ، ويرون أنه من الجائز أن يكون الممنوع من التصرف مالكاً من قبل .

ثم يبرم عقد يتضمن منعه من التصرف ، كأن يبرم عقد وعد بالبيع ، ويشترط الموعود له علي الواعد ألا يتصرف في الشئ الموعود ببيعه طول المدة المحددة للوعد وذلك ضماناً لبقاء هذا الشئ في ملك الواعد عندما يظهر الموعود له رغبته في الشراء فهنا الشئ مملوك للواعد من قبل ابرام الوعد وبسبب مستقل عن عقد الوعد .

7 ـ واضح من نص المادة 823 مدني أن هذا النص هو محور المنع الارادي من التصرف في الملك ، سواء كان الشئ المملوك عقاراً أو منقولاً . والمنع يكون ارادياًَ إذا ورد في تصرف قانوني ، يستوي أن يكون عقداً أم من جانب واحد ـ في صورة مما يلي :

  • ( أ ) وأول نتيجة يتوصل اليها ـ باتفاق الفقهاء المصريين في نفس الوقت ـ أنه لا بد أن يكون هناك نقل للملكية وأن يتعاصر الاشتراط مع هذا النقل ، ومن ثم لا يجوز أن يقوم الاشتراط منفرداً وسابقاً علي التصرف الناقل ، فان ورد وقع باطلاً وكل ما يمكن القول به في هذا الصدد أن الإرادة المنفردة التي يعتد بها القانون سواء في نطاق التطبيقات التشريعية أو في خارجها هي تلك التي تنشئ حقاً للغير . واذا أنشأت حقاً للغير حيث يكون هذا الغير صاحب المصلحة من الشرط فان الملتزم لن يكون هو صاحب هذه الإرادة بل هو شخص آخر .
  • ( ب ) واذا كان المتفق عليه هو بطلان الشرط المانع الذي يشترطه المالك علي نفسه ويكون سابقاً علي انعقاد التصرف الناقل ، فهل يصح الشرط الذي يضاف بعد انعقاد التصرف .
الدكتور أحمد سلامة يرى

لا يعتقد الدكتور أحمد سلامة أن مثل هذا الشرط يقع صحيحاً ، ذلك أنه يتضح من قراءة نص القانون وما ورد متعلقاً به في الأعمال التحضيرية أن لمشرع لا يتصور الشرط المانع الا ضمن العقد الناقل أو المنشئ للحق ، أما ان يضاف هذا الشرط بعد النقل أو الانشاء فتلك صورة يبدو أن المشرع لا يجيزها .

( جـ ) والتصرف القانوني الذي يتضمن الشرط المانع له صورتان

العقد ، والإرادة المنفردة . أما العقد فغالباً ما يكون من عقود التبرع وأما الإرادة المنفردة فقد أورد لها نص المادة 823 مدني تطبيقاً واحداً وهو الوصية .

ويعتقد الدكتور أحمد سلامة أن

ذكر المشرع للوصية ليس الا مثالاً للتصرف الانفرادي وأنها ليست صورته الوحيدة التي يجوز أن تتضمن شرطاً مانعاً ، ولذلك يعتقد بصحة الوعد بجائزة الموجه للجمهور ، وكانت الجائزة عقاراً معيناً ، إذا ضمن الواعد الوعد شرطاً يمنع التصرف في العقار.

( د ) يجب أن يكون التصرف ناقلاً للملكية أو منشئاً لحق عيني أصلي

فاذا لم يكن كذلك بطل الشرط بحسب الرأي الذي يفضله الدكتور أحمد سلامة ، بيد أن غالبية الفقه المصري تري أنه لا يشترط لصحة المنع من التصرف أن يرد في تصرف الناقل .

8 ـ ان الشرط المانع من التصرف يجب أن يكون وارداً في عقد ـ كالبيع أو الهبة مثلاً ـ أو وصية . والعقد أو الوصية يجب أن يكون كلاهما ناقلاً للملكية .

ويذهب رأي في الفقه ـ وهو الذي يرجحه الدكتور محمد علي عمران

الي القول بوجوب أن يكون العقد المتضمن المنع هو الذي نقل الملكية الي الشخص الممنوع ، وذلك لأن القانون قد عبر عن المشترط بالتصرف وعن الممنوع من التصرف بالمتصرف إليه .

وهذا الرأي في نظر الدكتور محمد عمران هو الصحيح . وليس من المندوب إجازة الشرط المانع من التصرف إذا كان وارداً في اتفاق لاحق بين المتصرف والمتصرف إليه

لأن من شأن الشرط المانع  من التصرف منع الحجز علي المال الممنوع من التصرف فيه . وليس من المستساغ السماح لمن يريد أن يفوت علي دائينه فرصة الحجز علي مال له لاستيفاء حقه بالاتفاق مع من سبق له أن نقل إليه ملكيته وايراد شرط يقضي المنع من التصرف بين بنود هذا الاتفاق .

ولا يجوز في نظر الدكتور محمد عمران أن

يتضمن عقد الرهن شرطاً يمتنع بمقتضاه علي الراهن أن يتصرف في المال المرهون ، فعقد الرهن ليس ناقلاً للملكية بل هو منشئ فقط لحق عيني تبعي من جهة.

ومن جهة أخري فالأصل هو حرية تداول الأشياء . وفي اشتراط الشكلية في عقد الرهن ـ اذ يجب أن يكون الرهن محرراً في ورقة رسمية ( عقد الرهن الرسمي ) ـ ما يكفي لتنبيه المدين الراهن لخطورة ما هو مقدم عليه . ولسنا بحاجة بعد ذلك الي منعه من التصرف في المال المرهون حماية الدائن المرتهن .

ويضاف الي ذلك أنه لو أجزنا الشرط المانع من التصرف إذا كان وارداً في عقد رهن لأصبح هذا الشرط نموذجاً ولأورده دائماً كل دائن مرتهن حماية له .

وأخيراً فان مصلحة الدائن المرتهن من ايراد هذا الشرط ـ هي مجرد حماية نفسه من التنفيذ علي العقار تحت يد الغير ـ تقل عن الضرر الذي يصيب المدين الراهن ألا وهو منعه من التصرف في المال المرهون ، والمصلحة الأخيرة هي الأجدر بالحماية .

فلكل هذه الأسباب يري الدكتور محمد عمران أن ايراد الشرط المانع من التصرف ضمن عقد رهن يقع غير صحيح .

أثر مخالفة شرط منع التصرف

حيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن:

المطعون ضده الأول أقام الدعوى التي قيدت بعد ذلك برقم 1370 لسنة 1984 مدني كلى سوهاج “دائرة طنطا على المطعون ضدهما الثاني والثالث بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقدي البيع المؤرخين 24/11/1979، 7/1/1980 مع التسليم .

وقال بيانا لها أنه بموجب العقد الثاني باع له المطعون ضده الثاني الوحدة السكنية المبينة بالعقد والصحيفة وقد آلت الملكية للبائع له بطريق الشراء من المطعون ضده الرابع بصفته مفوضا من المطعون ضده الثالث بصفته بموجب العقد الأول، ولامتناع المذكورين عن التوقيع على العقد النهائي أقام دعواه.

تدخلت الشركة الطاعنة في الدعوى منضمة إلى المطعون ضدهما الثالث والرابع في طلب رفض الدعوى تأسيساً على أنه سبق للمطعون ضده الثاني أن باع لها ذات الشقة بموجب عقد البيع مؤرخ 5/8/1980 قضى بصحته ونفاذه في الدعوى رقم 4147 لسنة 1983 مدني كلى سوهاج التي أقامتها على المطعون ضدهم من الثاني للرابع.

كما خالف العقد الصادر للمطعون ضده الأول البند العاشر في عقد تمليك المطعون ضده الثاني الذي يحظر عليه التصرف في المبيع دون موافقة المحافظ المختص .

وبتاريخ 26/1/1985 قضت المحكمة برفض تدخل الطاعنة وللمطعون ضده الأول بطلباته.

استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 109 لسنة 60 ق أسيوط كما استأنف المطعون ضده الثاني الحكم الصادر في الدعوى رقم 4147 لسنة 1983 مدني كلى سوهاج بالاستئناف رقم 135 لسنة 59 ق أسيوط وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين قضت بتأييد الحكم المستأنف.

طعنت الشركة الطاعنة على الحكم الصادر في الاستئناف رقم 109 لسنة 60 ق أسيوط بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الرابع وفي الموضوع بنقض الحكم وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.

 المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.

وحيث إن مبنى الدفع المبدي من المطعون ضدهما الثالث والرابع بصفتهما :

أنه لا يكفي بقبول الطعن بالنقض أن يكون المطعون عليه طرفا في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه بل يلزم أن يكون قد نازع خصمه أمامها أو نازعه خصمه في طلباته وأن يكون قد قضى به بشيء قبل الطاعن. وإذ كان الحكم المطعون فيه لم يقضي لهما أو عليهما بشيء فإن اختصامهما في الطعن يكون غير مقبول.

وحيث إن هذا النعي في محله

بالنسبة للمطعون ضده الرابع ذلك إنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة من أنه لا يجوز أن – يختصم في الطعن بالنقض إلا من كان خصما في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه، وكانت الخصومة في الاستئناف تتحدد بمن كان مختصما أمام محكمة أول درجة ولا يجوز أن يختصم في الاستئناف من أدخل في الدعوى بغير الطريق القانوني،

وكان الثابت بالأوراق أن – المطعون ضده الرابع لم يختصم في الدعوى أمام محكمة أول درجة وإنما كان اتصاله بالخصومة بالإعلان وجهته إليها الشركة الطاعنة – بطلباتها في التدخل انضماميا إلى جانب المطعون ضده الثالث ولم تفصل محكمة أول درجة في أمر إدخاله .

ومن ثم لا يصح اعتباره خصما أمامها كما لا يصح اختصامه في الاستئناف وهو ما تمسك به ويضحى اختصامه في الطعن غير جائز، والدفع غير سديد بالنسبة للمطعون ضده الثالث .

لما هو ثابت بالأوراق إنه لم يتخل عن منازعته للمطعون ضده الأول إذ تمسك في مذكرته المقدمة لمحكمة الاستئناف بطلب إلغاء الحكم المستأنف والقضاء بعدم قبول الدعوى.

كما طلب رفضها لعدم تصديقه على عقد البيع الصادر من المطعون ضده الثاني للمطعون ضده الأول وهو بهذه المثابة يعتبر خصما حقيقيا في النزاع ويكون الدفع المبدي منه بعدم قبول اختصامه في الطعن على غير أساس.

وحيث إن الطعن فيما عدا ما تقدم استوفى أوضاعه الشكلية.

وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون وتأويله وفي بيان ذلك تقول

إن المطعون ضده الثاني سبق أن باع لها شقة النزاع وتعلقت بها حقوقها وتوافرت لها المصلحة في الدفاع عنها، – وإذ تصرف المطعون ضده المذكور فيها ببيعها ثانيه إلى المطعون ضده الأول بالتواطؤ فيما بينهما فإن البيع الأخير يقع باطلا لمخالفته الشرط المانع من التصرف الوارد بعقد شرائه .

وهو شرط أملته سياسة الدولة في تمليك المساكن الاقتصادية لمحدودي الدخل، وإذ تمسك المطعون ضده الثالث ببطلان هذا العقد وكان لها مصلحة حالة وقائمة في التمسك بهذا البطلان.

إلا أن الحكم المطعون فيه قد التفت عن هذا الدفاع تأسيساً على انتفاء مصلحتها في التمسك به لعدم تعارض القضاء لها بصحة عقدها مع القضاء للمطعون ضده الأول بصحة عقده وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي في محله

ذلك أنه لئن كان مفاد المادة 802 من القانون المدني أن لمالك الشيء حق استعماله واستغلاله والتصرف فيه إلا أنه لما كان النص في المادة 823 من ذات القانون على أنه:

إذا تضمن العقد أو الوصية شرطا يقضي بمنع التصرف في مال فلا يصح هذا الشرط ما لم يكن مبنيناً على باعث مشروع ومقصورا على مدة معقولة ويكون الباعث مشروعا متى كان المراد بالمنع من التصرف حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو المتصرف إليه أو الغير.

والنص في المادة 806 مدني على أنه :

على المالك أن يراعي في استعمال حقه ما تقضي به القوانين والمراسيم واللوائح المتعلقة بالمصلحة العامة أو بالمصلحة الخاصة ……”.

يدل وعلى ما أفصح عنه المشرع في الأعمال التحضيرية للقانون المدني على أن الملكية ليست حقا مطلقا لا حد له بل هي وظيفة اجتماعية يطلب إلى المالك القيام بها ويحميه القانون ما دام يعمل في الحدود المرسومة لمباشرتها أما إذا خرج عن هذه الحدود فلا يعتبره القانون مستحقا لحمايته.

ويترتب على ذلك أنه حيث يتعارض حق الملكية مع مصلحة عامة فالمصلحة العامة هي التي تقدم، وكان النص في المادة 144 من الدستور على أنه “يصدر رئيس الجمهورية اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين بما ليس فيه أو تعطيل أو إعفاء من تنفيذها وله أن يفوض غيره في إصدارها ويجوز أن يعين القانون من يصدر القرارات اللازمة لتنفيذه”.

يدل – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن من حق السلطة التنفيذية إصدار اللوائح التشريعية اللازمة لتنفيذ القوانين، وكان يقصد بالقانون معناه الأعم فيدخل في هذا المجال أي تشريع سواء كان صادرا من السلطة التشريعية أو من السلطة التنفيذية

وسواء أصدرته السلطة الأخيرة على سند من تفويضها من السلطة التشريعية طبقا للمادة 108 من الدستور أو استنادا إلى المادة 144 سالفة البيان ورائد المشرع الدستوري أن يولى السلطة التنفيذية إصدار قواعد تشريعية تنفيذا للقوانين الصادرة من السلطة التشريعية على تنظيم هذا التنفيذ في وقائعه وفقا لضرورات العمل .

فضلا عما في ذلك من تخليص القوانين من كثير من التفصيلات الجزئية ومن التخفيف بالتالي من أعباء السلطة التشريعية المتزايدة.

وكانت المادة 72 من القانون رقم 49 لسنة 1997 تنص على أنه “تملك المساكن الشعبية والاقتصادية التي أقامتها المحافظات وتم شغلها قبل تاريخ العمل بهذا القانون نظير أجره تقل عن – الأجرة المخصصة لمدة خمس عشرة سنة وذلك وفقا للقواعد والشروط والأوضاع التي يصدر بها قرار من رئيس الوزراء” .

وكان القرار رقم 110 لسنه 1978 الذي أصدره رئيس مجلس الوزراء تنفيذا لهذا النص قد نظم تلك القواعد والشروط والأوضاع التي أولاه المشرع سلطة إصدارها والتي يقتضيها تنفيذ هذا النص وتقتضيها طبيعة هذه المساكن وظروف إنشائها وتملكها والحكمة من تمليكها لمستأجر بها فجعل الملكية لا تمتد إلى الأرض المقامة عليها .

وأن يكون التصرف فيها بالبيع أو التنازل بموافقة المحافظ المختص مما تعتبر معه هذه الشروط والقيود مفروضة بالقانون بمعناه العام ويلزم إعمالها.

لما كان ذلك

وكان البين أن عقد بيع الوحدة السكنية محل النزاع إلى المطعون ضده الثاني قد تم في إطار تنفيذ قرار رئيس الوزراء المشار إليه وتضمن بنده العاشر شرطا مانعا من التصرف إلا بموافقة الجهة البائعة التي يمثلها المطعون ضده الثالث بما يكون معه هذا الشرط إعمالا لقانون ملزم وليس شرطا تعاقديا خاضعا لإرادة الطرفين.

وهو بالنظر إلى ما تغياه من مصلحة عامة هي منع المضاربة بالمساكن التي توفرها الدولة لمحدودي الدخل بأسعار مخفضة يكون متعلقا بالنظام العام على المحكمة أن تتحقق من توافره من تلقاء نفسها .

كما يكون للطاعنة مصلحة في التمسك به إذ بالقضاء ببطلان العقد الصادر للمطعون ضده الأول يبقى العقد الصادر لها دون مزاحمه “.

وإذ كان مناط المفاضلة بين العقود أن تكون كلها صحيحة وكان النص في المادة 135 من القانون المدني “إذا كان محل الالتزام مخالفاً للنظام العام أو الآداب كان العقد باطلاً” .

هذا ولا يجوز أن يتعارض محل الالتزام مع نص ناه في القانون لأن مخالفة النهي المقرر بنص في القانون تندرج تحت مخالفة النظام العام والآداب بحسب الأحوال،

ولما كانت المادة 82/1 من القانون رقم 49 لسنة 1977 قد نصت على أن “يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة شهور وبغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تجاوز ألفي جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من أجر مكاناً أو جزءاً منه أو باعه ولو بعقد غير مشهر .

وكان ذلك التأجير أو البيع على خلاف مقتضى عقد سابق ولو كان غير مشهر صادر منه أو من أحد شركائه أو نائبيهم ويفترض علم هؤلاء بالعقد الصادر من أيهم” .

ولئن كانت لم تنص صراحة على البطلان بلفظه جزاء مخالفتها كما فعل القانون 136 لسنه 1981 في المادة 23/1 منه إلا أن يقتضي الحظر الصريح والذي عاقب على مخالفته بعقوبة جنائية يرتب هذا الجزاء وإن لم يصرح به.

وإذ كانت الطاعنة قد تمسكت في دفاعها أمام محكمة الموضوع يسبق تصرف المطعون ضده الثاني لها بالبيع قبل أن يبيع الوحدة السكنية محل النزاع إلى المطعون ضده الأول بموجب العقد الذي أعطى له تاريخ 7/1/1980 بالتواطؤ فيما بينهما .

وكان هذا الدفاع جوهريا ومن شأنه – لو صح – أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى إذ يترتب على ثبوت أن تصرف المطعون ضده الثاني بالبيع للمطعون ضده الأول قد تم على خلاف الشرط المانع من التصرف ولاحقا للبيع الصادر منه للطاعنة أن يبطل هذا التصرف.

ويخلص المبيع للطاعنة ولو لم تشهر عقدها وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر واعتبر أن القضاء للمطعون ضده الأول بصحة عقده لا يتعارض مع القضاء بصحة العقد الصادر للطاعنة .

وأن العبرة فيمن تخلص له الملكية بأسبقية التسجيل إعمالا للقواعد العامة ملتفتا عن أعمال ما نص عليه القانون من أحكام خاصة بصدد توالى البيوع للوحدات السكنية.

وجره ذلك إلى الالتفات عن تحقيق دفاع الطاعنة الجوهري مما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الطعن رقم 2336 لسنة 56  ق بتاريخ 26/01/1994

استخلاص الشرط المانع من التصرف

استخلاص محكمة الموضوع الشرط المانع من التصرف

يجب على المحكمة أن تنزل بشرط العقد وصفه الصحيح الذى يتفق مع الإرادة الحقيقية للمتعاقدين وهى بصدد استخلاص طبيعة الشرط .

فليس كل شرط يتضمن منعا من التصرف يعتبر شرطاً مانعا من التصرف ، فقد لا يقصد المتعاقدان بالشرط المنع وإنما تحقيق غرض آخر فيكون هذا الغرض هو الغاية من المنع بحيث إذا تمت مخالفة المنع دون أن يتحقق الغرض منه .

فإن التصرف المخالف يكون صحيحا ، ويخضع العقد الذى تضمن الحظر للقواعد العامة فى الفسخ والتعويض ، فقد يتفق الشريكان على منع أحدهما من التصرف إلا بعد عرض حصته على شريكه ، وحينئذ تكون بصدد وعد بالتفضيل وليس بصدد شرط مانع من التصرف

( أنور طلبه ص 325)
قضت محكمة النقض بأن

إذ كان الثابت بمدونات الحكم المطعون فيه أن الشرط محل الخلاف بعقدي البيع المؤرخين 9/11/1970 و 31/10/1973 قد جرى نصه بأنه (ليس لأى من الطرفين الأول والثانى الحق فى التصرف فى نصيبه الذى يملكه فى المحل بالبيع أو الرهن أو الإيجار أو بأية صورة من الصور إلا بعد عرضه على الطرف الآخر وأخذ موافقته على ذلك كتابة)

فإن العبارة الواضحة لشرط تدل على أنه لم يمنع أى من الطرفين من التصرف فى نصيبه فى المحل وإنما تضمن التزاما على كل منهما قبل حصول التصرف يعرض رغبته فى ذلك على الطرف الآخر

ومن ثم فإنه لا يعد شرطاً مانعا من التصرف وإنما هو وعد بالتفضيل متبادل بين طرفى العقد يلتزم فيه كل طرف إذا رغب فى بيع أو رهن أو تأخير نصيبه فى المحل أن يعرض رغبته فى التصرف أولا على الطرف الآخر ويعطيه الأولوية تفضيلاً عن غيره

ومن ثم فإن هذا الشرط بشئ فى ذمة كل من الطرفين التزاما شخصيا بأن يعرض على اطرف الآخر رغبته فى التصرف بحيث لا يكون ه أن يتصرف فى حصته فى المحل إلى الغير إلا إذا لم يشأ الطرف الآخر استعمال حق الأفضلية المقرر له

فإذا تصرف فيه للغير قبل عرض الأمر على اطرف الموعود له نفذ تصرفه ولا يكون لهذا الأخير إلا أن يرجع بالتعويض على الواعد “

(نقض 10/12/1984 طعن 1773 س 53ق)

امتناع التنفيذ على الشئ الممنوع التصرف فيه

 إذا كان شرط المنع من التصرف يمتنع به على المالك التصرف تصرفاً إداريا فى ملكه طول المدة المشترط فيها المنع فإن ذلك يجب ان يستتبع فى الأصل امتناع التنفيذ على الشئ الممنوع التصرف فيه .

إذ التنفيذ يؤدى إلى التصرف فى الشئ بطريق غير مباشر ببيعه فى المزاد ، فيكون من العبث منع المالك من التصرف المباشر بإرادته من ناحية ، وأباحة التصرف بطريق غير مباشر فى نفس الوقت بتمكين الدائنين من التنفيذ على الشئ من ناحية أخرى

فضلا عن أنه لو أبيح التنفيذ مع امتناع التصرف على المالك لكان من اليسير عليه التحايل على شرط المنع ، عن طريق الارتباط قبل الغير بالتزامات جدية أو صورية يمتنع عن الوفاء به ، مما يستتبع التنفيذ على الشئ الممنوع  التصرف فيه واخراجه من ذمته

وما دام القصد من اشتراط امتناع التصرف فى الشئ بما يستتبعه من امتناع التنفيذ عليه هو إبقاء هذا الشئ على ملك صاحبه طوال مدة معينة هى المدة المشترط فيها المنع كفالة لتحقيق مصلحة مشروعة لشخص معين

فلا عبرة أذن بتاريخ نشوء الديون التى ينفذ بمقتضاها على الشئ فامتناع التنفيذ تبعا لامتناع التصرف امتناع مطلق طوال مدة المنع من التصرف ، يسرى على الدائنين جميعا من نشأت حقوقهم قبل اشتراط المنع ومن نشأت حقوقهم بعد على السواء . وإذا كان اشتراط المنع من التصرف يستتبع امتناع التنفيذ على الشئ الممنوع التصرف فيه

فمؤدى ذلك أمكان التنفيذ عليه بعد انقضاء المدة المشترط منع التصرف فيها ، وبذلك يكون لجميع الدائنين حق التنفيذ على الشئ الذى كان ممنوعا التصرف فيه بانقضاء المنع ، دون تفرقة بين ما إذا كانت حقوقهم قد نشأت وقت مدة المنع أو بعدها

(راجع فيما تقدم حسن كيرة ص 134)

قضت محكمة النقض بأن

مفاد نص المادة 823 من القانون المدنى – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن شرط المنع من التصرف يصح إذا بنى على باعث مشروع واقتصر على مدة معقولة .

ويكون الباعث مشروعاً إذا كان المراد بالمنع من التصرف حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو المتصرف إليه أو الغير ، وتقدير مشروعية المصحة المراد بالشرط حمايتها ومدى معقولية المدة المحددة لسريانه مما يدخل فى سلطة قاضى الموضوع ولا رقابة عليه فى ذلك من محكمة النقض متى بنى رأيه على أسباب سائغة

لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى صحة الشرط المانع من التصرف الوارد بعقد البيع المسجل رقم 32 سنة 1984 السويس .

تأسيساً على ما أثبته بمدوناته ” من أنه مبنى على باعث مشروع ولمدة معقولة إذا الباعث عليه جدية استزراع الأرض وعدم المضارية عليها وحتى لا يكون القصد من الشراء المتاجرة بالأراضي دون تنفيذ غرض الجهة البائعة من التصرف بالبيع  لأرض النزاع

وهى أسباب سائغة ، فإن ما يثيره الطاعنون بوجه النعى لا يعدو أن يكون جدلاً فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره تنحسر عنه رقابة هذه المحكمة ويكون النعى غير مقبول

( نقض 12/12/1995 طعن 6642 ، 7362  س64ق)

وبأنه ” النص فى المادة 823 من القانون المدنى على أنه ” إذ تضمن العقد أو الوصية شرطاً يقضى بمنع التصرف فى مال فلا يصح هذا الشرط ما لم يكن مبنياً على باعث مشروع ومقصوراً على مدة معقولة .

ويكون الباعث مشروعاً متى كان المراد بالمنع من المتصرف حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو المتصرف إليه أو الغير والمدة المعقولة يجوز أن تستغرق مدى حياة المتصرف أو المتصرف إليه أو الغير مفاده – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن

شرط المنع من التصرف يصح إذا بنى على باعث مشروع واقتصر على مدة معقولة ويكون الباعث مشروعاً متى كان المراد بالمنع من التصرف حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو المتصرف إليه أو الغير وتقدير مشروعية المصلحة المراد بالشرط حمايتها ومدى معقولية المدة المحددة لسريانه مما يدخل فى سلطة قاضى الموضوع ولا رقابة عليه فى ذلك من محكمة النقض متى بنى رأيه على أسباب سائغة

( نقض 31/3/1985 طعن 794 س 52ق)

وبأنه ” وإذا اشترط البائع فى عقد البيع الاحتفاظ نفسه مدى حياته بحق الانتفاع بالعقار المبيع ومنع المشترى طول تلك المدة من التصرف فى العين المبيعة .

ورأت  محكمة الاستئناف  أن هذا العقد مع الأخذ بظاهر الشرط الوارد فيه ، قد قصد به التمليك المنجز لا التمليك المؤجل إلى وفاة البائع بانية رأيها على أسباب مسوغة له مستخلصة من ظروف الدعوى وملابساتها – فلا سلطان لمحكمة النقض عليها فى ذلك “

(نقض 22/6/1938 ج1 فى 25 سنة ص349)

وبأنه ” وإذا اشترط البائع الاحتفاظ لنفسه بحق الانتفاع بالمبيع مدى حياته ومنع المشترى من التصرف فيه طول تلك المدة ضمانا لحقه – ذلك لا يمنع من اعتبار التصرف بيعا صحيحاً ناقلا ملكية الرقبة فوراً . ووصف هذا التصرف بأنه وصية استناداً إلى هذا الشرط وحده يكون خطأ “

( نقض 8/3/1945 المرجع السابق ص349)

وبأنه ” وإذا كانت المحكمة قد حصلت تحصيلا سائغا من ظروف الدعوى وبعد موازنة أدلة كل من الطرفين أنه ليس ثمة ما ينفى ما جاء بعقد البيع المتنازع عليه من حصول دفع الثمن ، فإن ما يكون لهذا العقد من اشترط عدم انتفاع المشترى بالعين المبيعة وعدم إمكانه التصرف فيها إلا بعد وفاة البائع ، ذلك لا يجعل العقد وصية إذ الوصية تبرع مضاف إلى ما بعد الموت ولا تبرع هنا بل هذا العقد يكون بيعا

( نقض 18/4/1946 المرجع السابق ص349)

وبأنه ” من المقرر فى ظل القانون المدنى القديم وقبل صدور قانون التسجيل رقم 18 لسنة 1923 أن الملكية فى العقار تنتقل إلى المشترى بمجرد التعاقد دون حاجة إلى التسجيل

وأن الشرط الذى يمنع المشترى من التصرف فى العين المشتراة إلا بعد سداد ثمنها كاملا لا ينفذ فى حق الغير الذى تلقى العين مثقلة بالشرط فيذكر فى تسجيل التصرف الأصلى ما ورد فى التصرف من نصوص متعلقة بالشرط المانع ولا يكون الشرط المانع حجة على الغير إلا من تاريخ تسجيله “

( نقض 28/6/1976 طعن 51 س 41ق)

وبأنه ” المادة 823 من القانون المدنى لا تبيح اشتراط حظر التصرف إلا لمدة مؤقتة وبناء على باعث مشروع ، وهى الحدود التى أباح المشرع فى نطاقها الخروج على مبدأ حرية تداول الأموال

وقد استخلص الحكم – المطعون فيه من عبارات الوصية وفى استدلال سائغ أن الباعث على حظر التصرف الموقوت بحياة الموصى اليها هو حمايتها وتحقيق مصحتها بما لا خروج فيه على قواعد النظام العام ، ومن ثم فإن هذا الذى أنتهى إليه الحكم لا ينطوى على خطأ في تطبيق القانون “

(نقض 19/1/1977 طعن 7س 42ق)

وبأنه ” شرط المنع من التصرف يصح إذا بنى على باعث مشروع واقتصر على مدة معقولة ، ويكون الباعث مشروعا متى كان المراد بالمنع من التصرف حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو المتصرف إليه أو للغير ، وتقدير مشروعية المصلحة المراد بالشرط حمايتها ومدى معقولية المدة المحددة لسريانه مما يدخل فى سلطة قاضى الموضوع ولا رقابة عليه فى ذلك من محكمة النقض متى بنى رأيه على أسباب سائغة “

( نقض 27/6/1968 طعن 299 س 34ق ) .

التكييف القانونى للشرط المانع من التصرف

 اختلف الفقه فى شأن التكثيف القانونى لمنع من التصرف اختلافاً كبيراً
فذهب بعض الفقهاء إلى

أن الشرط المانع من التصرف هو اخراج للشئ الممنوع التصرف فيه من دائرة التعامل

( محمد على عرفة ج1 فقرة 281 ص369)
يذهب بعض الفقهاء إلى

أن الشرط المانع من التصرف أنما هو حد أو انتقاص من أهلية الشخص الممنوع من التصرف

(جوسران فقرة 185)

ويذهب فرق آخر من الفقهاء إلى النظر إلى المنع من التصرف بإعتباره التزاما سلبيا واقعا على عاتق الممنوع من التصرف ، بمقتضاه يلتزم المالك بالامتناع عن عمل معين هو التصرف فى الشئ المملوك له طوال مدة معينة

( أويرى ورد ج1 فقرة 628 كولان وكابيتان ولاموراندبر ج1 فقرة 1030)

وهذه الآراء كلها محل نظر لأن

الرأى الأول

قد خلط بين أمريين مختلفين تمام الاختلاف فإخراج الشئ عن دائرة التعامل يجعه غير صالح أن يكون محلا للحقوق المالية ، والثابت أن الشئ الممنوع .

التصرف فيه ظل رغم المنع محلا لحق ملكية المالك الممنوع من التصرف هذا فضلا عن أن تحديد الأشياء الخارجة عن التعامل – إذا لم تكن كذلك بحسب طبيعتها – لا يكون إلا بحكم القانون ، والثابت أن القانون لم يخرج الأشياء الممنوع التصرف فيها عن دائرة التعامل بدليل أنه ما يزال يعتبرها رغم المنع محلا للحقوق المالية

وإذا كان قد أعطى الإدارة سلطانا فى تقرير منع التصرف فى هذه الأشياء طوال مدة معينة ، فهذا السلطان محدود بحدود هذا الغرض لا يجاوزه بحال إلى اخراج هذه الأشياء عن طبيعتها بإنكار صلاحيتها أن تكون محلا للحقوق المالية .

ومثل هذا التكييف يقود إلى اعتبار التصرف الذى يقوم به المالك مخالفا شرط المنع ، باطلا بطلانا مطلقا لعدم مشروعية المحل بخروجه عن دائرة التعامل ، ولكن مثل هذا الجزاء ا يتفق مع الغرض المقصود من شرط منع التصرف

إذ البطلان المطلق إنما يجعل لكل ذى مصلحة حق التمسك به ، ويفرض على المحكمة القضاء به من تلقاء نفسها ، ويستعصى – فضلا عن ذلك – على التصحيح بالإجازة ،

بينما المفروض أن المنع من التصرف أنما يشترط تحقيقا أو حماية لمصلحة مشروعة لشخص معين مما يستلزم بداهة إعطاء هذا الشخص الحق فى التمسك بهذه الحماية أو النزول عنها واجازة التصرف المبرم مخالفة لشرط المنع إذا شاء

والرأي الثانى

القائل بأن شرط المنع من التصرف هو حد أو انتقاص من أهلية اشخص الممنوع من التصرف أيضاً محل نظر لأن المنع من التصرف يختلف اختلافا كبيراً من الحد من أهلية الأداء لدى الشخص ، إذ فى الحالة الثانية أن كان يمتنع على الشخص ناقص الأهلية القيام بتصرف معين ،

فإن المنع من ذلك يتصرف إليه وحده دون المنع من التصرف ذاته اطلاقا فيبقى هذا التصرف ممكنا مباشرته قانونا ولكن عن طريق شخص آخر غيره هو الولى أو الوصي بنفسه أو بإذن من المحكمة

بينما فى حالة المنع من التصرف ، يكون المنع منصبا على ذات التصرف لا على شخص من يقوم به ، ولذلك لا يحتاج الأمر إلى وجود نائب قانونى يقوم بالتصرف نيابة عن المالك الممنوع من التصرف كما هى الحال بالنسبة إلى ناقص الأهلية

(غانم ص 82)

وعلى أى حال ، فمثل هذا التكييف ينتهى بأصحابه إلى اعتبار الذى يجريه المالك الممنوع – بالمخالفة للشرط المانع منه – باطلا بطلانا نسبيا ، وقد يكون هذا النوع من الجزاء قريبا من الجزاء المناسب كما سنرى ، ولكن اقامته على أساس من نقص أهلية المالك الممنوع من التصرف هو الذى يستهدف للنقد

ذلك أن الذى تكون له المطالبة بالإبطال فى حالة نقص الأهلية هو ناقص الأهلية أى المالك الممنوع من التصرف فى منطق هذا التكييف ، رغم أن من المسلم فى الفقه والقضاء أن حق ابطال التصرف الذى أجرى على خلاف شرط المنع يثبت للمشترط أو الغير حسب من تقرر الشرط مصلحته منهما

(شفيق شحاته ص 123،حسن كيرة ص 129)
أما الرأى الثالث

فهو وإن كان وجيهاً فى مظهره إلا انه غير سليم فى جوهره أو نتائجه على السواء أما من ناحية جوهر هذا التكييف ، فثم تناقض منطقي بين اعتبار المنع من التصرف التزاما بالمعنى الدقيق وبين ما هو مبرر من أن المنع من التصرف قد يكون مشترطاً لمصلحة نفس الممنوع من التصرف فى بعض الحالات

إذ كيف يتأتى منطقا أن يكون نفس الشخص – وهو المالك الممنوع من التصرف – دائنا ومدينا بنفس الالتزام فى آن واحد . وأما من ناحية نتائج هذا التكييف ، فهى غير مقبولة لمجاورتها حدود الغرض المقصود من اشتراط منع التصرف ، ذلك أن الاخلال من جانب المالك بما عليه من التزام سلبى بالامتناع عن التصرف فى ملكه ، يجب أن يستتبع فسخ التصرف الأصلى المتضمن لمثل هذا الالتزام أو الرجوع فيه

فإن كان هذا التصرف ناقلا لملكية الشئ المشترط امتناع التصرف فيه ، يعود الشئ إلى ملك المتصرف المشترط ، وإن كان هذا التصرف منشئا لرهن مثلا على الشئ المشترط امتناع التصرف فيه لصالح الدائن المرتهن ، ينفسخ الرهن ويفقد الدائن المرتهن ضمانه

وواضح أن كل هذه النتائج تنافى الغرض من اشتراط المنع من التصرف الذى يهدف إلى إبقاء الشئ الممنوع التصرف فيه على ملك صاحبه ، إذ ليس يقصد بهذا الاشتراط عقلا إهدار التصرف الأصلى المتضمن للمنع ، وإنما المقصود به هو مجرد إهدار كل تصرف يصدر مخالفا للمنع

( حسن كيرة ص129،  وفى هذا المعنى محمد على عرفة ج1 فقرة 281 ص368 ، شفيق شحاته ص129 ، إسماعيل غانم ص84)
لذلك يذهب جانب كبير من الفقه والقضاء إلى

تكييف الشرط المانع من التصرف بأنه عبء أو تكليف عينى ينقل به الشئ الممنوع التصرف فيه تحقيق المصلحة المقصودة بالمنع

( منصور مصطفى منصور الرسالة السالفة ، ص190 وحق الملكية ص112 ،113 ومحمد على عرفة ص369)
ولكن تعترض هذا التكييف صعوبة منطقية لا يمكن تجاوزها

ذلك أن فكرة العبء أو التكليف العينى تفيد اقتطاعا من سلطات الملكية لصالح شخص آخر غير المالك ، بينما قد يكون المنع من التصرف مشترطاً لمصلحة المالك الممنوع .

فكيف يستقيم القول إذن بأن الشخص يتقرر له حق أو عبء عينى على ذات ملكه ؟

ولو أمكن التسليم جدا باستقامة ذلك ألا يكون من حق المالك حينئذ – وهو فى نفس الوقت صاحب العبء أو الحق العينى المقرر على الشئ الذى يملكه – تحرير ملكه من هذا العبء الذى يثقله بالتنازل عنه

كل ذلك يدعو إلى النظر إلى شرط المنع من التصرف على حقيقته من كونه مجرد استثناء أو خروج على ما تخوله الملكية أصلا للمالك من سلطة التصرف فى الشئ ، فهو إذن تعديل للنظام العادى الملكية ، يعطى القانون للإدارة سلطان تقريره لمدة مؤقتة تحقيقا مصلحة مشروعة . ومادام شرط المنع من التصرف مجرد تعديل إرادي استثنائى لنظام الملكية كما يحدده القانون

فيجب أن يكون محكوما فى وجوده وآثاره والجزاء على مخالفته بالأغراض التى حتمت على القانون إعطاء الإرادة مثل هذا السلطان فى تعديل نظام قانوني أساسي كنظام الملكية والخروج بذلك على حكم القواعد العامة فى هذا الشأن .

والقانون لم يترخص فى تخويل الإرادة مثل هذا السلطان الاستثنائى فى تعديل نظام الملكية وحرمان المالك من سلطته فى التصرف مدة مؤقتة معقولة

إلا كفالة لتحقيق المصالح الخاصة المشروعة المقصودة من وراء مثل هذا التعديل أو الحرمان ، لذلك يجب أن يلتمس الجزاء على مخالفة هذا التعديل أو الحرمان الإرادي – بوقوع التصرف رغم المنع منه – فى حدود هذه الغاية وحدها وبالقدر الذى يتضمن تحقيقها

( حسن كيرة ص 130 وما بعدها )

شروط صحة الشرط المانع من التصرف

نصت المادة 823/1 مدنى على أنه

” إذا تضمن العقد أو الوصية شرطا يقضى بمنع التصرف فى مال ، فلا يصح هذا الشرط ما لم يكن مبنيا على باعث مشروع ومقصورا