صحة عقد البيع الساتر لهبة ونفاذه

تعرف علي حكم القانون بشأن صحة عقد البيع الساتر لهبة ونفاذه ذلك أن الهبة المستترة هى هبة مباشرة ينقل فيها الواهب للموهوب له حقا عينيا أو يلتزم له بحق شخصي ولكنها تظهر تحت اسم عقد آخر ومتى استوفى هذا العقد جميع شروط انعقاده في الظاهر أعفيت الهبة من الشكلية سواء كانت عن عقار أو منقول وكثيراً ما يكون عقد البيع هو الساتر للهبة

صحة عقد البيع الساتر لهبة دون الرسمية

صحة عقد البيع الساتر لهبة

يتعين – لعدم اشتراط الرسمية ـ أن يحدد المبيع في عقد البيع وأن يحدد به ثمن على ألا يكون تافها وإلا اعتبر العقد هبة مكشوفة أما إن كان الثمن بخس فقد يكون حقيقياً ويصح البيع ويجب ألا يقرر البائع أنه وهب الثمن للمشترى أو أبرأه منه فهذه هبة سافرة تستلزم الشكلية وتؤدى إلى بطلان عقد البيع الساتر لها حتى فميا بين المتعاقدين باعتباره هبة لم تستوف الشكل المقرر لها

 إذ يعتبر التصرف تبرعا وليس معاوضة عند تطبيق أحكام الدعوى البوليصية أو الإفلاس ولكن ليس ضرورياً أن يذكر فى البيع أن الثمن قد قبض بل يصح تصويره على أنه دين قائم بذمة المشترى.

ولا يعتد بالإقرار الصادر من المتصرف إليه باعتبار التصرف هبة طالما لم يثبت ذلك من المحرر الذى سترها، ومتى استوفى العقد السائر أركان عقد البيع، جاز لأى من طرفيه أن يطلب الحكم بصحته ونفاذه وحينئذ تقضى المحكمة بذلك، أما إن تبين للمحكمة أن العقد هبة سافرة وغير مستور بعقد بيع

 قطعت برفض الدعوى ولو من تلقاء نفسها لبطلان العقد بطلانا مطلقاً لتخلف الرسمية، وإذا تم تنفيذ الهبة بتسليم العقار، فإن العقد يظل على طبيعته هبة سافرة وليس بيعاً مما يحول دون القضاء بصحته ونفاذه كبيع.

هبة الثمن

قررنا فيما تقدم أن عقد البيع الساتر للهبة يقع باطلا إذا تضمن أن المتصرف وهب الثمن في عقد البيع أو المقابل في العقود الأخرى للمتصرف إليه أو أنه أبرأه منه لأن العقد الساتر في هذه الحالة يصبح هبة سافرة لا تنعقد إلا إذا استوفت الشكل المقرر لها بأن تكون بعقد رسمي ما لم تكن هبة منقول فتتم بالقبض دون حاجة إلى رسمية.

أما إذا كان من وهب الثمن أو المقابل الذى دفع ليس طرفا في التصرف

فإن التصرف يكون حقيقياً غير ساتر لهبة ولا يصح الطعن عليه بهذا السبب وينتقل العقار بموجبه إلى المشترى كما لو كان الأخير هو الذي قام بالوفاء بالثمن من ماله الخاص وذلك فى العلاقة فيما بينه وبين البائع له، يستوى أن تكون هناك علاقة قرابة بين البائع والمشترى ومن وهب الثمن أو لم توجد مثل هذه العلاقة إذ لكل ذمة مالية مستقلة، ولأن هبة الثمن هنا هي هبة منقول فتتم بالقبض.

ولا يكون لدائني واهب الثمن إلا الرجوع بالدعوى البوليصية في الدين المدني وبهذه الدعوى وبدعوى البطلان فى الدين التجارى متى توافرت الشروط اللازمة لذلك، ولا يكون الرجوع لإبطال البيع، لأن مدينهم لم يكن طرفا فيه، وإنما لإبطال التصرف الذى كان مدينهم طرفا فيه وهو هبة الثمن للمشترى فيختصموا مدينهم وهذا المشترى

أما البائع فلا موجب لاختصامه لأنه لا يجبر على رد الثمن إلا إذا أبطل البيع أو فسخ وهو ما لا يجوز القضاء به لعدم توافر ما يبرر ذلك. ومتى قضى بإبطال هبة الثمن التزم الموهوب له «المشترى» برد ما قبضه من الواهب

 وهذا الحكم يمكن تنفيذه جبراً بالحجز على العقار الذي آل إلى المشترى بموجب العقد ثم بيعه، فإن كان المشترى تصرف لآخر في العقار جاز التنفيذ على أي مال آخر له وأيضاً إبطال التصرف الأخير.

الإثبات فى الهبة المستترة في عقد بيع

صحة عقد البيع الساتر لهبة

يقع عبء الإثبات على من يدعى أن العقد الظاهر ليس إلا هبة مستترة في صورة عقد بيع ليجري عليه أحكام الهبة الموضوعية  فيخضع الإثبات للقواعد العامة فيما بين المتعاقدين فتلزم الكتابة إذا جاوز التصرف نصاب البينة مالم يكن هناك مانع أدبي

أما بالنسبة للغير كدائن الواهب إذا طعن في الهبة المستترة بالدعوى البوليصية فله إثبات أن العقد الظاهر ما هو إلا هبة مستترة وذلك بجميع طرق الإثبات لأن الغير لا يكلف الإثبات بالكتابة، وقاضي الموضع هو الذي بيت فيما إذا كان التصرف هبة مستترة أم لا

قضت محكمة النقض بأن

المادة (٤۸۸) من القانون المدني تجيز حصول الهبة تحت ستار عقد آخر، وهى تخضع في شكلها القواعد الخاصة بالعقد الذي يسترها، وأن الهبة المستترة في صورة عقد بيع تصح متى كان العقد جامعاً في الظاهر لأركان البيع اللازمة لانعقاده وأن الثمن وإن كان يعتبر ركناً أساسياً في عقود البيع

إلا أنه على ما يستفاد من نص المادتين (٤٢٣) ، (٤٢٤) من القانون المدني

أنه لا يشترط أن يكون الثمن مبيناً بالفعل في عقد البيع فإذا ما خلا العقد المكتوب من قيمة الثمن مع تضمنه إقرار طرفيه بأن البيع قد تم نظير ثمن نقدى دفعه المشترى وقبضه البائع فلا يبطل البيع لأن إقرار طرفيه بذلك يعنى إقرارهما باتفاقهما على ثمن نقدى معين وهو ما يكفى لانعقاد البيع باعتباره عقدا رضائيا

 لما كان ذلك

وكان العقد محل النزاع قد تضمن بيع الطاعنين حصتهما في محل الجزارة إلى المطعون ضدهما، وتضمن كذلك ما يفيد دفع الأخيرين المقابل المالي – أي الثمن النقدي  – لهذه الحصة إلى الأولين ومن ثم فإن هذا العقد يكون قد جمع فى ظاهره أركان البيع اللازمة لانعقاده، ويصلح يكون ساتراً لعقد الهبة وهو ما يغنى عن الرسمية بالنسبة لها، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى ذات النتيجة فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.

 نقض ۱۹۹۱/٥/٩ طعن ٥٢٦ ق

والمقرر في قضاء هذه المحكمة أن

الهبة المستترة في صورة عقد بيع تصح كان العقد جامعاً فى الظاهر لأركان البيع اللازمة لانعقاده، ومن ذلك أن يكون مذكوراً به الثمن بطريقة غير نافية لوجوده ولو ثبت بأدلة أخرى أن حقيقة نية التصرف هى التبرع .

نقض ۱۹۸۳/۱۲/۱۵ طعن ۵۹۹ س ٥٠ ق

 وتبرع البائع لأبنائه القصر  بالثمن في العقد والتزامه بعدم الرجوع في تبرعه يفصح عن أن التصرف هبة ساترة وقعت باطلة لتخلف الشكل الرسمي الذي يتطلبه نص الفقرة الأولى من المادة (٤۸۸) من القانون المدني ولا يعتبر هذا التصرف بيعاً إذا لم يستهدف العقد أحد أركان البيع وهو الثمن، ولا يصلح العقد وهو على هذا الحال أن يكون ساتراً للهبة وفقاً لما تجيزه الفقرة الثانية من المادة آنفة الذكر لأن مناط صحة الهبة المستترة أن يكون العقد الذي يسترها مستوفى الأركان والشرائط القانونية.

 نقض ۱۹۸۲/۵/۱۳ طعن ۸۷۲ س ۱ه ق

وأنه لما كان التكييف الصحيح لتداخل طرف ثالث في عقد بيع العقار ، وقيامه بدفع كامل الثمن من ماله إلى البائع على سبيل التبرع مقابل أن تنتقل الملكية من الأخير إلى المشترى مباشرة أن هذا التصرف في حقيقته هبة غير مباشرة، وأن المال الموهوب ليس هو الثمن بل هو العقار المبيع ذاته ولما كان ذلك، وكان الثابت من عقد البيع موضوع الدعوى أن مورثة الطاعنين كانت طرفاً فيه

وقد تضمن هذا العقد أنها هى التى دفعت إلى البائعين كامل الثمن من مالها تبرعاً منها للمشترين، مما مفاده أن المورثة هى المشترية الحقيقية للأطيان المبيعة وقد قصدت بتصرفها أن تختصر الطريق والإجراءات فلا تشترى بعقد ثم تهب بآخر بل يتم الأمران بعقد واحد

 وكان التكييف الصحيح لهذا التصرف أنه هبة غير مباشرة منها لولدها وزوجته وأولادهما وأن المال الموهوب في الحقيقة ليس هو الثمن كما هو وارد بالعقد بل هو الأطيان المبيعة به ذاتها،

لما كان ذلك

 وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وجرى في قضائه على أن المورثة لم تكن طرفا في العقد واستخلص من عبارات العقد أن المال الموهوب هو الثمن وليس الأطيان المبيعة وأن هذا الثمن قد هلك بدفعه من المشترين إلى البائعين

ورتب الحكم على هذا الاستخلاص الفاسد

عدم جواز الرجوع في الهبة تطبيقا لنص الفقرة السادسة من المادة (۵۰۲) من القانون المدني وتحجب بذلك عن مواجهة ما أثارته الواهبة من جحود المطعون ضدها الأولى فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وشابه قصور في التسبيب .

نقض ۱۹۸۸/۱۰/۲٥ طعن٢٣٤٢ س  55  ق ، ۱۹۷۳/۱۱/۲۹ طعن ١٧٦ س ۳۸ ق

وأن المادة (٤۸۸) من القانون المدني تجيز حصول الهبة تحت ستار عقد آخر وهى تخضع في شكلها للقواعد الخاصة بالعقد الذي يسترها والهبة المستترة في صورة عقد بيع تصح متى كان العقد جامعاً في الظاهر لأركان البيع اللازمة لانعقاده أي مذكوراً فيه الثمن بطريقة غير نافية لوجوده، وتحقق ذلك لا يغير منه وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – وجود ورقة أو اكتشاف دليل بأي سبيل يكشف عن حقيقة اتجاه نية التصرف إلى التبرع طالما توافر الشكل الظاهري.

نقض ۱۹۷۹/٣/١٤ طعن ۲6۹ س ٤٢ ق

وإذا كان الواقع في الدعوى أن العقد استوفى ظاهرياً الأركان القانونية لعقد البيع المنجز من بيع وثمن، وأنه صدر من الطاعن بصفته الشخصية إلى نفسه بصفته ولياً شرعياً على أولاده المطعون عليهم وقت أن كانوا قصرا  وكانت المادة (٤٨٧) من القانون المدني تجيز للولي الشرعي أن ينوب عن الموهوب له في قبول الهبة  ولو كان الواهب فيكون له أن يتعاقد مع نفسه، فإن التصرف المعقود باعتباره هبة مستترة فى صورة البيع تكون قد توافرت له شرائط الصحة.

نقض ١٩٧٩/٣/١ طعن  ٦٦٩ س ٤٢ ق

وأنه إذا كان البين من عقد البيع أنه ينص على أن المورث قد باع العقار محل النزاع إلى نفسه بصفته ولياً شرعياً على أولاده القصر ودفع الثمن تبرعاً منه لأولاده المذكورين ورأت المحكمة أن الادعاء بأن دفع المورث الثمن بصفته وليا شرعياً يفيد أنه من مال القصر لا يتسق وباقي عبارات العقد من أن المورث قد تبرع بالثمن ووهبه لأولاده القصر الذين اشترى العقار لهم والتزم بعدم الرجوع في تبرعه

 بما يدل على

صحة عقد البيع الساتر لهبة

أنه قد تبرع بالثمن في العقد الأمر الذي يفصح عن أن التصرف هبة سافرة وليس بيعًا إذ لم تستوف بيانات العقد أحد أركان البيع وهو الثمن ومن ثم فلا يصح لستر الهبة الحاصلة بموجبه والتي تعتبر باطلة لعدم اتخاذها الشكل الرسمي ولا تعتبر وصية  لأن العقد غير محرر بخط المورث ولم يصدق على توقيعه عليه، فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر يكون مخطئًا في تطبيق القانون .

نقض ۱۹۷۸/۳/۲۹ طعن ٨٤٣ س 44 ق ، ١٩٤٦/٥/٢٢ ج ٢ في ٢٥ سنة ۱۱۹۲، ۱۹۸۲/۱۰/۱۳ طعن ۸۷۲ س ۱ه
Print Friendly, PDF & Email
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض

الأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض خبرات قضائية فى القانون المدنى والملكية العقارية ودعاوى الإيجارات ودعاوى الموظفين قطاع حكومى وخاص وطعون مجلس الدولة والنقض ليسانس الحقوق 1997

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

©المقالة محمية بحقوق النشر الحقوق ( مسموح بالتحميل pdf في نهاية المقالة)

* { -webkit-touch-callout: none; /* iOS Safari */ -webkit-user-select: none; /* Safari */ -khtml-user-select: none; /* Konqueror HTML */ -moz-user-select: none; /* Old versions of Firefox */ -ms-user-select: none; /* Internet Explorer/Edge */ user-select: none; /* Non-prefixed version, currently supported by Chrome, Opera and Firefox */ }