حقوق المشتري عند استحقاق الغير للمبيع ( المادة 443 مدني )

ما هي حقوق المشتري عند استحقاق الغير للمبيع التى تضمننها المادة 443 مدني والتى يحق للمشتري مطالبة البائع بها في حالة استحقاق كل المبيع ؟ هذا ما سنتاوله في هذا البحث من خلال الشرح والتعليق علي المادة 443 من القانون المدني

الحقوق المقررة للمشتري بنص المادة 443 مدني

حقوق المشتري عند استحقاق

المادة 443 مدني تنص علي

إذا استحق كل المبيع كان للمشتري أن يطلب من البائع:

  • 1- قيمة المبيع وقت الاستحقاق مع الفوائد القانونية من ذلك الوقت.
  • 2- قيمة الثمار الذي ألزم المشتري بردّها لمن استحق المبيع.
  • 3- المصروفات النافعة التي لا يستطيع المشتري أن يلزم بها المستحق وكذلك المصروفات الكمالية إذا كان البائع سيء النية.
  • 4- جميع مصروفات دعوى الضمان ودعوى الاستحقاق عدا ما كان المشتري يستطيع أن يتّقيه منها لو أخطر البائع بالدعوى طبقاً للمادة 440 .
  • 5- وبوجه عام, تعويض المشتري عمّا لحقه من خسارة أو فاته من كسب بسبب استحقاق المبيع.

كل هذا ما لم يكن رجوع المشتري مبنياً على المطالبة بفسخ البيع أو إبطاله.

النصوص  العربية المقابلة للمادة 443 مدني

هذه المادة تقابل فى نصوص القانون المدنى بالأقطار العربية المواد 432 ليبى و 411 سورى و 554 عراقى و 433 لبنانى و 389 سودانى

وقد ورد هذا النص في المادة  589 من المشروع التمهيدي على وجه يتفق على ما استقر  على التقنين المدني الجديد فيما عدا أمرين :
  • 1- في المشروع التمهيدي كان البند 3 يذكر المصروفات الضرورية  إلى جانب المصروفات النافعة
  • 2- لم يشتمل المشروع التمهيدي على الأخيرة من النص وهي ” كل هذا ما لم يكن رجوع المشتري مبنياً على المطالبة أو إبطال، وفي الجنة المراجعة حذفت كلمة “الضرورية ” لأنه لا يتصور أن المشتري لا يستطيع أن يلزم بها المستحق

وأضيفت  العبارة الأخيرة التي سبق ذكرها حتى يبين أن النص مقصور على تطبيق القواعد للتنفيذ بطريق التعويض  ولا يخل هذا بحق المشتري في الفسخ أو الإبطال وأصبح النص رقمه 456 في المشروع النهائي ووافق  عليه مجلس النواب فمجلس الشيوخ تحت رقم 443

( مجموعة الأعمال التحضيرية 4 ص 94 – ص 95 و ص 97 – 98 )

وقد جاء بمذكرة المشروع التمهيدي أنه

كل ما تقد فترة من تفصيل ما يرجع به المشتري على البائع إنما هو تنفيذاً بطريق التعويض لا التزام البائع بنقل ملكية المبيع بعد أن استحال تنفيذ هذا الالتزام تنفيذاً عيناً كما تقدم وهذا لا يمنع المشتري من سلوك طريق أخر، فلا يطالب بتنفيذ الالتزام بل يطالب بفسخ البيع على أساس أنه عقد ملزم للجانبين وقد أخل البائع بالتزامه.

أو يطالب بإدخال البيع على أساس أنه بيع ملك الغير بعد أن ظهر أن المبيع مملوك للغير، ويجب في حالة المطالبة بالفسخ أو بالبطلان أن يترتب  عليها من الآثار ما تقرره القواعد  العامة  بل يجوز الذهاب إلى أبعد من ذلك، واعتبار البيع، عند استحقاق المبيع مفسوخاً من تلقاء نفسه

الأعمال التحضيرية للمادة 443 مدني

آثر المشرع فى بيان ما يترتب على ضمان الإستحقاق ان يلتزم الحل الذى تمليه القواعد العامة فضمان الإستحقاق إلتزام فى ذمة البائع قد نشأ من عقد البيع وإذا طالب المشترى به قامت مطالبته على أساس هذا العقد ومعنى ذلك ان ضمان الإستحقاق بمعناه الدقيق لا يتصور قياسه إلا مع قيام عقد البيع

والمشتري  في رجوعه بالضمان علي البائع إنما يطلب منه تنفيذ إلتزامه بنقل ملكية المبيع . ولما كان المبيع قد إستحق واستحال بذلك التنفيذ العيني للإلتزام ، فلم يبق أمام المشتري إلا أن يطالب بتنفيذ الإلتزام عن طريق التعويض ، والتعويض في هذه الحالة هو ما ذكرته المادة 589 من المشرع وهي تقتصر علي تطبيق القواعد العامة في تقدير مدي التعويض

وتعطي للمشتري الحق في أن يطلب من البائع

(1) قيمة المبيع وقت الإستحقاق مع الفوائد القانونية من ذلك الوقت وذلك لأن المبيع ذاته قد إستحق فلا يستطيع المشتري استبقاءه لا هو ولا ثمرته فيستعيض عنهما بالقيمة والفوائد القانونية

(2) قيمة الثمار التي ألزم المشتري بردها لمن إستحق المبيع . والمفروض في ذلك أن المشتري قد علم بحق الغير قبل رفع دعوى الإستحقاق

فوجب أن يرد الثمار للمستحق من وقت علمه بذلك ، ويرجع بها علي البائع إستيفاء لحقه في التعويض . أما ثمار المبيع من وقت رفع الدعوى فهذه قد استعاض عنها بالفوائد القانونية لقيمة المبيع كما سبق بيانه فيما تقدم .

(3) المصروفات الضرورية والنافعة التي لا يستطيع المشتري أن يلزم بها المستحق ، وكذلك المصروفات الكمالية إذا كان البائع شئ النية .

( أما المصروفات الضرورية فهذه يستطيع المشتري أن يلزم بها المستحق دائما “مادة 1432 من المشروع “

وكان الأولي ألا يذكر عنها شئ ، ويجب تعديل المشروع في هذه المسألة ). والمصروفات النافعة لا يستطيع المشتري أن يلزم المستحق فيها بأقل القيمتين

( أنظر المواد 1432و1359- 1360 من المشروع )
فإن كانت المصروفات هي القيمة الأكبر

رجع بالفرق علي البائع إستيفاء لحقه في التعويض

أما المصروفات الكمالية فلا يرجع بها المشتري علي المستحق وكذلك لا يرجع بها علي البائع إذا كان حسن النية لأن المدين في المسئولية التعاقدية لا يسأل عن الضرر غير متوقع الحصول ويمكن إعتبار المصروفات الكمالية أمرا غير متوقع

فإذا كان البائع سئ النية ، أي كان يعلم بحق الأجنبي فيسأل في هذه الحالة عن الضرر ولو كان غير متوقع ، ويحق إذن للمشتري أن يرجع عليه بالمصروفات الكمالية .

(4) جميع مصروفات دعوى الضمان لأنه كسب الدعوى وجميع مصروفات دعوى الإستحقاق لأنه خسر الدعوى فيرجع بمصروفاتها علي البائع إستيفاء لحقه في التعويض .

ويستثني من ذلك ما كان يستطيع أن يتقيه لو أخطر البائع بدعوى الإستحقاق ، لأن الخسارة التي تحملها في هذه الحالة كان بخطأ منه هو .

(5) وبوجه عام تعويض عما لحقه من خسارة أو فاته من كسب بسبب إستحقاق المبيع  وليس في ذلك إلا تذكير بالقواعد العامة

 ويلاحظ هنا أمران

(1) كل ما تقدم ذكره من تفصيل ما يرجع به المشتري علي البائع إنما هو تنفيذ بطريق التعويض لإلتزام البائع بنقل ملكية المبيع بعد أن استحال تنفيذ هذا الإلتزام تنفيذا عينيا كما تقدم ، وهذا لا يمنع المشتري من سلوك طريق آخر فلا يطالب تنفيذ الإلتزام بل يطالب بفسخ البيع علي أساس أنه عقد ملزم للجانبين وقد أخل البائع بإلتزامه

أو يطالب بإبطال البيع علي أساس أنه بيع ملك الغير بعد أن ظهر أن المبيع مملوك لغير البائع ن ويجب في حالة المطالبة بالفسخ أو بالبطلان أن يترتب عليهما من الآثار ما تقرره القواعد العامة بل يجوز الذهاب إلي أبعد من ذلك وإعتبار البيع عند إستحقاق المبيع  مفسوخا من تلقاء نفسه تطبيقا للمادة 220من المشروع .

(من أجل ذلك يحسن تعديل المشروع في هذه المسألة بإضآفة العبارة الآتية في آخر المادة 589 “كل هذا دون إخلال بحق المشتري في المطالبة بفسخ البيع أو إبطاله “) .

(ب) يخلط التقنين الحالي كما يخلط كثير من التقنينات الأجنبية ، في هذة المسألة ، بين الاثار تترتب علي فسخ البيع وتلك التي تترتب علي التنفيذ بطريق التعويض ، من ذلك أن المادتين 304/378و306/380 من التقنين الحالي ترتبان أثر الفسخ ، ولكن المادتين 305/379 و307/381 ترتبان أثر التنفيذ وكأن الأولي عدم الخلط بين هذه الآثار وتلك ، علي أن يختار المشتري لنفسه الطريق الأصلح .

( مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني – الجزء 4 – ص 95 و 96 و 97 )

شرح حقوق المشتري علي البائع وفقا للاستحقاق

حقوق المشتري عند استحقاق

المفروض في نص المادة 443 أن المبيع إستحق إستحقاقا كليا ، أي أن المبيع كان مملوكا لغير البائع فإنتزعه المالك من يد المشتري ، ويرجع المشتري الأن علي البائع بضمان الإستحقاق .

وظاهر أن المشتري يملك – غير دعوى ضمان الإستحقاق – دعويين آخرين هما :

  • دعوى الإبطال بإعتبار أن البيع صادر من غير مالك فهو بيع ملك الغير
  • دعوى الفسخ علي أساس عدم تنفيذ البائع لإلتزامه بنقل الملكية

وهاتان الدعويان – الإبطال والفسخ – أشارت إليها المادة 443 في فقرتها الأخيرة .

وقد وضع التقنين المدني – في التعويض الواجب في دعوى ضمان الإستحقاق – قواعد خاصة به جعلته يتميز عن التعويض في كل من دعوى الإبطال ودعوى الفسخ وظاهر أن هناك فرقا فنيا واضحاً بين دعوى ضمان الإستحقاق من جهة ، ودعوى الإبطال ودعوى الفسخ من جهة أخري ، هو الذي أنبني عليه التمييز

فكل من دعوى الإبطال ودعوى بالفسخ تفترض أن عقد البيع قد زال إما بالإبطال أو بالفسخ ، وأن التعويض الذي يعطيه البائع للمشتري ليس مبنياً علي العقد بعد أن زال

أما دعوى ضمان الإستحقاق فتفترض أن عقد البيع باق لم يزل ، إذ التعويض فيها سببه هو عقد البيع ذاته ، وليس التعويض في ضمان الإستحقاق إلا تنفيذاً بطريق التعويض لعقد البيع بعد أن تعذر تنفيذه تنفيذا عينياً  وهذا قاطع في أن عقد البيع باق لم يزل مادام التعويض ليس إلا تنفيذا له .

ومن ثم كان التعويض في ضمان الإستحقاق مقدرا علي أساس تعويض المشتري عن فقده للمبيع فيأخذ قيمته وقت الإستحقاق ، لا علي أساس زوال البيع فيسترد المشتري الثمن .

ونص المادة 443 مدني يعدد عناصر التعويض في ضمان الإستحقاق الكلي علي أساس تعويض المشتري عن فقده المبيع .

ولكن المشرع فصل هذه التعويضات ، فصار التعويض عن ضمان الإستحقاق يتكون من العناصر الآتية :
أولاً – قيمة المبيع والفوائد القانونية :

فيدفع البائع للمشتري قيمة المبيع في الوقت الذي رفعت فيه دعوى الإستحقاق ، لأن الحكم بالإستحقاق يستند إلي يوم رفع الدعوى ، وذلك بدلا من رد الثمن لأن المشتري يطالب بالتعويض علي أساس المسئولية العقدية لا علي أساس فسخ العقد أو إبطاله ،

فالبيع إذن باق وهو مصدر التعويض ، ولا تأثير لمقدار الثمن علي قيمة المبيع وقت الإستحقاق . ويأخذ المشتري قيمة المبيع وقت الإستحقاق ، دون تمييز بين ما إذا كان لا يعلم وقت البيع الإستحقاق أو يعلم

ودون تمييز بين ما إذا كان البائع نفسه حسن النية أو سىء النيية فسواء كان يعلم سبب الإستحقاق وقت البيع أو لا يعلم فهو ملزم بدفع قيمة المبيع وقت الإستحقاق للمشترى .

ثانيا : الثمار :

يرجع المشترى على البائع – طبقاً لنص البند الثنى من المادة 443 مدنى ومذكرته الإيضاحية للمشروع التمهيدى – بسبب الإستحقاق قبل رفع دعوى الإستحقاق – بما رده للمستحق من ربح  إلى يوم رفع دعوى الإستحقاق كما يلتزم بالفوائد القانونية

ثالثا : المصروفات :

يأخذ المشترى المصروفات الضرورية من المستحق سواء أكان المشترى لا يعلم وقت البيع بسبب الإستحقاق أو كان يعلم أى سواء أكان حسن النيية أو سيئها ولا يرجع بشىء منها على البائع فقد إستردها من المستحق (مادة  980/1مدنى )

اما المصروفات النافعة فقد بينت حكمها المواد 980/2 و 924و925 من القانون المدنى .

كما بينت الفقرة الثالثة من المادة 980 مدنى حكم الرجوع بالمصروفات الكمالية .

رابعا – مصروفات دعوى الإستحقاق ودعوى الضمان :

يضاف إلى عناصر التعويض الذى يرجع به المشترى على البائع فى ضمان الإستحقاق ماعسى ان يكون قد ألزم به من مصروفات دعوى الإستحقاق التى رفعها المستحق عليه وعلى البائع عبء إثبات ان المشترى كان يستطييع إتقاء المصروفات .

خامسا – ما لحق المشترى من خسارة وما فائه من كسب :

تقضى القواعد العامة بأن التعويض فى المسئولية التعاقدية يشمل كل مالحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب متوقع .

واهم فرق فى التعويض المستحق بموجب ضمان الإستحقاق وبين التعويض المستحق بدعوى الإبطال أو دعوى الفسخ يظهر عندما يكون المشترى عالما بسبب الإستحقاق وقت البيع ففى دعوى ضمان الإستحقاق لا يؤثر هذا العلم فى مقدار التعويض أما فى دعوى الفسخ فالمشترى يكون سىء النيية .

الوسيط- 4 – للدكتور عبد الرازق السنهوري 672 وما بعدها

أثر علم المشترى بأسباب إستحقاق المبيع

2- ثار الخلاف فى القانون المصرى – مثلما ثار القانون الفرنسى- حول أثر علم المشترى بأسباب إستحقاق المبيع على الرجوع على البائع فإنقسم الفقة المصرى فى ظل التقنين المدنى القائم إلى إتجاهين :

الإتجاه الأول – يعتد بحسن نية المشترى حتى يمكنه الرجوع على البائع بالتعويض فى حالة إستحقاق المبيع وهذا الإتجاه بما هو سائد فى ظل القانون الفرنسى .

وليس امرا محتما التلازم بين الإستحقاق الكلى وبيع ملك الغير فى جميع الحالات التى يكون فيها للمشترى الرجوع بالضمان على أساس إستحقاق المبيع .

الإتجاه الثانى – لا يعتد بحسن أو بسوء نية المشترى فى رجوعه على البائع بالتعويض فى حالة الإستحقاق الكلى

ويستند هذا الإتجاه -وهو اغلبية فى الفقة – إلى أن المادة 443 مدنى وردت عامة لم تميز بين حالة حسن أو سوء نية المشترى فى رجوعه على البائع بالمبالغ المبينة فيها كما ان المذكرة الإيضاحية لهذا قد جاءت عامة كذلك لم ترتب علي حسن أو سوء نية المشتري أي أثر

كما أن المشرع المصري قد آثر في بيان مايترتب علي ضمان الإستحقاق أن يلتزم الحل الذى تمليه القواعد العامة ذلك أن ضمان الإستحقاق إلتزام في ذمة البائع قد نشأ من عقد البيع ،

وإذا طالب المشتري به قامت مطالبته علي أساس هذا العقد ، ولا تفرق القواعد العامة بين ما إذا كان مستحق التعويض حسن النية أم سئ النية ، إذ لا يختلف مقدار ما يحكم به من تعويض تبعا لإختلاف نية الدائن ( أي المشتري في هذه الحالة ) ،

فضلاً عما أورده المشرع نفسه في الفقرة الأخيرة من المادة 443 مدني من إمكان رجوع المشتري – فضلاً عن دعوى الإستحقاق – بدعوى فسخ البيع أو إبطاله مع ما هنالك من إختلاف بالنسبة لمدي ما يحق للمشتري المطالبة به في كل من هاتين الدعويين عنه في دعوى الضمان.

(أثر حسن النية علي رجوع المشتري بالضمان بحث للدكتور توفيق حسن فرج ص 248 وما بعدها )

الاستحقاق الكلي

ويقصد بالاستحقاق الكلي حرمان المشتري من المبيع كله كأن يبيع شخص مالاً مملوكاً له ثم تثبت بعد ذلك الملكية  للمالك الحقيقي ويسترد المبيع من تحت يد المشتري منها يكون الاستحقاق كلياً لما يترتب على الاسترداد من حرمان للمشتري من المال المبيع كله

وقد بنيت المادة 443 مدني عناصر هذا التعويض وبينت الطريقة التي يمكن على أساسها حسابه حيث نصت على أنه
إذا استحق كل المبيع، كان للمشتري أن يطلب من البائع :
  • (1) قيمة المبيع وقت الاستحقاق مع الفوائد القانونية من ذلك الوقت.
  • (2) قيمة الثمار التي ألزم المشتري بردها لمن استحق المبيع.
  • (3) المصروفات النافعة التي لا يستطيع المشتري أن يلزم بها المستحق وكذلك المصروفات الكمالية إذا كان البائع سيئ النية.
  • (4) جميع مصروفات دعوى الضمان ودعوى الاستحقاق عدا ما كان المشتري يستطيع أن يتقيه منها لو أخطر البائع بالدعوى طبقاً للمادة 440.
  • (5) وبوجه عام تعويض المشتري عما لحقه من خسارة أو فاته من كسب بسبب استحقاق المبيع.

كل هذا ما لم يكن رجوع المشتري مبنياً على المطالبة بفسخ البيع أو إبطاله ونتناول عناصر التعويض الذي يقضي به للمشتري في حالة الاستحقاق الكلي والتي بينتها المادة سالفة الذكر

وذلك بالتفصيل على النحو التالي
(أولاً) قيمة المبيع وقت الاستحقاق والفوائد القانونية :

فلا يرجع المشتري على البائع بالثمن الذي دفعه بل يرجع عليه بقيمة المبيع وقت الاستحقاق وقد تزيد هذه القيمة أو تنقص عن الثمن الذي يكون المشتري قد دفعه، ولكنه لا يرجع إلا بهذه القيمة. فلا يكون للمصلحة للمشتري مصلحة ظاهرة في الرجوع على البائع بدعوى ضمان الاستحقاق إذا قلت قيمة المبيع وقت الاستحقاق عن الثمن الذي دفعه.

ويكون من الأوفق له الرجوع على البائع بالتعويض وفقاً لما تقضي به القواعد العامة. والعبرة بالوقت الذي ترفع فيه دعوى الاستحقاق. لأن الحكم بالاستحقاق يستند إلى اليوم. (السنهوري ص665)

وقد قضت محكمة النقض بأن

إن المادة 443 من القانون المدني تقضي بأنه إذا استحق كل المبيع كان للمشتري أن يطلب من البائع قيمة المبيع وقت الاستحقاق وهو وقت صيرورة حكم الاستحقاق نهائياً لأنه الوقت الذي يتأكد فيه نجاح التعرض في دعواه وهي قيمة لا تأثير لمقدار الثمن عليها فقد تقل عنه وقد تزيد

(الطعن رقم 2989 لسنة 59ق جلسة 28/4/1998، الطعن رقم 211 لسنة 45ق جلسة 27/4/1978 س29ص1145، الطعن رقم 200 لسنة 37ق جلسة 29/2/1972 س 22ع1 ص261).
ويأخذ المشتري قيمة المبيع وقت الاستحقاق دون تمييز بين ما إذا كان حسن النية أو سيئ النية أي بين النية أو سيئ النية فسواء كان لا يعلم وقت البيع الاستحقاق أولا يعلم  ذلك فهو ملزم بدفع قيمة المبيع وقت الاستحقاق للمشتري. وتقدير قيمة المبيع وقت الاستحقاق بقيمة السوق وليست بقيمته عند المشتري. وهذا التقرير مما يستقل به قاضي الموضوع.

حقوق المشتري عند استحقاق

قضت محكمة النقض بأن

تقدير قيمة المبيع وقت الاستحقاق هو مما يستقل به قاضي الموضوع إلا أنه إذا قدم له دليل مقبول وهو هبوط قيمة المبيع عادة باستعماله فترة من الزمن – فإنه عليه إذا رأى اطرح هذا الدليل وتقدير القيمة على خلافه أن يبين سبب عدم أخذه به

(الطعن رقم 211 لسنة 45 ق جلسة 27/4/1978)

وإلى جانب  رجوع المشتري على البائع بقيمة المبيع وقت الاستحقاق له أنه يرجع كذلك بالفوائد القانونية من ذلك الوقت أيضاً، طبقاً لما تقضي به المادة 443 فقرة أولى.

وتستحق الفوائد المذكورة عن قيمة المبيع وقت الاستحقاق، كما تسري من وقت الاستحقاق سواء تم ذلك بالتقاضي أم بالتراضي. وهذا خروج عن القاعدة العامة في سريان الفوائد،

إذا الأصل أنها لا تستحق إلا من تاريخ المطالبة  القضائية بها. ولكنها في هذه الحالة تسري من وقت الاستحقاق.  ويرجع ذلك إلى أن المشتري سيحرم من الانتفاع بالبيع أو من الحصول على ثماره منذ ذلك الوقت  ولهذا وجب تفويضه عن ذلك بمقدار الفوائد.

بل أن له ذلك حتى ولو كان المبيع لا ينتج ثماراً كذلك، وذلك حتى بعوض المشتري عن كل الأضرار التي تلحقه من جزاء الاستحقاق، خاصة  إذا تأخر البائع في دفع قيمة المبيع ويفوت بذلك على المشتري الإفادة من تلك القيمة.

(انظر عبد الفتاح عبد الباقي – بند 156 ص 342)
(ثانياً) قيمة الثمار التي يلتزم المشتري بردها لمن استحق المبيع

الأصل أن المشتري ثمر المبيع ونماؤه من وقت تمام البيع  وعليه تكاليف المبيع من هذا الوقت أيضاً ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضي  بغيره (المادة 458 /2)

ولكن استحق المبيع وجب على المشتري رد الثمار إلى المستحق لأنها كانت في الأصل واجبة له. والقاعدة أيضاً أن من قبض الثمار وهو حسن النية لا يلزم ردها لأحد (المادة 978 مدني).

فلا يلتزم المشتري إذن رد الثمار إلى المستحق طالما أنه كان حسن النية، أي غير عالم بحق المستحق في المبيع والثمار. وفي مقابل ذلك فإن المشتري يلزم برد الثمار التي قبضها والتي قضى في قبضها من اليوم الذي يصبح فيه سئ النية بعلمه بحق المستحق.

والأصل هو حسن النية وعلى المستحق عبء إثبات علم المشتري بحق المستحق وتزول حسن نية المشتري من اليوم الذي ترفع فيه عليه دعوى الاستحقاق (المادة 966/2 مدني).

وتطبيقاً لذلك فإن

المشتري يلتزم برد الثمار  التي قبضها المستحق من اليوم الذي ترفع فيه دعوى الاستحقاق كما يلتزم أيضاً برد الثمار التي قبضها قبل ذلك اليوم الذي يعلم فيه بحق المستحق. ويرجع المشتري على البائع بقيمة هذه الثمار عدا ما قبضه منها بعد الاستحقاق، فالفرض أنه قد استعاض عنها بالفوائد  القانونية لقيمة المبيع كما سبق لنا أن بينا.

(السنهوري ص 680 – منصور مصطفي منصور ص 174)
(ثالثاً) المصروفات التي ينفقها المشتري على المبيع:

المصروفات التي ينفقها المشتري على المبيع يختلف حكمها بحسب ما إذا كانت هذه المصروفات ضرورية أم ناقصة أم كمالية .

فالمصروفات الضرورية هي المصروفات اللازمة لحفظ المبيع وصيانته مثل تلك التي يقوم بها المشتري في سبيل ترميم حائط في المنزل، أو إعادة بناء هذا الحائط، بحيث لولا ذلك لتهدم المنزل بأكمله. ولا شك في أنه يترتب على تلك المصروفات من منفعة للمستحق،

إذا كان يتعين عليه أن يقوم بها، صيانة للمبيع لو كان بين يديه ولهذا يلتزم المستحق دائماً بأداء تلك المصروفات كاملة إلى المشتري وإلا فانه يثري على حساب الغير. فهو المدين الحقيقي، نظراً لأنه هو الذي يستفيد من هذه المصروفات الضرورية أو مصروفات الصيانة. ولهذا يكون على المشتري أن يرجع أن يرجع عليه مباشرة بتلك المصروفات .

ولا يهم في هذا الصدد ما إذا كان المشتري حسن النية أو سيئ النية أ و سواء كان يجهل سبب الاستحقاق أو كان يعلم ذلك

(توفيق حسن فرج ص 375 وما بعدها)
أما المصروفات النافعة

فهي التي تهدف إلى زيادة قيمة المبيع كما لو بنى المشتري حجرة إضافية بالمنزل أو أرقام طبقة جديدة فوق البناء أو استصلح أرض بور أو غرس أشجار في الأرض، فلا شك أن مثل هذه المنشات أو الغراس والمباني تزيد في قيمة المبيع ويطبق شأنها أحكام الالتصاق المنصوص عليها في المادتين 924 و 925 (أنظر أيضاً المادة 980 /2)

وهما تفرقان بين الحائز سيئ النية والحائز حسن النية. فإذا كان الحائز سيئ النية – والحائز هنا هو المشتري – أي كان عالماً وقت الإنفاق بحق المستحق،

فلهذا الأخير أن يطالب المشتري بإزالة ما أقام على نفقته مع التعويض إن كان له وجه، وله أيضاً أن يطلب استبقاء ما أقامه المشتري مقابل دفع قيمته مستحق الإزالة أو دفع مبلغ يساوي ما زاد في ثمن الأرض بسبب ما أقامه المشتري (924مدني) والمشتري بعد ذلك أن يرجع بالفرق على البائع إذا كان ما دفعه المستحق – وهو الغالب – أقل مما أنفقه المشتري من المصروفات.

وأما إذا كان الحائز – هو المشتري في حالتنا – حسن النية أي لم يكن على علم وقت قيامه بالإنفاق بحق المستحق فليس لهذا الأخير مطالبته بالإزالة. ولكنه  يخير بين أن يدفع للمشتري قيمة المواد وأجرة العمل أو أن يدفع مبلغاً يساوي ما زاد في ثمن الأرض بسبب هذه المنشات (المادة 925 مدني).

والذي لا شك فيه أن المستحق سيختار أقل القيمتين، فإذا كانت قيمة الزيادة في المبيع أقل مما أنفقه المشتري من مصروفات، كان لهذا الأخير أن يرجع على البائع بالفرق

أما المصروفات الكمالية

كمصروفات الزينة والزخرفة فلا يجوز للمشتري مطالبة المالك المستحق بها عملاً بالفقرة الثالثة من المادة 980 مدني التي تقضي بأنه إذا كانت المصروفات كمالية فليس للحائز أن يطالب بشيء  منها

ومع ذلك يجوز له أن ينزع ما استحدث من منشآت على أن يعيد الشيء إلى حالته الأولى إلا إذا اختار المالك أن يستبقيها مقابل دفع قيمتها مستحقة الإزالة.

وواضح أن هذه المصروفات الكمالية مثل دهان الحيطان أو زخرفتها لا يتصور أن يطلب المشتري إزالتها، ومن ثم إذا لم يطلب المالك استبقاءها مقابل دفع قيمتها مستحقة الإزالة فسيتركها المشتري للمستحق دون أخذ تعويض منه. وحينئذ يكون للمشتري استرداد هذه المصاريف إذا كان البائع  سىء النية أي يعلم وقت البيع بسبب الاستحقاق.

(السنهوري ص 681)
وفي هذا جاء بمذكرة المشروع التمهيدي أنه

أما المصروفات الكمالية فلا يرجع بها المشتري على المستحق وكذلك لا يرجع بها على البائع إذا كان حسن النية لأن المدين في المسئولية التعاقدية لا يسأل عن الضرر غير متوقع الحصول،

ويمكن اعتبار المصروفات الكمالية أمراً غير متوقع. فإذا كان البائع سيئ النية، أي كان يعلم بحق الأجنبي، فيسأل في هذه الحالة عن الضرر ولو كان غير متوقع  ويحق إذن للمشتري أن يرجع عليه بالمصروفات الكمالية.

(مجموعة الأعمال التحضيرية ج 4 ص 96)
(رابعاً) مصروفات دعوى الاستحقاق ودعوى الضمان :

عناصر التعويض الذي يرجع به المشتري على البائع في ضمان الاستحقاق ما عسى أن يكون قد ألزم  به من مصر وفات دعوى الاستحقاق التي رفعها المستحق عليه

فقد يكون المشتري قد بقي خصماً في هذه الدعوى ولما حكم للمستحق بالاستحقاق إلزامه هو بمصروفات  الدعوى نحو المستحق فيرجع بما ألزم به من هذه المصروفات على البائع كعنصر من عناصر التعويض ثم أن المشتري قد أدخل البائع ضامناً في الدعوى أو لعله  رفع عليه دعوى ضمان أصلية بعد الحكم بالاستحقاق.

ففي الحالتين يكون قد تكبد مصروفات هي مصروفات إدخال البائع ضامناً أو مصروفات دعوى الضمان  الأصلية. فهذه  المصروفات أيضاً يلزم بها البائع نحو المشتري

ويستثنى من ذلك المصروفات التي كان المشتري يستطيع أن يتقيها لو أن أخطر البائع بدعوى الاستحقاق في الوقت الملائم، فقد يبطئ المشتري في إخطار البائع بدعوى الاستحقاق، وقد لا يخطره أصلاً،

ويتسبب عن ذلك أن تطول الإجراءات في غير مقتض فتزيد المصروفات. فما ذاد منها على هذا النحو لا يرجع المشتري به على البائع لأنه هو الذي تسبب فيه بخطاه وعلى البائع يقع عبء إثبات أن المشتري كان يستطيع اتقاء المصروفات على النحو المتقدم

(السنهوري ص 564)
(خامساً) تعويض المشتري عما لحقه من خسارة أو فاته من كسب :

يلزم البائع بوجه عام بتعويض المشتري عما لحقه من خسارة أو فاته من كسب بسبب استحقاق المبيع. ولقد جاء في المذكرة الإيضاحية أن هذا ليس إلا تذكيراً بالقواعد العامة

فإذا كان تعويض المشتري شاملاً لقيمة المبيع و الفوائد  وللثمار وللمصروفات سواء أكانت ضرورية أم نافعة أم كمالية ولجميع مصروفات الدعوى على النحو السابق بيانه فإن التعويض شامل أيضاً لما لحق المشتري من خسارة ولما فاته من كسب مثل ذلك فيما لحق المشتري من خسارة.

أن يكون وقت أن اشترى الدار قد اضطر لمعاينتها فانتقل إليها من بعيد برفقة البائع وتجشم في ذلك مصروفات السفر، فهذه خسارة تحملها المشتري فيرجع بها على البائع كعنصر من عناصر التعويض في ضمان استحقاق. ومثل ذلك فيما فات المشتري من كسب

أن يكون  الثمن الذي اشترى الدار  قد أعده لاستغلاله في ناحية تدر عليه ربحاً معيناً ثم تحول عن هذه الناحية إلى شراء الدار البائع بعلم ذلك.

فاستحقاق الدار قد فوت على المشتري هذا الربح المعين الذي كان يجنبه لو كان أنه استغل ثم الدار في الناحية التي فكر فيها من قبل، فيرجع على البائع بهذا الربح كعنصر من عناصر التعويض  في ضمان الاستحقاق.

(السنهوري ص 565)
وقد قضت محكمة النقض بأن

لقاضي الموضوع متى انفسخ البيع بسبب استحقاق المبيع ووجب على البائع رد الثمن مع التضمينات، أن يقدر هذه التضمينات بمبلغ معين، يلزم به البائع، علاوة على الثمن  أو أن يحتسب عليه الثمن بالفوائد التي يعوض بها على المشتري ما خسره، وما حرم منه من الأرباح المقبولة قانوناً بسبب نزع الملكية والاستحقاق وليس على القاضي إذا أجرى الفوائد التعويضية على البائع ؛أن يتبع أحكام فوائد التأخير، المشار إليها في المادة 124 من القانون المدني القديم الذي يحكم  واقعة النزاع

(جلسة 29/2/1972 الطعن 200 لسنة 37 ق س 23 ص 261)

حقوق المشتري عند استحقاق

التعويض في حالة الاستحقاق الكلي يفترض رجوع المشتري على أساس ضمان الاستحقاق

رأينا أن المادة 443 مدني قد نصت على أنه :

إذا استحق كل المبيع كان للمشتري أن يطلب من البائع : 1-…………2-…………3-………..4-……… 5-……… .

كل هذا ما لم يكن رجوع المشتري مبنياً على المطالبة بفسخ البيع أو إبطاله”. فواضح من النص أن حق المشتري في المطالبة بالتعويض على أساس العناصر الواردة بالمادة مفروض فيه أن المشتري يطالب بالتعويض على أساس ضمان الاستحقاق

وهذا يفترض أن عقد البيع قائم لم يفسخ ولم يحكم بإبطاله ذلك أن المشتري له الخيار في الرجوع على البائع إما على أساسي ضمان الاستحقاق أو دعوى الإبطال باعتبار أن البيع صادر من غير مالك فهو بيع ملك الغير أو دعوى الفسخ على أساس أن المشتري يجيز البيع ثم يطلب فسخه لعدم تنفيذ البائع لالتزامه بنقل الملكية  .

ويوجد فرق هام بين التعويض المستحق بموجب ضمان الاستحقاق وبين التعويض المستحق بدعوى الإبطال أو دعوى الفسخ يظهر عندما يكون المشتري عالماً بسبب الاستحقاق وقت البيع ففي دعوى ضمان الاستحقاق لا يؤثر هذا العلم في مقدار التعويض

إلا إذا أمكن تفسير هذا العلم على أنه اتفاق ضمني على عدم الضمان فترد قيمة المبيع دون التعويضات الأخرى أما في دعوى الإبطال أو دعوى الفسخ فالمشتري يكون سىء النية ومن ثم لا يرجع على البائع بغير الثمن ولذلك يفضل المشتري الرجوع بدعوى ضمان الاستحقاق الدعويين الأخريين.

ويستند المشتري في دعوى الإبطال عقد البيع إلى قواعد بيع مالك الغير، إذ دل الحكم باستحقاق المبيع على عدم ملكية البائع له، ويستند في دعوى  الفسخ إلى إخلال البائع بالتزامه. وينحصر التعويض فيما فاته من كسب وما لحقه من خسارة بينما يكون الرجوع بضمان الاستحقاق على أساس قيام عقد البيع

ولا يتحقق ذلك في حالة الرجوع بدعوى الفسخ أو الإبطال. وقد قضت محكمة النقض بأن المشرع وإن كان قد أجاز للمشتري – طبقاً للمادة 443 من القانون المدني – الرجوع على البائع – في حالة الاستحقاق المبيع – بضمان الاستحقاق إلا أنه لم يمنعه من المطالبة بفسخ عقد البيع على أساس أن البائع قد أخل بالتزامه وهو ما أشارت إليه المادة السابق ذكرها بقولها ” كل هذا ما لم يكن رجوع المشتري مبنياً على المطالبة بفسخ البيع وإبطاله “

ومن مقتضى ذلك

أنه في حالة القضاء بالفسخ تترتب الآثار التي نصت عليها المادة 160 من القانون المدني وهي أن يعود المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد فيرد كل منهما ما تسلم بمقتضى العقد بعد أن تم فسخه

(نقض 15/8/1967 طعن 193 س 34 ق)،

وبأنه يدل نص المادة 443 من القانون المدني على أن للمشتري في حالة استحقاق المبيع من تحت يده وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون المدني ثلاث دعاوى هي دعوى الإبطال والفسخ وضمان الاستحقاق والأخيرة دعوى تنفيذ بمقابل إذ تفترض بقاء العقد

وللمشتري أن يختار من بينها ما يشاء فإذا اختار دعوى ضمان الاستحقاق وهي دعوى التنفيذ بمقابل فإن ذلك يفترض بقاء العقد الذي يستمد منه حقه في رفع الدعوى ويكون الحكم المطعون فيه إذ أيد حكم محكمة أول درجة في قضائه برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل صدور حكم بفسخ العقد قد أصاب صحيح القانون

(الطعن 2989 لسنة 59ق جلسة 28/4/1998 ، الطعن 58 لسنة 44ق جلسة 19/1/ 1978 س29 ص265، الطعن 217 لسنة 34ق جلسة 22/2/1968 س19 ص345).

أثر حسن نية أو سوء نية البائع أو المشتري على ضمان الاستحقاق

إذا استحق المبيع وجب على البائع تعويض المشتري سواء أكان البائع حسن النية أم سيئ النية فإذا كان البائع حسن النية فإنه لا يسأل إلا عن الأضرار المتوقعة فقط وأما إذا كان سيئ النية أو كان عالماً وقت البيع بحق المستحق فإنه يسأل عن الضرر المتوقع وغير المتوقع. وليس هذا سوى تطبيق للقواعد العامة (المادة 221 مدني).

ولقد رأينا تطبيقاً لذلك أن البائع لا يلتزم في مواجهة المشتري يرد قيمة ما أنفقه من مصروفات كمالية إلا إذا كان سيئ النية

(محمد على عمران وأحمد عبد العال 262)

أما بالنسبة لحسن نية المشتري أو سوء نيته فقد اختلف حول مالها من تأثير في حقه في التعويض ومقداره فذهب رأي في الفقه إلى القول بأنه إذا كان المشتري عالماً وقت البيع بحق المستحق، فليس له أن يرجع على البائع إلا بقيمة المبيع فقط دون سائر عناصر التعويض الأخرى المنصوص عليها في المادة ى433 مدني.

ويستند هذا الرأي إلى نص المادة 468 الخاصة ببيع ملك الغير. فإذا كان البائع غير مالك لما باع وكان المشتري على علم بذلك فليس له المطالبة بالتعويض.

وفي هذا يقول الأستاذ الدكتور البدراوي

ولما كانت الواقعة التي أدت إلى إبطال المبيع أو إلى الضمان في النهاية واحدة وهي صدور البيع من غير مالك، ولما كان إبطال بيع ملك الغير ليست في الواقع سوى دعوى ضمان أجيز رفعها قبل الأوان فإنه يجب ألا يتغير مدى حق المشتري تبعاً للدعوى التي يختار رفعها. ولهذا وجب القول بأن المشتري لا يحق له الرجوع على البائع إلا بقيمة المبيع متى كان يعلم وقت العقد بسبب الاستحقاق ولا يكون له الرجوع بسائر بنود التعويض إلا إذا كان حسن النية، وهذا هو التفسير الذي أخذت به محكمة النقض

(عبد المنعم البدراوي عقد البيع في القانون المدني طبعة سنة 1958 فقرة 315 ص 483)

ويضيف بعض أنصار هذا الرأي إلى الحجة السابقة حجة أخرى قوامها أن المشتري قد تعاقد مجازفاً وعلى مسئوليته طالما أنه كان على علم بحق المستحق، وليس له بعد ذلك أن يتضرر من استحقاق المبيع ويقتصر حقه على المطالبة بقيمة المبيع دون عناصر التعويض الأخرى

ويرى جانب أخر من الفقه في مصر – وهو الصحيح في نظرنا أنه

لا يشترط حسن نية المشتري للرجوع على البائع بسائر عناصر التعويض المنصوص عليها في المادة 433 مدني فليس فيما تنص عليه المادة 433 مدني ولا في الأعمال التحضيرية ما يشير إلى اشتراط حسن نية المشتري حتى يكون له أن يطالب بكافة عناصر التعويض المبينة في ضمان الاستحقاق .

وليس صحيحاً القول بتفرقة لا سند لها من التشريع. ومن وجهة أخرى فلا تلزم مطلق بين سبب الاستحقاق وبين الأحكام الخاضعة بين ملك الغي. فقد يرجع الاستحقاق إلى أن البائع  لم يكن مالكاً لما باع، وقد يستند الاستحقاق إلى سبب آخر كأن يكون البائع مالكاً وقت التعاقد ثم يبيع العقار مرة ثانية إلى مشتر ثان يسبق في التسجيل وتنقل إليه بالتالي الملكية.

وحتى لو كان الاستحقاق راجعاً إلى عدم ملكية البائع لما باع، فإن دعوى الضمان تظل محتفظة بمقوماتها ومستقلة عن دعوى إبطال بيع ملك الغير.

فالتعويض يقوم في بيع ملك الغير على أساس المسئولية التقصيرية، فالفرض أن البيع قد حكم بإبطاله، وأما في دعوى الضمان فالتعويض يكون على أساس أن العقد موجود وتكون المسئولية تعاقدية

(اسماعيل غانم فقرة 161 – منصور مصطفى منصور ص177)

وليس صحيحاً ما يقال أن المشتري قد تعاقد مجازفاً إذا كان على علم بحق المستحق وأن ذلك من شأنه حرمانه من المطالبة بباقي عناصر التعويض الأخرى المنصوص عليها في المادة 433 مدني فقد يكون المشتري قد أقدم على الشراء مع علمه بحق المستحق اعتقاداً منه أنه لن يتعرض له أو أنه إذا حدث هذا التعرض فإن البائع سيتولى دفعه عنه وبالتالي فإن للمشتري المطالبة بكافة عناصر التعويض المنصوص عليها في المادة 433 مدني سواء أكان على علم بحق المستحق أم لم يكن على علم بذلك.

(محمد على عمران وأحمد عبد العال ص 265)

افتراض تحقق الضرر

متى ثبت إخلال البائع بواجب الضمان وبالشروط المتفق عليها في عقد البيع بأن تعرض للمشتري في بعض المبيع تعرضاً من شأنه أن ينقض من قيمته، فإن هذا النقض هو بذاته الضرر الذي أصاب المشتري وهو ضرر مفترض بحكم الالتزام بالضمان، يتحقق بمجرد الإخلال بهذا الالتزام، ومن ثم فإن الحكم إن أحال الدعوى إلى التحقيق وكلف المشتري إثبات الضرر يكون قد خالف القانون

(نقض 8/3/1956 س7 ص291)

حقوق المشتري عند استحقاق

الاتفاق على مقدار التعويض عن الاستحقاق

يجوز الاتفاق مقدماً على قيمة التعويض عن الاستحقاق وفي ذلك تقول محكمة النقض بأن :

إذا كان الحكم المطعون فيه إنما أعمل في قضائه بالتعويض ما اتفق عليه العاقدان في بيع العقد وما ورد فيه عن ضمان البائع في حالة حصوله تعرض له في انتفاعه بالمبيع كما يحق المتعاقدين أن يحددا مقدماً قيمة التعويض بالنص عليه في العقد فإن الحكم لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون 

(نقض 16/5/1972 طعن 341 س 37ق).
Print Friendly, PDF & Email
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض

الأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض خبرات قضائية فى القانون المدنى والملكية العقارية ودعاوى الإيجارات ودعاوى الموظفين قطاع حكومى وخاص وطعون مجلس الدولة والنقض ليسانس الحقوق 1997

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

©المقالة محمية بحقوق النشر الحقوق ( مسموح بالتحميل pdf في نهاية المقالة)

* { -webkit-touch-callout: none; /* iOS Safari */ -webkit-user-select: none; /* Safari */ -khtml-user-select: none; /* Konqueror HTML */ -moz-user-select: none; /* Old versions of Firefox */ -ms-user-select: none; /* Internet Explorer/Edge */ user-select: none; /* Non-prefixed version, currently supported by Chrome, Opera and Firefox */ }