الحيازة تحمي الملكية
التساؤل هل الحيازة تحمي الملكية حيث أن المشرع في باب كسب الملكية وضع الحيازة به كسبب من أسباب كسب الملكية العقارية وفي هذا البحث الموجز نتعرف علي أسباب حماية المشرع للحيازة واعتبارها سببا لكسب الملكية .
محتويات المقال
الحيازة لحماية الملكية
كيف نحمي الملكية العقارية بدعاوى حماية الحيازة ؟
لعله يبدوا منطقياً أن نبدأ الإجابة علي هذا التساؤل بالتعرض لتعريف الحيازة باعتبار التعريف هو المدخل المقبول لفهم الأحكام الخاصة بها .
وتعرف الحيازة بأنها وضع مادي ينشأ عن سيطرة شخص ما سيطرة فعلية علي حق ، سواء كان هذا الحق منقولاً أو عقارا وسواء كان هذا الشخص المسيطر صاحبه أو لا و تلك السيطرة تقتضي استعمال هذا الحق عن طريق أعمال مادية يقتضيها مضمون الحق نفسه وتؤدي الحيازة انتهاء – بشروط – إلي كسب الملكية .
وقد أوردت المذكرة الإيضاحية للقانون المدني ما نصه :
إن الحيازة من حيث أحكامها العامة وضع مادي به يسيطر الشخص سيطرة فعلية علي شيء يجوز التعامل فيه وترد الحيازة علي الأشياء المادية والحقوق المعنوية علي السواء وتكسب بأعمال يقوم بها هذا الوضع المادي وتنتقل بالاتفاق مصحوباً بالتسليم وتزول بزوال السيطرة الفعلية .
والمنتهي أن
الحيازة تعتبر من الموضوعات البالغة الأهيمة وذلك نظراً الي ما يترتب عليها من نتائج عملية لها خطرها وقد نظم القانون المدني الأحكام الخاصة بالحيازة في المواد من 949 إلي 984 .
وإذا كانت الحيازة قد وضعت بين أسباب كسب الملكية فما ذلك إلا لأن هذا الكسب هو أهم آثر يترتب علي الحيازة فللحيازة آثار أخري كما سيلي ، فأسباب ووسائل كسب الملكية العقارية طبقاً لأحكام القانون المدني هي
- الوسيلة الأولي : الاستيلاء .
- الوسيلة الثانية : الميراث وتصفية التركة .
- الوسيلة الثالثة : الوصية .
- الوسيلة الرابعة : الالتصاق .
- الوسيلة الخامسة : العقد .
- الوسيلة السادسة : الشفعة
- الوسيلة السابعة : الحيازة .
أسباب حماية المشرع للحيازة
السبب الأول لحماية الحيازة
السبب الأول لحماية الحيازة أن الحائز هو الذي يسيطر سيطرة فعلية علي المال الذي يقع في حيازته فيجب لاعتبارات تتعلق بالأمن العام أن تبقي له هذه السيطرة فلا يتعدي أحد عليها ولو كان هو المالك للمال .
وعلي المالك أن يلجأ الي الطرق التي رسمها القانون لاسترداد ماله من الحائز فالقانون يحمي الملكية وقد جعل لحماية كل من الحيازة والملكية طرقها الخاصة فلا يجوز للمالك أن ينتزع ماله من الحائز عنوة وقهرا فينتصف لنفسه بنفسه ويعكر صفو السلام والأمن العام بل يجب عليه إذا لم يرد الحائز إليه طوعا أن يسترد عن طريق القضاء وفقا للإجراءات التي رسمها القانون في ذلك .
السبب الثاني لحماية الحيازة
أن الحائز للمال في الكثرة الغالبة من الأحوال يكون هو المالك له وأول مزايا الملك أن يحوز المالك ملكه الذي يملكه وقل أن يوجد مالك لا يحوز بنفسه أو بواسطة غيره لذلك يفترض القانون مبدئيا أن الحائز هو المالك فيحمي الملكية عن طريق الحيازة فالحيازة قرينة علي الملكية ولكنها قرينة بسيطة تقبل إثبات العكس .
عناصر الحيازة
إذا كانت الحيازة واقعة مادية تحدث آثاراً قانونية فإن ذلك يعني أن للحيازة عنصرين ؛ العنصر الأول هو العنصر المادي ، أما العنصر الثاني فهو العنصر المعنوي .
العنصر المادي للحيازة
يتمثل العنصر المادي للحيازة في مجموعة الأعمال المادية التي يقوم بها الحائز :
أي القيام بالأعمال المادية التي يقوم بها عادة صاحب الحق طبقاً لما تسمح به طبيعة الشيء ويطلق علي هذا العنصر عادة تعبير وضع اليد فوضع اليد علي الأرض الزراعية يكون بزراعتها وعلي المنازل بسكناها وعلي أرض فضاء بالبناء عليها فتتحقق تلك السيطرة المادية في أوج صورها بأن يحرز الشخص – الحائز – الشيء في يده إحرازاً مادياً ويبـاشر عليه حقوق المالك علي ما يملك بالانتفاع أو بالاستعمال أو بالتصرف فيه
ويتحقق العنصر المادي للحيازة في صورة أخري بانتقال الحيازة له من الغير بالتسليم ، كما هو الحال في بيع شخص عقار أو منقول في حيازته لأخر وتسليمه له .
ويتحقق العنصر المادي للحيازة في صورة أخري عن طريق حيازة الوسيط :
والوسيط هو شخص تابع للحائز الحقيقي فتربط هذا الوسيط بالحائز علاقة التابع والمتبوع
وفي ذلك تن الفقرة الأولي من المادة 951 من القانون المدني علي أنه :
تصح الحيازة بالوساطة متى كان الوسيط يباشرها باسم الحائز وكان متصلا به اتصالا يلزمه الائتمار بأوامره فيما يتعلق بهذه الحيازة .
ويتحقق العنصر المادي أيضا في الحيازة علي الشيوع :
إلا أن ذلك مقيد بشرط ألا يحول قيام الحائز بالأعمال المادية دون قيام الحائزون الأخرون بها ولا تنتج تلك الحيازة من الآثار إلا بما يتفق مع هذا الشيوع إلا إذا غير أحد الشركاء علي الشيوع بعمل منه صفة هذا الشيوع فتحول من الحيازة علي الشيوع الي الحيازة الخالصة .
العنصر المعنوى للحيازة :
هو قصد استعمال الحق محل الحيازة والعنصر المعنوى في الحيازة بطبيعته عنصر شخصي فيجب أن يتوافر لدي الحائز شخصيا فلا ينوب عنه فيه غيره إلا إذا كان عديم التمييز ولا يعتبر القصد متوفراً عند من يجوز لحساب غيره وهو الحائز العرضي ما لم تتغير صفته فينقلب الي حائز لحساب نفسه ويقوم العنصر المادي قرينة علي توافر العنصر المعنوي
إذ تنص المادة 963 من القانون المدني علي أنه :
إذا تنازع أشخاص متعددون على حيازة حق واحد أعتبر بصفة مؤقتة أن الحائز هو من له الحيازة الماديـة إلا إذا ظهر أن عقد حصل على هـذه الحيازة بطريقـة معيبة .
الحيازة كسبب من أسباب الملكية
كسب الملكية عن طريق الحيازة هو كما سلف أحد أهم الآثار التي تترتب علي الحيازة فالحيازة تؤدي عن طريق التقادم المكسب الي كسب الملكية وجوهر التقادم المكسب – بسبب الحيازة – هو توافر قصد أو نية التملك لدي الشخص الحائز بمعني أنه تلزم الحيازة ويلزم معها توافر قصد معين هو اكتساب حق عيني على هذا العقار .
لذا فان الحيازة مهما طالت مدتها لا تؤدي بذاتها وبشكل تلقائي إلى كسب الملكية بالتقادم وإنما يتحتم أن تقترن بقصد أو بنية التملك
وفي قضاء دقيق لمحكمة النقض قضي :
وضع اليد لا ينهض بمفرد سببا للتملك ولا يصلح أساسا للتقادم المكسب إلا إذا كان مقرونا بنية التملك ومستمرا وهادئا غير غامض .
لذا لا كسب للملكية بالتقادم لانتفاء نية التملك لدي الحائز وفي ذلك قضي :
متى كانت محكمة الموضوع قد أوضحت فى أسباب حكمها أنه لم تكن لمدعي الحيازة ولا لمورثه حيازة مقترنة بنية التملك مستندة فيما استندت إليه إلى أن المورث كان يستأجر أرض النزاع فان هذا ما يعتبر ردا ضمنيا على ما يتمسك به مدعى الحيازة من تملكه تلك الأرض بالتقادم الطويل وبالتقادم القصير مع السبب الصحيح وحسن النية .
اثبات وضع اليد
تساؤل: كيف يثبت واضع اليد ( الحائز ) نية التملك بمعني أخر أن حيازته كانت بقصد أو بنية التملك ؟
الواقع أن وضع اليد أو الحيازة بقصـد التملك تثير قضيتين:
- الأولي الوجـود الحقيقي أو الفعلي لليد علي العين موضوع النزاع
- الثانية طبيعة القصـد من وضع اليد وبالأدق أن وضع اليد كان بقصد التملك
وفي إثبات الحيازة قضي :
وضع اليد واقعة مادية العبرة فيه بما يثبت قيامة فعلا فإذا كان الواقع يخالف ما هو ثابت من الأوراق فيجب الأخذ بهذا الواقع وإطراح ما عدله وفي الإحالة إلى التحقيق كوسيلة للاستدلال علي وجود وضع يد ( حيازة ) وطبيعة وضع اليد وهل كانت بقصد التملك
قضت محكمة النقض انه :
إذا كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه وإن كانت محكمة الموضوع غير ملزمة بإجابة الخصوم إلي ما يطلبونه من إحالة الدعوى إلي التحقيق لإثبات ما يجور إثباته بشهادة الشهود إلا أنها ملزمة إذا رفضت هذا الطلب أن تبين في حكمها ما يسوغ رفضه ، وكان الحكم المطعون فيه قد استند في رفض طلب الطاعن إحالة الدعوى إلي درجة إلي التحقيق لإثبات تملكه عين النزاع بالتقادم إلي قوله: ” سبق أن قضت محكمة أول درجة بذلك وتحدد أكثر من جلسة ليعلن الطرفان شهودهما ولم يتقدم أي منهما بشهوده الأمر الذي مفاده أن الطاعن ما ينبغي من طلبة سوي أطاله أمد النزاع “
وهو ما لا يكفي لتبرير رفض الطلب
لأن مجرد عدم إحضار الشهود لا يدل بذاته علي أن مرجع ذلك هو رغبه الخصم في الكيد لخصمه بإطالة أمد النزاع بلا مبرر أو انه لا يستطيـع التوصيل إلي حضور الشهود بعد ذلك ، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه معيبا بالقصور والإخلال بحق الدفاع .
إثبات وضع اليد ( الحيازة ) بكافة طرق الإثبات باعتبارها واقعة مادية يستدل عليها من دلالات وقرائن متعددة حسب كل دعوى علي حدة .
قضي في قضاء محكمة النقض أنه:
لئن كان وضع اليد واقعة مادية يجوز إثباتها بكافة الطرق من أي مصدر بمقتضى القاضي منه دليله ولا محل لطرح ما تقرره محكمة الموضوع بشأنها على محكمة النقض إلا أن يعرض الحكم المثبت للتملك بالتقادم لشروط وضع اليد فبين بما فيه الكفاية الوقائع التي تؤدي إلى توافرها بحيث يبين منه أنه تحراها وتحقق من وجودها وإذا لم يرد بالحكم المطعون فيه ما يفيد تحقق هذه الشروط فانه يكون مشوبا بالقصور والخطأ فى تطبيق القانون .
( الطعن رقم 305 سنه 65 ق جلسة 10/6/1999)
قضي : وضع اليد واقعة مادية تستقل بتقديرها محكمة الموضوع بغير معقب من محكمة النقض طالما أقامت قضائها على أسباب سائغة تكفي لحمله وإذا كان الحكم المطعون فيه قد أطرح دفاع الطاعنين لانتفاء الدليل عليه وأقام قضاءه على ما استخلصه سائغا من القرائن التي أوردها من أن المطعون ضده الأول قد وضع يده على المنزل موضوع النزاع بنية تملكه منذ سنة 194 وحتى سنه 1964 فان النعي عليه بالفساد فى الاستدلال يكون غير مقبول.
( الطعن رقم 239 سنه 50 ق جلسة 22/12/1983)
قضي أيضا أنه :
من المقرر فى قضاء محكمة النقض أن استظهار وضع اليد المؤدي إلى كسب الملكية بمضي المدة الطويلة هو من مسلسل الواقع التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع متى قام تقديره لها على أسباب مقبولة .
( الطعن رقم 509 سنه 64 ق جلسة 14/1/1996)
نية التملك بالحيازة
النية أمر نفسي دفين وللمحكمة حق الاستدلال علية وجودا وعدما من مجموع القرائن المطروحة بالدعوى ولا يكون قضائها خاضعا لمحكمة النقض شريطة أن تكون العناصر التي استندت إليها تتماشى عقلا مع النتائج التي رتبتها علي ذلك.
فقد قضت محكمة النقض عن نية التملك بالحيازة أنه :
إذا كان ما أورده الحكم من أسباب يفيد أن المحكمـة استخلصـت من القرائن التي أوردتها أن عقد البيع الذي استندت إليه زوجة البائع فى منازعة المشترين من زوجها هو عقد صوري اصطنع لمعاونة زوجها فى عدم تمكين المشترين من الانتفاع بالأطيان مشتراهم مما ينفي أن يكون لدي واضع اليد نية التملك وأن إدعاء زوجة البائع وضع اليد على الأطيان موضوع النزاع هو إدعاء غير صحيح ، وكانت هذه القرائن من شأنها أن تؤدى إلى ما انتهت إليه فى حكمها كان النعي عليه بالقصور على غير أساس .
ما هي حدود سلطة محكمة الموضوع في استخلاص وضع اليد ( الحيازة ) وكونها بقصد التملك؟
قضي انه :
للمحكمة السلطة المطلقة فى التحقق من ثبوت وقائع الدعوى وفى تقديرها مجردة عن أي اعتبار أخر أو مضافة إليها الظروف التي اكتنفتها واستخلاص ما قصده أصحاب الشان منها فإذا كان التملك بمضي المدة يقتضي قانونا الظهور بمظهر المالك فهي التي تستخلص هذه النية بحسب ما يقوم باعتقادها من وقائع الدعوى وملابساتها وعلى ذلك فإذا استنتجت المحكمة من الوقائع أن انتفاع واضع اليد إنما كان مبناه التسامح الذي يحدث بين الجيران فـذلك لا يخـرج عن حدود سلطتها ولا رقابة عليها فيه لمحكمة النقض .
( الطعن رقم 232 لسنه 74 ق جلسة 10/12/2004 لم ينشر بعد )
ختام حماية الحيازة لحماية الملكية
يحمي المشرع الحيازة لأنها تعد وسيلة لاكتساب الحقوق وتستند حماية الحيازة إلى اعتبار هام يتعلق بالصالح العام، ويتمثل في ضرورة احترام الأوضاع الظاهرة والمستقرة وعدم التعرض لها لأن اعتراض حيازة الشخص بأي أمر من الأمور يؤدي إلى تهديد الأمن والنظام في المجتمع ومن هنا نشأت الحاجة إلى حماية الحيازة، وبخاصة حماية حيازة العقارات
و الحيازة هي حق الاستخدام الفعلي للعقار وهي تحمي الحائز على العقار من أي شخص يحاول الاعتداء عليه و ومع ذلك فإن الحيازة لا تحمي الحائز على العقار من أي شخص يحاول المطالبة بالملكية الفعلية للعقار لحماية الملكية الفعلية للعقار ويجب توافر الوثائق القانونية اللازمة لإثبات الملكية الفعلية للعقار.