فعل الاستيلاء على نقود أو سندات بالتحايل هو نصب مجرم قانونا فالاستيلاء على النقود أو السندات بالتحايل هو عملية غير قانونية تهدف إلى الحصول على أموال أو سندات بطرق غير مشروعة أو بالاحتيال و يمكن أن تتضمن الاستيلاء على النقود أو السندات المبالغة في فواتير أو صفقات مزيفة أو سرقة هوية مالك النقود أو السندات واستخدامها للحصول على الأموال أو القروض بشكل غير مشروع

الاستيلاء مجرم بنص المادة 336 عقوبات

الاستيلاء على نقود

 تعد هذه الأعمال جرائم مالية وتعاقب عليها القوانين والأنظمة المختلفة في جميع أنحاء العالم ومنها قانون العقوبات المصري بنص المادة 336 منه تتطلب المادة 336 لقيام النصب التوصل إلى ” الاستيلاء على نقود أو عروض أو سندات  دين أو سندات مخالصة أو أي متاع منقول 

والاستيلاء فى النصب غير الاستيلاء بالسرقة فقد عرفنا أنه يكون فى السرقة بانتزاع حيازة المنقول من المجنى عليه رغم أنفه  أما هنا فهذا الأخير يقوم طائعا مختاراً بتسليم المنقول إلى الجاني نتيجة لاحتياله .

د /  رؤوف عبيد – المرجع السابق

واستيلاء الجاني على منقول المجنى عليه فى النصب يتطلب ضرورة بحث ماهية فعل التسليم  ثم طبيعة المال محل التسليم ، وسنعالج كلا من الأمرين فى مطلب على حدة .

فعـل التسليم في الاستيلاء والنصب

 قد يكون تسليم المنقول فى النصب بيد مالكه أو غير مالكه كحائزة الحيازة المؤقتة كالمودع لديه ، أو ممن له عليه اليد العارضة فحسب ، كالاحتيال على خادم للاستيلاء على مال مخدومه ، إذ لا أهمية لصفة من صدر عنه التسليم

وفعل التسليم قد يقع من نفس الشخص الذى كان ضحية الطرق الاحتيالية ، أو من آخر غيره ائتمر بأمره كما قد يحصل إلى الجانى نفسه أو إلى شخص آخر غيره ويستوى أن يكون هذا الأخير سئ النية عالما بحقيقة الواقعة أم أن يكون حسن النية لا يعلم عن حقيقة الأمر شيئا ، ويكون حينئذ بمثابة آلة فى يد فاعل غيره .

ولا أهمية فى النصب لما إذا كان التسليم بقصد نقل الحيازة التامة أو المؤقتة أو حتى مجرد اليد العارضة فحسب ، فالجريمة تتم متى صدر تسليم للمال ، بناء على احتيال وقع من المحتال للاستيلاء على هذا المال ، ولا محل لتطبيق قواعد الحيازة المدنية التى مرت بنا عند دراستنا التسليم النافى للسرقة ، لأن الأصل فى السرقة هو عدم حصول تسليم أصلا ، أما هنا فينبغى حصول التسليم دائما .

ولذا فإنه إذا تقدم محتال إلى صائغ ، وتمكن من الاستيلاء على حلية معروضة للبيع ، نتيجة مباشرته طرقا احتيالية ، أو اتخاذه اسما كاذبا أو صفة غير صحيحة ، أو عن طريق المبادلة عليها بمنقول لا يملكه ولا يملك التصرف فيه ، فإن الواقعة تكون نصبا فى جميع الأحوال وأية كانت طبيعة التسليم الذى صدر من الصائغ .

على أنه ينبغى ملاحظة أنه إذا كان تسليم الحلية لنقل حيازتها التامة إلى المحتال ( كصدوره بموجب بيع أو مقايضة مثلا ) فاستيلاؤه عليها يكون نصبا مجردا ، وإذا كان التسليم لنقل حيازتها المؤقتة إليه ( كصدوره بموجب أيجار أو عارية استعمال مثلا ) فاستيلاؤه عليها يكون نصبا

وفى نفس الوقت خيانة أمانة وأما إذا كان التسليم لتمكين اليد العارضة فحسب ( كصدوره لتمكين المحتال من فحص الحلية فى حضور البائع فيأخذها ويلوذ بالفرار ) فالواقعة تكون نصبا وفى نفس الوقت سرقة ، وجلى أنه فى هاتين الصورتين الأخيرتين تطبق الأحكام العامة المتبعة فى حالة تعدد الجرائم

د / رؤوف عبيد – المرجع السابق

إثبات التسليم في النصب

الاستيلاء على نقود

يجوز إثبات التسليم فى النصب بكافة الطرق بما فيها البنية والقرائن ولو جاوزت قيمة المال محل التسليم ألفى ذلك أنه وإن كان القاضى الجنائى مقيد فى الأصل بقيود الإثبات المدنية فى إثبات المسائل غير الجنائية ( م 225 إجراءات )

إلا أنه إذا كان الفعل المعاقب عليه هو نفس الواقعة المراد إثباتها فلا محل للتقيد بهذه القيود إذ أن الغش نحو القانون يجوز إثباته بكافة الطرق فضلا عن توافر مانع حينئذ من الحصول على كتابة بسبب خوف المستلم من الوقوع تحت طائلة العقاب وهو فى النصب بوجه خاص يكون عادة على درجة كبيرة من الحذر

مبادئ الإجراءات الجنائية د / رؤوف عبيد

وقد قضى بذلك فى قضية محتال أخذ من سيدة نقودا تتجاوز قيمتها هذا المقدار بزعم إحضار زوجها الغائب عنها غيبة مريبة

نقض 7/3/1929 القواعد القانونية ج 1 رقم 190 صـ 234

المال المستولي عليه محل التسليم بالنصب

 يسرى على المال محل النصب كل ما عرفنا أنه يسرى على المال محل السرقة من شروط وخصائص ، فينبغى أولا أن يكون منقولا ، كما ينبغى ثانيا أن يكون مملوكا للغير .

أولا : كون المال منقولا

نص قانوننا صريح فى أن النصب يكون للاستيلاء على ” نقود  أو عروض أو سندات ، أو أى متاع منقول ” فلا يكون محله عقار ، فيرى البعض وجوب وقوعه على منقول ، حين يرى البعض الآخر جواز وقوعه للاستيلاء على عقار ، وليست لهذا الخلاف قيمة تذكر فى العمل ، لأن وقوع الاحتيال للاستيلاء على سند مثبت لحق على عقار يعد نصبا بإجماع الآراء ، وهى الصورة المألوفة فى النصب للاستيلاء على عقار .

ويراعى فى تحديد المنقول ما ذكرناه عند الكلام فى السرقة من أنه قد يعد منقولا من الوجهة الجنائية ما لا يكون كذلك من الوجهة المدنية كالعقار بالتخصيص أو بالإيصال ، وينبغى أن يكون المنقول هنا أيضا ماديا لا معنويا فالأفكار والابتكارات والحقوق المختلفة والديون والأسرار لا يجوز أن تكون محلا للنصب كما لا يجوز أن تكون محلا للسرقة ، وذلك ما لم ينصب التسليم على المحررات المثبتة إياها .

ويرى البعض أنه لا يشترط أن يحصل تسليم مادى للورقة ، فلا فرق بين حمل دائن على تسليم ورقة دين – نتيجة للطرق الاحتيالية – وبين حمله بنفس الطرق على التوقيع على ورقة مخالصة ، أو على إضافة شروط أو التزامات جديدة عليها .

حكم الاحتيال للحصول على منفعة

الاستيلاء على نقود

من المسلم به أنه لا يعد فى حكم الاحتيال حصول الفاعل على تحقيق منفعة ما – لا تسلم منقول – ولو كانت لهذه المنفعة قيمة مالية  كتعيينه فى وظيفة ، أو السفر مجانا ، فمن يوهم كمسارى القطار أو الترام أن معه اشتراكا أو من يسافر باشتراك غيره ، أو من يدعى أنه من رجال الشرطة المرخص لهم بالانتقال مجانا لا يرتكب نصبا 

أما احتيال الجانى للحصول على تذكرة سفر أو ترام أو اشتراك دون دفع الثمن فيعد نصبا ، إذ فى هذه الحالة الأخيرة بتسلم الجانى منقولا ماديا ولا يحقق مجرد منفعة

ومن تطبيقات هذه القاعدة

أنه لا يعد نصبا احتيال المدين للتهرب من دفع الدين أو جزء منه أو لتأجيل السداد ، واحتيال المشترى لتقسيط الثمن حتى ولو عجز عن دفع الأقساط ، أما احتيال أحدهما للحصول على ورقة المخالصة فيعد نصبا

ولذا أيضا قضى بأن من يغش فى عداد المياه أو النور بإرجاع إبرته إلى الخلف بعد أن يكون قد قيد الرقم الصحيح للاستهلاك يعد مرتكبا لغش مدنى فى الدليل المثبت للدين ومن ثم لا تعتبر الواقعة نصبا كما رأينا فيما مضى أنها لا تعتبر سرقة

أما إذا تلاعب سائق التاكسى فى العداد حتى يتمكن من الاستيلاء على أكثر من الأجرة المستحقة فتعد الواقعة نصبا بالاستيلاء على مال لا مجرد منفعة ومن باب أولى لا يعد نصبا أن يقع الاحتيال لتحقيق منفعة ذات قيمة معنوية صرف كالاحتيال على شاهد للشهادة فى اتجاه خاص أو على موظف معين لاتخاذ قرار فى معنى معين ، أو على متهم لانتزاع اعتراف منه .

ثانيا : كون المال مملوكا للغير

ينبغى أن يكون الشئ محل النصب مملوكا للغير – كما هو الشأن فى السرقة تماما – ودون  أى وجه للتفرقة بينهما ، فيعد مملوكا للغير المنقول المفقود والكنوز والآثار ، حين لا يقع النصب على المال المباح ، كمن يحتال على آخر ليسمح له بالصيد فى مكان غير مرخص له بالصيد فيه ، كما لا يقع على المال المتروك 

كمن يحتال للاستيلاء على أوراق أو ملابس متروكة لم يتملكها أحد بعد والمحتال لا يعلم بذلك ، وكذلك لا يقوم النصب إذا احتال شخص للاستيلاء على منقول مملوك له وهو لا يدرى ، أى فى حيازة آخر لمجرد استرداد حيازته ، كالمودع الذى يحتال لاسترداد وديعته ، أو المعير لاستعادة عاريته أو المدين الراهن لاستعادة منقوله المرهون ، وينبغى فى جميع الأحوال أن يكون هذا المنقول المملوك للفاعل معينا بالذات ، أما إذا لم يكن كذلك فجريمة النصب تعد قائمة .

وقد حدث أن دائنا أراد الحصول على دينه من مدينه المماطل بالحيلة ، فأرسل إليه أحجارا على أنها نحاس فى طرد حوله عليه بقيمة الدين تماما ، فحكم القضاء بعدم اعتبار الواقعة نصبا لأن المتهم ” إنما أراد الحصول على دينه ، وهى طريقة مقاصة جبرية وإن كانت غير مشروعة وممقوتة ، ولكن لا يكون عمله فيها جنحة نصب” .

وهذا الحكم يبدو محل نظر لأن الجانى هنا لم يحصل على منقول معين بالذات بل استولى على نقود المدين – وهى من المثليات – بطريق الاحتيال ، ففعله كان ينبغى أن يعد نصبا ، ولا محل للقول بانتفاء النصب لانتفاء الضرر الذى لحق المجنى عليه والذى سدد دينا عليه مستحق السداد على أية حال ، إذ أن النصب  لا يتطلب الضرر كركن قائم بذاته بل هو مفترض ، ومستفاد هنا من أن السداد قد فرض على المدين فرضا ، فضلا عن احتمال تأجيله أو وجود منازعة فى الدين .

وكل ما يمكن أن يقال أن رغبة الدائن فى استيفاء دينه من مدين مماطل قد تعد من قبيل الباعث المشروع الذى لا يؤثر فى الجريمة وجودا أو عدما وإن جاز أن يعد ظرفا مخففا فحسب 

ولذا يعد فى محله ما قضى به حكم آخر تشابهت ظروف واقعته مع ظروف الواقعة السابقة ، إذ اعتبر نصبا ما عمد إليه دائن أراد اقتضاء دينه بالحيلة من مدينه المماطل فأرسل إليه برميلا به ماء على اعتبار أنه زيت وحوله عليه بقيمة الدين ، وسلمه بوليصة الشحن  بعد إذ تسلم منه هذه القيمة .

الاستيلاء على نقود

هل يلزم أن يلحق المجنى عليه فى النصب ضرر مادى ؟

ذهب رأى إلى القول بأنه يلزم أن يلحق المجنى عليه فى النصب ضرر مادى محقق أو محتمل ، فإذا انتفى هذا الضرر فلا تقوم الجريمة ، وهو يجعل بذلك للنصب نطاقا غير نطاق السرقة التى قد تقع على شئ ليس له سوى قيمة أدبية بحت ، كخطاب عادى أو صورة فوتوغرافية لها قيمة تذكارية فحسب ، كما سبق أن بينا .

ويستند هذا الرأى إلى المادة 336 التى تستلزم أن يكون الاحتيال للاستيلاء على ” نقود أو عروض أو سندات أو أى متاع منقول ” وأظهر من ذلك المادة 405 ع . ف التى تستلزم استيلاء الجانى ” على كل أو بعض ثروة الغير ” وبالتالى يقرر أنه إذا لم يحصل انتقاص للثروة فلا نصب .

بل يرى جانب آخر من الرأى تطبيق هذه القاعدة على نطاق أوسع من ذلك والقول بأنه فى النصب ” لا جريمة ولا عقاب إذا انعدم الضرر كما لو كان المجنى عليه قد أخذ مقابل ما سلب منه عند التعاقد “

د / أحمد أمين المرجع السابق ص749 ، د / حسن المرصفاوى مرجع سابق ص189

وقد وجدت هذه القاعدة بعض تطبيقات لدى قضاء محكمتنا العليا فاستلزم بعضها بيان ركن الضرر المترتب على النصب حتى تتمكن من مراقبة توافره

راجع نقض 5/11/1925 المحاماة س 4 صـ 641

كما رتب أحدها على انتفاء الضرر المادى انتفاء القصد الجنائى لدى الجانى

نقض 12/6/1912 السالف الذكر

ولكن ذهب رأى ثان إلى أن النصب – كالسرقة – لا يتطلب أكثر من وقوعه على منقول مملوك للغير ، وأن الضرر هنا – كما هو هناك – عنصر مفترض ومترتب على خصائص الجريمة نفسها ووقوعها على مال الغير ، وذلك أن هذه الطائفة من الجرائم يهدف بها القانون إلى حماية حرمه الملكية فى حد ذاتها بما تخوله المالك من حق التصرف فى ملكه بالكيفية التى يريدها ، وفى الوقت الذى يراه ، وبالمقابل الذى يجده مناسبا .

فالضرر المباشر الذى يحظره القانون فى هذه الجرائم هو المساس بحقوق المجنى عليه على ماله من وجهة مادية بانتقاص ثروته ، أو من وجهة معنوية بانتقاص حريته فى التصرف فى الشئ عندما يريد ، وبالكيفية التى يريدها هو ، لا عندما يريد الجانى وبالكيفية التى يراها 

فالسارق يعد سارقا حتى ولو ترك للمجنى عليه الثمن المناسب للسلعة التى اختلسها ، أو لو كان دائنا للمجنى عليه بالمبلغ الذى سرقه أو بأكثر منه 

وكذلك ينبغى أن تكون الحالة أيضا فى النصب و خيانة الأمانة ، إذ لا فرق بين هذه الجرائم الثلاث فيما يتعلق بمحل الجريمة ، وكل الفرق هو فى الوسيلة التى تقع بها فحسب .

أما فيما يتعلق بنص المادة 336

الاستيلاء على نقود

وما تتطلبه من

الاستيلاء على نقود أو عروض أو سندات أو أى متاع منقول ” فهو نص عام  لا يتطلب تحقق ضرر معين بذاته ، كما لا يتطلب أكثر من أن تكون لإرادة الجانى قد انصرفت إلى ارتكاب جريمة النصب ، فهو متصل ببيان الجانب المعنوى منها دون جانبها الموضوعى .

ولا يلزم أن يكون الجانى قد حقق أية فائدة من الجريمة  لذا يقوم الاحتيال سواء أسلمت السلعة بالفعل فكانت الجريمة تامة أم لم تسلم فكانت الواقعة مجرد شروع وسواء أفاد منها الجانى أم لم يجن منها فائدة ما ، وهو حكم عام يسرى على الجرائم كافة 

Print Friendly, PDF & Email
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض
عبدالعزيز حسين عمار محامي بالنقض

الأستاذ عبدالعزيز حسين عمار المحامي بالنقض خبرات قضائية فى القانون المدنى والملكية العقارية ودعاوى الإيجارات ودعاوى الموظفين قطاع حكومى وخاص وطعون مجلس الدولة والنقض ليسانس الحقوق 1997

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

©المقالة محمية بحقوق النشر الحقوق ( مسموح بالتحميل pdf في نهاية المقالة)

* { -webkit-touch-callout: none; /* iOS Safari */ -webkit-user-select: none; /* Safari */ -khtml-user-select: none; /* Konqueror HTML */ -moz-user-select: none; /* Old versions of Firefox */ -ms-user-select: none; /* Internet Explorer/Edge */ user-select: none; /* Non-prefixed version, currently supported by Chrome, Opera and Firefox */ }