وقاية الحيازة بالطريق القانوني
تعرف علي طرق وقاية الحيازة قبل حصول التعرض عن طريق رفع دعوي وقف الأعمال التى شرع فيها المتعرض لتعكير الحيازة وهي دعوي هامة جدا لمنع التعرض قبل أن يكون أمر واقع مما يغني عن تكلف الكثير برفع دعاوي أخري وفي هذا البحث القانوني عن وقف الأعمال نتعرف علي كيفية استعمال هذا القانوني.
محتويات المقال
وقابة الحيازة بدعوى وقف الأعمال
دعوى وقف الأعمال الجديدة هي احدي دعاوى حماية الحيازة الثلاث التي تضمنتها نصوص القانون المدنيوهي:
- دعوى استرداد الحيازة
- ودعوى منع التعرض
- ودعوى وقف الأعمال الجديدة
وتعرف دعوى وقف الأعمال الجديدة بأنها
الدعوى الوقائية التي يرفعها حائز العقار الذي استمرت حيازته للعقار سنة كاملة بغرض الحكم لصالحه بوقف أعمال جديدة من شأنها إتمامها التعرض لحيازته .
وفي تعريف آخر لدعوى وقف الأعمال الجديدة قيل بأنها
دعوى حيازة وقائية ترمى الى منع الاعتداء على الحيازة قبل وقوعه ومثالها التقليدي هو البدء فى بناء حائط يؤدى لو اكتمل البناء الى سد مطل للجار فيرفع حائز المطل دعوى وقف الاعمال الجديدة يطلب فيها الحكم بوقف البناء .
تنظيم القانون لدعوى وقف الأعمال
تنص المادة 962 من القانون المدني : –
- من حاز عقارا واستمر حائزا له سنة كاملة وخشي لأسباب معقولة التعرض له من جراء أعمال جديدة تهدد حيازته ، كان له أن يرفع الأمر إلى القاضي طالباً وقف هذه الأعمال بشرط ألا تكون قد تمت ولم ينقض عام على البدء فى العمل الذي يكون من شأنه أن يحدث الضرر .
- وللقاضى أن يمنع استمرار الأعمال أو أن يأذن فى استمرارها وفى كلتا الحالتين يجوز للقاضى أن يأمر بتقديم كفالة مناسبة تكون فى حالة الحكم بوقف الأعمال ضمانا لإصلاح الضرر الناشئ من هذا الوقف متى تبين بحكم نهائي أن الاعتراض على استمرارها كان على غير أساس ، وتكون فى حالة الحكم باستمرار الأعمال ضمانا لإزالة هذه الأعمال كلها أو بعضها إصلاحا للضرر الذي يصيب الحائز إذا حصل على حكم نهائي في مصلحته .
قوة وقف الأعمال لحماية الحيازة
تعد دعوى وقف الأعمال الجديدة – وبحق – مثالاً صادقاً لحرص المشرع وإمعانه فى حماية الحيازة ، فهو لم يكتف بحمايتها من السلب بدعوى استرداد الحيازة ، كما لم يكتف بحمايتها من التعرض بدعوى المنع من التعرض ، وانما حاول وقايتها من التعرض قبل حصوله ، متى تهيأت الاسباب لاحتمال وقوعه ، وذلك بتنظيمه دعوى وقف الاعمال الجديدة ، والمثال التقليدي لهذه الدعوى هو البدء فى بناء حائط يؤدى لو اكتمل البناء الى سد مطل للجار ، فيرفع حائز المطل دعوى وقف الاعمال الجديدة يطلب فيها الحكم بوقف البناء .
غرض دعوي وقف الأعمال
الغرض الهام لهذه الدعوى ( دعوى وقف الأعمال الجديدة ) منع الاستمرار فى عمل شرع فيه ، ولو تم لاصبح تعرضا للحيازة ، فترفع على من شرع فى العمل بقصد منعه من اتمام هذا العمل وذلك لتفادى التعرض الذى قد ينتج من انهاء هذا العمل .
مثال الأعمال محل دعوي الوقف
أن يبدأ شخص بناء حائط فى حدود ارضه او اقامة بناء لو انه استمر فيه الى نهايته لسد النور والهواء على جاره او لسد مطلا له ، ولنجم عن ذلك تعرض لحيازة الجار للعقار المجاورة ففى هذه الحالة التعرض احتمالي ولم يقع بعد لذلك قيل أن هذه الدعوى من الدعاوى الوقائية ، والمصلحة فى مثل هذه الدعاوى ليست مصلحة محتملة ، بل هي مصلحة قائمة للحائز فى درء التعرض قبل حصوله ، لأنه ليس من المتصور حرمان الحيازة من الحماية إلى أن يقع عليها الاعتداء بتمام التعرض .
تكييف دعوى وقف الأعمال الجديدة
التعريف السابق لدعوى وقف الأعمال الجديدة بأنها الدعوى الوقائية التي يرفعها حائز العقار الذي استمرت حيازته للعقار سنة كاملة بغرض الحكم لصالحه بوقف أعمال جديدة شرع فيها ومن شأنها إتمامها التعرض لحيازته . هذا التعريف يمكننا من القول بأن هذه الدعوى هي دعوى وقائية غايتها وقف عمل شرع في إتمامه ومن شأن إتمامه حصول تعرض لحيازة المدعي ، والمثال التقليدى هو البدء فى بناء حائط يؤدى لو اكتمل البناء الى سد مطل للجار ، فيرفع حائز المطل دعوى وقف الاعمال الجديدة يطلب فيها الحكم بوقف البناء .
وفقا لقضاء محكمة النقض وفي مقام تكييف دعوى وقف الأعمال الجديدة :
فإن دعوى وقف الاعمال الجديدة – هى الدعـوى التى يكون سببها وضع اليد على عقار او حق عينى عقارى وموضوعها حماية اليد من تعرض يهددها ومقتضى الفصل فيها ثبوت الحيازة القانونية وتوافر أركانها والشروط اللازمة لحمايتها وتختلف هذه الدعوى عن الطلب المستعجل الذى يرفع الى قاضى الامور المستعجلة بوصفه كذلك
ويقضى فيه على هذا الاساس اذ مناط اختصاصه بنطر هذا الطلب ان يقوم على توافر الخطر والاستعجال الذى يبرر تدخله لاصدار قرار وقتى يراد به رد عدوان يبدو للوهلة الاولى انه بغير حق ومنع خطر لا يمكن تداركه او يخشى استفحاله اذا ما فات عليه الوقت ، والحكم الذى يصدره القاضى المستعجل فى هذا الشان هو قضاء باجراء وقتى لا يمس اصل الحق مما يرفع الاستئناف عنه امام المحكمة الابتدائية طبقا للمادة 51 من قانون المرافعات
الطعن رقم 203 لسنة 31 ق جلسة 18-1-1966
للمدعى حق تكييف دعوي الحيازة ولكن
والثابت أن للمدعى الحق فى أن يكيف دعواه ، سواء من جهة الشكل ، او من جهة الموضوع بحسب ما يرى وحقه فى ذلك يقابله حق المدعى عليه فى كشف خطأ هذا التكييف ، والقاضى يهيمن على هذا وذلك من حيث انطباق هذا التكييف على الواقع وعدم انطباقه ثم يطبق القانون على ما يثبت لديه
فيجب على القاضى الا يتقيد بتكييف المدعى للحق الذى يطالب به
بل عليه ان يبحث فى طبيعة هذا الحق ليرى ما اذا كان تكييف المدعى صحيحا قانونا او غير صحيح ، والا ياخذ بهذا التكييف قضية مسلمة ولو للفصل فى مسالة شكلية قبل مناقشة الحق المتنازع عليه موضوعيا ، لان الاخذ بتكييف المدعى – على علته – قد يجر على حرمان المدعى عليه من حق ربما كان لا يضيع عليه لو بحث القاضى هذا التكييف قبل ما عداه من المسائل المتعلقة بالموضوع .
الطعن رقم 86 لسنة 2 ق 25/5/1933
هل يجوز رفع دعوي وقف أعمال مستعجلة
بالرغم من الطبيعة الوقائية لدعوى وقف الأعمال الجديدة ، فإنه يجوز رفعها بصفة موضوعية ، كما يجوز رفعها بصفة مستعجلة ؛ بمعني أنه يجوز رفع دعوى وقف الاعمال الجديدة امام محكمة الموضوع كما يجوز رفعها امام القضاء المستعجل ، وفي الحالة الأخيرة يجب أن يتوافر شروط ثلاثة هي :-
- الشرط الأول : ان يتوافر ركن الاستعجال فى الدعوى إعمالاً للمادة 45 من قانون المرافعات .
- الشرط الثاني : ألا يطلب من القاضى المستعجل ازالة ما تم فعلا من اعمال ، فذلك مما يخرج عن صلاحيات القاضي المستعجل .
- الشرط الثالث : ألا تكون الاعمال الجديدة موضوع الدعوى قد تمت وانقلبت الى تعرض فعلا اذ لا يجوز للقاضى المستعجل فى هذه الحالة ان يقضى فى الدعوى باعتبارها دعوى منع تعرض لأن دعوى منع التعرض دعوى موضوعية بحتة
لا تدخل فى اختصاص القضاء المستعجل
قال الدكتور أحمد المليجي
جرت عادة الكثرة الغالبة ممن يحدث اعتداء على حيازتهم باعمال جديدة ان يلجاوا اولا لقاضى الامور المستعجلة بطلب وقف هذه الاعمال علهم يستطيعون الحصول على حكم فى وقت قريب فان اجيبوا لطلبهم قنعوا بها الحكم اما اذا قضى بعدم الاختصاص فانهم يطرقون قضاء محكمة الموضوع
ويلاحظ ان دعوى وقف الاعمال الجديدة الموضوعية تختلف عن الدعوى المستعجلة فى الامور الاتية
- أ- لا محل لاعمال القاعدة المقررة فى المادة 44 مرافعات التى تقضى بعدم جواز الجمع بين دعوى اليد والحق فى شان الدعوى المستعجلة ، اذ ان هذه القاعدة لا تطبق الا على دعاوى الحيازة الموضوعية التى ترفع امام محكمة الموضوع .
- ب- ان قاضى الامور المستعجلة يختص بنظر دعوى وقف الاعمال الجديدة التى ترفع اليه ايا كانت قيمة الحق الذى ترد عليه الحيازة ، اما الدعوى الموضوعية فتقدر بقيمة الحق وفقا لنص الفقرة الرابعة من المادة 37 مرافعات .
- ج- يتبع فى الطعن فى الحكم المستعجل الصادر فى دعوى وقف الاعمال الجديدة نفس الطرق المقررة للطعن فى الأحكام المستعجلة
فيجوز استئنافه اما المحكمة الابتدائية منعقدة بهيئة استئنافية ، ولا يجوز الطعن فيه بطريق النقض الا اذا كان الحكم قد صدر على خلاف حكم سابق ، اما الحكم الصادر من المحكمة الموضوعية فان الامر يختلف عما اذا كان صادرا من المحكمة الجزئية ام الكلية ، فان كان صادرا من المحكمة الابتدائية فان الطعن عليه يكون لمل محكمة الاستئناف ، ويجوز الطعن على الحكم الصادر منها امام محكمة النقض ، اما اذا صدر الحكم من المحكمة الجزئية ، فان الطعن قد يرفع امام المحكمة الابتدائية بهيئة استئنافية ، ولا يجوز الطعن فيه بالنقض الا اذا صدر على خلاف حكم سابق .
- هـ- ان الحكم الصادر من قاضى الامور المستعجلة فى دعوى وقف الاعمال الجديدة يكون مشمولا بالنفاذ المعجل بقوة القانون
اما الحكم الموضوعى فلا يجوز تنفيذه إلا إذا أصبح نهائيا ، أو إذا أمر القاضي بذلك لتوافر شرط من شروط النفاذ المعجل المنصوص عليها فى المادة 290 مرافعات .
الاختصاص المحلي بدعوى وقف الأعمال الجديدة
يعرف الاختصاص المحلي بأنه اختصاص كل محكمة من محاكم الطبقة الواحدة بنظر الدعوى ، أي المحكمة المختصة مكانيا بنظر الدعوى ، والأصل في الاختصاص المحلي أو المكاني موطن المدعي عليه ، بمعني اختصاص محكمة موطن المدعي علية إلا إذا نص علي غير ذلك .
وعلي ذلك يجري نص المادة 49 من قانون المرافعات والتي تقرر
- يكون الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعي عليه ما لم ينص القانون علي خلاف ذلك .
- فإن لم يكن للمدعي عليه موطن في الجمهورية يكون الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها محل إقامته .
- وإذا تعدد المدعي عليهم كان الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن أحدهم.
وقد استثني المشرع دعاوى الحيازة – ومنها بالتبع دعوى وقف الأعمال الجديدة من الخضوع للقواعد العامة في الاختصاص المحلي
فنص المشرع بالمادة رقم 50 الفقرة الأولي من قانون المرافعات علي أنه
في الدعاوى العينية العقارية ودعاوى الحيازة يكون الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها العقار أو أحد أجزائه إذا كان واقعا في دوائر محاكم متعددة .
وحكمة ذلك كما يقرر العميد الدكتور أحمد المليجي
أن هذه المحكمة التي يقع في دائرتها العقار – هي الأقدر علي الفصل في هذه الدعاوى نظراً لقربها من العقار ، إذ قرب المحكمة من العقار يجعلها أكثر قدرة علي الإحاطة بعناصر النزاع ، وقد يستلزم الفصل في الدعوى الانتقال الي العقار لمعاينته أو ندب خبير لذلك ، ولو كان الاختصاص في هذه الحالة لمحكمة موطن المدعي عليه لأدى ذلك الي تعويق الفصل في الدعوى ، إذ يتكبد القاضي في هذه الحالة مشقة الانتقال الي موقع العقار لمعاينته .
تساؤل هام بشان الاختصاص
هل يجوز رفع دعوى وقف الأعمال الجديدة أمام محكمة أخري خلاف محكمة موطن العقار ؟
تنص المادة 62 من قانون المرافعات الفقرة الثانية :
علي أنه في الحالات التي ينص فيها القانون علي تخويل الاختصاص لمحكمة علي خلاف حكم المادة 49 لا يجوز الاتفاق مقدماً علي ما يخالف هذا الاختصاص .
فإذا كان القانون ينص علي تخويل الاختصاص لمحكمة غير المحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعي عليه طبقاً للمادة 49 مرافعات ، كالدعاوى العينية العقارية ودعاوى الحيازة والتي يكون الاختصاص بنظرها للمحكمة التي يقع في دائرتها العقار أو أحد أجزائه إذا كان واقعاً في دوائر محاكم متعددة فإنه لا يجوز الاتفاق مقدماً – أي قبل رفع الدعوى – علي اختصاص محكمة أخري ولو كانت محكمة المدعي عليه
وقد جاء بالمذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات في هذا الشأن ما نصه
علي أنه في الحالات التي ينص القانون فيها علي تخويل الاختصاص لمحكمة غير محكمة موطن المدعي عليه لك يجز المشرع الاتفاق مقدماً علي ما يخالف هذا الاختصاص ، ذلك إنما يستهدف في هذه الحالات أغراضاً معينة لا تتحقق مع اتفاق الخصوم مقدماً علي مخالفتها هذا فضلاً عن أن في منه الاتفاق مقدماً حماية للطرف الضعيف في الاتفاق .
الاختصاص النوعي بدعوى وقف الأعمال
يعرف الاختصاص النوعي بأنه سلطة المحكمة في الفصل في دعاوى معينة بالنظر الي طبيعة الرابطة القانونية محل الحماية أي إلى نوعها ، بصرف النظر عن قيمتهـا ، فهو إذن نصيب المحكمة من المنازعات التي تعرض علي المحاكم
و الاصل أن دعوى وقف الأعمال الجديدة – كدعوى وقائية تحمي الحيازة من خطر الاعتداء عليها – تدخل فى اختصاص القضاء المستعجل ، غير أن ذلك كما ذكرنا لا ينفى ثبوت اختصاص محكمة الموضوع بنظرها ذلك أن الحائز قد يجد أن من مصلحته طرق باب القضاء الموضوعي ليحصل على حكم فى موضوع النزاع يحوز حجية دائمة بين الخصوم على خلاف الحكم المستعجل الذي لا يحوز إلا حجية مؤقتة ، ويظل مهدداً بالزوال نتيجة حدوث تغيير أو تعديل فى الوقائع المادية أو المراكز القانونية.
تنص المادة 45 من قانون المرافعات
يندب في مقر المحكمة الابتدائية قاضي من قضاتها ليحكم بصفة مؤقتة ومع عدم المساس بالحق في المسائل المستعجلة التي يخشى عليها من فوات الوقت ، أما في خارج دائرة المدينة التي بهـا مقـر المحكمـة الابتدائية فيكـون هذا الاختصاص لمحكمة المواد الجزئية على أن هذا لا يمنع من اختصاص محكمة الموضوع أيضا بهذه المسائل إذا رفعت لها بطريق التبعية.
واذا كان لا جدال فى أن للحائز أن يسلك ، إما طريق القضاء المستعجل ، وإما طريق القضاء الموضوعى ، الا أن الجدير بالذكر أن التجاءه لأحد الطريقين لا يسلبه حقه فى الالتجاء الى الاخر ومؤدى ذلك انه اذا رفع الحائز دعوى الحيازة المستعجلة – وقف الأعمال الجديدة – واخفق فيها فلا جناح عليه اذا رفع بعد ذلك الدعوى الموضوعية .
والعكس صحيح تماما وقد جرت العادة على ان يلجأ الحائز اولا الى الدعوى المستعجلة باعتبار ان الاجراءات فيها أسهل ، وأن الحكم يصدر فيها اسرع فاذا جانبه التوفيق فيها فانه يطرق باب محكمة الموضوع ، حيث يستطيع اثبات حيازته بكافة وسائل الإثبات ومنها شهادة الشهود والخبرة على حلاف القضاء المستعجـل الذى يتعيـن أن يثبت امامـه الحـق واضحـا من ظاهرة المستندات .
فإذا كانت الدعوى هي الوسيلة القضائية لحماية الحقوق ، فمن خلال الدعوى يستحصل صاحب الحق علي حكم يحمي هذا الحق ويرده إلى صاحبه ، فإن بعض الحقوق تحتاج إلى تدخل سريع بحيث يكون المطلوب حماية سريعة لحق ما ، هذا التدخل السريع انشأ له ما اصطلح علي تسميته بالقضاء المستعجل
فيكون القضاء المستعجل علي النحو السابق هو أليه حماية سريعة لبعض الحقوق ، وفي ذلك يقرر عميد فقه المرافعات الأستاذ الدكتور أحمد ماهر زغلول ” اللجوء إلى القضاء والحصول علي حمايته وفقاً للإجراءات العادية يتطلب وقتاً ليس بالقليل .
فإجراءات الإعلان والتكليف بالحضور والتحقيق والإثبات بما يلازمها من مواعيد تتسلسل في ترتيب منظوم يراعي فيه أن يفسح للخصوم الوقت الكافي لإبداء وعرض كل وجهات نظرهم ووجوه دفاعهم ودفوعهم المختلفة والرد علي ما يثيره خصومهم من مزاعم وأسانيد إعمالاً لحقوق الدفاع الثابتة لهم ، وأن يتيح في الوقت نفسه للمحكمة أن تبني عقيدتها في المسائل المطروحة عليها بتأن وتدبر وترو
وإذا كانت اعتبارات التأني والتروي هي من ضرورات حسن القضاء وكمال الأحكام فإن لها أيضاً سلبياتها في بعض الحالات . إذ قد يوجد من الظروف ما ينبئ عن قيام خطر عاجل يهدد الحقوق والمراكز القانونية بأضرار محدقة تستنفذ آثارها قبل أن يتمكن القضاء بالإجراءات المعتادة من بسط حمايته التأكيدية والتنفيذية عليه .
ولا يجدي في هذه الحالات التدخل القضائي اللاحق لرفع الأضرار التي وقعت بالتعويض عنها . فالتعويض مهما بلغت قيمته قد لا يكون كافياً لإشباع المصالح التي أضيرت إشباعاً تاماً ، في هذه الحالات تقوم مشكلة استعجال وهي محصلة لاجتماع مفترضين متكاملين ، يتعلق أولهما بطبيعة الخطر الماثل ، ويكشف ثانيهما عن عجز القضاء بإجراءاته العادية عن مواجهته ودفع الأضرار الناجمة عنه .
اختصاص القضاء المستعجل بدعوى وقف الأعمال
الاستعجال
يعرف الاستعجال – كشرط من شروط اختصاص القضاء المستعجل – بأنه الخطر الداهم الذي يتهدد حق من الحقوق يتعذر تداركه لو ترك اتخاذ الإجراء المؤقت فيه للقضاء الموضوعي وبالإجراءات العادية .
فالاستعجال هو المبرر الأول لاختصاص القاضي المستعجل بنظر الدعوى ، والاستعجال يبرره خطر . خطر عاجل . محدق . ماثل بالفعل . والخطر أيا كان لا يبرر بمفرده اختصاص القاضي المستعجل وإنما يجب أن يكون من شأن هذا الخطر أن يحدث أضراراً غير عادية علي درجة من الجسامة ، ويكون الخطر ضاراً بهذا الوصف إذا كان من المتعذر تداركه ورفعه علي نحو شامل ، نكرر أن الاستعجال شرط أساسي من شروط قبول الدعوى المستعجلة ،
ومثال هذا الضرر ضياع معالم واقعة كزوال أثار حادث ، وهو ما يؤدي إلى فقدان الدليل فيترتب علي ذلك بدوره ضياع الحق الذي يستند إلى هذا الدليل ، ومن أمثلته أيضاً اغتصاب عين بما يترتب عليها من حرمان المالك من ممارسة الحقوق المقررة له علي ملكة ، فقد تهلك العين خلال هذه الفترة في يد غاصبها ، كذلك الامتناع عن أداء النفقة الواجبة فالمحكوم له يتعرض لأضرار في صحته بل وحياته كاملة .
الاستعجال مبدأ مرن غير محدد
الاستعجال مبدأ مرن غير محدد وبذلك يسمح للقاضي أن يقدر في وصفه للواقعة ظروف كل دعوى علي حده وهي سلطة تتعارض مع أية رقابة تفرض علي تقديره ، حقاً أنه قد يحدث أن تتشابه الظروف الخاصة في بعض الحالات بحيث يمكن القول بأن الحل أو الصفة فيها واحدة إلا أن ذلك لا يعني أن تقسيم الاستعجال أو تعريفه بتعريف مجمل في حيز الإمكان
فإن مرونة هذا المبدأ ذاته وعدم تحديده يتنافيان مع شيء من كل ذلك ، ويتنافران مع أي تعريف منطقي لأن الاستعجال ليس مبدأ ثابتاً مطلقاً . بل حالة تتغير بتغير ظروف الزمان والمكان تتلازم مع التطور الاجتماعي في الأوساط والأزمنة المختلفة .
ويقـرر الفقيه الدكتور وجدي راغب في مجال تقيم الاعتراف للقاضي بسلطـة تقديرية واسعة في مجال تقدير الاستعجال ” ذاتية الحماية المستعجلة تقـوم في الأصل علي وجهتين مترابطتين :-
- ذاتية المشكلة التي تواجهها هذه الحماية والتي تتمثل في قيام حالة استعجال .
- ذاتية الوسيلة التي تعول عليها هذه الحماية والتي تتمثل في مجموعة من التدابير العملية والوقتية تقدر بقدر حاجة حالة الاستعجال القائمة وبما يلزم ويكفي لمواجهتها والتغلب عليها
وفي مباشرة وظيفته والقيام بدوره يتمتع القاضي المستعجل بسلطة تقديرية واسعة تمتد من تقدير توافر حالة الاستعجال في الحالة الواقعية الخاصة المعروضة عليه إلى تقدير التدبير المستعجل الملائم الذي يتفق مع هذه الحالة .
عدم المساس بأصل الحق عدم المسـاس بأصل الحق هو الشرط الثاني لاختصاص القاضي المستعجل بنظر الدعوى
وهو شرط أساسي لقبول الدعوى المستعجلة عموماً بعد توافر شرط الاستعجال ولا يغني أحدهما عن الأخر فإذا انعدم أحدهما زال اختصاص القاضي المستعجل عن نظر الدعوى ويقصد به ألا يمس اختصاص القاضي المستعجل في حكمة أصل الحقوق المتنازع عليها أو الالتزامات المتبادلة ما بين طرفي النزاع توصلاً الي الحكم بالإجراء المستعجل الذي سينتهي إليه
ولكن يجوز له أن يفحص الموضوع أو أصل الحق الظاهر توصلاً لتحديد اختصاصه في القضاء الوقتي المطلوب منه دون أن يتخـذ أية وسائل تحقيق موضوعية يحرم عليه اتخاذها لطبيعة اختصاصه الوقتي الاستثنائي .
فسلطة القاضي المستعجل محدودة بالأمـر باتخـاذ مجموعـة مـن التدابير والإجراءات الوقتية دون أن يكون له الفصل في أصل الحق leprincipal أو المساس به . فإذا ما تجاوز القاضي هذه الحدود فإنه يكون قد تجاوز حدود سلطته التقديرية وخالف ما تقرره المادة 45 من قانون المرافعات ، وهو ما يؤدي إلى قابلية الحكم الصادر للطعن بالنقض فيه لهذا السبب .
مشكلة النفاذ المعجل للحكم الصادر فى كل من دعوى وقف الأعمال الجديدة المستعجلة والموضوعية :
الأحكام الصادرة من القضاء المستعجل مشمول بالنفاذ المعجل بقوة القانون ، وبغير كفالة ما لم يامر القاضى فى الحكم بتقديم كفالة ، وذلك عملا بالمادة 288 مرافعات ، وبالتالى فاذا لم ينص فى الحكم على تقديم الكفالة فمعنى ذلك ان المحكمة لم تستعمل سلطتها التى خولها المشرع فى فرض الكفالة .
اما الحكم الصادر فى الدعوى الموضوعية فانه يخضع للقواعد العامة فى النفاذ المعجل ، وبالتالى لا يجوز تنفيذه الا بعد ان يصبح نهائيا ما لم تامر المحكمة بالنفاذ المعجل اذا توافرت احدى حالات المادة 290 مرافعات فى نطاق ما تخوله لها هذه المادة .
قضت محكمة النقض في هذا الصدد :
من المقرر انه اذا رفعت دعوى الحيازة المعتادة امام محكمة الموضوع ، فانه يجوز لها ان تقضى باعادة العقار الى اصله ، وذلك بازالة ما احدثه المتعرض من تغيير سواء بالازالة ما اقامه من مبان او باعادة ما هدمه منها ، غير ان هذا الامر لا يسرى بالنسبة للقضاء المستعجل اذا رفعت اليه دعوى استرداد حيازة .
اذ ان حكمه برد الحيازة لا يعتبر قضاء فى وضع يد ، وانما قضاء باجراء تحفظى يراد منه رد عدوان الغاصب محافظة على الاوضاع المادية الثابتة لضمان استقرار الامن ، ولا جدال فى ان ازالة المبانى او اعادة بناء ما هدم منها يعتبر قضاء موضوعيا يخرج عن اختصاص القضاء المستعجل المادة .
فولاية قاضى الحيازة الموضوعي تتسع لإزالة الأفعال او دعوى استرداد حيازة موضوعية ، فان له ان يطلب ازالة الافعال المادية التى اجراها المدعى عليه فى العقار ، وتجيبه المحكمة لطلبه واساس ذلك ان القضاء بها من قبيل اعادة الحال الى ما كانت عليه ، وان من حق الحائز لمدة لا تقل عن سنة ان يطلب اعادة العقار الى اصله بان يطلب ازالة ما يحدثه المتعرض من تغيير سواء بازالة ما أقامه من مبان أو بإعادة ما هدمه منها المادة .
وقد قضت محكمة النقض في هذا الصدد
من المقرر فى قضاء المحكمة ان ولاية قاضى الحيازة تتسع لإزالة الأفعال الى المادية التى يجريها المدعى عليه فى هذا النوع من القضايا باعتبار ان القضاء بها من قبيل اعادة الحال الى ما كانت عليه ، وكان من حق الحائز لمدة لا تقل عن سنة ان يطلب اعادة العقار الى اصله بطلب ازالة ما يحدثه المتعرض من تغيير سواء بازالة ما يقيمه من مبان او باعادة ما يهدمه منها
وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه ان الحيازة الصادر فى الدعوى رقم 231 لسنة 1977 تنفيذ المنزه بوقف التنفيذ قد انصب على الحكم فى الدعوى رقم 3476 لسنة 1974 مدني كلى الإسكندرية ولـم ينصب على الحكم الصادر من محكمة الإسكندرية بتأييـده
فان الحكم المطعون فيه اذ اعتد بحجية هذا الحكم الاخير بـرد حيـازة ارض النزاع الى المطعون ضدهـا وحقهـا فى طلب ازالة المبانى التى اقامهـا الطاعنون – المعترضون باعتباره اثرا من اثار ذلك الحكم باعادة الحال الى ما كانت عليه قبل سلب الحيازة منها يكون قد اصاب صحيح القانون – نقض 25/11/1984 لسنة 35 ، الجزء الثاني – ص 1890.
وفى مجال الدعوى المستعجلة فان فوات ميعاد السنة يفقد الدعوى صفة الاستعجال اللازم لاختصاص القضاء المستعجل يتعين معه على القاضى المستعجل القضاء بعدم اختصاه نوعيا بنظر الدعوى فاذا عرضت عليه دعوى وقف الأعمال الجديدة تعين عليه بعد ان يتحقق من توافر ركن الاستعجال ان يبحث توافر الشروط الخاصة بالدعوى والمنصوص عليها ركن الاستعجال ان يبحث توافر الشروط الخاصة بالدعوى والمنصوص عليها قانونا اخذا ذلك من ظاهر المستندات
فان ثبتت تلك الشروط وركن الاستعجال الذى يجعل له الاختصاص بنظر الدعوى اجاب المدعى الى طلبه برد حيازته للعين المغتصبة
لكن الحكم فى تلك الحالة يكون اجراء وقتيا
يراد به رد العدوان الباد من ظاهر المستندات وعليه فهو لا يقيد محكمة الموضوع عند طرح اصل الحق عليها
اما اذا تبين للقاضى المستعجل تخلف وجه الاستعجال او احد الشروط الخاصة بالدعوى او قد اثار الخصم منازعة فى شان اى من هذه الشروط وكان ظاهر المستندات لا يستبين معـه ترجيح كفـة احد الخصوم على الاخر بحيث اصبحت الدعوى فى حاجة الى بحث متعمق موضوعي كإحالتها الى التحقيق او ندب خبير فيها او اى وسيلة من وسائل التحقيق الموضوعية
تعين على المحكمة لمستعجلة فى تلك الحالة
ان تقضى بعدم اختصاصها نوعيا بنظر الدعوى لان قضائها والحال كذلك يمثل مساس باصل الحق موضوع التنازع فسلطة القاضي المستعجل بالنسبة للنزاع على الموضوع تشبه سلطة قاضى الحيازة بالنسبة للنزاع على الحق موضوع الحيازة فكما ان قاضى الحيازة ممنوع من بناء حكمه فى دعوى الحيازة على اسباب خاصة بالحق موضوع الحيازة
فكذلك قاضى الامور المستعجلة
ممنوع من بناء حكمه فى الاجراء الوقتى المطلوب منه الحكم فيه على اسباب متعلقة بالموضوع ؛ ايضا عند القضاء فى دعوى استرداد الحيازة فحكم القاضى المستعجل برد الحيازة لا يعتبر قضاء فى وضع يد وانما قضاء باجراء تحفظى يراد منه رد عدوان الغاصب للمحافظة على الاوضاع المادية الثابتة بضمان استقرار الامن ؛ أما ازالة المبانى او اعادة بناء ما هدم منها بمعنى اعادة العقار الى اصله فهو يعتبر قضاء موضوعيا ، يخرج عن اختصاص القاضي المستعجل .
الاختصاص القيمي لدعوى وقف الأعمال الجديدة
يعرف الاختصاص القيمي بأنه نصاب المحكمة هو معيار تحديد اختصاص محاكم الدرجة الأولي ، فقيمة الدعوى هي التي تحدد المحكمة التي تتولى الفصل فيها- جزئية – ابتدائية .
ويراعي ابتداء أنه لا مجال للحديث عن الاختصاص القيمي لدعوى وقف الأعمال الجديدة إذا رفعت كدعوى مستعجلة ، إنما يكون ذلك إذا رفعت دعوى وقف الأعمال الجديدة كدعوى موضوعية .
التعديلات التي أدخلها القانون رقم 76 لسنة 2007 والقانون 90 لسنة 2022 بشأن تعديل بعض أحكام قانونا المرافعات والإثبات علي الاختصاص القيمي :
تنص المادة 42 من قانون المرافعات :
تختص محكمة المواد الجزئية بالحكم ابتدائياً في الدعاوى المدنية والتجارية التي لا تجاوز قيمتها مائة ألف جنيه ويكون حكمها انتهائيا إذا كانت قيمة الدعوى لا تجـاوز خمسـة عشر ألاف جنيه ،
وذلك مع عدم الإخلال بما للمحكمة الابتدائية من اختصاص شامل في الإفلاس والصلح والواقي وغير ذلك مما ينص علي القانون
تنص المادة 47 من قانون المرافعات
: تختص المحكمة الابتدائية في جميع الدعاوى المدنية والتجارية التي ليست من اختصاص محكمة المواد الجزئية ويكون حكمها انتهائيا إذا كانت قيمة الدعوى لا تجاوز مائة ألف جنيه ، وتختص كذلك بالحكم في قضايا الاستئناف الذي يرفع إليها عن الأحكام الصادرة ابتدائياً من محكمة المواد الجزئية أو من قاضي الأمور المستعجلة .
كما تختص بالحكم في الطلبات الوقتية أو المستعجلة وسائر الطلبات العارضة وكذلك في الطلبات المرتبطة بالطلب الأصلي مهما تكن قيمتها أو نوعها .
متي تعد الدعوى غير مقدرة القيمة ؟
تعتبرالدعوى غير قابلة للتقدير فى نظر المشرع إذا كان المطلوب فيها لا يمكن تقدير قيمته طبقاً لأية قاعدة من قواعد تقدير الدعاوى التى وضعها المشرع فى المواد من 30 – 43 من قانون المرافعات
ومفاد نص المادة 44 من قانون المرافعات أن الدعوى تعتبر غير قابلة للتقدير فى نظر المشرع إذا كان المطلوب فيها لا يمكن تقدير قيمته طبقاً لأية قاعدة من قواعد تقدير الدعاوى التى وضعها المشرع فى المواد من 30 – 43 من قانون المرافعات .
كيف تقدر قيمة الدعاوى ؟
تقدير قيمة الدعوى لتعيين إختصاص المحكمة قيمياً بإعتبارها يوم رفع الدعوى إلا أن المشرع أجاز للمدعى فى الحدود المبينة بالمادة 151 مرافعات أن يعدل أثناء الخصومة من طلباته الواردة بصحيفة دعواه بالزيادة أو بالنقص وأوجب ان يكون التقدير لتحديد نصاب الإستئناف بنص المادة 400 مرافعات على أساس آخر طلبات للخصوم أمام محكمة الدرجة الأولى.
قضي : تقدير قيمة الدعوى لتعيين إختصاص المحكمة أساسه قيمة موضوعها .
وأنه وإن كانت هذه تقدر فى الأصل بإعتبارها يوم رفع الدعوى إلا أن الشارع وقد أجاز أن يعدل أثناء الخصومة من طلباته الواردة بصحيفة دعواه بالزيادة أو بالنقص وأوجب ان يكون التقدير لتحديد نصاب الإستئناف بنص المادة 400 مرافعات على أساس آخر طلبات للخصوم أمام محكمة الدرجة الأولى – إنما أراد بذلك أن يتخذ من هذه الطلبات أساساً لتعيين الإختصاص وتحديد نصاب الإستئناف معاً حتى لا يختلف أحدهما عن الآخر فى تقدير قيمة الدعوى ذاتها .
( الطعن 245 لسنة 31 مكتب فنى 17 صفحة 1373جلسة 14-06-1966)
كما قضي :
متى كان الطاعن قد أقام دعواه أمام المحكمة الإبتدائية بطلب صحة و نفاذ عقد البيع الصادر له من المطعون ضدهما الأول و الثانى و الذى تزيد قيمته على مائتين و خمسين جنيهاً ، و توطئة لذلك طلب الحكم بصحة التعاقد عن عقود البيع الثلاثة عن ذات القدر الصادرة للبائعين له حتى يتسنى له تسجيل الحكم الصادر بصحة و نفاذ هذه العقود و إنتقال الملكية إليه
و كان إختصام المشترى – فى دعوى صحة التعاقد – البائع للبائع له – و على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – متعيناً حتى يجاب إلى طلبه الحكم بصحة و نفاذ عقده و إلا كانت دعواه به – قبل أن يسجل البائع له عقد شرائه – غير مقبول . إذ كان ذلك ، فإن طلبات الطاعن التى ضمنها دعواه بصحة التعاقد عن عقود البيع الصادرة للبائعين له تعتبر بهذه المثابة مرتبطة بطلبه الأصلى بصحة التعاقد عن عقده
و تختص المحكمة الإبتدائية بالحكم إبتدائياً بالنظر فيها تبعاً و إمتداداً لإختصاصها بالنظر فيه و ذلك عملاً بنص الفقرة الثالثة من المادة 47 من قانون المرافعات التى تقضى بإختصاص المحكمة الإبتدائية بالحكم فى الطلبات المرتبطة بالطلب الأصلى مهما تكن قيمتها أو نوعها – إذ هى المحكمة ذات الإختصاص العام فى النظام القضائى
و متى كان مختصة بالنظر فى طلب ما فإن إختصاصها هذا يمتد إلى ما عساه أن يكون مرتبطاً به من طلبات أخرى و لو كانت مما يدخل فى الإختصاص القيمى أو النوعى للقاضى الجزئى ، و يكون حكمها الصادر فى الطلب الأصلى الذى تجاوز قيمته النصاب الإنتهائى للمحكمة الإبتدائية – و فى الطلبات المرتبطة به جائزاً إستئنافه إذ العبرة فى تقدير قيمة الدعوى فى هذه الحالة بقيمة الطلب الأصلى وحده و لا يكون للطلبات المرتبطة به تقدير مستقل عنه .
لما كان ذلك
و كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر و قضى بعدم جواز الإستئناف لقلة النصاب بالنسبة لطلبات الطاعن صحة و نفاذ عقود البيع الثلاثة الصادرة للبائعين له بإعتبار أن كل طلب من هذه الطلبات ناشىء عن سبب قانونى مستقل عن الآخر فتقدر قيمة الدعوى بقيمة كل طلب على حدة دون نظر إلى قيمة الطلب الأصلى و إرتباط هذه الطلبات به
و قد ترتب على ذلك أن حجب الحكم نفسه عن التعويض لدفاع الطاعن الذى أثاره بشأنها فى موضوع إستئنافه و أسس على إعتبار الحكم المستأنف نهائياً فى هذا الخصوص قضاءه برفض الإستئناف بالنسبة لطلب الطاعن الحكم بصحة و نفاذ عقده هو إستناداً إلى أنه قد أخفق فى إثبات ملكيـة البائعين له فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون و شابه قصور بما يوجب نقضه .
الطعن رقم 32 لسنة 41 ق جلسة 30-6- 1975
كيفية الطعن في تقدير قيمة الدعوى ؟
الأصل أنه لا يجوز الإعتراض على قيمة الدعوى بعد صدور الحكم فيها ما يخالف الأسس التى وضعها المشرع للتقدير ، بمعنى أن التقدير الذى يحدده المدعى فيها لدعواه يكون حجة له و حجة عليه بالنسبة لنصاب الإستئناف إلا إذا كان هذا التقدير يصطدم مع إحدى القواعد التى قررها القانون لتقدير قيمة الدعوى ، فعندئذ لا يعتد بتقدير المدعى لدعواه أو بعدم إعتراض خصمه عليه ، بل يتعين على محكمة الدرجة الثانية أن تراقب من تلقاء نفسها إتفاق التقدير مع قواعد القانون ، وأن تعتمد فى ذلك على القواعد التى نص عليها قانون المرافعات
قضي هي هذا الصدد :
إذا كان النعي الذي أثارته النيابة متعلقاً بقواعد الاختصاص القيمى و قواعد قبول الاستئناف و هي متعلقة بالنظام العام ، و ينصب على الحكم المطعون فيه الصادر بعدم جواز الاستئناف ، و كانت عناصره التى تمكن من الإلمام به مطروحة على محكمة الموضوع .
الطعن رقم 909 لسنة 53 ق جلسة 25-5- 1989
شروط قبول وقف الأعمال من المتعرض
أن يكون المدعي حائزاً لعقار حيازة قانونية مستوفية الشروط:
لا مجال للحديث عن حماية للحيازة – بدعوى وقف الأعمال الجديدة – إلا إذا كانت حيازة قانونية ، أي حيازة مستكملة الشروط ، فيجب للفصل في دعوى وقف الأعمال الجديدة – وكما استقر الفقه وقضت محكمة النقض ثبوت الحيازة القانونية وتوافر أركانها والشروط اللازمة لحمايتها
الطعن رقم 203 لسنة 31 ق جلسة 18-1-1966.
للحيازة كما ذكرنا سلفاً عنصرين:
- العنصر الأول هو العنصر المادي.
- العنصر الثاني فهو العنصر المعنوي .
ويتمثل العنصر المادي للحيازة في مجموعة الأعمال المادية التي يقوم بها الحائز . أي القيام بالأعمال المادية التي يقوم بها عادة صاحب الحق طبقاً لما تسمح به طبيعة الشيء . ويطلق علي هذا العنصر عادة تعبير وضع اليد فوضع اليد علي الأرض الزراعية يكون بزراعتها وعلي المنازل بسكناها . وعلي أرض فضاء بالبناء عليها ،
فتتحقق تلك السيطرة المادية في أوج صورها بأن يحرز الشخص – الحائز – الشيء في يده إحرازاً مادياً ويبـاشر عليه حقوق المالك علي ما يملك بالانتفاع أو بالاستعمال أو بالتصرف فيه
أما العنصر المعنوى للحيازة فهو قصد استعمال الحق محل الحيازة ، والعنصر المعنوى في الحيازة بطبيعته عنصر شخصي ، فيجب أن يتوافر لدي الحائز شخصياً فلا ينوب عنه فيه غيره إلا إذا كان عديم التمييز ،
ولا يعتبر القصد متوفراً عند من يجوز لحساب غيره وهو الحائز العرضي ما لم تتغير صفته فينقلب الي حائز لحساب نفسه ، ويقوم العنصر المادي قرينة علي توافر العنصر المعنوي إذ ققرت المادة 963 من القانون المدني علي أنه :
إذا تنازع أشخاص متعددون على حيازة حق واحد أعتبر بصفة مؤقتة أن الحائز هو من له الحيازة الماديـة ، إلا إذا ظهر أن عقد حصل على هـذه الحيـازة بطريقـة معيبة .
وتبعاً لما سبق من اشتراط الحيازة الصحيحة لقبول دعوى وقف الأعمال الجديدة فيجب أن تكون الحيازة ظاهرة لا غموض فيها .
وتكون الحيازة ظاهرة إذا كان الحائز يستعمل الشيء علي النحو الذي يستعمله صاحبه ، وبمعني أخر إلا يكون الانتفاع سراً ، فلا يجوز لمن ينتفع بشيء سراً أن يتمسك بحيازته له – أساس ذلك أن الحيازة الخفية أو المستترة هي حيازة مشكوك فيها ولا تحدث أي أثر قانوني .
ولا يشترط للقول بكون الحيازة ظاهرة أن تكون معلومة للناس كافة ، فذلك شرط تحول دونه اعتبارات المنطق العملي ، وإنما يكفي أن تكون الحيازة ظاهرة للمالك ، وعلي حد تعبير المستشار محمد أحمد عابدين :
أن تكون معلومة للمالك الذي يحتج ضده بوضع اليد المكسب حتى ولو كانت هذه الحيازة خافية علي باقي الناس ، وإذا بدأت الحيازة خفية ثم أصبحت ظاهرة فالعبرة في حساب بدء التقادم المكسب للملكية بظهور هذه الحيازة علي النحو الذي أوردناه بالفقرة السابقة ، بمعني أن يعلم بأمر هذه الحيازة .
قضي في هذا الصدد
الحيازة التي تصلح أساسا لتملك المنقول أو العقار بالتقادم وأن كانت تقتضي القيام بأعمال مادية ظاهرة فى معارضة حق المالك على نحو لا يحمل سكوته فيه على محمل التسامح ولا يحتمل الخفاء أو اللبس فى قصد التملك بالحيازة كما تقضي من الحائز الاستمرار فى استعمال الشيء بحسب طبيعته ، وبقدر الحاجة إلى استعماله ، إلا أنه يشترط أن يعلم المالك بالحيازة علم اليقين ، وإنمـا يكفي أن تكون من الظهور بحيث يستطيع العلم بهـا ، ولا يجب على الحائز أن يستعمل الشيء فى كل الأوقات دون انقطاع ، وإنما يكفي أن يستعمله المالك فى العادة ، وعلى فترات متقاربة منتظمة .
( الطعن رقم 387 سنه 37 ق جلسة 8/2/1973 )
أن تستمر الحيازة مدة سنة سابقة علي العمل الجديد المراد إيقافه
لا يكفي لقبول دعوى وقف الأعمال الجديدة توافر الحيازة بشرائطها القانونية علي النحو الوارد بالشرط الأول ، وإنما يجب أن تستمر حيازة المدعي للعقار سنة – ميلادية – علي الأقل سابقة علي العمل الجديد المطلوب إيقافه ، مرد هذا الشرط ما تنص عليه المادة 962 من القانون المدني بفقرتها الأولي والتي يجري نصها من حاز عقارا واستمر حائزا له سنة كاملة .
وقد تواجه المدعي مشكلة عدم اكتمال مدة السنة في هذه الحالة وكما يقرر المستشار محمد أحمد عابدين
… وللحائز في سبيل احتسابه هذه السنة أن يضيف الي المدة وضع يد سلفه . وعن ضم حيازة السلف إلى حيازة الخلف ؛ فالخلف الخاص هو من تربطه بالسلف علاقة قانونية كالمشتري والموهوب له والموصي له ، وحيازة الخلف الخاص تستقل عن حيازة السلف بإعتبار أنه يكفي وضع اليد بسند
ومن ثم تبدأ حيازته وهي وأن كانت مستقلة عن حيازة السلف إلا أنها تمثلها فى صفاتها وقد تختلف عنها ، ولهذا يجب فيما يتعلق بشرط الحيازة النظر إلى حيازة الخلف نفسها بصرف النظر عن شروط حيازة السلف ؛ واستقلال حيازة الخلف عن حيازة سلفه لا تمنعه إذا كان ذلك فى مصلحته من أن يضم حيازة السلف إلى حيازتـه شريطة أن تكون حيازة السلف حيازة قانونية .
في هذا الصدد قضت محكمة النقض
الأصل فى الحيازة أنها لصاحب اليد ، يستقل بها ، ظاهرا فيها بصفتـه صاحب الحق ، ويتعين عند ضم مدة حيازة السلف إلى مدة حيازة الخلف ، قيام رابطة قانونية بين الحيازتين . ولما كان الحكم المطعون فيه قد جرى فى قضائه على ضم مدة حيازة المطعون عليه إلى مدة حيازة سلفة ورتب على ذلك تقريره بان المطعون عليه قد استكمل المدة اللازمة لتملك العقار موضوع النزاع بمضي المدة الطويلة المكسبة للملكية دون أن يبين الرابطـة القـانونية التـي تجيز ضـم مدة الحيازتين فانه يكون مشوبا بالقصور
الطعن رقم 75 سنه 37 ق جلسة 23/12/1971.
أن يشرع المدعي عليه في عمل من شأنه لو تم أن يصبح تعرضاً لحيازة المدعي
تعريف دعوى وقف الأعمال الجديدة بأنها الدعوى الوقائية التي يرفعها حائز العقـار الذي استمرت حيازته للعقار سنة كاملة بغرض الحكم لصالحـه بوقف أعمال جديدة من شأنها إتمامها التعرض لحيازته . هذا التعريف يعني أنه يشترط للحكم بقبول هذه الدعوى أن يشرع المدعي عليه في عمل من شأنه لو تم أن يصبح تعرضاً لحيازة المدعي .
فلا تقبل دعوى وقف الأعمال الجديدة طبقا لما سبق في حالتين
- الحالة الأولي : – إذا كانت الأعمال المدعي بها لم تدخل حيذ التنفيذ بعد ، فلا تقبل دعوى وقف الأعمال لمجرد قيام صاحب عقار بالاستعانة بأحد المهندسين لعمل تصميم هندسي معين ، ولو كان غاية هذا التصميم القيام بأعمال تعد فيما بعد تعرض لحيازة المدعي .
- الحالة الثانية : إذا تمت بالفعل الأعمال التي تعد تعرضاً للحيازة ، كل ما في الأمر أن للمدعي أن يقيم دعواه بمنع التعرض لا بوقف الأعمال الجديدة ، فالمقصود بهذه الدعوى منع الاستمرار فى عمل شرع فيه ، ولو تم لاصبح تعرضا للحيازة ، فترفع هذه الدعوى على من شرع فى العمل بقصد منعه من اتمام هذا العمل
وذلك لتفادى التعرض الذى قد ينتج من انهاء هذا العمل . ومثال ذلك ان يبدا شخص بناء حائط فى حدود ارضه او اقامة بناء ، لو انه استمر فيه الى نهايته لسد النور والهواء على جاره او لسد مطلا له ، ولنجم عن ذلك تعرض لحيازة الجار للعقار المجاورة . ففى هذه الحالة التعرض احتمالى ، ولم يقع بعد لذلك قيل ان هذه الدعوى من الدعاوى الوقائية
والمصلحة فى مثل هذه الدعاوى ليست مصلحة محتملة بل هى مصلحة قائمة للحائز فى درء التعرض قبل حصوله ، لأنه ليس من المتصور حرمان الحيازة من الحماية الى ان يقع عليها الاعتداء بتمام التعرض ، ووصف الاحتمال انما يرد على الاعتداء الذى ينشئ الحق فى الدعوى .
ويرتبط بما سبق نتيجة هامة هى ان العمل الذى يبرر رفع هذه الدعوى يقع دائما على عقار غير عقار المدعى ، لانه لو وقع على عقار الحائز اعتبر تعرضا يصلح سبب لرفع دعوى منع التعرض لذلك تقع هذه الاعمال عادة على عقار المتعرض المدعى عليه ، اما اذا وقعت على عقار الغير فكانت تعرضا لهذا الغير .
وقد يكون الغير راضيا بهذه الاعمال او متواطئا مع المدعى عليه فى شانها ، وفى هذه الحالة يكون هذا الغير شريكاً للمدعى عليه ، ويستوى عندئذ ان تكون هذه الاعمال قد تمت فى عقار المدعى عليه او فى عقار الغير .
أن ترفع الدعوى خلال سنة تحسب من بدء العمل الجديد المراد إيقافه
تنص المادة 962 من القانون المدني – الفقرة الأولي : من حاز عقارا واستمر حائزا له سنة كاملة وخشي لأسباب معقولة التعرض له من جراء أعمال جديدة تهدد حيازته ، كان له أن يرفع الأمر إلى القاضي طالبا وقف هذه الأعمال بشرط ألا تكون قد تمت ولم ينقض عام على البدء فى العمل الذي يكون من شأنه أن يحدث الضرر .
وحاصل تطبيق النص المشار إليه أنه لا تقبل دعوى وقف الأعمال الجديدة إذا رفعـت بعد انقضاء سنة علي البدء في العمل الذي يكون من شأنـه أن يحدث ضرراً .
ومدة السنة هي مدة سقوط لا مدة تقادم . علي أن سقوط دعوى وقف الأعمال الجديدة في هذه الحالة لا يعتبر جزاء ذا قيمة علي الحائز المهمل في رفعها ، لأن له أن ينتظر إتمام العمل الذي من شأنه إحداث الضرر وعندئذ يرفع دعوى منع التعرض خلال سنة يبدأ حسابهـا من الوقت الذي أصبح العمل الجديد تعرضاً .
في الأخير نوضح:
أنه يحق للمستأجر رفع جميع دعاوي الحيازة علي الغير لكن لا يجوز رفع دعاوي الحيازة علي المؤجر له ان تعرض له في حيازته لأان بينهما عقد ومن ثم يجب اللجوء لدعوي العقد بالزامه بضمان التعرض حيث تعتبر حيازة المستأجر حيازة للمؤجر واستمرار لها .
وإذا كان القانون قد أجاز للمستأجر رفع دعاوى الحيازة – مادة 575 مدني – فلأن له مصلحة مباشرة في الذود عن الحيازة ضد الغير الذي يتعدي عليها أما إذا رفع المستأجر دعوي ضد المؤجر لتعرضه لحيازته فلا تكون هذه الدعوى دعوى حيازة لأنها لا تستند إلى الحيازة إنما تستند إلى عقد الإيجار الذي ابرم بينهما لأن دعاوي الحيازة هي تلك التي يستند رافعها إلى مجرد الحيازة طالباً حمايتها .