حماية حقوق المتهمين بحق الدفاع

اكتسب المعرفة الأساسية حول حق الدفاع في الدعوى الجنائية وكيفية استخدامه بشكل فعال  و السبل المختلفة لحماية الحقوق في الدعوى الجنائية باستخدام حق الدفاع و تأثير حق الدفاع في نتيجة الدعوى الجنائية و حقوق المتهمين.

أساسيات حق الدفاع

في هذا البحث الموجز عن حق الدقاع الجنائي ستتعرف علي النقاط التالية :

  • حماية حقوقك ودور حق الدفاع في الدعوى الجنائية
  • كيف يؤثر حق الدفاع على نتيجة الدعوى الجنائية ؟
  • سبل حماية حقوقك في الدعوى الجنائية
  • أهمية الحق في الدفاع في الدعوى الجنائية

مقدمة عن حق الدفاع فى الدعوى الجنائية

يقصد بالدفاع في الدعوي بصفة عامة إبداء المتهم أو محاميه لوجهة نظره أمام القضاء فيما قدمه هو من مذكرات أو مستندات أو ما قدمته النيابة من مذكرات.

فقد نصت المادة 69 من الدستور علي أن

حق الدفاع أصالة أو بالوكالة مكفول “،

كما نصت المادة 67 من الدستور علي أن

” كل متهم في جناية يجب أن يكون له محام يدافع عنـه “.

وإذا كان دور الدفاع في التحقيق الابتدائي مقصوراً علي التقدم  بالدفوع والطلبات  فإن دوره في المحاكمة أخطر من ذلك بكثير ، إذ أن عليه عبء تفنيد أدلة الإثبات ، بعد أن تم حشدها قبل المتهم ، وهي مناقشة في الغالب تكون عسيرة ، وذلك لإظهار نقاط الضعف أو التناقض التي تكون قد شابتها.

ومن المقرر وجوب ضمان حق الدفاع للمتهم في أية حالة كانت عليها الاجراءات ، ونتيجة لهذا فإن علي المحكمة إفساح المجال للمتهم لاستعمال حقه فى الدفاع ، فليس لها القيام بأي إجراء من شأنه انتهاك هذا الحق

وتطبيقاً لذلك فقد قضت محكمة النقض بأنه

لما كان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة ان الدفاع عن الطاعنة تمسك فى مستهل مرافعته بطلب مناقشة وكيل النيابة المحقق فى خصوص تزوير اقوالها وضم حرز سروالها المضبوط لإثبات تمزيقه دليلا على الاكراه الا ان المحكمة قررت استمرار المرافعة بما يعنى عدم قبول طلبات الدفاع المار بيانها فيما انها فصلت فى الدعوى فى ختام المرافعة مما احاط دفاع الطاعنة بالحرج الذى يجعله معذورا ان هو ترافع فى الدعوى مما اصبح به المدافع عن الطاعنة مضطرا لقبول ما رأته المحكمة من نظر الدعوى رغم التفاتها عن طلباته. لما كان ما تقدم فان الحكم المطعون فيه يكون مشوبا بعيب الاخلال بحق الدفاع مما يوجب نقضه

(الطعن رقم 12015 – لسنـة 64ق – تاريخ الجلسة 6 / 4 / 2004 )

ضوابط حق الدفاع

إذا كان الدستور والمشرع قد قررا حق الدفاع بيد انه توجد بعض الضوابط التى تنظم ممارسة هذا الحـق ويمكن ايجازها فيما يلي :

أولاً – أن الدفاع فى الدعوى ليس واجباً على الخصم بل حق له :

فله أن يبدي دفاعه علي الوجه الذي يريد. ويكفي لضمان حقه في الدفاع أن يمكن من ابدائه ، أما ابداؤه بفاعليه فإن ذلك يتوقف عليـه.

ونتيجة لهذا فإن المحكمة ما دامت لم تقيد الخصم في دفاعه لا تعتبر انها قد اخلت بحق الخصم في الدفاع إذا لم تلفت نظره الي حقه في هذا الدفاع أو الي مقتضياته أو تكلفه بتقديم الدليل عليه ، فلا يعيب الحكم إغفاله التحدث عنه.  بيد أنه انه متى قدرت المحكمة جدية طلب من طلبات الدفاع فاستجابت له فانه لا يجوز لها ان تعدل عنه إلا لسبب سائغ يبرر هذا العدول

وتطبيقاً لذلك فقد قضت محكمة النقض بأنه

من المقرر انه متى قدرت المحكمة جدية طلب من طلبات الدفاع فاستجابت له فانه لا يجوز لها ان تعدل عنه الا لسبب سائغ يبرر هذا العدول وكانت المحكمة قد رأت ان الفصل فى الدعوى يتطلب سماع اقوال الشاهدين المشار اليهما فأصدرت قرارها بجلسة 24 من نوفمبر سنة 2002 بالتصريح باعلانهما تحقيقا لدفاع الطاعنين

غير انها عادت وفصلت فى الدعوى قبل تنفيذ قرارها بسماع اقوال هذين الشاهدين ودون ان تضمن اسباب حكمها الاسباب المبررة لعدولها عن هذا القرار سوى انه ليس لدى اى منهما معلومات حول الدعوى المطروحة ولا يعد شاهدا

على الرغم حسبما اورده الحكم من اصدار الاول خطابين للنائب العام تضمنا رفع الحراسة عن الارض موضوع الدعوى واصدار الثانى خطابا لرئيس مجلس الشعب بذات المضمون وكانت الواقعة التى طلب الدفاع سماع اقوال الشاهدين بشأنها متصلة بواقعة الدعوى ظاهرة التعلق بموضوعها وكان سماعهما لازما للفصل فيها

فان رفض المحكمة طلبه للأسباب التى اشارت اليها يكون غير سائغ وفيه اخلال بحق الدفاع لما ينطوى عليه من معنى القضاء فى امر لم يعرض عليها واحتمال ان تجئ هذه الاقوال التى تسمعها ويباح للدفاع مناقشتها بما يقدمها مما قد يتغير بها وجه الرأى فى الدعوى وهو ما يعيب الحكم ويوجب نقضه .

الطعن رقم 20491 – لسنـة 72ق – تاريخ الجلسة 22 / 10 / 2003
الطعن رقم 44817 – لسنـة 72ق – تاريخ الجلسة 8 / 1 / 2003

كما أنه لايجوز للمحكمة أن تلتفتت كلية عن تمحيص دفاع الطاعن وموقفه من الاتهام ، فإن فعلت فإن حكمها يكون مشوبا بإلاخلال بحق الدفاع بما يعيبه . وتطبيقاً لذلك فقد قضى بأنه لما كان الأصل ان المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم فى مناحى دفاعه المختلفة الا انه يتعين عليها ان تورد فى حكمها ما يدل على انها واجهت عناصر الدعوى والمت بها على وجه يفصح انها فطنت اليها ووازنت بينها

وكان البين من الحكم المطعون فيه انه بعد ان حصل واقعة الدعوى وساق الادلة على ثبوتها انتهى الى ادانة الطاعن دون ان يمحص دفاعه المار بيانه وموقفه من التهمة وما قدمه من مستندات وما جرت عليه اقوال الشهود التى ظاهرت هذا الدفاع مع ما لذلك كله من شأن فى خصوص الدعوى المطروحة لما يترتب عليه من اثر فى تحديد مسئولية الطاعن الجنائية وجودا او عدما

مما كان يتعين معه على المحكمة انه تعرض له استقلالا وان تمحص عناصره وان ترد عليه بما يدفعه ان رأت اطراحه اما وقد امسكت المحكمة عن ذلك والتفتت كلية عن تمحيص دفاع الطاعن وموقفه من الاتهام وجه اليها بما يكشف عن انها اطرحت هذا الدفاع وهى على بينة من امره فان حكمها المطعون فيه يكون مشوبا بالقصور فى التسبيب والاخلال بحق الدفاع بما يعيبه

ثانياً – أن صيانة حق الدفاع لايحول دون تنظيم المحكمة له :

ولهذا فإن للمحكمة ان تحدد مواعيد للخصوم لتقديم مذكراتهم ومستنداتهم واذا قدمت المذكرة بعد الميعاد فإن للمحكمة أن ترفض قبولها وتعتبر الدفاع الوارد بها غير مطروح عليها.

علي أن هذا التنظيم وان الزم الخصوم لايلزم المحكمة فللمحكمة – إن رأت ذلك – ان تقبل مذكرة أو مستند بعد الميعاد الذي حددته فإن فعلت فإن المذكرة تعتبر قائمة قانوناً امامها باعتبارها ورقة من أوراق الدعوي.

 

ثالثاً – أن صيانة حق الدفاع لايحول دون تنظيم المشرع له :

وقد حرص المشرع في هذا الشأن علي وضع قواعد من شأنها عدم اضاعة وقت المحكمة وعدم مباغتة الطرف الآخر فيضطر الي طلب التأجيل مما يعطل نظر الدعوي.

ولذلك فإنه من المقرر أنه إذا كان المتهم قد أعلن بالحضور اعلاناً صحيحاً لجلسة المحاكمة فيجب عليه أن يحضر أمام المحكمة مستعداً لابداء أوجه دفاعه

كما أنه يجب علي المحامي أن يحضر أوجه دفاعه قبل الجلسة التي أعلن موكله وفقا للقانون بالحضور اليها ، فإذا طرأ عليه عذر قهري يمنعه من القيام بواجبه ففي هذه الحالة يجب عليه أن يبين عذره للمحكمة ويكون علي المحكمة – متي تبين صحة عذره – ان تمهله الوقت الكافي لتحضير دفاعه.

رابعاً – أن محكمة الموضوع ما دامت قد افسحت المدي المعقول لتمكين الخصوم من الدفاع ، فهي ليست ملزمة باجابتهم الي طلب التأجيل لإبداء دفاع أو تقديم مذكرة به.
خامساً – أنه لايجوز للمحكمة قبول أية أوراق أو مذكرات من أحد الخصوم – فى غير جلسة – دون اطلاع خصمه عليها أو اعلانه بها :

فإذا قدمت مذكرة من أحد الخصوم لا تحمل أي بيان يفيد سبق اعلانها للخصم أو اطلاعه عليها فإن هذه المذكرة تعتبر غير قائمة قانوناً أمام المحكمة باعتبارها ورقة من أوراق الدعوي

وبالتالي لايعتبر الدفاع الوارد فيها ملزما للمحكمة ولاتلتزم بالرد عليه ، ولايستثني من هذا الا أن تكون المذكرة غير متضمنة دفاعاً جديداً.

ولايسوغ الخروج عن هذه القاعدة بمقولة أن المحكمة نفسها قد أذنت للخصم بإيداع مذكرته بملف الدعوي دون اعلان خصمه بها فليس لإذن من المحكمـة أن يغير قاعدة وضعت لضمان حق الدفاع وتأكيد مبدأ المواجهة.

على أنه يقوم مقام اعلان الخصم أو اطلاعه علي المذكرة أية واقعة تفيد الاطلاع وتحقق الغاية منه وهو اتاحة الفرصة للخصم للرد علي دفاع خصمه.

ولهذا فإن قيام الخصم بالرد فى مذكرته علي دفاع خصمه الوارد في مذكرة لم تعلن اليه أو لم يطلع عليها يحقق الهدف من هذا الاطلاع ، ولايشوب الحكم الذى يشير الي ذلك الدفاع والى الرد عليه بطلان، هذا ولو كانت المحكمة لم تأذن بتقديم المذكرة أو المستند.

التنظيم القانونى للدفـاع أمام محاكم المخالفـات والجنح

لا يوجب قانون الإجراءات الجنائية حضور محام عن المتهم بجنحة أو بمخالفة بل يكفي أن يدافع المتهم فيها عن نفسـه بنفسه

لما كان الأصل أن حضور محام عن المتهم بجنحة غير واجب قانوناً إلا أنه متى عهد إلى محام بالدفاع عنه فإنه يتعين على المحكمة أن تسمعه متى كان حاضراً ، فإذا لم يحضر فإن المحكمة لا تتقيد بسماعه ما لم يثبت غيابه كان لعذر قهرى.

الطعن رقم 5708 – لسنـة 51 ق – تاريخ الجلسة 11 / 3 / 1982

ولذلك فإنه لا يجـوز  الطعن في حكم محكمة الجنح  لأن المحامي الذى دافع عن المتهم كان تحـت التمرين وسواء أكـان دفاعـه بإسم نفسه أو بإسم المحامي الذى يتمرن عنده

نقض 4 أبريل سنة 1929 مجموعة القواعد القانونية ج 1 رقم. 217 ص 257

بيد أنه إذا حضر محام مع متهم بجنحة ثم انصرف قبل نظر الدعوي لأن المحكمة أخبرته بأن لديها قضية كبيرة قد تستغرق الجلسة كلها ، ثم نظرت المحكمة القضية ولم ينبهها المتهم الي أن له محامياً بل ترافع هو بنفسه فليس في ذلك إخلال بحق الدفاع. ولا يجوز لهذا المتهم أن يتضرر لدي محكمة النقض من عدم تأجيل محكمة الموضوع الدعوي من تلقاء نفسها ، فإنه الملزم بالحرص علي مصلحته

وما دام هو لم ينبه المحكمة الي تمسكه بحضور محاميه عنه فعليه أن يتحمل وزر تفريطه محامياً بل ترافع هو بنفسه ، فليس في ذلك إخلال بحق الدفاع. ولا يجوز لهذا المتهم أن يتضرر لدي محكمة النقض من عدم تأجيل محكمة الموضوع الدعوي من تلقاء نفسها ، فإنه الملزم بالحرص علي مصلحته ، وما دام هو لم ينبه المحكمة الي تمسكه بحضور محاميه عنه فعليه أن يتحمل وزر تفريطه

نقض 26 أكتوبر سنة 1936 مجموعة القواعد القانونية ج 3 رقم 489 ص 617

أما إذا حضر المتهم بجنحة وطلب التأجيل لحضور محاميه الذي منعه مانع قهري من حضور الجلسة فعلي المحكمة أن تجيبه الي هذا الطلب أو ترد عليه رداً سائغاً له سند من أوراق الدعوي ذلك أنه وإن كان الأصل أن حضور محام عن المتهم ليس بلازم في مواد الجنح ، إلا أن المتهم إذا كان قد وضع ثقته في محام ليقوم بالدفاع عنه ، فإنه يجب علي المحكمة أن تتيح له الفرصة للقيام بمهمته ، فإذا لم يتمكن من ذلك لسبب قهري ، كان من المتعين عليها أن تؤجل الدعوي لحضوره ، أو لتمكين المتهم من توكيل محام غيره

نقض 24 فبراير سنة 1954 مجموعة أحكام محكمة النقض س 5 رقم 43 ص 425

وإذا تولي محام واحد المرافعة عن متهمين  بجنحة  تتعارض مصلحة أحدهما مع مصلحة للآخر فإن ذلك لا يخول النعي على المحكمة أنها أخلت بحق الدفاع فإن حضور المحامين للدفاع عن المتهمين في مواد الجنح والمخالفات ليس لازماً بمقتضى القانون ، بل الواجب أن يحضر المتهم أمام المحكمة مستعداً للمرافعة عن نفسه بنفسه أو بمن يختاره من المحامين ، وما دام المتهم كان في مقدوره أن يبدى دفاعه ، ولم يدع أن أحداً منعه ، فلا يكون ثمة من وجه لما يدعيه من الإخلال بحقه فى الدفاع

نقض 31 مارس سنة 1946 مجموعة القواعد القانونية ج 7 رقم 169 ص 160 ؛ نقض 30 أكتوبر سنة 1950 مجموعة أحكام محكمة النقض س 2 رقم 40 ص 99

بيد أنه إذا كان للخصم محام وجب علي المحكمة الإستماع اليه ، ولو كانت الواقعة جنحة أو مخالفة وإلا كان الحكم الصادر في الدعوي معيباً للإخلال بحق الدفاع ، سواء كانت الواقعة جناية أم جنحة أم مخالفة ، وسواء أكانت المرافعة فى الدعوي الجنائية أم في الدعوى المدنية المرفوعة بالتبعية لها أمام القضاء الجنائى.

حضور المحامى أمام محاكم الجنايات

علة حضور محام مع كل متهم بجناية

إن الإتهام بجناية له خطورة خاصة ويثير فى النفس إضطراباً ينال حتماً من قدرة المتهم على الدفاع عن نفسه ، حتى ولو كان هذا المتهم هو نفسه محاميـاً

وتطبيقاً لذلك فقد قضى بأنه

لما كان ذلك وكان الدستور قد أوجب فى الفقرة الثانية من المادة 67 منه على أن تكون الاستعانة بالمحامى إلزامية لكل منهم بجناية تقديرا بأن الاتهام بجناية أمر له خطره ولا يؤتى هذا الضمان ثمرته إلا بحضور محام أثناء المحاكمة ليشهد إجراءاتها وليعاون المتهم معاونه ايجابية بكل ما يرى تقديمه من وجوه الدفاع

وأنه متى عهد المتهم الى محام بمهمة الدفاع ، فإنه يتعين على المحكمة أن تستمع الى مرافعته ، لأن حق المتهم فى الاستعانة بمدافع هو أيضا واجب على المحكمة حين يكون الاتهام بجناية.

لما كان ذلك فإن قيام المحكمة بإنهاء مرافعة المدافع عن الطاعن قبل استكمالها هو فى حقيقته تجريد المتهم من معاونة الدفاع له فى درء الاتهام عنه مما يشكل مخالفة للمبدأ الدستورى سالف الاشارة

إذ أن احترام حق الدفاع يعتبر ضمانا أساسيا للعدالة ويكون الاجراء الصادر من المحكمة قد عطل واجب حضور محام مع المتهم بجناية مما يؤدى الى كون الواجب – فى هذه الحالة – قد قصر دون بلوغ غايته وتعطلت حكمة تقريره بما يبطل إجراءات المحاكمة ويوجب نقض الحكم المطعون فيه والاعادة  حتى يتاح للمتهم فرصة إبداء دفاعه على الوجه المبسوط قانونا .

 الطعن رقم 29145 – لسنـة 71 ق – تاريخ الجلسة 24 / 4 / 2002 .
كما قضى بأنه

لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن المحامى المنتدب من المحكمة للدفاع عن المحكوم عليه إقتصر فى مرافعته عنه على القول بأنه رجل مسن، ولا يوجد فى الأوراق ما يثبت سوء سلوكه كما أوردت التحريات، ودفع ببطلان الاعتراف لمخالفته للتقرير الطبى الشرعى فى واقعة الخنق وإلتمس أصلياً البراءة وإحتياطياً إستعمال الرأفة

وكانت المادة 67 من الدستور قد أوجبت أن يكون لكل متهم فى جناية محام يدافع عنه، وكان من القواعد الأساسية التى أوجبها القانون أن تكون الاستعانة بالمحامى إلزامية لكل متهم بجناية أحيلت لنظرها أمام محكمة الجنايات، حتى يكفل له دفاعاً حقيقياً لا مجرد دفاع شكلى

تقديراً بأن الاتهام بجناية أمر له خطره، ولا تتأتى ثمرة هذا الضمان إلا بحضور محام إجراءات المحاكمة من أولها إلى نهايتها ليعاون المتهم معاونة إيجابية بكل ما يرى تقديمه من وجوه الدفاع عنه، وحرصاً من الشارع على فاعلية هذا الضمان الجوهرى فرض عقوبة الغرامة فى المادة 375 من قانون الإجراءات الجنائية على كل محام منتدباً كان أو موكلاً من قبل متهم يحاكم فى جناية

إذا هو لم يدافع عنه أو يعين من يقوم مقامه للدفاع عنه، فضلاً عن المحاكمة التأديبية إذا إقتضتها الحال، وكان ما أبداه المحامى المنتدب عن المحكوم عليه – على السياق المتقدم – لا يحقق الغرض الذى إستوجب الشارع من أجله حضور محام عن المتهم بجناية، ويقصر عن بلوغ هذا الغرض ويعطل حكمة تقريره، فإن إجراءات المحاكمة تكون قد وقعت باطلة بطلاناً أثر فى الحكم بما يوجب نقضه أيضاً والاعادة، حتى تتاح للمحكوم عليه فرصة الدفاع عن نفسه دفاعاً كاملاً حقيقياً لا مبتوراً ولا شكلياً.

الطعن رقم 86 – لسنة 66 ق – تاريخ الجلسة 5 / 3 / 1997

ولذلك فإن نصوص قانون الإجراءات الجنائية لم تستثن حالة واحدة من هذا الإيجاب ، مادامت الدعوى مقامة عن جناية أمام محكمـة الجنايات

وتطبيقاً لذلك فقد قضت محكمة النقض بأنه

لما كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن المحامى … حضر مع الطاعن الأول واستهل مرافعته بأن الواقعة المسندة الى موكله هى فى تكييفها الصحيح جنحة سرقة  ثم أثبت بالمحضر عقب ذلك. وأنهت المحكمة مرافعة المدافع عند ذكره انه لا يستطيع أن يقلل من شأن المحكمة وعاد واعتذر وقرر انه لا يستطيع ذلك …

ثم اثبت بالمحضر عقب ذلك حضور المحامى … مع الطاعن الاول ودارت مرافعته حول التشكيك فى أدلة الدعوى والإشارة الى ظروف الطاعن الاجتماعية. بما مفاده أن الدفاع كان مقسما بين المحامين على نحو ما ذهب اليه الطاعن الاول بصحيفة طعنه

لما كان ذلك وكان الدستور قد أوجب فى الفقرة الثانية من المادة 67 منه على أن تكون الاستعانة بالمحامى إلزامية لكل منهم بجناية تقديرا بأن الاتهام بجناية أمر له خطره ولا يؤتى هذا الضمان ثمرته إلا بحضور محام أثناء المحاكمة ليشهد إجراءاتها وليعاون المتهم معاونه ايجابية بكل ما يرى تقديمه من وجوه الدفاع وأنه متى عهد المتهم الى محام بمهمة الدفاع

فإنه يتعين على المحكمة أن تستمع الى مرافعته ، لأن حق المتهم فى الاستعانة بمدافع هو أيضا واجب على المحكمة حين يكون الاتهام بجناية

لما كان ذلك فإن قيام المحكمة بإنهاء مرافعة المدافع عن الطاعن قبل استكمالها هو فى حقيقته تجريد المتهم من معاونة الدفاع له فى درء الاتهام عنه مما يشكل مخالفة للمبدأ الدستورى سالف الاشارة إذ أن احترام حق الدفاع يعتبر ضمانا أساسيا للعدالة

ويكون الاجراء الصادر من المحكمة قد عطل واجب حضور محام مع المتهم بجناية مما يؤدى الى كون الواجب ـ فى هذه الحالة ـ قد قصر دون بلوغ غايته وتعطلت حكمة تقريره بما يبطل إجراءات المحاكمة ويوجب نقض الحكم المطعون فيه والاعادة حتى يتاح للمتهم فرصة إبداء دفاعه على الوجه المبسوط قانونا

ولا ينال من ذلك وجود محام أخر مع الطاعن الاول ترافع فى الدعوى ، حيث أن الثابت من محضر جلسة المحاكمة صحة ما ذهب اليه الطاعن بصحيفة طعنه من أن الدفاع كان مقسما بينهما على النحو سابق الاشارة.

الطعن رقم 29145 – لسنـة 71 ق – تاريخ الجلسة 24 / 4 / 2002

شروط المدافع الذى يترافع فى الجنايات

 

تنص المادة 377 إجراءات جنائيـة على أن

المحامون المقبولون للمرافعة أمام محاكم الإستئناف أو أمام المحاكم الإبتدائية يكونون مختصين دون غيرهم بالمرافعـة أمام محكمة الجنايات

فإذا كان المحامى غير مقبول للمرافعة أمام محاكم الإستئناف أو أمام المحاكم الإبتدائية فإن ذلك فيه إخلال بحق الدفاع يستوجب بطلان الإجراءات وبطلان الحكم المترتب عليه تبعاً لذلك

نقض 1 فبراير سنة 1960 مجموعة أحكام محكمة النقض س 11 رقم 25 ص 126؛ نقض 1 يناير سنة 1962 س 13 رقم 3 ص 14

حرية المحامى فى إختيار خطة الدفاع

إن المحامى غير مقيد بخطة الخصم الحاضر معه فالأمر فى النهاية متروك لرأى المحامى وتقديره وحده ولذلك فإنه إذا رأى ثبوت التهمة على المتهم من اعترافه بها أو من قيام أدلة أخرى كان له أن يبنى دفاعه على التسليم بصحة نسبة الواقعة اليه مكتفياً ببيان أوجه الرأفة التى يطلبها له وما دامت خطة الدفاع متروكة لرأى المحامى وتقديره وحده فلا يجوز للمحكمة أن تستند الى شئ من أقواله فى إدانة المتهم

نقض 23 يناير سنة 1939 مجموعة القواعد القانونية ج 4 رقم 341 ص 446

أساسيات حق الدفاع

بيد أنه عند الخلاف بين المحامى وموكله حول طريقة الدفاع فإن العبرة تكون بطلبات الأصيل دون الوكيل.

You might also like:

عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض

الأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض خبرات قضائية فى القانون المدنى والملكية العقارية وطعون النقض ليسانس الحقوق 1997- احجز موعد 01285743047

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أوافق على سياسة الخصوصية 

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

body{-webkit-user-select:none;-moz-user-select:none;-ms-user-select:none;user-select:none} .separator a,.post-body img{-webkit-touch-callout:none;-webkit-user-select:none;-khtml-user-select:none;-moz-user-select:none;-ms-user-select:none;user-select:none;pointer-events:none} pre,kbd,blockquote,table{-webkit-user-select:text;-khtml-user-select:text;-moz-user-select:text;-ms-user-select:text;user-select:text}