كسب الملكية العقارية فى السجل العيني

القول الفصل أنه يحق كسب الملكية العقارية فى السجل العيني ، فقد كان يعتقد الجانب الغالب من الفقه المصري أن التقادم يجب ألا يعتبر سببا من أسباب اكتساب الحقوق العينية في ظل نظم السجل العيني وهو ما يقتضي دراسة موقف قانون السجل العيني في مصر من هذا التصور .

أراء فقهاء القانون وكسب الملكية

كسب الملكية العقارية

يذهب غالبية الفقه في مصر إلى أن الأصل في نظم السجل العيني هو عدم الاعتداد بالتقادم كسبب من أسباب الملكية ذلك أن هذا السبب من أسباب كسب الملكية يتعارض مع مبدأ الشهر لمطلق ومع مبدأ قوة الثبوت المطلقة التي تترتب للحقوق العينية العقارية بموجب قيدها في السجل العيني .

(محمد عبد العزيز يوسف ، بحوث في نظام السجل العيني المصري ص444 وما بعدها)

ويستند الفقه الرافض لاكتساب الحقوق العينية بالحيازة إلى أن السماح باكتساب الحقوق العينية عن طريق وقائع مادية وبالإضافة الى أنه لن يفيد إلا المغتصب سيئ النية ، فإن هذا السبب من أسباب كسب الحقوق العينية ويؤدي إلى إهدار المزايا المرتبطة بتطبيق نظام السجل العيني من حيث توفير الثقة ببيانات السدل وتحقيق الثقة المطلقة في الحقوق المقيدة به .

(الدكتور حسن عبد الباسط جميعي ، مرجع سابق)

وبالإضافة إلى ما تقدن فقد ذهب بعض الفقه إلى القول بأن من شأن إسقاط التقادم كسبب من أسباب كسب الحقوق العينية العقارية أن يزيل أسباب النزاع الناجمة عن الاعتداء وغصب حقوق الآخرين ، وأن يغلق الباب أمام القضايا المترتبة على هذا النوع من المنازعات التي لا يوجد في الواقع مبررا قانونا مقنعا لها ، ويذكر أصحاب هذا الرأي في سبيل المثال المنازعات المرتبطة باكتساب حقوق الارتفاق بالمطل

نتيجة فتح مطل على عقار الجار ، أو بالارتفاق بالمرور نتيجة استمرار استخدام أصحاب الأراضي المجاورة للأرض الخادمة لمدة طويلة ، ففي هذه الحالات فإن عدم اعتبار التقادم من أسباب كسب حق الاتفاق سوف يفتح مجالا للتسامح بدلا من النزاعات التي تشغل القضاء لفترات طويلة ويهدر فيها الكثير من الوقت والمال .

( منصور وجيه ، المرجع السابق ص476)

وفي ضوء ما تقدم من مبررات فقد وردت معظم نظم السجل العيني مقررة لمبدأ حظر اعتبار التقادم من بين أسباب كسب الحقوق العينية العقارية ذلك أنه إذا كان التقادم لازما في ظل نظام الشهر الشخصي – وكما سبق بيانه أعلاه – لتأمين الثقة في المعاملات العقارية في مواجهة احتمالات فقدان السندات المثبتة للحقوق العينية العقارية فإن هذه الحجة تنتفي في ظل قانون السجل العيني حيث لا تخوف من فقدان هذه السندات طالما أن القيد في السجل هو سند اكتسب هذه الحقوق .

(الدكتور حسن عبد الباسط جميعي ، مرجع سابق)

لذلك فقد ورد نص المادة 925 من القانون المدني السوري صراحة بأنه ” لا يسري التقادم في الحقوق المقيدة في السجل العقاري” ، كما ورد نص المادة 19 من القرار رقم 18 الصادر في 15 مارس 1926 بأنه

مرور الزمان لا يعترض به على الحقوق المسجلة في السجل العقاري 

كذلك فقد وردت نصوص صريحة بذات المبدأ – حظر اعتبار التقادم من أسباب كسب الحقوق العينية العقارية – في تشريعات دول كثيرة أخرى ، ومن ذلك القانون اللبناني والقانون الليبي والقانون الأردني والقانون المغربي والقانون التونسي وكذلك ومن حيث المبدأ القانون الألماني .

ماذا قال قانون السجل العيني

ملكية الأرض والعلو العقارى وبطلان العقد فى شق منه

نصت المادة 13 من قانون السجل العيني المصري على أنه

” لا تثبت الحقوق على أساس وضع اليد إلا اذا لم يكن في المحررات المشهرة ما يناقضها ” ، كما ورد في نص المادة 37 من ذات القانون على أنه ” يكون للسجل العيني قوة إثبات لصحة البيانات الواردة فيه ، ولا يجوز التمسك بالتقادم على خلاف كما هو ثبات بالسجل” .

وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للقانون أن

من أهم المزايا التي يحققها هذا القانون :

” حظر التملك بالتقادم كقاعدة عامة “

وورد في مشروع المذكرة الشارحة تفصيل ذلك بأنه

” تسهيلا للإدراج الأول في السجل تقضي المادة 13 من مشروع القانون بأنه لا يصح للمصلحة إثبات الحقوق على أساس وضع اليد المكسب إلا إذا لم يكن في المحررات المشهرة ما يناقصها ، ومن المفهوم أنه يجب على أمانة السجل التثبت في هذه الحالة من توافر شروط اكتساب الملكية بالتقادم ” ، كما ورد في ذات مشروع المذكرة الشارحة تعقيبا على نص المادة 37 أنه “

وأخذا بمبدأ القوة المطلقة للقيد في السجل العيني نصت المادة 37 من هذا القانون على أن يكون للسجل العيني قوة إثبات مضى خمس سنوات من انقضاء المدة المشار إليها في القرار الوزاري المنصوص عليه في المادة الثانية من قانون الإصدار

وجدير بالذكر في هذا المقام أن التقادم لا يسري كقاعدة عامة في مواجهة الحقوق المقيدة بالسجل في تشريعات السجل العيني محل المقارنة استنادا الى ما يقرره الفقه من تعارض التقادم مع مبدأ الشهر المطلق ومبدأ القوة المطلقة في السجل

وهو ما نصت عليه المادة 18 من القرار 188 – السوري – بقولها أن مرور الزمن لا يعترض به على الحقوق المسجلة في السجل العيني ” ، بمعنى أنه بصيرورة القيد نهائيا لا يجوز للغير اكتساب أى حق عيني في السجل بالتقادم .

هذا وقد أورد نص المادة 38 من قانون السجل العيني الاستثناءات التي ترد على المبدأ السابق فجاء بأنه

” استثناء من أحكام المادة السابقة يقبل قيد الحقوق استنادا الى وضع اليد المكسب للملكية إذا رفعت الدعوى أو صدر الحكم فيها خلال خمس سنوات من انقضاء المدة المنصوص عليها في القرار الوزاري المشار إليه في المادة الثانية من قانون الإصدار 2- ولا تكون هذه الحقوق حجة على من تلقى حقا عينيا من المالك المقيد قبل حصول التأشير المنصوص عليه في المادة 32 من هذا القانون ” .

وقد استنتج معظم الفقه المصري من النصوص السابقة أن المشرع المصري قد سار على ذات النهج الذي استقرت عليه غالبية التشريعات الخاصة بنظام السجل العيني وتبني مبدأ حظر اكتساب الحقوق العينية العقارية عن طريق التقادم .

ولكن بالنظر الى عدم دقة النصوص الواردة في قانون السجل العيني فقد ظل الباب مفتوحا أمام الفقه لينتقد من ناحية أولى هذه الصياغة ، وليدلي بدلوه – من ناحية أخرى – في صحة الاستناد إليها لإقرار إمكانية التمسك بالتقادم لاكتساب الحقوق العينية العقارية .

لذلك تقسم الدراسة في هذا المبحث الى ثلاثة أفرع

  • الأول : دراسة موقف المشرع من التقادم في فترة القيد الأول
  • الثاني : دراسة مدى إمكان التمسك بالتقادم في مرحلة القيود التالية على القيد الأول
  • الثالث : إمكانية الأخذ بالتقادم كسب من أسباب كسب الحقوق العينية في ظل قانون السجل العيني المصري .
( الدكتور حسن جميعي ، مرجع سابق ص259 والدكتور علي حسن نجيدة ، الشهر العقاري في مصر والمغرب ص98 وما بعدها)

التقادم فى مرحلة القيد الأول

كسب الملكية العقارية

ورد نص المادة 13 من قانون السجل العيني بأنه

لا تثبت الحقوق على أساس وضع اليد إلا إذا لم يكن في المحررات المشهرة ما يناقضها

ويتضح من هذا النص

أنه ولكى يمكن قيد التقادم كسبب من أسباب كسب الحقوق العينية العقارية في إطار القيد الأول في السجل العيني فإنه يجب أن تكتمل مدة التقادم المكسبة للحق العيني العقاري مع توافر باقي الشروط اللازمة لصحة التقادم وفقا لما ورد به نص المواد 968 وما بعدها من القانون المدني ، كذلك يجب ألا يتعارض وضع اليد مع ما هو ثابت في محررات مشهرة طبقا لقانون تنظيم الشهر العقاري

ولقد سمح المشرع في نص المادة 13 بقيد التقادم الذي تثبت به الحقوق العينية العقارية بالرغم من أنه قد رفض من حيث المبدأ التقادم كسبب من أسباب كسب الحقوق العينية العقارية ،

والحكمة من هذا الاستثناء واضحة بالنظر الى أن هذا السماح بقيد التقادم محدود بوضع اليد الذي يكون قد استوفى شروطه واكتملن مدته القانونية – سواء في ذلك التقادم القصير أو التقادم الطويل – قبل إجراء القيد الأول للحق العيني العقاري في السجل العيني

ويلاحظ في هذا الصدد أن القيد الأول قد بتأخير إجراؤه الى فترات قد تطول بعد العمل بقانون السجل العيني ، إذ أنه وحتى إذا ما صدر القرار الوزاري بتحديد سريان القانون على القسم المساحي الذي يقع بدائرته العقار محل الحق ،

فإن تخصيص الصفحات العقارية لن يتم مرة واحدة بما يغطي جميع العقارات الواقعة في هذه الدائرة المساحية ، وإنما يتم تخصيص الصفحات العقارية تدريجيا ، لذلك فإنه وفي حالة بدأ إجراءات وخطوات العمل على الطبيعة ن فإنه لمن اكتملت مدة وضع اليد القانونية التي تسمح له باكتساب الحقوق العينية العقارية أن يتخذ إجراءات قيد الحق المكتسب بالتقادم .

(الدكتور حسن عبد الباسط جميعي ، مرجع سابق ص263)

على أنه يلاحظ على نص المادة 13 من قانون السجل العيني أنها جعلت من عدم التعارض مع المحررات المشهرة – وفقا لنظام الشهر الشخصي – شرطا لقبول قيد الحقوق العينية العقارية المكتسب بالتقادم

وقد جاءت المذكرة الشارحة للقانون في تعليقها على المادة 13 بأنه

” ….. ومن المفهوم أنه يجب على أمانة السجل التثبيت في هذه الحالة من توافر شروط اكتساب الملكية بالتقادم ” ، ثم ورد في تعليق هذه المذكرة على نص المادة 14 أنه “

أما إذا قام التناقض بين المحرران المشهرة …. تتولى إدارة السجل العيني إثبات الحقوق في صحيفة واحدة باسم من تعتبره صاحب الحق بعد فحص المحررات المتناقضة ودراستها ….

وبديهي أنه لا يدخل في حكم النص حالة التنازع في وضع اليد ، إذ العبرة هنا بالمحررات المشهرة المؤيدة بوضع اليد” ، ويعني ذلك أن المشرع وبالرغم من أنه أتاح قيد الحقوق المكتسب بالتقادم

إلا أنه وعلى خلاف ما وردت به أحكام القانون المدني في اكتساب الحقوق بالتقادم قد أضاف شرطا جديدا لاكتساب الحق بالتقادم وهو عدم تعارض وضع اليد المكسب للحق العين العقاري مع المحررات المشهرة

ومما لا شك فيه أن هذا الشرط يعد شرطا غير مبرر بالإضافة الى أنه يتناقض مع مقتضيات الاستثناء المتعلق بالقيد الأول من ناحية ، ويتناقض مع أحكام قانون تنظيم الشهر العقاري من ناحية أخرى .

(الدكتور ياسين محمد يحيى ، نظام السجل العيني ص171)

فهذا الشرط يعد شرطا غير مبرر لأن الهدف من القيد الأول حسم النزاعات على الحقوق العينية العقارية الواردة على العقار محل القيد الأول ، وقيد الحق باسم من تثبت الدراسة والفحص أحقيته القانونية ، فإذا كان نص المادة 13 يقنن الأوضاع القانونية والحقوق الثابتة قبل العمل بالقانون

فإن إيراد هذا الشرط لا يجد له سببا واضحا ولا مبررا سائغا ، خصوصا وأن الهدف من رفض التقادم هو حماية الثقة في بيانات السجل ، وهى لا تتواجد قبل إتمام إجراءات القيد الأول .

كذلك فإن هذا الشرط يعتبر مخالفا لأحكام قانون تنظيم الشهر العقاري ، لأنه وفي ظل هذا القانون الأخير فإن التقادم يعتبر سببا قانونيا لاكتساب الحقوق العينية العقارية

ويرتبط بذلك ويعتبر مبررا لاعتبار التقادم من أسباب كسب الملكية – أن نظام الشهر الشخصي لا يترتب عليه توفير الثقة المطلقة في بيانات الشهر ، لذلك فإن نظام الشهر الشخصي لا يحمي صاحب الحق العيني الأصيل بالتالي من إهدار هذا الحق واكتسب الغير له بالتقادم بالرغم من أن صاحب الحق الأصيل يحتفظ بالسند المشهر المثبت للملكية أو الحق العيني العقاري ، ومن هذا يتبين أن قانون السجل العيني

وبالإضافة الى أنه لم يكن هناك ما يبرر إيراد شرط عدم تعارض التقادم مع المحررات المشهرة ، فإنه قد خالف بهذا الشرط وبغير مبرر أيضا أحكام قانون تنظيم الشهر العقاري الذي تم اكتسب الحق في ظله التقادم ، ونحن من جانبنا نرى أن المشرع قد أهدر بهذا الشرط الحق العيني الذي تم اكتسابه في ظل قانون تنظيم الشهر العقاري والذي لا يعتبر الشهر شرطا في نشئوه

ويجدر في هذا المقام أن نشير الى أن المشرع لا يستطيع أن يسلب حقا من أى شخص من الأشخاص القانونية – حتى وإن كان ذلك لتحقيق مصلحة المجتمع – بغير أن يتم تعويض هذا الشخص تعويضا عادلا عما تم نزع ملكيته أو الاستيلاء عليه ، فإذا كان حرمان الشخص من حقه بموجب نص هذه المادة – م13 من قانون السجل العيني – يتم لمصلحة شخص آخر وليس للنفع العام ، فإن ذلك يقتضي تدخل المشرع بإلغاء هذا الشرط في ضوء ما سبق بيانه.

(الدكتور حسن جميعي ، مرجع سابق ، الدكتور ياسين محمد محي ، مرجع سابق)

أخيرا فإن هذا الشرط يتناقض مع مقتضيات الاستثناء الذي تبناه المشرع على مبدأ رفض التقادم كسبب من أسباب كسب الحقوق العينية العقارية ، فبينما كان الدافع وراء هذا الاستثناء هو رغبة المشرع في احترام الأوضاع القانونية المستقرة والحقوق المكتسبة قبل تطبيق قانون السجل العيني

فإنه كان من الضروري احترام الحقوق العينية العقارية التي تك اكتسابها بالتقادم في الفترة السابقة على قيد الحق في السجل العيني

وحيث أن الحق العيني العقاري المكتسب بالتقادم يدخل في إطار هذا المفهوم ، لذلك فإن استلزام عدم تعارض هذا الحق مع المحررات المشهرة يعني وبوضوح عدم التزام المشرع بالهدف الذي من أجله وضع هذا الاستثناء .

(الدكتور حسن جميعي ، ص 276 ، مرجع سابق)

التقادم فى مرحلة القيود التالية وكسب الملكية

كسب الملكية العقارية

يتداخل من الاستثناء السابق ما أورده المشرع في نص المادة 38 من قانون السجل العيني والتي جاءت باستثناء مباشر – ولكنه محدود زمنيا – على المبدأ الذي ورد به نص المادة 37 من رفض التملك أو اكتساب أى حق من الحقوق العينية العقارية بالتقادم

وفي هذا الصدد فقد جاء نص المادة 38 من قانون السجل العيني بأنه ” استثناء من أحكام المادة السابقة يقبل قيد الحقوق استنادا الى وضع اليد المكسب للملكية إذا رفعت الدعوى أو صدر الحكم فيها خلال خمس سنوات من انقضاء المدة المنصوص عليها في القرار الوزاري المشار إليه في المادة الثانية من قانون الإصدار ” .

فمن أجل رعاية الأوضاع القانونية المستقرة والتي يعتبر وضع اليد المكسب للحقوق العينية العقارية من أهمها بالنسبة لإعمال وتطبيق قانون السجل العيني ، فقد نص المشرع على تلك الفترة الانتقالية وسمح خلالها باستثناء الحقوق العينية العقارية التي تكتمل مدة التقادم المكسبة لها خلال خمس سنوات من تاريخ سريان قانون السجل العيني على القسم المساحي الذي يقع بدائرته العقار محل الحق .

وحتى يمكن إعمال هذا الاستثناء فلابد أن ترفع دعوى اكتساب الحق العيني العقاري أو يصدر الحكم فيها خلال خمس سنوات من انقضاء المدة التي نص عليها المشرع في المادة الثانية من قانون الإصدار ، وهى المدة التي تبدأ من تاريخ سريان قانون التسجيل على القسم المساحي الذي يقع بدائرته العقار محل الحق

كما سلف بيانه ، وفي حال تحقق هذا الشرط فإنه يجب أيضا – ووفقا للقواعد المقررة في شأن القيد بهذا السجل – أن يحصل واضع اليد والمدعى لاكتساب الحق العيني بالتقادم على حكم بثبوت الحق العيني العقاري ، حتى يمكن قيد الحق في السجل العيني .

ويتضح من هذا الاستثناء أن المشرع قد أراد به أن يستكمل مقتضيات الفترة الانتقالية . فحيث أن الحقوق التي اكتملت بشأنها مدة التقادم يتم قيدها في السجل العيني برغم تعارض ذلك مع مبدأ رفض التقادم ، فإنه يجب منح من لم تكتمل له مدة التقادم مهلة مناسبة بشرط ألا يكون ذلك حجة على الغير الذي تلقى عينيا من المالك المقيد في السجل قبل حصول التأشير المنصوص عليه في المادة 32 من هذا القانون .

(المذكرة الإيضاحية ، مرجع سابق)

هذا ويتضح أيضا وفي ضوء المقارنة بين المادة 13 ، والمادة 38 أن ما تقرر في المادة 13 ليس استثناءا حقيقيا ، وإنما هو من مقتضيات نقل الحقيقة القانونية الى السجل العيني من خلال القيد الأول ، والذي يعتبر بمثابة شهادة ميلاد الوحدة العقارية .

وذهب رأى الى أن قيد التقادم الذي تكتمل مدته قبل إتمام القيد الأول – وكما أوضحنا – لا يتعارض مع بيانات السجل العيني أو مقتضياته ، كما ولا يتناقض مع ما ورد في قانون السجل العيني من مبادئ . فالاستثناء ليس إذن إعمالا للقانون بأثر رجعي

بل هو في حقيقة الأمر إعمال للقانون بأثر فوري ، وطالما أن إعمال قانون السجل العيني يتم بأثر فوري ، فإن ليس من شأنه إهدار ما تم اكتسابه من حقوق بموجب وضع اليد قبل العمل بالقانون ، خصوصا وأن القانون المدني لا يزال يتيح اكتساب الحقوق العينية العقارية بالتقادم .

(الدكتور حسن عبد الباسط جميعي ، مرجع سابق)

لذلك فإن الحقيقة هى أن الحظر الوارد على اكتساب الحق بالتقادم لا يتعلق إلا بما يتم قيده من الحقوق العينية في السجل في المرحلة التالية على القيد الأول .

وبناء على ما تقدم ، فإنه يتبين أن الاستثناء الحقيق هو الاستثناء الوارد بموجب نص المادة 38 ، خصوصا وأنه يسمح باستكمال مدة وضع اليد المكسبة للحق بعد قيد الحق العيني العقاري في السجل العيني والذي تتحصن به الحقوق في ضوء رفض قانون السجل العيني للتقادم كسبب من أسباب كسب الحقوق العينية العقارية .

وفي هذا الصدد فإننا نعتقد بأن هذا الاستثناء يسمح بالتمييز غير المبرر – بل والتعسفي – بين من تبقى على استكمال مدة وضع اليد المكسبة للحق خمس سنوات دونا عن غيره من واضعي اليد الذين يكون قد بقى على اكتمال مدة وضع اليد الخاصة بهم أكثر من خمس سنوات

ومن هؤلاء على سبيل المثال من قد تكون المدة المتبقية بالنسبة إليه هى خمس سنوات ويوم واحد ، كذلك فإن هذا الاستثناء يبدو مميزا أيضا وبغير مبرر للتقادم القصير الذي يبدأ سريانه قبل سريان قانون السجل على القسم المساحي الذي يقع العقار في دائرته ، إذ أنه وفي جميع الأحوال فلابد من أن تكتمل مدة هذا التقادم خلال مهلة الخمس سنوات السالف الإشارة إليها .

(الدكتور حسن عبد الباسط جميعي ، مرجع سابق)

و يعني ما تقدم أن المشرع فيما ورد به نص المادة 38 قد اتجه وبغير ضرورة تدعو الى ذلك حماية مجرد الأمل – وليس الحق المكتسب – لغاصب الحقوق العينية العقارية في الاستفادة من وضع اليد الذي لم تكتمل مدته ، وهو ما يبدو متنافرا مع ما أراد المشرع تحقيقه من نظام السجل العيني في ظل تنبيه لمبدأ رفض التقادم كسبب من أسباب كسب الحقوق العينية العقارية

بل أن هذه المهلة قد تسمح بالاعتداد بالتقادم القصير الذي يبدأ في ذات يوم سريان القانون على القسم المساحي ، وهو ما يتناقض بشكل أكثر وضوحا وبغير مبرر أيضا مع رغبة المشرع في توفير الثقة في بيانات السجل الذي يعبر عنه مبدأ قوة الثبوت المطلقة ، ورفض الأخذ بالتقادم في ظل تطبيق قانون السجل العيني .

وخلاصة ما تقدم

أنه إذا ما قبلنا برفض التقادم كسبب لاكتساب الحقوق العينية العقارية فإن هذا الاستثناء يصبح لا مبرر له بل ويعتبر قيامه متعارضا مع نظام السجل ومبدأ قوة الثبوت المطلق خلال المهلة المقررة بما يخلق حالات للمنازعة لم يكن هناك أى مبرر للإبقاء عليها ، وبالتالي يكون من الضروري إلغاء نص المادة 38

(راجع فيما سبق الدكتور حسن عبد الباسط جميعي ، مرجع سابق)

التمسك بكسب الملكية العقارية

كسب الملكية العقارية

سبق وقدمنا بأن معظم التشريعات التي تثبت نظام السجل رفضت التقادم كسبب من أسباب كسب الحقوق العينية العقارية ، وقد برر الفقه المؤيد لهذا الموقف التشريعي ذلك في ضوء ما يعتقده من تعارض التقادم مع طبيعة السجل العيني

ومبدأ الثقة المكلفة التي يوفرها السجل للبيانات التي يتم إدراجها فيه . كما ذهب هذا الفقه الى أن طبيعة القوة المطلقة للقيد تقتضي أن يكون من أثبت اسمه في السجل كمالك – أو صاحب حق عيني عقاري – يصبح في مأمن تام من أن يفاجأ بادعاء أى مغتصب يزعم أنه قد تملك العقار بوضع اليد .

( إبراهيم أبو النجار ص 462 وما بعدها)

لكن وبالرغم من أن الاتجاه الغالب يؤيد رفض التقادم كسبب من أسباب كسب الحق العيني العقاري في ظل نظام السجل العيني ، إلا أننا نؤيد الرأى المخالف الذي يعتقد ويحق في أن التقادم لا يتعارض مع طبيعة نظام السجل العيني وأن كل ما سبق من حجج لا يمكن قبوله على إطلاقه .

(الدكتور محمد لبيبي شنب ، ص 610)

فإذا كان مبدأ الشهر المطلق يقتضي ألا ينشأ (أو يزول أو يتغير) الحق العيني إلا بقيده في السجل العيني ، وأن ذلك يقتضي استبعاد الأسباب الخفية لاكتساب وزوال الحقوق العينية ، فإن ذلك مردود عليه ، فمما لا شك فيه أن قوة الثبوت المطلقة المترتبة على الشهر في السجل العيني تقتضي عدم الاعتداد بالحق العيني الذي ينشأ في الخفاء بما يقلل من الثقة الواجب توافرها فيه

على أن ذلك لا يعني أن التقادم لا يصلح سندا لاكتساب أو زوال الحقوق العينية العقارية ، فهذا القول لا يعد صحيحا إلا عند تثبيت المشرع بترتيب اكتساب الحق العيني العقاري أو زواله على مجرد مضى المهلة القانونية

فإذا كان من غير المقبول في ظل نظام السجل العيني أن يرتب مضى المدة المقررة قانونا (خمس سنوات في حالات التقادم التقصير ، وخمس عشرة سنة في التقادم الطويل)

أن ينشأ حق عيني عقاري لواضع اليد على العقاري فإن ذلك يمكن تلافيه بتعليق الأثر العيني المترتب على وضع اليد الى مرحلة ما يعد إتمام قيد الحق من خلال الإجراءات الإدارية التي يقررها المشرع أو بعد قيد الحكم القضائي المثبت لتوافر شروط اكتساب الحق والذي يصبح سندا لقيده في السجل العيني

وبهذه الكيفية فإن التقادم وبالرغم من كونه السند القانوني لاكتساب الحق إلا أنه لن يكون ولا يمكن اعتباره منشئا أو منهيا للحق العيني على العقار ، حيث لن يكتسب الحائز الحق العيني العقاري إلا بناء على القيد في السجل العيني .

(الدكتور حسن عبد الباسط جميعي ، مرجع سابق)

ويبين كما تقدم أن التقادم لا يتعارض مع طبيعة السجل العيني ، طالما أن المشرع يستطيع تعليق الأثر العيني المترتب على استيفاء الشروط المقررة قانونا لاكتساب الحقوق العينية العقارية بوضع اليد ، وهذا ليس بأمر جديد على المشرع الذي تبني ذات المنهج بالنسبة لاكتساب الحقوق العينية العقارية بموجب التصرفات القانونية في ظل نظام الشهر الشخصي

فاعتبار من تشريع عام 1923 – ومن بعده التشريع المطبق حاليا رقم 114 لسنة 1946 – لم يجعل المشرع للتصرف القانوني إلا ترتيب الالتزامات الشخصية وجعل الأثر العيني مترتبا على التسجيل في الشهر العقاري .

(الدكتور جميعي ، مرجع سابق)

فإذا ما قبل المشرع بإدخال التعديل المقترح على نظام التقادم ، فلن يكون هناك مجال للقول بوجود حالات يكون الواقع فيها مخالفا للسجل ، وتبقى للقيد القائم قوته المطلقة الى حين إتمام القيد الجديد .

(دكتور مصطفى الجارحي ، مرجع سابق ص109)

وإذا ما تم إدخال التعديل السابق فلن تكون نصوص قانون السجل العيني عقبة أمام قبول التقادم كسبب من أسباب كسب الحقوق العينية العقارية

ذلك أن نص المادتين (13 ، 37) لم يرد بهما رفض قاطع للتقادم ، وإنما وردت هذه النصوص بما يكفل عدم تعارض البيانات الواردة في السجل والمتعلقة بالحقوق المقيدة مع الحق الناشئ مباشرة وفي الخفاء من التقادم

فلقد جاء نص المادة 13 بأنه

” لا تثبت الحقوق على أساس وضع اليد إلا إذا لم يكن في المحررات المشهرة ما يناقضها “

كما ورد نص المادة 37 بأن

” يكون للسجل العيني قوة إثبات لصحة البيانات الواردة فيه ولا يجوز التمسك بالتقادم على خلاف ما هو ثبات بالسجل فإذا ما تمكن المتمسك بالتقادم من اكتساب الحق بالقيد في السجل وعلى النحو المقترح فإن هذا التعارض لن يكون له محل إذ بتعليق أثر التقادم في اكتساب الحقوق العينية العقارية على القيد فلن يصبح الحق المكتسب استنادا الى التقادم مخالفا للثابت بالسجل ذلك أن نظام السجل العيني لا يتعارض مع قيد التعديلات الطارئة على الوضع القانوني للحقوق المقيدة سواء أكان ذلك ناجما عن التصرفات الإرادية أو عن الوقائع المادية كالميراث والتقادم .

(انظر حكم المحكمة الدستورية والذي قضى بعدم دستورية المادة 37 سالفة الذكر)

ويدعم الرأى السابق أن نص المادة 21 من مشروع قانون السجل العيني المعد عام 1904 قد ورد بسريان التقادم المكسب أو المسقط بمضى خمس عشرة سنة في مواجهة صاحب الحق المقيد ، على أنه لا يحتج به قبل الغير إلا من تاريخ القيد أو الشطب بمقتضى حكم يقرر التقادم ، مع مراعاة أثر التعليق .

كذلك فلم ترفض اللجنة المشكلة عام 1917 وحتى عام 1921 التقادم على إطلاقه ، وإنما رفضت التقادم الذي لا يؤيده سند بالنظر الى تعارضه مع حسن سير نظام الملكية العقارية ،

ثم قبلت وفي ذات الوقت بالتقادم لصالح المالك – أو صاحب الحق العيني – الذي يقوم بقيد سند اكتسابه للحق المنشئ أو الناقل أو المسقط للحق العيني إذا ما كان هذا العقد باطلا أو مشوبا بعيب

وذلك حينما يكون العقد قد تم تحريره بحسن نية ، وبذلك فإن الهدف من هذا المشرع كان استثناء التقادم المتعلق باكتساب الحق العيني العقاري من خلال سند صحيح ، وهو ما يعني اعتراف اللجنة بالتقادم القصير – وفي هذه الحالة الخاصة فقط – كسبب من أسباب كسب الملكية والحقوق العينية العقارية على وجه العموم .

هذا ويدعم الرأى السابق أيضا ما توضحه الدراسة المقارنة من تبني بعض التشريعات لحالات يقبل فيها التقادم كسبب من أسباب كسب الحقوق العينية العقارية ، مما يوضح بوضوح أن التقادم لا يتعارض مع طبيعة نظام السجل العيني .

لذلك وعلى سبيل المثال نجد أن كل من القانونين المدني الألماني (م927) المدني السويسري (م662/2 ، 662/3) قد أتاحا اكتساب ملكية العقار بالتقادم في مواجهة المالك المقيد ، متى ما بقى العقار لمدة ثلاثين عاما تحت يد الحائز ، وذلك في حالة إثبات غياب المالك المقيد حقه أو وفاته منذ بداية وضع اليد ، وفي هذه الحالة

فإن الحق المكتسب بالتقادم لا ينشأ إلا بناء على قيد الحكم القضائي المثبت لاكتمال الشروط القانونية المتطلبة لاكتساب الحق ، وبالتالي فإن قبول التقادم في هذين القانونين قد بنى على أساس من توقى الضرر ، وهو ما يعني أن رفض التقادم لحسب الأصل في هذه الأنظمة لم يكن راجعا الى استحالة الأخذ به كسبب من أسباب كسب الحقوق العينية العقارية بالنظر الى تعارضه مع طبيعة نظام السجل العيني ، وإنما قام رفض التقادم على اعتبارات أخرى .

(منصور وجيه ، المرجع السابق ص476)

كذلك وبالإضافة الى ما تقدم فإن قانون السجل العيني لم يتطرق الى حظر التقادم المسقط للحقوق العينية العقارية ، ومن ذلك على سبيل المثال التقادم المسقط لحق الارتفاق والناجم عن عدم استعمال هذا الحق لمدة تزيد على خمس عشرة عاما

وهو ما يحقق مصلحة المالك بتظهير العقار من خلال التمسك بهذا التقادم من الحقوق التي تثقل كاهل العقار وتقلل من قيمته ، وفي غياب النص على حظر التقادم المسقط ، فإنه لا مجال للقول بأن السجل العيني يتعارض مع التقادم ، فحقيقة الأمر أن حظر التقادم أو إباحته أمر يرجع الى السياسة التشريعية التي يتبناها المشرع في هذا الشأن .

وحتى إذا ما ذهب المشرع الى تحبيذ حظر التقادم كسبب من أسباب كسب الملكية ولم يرغب في اعتباره سببا من أسباب كسب الحقوق العينية العقارية على النحو الذي سبق تقديمه ، فإن التقادم يمكن أن يبقى سببا من أسباب كسب الحقوق العينية العقارية أو سقوطها في الحالات التي تقتضي ذلك .

فالتقادم يمكن أن يبقى سببا لكسب الحقوق العينية العقارية في الحالات التي لا يقوم فيها الورثة بقيد حق الإرث ، إذ يمكن في هذا الفرض تفضيل واضع اليد على الورثة حيث لا يتعارض التقادم مع الحق المقيد ، وإنما يتعارض مع حقوق الورثة غير المقيدة .

كذلك فإن السماح بالتقادم يكون مفيدا بالنسبة للشخص الذي يكون القيد قد تم باسمه بناء على عقد باطل أو قابل للإبطال ، أو التي يكون قد تم فيها القيد بطريق الخطأ ، إذ يسمح التقادم في هذه الحالات بتثبيت هذه الحقوق لصالح من تم القيد باسمه .

( راجع في كل ما سبق الدكتور جسن عبد الباسط جميعي ، مرجع سابق ، الدكتور منصور وجيه ، المرجع السابق ، الدكتور محمد سعد خليفة ، المرجع السابق)

حكم المحكمة الدستورية العليا بشأن كسب الملكية

كسب الملكية العقارية

وترتيبا على ما سبق أخذت المحكمة الدستورية بهذا النظر وقضت بعدم دستورية نص المادة 37 من قانون السجل العيني والذي حظر التملك بالتقادم على خلاف ما هو ثابت بالسجل وذلك في الدعوى رقم 42 لسنة 17ق دستورية والمنشور بالجريدة الرسمية العدد 25 بتاريخ 18/6/1998

ولأهمية هذا الحكم فسوف نقوم بسرده

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة سوم السبت 6 يونيو سنة 1998 الموافق 11 صفر سنة 1419 هـ .

برئاسة السيد المستشار الدكتور / عوض محمد عوض المر (رئيس المحكمة)

وعضوية السادة المستشارين : حمدي محمد وسامي فرج يوسف

والدكتور / عبد الحميد فياض وماهر البحيري ، ومحمد علي سيف الدين

وعدلي محمود منصور . (أعضاء)

وحضور السيد المستشار الدكتور / حنفي علي جبالي (رئيس هيئة المفوضين)

وحضور السيد / حمدي أنور صابر (أمين السر)

أصدرت الحكم بالآتي

في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 42 لسنة 17 قضائية (دستورية)

المقامة من

1-السيد / فتحي محمد حسن عبد الجواد

2-السيد / مصطفى محمد حسن عبد الجواد

3-السيد / محمود محمد حسن عبد الجواد

4-السيد / أحمد محمد حسن عبد الجواد

ضــد

1-السيد الدكتور / رئيس مجلس الوزراء

2-السيد المستشار / وزير العدل

3-السيد الدكتور / وزير العدل

الإجــراءات

بتاريخ 19 يونيو سنة 1995 أودع المودعون قلم كتاب المحكمة صحيفة الدعوى الماثلة طالبين الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة 37 ، المادة 38 من القرار بقانون رقم 142 لسنة 1964 بنظام السجل العيني .

وقدمت هيئة قضايا الدولة (مذكرة) طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى بالنسبة للطعن على المادة 38 من القرار بقانون المشار إليه ، وبرفضها فيما عدا ذلك.

ويعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها .

ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، قررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق والمداولة .

حيث أن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل في أن المدعيين كانوا قد أقاموا الدعوى رقم 381 لسنة 1993 مدني كلي الفيوم ضد السيدين / عبد الحميد سعيد ، عبد الله وأحمد حسن عبد الجواد .

والسيدة / علية عبد التواب قطب ، طالبين الحكم بتثبيت ملكيتهم لسبع وعشرين فدانا كائنة بناحية جبلة مركز سنورس ، والمبين حدودها ومعالمها في صحيفة تلك الدعوى ، على سند من أنهم حازوها بنية الملك – ومورثهم – من قبلهم – مما يكسبهم ملكيتها .

وبجلسة 24 يناير سنة 1995 قضت محكمة الفيوم الابتدائية بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق القانوني بالنسبة الى (19 س ـ 13 ط ، 14ف) من أطيان التداعي ، والمقيدة بالسجل العيني في ملكية المدعى عليه الأول في تلك الدعوى ، وبثبوت ملكية المدعين لمساحة قدرها (19س ، 13 ط ، 14ف) من أطيان التداعي ، والمقيدة بالسجل العيني باسم مورثهم

وأقامت قضاءها في ذلك على ما تنص عليه المادة 1964 من أن للسجل العيني الصادر بالقرار بقانون رقم 142 لسنة 1964 من أن للسجل العيني قوة إثبات لصحة البيانات الواردة فيه ولا يجوز التملك بالتقادم على خلاف ما هو ثابت بالسجل

فضلا عن أن المادة 38 من ذات القانون استلزمت لقيد الحقوق استنادا الى وضع اليد المكسب للملكية أن ترفع الدعوى أو يصدر الحكم فيها خلال خمس سنوات من تاريخ سريان قانون السجل العيني على القسم المساحي الذي تقع فيه الأرض المطلوب الحكم بثبوت ملكيتها لواضع اليد عليها وقد نص قرار وزير العدل على تطبيق نظام السجل العيني على القسم المساحي الكائنة به أرض التداعي وذلك اعتبارا من 18/11/1978 .

وإذ لم يرتض المدعون الحكم الابتدائي آنف البيان ، فقد طعنوا عليه بالاستئناف رقم 269 لسنة 31ق أمام محكمة استئناف بني سويف (مأمورية استئناف الفيوم)

وأثناء نظره دفعوا بعدم دستورية ما تنص عليه المادة 37 من قانون السجل العيني من عدم جواز التمسك بالتقادم المكسب للملكية على خلاف ما هو ثابت بالسجل العيني وإذا قدرت محكمة الموضوع جدية دفعهم هذا ، وصرحت لهم برفع الدعوى الدستورية فقد أقاموا دعواهم الماثلة وضمنوا صحيفتها طلبهم الحكم بعدم دستورية هذا الحظر وكذلك المادة 38 من قانون السجل العيني .

وحيث أن المصلحة الشخصية المباشرة – وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها ارتباطها عقلا بالمصلحة التي يقوم بها النزاع الموضوعي ، وذلك بأن يكون الفصل في المسائل الدستورية ، لازما للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها وكان المدعون يقولون بأنهم تملكوا عقار النزاع بالتقادم المكسب للملكية ،

فإن مصلحتهم الشخصية المباشرة تتوافر بإبطال ما تنص عليه المادة 37 من قانون السجل العيني التي لا تجيز التملك بالتقادم على خلاف ما هو ثابت بالسجل .

وحيث أن المادة 38 من قانون هذا السجل وإن أجازت (استثناء) من المادة السابقة عليها قيد الحقوق استنادا الى وضع اليد المكسب للملكية ، إلا تقيد مجال عمل هذا الاستثناء بالدعاوى التي ترفع أو التي يصدر حكم فيها خلال خمس سنوات من انقضاء المدة المنصوص عليها في القرار الوزاري المشار إليه في المادة الثانية من قانون الإصدار

ومن ثم يعتبر نص المادة 38 من قانون السجل العيني (ساقطا) إذا ما قضى بعدم دستورية قاعدة الحظر التي قررتها الفقرة الثانية من المادة 37 من هذا القانون ، تقدير بأن الاستثناء من قاعدة يفترض بقائها ، فإذا أبطلتها المحكمة لمخالفتها للدستور ، سقط الاستثناء معه .

وحيث أن الفقرة الأولى من المادة 37 من قانون السجل العيني الصادر بالقرار رقم 12 لسنة 1964 تنص على أن يكون للسجل العيني قوة إثبات لصحة البيانات الواردة به وتقتضي فقرتها الثانية بأنه لا يجوز التملك بالتقادم على خلاف ما هو ثابت بالسجل بما مؤداه أن بيانات السجل العيني في شأن الملكية ، لها قوة تؤكد صحتها ولا يجوز تغييرها إذا كان التقادم سببا لكسبها .

وحيث أن المدعين ينعون على النص المطعون فيه ، مخالفته أحكام المواد 8 ، 40 ، 34 ، 68 من الدستور ، وذلك من الأوجه الآتي بيانها :

  • أولها : أن من حاز أرض في مناطق لم يشملها السجل العيني ، يملكها بالتقادم ، فإذا امتد إليها تطبيق هذا القانون ، صار تملكها به مستحيلا ، وفي ذلك إهدار لتكافؤ الفرص فضلا عن أن النص المطعون فيه يخل باستقرار أوضاع كثيرة من المزارعين الذين تملكوا أراضيهم بمقتضى عقود عرفية عزفوا فيها عن تسجيلها ، ولا تزال أيديهم متصلة بها من خلال حيازتها غير أنهم فوجئوا بأن اللجان القائمة على تطبيق قانون السجل العيني لا تعتبر أذانها لحقوقهم ، أنها تقيد أراضيهم هذه الأسماء ملاكها القدامى أو ورثتهم بزعم أن التقادم لا يجوز أن يناهض بيانا مثبتا بالسجل العيني .
  • ثانيهما : أن الذين يدعون الملكية بناء على أحد أسباب كسبها غير التقادم يستطيعون تثبيتها من خلال اللجوء الى قاضيهم الطبيعي ثم قيدها في السجل العيني فإذا كان التقادم سبب كسبها حيل بينهم وبين إثباتها ، وفي ذلك تمييز دون مسوغ بين من يملكون وتأييد النزاع حول الملكية .
  • ثالثهما : أن القيد الأول بالسجل العيني يستند الى أعمال وقرارات إدارية وحرمان من تملك بالتقادم من تسجيل ملكيته على سند من مخالفتها للثابت بالسجل مؤداه أن ظل هذه الأعمال والقرارات بعيدة عن الرقابة القضائية .
  • وحيث أن الأصل في سلطة المشروع في مجال تنظيم الحقوق ، أنها سلطة تقديرية ما لم يقيدها الدستور بضوابط تحد من إطلاقها وتقييم لها تخومها التي لا يجوز اقتحامها وكلما كان هذا التنظيم منتهيا الى إهدار الحقوق تناولها أو مؤديا الى إرهاق محتواها بقيود لا تكفل فاعليتها ، وبما ينال من مجالاتها الحيوية التي لا تقوم إلا بها ، كان مخالفا للدستور .

وحيث أن الدستور يكفل الحقوق التي نص عليها ، الحماية من جوانبها العلمية ، وليس من معطياتها النظرية ، وكان الأصل في النصوص القانونية هو ارتباطها عقلا بأهدافها باعتبارها وسائل صاغها المشرع لتحقيقها ،

وكان من المقرر أن الحقوق جميعها لا تنشأ ولا تنتقل إلا من خلال أسبابها التي حددها القانون ، فقد صار متعينا أن تستظهر ما إذا كان قانون السجل العيني ملتزما إطارا منطقيا للدائرة التي يعمل فيها كافلا من خلالها تحقيق الأغراض التي رصد عليها ، أو كان بالنصوص التي تضمنها مجاوزا لها .

وحيث أن الشهر – وكلما كان شخصيا – لا يحيط بكل صور التعامل التي يكون العقار محلها ، وإنما تسجل الحقوق المشهرة ، وفقا لأسماء أصحابها التي قد تخلط فيما بينها بالنظر الى تشابهها وكثيرا مت يكون العقار الواحد محلا لأكثر من علاقة قانونية لا يتحد أطرافها فلا ترصد في صحيفة واحدة تجمعها ، وإنما تتفرق مواضعها في السجل ، فلا تسهل معرفتها .

كذلك فإن تسجيل الأعمال القانونية التي يكون من شأنها إنشاء الحقوق العينية العقارية الأصلية أو نقلها أو تغييرها أو زوالها لا يطهرها من عيوبها كلما كان الشهر شخصيا ، ولا يحول دون الطعن عليها والنزاع في شأن صحتها ، بما يخل بالحماية الواجبة لكل ذي شأن فيها .

ولا كذلك أن يكون السجل عينيا ، متطلبا قيد الحقوق العينية الأصلية المتعلقة بالعقار الواحد ، وكذلك ما اتصل بهاذ العقار من الحقوق العينية التبعية ، فضلا عن التصرفات والأحكام النهائية المقررة لحق من الحقوق العينية الأصلية في صحيفة واحدة تجمعها

تتضمن وصفا للعقار من حيث أبعاده وحدوده وطبيعته ، وما تتعلق به من صور التعامل على اختلافها ، وما نشأ أو ارتبط بها من الحقوق العينية وأصحابها فلا يكون قيد هذه الحقوق في السجل إلا لإثباتها بصورة مطلقة ، ضمانا لاستقرار أوضاعها ، وبما يطهرها من عيوبها أيا كان نوعها أو مداها .

وحيث أن القوة المطلقة للقيود التي يثبتها السجل العيني في صحائفه وفقا لأحكامه ، وإن كانت جوهر نظامه ، ولا يتصور أن يوجد هذا السجل بدونها

ولو كان هذا القيد قد تم خلافا للحقيقة ، إلا أن شرط إجراء القيد – وعلى ما تنص عليه المادة الحادية عشر من قانون السجل العيني – هو أن تكون الحقوق العينية التي يثبتها القيد في صحائفه ، قد أنشأتها أو قررتها اسباب كسبها ، تقدير بأن أسباب هذه تمثل روافدها التي لا يتصور أن يتجاهلها هذا السجل ، شأنها في ذلك شأن مصادر الحقوق الشخصية .

ولا يجوز بالتالي أن ينفصل قيد الحقوق العينية الأصلية عن أسبابها التي رتبها القانون وحصرها . بل أن أسبابها هذه هى التي يكون الاستيثاق من صحتها سابقا على قيد الحقوق التي أنشأتها أو نقلتها ، فلا يكون من شأن السجل العيني تحويل بياناتها ضمانا لتقيده بالأغراض التي رصد عليها ولأن القيد في هذا السجل لا يعتبر ر كنا شكليا لا تكتمل بغيره عناصر وجود الحقوق المراد إثباتها فيه

بل تظل لهذه الحقوق – حتى وإن لم تقيد – مقاوماتها باعتبار أنها ترتد مباشرة الى أسبابها التي أنتجتها ، وهو ما تؤكده الفقرتان الثانية والثالثة من المادة 26 من قانون السجل العيني بما قررتاه من أن الأعمال القانونية التي لا تفيد ، لا تزاول بكامل آثارها ، وإن امتنع الاحتجاج بالحقوق العينية الأصلية التي أنشأتها أو نقلتها أو غيرتها أو إزالتها ، سواء في العلاقة بين أطرافها أو على صعيد الأغيار عنها .

وحيث أن (الحيازة) هى السيطرة المادية على الحق أو الشيء محل الحق من خلال أعمال مادية يأتيها الحائز ابتداء من الغير ويستبقيها – ولو كان مغتصبا للحق موضوعها – مع اقترافها بقصد استعمال هذا الحق محددا على ضوء محتواه ، ولا تعتبر الحيازة – باجتماع عنصريها هذين وبالنظر الى طبيعتها – حقا عينيا أو شخصيا ولا هى بحق أصلا – ولكنها تنقل الحقوق موضوعها – وعند توافر شرائطها – أى من يكسبونها بأثر رجعي يرتد الى تاريخ بدئها

ولا يعتبر الحيازة بالتالي مجرد قرينة لا يجوز دحضها على أن الحائز صار مالكا للشيء محلها بعد أن حازه المدة التي عينها المشرع ، ولكنها تتمخض سببا مباشرا لنقل ملكية الحق موضعها ،

والحيازة بذلك تحيل الأوضاع الفعلية التي استقر أمرها بعد أن امتد زمنها من خلال التقادم الى حقائق قانونية لا تزعزع بها الملكية بعد اكتمال الحق فيها ، وإنما تخلص لحائز اتصل بها ، وظهر عليها أمدا مباشر سلطاتها دون اعتراض من مالكها .

وكان منطقيا أن يقدم المشرع على (مصلحته) التي أهمل الدفاع عنها ورد من يناهضونها على أعقابهم ، (مصلحة حائز) اطمأن الناس الى الأوضاع الظاهر التي بسطها ، والتي يقدرون معها أن امتداد زمنها يقابلها الى (ملكية كاملة) ، ولو كان مغتصبا للحق فيها .

وحيث أن الحماية التي أظل بها الدستور الملكية الخاصة لضمان صونها من العدوان ، لا تقتصر على الصور التي تظهر الملكية فيها بوصفها الأصل الذي تتفرع عنه الحقوق العينية الأصلية جميعها ، وإنما تمتد هذه الحماية الى الأموال كلها دون تمييز بينها ، باعتبار أن المال حق ذوي قيمة مالية سواء كان هذا الحق شخصيا أو عينيا أو كان من حقوق الملكية الأدبية أو الفنية أو الصناعية

ذلك أن الحقوق العينية التي يكون العقار العينية التي يكون العقار محلها تعتبر مالا عقاريا ، أما ما يقع على منقول ، وكذلك الحقوق الشخصية – أيا كان محلها – فإنها تعد مالا منقولا وإلى هذه الأموال كلها ، تنبسط الحماية التي كفلها الدستور لحق الملكية فلا تخص لغير أصحابها .

وحيث أن نظم الشهر على اختلافها – ما كان منها شخصيا أو عينيا – تفترض اشتقاق الحقوق التي تسجلها أو تقديها في صحائف ، من أسبابها التي حددها المشرع حصرا تقدير بأن أسبابها هذه التي تقيمها وفقا للقانون ،

حتى ولو كان السجل العيني ، كان ما يقيد في هذا السجل إما أن يكون تصرفا قانونيا أو عملا ماديا ، وكان كلاهما مصدرا للحقوق العينية يكسبها وفقا للشروط التي نص عليها القانون ، فإن استكمالها لشروطها هذه يظل مناط صحتها .

وما تنص عليه المادة 13 من قانون السجل العيني – والتي يعلق حكمها بالقيد الأول من أن الحقوق التي يطلب أصحابها قيدها في السجل استنادا الى وضع اليد ، ولا يجوز إثباتها إذا كان في المحررات المشهرة ما يناقضها ، يعتبر انفلاتا عن كل منطق.

ذلك أن التقادم ، طويلا كان أم قصيرا وعلى ما تقتضي به المادتان 968 ، 969 من القانون المدني على التوالي – يعتبر سببا ناقلا للملكية من أصحابها ، فإذا كان طويلا تمحض حيازة استطال زمنها مع اقترافها بقصد استعمال الحق موضوعها ، فإن كان قصيرا ، فإن واقعة الحيازة يظل لها دورها ، وإنما ينبغي أن يدعمها حسن نية الحائز ،

واقتران يده على الشيء محلها بما يكون سببا صحيحا وفقا للقانون ، ويعتبر كذلك كل سند يصدر عن شخص ليس مالكا للشيء ، والحيازة بالتالي تناقض بالضرورة حقوق ملكية قائمة مشهر سندها .

وحيث أن القول بأن قانون السجل العيني ، يعتبر – بالنصوص التي تضمنا – ملغيا أحكام القانون المدني في شأن الحيازة المكسبة للملكية مردود :

مردودا أولا :

بأن الأصل في النصوص القانونية هو أن تحدد مضامنيها على ضوء موضوعها ، وبمراعاة مقاصدها ، وبما لا يخرج عبارة تضمنها النص عن سياقها ، ولا شأن لقانون السجل العيني بمصادر الحقوق العينية الأصلية في غير محال إثباتها ،

ومن ثم يبقيها ممحصا على ضوئها طبيعة الحقوق التي يراد إثباتها في السجل ونطاقها ، متوخيا من رصدها وتحقيق مشروعيتها  أن يحل تدريجا محل النظام يكون الشهر فيه شخصيا ، ليس للتسجيل بمقتضاه ، ما للقيد في السجل العيني من أثر .

ومردودا ثانيا :

بأن تعلق قيد الحقوق العينية في السجل العيني بمجال إثباتها ، هو ما تنص عليه المادة الأولى من قانون إصدار قانون هذا السجل ، وكذلك الفقرة الأولى من المادة 37 من هذا القانون اللتان تصرحان بأن شهر المحررات مرتبط بإثباتها في السجل وفقا للشروط والأوضاع المنصوص عليها في القانون ، وأن مؤدى إثباتها فيه ، إسباغ قوة مطلقة على بياناتها فلا تتزعزع صحتها .

ومردود ثالثا :

بأن إلغاء النصوص القانونية – وعلى ما تقتضي به المادة الثانية من القانون المدني – إما أن يكون صريحا أو ضمنيا ، وهو لا يكون ضمنيا إلا إذا أعاد المشرع تنظيم موضوعها بما يناقض النصوص التي كان قد قررها في شأن ها الموضوع .

ويفترض ذلك أن يكون التنظيمان القديم والجديد ، دائرتين حول المسائل عليها ، وأنهما تعامدا بالتالي على محل واحد ، وكلا كذلك القانون المدني وقانون السجل العيني ، وذلك أن أولهما يتنازل الحقوق العينية إلا على صعيد أسبابها التي تنشأ او تنقلها ن بعد استكمالها لعناصرها ، ولا يتصور أن يكون قانون السجل العيني – وباعتباره لاحقا للقانون المدني معدلا من روافد حقوق لا يعني بغير إثباتها .

وحيث أن ما تنص عليه المادة 38 من قانون السجل العيني – واستثناء من حكم المادة السابقة عليها – من جواز قيد الحقوق استنادا الى وضع اليد المكسب للملكية ،

إذا رفعت الدعوى أو صدر الحكم فيها خلال خمس سنوات من انقضاء المدة المنصوص عليها في القرار الوزاري المشار إليه في المادة الثانية من قانون الإصدار: مؤداه أن الحيازة في ذاتها لا تناقض بالضرورة طبيعة السجل العيني ، ولا تحول – بخصائصها ولا بآثارها – دون قيد الحقوق الناشئة عنها

وكان القيد وأن تناول أصلا الحقوق التي يكون سندها تصرفا قانونيا ، إلا أن النصوص التي تضمنها قانون السجل العيني ، لا تحول جون قيد الحقوق التي تكون الوفاة – وهى (واقعة مادية) مصدرا لها .

وحيث أن مؤدى النص المطعون فيه ، حظر تملك الحقوق العينية الأصلية من خلال قيدها بالسجل العيني إذ كان التقادم سبب كسبها ، وكانت دستورية النصوص القانونية تفترض ارتباط عقلا بأهدافها بما يقيم علاقة منطقية بين الوسائل وغاياتها

وكانت المذكرة الإيضاحية لها النص ، تراه درءا لخطرين :

  • أولهما : ألا يفاجأ من يملكون الحقوق العينية الأصلية المقيدة في السجل ، بآخرين ينازعونهم فيها من خلال اغتصابها عن طريق الحيازة
  • ثانيهما : أن من يطلبون حقوقا عينية أصلية يدعون تملكها بالحيازة ن يطرحون موقفا يناهض (القوة المطلقة) التي أثبتها السجل

فلا يجوز قيدها – وكان هذان الخطران متوهمين ذلك أن الحيازة لا تتمخض (غصبا) في كل صورها وأحوالها ، وحتى وإن كانت كذلك فإن الأوضاع العملية التي تستمد منها

هى التي قلبها المشرع الى حقائق قانونية يتم التعامل على أساسها ، فلا تكون أوضاعها الظاهرة إلا قرين مشروعيتها ، كذلك فإن التأشير الهامشي يرد عن الحيازة المخاطر التي يدعي إصابته بها

وبمقتضاه لا تقيد الحقوق العينية الأصلية التي تنقلها الحيازة في السجل العيني إلا بعد التأشير بدعواه على هامش صحيفة السجل للوحدة العقارية المتعلقة بها  وصدور حكم نهائي بحصتها يرتد أثره الى تاريخ هذا التأشير للوحدة العقارية المتعلقة بها وصدور حكم نهائي بصحتها يرتد اثره الى تاريخ هذا التأشير فلا يكون التغيير في السجل بناء على التملك بالتقادم  إلا في الحدود التي تقوم فيها الدليل عليه نقيا كاملا .

وحيث أنه متى كان ما تقدم

وكان النص المطعون فيه قد أخل بالحماية التي كفلها الدستور لحق الملكية  ويقيم فيما بين الحقوق العينية الأصلية تميزا من جهة أسبابها لا يستند أى أسس موضوعية تقتضيها طبيعة القيد في السجل العيني وكانت تنمية الدخل القومي وفقا لنص المادة 23 من الدستور ، لا يكلفها من أهمل أعيانا تملكها أو تركها مواتا متخليا عنها ، وإنما يرعاها من اتصل بهذه الأعيان ، وبسط يده عليها وإحيائها واستثمارها فإن النص المطعون فيه يكون مخالفا أحكام المواد 23 ، 32 ، 34 ، 40 من الدستور .

فلهذه الأسباب

كسب الملكية العقارية

حكمت المحكمة بعدم دستورية ما نصت عليه المادة 37 من قانون السجل العيني الصادر برقم 142 لسنة 1964 بنظام السجل العيني من حظر التملك بالتقادم على خلاف ما هو ثابت بالسجل وبسقوط نص المادة 38 من هذا القانون – وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة .

(الدعوى رقم 42 لسنة 17ق دستورية جلسة 6/6/1998 والمنشور بالجريدة الرسمية العدد 25 بتاريخ 18/6/1998)
Print Friendly, PDF & Email
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض

الأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض خبرات قضائية فى القانون المدنى والملكية العقارية ودعاوى الإيجارات ودعاوى الموظفين قطاع حكومى وخاص وطعون مجلس الدولة والنقض ليسانس الحقوق 1997

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

©المقالة محمية بحقوق النشر الحقوق ( مسموح بالتحميل pdf في نهاية المقالة)

* { -webkit-touch-callout: none; /* iOS Safari */ -webkit-user-select: none; /* Safari */ -khtml-user-select: none; /* Konqueror HTML */ -moz-user-select: none; /* Old versions of Firefox */ -ms-user-select: none; /* Internet Explorer/Edge */ user-select: none; /* Non-prefixed version, currently supported by Chrome, Opera and Firefox */ }