قواعد وأسس و سلطة المحكمة في تفسير العقود

قواعد وأسس تفسير العقود

شرح قواعد وأسس و سلطة المحكمة في تفسير العقود و الطبيعي أن العقد يكون واضح الدلالة عن ارده المتعاقدين بل لبس أو غموض والغرض من ابرامه وقلما يكون مبهما أو غامضا فان كان غامضا او مبهما ويحتاج الى تفسير فقد نص القانون المدنى على سلطة محكمة الموضوع في تفسير العقود

قواعد وأسس و سلطة المحكمة في تفسير العقود

قواعد وأسس سلطة القاضى في تفسير العقود ليست مطلقة

ولكن هذه السلطة المقررة للقاضى ليست مطلقة فيتقيد بألا يخرج فى تفسيره عن مدلول العبارة والا يمسخها والا كان تفسيره معيبا وقضاءه باطلا ، ومن ثم اذا كانت عبارات العقد واضحة فلا حاجة الى التفسير ، وان كانت مبهمة فيجب التفسير ويكون بالتعرف على إرادة المتعاقدين من خلال عبارات العقد مجتمعة ليصل المفسر الى حقيقة هذه الإرادة والنية

وهذا الأمر تفسير العقد يختلف عن تكييفه فتكييف المحكمة للعقود أمر أخر بمعنى ان يحرر عقد بيع وهو فى حقيقته هبة فالتكييف هنا أمر قانونى يختلف عن التفسير الذى يرتبط بالنية والواقع وفى هذا البحث نقدم نصوص القانون المدنى التى تضمنت مسألة التفسير وهى المادتين 150 ، 151 ، مرفقا بالأعمال التحصيرية وشرح الفقهاء وأحكام محكمة النقض المرتبطة

قواعد سلطة المحكمة في تفسير العقود

إرادة المتعاقدين هى المرجع في تفسير العقد:

ماده 150 مدنى تنص على 
  1.  إذا كانت عبارة العقد واضحة، فلا يجوز الانحراف عنها من طريق تفسيرها للتعرف على إرادة المتعاقدين.
  2. أما إذا كان هناك محل لتفسير العقد ، فيجب البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف عند المعنى الحرفي للألفاظ، مع الاستهداء فى ذلك بطبيعة التعامل، وبما ينبغى أن يتوافر من أمانة وثقة بين المتعاقدين، وفقا للعرف الجارى فى المعاملات.

الاعمال التحضيرية للمادة 150 مدنى وماهية النية المعتبرة لبيان ارادة طرفى العقد :

 لا ريب ان إرادة المتعاقدين هى مرجع ما يرتب التعاقد من آثار، بيد ان هذه الإرادة وهى ذاتية بطبيعتها، ولا يمكن استخلاصها الا بوسيلة مادية أو موضوعية، هى عبارة العقد ذاتها،

فإذا كانت هذه العبارة واضحة لزم ان تعد تعبيرا صادقا عن إرادة  العاقدين المشتركة، وليس يجوز الانحراف عن هذا التعبير لاستقصاء ما أراده العاقدان حقيقة، من طريق التفسير أو التأويل تلك قاعدة يقتضى استقرار التعامل حرصا بالغا فى مراعاتها.

واذا كانت عبارة العقد غير واضحة أو مبهمة بحيث تحتمل فى جزئياتها أو فى جملتها اكثر من معنى تعين الالتجاء الى التفسير، والجوهري فى هذا هو كشف الإرادة المشتركة للعاقدين، لا الإرادة الفردية لكل منهما، وهذه الإرادة

وان كانت ذاتية الا انه يجب استخلاصها دائما بوسائل مادية، فليس ينبغى الوقوف فى هذا الشأن عند المعنى الحرفي للألفاظ، بل يجب ان يعتد بطبيعة التعامل وبالغرض الذى يظهر ان المتعاقدين قد قصداه،

وبما يقتضى عرف التعامل من تبادل الثقة والشرف، ويراعى ان ذلك الفرض يتوخى فى استخلاصه التزام الظاهر وفقا لعبارة النص، كما ان هذا الشرف وتلك الثقة ينسبان الى العرف الجارى، وكل أولئك من قبيل الامارات المادية التى تقدر تقديرا موضوعيا.

 ويلاحظ ان القاضى ينبغى ان يلجأ الى الوسائل المادية دون غيرها لاستخلاص إرادة المتعاقدين الذاتية، سواء اكان محل لتفسير العقد ام لا

فليس للقاضى المدنى ما يتمتع به القاضى الجنائى من حرية فى تكوين عقيدته، وغنى عن البيان ان مراعاة هذه القاعدة الهامة مسألة من المسائل القانونية التى تخضع لرقابة محكمة النقض

(مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني – جزء 2- ص 296 و 297)

شرح المادة 150 مدنى  تفسير العقود

1 – إذا كانت عبارة العقد واضحة، فإن محكمة العقد لا تجيز لقاضى الموضوع ان ينحرف عن معناها الظاهر الى منى اخر، ويعتبر الانحراف عن عبارة العقد الواضحة تحريفا لها ومسخا وتشويها مما يوجب نقض الحكم.

 نقض جلسة 26/1/1961- مجموعة المكتب الفني – السنة 12- مدني – ص 60
ونقض – جلسة 4/5/1991- المرجع السابق – ص 444
نقض 15/2/1962- المرجع السابق – السنة 13- ص 246
نقض جلسة – 25/2/1962- المرجع السابق ص 259.

 ولكن قاضى الموضوع قد يرى نفسه مع ذلك فى حاجة الى تفسير العبارة الواضحة وذلك بشرطين:

الشرط الأول:

ان يفرض بادئ الأمر ان المعنى الواضح من اللفظ هو ذات المعنى الذى تصد اليه المتعاقدان، فلا ينحرف عنه الى غيره من المعاني، الا إذا قام امامه من ظروف الدعوى ما يدل على ان المتعاقدين اساءا إستعمال هذا التعبير الواضح، فقصدا معنى وعبرا عنه بلفظ لا يستقيم له هذا المعنى

بل هو واضح فى معنى اخر، ففى هذه الحالة يفسر القاضى اللفظ الواضح، وينحرف عن معناه الظاهر الى المعنى الذى قصد اليه المتعاقدان.

الشرط الثانى:

ان يبين القاضى فى حكمة ظروف الدعوى والأسباب التى حملته على الانحراف عن المعني الواضح، فإن قصر حكمه فى ذلك كان باطلا لعدم اشتماله على الأسباب الكافية التى يجب قانونا ان ينبغى عليها.

 ويخلص مما تقدم ان محكمة النقض تبسط رقابتها على محكمة الموضوع فى تفسير العبارات الواضحة عن طريق رقابة أسباب الحكم، فإذا التزمت محكمة الموضوع المعنى الظاهر للفظ الواضح،

اما إذا عدلت عن هذه المعنى الظاهر، فإنه يجب عليها ان تبين فى أسباب الحكم لم كان هذا العدول، ومحكمة النقض تراقب هذه الأسباب، فإن اقتنعت بان العدول قد قام على اعتبارات تسوغه، سلم الحكم من النقض، إلا نقص لقصور التسبيب.

ومن جهة أخرى، فالفروض غير الواضحة تحمل اكثر من معنى، فهى فى حاجة الى التفسير، وأول ما يستبعد من هذه المعاني المحتملة هو المعنى الحرفي للألفاظ

فهذا المعنى لا يجوز الوقوف عنده لانه ليس هو حتما المعنى الذى قصد اليه المتعاقدان معا، أي الإرادة المشتركة للمتعاقدين، لان هذه الإرادة المشتركة هى التى التقى عندها المتعاقدان، فهى التى يؤخذ بها، دون اعتداء بما لأى متعاقد منهما من إرادة فردية لم يتلاق معه فيه المتعاقد الاخر.

 ويستهدى القاضى للكشف عن هذه الإرادة المشتركة للمتعاقدين بعوامل جاء ذكر بعضها فى نص الفقرة الثانية من المادة 150 مدنى، فهو يستهدى بطبيعة التعامل وبما ينبغى ان يتوافر من امانة وثقة بين المتعاقدين

وفقا للصرف الجارى فى المعاملات، والعوامل التى يستهدى بها القاضى يمكن تقسيمها الى عوامل داخلية تكون فى العقد ذاته، وعوامل خارجية ليست فى العقد.

 فمن العوامل الداخلية طبيعة التعامل ، أي طبيعة العقد وموضوعه، فإذا احتملت العبارة معانى مختلفة، اختار القاضى المعنى الذى تقتضيه طبيعة العقد.

 من العوامل الخارجية فى تفسير العقد، العرف الجارى فى التعامل، فإذا كانت عبارات العقد مبهمة، وجب تفسيرها فى ضوء هذا العرف، ومن العوامل الخارجية أيضا الطريقة التى ينفذ بها المتعاقدان العقد

فإذا قاما بتنفيذ العقد على نحو معين مدة من الزمن، فمرت ارادتهما المشتركة فى ضوء طريقة التنفيذ التى تراضيا عليها، فإذا اعتاد المستأجر مدة من الزمن ان يدفع الأجرة فى محل المؤجر، حمل ذلك على ان المتعاقدين ارادا مخالفة القاعدة

العامة من ان الأجرة تدفع فى محل المستأجر، واتفقا على دفعها فى محل المؤجر

الوسيط -1- الدكتور السنهوري – ط 1952- ص 591 ، وما بعدها وكتابة : الوجيز- ص 230 وما بعدها .

2 – قد يبدو لأول وهلة ان التفسير مرحلة لا تأتى الا بعد الانتهاء من البحث فى انعقاد العقد وفى صحته، وهذه هى الفكرة التى يلقيها فى روع الباحث ما درج عليه الفقهاء، بل والشارع نفسه من انهم لا يعالجون موضوع التفسير الا بمناسبة البحث أو آثار العقد.

والواقع ان التفسير لا يقتصر دوره على تحديد مضمون العقد، بل يلجأ اليه كذلك عند البحث فى تكوين العقد وفى صحته، فالقاضي يستعين بالتفسير لتحديد معنى التعبير عن إرادة كل من الطرفين حتى يتبين ما إذا كان العقد قد تم تكوينه بإتفاق الارادتين

ويستعين به كذلك لمعرفة ما إذا كانت الإرادة بحسب ما وضحت له من خلال التفسير صحيحة أو معيبة، ويستعين به أخيرا لتحديد مضمون العقد الذى يجب تنفيذه، ومن هذا يتضح ان عمل القاضى فى هذه المراحل للثلاث يقوم على التفسير

نظرية العقد في قوانين العربية – جزء 2- الدكتور عبد المنعم فرج الصده طبعة 1960- ص 2 وما بعدها

3 – وقد وضح الفقه الإسلامى عدة قواعد للتفسير، منها قاعدة اذ خفى الاستدلال على الباطن فالعبرة بالظاهر، لان الظاهر دليل الباطن ويقوم مقامه، وقاعدة اعمال الكلام خير من اهماله، فطالما كان هناك معنى للفظ يمكن الأخذ به فالعمل به أولى من تركه، وقاعدة المطلق يجرى على اطلاقه ما لم يقم دليل على تقيده، فمن وكل شخصا ببيع سيارة، ولم يحدد له ثمنا

كان له ان يبيعه بثمن مناسب ما لم يقم دليل على تقييد البيع بثمن معين، وقاعدة الأصل إعتبار الغالب، وتقديمه على النادر، وقاعدة المعروف عرفا كالمشروط شرطا فإذا كان هناك عرف وجب تفسيره عبارات العقد فى حدوده، لان هذا العرف كالشرط المذكور فى العقد، ومن ملك شيئا،

ملك ما هو من ضروراته، فمن اشترى سيارة ملك ما هو ضرورى لتيسيرها، وقاعدة ذكر بعض ما لا يتجزأ كذكر كلمه… وقد قنن القانون العراقي هذه القواعد فى المواد 155- 165 مدنى

نظرية الإلتزام- الدكتور عبد الناصر العطار – ص207 وما بعدها

4 – خصص المشرع العراقي بضع مواد لتفسير العقد، استمدها من الفقه الإسلامى بصفة عامة، ومن القواعد الكلية للمجلة بصفة خاصة.

واذا طرح نزاع بشأن عقد من العقود، تعين على القاضى ان يبحث أولا على انعقاد العقد أو عدم انعقاده، فإذا تبين له ان العقد ابرم صحيحا تعين عليه ان ينتقل من بحثه الى نقطة أخرى،

وهى هل سبق تنفيذ الإلتزام التعاقدي من قبل، وهل كان التنفيذ كاملا ام جزئيا، وهل كان التنفيذ فى صورتيه متفق مع شروط العقد وحسن النية

فإذا انصب النزاع على بعض محتويات العقد وشروطه، كان على القاضى ان يستجلى هذا الغموض بالرجوع الى قواعد التفسير التى قررها المشرع، فالعبرة فى العقود للمقاصد والمعاني لا للألفاظ والمعاني

على ان الأصل فى الكلام الحقيقة اما إذا تعذرت الحقيقة فيصار الى المجاز ، ومعني هذا انه يتحتم علي القاضي ان يبحث عن نية المتعاقدين وان لا يقف عند حرفية النصوص التى اشتمل عليه العقد، غير ان الالفاظ لا ينبغى ان تهمل لآنها قوالب يعبر بها عن المعاني،

فإذا كانت الالفاظ المستعملة فى العقد تكفى لتحديد طبيعة العقد والالتزام وتعين مداهما، تعيين على القاضى الأخذ بها وعدم مجاوزتها، ولكن القاعدة المتقدمة لا تجعل القاضى مقيدا على الدوام باحترام هذه الالفاظ الواضحة الصريحة، فإذا اعطى المتعاقدان العقد وصفا معينا بعبارات والفاظ واضحة

فإن القاضى غير ملزم بالتقيد بهذا الوصف ويستطيع القاضى بان يعطى الوصف الحقيقى للعقد، غير ما كيفه به المتعاقدان

القانون المدني – الدكتور حسن الذنون – ص 97 وما بعدها

5 – قد يكون هناك تعارض بين المعنى الظاهر للتعبير وبين الإدارة الحقيقة لصاحب هذا التعبير، مرده ان صاحب التعبير لم يختين الكلمات التى تطابق مقصودة أو ان اللفظ المستعمل يحتمل اكثر من معنى، أو الى غير ذلك من الأسباب التى تجعل المخاطب يفهم التعبير فى ضوء كلماته وفى ضوء الظروف الملابسة، على معنى اخر غير المعنى الذى قصده صاحب التعبير.

ومذهب الإرادة يحتم اعمال الإرادة الباطنية دون التعبير الذى خالفها. وواضح ان هذه النتيجة تصطدم مع العدالة، لإضرارها بالمخاطب حسن النية الذى لا يستطيع التعرف على إرادة صاحب التعبير

الا من خلال عبارات التعبير ومن الظروف الملابسة للتعاقد المعروفة لديه، وقد يكون صاحب التعبير مقصرا بعدم مراعاته الدقة فى تعبيره، وإذن فمذهب الإرادة يؤدى الى اهدار مصلحة متعاقد حسن النية لم ينسب اليه أي تقصير ومحاباة متعاقد اخر مهمل، وفضلا عما فى هذه النتيجة من مجافاة للعدالة، فإنها تؤدى الى زعزعة الثقة فى المعاملات واضطرابها

أساس الإلتزام المقدي – رسالة – الدكتور عبد الرحمن عباد – ص 61 وما بعدها

 يتفرع عن الأخذ بنظرية الإرادة الظاهرة، ان القاضى يقف عند المظهر الخارجي للتعبير عن الإرادة، فلا يتعداه الى البحث عما تنطوى عليه نية المتعاقدين

وهو بحث لا ريب فى عسره، وانما يكتفى بما هو ظاهر له وفى استطاعته تلمسه التثبت منه، وبهذا يصير التفسير مسألة قانونية تخضع لرقابة محكمة النقض، مادام الغرض ليس هو تفسير نية المتعاقدين، بل هو تفسير نص العقد فى مظهره الخارجي، والشأن فى ذلك كتفسير القانون إذا اخطأ فيه قاضى الموضوع.

 ويبين من نص المادة 150- مدنى- فى فقرتيهما- ان المشرع قد اغفل فى القانون المدنى الجديد ما كانت تنص عليه المادة 138 من القانون المدنى القديم من الإرادة الحقيقية للمتعاقدين ثم هو قد حرم على القاضى استخلاص تلك النية الحقيقية أو محاولة استخلاصها، ويحتم عليه الوقوف عند النية المشتركة،

كما يحتم عليه الاستهداء فى تعرفها بطبيعة التعامل وبما ينبغى ان يتوافر من امانة وثقة بين المتعاقدين وفقا للعرف الجارى وطبيعة المعاملات، وكل هذه وسائل مادية لا شان لها بشخصية المتعاقدين.

 واذا كان هذا هو الذى ذهب اليه المشرع فى القانون المدنى الجديد تمشيا مع اعتناقه مبادئ نظرية الإرادة الظاهرة، فإنه من ناحية أخرى قد ابقى على مبادئ نظرية الإرادة الباطنة فى المواد 120 وما بعدها الخاصة بعيوب الرضا، فترك القاضى الموضوع للتقدير الكامل لوجود غلط أو تدليس أو اكراه 

القوة الملزمة للعقد – المستشار حسين عامر – طبعة 1- 1949- ص 106 وما بعدها

6 – ان سلطة القاضى فى تفسير العقد لا تقل عن سلطته فى فسخة أو تعديله، فهو بسلطته التفسيرية يسعى الى صيانة، إزالة ما فيه من شك أو التباس.

وقد اقام المشرع سلطة القاضى فى التفسير على وجوب تحرى الإرادة الظاهرة للمتعاقدين اللذين اتفقت نيتهما وتطابقت ارادتهما على إبرام العقد، فإذا كانت عبارة العقد واضحة صريحة تكشف عن إرادة المتعاقدين وتدل على الغاية التى أنشئ العقد من اجلها، فلا سبيل للتفسير لا يحل للقاضى ان ينحرف عنها.

 غير ان عبارة العقد قد تكون واضحة، ولكن تدل الظروف على ان المتعاقدين اساءا إستعمال هذا التعبير الواضح، فقصدا معنى وعبرا عنه بلفظ لا يستقيم له هذا المعنى، ففى هذه الحالة لا يأخذ القاضى بالمعنى الواضح للفظ، بل يعدل عنه الى المعنى الذى قصد اليه المتعاقدان- ولكن لا يجوز للقاضى ان يفعل ذلك الا بشرطين:

الشرط الأول- هو ان يفترض فى بادئ الأمر ان المعنى الواضح من اللفظ هو ذات المعنى الذى قصده المتعاقدان، فلا ينحرف عنه الى غيره من المعاني الا إذا قام امامة من ظروف الدعوى ما يبرر ذلك.

الشرط الثانى- هو انه إذا عدل القاضى عن المعنى الواضح الى غيره من المعاني لقيام أسباب تبرر ذلك، فعليه ان يبين فى حكمه هذه الأسباب…

 اما إذا كانت عبارة العقد غير واضحة فقد اصبح محلا للتفسير، وعندئذ يجب على القاضى ان يبحث فى الفاظة وجملة عن النية المشتركة للمتعاقدين، دون ان يقف عند المعنى الحرفي للألفاظ ليستهدي فى الكشف عن هذه النية.

وقد اعد القانون للقاضى وسيلتين ليستهدي بهما:

  • الأولى- يستمدها من طبيعة التعامل وما ينبغى ان يتوفر من امانة وثقة بين المتعاقدين.
  • الثانية- يستمدها من العرف الجارى فى المعاملات

 ولقد اخذ القانون السوري الأحكام المتعلقة بتفسير العقود من القانون المصرى الجديد بالحرف الواحد، وقد اخذ القانون المصرى هذه الأحكام  عن القانون المدنى المصرى القديم التى اقتبسها بدوره عن القانون المدنى الفرنسي. غير ان القانون المدنى الجديد تأثر بنظرية الإرادة الظاهرة،

واتجه اليها اكثر من اتجاهه الى الإرادة الباطنة، بان اوجب البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين والاستهداء بطبيعة التعامل والعرف الجارى، وهذه العوامل موضوعية تجعل الإرادة الظاهرة هى المصدر الذى يستخلص منه الإرادة الباطنة.

 ومن اجل ذلك فإن سلطة القاضى فى القانون السوري والقانون المصرى واحدة لتطابق أحكامهما.

 كذلك فإن أحكام القانون المدنى الليبي فى تفسير العقود منقولة عن مثيلتها فى القانون المصرى، مما جعل سلطة القاضى موحدة فى القوانين العربية الثلاثة.

 بينما اقتبس القانون اللبنانى الأحكام المتعلقة بتفسير العقود من القانون المدنى الفرنسي، وتأثر بنظرية الإرادة الباطنة فى التحري عن نية الملتزم أو على قصد المتعاقدين، ومنح القاضى سلطة التفسير،

بما لا يخرج عن الغرض المقصود فى العقد، ناظرا الى مجمله، ومستهديا ببنوده التي يفسر بعضها بعضا، ومراعيا أحكام العرف فإذا تعارض في العقد نص يمكن تأويلة إلي معينين فعلية ان يأخذ منهما ما كان اشد انطباقا على روح العقد، ويفضل من المعنيين ما كان منهما ذا مفعول.

 وقد استحدث القانون اللبنانى حكما جديدا لا نظير له فى القانون المدنى المصرى، وما نقل عنه أو اقتبس منه من قوانين، وذلك بمنحه القاضى سلطة اكمال العقد وما فى نصوصه من نقص باتباعه احدى وسيلتين

اما بالأحكام المدرجة فى القانون إذا كان العقد مسمى، واما بالرجوع فى غير هذه الحال الى القواعد الموضوعية لأكثر العقود تناسبا مع العقد الذى يراد تفسيره.

 اما القانون المدنى العراقي فلم ينقل عن القانون المدنى المصرى أو اقتبس شيئا من أحكام تفسير العقد، كما فعل فى كثير من أحكامه، وانما اخذ الأحكام الخاصة بتفسير العقد من الشريعة الإسلامية مباشرة ونقلها بالحرف الواحد عن القواعد الكلية المدرجة فى مقدمة مجلة الأحكام العدلية التى كانت تطبق فى العراق  قبل القانون المدنى

ومن المؤكد ان هذه الأحكام هى افضل ما يستهدى به القاضى فى تفسير العقد والالتزام، وقد جمعت بين نظريتي الإرادة الباطنة والإرادة الظاهرة واطلقت سلطان القاضى فى الكشف عن النية المشتركة فى التعاقد والالتزام فى تحرى الغاية المقصودة منهما،

المعنى الذى تؤدى اليه هذه الغاية إذا كانت الالفاظ قاصرة عن أداء المعنى المقصود، كما خولته ان يستهدى بالعرف الجارى والعادة المألوفة، واستعمال الناس للاستدلال على طبيعة التعامل غير ان هذه القواعد الفقهية انما تصلح للاستهداء، وليس فيها حكم القاعدة القانونية

سلطة القاضي – في تعديل العقود في القانون المدني السوري – وبالمقرنة مع قوانين البلاد العربية – مقال – للأستاذ عبد السلام الرومانيتين المحاماه السنة 41- العدد 6 ص 899

الشك يفسر لصالح المدين عند تفسير العقود

 ماده 151 مدني

(1) – يفسر الشك في مصلحة المدين.

2 – ومع ذلك لا يجوز أن يكون تفسير العبارات الغامضة في عقود الإذعان ضارا بمصلحة الطرف المذعن.

الاعمال التحضيرية للمادة 151 مدنى وتفسير الشك لصالح المدين :

اذا عرض ما يدعو الى تفسير العقد، وبقى الشك يكشف إرادة المتعاقدين المشتركة رغم اعمال أحكام التفسير الذى تقدمت الإشارة اليها، فسر هذا الشك فى مصلحة المدين دون الدائن، تلك قاعدة أساسية اخذ بها اغلب التقنيات،

وهى ترد الى ان الأصل فى الذمة البراءة وعلى الدائن ان يقيم الدليل على وجود دينه، باعتبار انه يدعى ما يخالف هذا الأصل، فإذا بقى شك لم يوفق الدائن الى ازالته، فمن حق المدين ان يفيد منه.

الأصل ان يفسر الشك فى مصلحة الدين، عند غموض عبارة التعاقد غموضا لا يتيح زواله، وقد استثنى المشرع من حكم هذا الأصل عقود الإذعان،

فقضى بان يفسر الشك فيها لمصلحة العاقد المذعن، دائنا كان أو مدينا، فالمفروض ان العاقد الاخر هو اقوى العاقدين، يتوافر له من الوسائل ما يمكنه من ان يفرض على المذعن عند التعاقد شروطا واضحة بينه، فإذا لم يفعل ذلك اخذ بخطئه أو تقصيره وحمل تبعه، لانه يعتبر متسببا فى هذا الغموض

 (مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني – جزء 2- ص 299 و 300)

قواعد وأسس و سلطة المحكمة في تفسير العقود

 شرح تفسير الشك لصالح المدين 

 1- إذا قام شك فى مدى التزام المدين بعقد، فسر هذا الشك فى مصلحته واخذ بالتفسير الاضيق فى تحديد هذا المدى، وذلك المبررات الاتية:

  • (1) الأصل براءة الذمة والالتزام هو الإستثناء، لا يتوسع فيه، هذا الى ان النية المعقولة عند الملتزم ان يلتزم الى اضيق مدى تتحمله عبارات العقد، فلا يمكن ان يكون هناك توافق بين إرادة الدائن وإرادة المدين الا فى حدود هذا المدى الضيق
  • (2) ان الدائن هو المكلف بإثبات الإلتزام، فإذا كان هناك شك فى الإلتزام من حيث مداه، أراد الدائن الأخذ بمدى واسع، كان عاجزا عن إثبات ذلك، فلا يبقى الا الأخذ بالمدى الضيق ، لانه هو وحده الذى قام عليه  الدليل
  •  (3) ويقال أيضا فى تبرير القاعدة ان الإلتزام يمليه الدائن لا المدين، فإذا املاه مبهما يحوم حوله الشك، فالخطأ خطؤه، وواجب ان يفسر الإلتزام لمصلحة المدين، اذ كان فى مقدور الدائن ان يجعل الإلتزام واضحا لا شك فيه.

ونطاق تطبيق هذه القاعدة ان يكون هناك شك فى التعرف على الإرادة المشتركة للمتعاقدين بان يتراوح تفسير العقد بين وجوه متعددة كل وجه منها محتمل ولا ترجيح لوجه على وجه، اما إذا استحال التفسير ولم يستطيع القاضى ان يتبين أي وجه لتفسير العقد، فهذه قرينة على انه ليست هناك إرادة مشتركة للمتعاقدين، بل أراد كل منها شيئا لم يرده الاخر، فلم ينعقد العقد

ولا بد من جهة أخرى ان يكون الشك مما يتعذر جلاؤه، فإذا امكن القاضى ان يكشف عن الإرادة المشتركة للمتعاقدين مهما كان هذا عسيرا، واستطاع ان يزيح عنها الشك وجب عليه تفسير العقد بموجب هذه الإرادة المشتركة، ولو كان التفسير فى غير مصلحة المدين ويرد على القاعدة استثناء هو ان يكون تفسير العبارات الغامضة فى عقود الإذعان لمصلحة الطرف المذعن دائما لو كان هو الدائن

الوسيط – 1- للدكتور السنهوري – ط 1952- ص 614- وما بعدها ، وكتابة الوجيز – ص 234 وما بعدها

2- تنص التقنيات العربية جميعا على ان يفسر الشك فى مصلحة المدين، وانها فيما عدا نفتين الموجبات والعقود اللبنانى تستثنى عقود الإذعان من هذه القاعدة، حيث تنص على انه لا يجوز ان يكون تفسير العبارات الغامضة فى عقود الإذعان ضارا بمصلحة الطرف المذعن، والواقع ان هذا الإستثناء يصدق أيضا فى القانون اللبنانى، وقد كان القضاء فى مصر يأخذ بحكم هذا الإستثناء فى ظل النقنين القديم

كما يأخذ به القضاء الفرنسي، وقاعدة ان يفسر الشك فى مصلحة المدين تنهض بها الأصول العامة فى القانون، لان الأصل فى الشخص براءة الذمة ، فإذا قام شك حول مدى التزام المدين،

فمر هذا الشك بالطريقة التى تجعل الإلتزام فى اضيق الحدود، كما تبررها القواعد العامة فى الإثبات، لان إثبات مدى الإلتزام يقع على عاتق الدائن، فإذا قام شك فى حقيقة هذا المدى، كان معنى ذلك ان الدائن لم يستطيع إثباته على نحو واسع، فيؤخذ اذن بالمعنى الضيق للالتزام .

فاذا  كان العقد ملزما لجانب واحد، كان تفسير الشك لصالح هذا الجانب المدين، واذا كان العقد ملزما للجانبين، كان تفسير الشك فى معنى العبارة الواردة فى شرط معين لصالح الجانب المدين فى هذا الشرط .

ويجب ان يلاحظ المعني المقصود في لفظ المدين في هذه القاعدة ، فالرأي المجمع عليه بين الفقهاء ان المقصود هو المدين في الإلتزام ، غير ان هذا القول علي إطلاقه لا يصدق في جميع الحالات ،

والصحيح ان المدين هنا يراد به المدين في الشرط ، أي الشخص الذي يضار من الشرط الذي يجري تفسيره ، فهو تارة يكون مديناً في الإلتزام الذي يقرره الشرط ، وهذا هو الغالب ، وتارة أخري يكون مديناً في الشرط فحسب .

وتفصيل ذلك انه إذا كانت العبارة الغامضة تفرض إلتزاماً ، فإن الشك يفسر في مصلحة المدين في هذا الإلتزام ، والمدين في هذه الحالة يكون مديناً في الإلتزام والشرط معاً ، وهذا هي الصورة الغالبة .

أما إذا كانت العبارة الغامضة تعفي الشخص من الإلتزام يقع عليه طبقاً للقواعد العامة ، فإن الشك يفسر حينئذ في مصلحة الطرف الذي يضار من الشرط ، وهو الدائن في هذا الإلتزام ، ولكنه في هذه الصورة يكون مديناً في الشرط .

ويستثني من هذه القاعدة ان تكون العبارة الغامضة التي يجري تفسيرها قد وردت في عقد الإذعان ، إذ يفسر الشك في هذه الحالة في مصلحة الطرف المذعن دائناً كان أو مديناً ، وينص بهذا الإستثناء ان الطرف الآخر في هذا العقد

وهو محتكر قانون أو فعل السلطة أو المرافق الذي يرفق العقد في شانه ، يتوفر له من أسباب القوة ما يجعله يفرض شروط العقد ، فهو صانع هذه الشروط وعليه يقع وزر ما فيها من غموض كان في وسعه ان يتحاشاه

نظرية العقد في قوانين البلاد العربية – الجزء 2- الدكتور عبد المنعم فرج الصده ص 12 وما بعدها

 أحكام محكمة النقض عن تفسير العقود

  المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر/ شحاتة إبراهيم, والمرافعة وبعد المداولة.

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.

وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 4713 لسنة 1987 تجاري كلي الإسكندرية على الطاعنين بطلب الحكم بإلزامهما بتقديم كشف حساب عن أرباح الشركة القائمان على إدارتها منذ يناير سنة 1974 وإلزامهما بأن يدفعا لها عشرة جنيهات على سبيل الإكراه المالي عن كل يوم تأخير

والحكم بما يثبت أنه مستحق لها, وقالت بياناً لها أنها شريكة للطاعنين مع آخرين في الشركة المصرية لصناعة الأدوات الكهربائية (……) بحصة قدرها 10%

وإذ استأثر الطاعنين بإدارتها وتحصيل أرباحها, فقد أقامت الدعوى, ومحكمة أول درجة بعد أن ندبت خبيراً فيها, وأودع تقريره, حكمت بتاريخ 30 من يونيه سنة 1992 بإلزام الطاعنين بصفتهما بأن يؤديا للمطعون ضدها مبلغ مقداره 101,437,860 ألف جنيه, استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 292 لسنة 49 ق لدى محكمة استئناف الإسكندرية, وبعد أن ندبت خبيراً فيه, وأودع تقريره

أعادت الاستئناف لخبير آخر لمباشرة المهمة المبينة بمنطوق الحكم الصادر بتاريخ 13 من فبراير سنة 1994, وبعد أن أودع تقريره, قضت المحكمة بتاريخ 12 من نوفمبر سنة 1997 بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام الطاعنين بصفتهما بأن يدفعا للمطعون ضدها مبلغ مقداره 58,697,600 ألف جنيه.

طعن الطاعنان في الحكمين الصادرين من محكمة الاستئناف بتاريخ 13 من يونيه سنة 1996, 12 من نوفمبر سنة 1997 بطريق النقض, وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم, وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.

 وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت في الأوراق والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقولان أن قضاء المحكمة المطعون على حكمها الصادر بتاريخ 13 من يونيه سنة 1996 والذي انتهى في تفسيره لعقد التخارج المؤرخ 30 من أغسطس سنة 1990

إلى أن عباراته لا تفيد تخالص المطعون ضدها عن حصتها في الأرباح عن الفترة السابقة على إبرامه بالرغم من أن عباراته جاءت واضحة المعنى وقاطعة الدلالة على حصولها وكل المتخرجين الآخرين على كافة حقوقهم السابق منها واللاحق على إبرام هذا العقد وهو ما يعيبه بما يستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي في محله, ذلك بأنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن النص في المادتين 147, 150/1 من القانون المدني يدل على أن العقد هو قانون المتعاقدين والخطأ في تطبيق نصوصه خطأ في تطبيق القانون ويمتنع على أي من المتعاقدين نقض العقد أو تعديله, كما يمتنع ذلك على القاضي

وعليه يلتزم بعبارات العقد الواضحة باعتبارها تعبيراً صادقاً عن الإرادة المشتركة للمتعاقدين, فلا يجوز الانحراف عنها بدعوى تفسيرها, ولا يلتزم القاضي بإيراد أسباب لقضائه, إذا ما التزم المعنى الواضح لعبارات العقد, ومراعاة هذه القواعد من مسائل القانون التي تخضع لرقابة محكمة النقض

وأن على القاضي أن يلتزم بأخذ عبارة المتعاقدين كما هي فلا يجوز له تحت ستار التفسير الانحراف عن مؤداها الواضح إلى معنى آخر, ولئن كان المقصود بالوضوح هو وضوح الإرادة لا اللفظ إلا أن المفروض في الأصل أن اللفظ يعبر بصدق عما تقصده الإرادة وعلى القاضي

إذا ما أراد حمل العبارة على معنى مغاير لظاهرها أن يبين في حكمه الأسباب المقبولة التي تبرر هذا المسلك وأن الخروج عن القاعدة المنصوص عليها في المادة 150/1 مدني المشار إليها ينطوي على مخالفة للقانون لما فيه من تحريف ومسخ وتشويه لعبارة العقد الواضحة وتخضع بهذه المثابة لرقابة محكمة النقض

ومن المقرر أيضاً أن أسباب الحكم تعتبر مشوبة بالفساد في الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم العناصر الواقعية التي تثبت لديها أو وقوع تناقض بين هذه العناصر

كما في حالة عدم اللزوم المنطقي للنتيجة التي انتهت إليها المحكمة بناء على تلك العناصر التي ثبتت لديها بأن كانت الأدلة التي قام عليها الحكم ليس من شأنها أن تؤدى عقلاً إلى ما انتهى إليه أو استخلص من الأوراق واقعة لا تنتجها.

لما كان ذلك, وكان الثابت في عقد التخارج المؤرخ 30 من أغسطس سنة 1990 اتفاق كل الشركاء في الشركة محل النزاع على تخارج أربعة عشر شريكاً من أصل عشرين وتضمن عجز البند التمهيدي الإشارة إلى تحقيق الشركة خسارة دعت أربعة عشر شريكاً إلى التخارج من الشركة وأكدوا على أنه

“يقروا جميعاً بأنه ليست لهم أية حقوق شخصية أو عينية بالشركة اعتباراً من ذلك التاريخ كما يقر باقي الأطراف المستثمرون في الشركة بعدم وجود أية التزامات مادية أو عينية على الأطراف المتخارجة واعتباراً من تاريخ تخارجهم تبرأ ذمة الشركة من كافة حقوقهم منها, كما تبرأ ذمة المتخرجين من كافة الالتزامات السابقة واللاحقة على هذا التخارج\”

وكانت عبارة العقد على النحو السالف بيانه واضح منها على نحو صريح اتجاه إرادة المتخرجين إلى الإقرار ببراءة ذمة الشركة وباقي الشركاء من كافة حقوقهم وهو ما عناه تأكيدهم على براءة ذمة الشركة من كافة حقوقهم

أخذاً بمعناها العام المطلق الذي ينصرف على نحو قاطع الدلالة إلى ما كان من هذه الحقوق سابقاً أو لاحقاً على إبرام عقد التخارج إذ أن النص عليها جاء عاماً مطلقاً, ومن ثم فلا يجوز تخصيصه وصرفه إلى اللاحق من الحقوق دون سواها, سيما وأنه تلي النزاع القضائي والذي استهل عام 1987

وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وفسر عبارات عقد التخارج على نحو خاطئ وانحرف بها عن مؤداها دون أن يبين سنده في ذلك وقصر أثره على المستقبل فقط بالرغم من أنه تضمن الإقرار في صياغة عامة منضبطة وقاطعة الدلالة على براءة ذمة الشركة والشركاء من كافة حقوق المتخرجين ومنهم المطعون ضدها الماضي منها واللاحق وهو ما يعيبه بالفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت في الأوراق ويوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث السبب الآخر من سببي الطعن.

 وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه, ولما تقدم, وكان الثابت في عقد التخارج اقتضاء المطعون ضدها لنصيبها في أرباح الشركة وهو ما تبرأ معه ذمة الطاعنين من أية مستحقات لها وتفتقد معه مطالبتها الأساس القانوني ويتعين معه إلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً برفض دعواها مع إلزامها بالمصروفات عن درجتي التقاضي.

لذلك

نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه, وألزمت المطعون ضدها المصروفات ومائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة, وقضت في موضوع الاستئناف رقم 292 لسنة 49 ق الإسكندرية بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى, وألزمت المستأنف ضدها المصروفات

[الطعن رقم 25 – لسنة 68 ق – تاريخ الجلسة 22 / 1 / 2013 ]

المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع نية المتعاقدين وما إنعقد عليه بشرط أن يكون هذا الاستخلاص سائغاً ، وأن تفسير العقود والشروط المختلفة عليها فيها واستظهار قصد طرفيها ما تستقل به محكمة الموضوع ما دام قضاؤها في هذا الشأن يقوم على أسباب سائغة ،

كما أنه من المقرر أيضاً أن مفاد المادة 1/150 من القانون المدني أن القاضي ملزم بأن يأخذ عبارة المتعاقدين الواضحة كما هي فلا يجوز له تحت ستار التفسير الانحراف عن مؤداها الواضح إلى معنى آخر ولئن المقصود بالوضوح هو وضوح الإرادة لا اللفظ

إلا أن إلا أن المفروض فى الأصل أن اللفظ يعبر عما تقصده الإرادة . وعلى القاضى إذا ما أراد حمل العبارة على معنى مغاير لظاهرها أن يبين فى حكمه الأسباب المقبولة التي تبرر هذا المسلك ،

لما كان ذلك وكان الخلاف بين طرفي النزاع يدول حول تفسير البندين الثاني والرابع عشر من بنود عقد الإتفاق المؤرخ 1/1/1987  وكان البند الثاني منه قد نص على \”أن مدة الإنتفاع بالعين عشرين سنة تبدأ من أول نوفمبر1985 وتنتهي في أكتوبر2005\”

ونص في البند الرابع عشر على أنه

“للمنتفع بعد إنتهاء المدة المتفق عليها أن يظل بالعين إذا رغب في ذلك نظير دفع المبلغ المحدد سنوياً\” وكان المعنى الظاهر لتلك العبارات إتفاق الطرفين بداءة في البند الثاني على تحديد مدة الإنتفاع بالعين بعشرين عاماً تنتهي في 31/10/2005 مع جعل حق الإستمرار في الإنتفاع بها مرهوناً بإرادة المنتفع “الطاعن” إعمالاً للبند الرابع عشر متى قام بالتنبيه بذلك ملتزماً بأداء المبلغ المتفق عليه

وإذا خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأعمل هذا النظر وأعمل حكم البند الثالث من العقد ورتب على ذلك طرد الطاعن من العين حالة أنه قام بالتنبيه على المطعون ضده برغبته في الإستمرار وسدد المبالغ المتفق عليها بإنذار العرض المؤرخ 27/3/2006 فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن .

 طعن رقم 11516 لسنة 77 ق جلسة 5/2/2009

من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن النص في المادتين 147 و 150/1 من القانون المدني – الواجب التطبيق على واقعة الدعوى – يدل على أن العقد هو قانون المتعاقدين والخطأ في تطبيق نصوصه خطأ في تطبيق القانون ويمتنع على أي من المتعاقدين نقض العقد أو تعديله كما يمتنع ذلك على القاضي وعليه أن يلتزم بعبارات العقد الواضحة باعتبارها تعبيرا صادقا عن الإرادة المشتركة للمتعاقدين

فلا يجوز الانحراف عنها بدعوى تفسيرها ولا يلتزم القاضي بإيراد أسباب لقضائه إذا ما التزم المعنى الواضح لعبارات العقد ومراعاة هذه القواعد من مسائل القانون التي تخضع لرقابة محكمة النقض،

وأن على القاضي أن يلتزم بأخذ عبارة المتعاقدين كما هي فلا يجوز له تحت ستار التفسير الانحراف عن مؤداها الواضح إلى معنى آخر، ولئن كان المقصود بالوضوح هو وضوح الإرادة لا اللفظ

إلا أن المفروض في الأصل أن اللفظ يعتبر بصدق عما تقصده الإرادة وعلى القاضي إذا ما أراد حمل العبارة على معنى مغاير لظاهرها أن يبين في حكمه الأسباب المقبولة التي تبرر هذا المسلك

وأن الخروج عن القاعدة المنصوص عليها في المادة 150/1 مدني المشار إليها ينطوي على مخالفة للقانون لما فيه من تحريف وفسخ وتشويه لعبارة العقد الواضحة وتخضع بهذه المثابة لرقابة محكمة النقض.

 [الطعن رقم 17182 –  لسنــة 76 ق  –  تاريخ الجلسة 20 / 11 / 2008]

  التعرف علي مدي سعة الوكالة . وجوب الرجوع فيه اليه عبارة التوكيل وما جرت به نصوصه وملابسات صدوره وظروف الدعوى . إفراغ الوكالة في نموذج مطبوع وإضافة المتعاقدين شروطاً أو عبارات به تتعارض مع الشروط المطبوعة . وجوب تغليب الشروط المضافة . علة ذلك .

من المقرر فى  قضاء  هذه المحكمة  ان المناط في التعرف علي مدي سعة الوكالة من حيث ما تشتمل عليه من تصرفات قانونية خول الموكل للوكيل إجراءها أو من أموال تقع عليها هذه التصرفات يتحدد بالرجوع إلي عبارة التوكيل ذاته وما جرت به نصوصه وإلي الملابسات التي صدر فيها وظروف الدعوي 

فإذا استعمل المتعاقدان نموذجاً مطبوعاً للعقد أو المحرر وأضافا اليه بخط اليد أو بأية وسيلة أخري شروطاً أو عبارات تتعارض مع الشروط والعبارات المطبوعة وجوب تغليب الشروط والعبارات المضافة باعتبارها تعبيراً واضحاً عن إرادة المتعاقدين .

( الطعن 1490 لسنة 61 ق جلسة 25/6/1992 س 43 ص 887 )

 النص في المادة 150/1 من القانون المدني على أنه:

“إذا كان عبارة العقد واضحة فلا يجوز الانحراف عنها عن طريق تفسيرها للتعرف على إرادة المتعاقدين…”

يدل على

قواعد وأسس و سلطة المحكمة

أن القاضي ملزم بأخذ عبارة المتعاقدين الواضحة كما هي فلا يجوز له تحت ستار التفسير الانحراف عن مؤداها الواضح إلى معنى آخر” ولئن كان المقصود بالوضوح هو وضوح الإرادة لا اللفظ

إلا أن المفروض في الأصل أن اللفظ يعبر بصدق عما تقصده الإرادة، وعلى القاضي إذا ما أراد حمل العبارة على معنى مغاير لظاهرها أن يبين في حكمه الأسباب المقبولة التي تبرر هذا المسلك

وما تقضي به المادة المشار إليها يعد من القواعد التي وصفها المشرع على سبيل الإلزام وينطوي الخروج عليها على مخالفة القانون لما فيه من تحريف ومسخ، وتشويه لعبارة العقد الواضحة وتخضع بهذه المثابة لرقابة محكمة النقض.

 [الطعن رقم 909 –  لسنــة 48 ق  –  تاريخ الجلسة 20 / 06 / 1981 –  مكتب فني 32 –  رقم الجزء  2 –  رقم الصفحة 1856 –  تم قبول هذا الطعن]

الخاتمة المراجع القانونية

  • (1)  الوسيط-1- الدكتور السنهوري – ط 1952- ص 591 ، وما بعدها وكتابة : الوجيز- ص 230 وما بعدها .
  • (2)   نظرية العقد في قوانين العربية – جزء 2- الدكتور عبد المنعم فرج الصدة طبعة 1960- ص 2 وما بعدها .
  • (3)   نظرية الالتزام- الدكتور عبد الناصر العطار – ص207 وما بعدها .
  • (4)  القانون المدني – الدكتور حسن الزنون – ص 97 وما بعدها .
  • (5)   أساس الالتزام المقدي – رسالة – الدكتور عبد الرحمن عباد – ص 61 وما بعدها .
  • (6)   القوة الملزمة للعقد – المستشار حسين عامر – طبعة 1- 1949- ص 106 وما بعدها .
  • (7)   سلطة القاضي – في تعديل العقود في القانون المدني السوري – وبالمقرنة مع قوانين البلاد العربية – مقال – للأستاذ عبد السلام الرومانيتين المحاماة السنة 41- العدد 6 ص 899.

قواعد وأسس و سلطة المحكمة في تفسير العقود

محمية بحقوق النشر الألفية الثالثة dmca

مقالات الموقع محمية بحق الملكية

  • انتهي البحث القانوني ويمكن لحضراتكم التعليق في صندوق التعليقات بالأسفل لأى استفسار قانوني
  • زيارتكم لموقعنا تشرفنا ويمكن الاطلاع علي المزيد من المقالات والأبحاث القانونية المنشورة للأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض في القانون المدني والملكية العقارية من خلال أجندة المقالات
  • كما يمكنكم التواصل مع الأستاذ عبدالعزيز عمار المحامي من خلال الواتس اب شمال الصفحة بالأسفل
  • كما يمكنكم حجز موعد بمكتب الأستاذ عبدالعزيز عمار المحامي من خلال الهاتف ( 01285743047 ) وزيارتنا بمكتبنا الكائن مقره مدينة الزقازيق 29 شارع النقراشي – جوار شوادر الخشب – بعد كوبري الممر – برج المنار – الدور الخامس زيارة مكتبنا بالعنوان الموجود على الموقع
مع خالص تحياتي
logo2
Copyright © الحقوق محفوظة لمكتب الأستاذ – عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض
Print Friendly, PDF & Email
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض

الأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض خبرات قضائية فى القانون المدنى والملكية العقارية ودعاوى الإيجارات ودعاوى الموظفين قطاع حكومى وخاص وطعون مجلس الدولة والنقض ليسانس الحقوق 1997

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

©المقالة محمية بحقوق النشر الحقوق ( مسموح بالتحميل pdf في نهاية المقالة)

* { -webkit-touch-callout: none; /* iOS Safari */ -webkit-user-select: none; /* Safari */ -khtml-user-select: none; /* Konqueror HTML */ -moz-user-select: none; /* Old versions of Firefox */ -ms-user-select: none; /* Internet Explorer/Edge */ user-select: none; /* Non-prefixed version, currently supported by Chrome, Opera and Firefox */ }